عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2010, 12:10 AM   #[29]
طارق الحسن محمد
Banned
الصورة الرمزية طارق الحسن محمد
 
افتراضي ابراهيم عوض ... الفنان الذرى








ابراهيم عوض ... الفنان الذرى

الفنان إبراهيم عوض هو ظاهرة فريدة فى عالم الاغنية السودانية وقد شكل ظهوره فى العام 1953م حدثاً مهماً فى الساحة الفنية إذ تزامن ظهوره مع إتفاقية الحكم الذاتى ، واستطاع أن يعبّر عن هذه المرحلة بذكاء فقدم أغنية (أبسمى ياأيامى ) للشاعر عبد الرحمن الريح والتى عبرت عن الزمان الجديد ، وأصبح بالتالى أبراهيم عوض هو صوت الزمان الجديد ، ووأصل مشواره الفنى بنفس الذكاء والحدس الذى بدأ به مسيرتة فغنى للفرح ، وغنى للحزن ، وغنى للوطن .. وأستطاع أن يكون فناناً للشيب والشباب على السواء بفضل أغنياته التى تلائم كل الأذواق.
جاء ميلاده فى مدينة أم درمان التى خرج منها الى العالم الفسيح ، والى منصة الأحداث .. ولم ينس الكتاب فى بحثه الأصول والجذور والمكونات التى شكلت مسيرة ذلك الفنان ، ومجموعة شعرائه الذين ذودوه بالمفردات الشعرية الأنيقة أمثال الشاعر عبد الرحمن الريح ، وسيف الدين الدسوقى ، والطاهر ابراهيم.
وفى قصة ابراهيم عوض نموذج للفنان العصامى الذى نشأ فى أسرة متوسطة الحال سردها المؤلفان طاق شريف والدكتور عبد اللطيف البونى عبر كتابهما(ابراهيم عوض ـ غناء السنوات العذبة)، وقد كان والده يتمنى أن يراه صاحب ورشة كبيرة ، وكثيراً ماكان يحدثه عن مستقبل الصناعة فى السودان ويروى له قصصاً كثيرة عن ثراء أصحاب الورش . ولكن ابراهيم عوض كان حلمه يتجه الى المجد والشهرة فى دنيا الغناء والطرب . ألحقه والده بالعمل فى ورشة الأسطى ناصر بشير ، وتعلم على يديه مهنة البرادة ، وكان الأسطى ناصر يترك له حرية الحضور والإنصراف من الورشة . أخذ ابراهيم عوض فى تلك الفترة يداوم على الإستماع لأغنيات الفنانيين أحمد المصطفى ، وابراهيم الكاشف ، وحسن عطية من خلال الإذاعة ، فكان يهرب من العمل ويسرع الى أقرب راديو ليستمع الى هؤلاء الفنانيين ، وحفظ مجموعة من هذه الأغانى وأخذ يرددها فى مكان عمله ، وساعده ضجيج الماكينات على تربية صوته وصقله وتدريب حنجرته على الأداء القوى . وعندما شعر بأن الفن يجرى فعلاً فى دمه قرر الإشتغال بالفن وشجعه المحيطون به ، وفى هذه الفترة إشترى عوداً بمبلغ (75) قرشاً وأخفاه فى منزله خوفاً من أن يراه والده ، وتعرف على شاب يقطن معه فى نفس الحى يدعى على سالم علمه أصول العزف على العود ، وأخذ يصحبه فى الحفلات ومنازل الأفراح يعزف له العود وإبراهيم يغنى . وساعده على الإنطلاق سكنه فى حى العرب الذى كان يعجّ بالنجوم فى مختلف ضروب الإبداع ، فقد كان الحى يضم أساطين الفن أمثال سيد عبد العزيز ، عبد الرحمن الريح ، عبيد عبد الرحمن ، على ابو الجود ، ميرغنى المأمون ، احمد حسن جمعة ، التاج مصطفى ، والجابرى وغيرهم.
