عرض مشاركة واحدة
قديم 23-11-2008, 12:54 PM   #[59]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي السارقون الرحماء



السارقون الرحماء


انتظم العمل في المشاريع، أكثر ما يميز هذا العام هو تدخل البنك كممول للمشروعات الكبيرة وكمزارع عن طريق موظفيه الذين بسلفيات من البنك زرعوا أراض واسعة بالسمسم والذرة ومدير البنك نفسه زرع ألف فدان ذرة في المنطقة الخصبة ما بين خور مغاريق إلى غابة زهانة، وعُرفت بمشروع ناس البنك، عمل الجنقو في كل المشاريع بصبر وأناة، طالما كانوا يدفعون لهم بانتظام وطالما كانوا في أشد الحاجة للمال، والحق يُقال أن وجود البنك أنعش ركود الإقتصاد المَحَلي، وظهرت أنشطة جديدة اوجدها موظفو البنك الذين بسلفيات من البنك قاموا باستيراد الأبقار الفريزيان الهجين ومزارع الدواجن البيطرية، هذان النشاطان وحدهما استخدما عمالة لا تقل عن الثلاثين شاباً عاطلاً عن العمل، وقللا من سعر البيض الذي أصبح أحد المواد الإستهلاكية، حيث خَلقَتْ له الدعاية والتقليد سُوقا رائجة وأيضا أصبح سعر رطل اللبن نِصف جنية، فقط وهو أكثر جودة لأنه الأنظف والأقل ماءً، ويتم حفظه في آنيه كبيرةً تغسل في اليوم مرتين،.. وابتكر موظفو البنك نظام تسليف عُرِفَ بين الأهالي بالكتفلي وهو أن يقوم موظف البنك الثري بتسليف شخصٍ بواسطة ضمين معروف ووصل أمانة، مَبلغاً من المال يساوي عدداً من جوالات الذُرة أو يتم مقابلته بعدد من جوالات الذُرة وضربها في إثنين، ويتم استرداده بسعر الذرة في وقت إسترداد الدين الذي غالباً ما يتضاعف إلى أكثر من مرتين شهور رد الدين وهي مايو، يونيو ويوليو و أغسطس. بالتالي يرد المدين الدين مضروبا في أربعة، وحسنوا أيضا من مستوى المواصلات، لأنهم أحضروا إلى المنطقة لأول مرة حافلات الركاب المُريحة، ثلاث حافلات تعمل في فترة الصيف، ما بين الشُواك وعبودة والحِلة، يمتلكها موظفان بالبنك، طبعاً فسر الناس ذلك أنه إلى أن يثق البنك في المواطنين العاديين، فانه يقوم بتسليف موظفيه و التجار فقط، بدلاً من أن يبقى المال بالخزائن دون فائدة، وكثير من الناس قَدّرَ موقف البنك هذا، بل وثمنوه، طالما دفع الحياة البائسة الراكدة بالمكان، حيث تمكن أي مواطن منتج من بيع سلعته لموظفي البنك، حتى الفحم وحطب الوقود بل حطب الطلح الذي تتدخن به النساء، خزنه الموظفون بكميات هي الآن ترتفع عشرات الأمتار فوق سطح الأرض..
- كنا نودي الفحم الخرطوم.
بلصات ورشاوي لا أول لها ولا آخر في الطريق.. الليله صديق العوض أو أحمد البدوي أو المدير نفسه الذي يعطي مقابلاً من المال لكل شئ له قيمة؛ ريحونا من التعب دا كله.
