عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2008, 10:05 AM   #[29]
فيصل سعد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية فيصل سعد
 
افتراضي

[align=center]

إنجازات الشريف حسين الهندي
عندما كان وزيرا في الخدمة المدنية العامة (1966-1969)
[/align]




سياسات الشريف فيما تولى من وزارات
(1) بوزارة الحكومة المحلية: خطته للعمران والإسكان




لما كان الشريف وزيرا للحكومة المحلية والإسكان قام بعمل إستراتيجية في تخطيطه العمراني ذات برنامج بمشروعات لتوزيع الأراضي للمواطنين. وعند منطلق منجزات هذا المشروع الحيوي والهام خاصة بالنسبة للطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة في المجتمع السوداني – يومئذ – قام الشريف بتوزيع اراضي امتداد الصحافة جنوب الخرطوم واراضي امتداد مدينة البراري شرقها.. وهذا الحي الذي خلقه امتداد البراري، سُمي "بامتداد ناصر" (ربما تكريما لصديقه الزعيم المصري العربي الكبير الرئيس جمال عبد الناصر) الذي زار البلاد ايام مؤتمر الخرطوم عام 67م والذي استقبل فيها إستقبال الفاتحين.

(2) بوزارة الري والكهرباء: خزان الروصيرص ومشروع الرهد

كان التخطيط لمشروع الرهد والقرض الذي وقعه الشريف مع البنك الدولي يتضمن ان تتم تعلية خزان الروصيرص.. حتى يمكن حفر قناتين: واحدة (غربية) لري سهول الكنانة؛ ومشروع سكر كنانة الحالي مع مشاريع السكر اللاحقة: (غرب سنار وحجر عسلاية).. والقناة الثانية (شرقية)، لتروي مشروع الرهد الحالي ومشروع سكر الجنيد ومنطقة سهل البطانة مضيفة بذلك مساحة زراعية جديدة هي ضعف مساحة الجزيرة والمناقل مجتمعتين.

تعلية خزان الروصيرص وقتها كانت تعني اولا: زيادة السعة الاستيعابية للخزن المائي في البلاد .. وقتها ويمكن من ثم زيادة المساحات الزراعية بها. وتعني ثانيا: إضافة طاقة كهربائية (من التوليد الكهرومائي في السودان) قدرت ب 400 إلى 600 ميقاواط كهرباء مما يعني التوسع مع هذه المشاريع ، في مشروعات التصنيع الزراعي والحيواني والصناعات التحويلية والوسيطة..وهذا يعني إضافة كبيرة للناتج (الدخل) القومي ..من المؤمل ان يخلق ذلك علاقات إنتاج جديدة تضاف لقوى الإنتاج الاخرى وتوسع من الطبقة الوسطى (وهي الاكبر يومذاك) قاعدة الحزب الاتحادي الاساسية.



(3) بوزارة المالية والاقتصاد: (لدورتين في هذه الوزارة)

أ - السياسة المالية والاقتصادية للشريف:-


كان الشريف يؤمن بالخدمة العامة وبالعمل الميداني فيها والذي يقتضي الإلتصاق المباشر بالجماهير.. ومنذ عام 1967م كان يسير وزارة المالية بطريقة مكنته من جمع كل الخيوط بين يديه؛ ولمعرفة حل المعضلات المالية التي تعاني منها الوزارة؛ وفك الإختناقات التي يعاني منها الاقتصاد السوداني.. وفي المذكرات التي نشرها روبرت ماكنمارا (وزير الدفاع الأمريكي الأسبق عن فترة رئاسته للبنك الدولي عام 1960م إلى عام 1968م) شهادة، عبر فيها رئيس البنك الدولي عن كفاءة ومقدرة الشريف وحجته المنطقية في الحوار معه.. قي نقده للبنك الدولي، في سياساته المالية والإقتصادية: للإنشاء والتنمية والتعمير؛ وجاء ذلك حين قال ماكنمارا:


" خلال عملي لمدة ثمانية سنين في البنك الدولي، لم يستوقفني محافظ من محافظي البنك
(بحكم مناصبهم كوزراء للمالية) مثلما استوقفني وأدهشني شريف السودان "..
قاصدا الشريف الحسين.. وزيرالمالية والاقتصادية يومذاك.



