عرض مشاركة واحدة
قديم 17-04-2006, 06:05 PM   #[15]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]الفصل الثالث
دور الدولة في فرض غطاء الرأس [/align]


في الغالب الأعم ، لا تتدخل السلطات الرسمية للدول ، في أزياء مواطنوها ، باستثناء القرارات التي تصدرها جهات محدودة ، مثل : المؤسسات العسكرية ، أو وزارت التربية والتعليم ، التي تصدر منشورات ، بشأن الأزياء المدرسية ، أو وزارة الصحة بإلزام العاملين العاملات ، في حقول معينة بارتداء ملابس واقية ، كالعاملين و العاملات في الأشعة والمعامل وغيرها ، أو تلك التي القرارات تصدرها بعض المصانع بغرض إجراءات السلامة المهنية أو ضبط المواعيد دوام.

ولكن الوضع في السودان جاء على غير ما ذكرنا في الفقرة السابقة ، وشهدت بعض الحقب التاريخ فرض ارتداء بعض أغطية الرأس على النساء والرجال معاً ، سنتناولها فيما يلي :

1) الدولة وغطاء الرأس الرجالي :
ألزمت سلطات الاحتلال الثنائي ، موظفو السلك الإداري ، بارتداء البرنيطة والشورط أو الطربوش ، مع البنطلون . بينما ألزم العمال في ذات السلك ، بارتداء الشورط دون التقييد بغطاء الرأس . ألزمت هيئة السكة حديد ، موظفوها بارتداء يونفورم خاص بها ، يحتوي على برنيطة منقوش عليها شعار هيئة السكك الحديدية في السودان ، بينما لم يلزم العمال في ذات الهيئة بإرتداء البرنيطة (صورة رقم 65) ، كما الزم الكماسرى في شركات النقل بارتداء يونفورم تعد البرنيطة جزءً منه .

عقب الاستقلال ، لم تكن هناك قرارات ، بشأن زي موظفي الدولة ، ولكن كان هناك إلزام عرفي ، يأخذ قوة القانون ، في إلزام العاملين بعض الوظائف ، كالمحاماة مثلاً ، حيث يلتزم العاملون في هذا الحقل ، إما بارتداء البذلة الكاملة مع ربطة العنف أو ارتداء روب المحاماة مع البنطلون والقميص دون ربطة العنف . ولم يعرف الموظفون عموماً في السودان ارتداء الملابس الشعبية في أماكن العمل ، وكان اللبس المعروف لاصحاب الوظيفة العامة ( عرفياً ) ، هو البنطلون والقميص ، أو البذلة الكاملة أو السفاري ، ولكن كانت الرؤوس في الغالب حاسرة ، واستمر هذا الوضع حتى عام 1989م .
بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة في 1989م ، صدر قرار يلزم مذيعي نشرة الأخبار في التلفزيون ، بارتداء الجلابية والعمامة ، ولكن مقدمو البرامج الأخرى يمكنهم الظهور بالبذلة أو البنطلون . باعتبار أن هذا الزي ، هو الزي القومي السوداني ، حسب ما رأى صانعو القرار .

وإعتبار أن العمة والجلابية والتوب ، هي الزي القومي السوداني ، ليست بدعة ، ابتدعتها حكومة الإنقاذ ، التي يعتبرها البعض ، حكومة اليمين المتطرف في السودان ، إذ أن جماعة مثل ( اتحاد الشباب السوداني ) ، المحسوبة كواجهة من واجهات الحزب الشيوعي السوداني ، ترفع شعاراً تشكيلياً ، يحتوي رسماً لصورة شاب بالعمامة وإمرأة بالتوب السوداني ، ما جعل البعض يتساءلون عن مصداقية هذه المنظمة ، في التعبير عن كافة شباب السودان ، وهل هي منظمة للشباب السوداني ، أم للشباب في منطقة شمال ووسط السودان ، حيث يسود ارتداء العمائم والثياب

عقب ذلك القرار أصبح بعض موظفي الدولة يذهبون إلى مكاتبهم وهو يرتدون الجلابية والعمامة ، و هي فقط دون سائر الأزياء الشعبية في السودان ، التي وجدت طريقها للظهور في مجال الوظيفة العامة .

ثم أصدرت السلطة قراراً آخر ، يقضى بأن جميع موظفي الخدمة المدنية ، لن يحصلوا على الترقية ، مالم يلتحقوا / ن بمعسكرات الدفاع الشعبي ، وهنا نستطيع القول أن الدولة بهذا القرار قد ألزمت منتسبي الخدمة المدنية في سنوات حكم الإنقاذ الأولى ، بإرتداء زي الدفاع الشعبي ، وهو زي خاص اشبه بالازياء العسكرية يتكون من سروال وقميص طويل غطاء للرأس يشبه الكاسكيت الذي يرتديه الجوالة .

الزي المدرسي كان مجال تدخل الدولة في الملبس ، منذ أن تبلورت الدولة الحديثة في السودان ، ففي عهد الحكم الثنائي . فقد كان الطلاب يلزمون بارتداء الشورت والقميص ، ولكن لم يفرض عليهم أي نوع من أنواع أغطية الرأس ، ولم يكن هناك تشدد في التزام الطلاب بالزي المدرسي ، إذ كان يسمح للطلاب الحضور بأزياءهم الشعبية ، التي تشتمل على غطاء الرأس (العمة)، خاصة في المرحلة الأولية ، أما طلاب المرحلة الوسطى والثانوي العالي ، فقد كانوا ملزمين بارتداء الشروط والقميص ذو الأكمام القصيرة ، دون غطاء للرأس ، وكان هذا الزي المدرسي سائداً حتى استقلال السودان في العام 1956م ، عندما ظهرت الدعاوى بضرورة التخلص من الشورط ، باعتباره زي المستعمر . وفرضت الجلابية والعمامة على الطلاب ، وكان ذلك إبان حكم الفريق إبراهيم عبود في عام 1958م . واستمرت العمامة جزء من الزي المدرسي ، إلى أن أستحدث الرئيس جعفر النميري ، ما سمي بالسلم التعليمي ، وهو تعديل لسنوات المراحل الدراسية المختلفة ، وكان ذلك في بداية العهد المايوي 1969 ـ 1970م ، وتغير الزي المدرسي مع هذه التعديلات ، فألغيت العمامة والجلابية ، وعاد الشروط مرة أخرى ، كزي مدرسة لطلاب المرحلة الابتدائية والوسطي ، والبنطلون لطلاب المرحلة الثانوية .



  رد مع اقتباس