ولكن رغم هذه الفوائد الجمة التي يعدون منها ولا تعدد، إلا أن الناس الذين لا يملأ أعينهم سوى التراب، تعيب على البنك تدخله في حياتهم الخاصة مباشرة أو بطرق غير مباشرة، وهنالك حوداث كثيرة يحفظها الناس للبنك في سجل قبيح، وقدعُقدت ندوات وندوات في نقاشها ومحاولة البحث عن حقائقها، وربما خَلق ردود أفعال مناسبة تحافظ على المكاسب العظيمة التي أوجدها موظفو البنك في الحِلة، وتلك المناقب التي - أيضاً- كانوا مُربيها الأول. ففي ما يُشبه الندوة في منزل أبرهيت، وذلك يوم الإحتفال بعيد غامض من أعياد الناس، يطلقون عليه تجاوزاً عيد سُليمان أو النبي سُليمان، نُوقِشَ موضوع المبلغ الذي خصصه صِدّيقُ العَوَضْ موظف البنك لأمول أجانق.. اذا دخل الإسلام، وكان أمول أجانق نفسه من الحاضرين، ولقد أدلى بشهادة لم تُعط من الإعتبار إلا أقله، حيثُ اعتمد الناس بصور أساسية الرواية التي أدلى بها صديقُنا مختار على، الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ صدّيق العَوضْ، قد استلم مبلغاً كبيراً من المال من أحد الناس ذوي الذقون الكبيرة، وقال لولا أنّ أسامة بن لادن مختبئ هذه الأيام في طُورابُورا، لقُلت: دا أسامة بن لادن ذاتو.. زول طويل.. سمين.. قوي.. أبيض.. عندو دقن كبيرة.. عندو شعر كتير.. عندو مال كتير.. عندو حرس..جاء القضارف وقابلو صديق، هنالك وحلف بربه وبالنبي أنه رآه وسمعه.. ثم أخبرت الأم عن محاولة يائسة معها للأخبار عن الجنقو الذين يحملون السلاح في غابة زهانة، ومعرفة من معهم ومن ضدهم.. أشار ود أمونه عن عرض زواج عُرْفِي من مدير البنك إلى بوشي، وربما قد تم ذلك الزواج؛ لأن لا أحد اعتمد رواية بوشي التي أنكرت الواقعة جملة وتفصيلاً قائلة بشكل قاطع وحاد
-إن شاء الله أديهو للكلاب وما أديهو للزول المتغطرس اللص دا !!
قالت أداليا دانيال:
-أبيت أبيع ليهم مسجلاتي.. أدوني سعر رخيص جداً.. ولا الخسارة الخسرتها فيهم.. واضافت.. بعد أن ضحكت ضحكا يشبه الهيستيريا.. قل إنه نُوع من البكاء.
- هم القالوا ليّ خلي راجلك يتطهر. (تقصد يختن)
ولكن ما أدلى به أبرهيت المتحفظ دائما، المتشكك فيما حوله الغامض الذي لا يُغلط على أحدٍ كان المدهش، قال موجها حديثه لي:
- هم الخربوا بيتك.. هم الضيعوا ألم قشي.. أغروها بالذهب والمَال.. أنت شخص غير مرغوب فيه هنا.. عايزنك تفوت أو تموت أعمل حسابك، لأنك أنت المتهم بتحريض الجنقو، ودفع صديقك الشايقي على الخروج عن القانون.
ولأول مرة تخرج ندوة بلا شئ لأنها خمنت بما يشبه التقرير عن أنشطة البنك ملخصه: مالم يقل الفكي كلمته فان لا حقيقة يمكن إعتمادها.. لكن على هامش الندوة دار حديث سري مفاده إن الفكي على هو الذي مكنهم من الناس، هو الذي سخر شياطينه وآياته ومِحَايَتِه وعروقه وفكرة وكتبة الصفراء وجلجلوتيته وشمس معارفه الكبرى وتِبيانه وسحره الأخضر والأحمر والأسود.. لمصلحة موظفي البنك لأنهم يدفعون له أكثر.. لأن الفكي على بامكانه تدميرهم جميعاً، وخاصة أن ألم قشي عرفته بأسماء أمهاتهم جميعاً عن طريق مهارات استخدمت فيها مَكر النساء وخباثة الرجال وود أمونة، والجميع يعرف أنّ الفكي علي ذهب ألى مدينة باسُوندا وقضى أسبوعين كاملين بها، وباسُوندا هي المدينه التي يُوجد فيها خَزَنَة أَسْرَارِ عِلمِ الشَجَرْ في الكون كله؛ أو مَا يُسَمَى بالسَحِرِ الأخْضَرْ، وهي المدينة التى قِيلَ في شَأنِها هنا في الشرق: إذَا نَاسْ بَاسُوندا أَبُوكَ؛ نَاسْ التُرَبْ نَادُوكَ



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس