عرض مشاركة واحدة
قديم 16-03-2008, 07:59 AM   #[40]
فيصل سعد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية فيصل سعد
 
افتراضي

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم

الشريف.. وقصة قيام الجبهة الوطنية ومعسكراتها بإثيوبيا
(بقلم: محمد سليمان بابكر رجب)[/align]


تكوين الجبهة الوطنية وبنود اتفاقها

في شهر رمضان المبارك ، (اكتوبر 1969) كان لقاؤنا بالمناضل الشهيد الشريف الحسين يوسف الهندي - رحمه الله - في شرق أفريقيا وفي أديس أبابا بالتحديد ؛ وقبل ذلك ... فإن أخبار تحركاته لضرب الإنقلاب المايوي الشيوعي العميل ، كانت تصلنا حيث كنا آنذاك خارج أفريقيا ، لمنازلة الصهاينة في الجولان وغرب نهر الأردن ؛ ولكن أذنابهم وتلاميذهم النجباء ، سددوا لنا طعنة من الخلف ليصرفونا عما نحن فيه ...

لقد كانت مجموعتنا تحت قيادة الأخ الشهيد المجاهد الدكتور/ محمد صالح عمر - رحمه الله . وفي ذات يوم عقد إجتماع حيث تقرر فيه أن يسافر الأخ/ محمد صالح عمر لمتابعة الأخبار ؛ على أن يكون الجميع في أهبة الاستعداد للإنتقال إلى أي مكان . وبعد مدة من الزمن عاد إلينا محمد صالح عمر وعقد معنا إجتماعاً أطلعنا فيه على مجريات الأمور . وأخبرنا بأنه التقي باحد قياديي الجبهة الوطنية المهمين ؛ والذي خرج من السودان حاملا النقاط التي تم الإتفاق عليها ؛ والتي وقع عليها أحزاب الأمة والإتحادي الديموقراطي وجبهة الميثاق الإسلامي وهي:

أولا: إزالة الواجهة الشيوعية من الحكم.
ثانيا: رفض التدخل الأجنبي في البلاد.
ثالثا: إطلاق سراح المعتقلين السياسين الأبرياء، وتقديم من تثبت إدانته للمحاكم الفورية.
رابعا: إجازة مسودة الدستور الإسلامي وإجراء إنتخابات عامة في البلاد.
خامسا: تكوين حكومة قومية ترأسها القوات المسلحة.
سادسا: رجوع الجيش إلى ثكناته.


وبعد نقاش مستفيض تقررأن نغادر بلاد الشام ، إلى مكان آخر- سيعرف في حينه - وعلى مجموعات . وكنا في أول مجموعة تحركت مع الأخ/ محمد صالح عمر ؛ حيث تم لقاؤنا بالشريف الهندي كما ذكرت سابقا ، حيث قدمنا إليه الأخ/محمد صالح عمر ، وبعد التحية والبشاشة والكرم الذي عرف به ، بدأ يسألنا عن مناطقنا في السودان ، ليتعرف على كل واحد منا.

قيام معسكرات الجبهة الوطنية بإثيوبيا

مكثنا أياما في أديس أبابا ، حيث كان عددنا ستة أشخاص ؛ ثم وصل إلينا من أوروبا كل من الأخوان : الدكتور/ عمر نور الدائم ، والأستاذ/ عثمان خالد مضوي المحامي ، و الدكتور/ أحمد إبراهيم الترابي ، وغيرهم من المجاهدين . وكان الجميع يواصلون الليل بالنهار يراجعون الخرط الحدودية ، ويخططون ويتشاورون . وفي يوم من العشرة الأواخر من رمضان ، أخبرنا الشريف : أن مندوب الإمام الهادي المهدي قد وصل منطقة الحدود ، وعسكر برجاله وجماله .

وقال: " لا بد من الإسراع إليهم قبل أن يكتشف وجودهم في المنطقة ، من قبل عيون النظام " ... واقترح علينا فتح جبهتين لإقامة المعسكرات للتدريب وتسريب السلاح ؛ وهما جبهتا الكرمك والقلاَّبات . وقال لنا بصوته العالي:

" أمشوا في هذا البلد مرفوعي الرأس ، موفوري الكرامة ، لا تظنوا أن أحداً هنا يَمْتَنَّ علينا .. هؤلاء الأحباش الذين نحن في أرضهم الآن ، هم مدانون لنا نحن السودانيين مرتين ؛ الأولى : عندما احتل أرضهم الطليان ؛ فقد هاجروا للسودان ، فاستضافهم وآزرهم ، وقدم لهم كل عون حتى حرّروا أرضهم ، واســتردوا حريتهم . والثانية : عندما أطيح بعرش إمبراطورهم هيلاسلاسي ، في زمن حكم الفريق إبراهيم عبود أيضا ، وقف معهم السودان" ..

