سودانيات .. تواصل ومحبة

سودانيات .. تواصل ومحبة (http://www.sudanyat.org/vb/index.php)
-   الســــــرد والحكــايـــــة (http://www.sudanyat.org/vb/forumdisplay.php?f=14)
-   -   الوضيئة... (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?t=24185)

عادل عسوم 25-04-2012 10:25 PM

الوضيئة...
 
كانت تسكن مع والديها المسنين على طرف غير بعيد من الحي...
هي وحيدة أمٍّ تعمل في دباغة الجلود لتحيلها الى(سعون) تحفظ الماء وتبرده,
وأب يعمل في صناعة الفخار ليحيله الى (أزيار) و(قلال)...
استقوت عضلات زنديها وكتفيها لانشغالها الدائم بمساعدة أبويها في مهنتيهما!...
ولم يُقسَم لها نصيب من جمال ...ففات قطارها أو أوشك.
لكنها كانت جميلة (الروح والوجدان)...
فقد كُتِبَ لها القبول في الأرض!
تجدها دوما تخِفُّ عند الفزع وتنأى وتنزوي عند الطمع!
أعتادت الأتيان بجل أطفال المرغنية لتذاكر (لنا) دروسنا بما في ذلك اللغة الأنجليزية التي لم نكن قد وصلنا بعد الى مرحلة دراستها!...
في مساء خميس ...سلمني الوالد مبلغا لأعطيها اياه...
بعد أنتهاء الحصة قادتني وأتت الى منزلنا وسألت الوالد عن المبلغ ...
قال لها ...(هو مساهمة في جهودك الخيرة ياأبنتي) ...
قالت (والله ياعم حسن أنا حالفة ماأشيل قرش في الموضوع دة ...أنا عاملاه لوجه الله)!...
هذه الوضيئة...
في أحدى ثورات القاش بدأت بعض بيوت (حي الجسر) في الأنهيار ليلا ...
وشرع الناس في طلب يد العون والنجدة ...
وعندما أصبح الصباح ...
اذا بالأخبار تنعي لنا تلك الأستاذة (الوضيئة)...
يومها (مسخت عليَّ الدنيا وأنا الطفل الصغير)...
وبكيت لأول مرة على فقد أنسان عزيز...
قلتُ لأمي :
-ليه تموت؟!
انتهرتني أمي وقالت :
-(ياولد استغفر الله)...
فاستغفرت في سري ولكن بقيت في حلقي غصة!...
قيل ...
لقد أنهار عليها منزل أمرأة عجوز وحيدة! ...
سمعتُ تلك العجوز تبكي عليها(بحرقة) وتقول ...
-حملتني بيديها الى خارج المنزل ودخلت لتخلي بعض الأثاث فانهار عليها المنزل...
لم يزل قلبي يدعو لها مع خاصتي من الأموات...
اللهم ارحمها رحمة واسعة
واجعلها رفيقة لعائشة وفاطمة وحفصة في أعالي الجنان
أنك ياربنا وليُّ ذلك والقادر عليه.


الساعة الآن 08:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.