سودانيات .. تواصل ومحبة

سودانيات .. تواصل ومحبة (http://www.sudanyat.org/vb/index.php)
-   منتـــــــــدى الحـــــوار (http://www.sudanyat.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   تحقيق 24 عاما ــ نص قديم متجدد (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?t=62751)

ناصر يوسف 17-08-2021 08:58 AM

تحقيق 24 عاما ــ نص قديم متجدد
 
من وحي إستضافتي في واحد من بيوت الأشباح قبل أعوام خلَت ،،،

كتابة ناضجة من الفرن إلي سوح سودانيات ،،،

أهدي هذه الكتابة إلي الشاعر أبو ذر الغفاري الذي لا يعرف أي إنسان مكانه حتي الآن منذ إختفاءه منذ سنوات ،،، وهل سيعود إلينا يوماً ما ؟؟؟ رُبما



تحقيـــــــــق


لمن كنت صغييير بلعب في التراب ،، ماما لبستني الجزمة والشراب ،،، وجوربي المقدود يفتح المجال لإصبع رجلي اليمني أن يخرج ماداً لسانه كشعلان ،،، لقد أجبروني بترك حذائي المهترئ خارج الغرفة الكئيبة وكأني سأدخل علي المصلي ،،، عشرة رجالٍ ليسوا بالرجال اصطفوا جلوساً علي المقاعد الوثيرة وأحدهم يتمطي علي فراشٍ إتخذ له مكاناً دخل الغرفة ،،،

وآخرٌ يجلس علي مقعده ومن أمامه طاولةً تضاهي طاولة مكتب مدير المؤسسة التي أعملُ فيها ،،، كان الوقتُ نهار شهر رمضان وكنت كعادتي صائماً مرهقاً متعباً من جراء عناء عمل يومٍ كهذا اليوم الأسود ، حينما أقتادني رجالُ الأمنِ من داخل الأستديو إلي بيت من بيوت الأشباح التي تتوسط الحي ،،،

حاولت الجلوس علي المقعد الذي يجاور الطاولة حين نهرني الذي يجلسُ خلفها ،،، فوق فوق يا زول هوي ،،، فوق أين وأنتم جلوساً ورقوداً أيها الأوباش ،،، هكذا رددتُ عليه في صمتي و.... جلستُ غير آبهٍ لأوامره ،،،

اسئلة عديدة بدأت تنهال علي مسمعي وأنا صامت بلا رد ،، أسمع هنا يا زول هوي ،،، تتجاوب معانا ألف مرحب بيك ،،، ما تتجاوب معانا عندنا ألف طريقة وأسلوب تخليك تعترف ،،،


أعترفُ بماذا ؟؟ أنتم تسألونني أسئلةً مبهمة ،، وتسألوني عن أشياء لا أكاد أعيها أو أفهمها ،،، وما دخلي أنا بإنقطاع الكهرباء ؟؟

مد أحدهم يده وصفعني علي رقبتي صفعةً أخرجتني من سكوني إلي جنوني ، إلتفتث عليه غير آبهٍ لعددهم وأمسكتُ بتلابيبه ورددت الصفعة صفعتين ،، فهاج جمعهم وأنهالوا علي بالضرب في كل جزءٍ من جسدي وأنا أقاوم ،،، ما الذي فعلته لكم يا أبناء الكلب ،،، أتركوني وشأني ،،، أتركوني أتركونييييييي ،،،،

أفقتُ من غيبوبتي وأنا داخل دهليزٍ طويلٍ مظلم ، لم أتعرف علي المكان ولا الزمان ،،، وما بين صحوي وعنائي إذا ببابٍ يُفتح وأحدهم يناديني بإسمي أن تعال يا هذا الذي ،،، تحاملتُ علي أرجلي المهلكة وجرجرتها مستنداً علي الحائط اللزج الرطب وخرجتُ من مدخل الممر الضيق إلي بهوِ به سلم وتبعتُ الرجل إلي أعلي ،،،

بهوِ أوسع من الذي مررتُ به ووجوه أخري تجلسُ علي مقاعد أخري ومكان آخر يشاهدون التلفاز ولا يعيرونني أدني اهتمام ،،، مرآةً كبيرة تتوسطُ الحائط ،،، نظرتُ ملياً لشاكلتي التي تبدو لي وكأنني قادمٌ من زمنٍ بعيد ،،، إستطالت لحيتي وشاربي ،،، شعرُ رأسي قد علاه الشيب وأضحي أبيضاً كليةً ،،، حاولت أن أتعرف علي نفسي ولم أفلح ،،،

كم لبثتُ هنا بمعيتكم ؟؟؟ لا أحد يجاوبني ،،، نحن الذين نسأل يا رجل ،،، ما علاقتكُ بــــ ،،، ؟؟؟ وتكررت الأسئلة وأنا أمني النفس بإجابةٍ واحدة ،،، كم لبثت هنا ،،، صوت دوي هائل يأتني من خارج المكان ،، وأصوات الرصاص تكاد تكون قرب أذني ،،، هرجٌ ومرج والذعر يلف أعين كل الذين بذات البهو ،،،

رأيتهم يهرولون الواحد تلو الآخر ،،، وجدتُ الباب مفتوحاً ،، تأنيتُ في الخروج لبرهة ،، عاينتُ ووجدتني خارج أسوار المكان ،،، شارعٌ عام وقد إكتظ بالمقهورين البسطاء ،، يهتفون ضد الظلم ضدَ القهر والفساد ،،،

تعثرتُ علي حجرٍ لم ألحظه ، تألمت ،، حاولت الوقوف ولم أستطع ،،، وجموع الناس تتدافعُ بعضها البعض ،، يدنو مني شابُ في العشرين من عمره ،،، يأخذ بيدي ويوقفني من جديد ،،، أبشر يا حاج لقد ولي عهد الظلم لقد ولي عهد الهوان الآن نحن أحرار أبشر يا عم أبشر بالخير ،،،
حاج ؟؟؟ !!!! وهل أنا حاج ؟؟؟ أنا الذي أخذ من مكان عمله من داخل الأستديو اليوم ،، أنا الشابُ لم أكمل الثلاثين بعد ،،،، يناديني هذا الشاب بــــ ؟؟؟ !!!!!! لا لا لا ، لا يُعقل !!!!

هكذا كان الشاب في كامل فوران الفرح يهتف علي أذني ،،، أوقفته وسألته ،،، في أي عامٍ نحن يا بني ؟؟ 2013 يا حاج ،،، إنت من وين ؟؟؟

قهقهتُ طويلاً جدا ،،، 2013 ؟؟ ياااااااااااااااااه إذن لقد لبثتُ أربعةً وعشرين عاماً بلا وعي ؟؟؟ تعال يا بُني وأحكي لي فقد فاتني الكثير الكثير جداً

عايد عبد الحفيظ 18-08-2021 06:14 PM

لم تكفيهم الأربعة وعشرين عاماً
فأضافوا إليها 6 أعوام
ثلاثين عاماً حاولوا فيها تغييب وعى
الناس بالدجل
وبإضفاء القداسة على حكمهم
وبالفصل من الخدمة
والتشريد
وبتقسيم البلاد
وبالإرهاب ، بالإعتقالات
وبالتعذيب
وبالإغراء وشراء الذمم
بالفساد
والمخدرات
لكن الوعى كان يتسرب للجماهير
والمواجهة بدأت منذ إعلان إنقلابهم
وبالنضال الشرس
والصمود
والثبات
حتى لحظة الإنفجار
وتحول الأسود لقطط وديعة خائفة

تلك الفترة أدعو أن لا تمر على بلادنا
فترات أخرى مثلها .
بلد طيب أناسه طيبون
لا يستحقون إلا الطيب

نص جميل أستاذ ناصر
عن أسوأ فترة فى تاريخ بلدنا
وشعبنا

مودتى ومحبتى

أبو جعفر 19-08-2021 10:28 AM


تحياتي ناصر

ونص يترجمه كل على هواه ... وثقافته وحاجته ... فكما قال هاشم صديق الأدب لا يفسر وإنما يحس ويعاش ...

ولكن ومن كل ما حكي عن فظائع الحكم الديكتاتوري والطغيان في تاريخ العالم . . من هو المتهم الأول؟. ... الجلاد أم الضحية؟. ... أنا أقول بأن الضحية المحايد ومن لم يحاول أن يخرج المحايد من الناشطين من حياده هو المجرم الأول والأكثر جرماً فيما حدث ويحدث ... فقد وصل فلاسفة العقد الاجتماعي إلى القول بأقتلوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس ... ووصف القرآن الكريم المؤمنين بالذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون.