وهذه أول مرة يهاجر فيها السودانيون لأرض الحبشة ، بسبب تسلط الإلحاد وأذنابه . واقترح أن تتحرك مجموعة محمد صالح عمر إلى أحراش المتمَّة : (متمة المك نمر) في موازاة القلابات ؛ والمجموعة الثانية لمنطقة جبل الرادوك في موازاة الكرمك . وأصرَّ أن يتحرك مع هذه المجموعة ، رافضاً البقاء في أديس أبابا ، رغم أنه كان مصاباً بعدة أمراض من بينها الضغط والسكرى .

غادرنا أديس أبابا صبيحة السابعة والعشرين من رمضان بقيادته ؛ حيث سلكنا طريقاً عجيباً إبتدأ جميلا ومسفلتا ؛ وبعد مسيرة أربعين كيلومتراً بين الجبال والوديان الخضراء بضواحي أديــس .. ونحن نسـتشف نسمات الصباح الجميل ، وبعد أن تركنا مدينة (أمبو وها) - وهي تعني بالأمهرية : " مدينة الماء العذب " - حيث ودعنا الطريق المسفلت ؛ ومن ثم بدأت مشقة الطريق ... فتارة نصعد معه إلى قمم الجبال ، وأخرى ننحدر معه إلى سفح الوديان ، بين الأحراش و التلال ؛ وأحيانا تختفي عنا الشمس ونحن في وسط النهار .

وكنا نأخذ قسطاً من الراحة ثم نواصل المسير ؛ وكان دليلنا الحبشي يحب الراحات ، بعكس الشريف الذي كان يتعجل الوصول لملاقاة رسول الإمام الهادي . وهنا ... قال لي الشريف بإسمي الحركي الجديد : " يابيلو ! أنا شايف دليلنا عندو نية مبيت ! والراجل دا بخاف من الدبيب خوف شــديد ، ودحين داير منك بعد ما ترتاح شـوية ، وتشوفني قعدت معاه ، تجيني وتكلمني زي البتهمس في أذني بكلام سر ، وتقول لي بصوت عالي جداً جداً : " أنا شفت ثعبان لكن ... ماكتلناه !! وعندما انصرفت منهم ، سمعت الشريف يقول للدليل : " بيلو قال .. شــافوا ثعبان ولم يتمكـنوا من قتله . فنهض الدليل واقفاً وقال : " ترو آي دلم " - يعني المكان خطر - ويجب أن نواصل سيرنا ونبيت في مدينة أصوصا .

وبالفعل قضينا الليل وتناولنا السحور بها ؛ وغادرناها بعد الفجر. وكان ذلك في 29 رمضان .. وبعد مسيرة طويلة وشاقة لا حت لنا الكرمك ، فتوقفنا للراحة والاستجمام ؛ ثم واصلنا السير نحو جبل الكرمك - والذي كنا نراه على البعد مثل الجمل أبوسنامين . وعندما اقتربنا منها حوالي ثلاثين كيلومتراً ، إتجهنا جهة اليمين في شكل قوس حول وادي الرادوك ، وهو الهدف المنشود لإقامة المعسكر رقم (1) للجبهة الوطنية ، بقيادة وإشراف الشريف حسين الهندي ..

في تلك الليلة علمنا من إذاعة أم درمان ، ثبوت عيد الفطر المبارك ؛ وأصبح علينا العيد وصلينا صلاته ؛ وكان خطيبنا وإمامنا الأستاذ/ زين العابدين الركابي ؛ وكانت خطبة عظيمة شاملة ، تمنى يومها أخونا الدكتور/ عمر نور الدائم ، أن لو سمع تلك الخطبة المسلمون في جميع أنحاء العالم .. وبعد أن تبادلنا التهاني وتناولنا وجبة الإفطار ، إنصرف كل منا لعمله .. فالبعض يقطع الأخشاب لتشييد المعسكر ، وآخرون يتفقدوا العربات ويجهزوا السلاح ، الذي سيرسل على الجمال للسودان .

