عرض مشاركة واحدة
قديم 07-12-2005, 09:13 AM   #[12]
عالم عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

عبد الله الشقليني
يا نجي الكلم الطيب، رفيق الذرى، ساحر اللفظ جلي البيان
رفيق الغربة، سمير المنافي والأصقاع البعيدة!
لك المحبة التي تنمو وتزدهر، ما سطرت حرفاً أو جلوت فكرة، أو حلقت سامياً في ملكوت الفكر

أثرت في طلي حديثك أموراً، كل أمر يستحق التحدث عنه بإسهاب وعمق: هروب الشاعر عن كتابة تجربته نثراً، وعن
تجربة الإلقاء الشعري، وعوالم الكتابة والقراءة(في الشعر طبعاً)، وعن ميراث التجويد (موسيقى الرسم الخطابي في اللغة وعلاقته بالتجويد في اللغة القرآنية)!
سأعود إلى كل ذلك، وآتيك بقولي في استفاضة، لاحقاً، وربما في بريدك الإلكتروني إذا زودتني به في البريد الخاص، وذلك ريثما أفرغ من إعدادها، فلقد أثرت كامن الشجون، وهجت ، كما يقال (عش الدبابير)!
ما أسعدني بحديثك والتحليق معك في سموات فكرك ودقة طرحك وأسلوبك الباذخ الرفيع.

بدت لي كتابة الشعراء عن تجاربهم بدعة راجت مؤخراً (في الثقافة العربية). ولا أذكر اللحظة إلا نزار قباني، وبسط الأسباب التي دعته لكتابة تلك التجربة (أظن ذلك في كتابه الموسوم(الشعر قنديل أخضر)، شعراء العرب منذ ما قبل امرئ القيس، سجَّلَ تجاربهم، وسيرهم معاصروهم وأصدقاؤهم و رواتهم، كالصولي مع أبي تمام أو ابن جني مع المتنبي، وأنت تعلم الكثير، بل وحتى "أزرا باوند مع إليوت" ويمكنني أن أعدد لك من الأولين والآخرين!
الشعراء الذين نظَّروا لتجاربهم ورؤاهم، لنقل مثل "أدونيس" كانوا هم علماء وأصحاب مشروع ونظريات في الشعر، وعالجوا النقد من خلال تلك النظريات، بل وقرءوا التاريخ الشعري واشتاروا منه ما يوافق تلك الرؤى. يتبدى ذلك جلياً عند أدونيس في أطروحته القيمة(الثابت والمتحول) وقبل ذلك كتابه الذي لا يقل قيمة( مختارات من الشعر العربي) في مجلدين.
الحديث في هذا لذو شجون!

الشعر العربي في أصله شعر مسموع، وموسيقاه جزء عضوي منه، وبالتالي فإن مخارج الحروف وموسيقى اللفظ وتجويد نطقه بسطاً وقبضاً، ترقيقاً وتفخيماً ومداً وقصراً، لهو جزء من خصائصه ونقص أيٍ من ذلك نقص في القصيدة، لا محالة.
ليس عبثاً ما كان يفعله الصفوة والبيوت الكبيرة من سكان المدن في الزمن العربي القديم المخضر حين يبعثون بأبنائهم إلى البادية ليتعلموا الفصاحة واللغة ثم يعيدوهم إلى المدن بعد أن يتقنوا اللغة، ضبطاً ونطقاً وفصاحة. فالمدينة تختلط فيها الألسن وتذوى اللغة إذا لم ترفدها فطرة سليمة ونظر ثاقب ومعرفة بجذور اللغة. وانظر الآن في المدن العربية، وخاصة مدن الدول النفطية،ثم انظر حال لغتها العربية، فسترى المأساة، وأسوأ من ذلك حال الناشئة الذين تربوا على مثل هذه اللغة، من المربية والسائق حتى المعلم، ويا خوف فؤادي من غد!


دم طيباً على أمل بالعودة إليك مرة أخرى.



عالم عباس غير متصل   رد مع اقتباس