عرض مشاركة واحدة
قديم 27-06-2010, 08:37 PM   #[79]
معاوية محمد الحسن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معاوية محمد الحسن
 
افتراضي

الحزب الشيوعي السوداني و مسألة الدين : شيوعيون علي سنة الله و رسوله ؟ !

أذن فقد استغلت الاحزاب الطائفية و اليمنية عموما الدين في الصراع الاجتماعي و السياسي لخدمة مأربها الذاتية و قد تصدي لها و منذ وقت مبكر جدا مجموعة من المثقفين السودانيين الذين يمكن اعتبارهم بانهم قد شكلوا قوي للتنوير و الحداثة علي اختلاف مناهجهم و علي رأس هؤلاء الشهيد محمود محمد طه الذي فضح زيف ادعاءات هذه الاحزاب في مجموعة من كتاباته و محاضراته بل أننا نجده ايضا يتصدي مثلا لحل الحزب الشيوعي السوداني نفسه بدعوي الكفر و الالحاد عقب حادثة معهد المعلمين العالي في ستينيات القرن الماضي و يوضح أن الذين يسعون لحل الحزب الشيوعي انما يفعلون ذلك تحت ذريعة الدين فقط لأنهم قد أحسوا بأن نواب الحزب في البرلمان في ذاك الوقت يشكلون كتلة معارضة صعبة جدا فهم كانوا يناقشون ميزانيات الحكومة في ذلك الوقت بكثير من الصرامة و الدقة و المماحصة مما شكل ازعاجا حقيقيا للحكومة انذاك فاستغلت حادثة المعهد لحل الحزب الشيوعي فوقف الاستاذ محمود هذا الموقف رغم اختلافه جذريا مع فكر الحزب الشيوعي و برنامجه و خطه النظري .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الذي أدخل الحزب الشيوعي في مأزق كبير أسمه ( الدين ) و العلاقة في التعاطي مع الدين ؟
أننا في البدء و قبل أن نحاول الاجابة علي هذا السؤال لابد أن نقرر أن الحزب فعلا واقع في هكذا مأزق و أن هذا الادعاء دعنا نقول أو الافتراض بدلا عن تقرير الحقائق تدعمه حقيقة أن جماهير غفيرة من الشغب السوداني ما يزال لديها اعتقاد راسخ بمجرد ذكر اسم الحزب الشيوعي بأن هذا الحزب يمثل مجموعة من الكفرة و الملاحدة و الذين هم علي خلاف بائن مع التوجهات و النزعات الدينية لدي عامة الناس و هنا يمكن بصورة عامة الاشارة الي موقفين تاريخينين أو حادثتين تاريخيتين تكاد تفصل بينهما نحوا من أربعين سنة فتأمل ! , الاولي كانت حادثة معهد المعلمين العالي في منتصف الستينات و تحديدا في العام 1967 و الاخيرة حدثت فقط قبل شهور اي في رمضان من العام الفائت حين هاجمت مجموعة من جماعة محمد عبد الكريم الداعية السلفي المعروف دار الحزب في الجريف و أخذت تؤلب الناس للتصدي لنشاط الحزب الشيوعي الالحادي الكافر علي حد وصف الجماعة .
تأمل أذن أنه و بعد مرور أكثر من أربعين عاما مايزال الحزب الشيوعي السوداني في خط الدفاع و التبرير , لأكثر من أربعين عاما و الشيوعيون السودانيون كأننا لا رحنا و لا جينا رعلي حد التعبير الدارج فهم مازالوا في موقف الدفاع يحاولن الاجابة علي سؤال واحد و هو ( هل أنتم ملحدين أم لا ؟ ) فتأمل !!
أليس هذا في حد ذاته يمثل كارثة كبري و يدعو للعجب و الضحك ,أربعون عاما و أعضاء الحزب الشيوعي السوداني غارقون في المماحكات النظرية و الجدل و التنظير البائس و هم لا يقدمون شيئا يذكر .أن صورة الحزب في أذهان الجماهير ما تزال هي هي لم تتغير , الحزب الشيوعي يمثل مجموعة من الملحدين و المارقين عن الدين و كريم المعتقدات و لا شيء أكثر .
لكن بالمقابل لماذا سقط الحزب في هكذا مأزق نسأل و للمرة الثانية علنا نعثر علي ما يشفي غليل الاسئلة .
أن من أهم الاسباب فب نظري أن الحزب قد وقع في ذلك لجملة أسباب يمكن اجمالها في الاتي :
أولا : لم يتعاطي الحزب مع المسألة الدينية بما يلزم ز بما يعطيها حجمها الحقيقي بل أكتفي فقط بجمل و عبارت عامة وردت في دساتير الحزب و لوائحه مثل ( أن الحزب يحتريم جميع الاديان و كريم المعتقدات ..الخ ) أن عبارت يحترم و يقدس و هكذا لن تؤسس بالطبع لموقف نظري قوي حقيقي يمكن أن يخرج الحزب من مأزقه بل أن هذا نفسه يدعو للرثاء و يكرس البؤس النظري الي حد بعيد .
ثانيا : أن الدين و كما أسلفن في بلادنا و في كل بلدان العالم الثالث تقريبا يكاد يمثل مرجعا معرفيا و أدأة منهجية للجماهير البائسة في تفسير و فهم كافة الظواهر فنحن عندنا في السودان مثلا يمثل دور ( الفكي ) دورا جوهريا و كبيرا جدا بالقياس الي دور ( الطبيب النفساني ) و قد ساهم في تكريس كل هذا تجار الدين من الطائفيين و الاسلامويين الحركيين و لكن هنا يقع اللوم ايضا علي الحزب الشيوعي و قادته ممن كان ينتظر منهم -حتي من قبل المناوئين فكريا - أن يشكلوا طلائع حقيقية لعملية التنوير و الحداثة بعد خروج المستعمر لكن خأب فأل الناس و تراجع الحزب عن التصدي لمثل هذه القضايا المتصلة بتحديث المجتمع و نشر الفكر العلمي و أنغمس في لعبة السياسة علي هدي رزق اليوم باليوم , فوقع الحزب نفسه فريسة سهلة لاعدائه

ثالثا : سبق و أن نوه لينين لحقيقة هامة و هنا أجد لينين و رغم كل شيء هنا سواء لأتفقنا معه أم لا , حكيما جدا في التعامل مع مسألة الدين حين قال ( يجب علينا أن لا نترك الدينيين يقودنا الي ميدانهم و هو أثبا وجود الله من عدمه و هكذا مسائل بل بالقابل يجب علينا جرهم الي ميداننا و هو ميدان الصراع الاجتماعي ..)
لم يبلغ الحزب العجوز شاؤ هذه المقولة الكبيرة و علينا أن نتذكر أن الحزب الشيوعي السوفياتي مثلا و بناءا علي هذا كان يقبل في صفوفه رجالات الكنيسة و القيسسين علي هدي برنامجه . لم يبلغ الحزب هذه الحكمة فوقع بالتالي صريعا لمثل هذه الدعاوي التي أسلمته بالمقابل التي التخبط فلا هو في ذهن الجماهير حزب شيوعي علي سنة الله و رسوله ان صحت المقولة و لا هو حزب علماني , حداثوي صرف و شكل هذا ضربة قوية للحزب و أتسم موقفه من الدين بقدر كبير مت الضبابية و عدم الوضوع علي الاقل في الذهن الشعبي ....... أواصل



معاوية محمد الحسن غير متصل   رد مع اقتباس