ومجموعة ذهبت مع الشريف ، للبحث عن تواجد أماكن مياه تصلح للشرب . وكنا في بحثنا معه عن الماء ، نردد النكتة التي كانت متبادلة بيننا في الطريق ، ونضحك عندها كثيراً ؛ وهي : أن أحداً منا قال للآخر :

" بالله الشريف دا ، كان وزير مالية واقتصاد ... أم كان راعي إبل ؟ ".


ثاني أيام العيد تم تحميل جمال مندوب الإمام ؛ وهو الشيخ/ بشرى عويضة ، وجماعته من قبيلة رفاعة بضواحي سنجة . وكلف الإخوان/ بابكر العوض و أحمد سعد عمر بمرافقتهم ، حتى يبتعدوا عن الكرمك . وعند عودة الإخوان/ بابكر وأحمد سعد ، ضلوا الطريق ؛ وأصبح عليهم الصبح ، وهم في مجرى الخور ، داخل مدينة الكرمك ؛ وكتبت النجاة للأخ بابكر العوض - من أبناء فداسي الحليماب - واعتقل الأخ/ أحمد سعد عمر ومعه سلاحه ، وزج به في سجن الكرمك .. وكان هذا أول خطر نواجهه ، ونحن في مقرنا الجديد.

أحمد سعد أصغرنا سنَّا ، وقد ترك الجامعة في السنة الأولى بكلة الصيدلة ، وجاء مجاهداً .. فكيف يكون هذا ؟ وما الحل؟ وهنا تجلت عبقرية الشريف الهندي، إذ استطاع بعون الله ، تخليص أحمد سعد من الأسر وعاد إلينا سالما ، ولم يبح لهم بأي شيء.

منطقة وادي جبل الرادوك ، كثيرة الجبال المختلفة الألوان ؛ وكثيرة الأشجار والوديان ؛ وحولها تنتشر قرى كثيرة تسكنها قبائل مختلفة ؛ ولغة التخاطب السائدة مع غيرهم ، هي العربية المصبوغة بلكنة ؛ وإن كان لكل قبيلة لهجتها الخاصة بها .

كنت أسأل الشريف عن القبائل ؛ فيحدثني عن قبيلة (القالّة) - وهي من أكبر القبائل في أثيوبيا - أما (الوطاويط والشنقرة والقز) ، فهي قبائل مشتركة بين أثيوبيا والسودان . وقال لي:

" لنا أبناء عمومة هنا من آل الهندي "

وأذكر أنه قال لي : " ألم تر الجماعة الجالسين للفطور ، كما يجلس السودانيين للفطور في رمضان ؟ " ... فهؤلاء هم بنوا عمومتي . وأذكر أنه أرسـل إليهم إثنين من الإخوان أيام العيد ؛ وسألت الإخوان : " هل صحيح أنكم وجدتم أبناء عمومة الشريف في تلك القرية ؟ " . قالوا : " نعم ! " . و جزم لي أحدهم بأنهم يشبهوا الشريف لدرجة " الشام " الذي في وجهه .. فيهم .

وفي اعتقادي أن الشريف كان بارَّا بهم عندما أرسل لهم الإخوان ، ولكنه لم يقابلهم ، ولم يفصح لهم الأخوان عن هوية الشخص الذي أرسلهم ، وكل الذي يعرفه عنا أهل القرى بصورة عامة ، أننا في هذه الجبال نقوم بأعمال تعدين ؛ و فعلا كنا نأخذ من داخل الأرض عينات من الحجارة الملوّنة ، ونضعها حول الطريق الرئيسي الذي يربط الكرمك بأصوصة عن طريق (دول) الحبشية .

الأهالي في هذه القرى ... يعملون بالزراعة والبحث في مجاري الوديان ، وفي جبال الإنقسنا وجبال شمبول عن الذهب . ويخترق هذه المنطقة الحدودية خور (أحمر) المشهور. وفي يوم من الأيام ، بينما الأهالي يفتحون خطوط النار ، لتقيهم الحرائق في فصل الصيف ، إذا بنا نرى على البعد من المعسكر ، نيران إتجهت بها الرياح نحو المعسكر . وكان العدد الموجود في المعسكر في ذلك الوقت عدد قليل ؛ وعندما علم الشريف بالخبر ، وقف في أعلى التل كالطود الشامخ ، مخاطبا لنا : "أنتم إخواني .. أنتم أبنائي .. أنتم أبناء السودان .. لا !! أنتم السودان كله ؛ أنتم النواة الخيرة ؛ هيا حملوا السيارات ؛ هيا أنقذوا الأشياء المهمة ؛ هيا إبتدوا بالمتفجرات والذخيرة" . وأخذ يوجهنا ويدعوا لنا : "الله يعينكم؛ موفقين بإذن الله"؛ ثم أمر الأخ/ بابكر العوض مع مجموعة ، ليتصدوا لسرب من النار اقترب من المعسكر . فكنا نسمع صوت الأخ /بابكر وإخوته ، يرددون التكبير: " الله أكبر" ... وفي أياديهم فروع الشجر الأخضر يقاومون بها النيران .

وبفضل الله .. تم شحن السيارات ؛ وخرجت لمكان آمن . وطلبنا من الشريف أن يرافق السيارات ، ولكنه رفض ؛ وظل معنا .. وهنا إلتفت النيران بالمعسكر من جميع الجهات ؛ وابتدأت تلسعنا حرارتها ؛ والكل يكبر ويهلل ويردد الشهادة . ونزلنا أسفل الوادي . وهنا وسعتنا رحمة الله ولطفه الخفي ؛ إذ سكنت الرياح ، وخمدت النيران . فخرجنا خلف الأخ بابكر العوض ، نردد التكبير ونقضي على النار ، التي اخترقت المعسكر من الناحية الشمالية . وبعد إخماد النار حمدنا لله وعانقنا بعضنا بعضا ، وتحلقنا حول أبينا وأخينا الكبير الشريف الحسين الهندي.

كما ذكرت ... إن الفترة التي مكثها الأخ/ أحمد سعد ، لم يكن لها أي تأثير سلبي على مهمتنا ؛ وواصلنا إرسال السلاح على الجمال ، تحت قيادة الشيخ/ بشرى عويضة مندوب الإمام الهادي .وعندما اكتملت الصيانة الموسمية ، التي تجري عادة بعد فصل الخريف ، لطريق سنار- الروصيرص - الكرمك .. أرسل الشريف للإمام لكي يرسل السيارات ؛ وكان الشريف يتشاور معنا ويطلعنا على كل شيء ينوي عمله. وكنا نعلم أن الأشياء التي يسألنا عنها .. هو يعرفها سلفا ؛ ولكنها الأخوة والزمالة ، والحب المتبادل ، والتربية الرشيدة ، وعدم التسلط والإستبداد بالرأي . فقلنا له : " قلت لنا أن الطريق طويل ، وأن عيون النظام مفتوحة ، وأن الجمال مهمتها محدودة وآمنة ، فكيف بك تريد أن يتم التحميل على السيارات إلى الجزيرة أبا ؟ والخرطوم ؟ ومدن السودان الأخرى ؟ فقال : " أعطوني خاطركم ، وستروا بأعينكم كيف تحمل السيارات السلاح ، وتصل بإذن الله إلى الجزيرة أبا ، وأي مكان نريده في السودان !! ".

وعندما حضرت أول سيارة لمنطقة الحدود ، وذهبنا لتحميلها ، وبعد السلام والسؤال عن أحوال الطريق، وقبل بداية التحميل، قال الشريف: "هل أنتم ستعدون ؟ " فأجاب الجميع : " نعم ! " ؛ قال : " السيارة الأولى يتم شحنها بالقنا " ، فقلنا : " سبحان الله ! من سلاح إلى قنا ؟ " . وبسرعة أجاب : " نعم قنا ! مساهمة منكم في إعمار جامع الكون ، في الجزيرة أبا " ؛ وفهمنا ما يعني الشريف . وقلنا لبعضنا : " عدّل عن خطّة 4،2،4 ... ليتعامل مع عيون النظام بخطة القشاش " ؛ أما السيارة الثانية ، فقال : " إبتدوا بالقنا ثم السلاح ثم القنا مرة أخرى " ؛ يعني لعب بـ 4،2،4 ... وفعلا نجحت الخطة وسارت عملية الترحيل على ما يرام.