ب - كادر للعمال والموظفين لتحرير وتوازن الأسواق بغية السلام الاجتماعي


في سبيل الإصلاح المالي والإداري.. ولما كانت هناك طفرة كبيرة متوقعة في الانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، فهي تتطلب – بالضرورة - كفاءات مقتدرة في الإدارة والتخطيط؛ ومن ثم انتبه الشريف لهذا الجانب؛ خوفا على الكوادر المؤهلة من الاغتراب؛ بسبب ضغط الحاجة.. وللحفاظ على استثمارات الدولة في التعليم والتدريب والتأهيل.. فأصدر كادر العمال والموظفين؛ وكانت غايته السير خطوة نحو خلق توازن بين تكلفة المعيشة ومتطلباتها وبين الأجور .. في سبيل تحقيق حرية السوق والاجور مع المحافظة على استراتيجية السلام الاجتماعي في دولة مقتدرة تعرف كيف تصنع الضوابط للعلاقة المالية بين الاجير ورب العمل دون قسر او إكراه.. الامر الذي ادى إلى شيئن: اولا المحافظة على الكوادر والكفاءات الوطنية المؤهلة من الهجرة والاغتراب؛ وثانيا الحفاظ على الخدمة العامة من التسيب والفساد الذي تمليه ضرورات الحياة في ظل نقص الأجور وقلتها، إذ اصبح الأجر وقتذاك لا يفي بمتطلبات الحياة فحسب، بل يوفرهامشا (فائضا) للإدخار.


ج – "بند الهندي" في محاربة البطالة

من باب الإصلاح المالي والإداري ابتكر الشريف في الميزانية العامة للدولة تحت بند الإدارة العمومية بندا سمي باسمه "بند الهندي".. كان يرمي من ورائه لمحاربة البطالة؛ والسير خطوة نحو نوع من الضمان الاجتماعي؛ إصطاد فيه عصفورين بحجر واحد حيث قرر:

اولا.. استيعاب كل من أكمل المدرسة الوسطى وما فوقها ، موظفا بالحكومة. وعين عددا كبيرا من الموظفين خوفا من أن طاقات الشباب الهائلة ، إذا لم توجه التوجيه الأمثل ، فإن " القوى الهدامة " - على حد تعبيره - ستستغلهم أسوأ استغلال ، وتسعى لاستيعاب هذه الطاقات لتوجيهها توجها سيئا.. فتكون أداة هدم ومعول تخريب وتقويض؛ بدلا من أن تكون أداة بناء .

ثانيا.. تأمين الاستيعاب للخريج (وحتى الطالب في الاجازة الصيفية.. منه يلقى نوعا من التدريب ومنه دخلا يقضي به بعض حاجاته) في الخدمة العامة.. وبالتالي أمّن الشريف للنشئ عملا وعائدا وتدريبا يغنيه عن الحاجة للهجرة والاغتراب؛ كما استبقى على استثمارات الدولة في التعليم والتأهيل داخل الوطن.. وفي كلا الحالين كان الامر انتظارا لبدء الانتاج في مشاريع التوسع في الزراعة (بشقيها: النباتي والحيواني) وفي الصناعات التحويلية.. توسعا افقيا ورأسيا.. بل كان هناك جانب غير معلن عنه في خطة هذا البند: وهو سحب الفائض في دواوين الحكومة ومؤسساتها واستيعابهم - فيما بعد - في مشروع الرهد وامتداداته (عند اكتمالها بعد 3 سنوات).. عندها يكونوا قد نالوا تدريبا عمليا في نظم الإدارة.. وتقسم عليهم الحيازات الزراعية الكبيرة (المقترح فيها 20 فدان للفرد).. ويصبحوا بفضل نظام هذه الحيازات الزراعية الكبيرة شركاء للدولة، يملكون ويديرون نوعا حديثا من المزارع اشبه بالنموذج الكندي او النموذج الاسترالي.


د – قيادته ثورة الإصلاح الزراعي ورفع الإنتاج والإنتاجية

- بدأ الشريف مشروعه لتحرير أسرى الررا عة وأجراء الأرض بالإصلاح الزراعي بتأميم اكبر مشاريع النيل الأزرق ومشاريع النيل الأبيض الزراعية – وكان لذلك اثره الكبير في رفع نصيب العامل والأجير من الارض (حيث كانت اغلب هذه المشروعات مملوكة لأسر إقطاعية تمتهن العمل السياسي)؛ إلى شريك في حالتي الارض والانتاج؛ وله اتحاد يرعى مصالحه ويحفظ حقوقه.

وبفضل تغييره لعلاقات الإنتاج في هذه المشاريع الضخمة (وجرى ذلك أساسا في "نظام الحساب المشترك للأطراف الأربعة المشاركة فيه: الدولة والمزارع ثم اتحاد المزارعين وإدارة المشروع الزراعي المعني) نجم عن ذلك استقرار المزارعين في اراضيهم وحقولهم بدل الهجرة إلى المدن اوالاغتراب. كما ارتفع إنتاج المحاصيل الزراعية النقدية بفضل الزيادة في الإنتاجية الزراعية النابعةاصلا من تغيير علاقات الشراكة المذكور. ويلاحظ في هذا الصدد ايضا بعض التوسع (على قلته) في الطبقة السودانية الوسطى مع انتشار الخدمات البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية في معظم مناطق الإصلاح الزراعي,, إن لم يكن كلها؛ مما دعى الدكتور مضوي الترابي لأن يقول: لم تبق في الجزيرة او المناقل قرية غير مكتملة الخدمات" ..