وصدقني يا فنان هناك الكثيرين من دعاة نصرة الديمقراطية وهم يبيتون لها أسوأ النوايا ... مستغلين عاطفة العامة والكثير من النخب ... ودونك ما حدث لي حين حاولت أن أجعل للديمقراطية صهراً من دين ووطنية ...

ثم أنظر إلى نزار قباني يقول عن عبد الناصر:
يا سيدي السلطان ... لقد خسرت الحرب مرتين

لأن نصف شعبنا.. ليس له لسان، ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان؟

لأن نصف شعبنا محاصرٌ كالنمل والجرذان، في داخل الجدران

لو أحدٌ يمنحني الأمان من عسكر السلطان

قلت له: لقد خسرت الحرب مرتين لأنك انفصلت عن قضية الإنسان.

تغَلْغَلَ اليهودُ في ثيابِنا، و"نحنُ راجِعونْ "

صاروا على مِترَينْ من أبوابِنا، و"نحنُ راجِعونْ"

ناموا على فراشِنا، و"نحنُ راجِعونْ"

وكلُّ ما نملكُ أن نقولَهُ: إنّا إلى الله لَراجعونْ.

ثم من بعد كل ما كتبه عن النكسة والمتسبب الأول فيها وهو جمال عبد الناصر ... يقع في الفخ ويرثيه واصفاً له بالنبوة وهو من قتلها:

قتلناكَ... يا آخرَ الأنبياءْ

قتلناكَ... ليسَ جديداً علينا اغتيالُ الصحابةِ والأولياءْ

فكم من رسولٍ قتلنا وكم من إمامٍ ذبحناهُ وهوَ يصلّي صلاةَ العشاءْ

فتاريخُنا كلّهُ محنةٌ وأيامُنا كلُّها كربلاءْ.

ثم في رسالة إلى جمال عبد الناصر يقول:

يا أيُها المعلّمُ الكبيرْ كم حزنُنا كبيرْ، كم جرحُنا كبيرْ

لكنّنا نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ

أن نحبسَ الدموعَ في الأحداقْ، ونخنقَ العبرةْ

نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ، أن نحفظَ الميثاقْ ونحفظَ الثورةْ

وعندما يسألُنا أولادُنا من أنتمُ؟ في أيِّ عصرٍ عشتمُ؟

في عصرِ أيِّ مُلهمِ؟ في عصرِ أيِّ ساحرِ؟

نجيبُهم: في عصرِ عبدِ الناصرِ

الله ما أروعها شهادةً أن يوجدَ الإنسانُ في عصرِ عبدِ الناصرِ.

ألم أقل لك بأن بوصلتنا السياسية خربة وتحتاج فيلسوف.



ناصر يوسف 19-08-2021 09:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عايد عبد الحفيظ (المشاركة 1193631)
لم تكفيهم الأربعة وعشرين عاماً
فأضافوا إليها 6 أعوام
ثلاثين عاماً حاولوا فيها تغييب وعى
الناس بالدجل
وبإضفاء القداسة على حكمهم
وبالفصل من الخدمة
والتشريد
وبتقسيم البلاد
وبالإرهاب ، بالإعتقالات
وبالتعذيب
وبالإغراء وشراء الذمم
بالفساد
والمخدرات
لكن الوعى كان يتسرب للجماهير
والمواجهة بدأت منذ إعلان إنقلابهم
وبالنضال الشرس
والصمود
والثبات
حتى لحظة الإنفجار
وتحول الأسود لقطط وديعة خائفة

تلك الفترة أدعو أن لا تمر على بلادنا
فترات أخرى مثلها .
بلد طيب أناسه طيبون
لا يستحقون إلا الطيب

نص جميل أستاذ ناصر
عن أسوأ فترة فى تاريخ بلدنا
وشعبنا

مودتى ومحبتى

عهد العهر الله لا عاده يا دكتور
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جعفر (المشاركة 1193641)

تحياتي ناصر

ونص يترجمه كل على هواه ... وثقافته وحاجته ... فكما قال هاشم صديق الأدب لا يفسر وإنما يحس ويعاش ...