وقبل أن تصل نسبة ما سربناه من السلاح إلى 40% ، فاجأتنا أحداث ضرب الجزيرة أبا وودنوباوي ؛ فتوقف كل شيَّ ؛ وتقرر تجميع السلاح من معسكرات ومستودعات الحدود ، إلى داخل العمق الأثيوبي ؛ وإخلاء المعسكر الرئيسي رقم (1) ؛ ونقله إلى موقع آخر بالقرب من أصوصة . وقد كلفت ومعي الأخ/ أحمد مساعد - وهو من ابناء بارا ؛ وهو الآخر قطع دراسته في جامعة الخرطوم كلية الآداب ولحق بالجهاد - وكان نعم المعين لي في تلك المهمة التي كلفنا وأبلغنا بها الشريف شفهيا ، قائلا لنا :

" قررنا أن ترابطا أنتما الأثنان ، في معسكر الرادوك ، لمدة أسبوعين ، لا ستقطاب القادمين إلينا من السودان " . وقال لنا : " في اعتقادي إذا كان محمدصالح عمر، ومهدي إبراهيم ، وعزالدين الشيخ ، وعبدالمطلب خوجلي ، على قيد الحياة ، أول من يصلوا إليكم لأنهم يعرفون الموقع .. والسلاح ، والذخيرة واحتياطي .. تكون معكم سيارة لاندروفر أخرى ؛ وسنكون على اتصال بكم ؛ وكلنا ثقة فيكم ؛ وأنتم رجال نعرفكم حقا ؛ ومع السلامة .

إستشهاد الإمام الهادي وانتقال قيادة الجبهة إلى جدة

في مساء اليوم الذي غادرونا فيه ، سمعنا من إذاعة أم درمان ، بياناً يعلن إستشهاد الإمام الهادي ، وبعض مرافقيه . وفي صبيحة اليوم ، حضر إلينا في السابعة صباحاً الشيخ/ حسين - وهو شيخ قرية على الحدود - وأخبرنا بتفاصيل الحادث . وفكرنا في عمل كمين ، لقطع طريق الكرمك الروصيرص ، لتخليص وتحريرالأسرى المعتقلين ، ولكن علمنا أنهم أخذوهم لمطار الدمازين فوراً ومنها للخرطوم.

في نهاية الأسبوع الأول ، وصلنا في مقرنا بالمعسكر ، الأخ المجاهد/ مهدي إبراهيم ، وشرح لنا تفاصيل ما حدث بالجزيرة أبا وربك ؛ وعلمنا منه إستشهاد الأخ المجاهد الشهيد/ محمد صالح عمر ، وكيف دفن ومن معه في حفر من قبل الجيش . وعندما عرف الشريف بوصول مهدي إلينا ، جاءنا مسرعا ؛ وجلس معنا حوالي نصف ساعة ، وأخذ معه مهدي ؛ وطلب منَّا مواصلة الرباط حتى نهاية الأسبوع الآخر؛ وقبل نهاية المدة بيومين ، وصلتنا تعليمات منهم أن نخلي المعسكر ، ونلحق بهم فوراً ... وقد كان.

وعند عودتنا إلى أديس أبابا ، عقد الشريف الهندي إجتماعا عاما ؛ حيث تحدث قائلا : " الحمد لله ... إن الجميع قد أدوا واجبهم على النحو الأكمل ؛ ولكن إرادة الله فوق الجميع ؛ وسنعيد حساباتنا ونرتب أمورنا ؛ ونحن على استعداد لتنفيذ رغبة أي فرد ؛ سواء كان يريد الدراسة ، أو التجارة ، أو مواصلة العمل من الداخل " . وقد أطلعه الجميع على رغباتهم ، التي نفذها فوراً.

وبحكم معايشتي الشخصية ، وملازمتي والتصاقي به ، فإن الشريف رجل عرفناه ، مسلما مجاهدا، ومناضلا وطنيا، فوق الصفات الحزبية والأسرية؛ وقد سمعنا منه الكثير؛ وتعلمنا منه الكثير... وإن كنا طلاب مرحلة أولية في مدرسته الكبرى.

رحمه الله رحمة واسعة ، بقدر ما قدم لأمته ووطنه .

محمد سليمان بابكر



التوقيع: اللهم اغفر لعبدك خالد الحاج و
تغمده بواسع رحمتك..

سيبقى رغم سجن الموت
غير محدود الاقامة
فيصل سعد غير متصل   رد مع اقتباس