هـ - برنامجه الاقتصادي للتنمية والتعمير

من أهم معالم فترة الحكم الديموقراطي الثاني..ان الشريف (عام 1968) أعد برنامجا إقتصاديا طموحا تضمن إنشاء ما يلي من مشروعات البنية الأساسية والتنمية:


1/ كوبري حنتوب
2/ مشروع الرهد
3/ مصنع سكر كنانة
4/ مصنع سكر عسلاية
5/ طريق مدني سنار الدمازين
6/ كوبري سنجة

وحسب البعض أن هذا البرنامج الاقتصادي الطموح، ما هو إلا افكارا نظرية طرحها الشريف للإستهلاك المحلي من اجل الانتخابات.. ومثل هذا البرنامج لا يأتي إلاَّ في إطارخطة إنمائية شاملة! إلا أن الدلائل كانت تشير، إلى أن الشريف كان جادا في تنفيذ هذا البرنامج، لما بعد تشكيل الحكومة. ونأكيدا على جدية الشريف الحسين (وكان وزيرا للمال والاقتصاد يومها).. حين حملت جريدة "الجزيرة" يوم 26/9/1968م الخبر التالي:


"سافر هذا الأسبوع وفد لواشنطن.. للتباحث مع المسئولين بالبنك الدولي،
حول تمويل مشروع الرهد. ويتكون الوفد من نائب وكيل وزارة الري
ومساعده للمشتروات.. وباشمهندس القسم الميكانيكي ومندوبين
من وزارتي المالية والزراعة"..


علاوة على ذلك استقدم الشريف لجنة ( يرأسها المستر رست -RUST- من البنك الدولي)، لتعمير وتحديث مشروع الجزيرة وامتداد المناقل.. الذي كان الحسين يوليه اهتماما فائقا. ولكن!! بعد أيام قليلة من قيام كارثة مايو الخراب (وهذا من اوصافه لها)، تحدث رئيسها المخلوع - في لقاء جمعه له الشيوعيون بود مدني - أعلن إلغاء قرارات لجنة البنك الدولي؛ والمتعلقة بمشروع الرهد خاصة.. و لكن بعد ان انقلب على الشيوعيين (وتحول للأمريكان) قرر إعادة اللجنة وتنفيذ قراراتها فورا..


وهناك دليل آخر.. قاله رئيس البنك الدولي - روبرت ماكنمارا - عن "شريف السودان؛ مذكور اعلاه أعلاه.. إضافة إلى أن المجتمع السوداني لم يعهد من الشريف الحسين إلقاء القول على عواهنه؛ ناهيك عن الاستهلاك المحلي.. ذلك ان الرجل كان (من طبيعة عاداته)، إذا قال فعل؛ بدليل إذا خطط لمشروع ما (من اي نوع كان)، اوجد التمويل لتنفيذه ونفذه.. (إلاّ أن يحول بينه وبين التنفيذ قدر إلهي؛ وتلك إرادة الله سبحانه لاحول ولا قوة إلا به تعالى).. ودونكم أداؤه وعطاؤه في الوزارات التي تولى امرها اثناء عهدهم الديموقراطي؛ وحتى في معارضته عهد مايو الديكتاتوري عسكريا في انتفاضة يوليو 1976م التي هزت عرش الطاغية الحاكم يومها حتى انبرى يبحث عن صلح زائف استذل فيه حتى من صالحوه على وهم حين رفضه الشريف لسابق معرفته بغدر النميري وتنكره لمصالحة جدة امام العاهل السعودي الملك فيصل الذي منح النميري يومها 120 مليون دولار ليعوض بها اصحاب الممتلكات المؤممة في بداية عهده الشيوعي.. لا يعرف الشريف حسين (فيما يقول د. جلال الدقير في مقدمة د. يوسف الشويري لمذكرات الشريف) كما لا احد غيره يعرف مصيرها إلى ان رحل الشريف شهيدا مرفوعا وسقط الطاغية منبوذا مخلوعا ومجدوعا..



التوقيع: اللهم اغفر لعبدك خالد الحاج و
تغمده بواسع رحمتك..

سيبقى رغم سجن الموت
غير محدود الاقامة
فيصل سعد غير متصل   رد مع اقتباس