ولكن ومن كل ما حكي عن فظائع الحكم الديكتاتوري والطغيان في تاريخ العالم . . من هو المتهم الأول؟. ... الجلاد أم الضحية؟. ... أنا أقول بأن الضحية المحايد ومن لم يحاول أن يخرج المحايد من الناشطين من حياده هو المجرم الأول والأكثر جرماً فيما حدث ويحدث ... فقد وصل فلاسفة العقد الاجتماعي إلى القول بأقتلوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس ... ووصف القرآن الكريم المؤمنين بالذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون.

وصدقني يا فنان هناك الكثيرين من دعاة نصرة الديمقراطية وهم يبيتون لها أسوأ النوايا ... مستغلين عاطفة العامة والكثير من النخب ... ودونك ما حدث لي حين حاولت أن أجعل للديمقراطية صهراً من دين ووطنية ...

ثم أنظر إلى نزار قباني يقول عن عبد الناصر:
يا سيدي السلطان ... لقد خسرت الحرب مرتين

لأن نصف شعبنا.. ليس له لسان، ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان؟

لأن نصف شعبنا محاصرٌ كالنمل والجرذان، في داخل الجدران

لو أحدٌ يمنحني الأمان من عسكر السلطان

قلت له: لقد خسرت الحرب مرتين لأنك انفصلت عن قضية الإنسان.

تغَلْغَلَ اليهودُ في ثيابِنا، و"نحنُ راجِعونْ "

صاروا على مِترَينْ من أبوابِنا، و"نحنُ راجِعونْ"

ناموا على فراشِنا، و"نحنُ راجِعونْ"

وكلُّ ما نملكُ أن نقولَهُ: إنّا إلى الله لَراجعونْ.

ثم من بعد كل ما كتبه عن النكسة والمتسبب الأول فيها وهو جمال عبد الناصر ... يقع في الفخ ويرثيه واصفاً له بالنبوة وهو من قتلها:

قتلناكَ... يا آخرَ الأنبياءْ

قتلناكَ... ليسَ جديداً علينا اغتيالُ الصحابةِ والأولياءْ

فكم من رسولٍ قتلنا وكم من إمامٍ ذبحناهُ وهوَ يصلّي صلاةَ العشاءْ

فتاريخُنا كلّهُ محنةٌ وأيامُنا كلُّها كربلاءْ.

ثم في رسالة إلى جمال عبد الناصر يقول:

يا أيُها المعلّمُ الكبيرْ كم حزنُنا كبيرْ، كم جرحُنا كبيرْ

لكنّنا نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ

أن نحبسَ الدموعَ في الأحداقْ، ونخنقَ العبرةْ

نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ، أن نحفظَ الميثاقْ ونحفظَ الثورةْ

وعندما يسألُنا أولادُنا من أنتمُ؟ في أيِّ عصرٍ عشتمُ؟

في عصرِ أيِّ مُلهمِ؟ في عصرِ أيِّ ساحرِ؟

نجيبُهم: في عصرِ عبدِ الناصرِ

الله ما أروعها شهادةً أن يوجدَ الإنسانُ في عصرِ عبدِ الناصرِ.

ألم أقل لك بأن بوصلتنا السياسية خربة وتحتاج فيلسوف.



ابو جعفر

تحية و احتراما

هو تنفيس عن ما عانيته شخصيا مع المتأسلمين و ليس أكثر

أبو جعفر 20-08-2021 03:48 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر يوسف (المشاركة 1193648)
عهد العهر الله لا عاده يا دكتور


ابو جعفر

تحية و احتراما

هو تنفيس عن ما عانيته شخصيا مع المتأسلمين و ليس أكثر


تحياتي ناصر
هو في حقيقته نص أدبي تتعدد القراءة له ... فأنت تراه تنفيس ليس أكثر ... وأنا أراه من زاوية العظة للمظلوم المحايد كي لا يتكرر الخطأ ... وغيرنا يراه من زاوية أخرى وووو.





ناصر يوسف 28-08-2021 04:53 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جعفر (المشاركة 1193659)

تحياتي ناصر
هو في حقيقته نص أدبي تتعدد القراءة له ... فأنت تراه تنفيس ليس أكثر ... وأنا أراه من زاوية العظة للمظلوم المحايد كي لا يتكرر الخطأ ... وغيرنا يراه من زاوية أخرى وووو.





بكل تأكيد أخي أبو جعفر

شكرا لقراءتك و متابعتك


الساعة الآن 06:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.