يرجع الفضل الأول فى دخول الإذاعة السودانية الى الشاعر الكبير عبد الرحمن الريح الذى شجعه ورعاه ، وألف ثلاثة أغنيات دفعة واحدة وكانت من ألحانه . فى العام 1953م خضع لإختبار اللجنة الممتحنة لدخول الإذاعة وغنى ابراهيم عوض أغنياته الثلاث لتجيز اللجنة صوته ضمن فنانيين أخرين هما سيد خليفة ، وصلاح محمد عيسى لتبدأ مسيرته الحقيقية .. وحرك بعدها ابراهيم عوض الساحة الفنية بأغنيات من إنتاجه الخاص ، فألتف حوله الشباب ، وأصبح ظاهرة فنية جديدة من خلال غنائة ، وزيه الذى كان منتهى الأناقة ، وتسريحة شعره ، وسنّ الذهب التى كان يضعها على أسنانه . وأطلقت عليه الصحافة لقب الفنان الذرى لسرعة إنتشاره التى لم يستطع أى فنان ان يجاريها فيه . وأدخل نمطاً جديداً على الأغنية السودانية حيث كان النمط السائد حينها الأغنية الكبيرة المصحوبة فى نهايتها بأغنية خفيفة تسمى ( الكسرة ) ولكن رأى البعض ان يتم الفصل بين الأغنية الخفيفة لتصير أغنية قائمة بذاتها ليلقى هذا الإتجاه معارضة شديدة ، ولكنه أصبح واقعاً فى النهاية ، ليجئ دور ابراهيم عوض بأغانيه الخفيفة التى سرت فى كل إتجاه ونموذجاً لها ( أبيت الناس ) و(حبيبى جننى ) و ( لوبعدى برضيه ) لتصبح الأغنية الخفيفة نقطة تحول فى مسيرة ابراهيم عوض الغنائية ليرددها الشعب السودانى بأسره . وظل بعدها ابراهيم عوض حريصاً على التجديد والتجويد فى كل شئ وخاصة فى الألحان ، والآلات الموسيقية الحديثة المتطورة على الأوركسترا السودانية ، ويعتبر من أوائل الفنانين الذين أدخلوا آلة (البنقز ) فى فرقته الموسيقية على يد الموسيقار خميس جوهر الذى درس الموسيقى فى القاهرة . كما ادخل ابراهيم عوض آلة الاكورديون عبر الموسيقار عبد اللطيف خضر ، وهوجم ابراهيم عوض وأتهمته الصحافة بانه يريد أن يحول الأغنية السودانية الى أغنية جاز ، لكنه صمد حتى النهاية بل وتواصل تحديثه بإدخال آلتى الجيتار والأورغ . وسافر ابراهيم عوض الى القاهرة فى اول زيارة له ليشارك فى فيلم ( إسماعيل يس طرزان ) وذلك بأغنية ( إظهر وبان عليك الأمان ) ، وفى عام 1958 م الف له الشاعر الغنائى المصرى فتحى قورة أغنية بعنوان ( على موج البحر ) وأرادت إذاعة ركن السودان إنتاج هذه الأغنية لتكون نواة للتكامل الفنى لوادى النيل ، وتصادف وجود ابراهيم عوض بالقاهرة فتحمس للأغنية ورشحوا له الفنانة سعاد مكاوى لتصاحبه بالغناء ، وأسند تلحين الأغنية للموسيقار الملحن محمود الشريف الذى صاغ لها لحناً جميلاً معبراً ن وهكذا كانت هذه أول أغنية تكامل بين السودان ومصر والتى فتحت الباب لعشرات الأغاني المشتركة بعد ذلك.
شارك ابراهيم عوض بأغنياته فى كل الأحداث الوطنية التى مرت على السودان ن ولعل أغنيته الشهيرة من كلمات الشاعر سيف الدين الدسوقى من أخلد الأغنيات التى تغنت بها الأجيال وهى أغنية ( أحب مكان .. وطنى السودان)

[align=center]
[/align]



طارق الحسن محمد غير متصل   رد مع اقتباس