عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2005, 11:16 AM   #[6]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Garcia
الاستاذ / عجب الفيا
لاحظت من كتابتك انك شديد الاعجاب بكل ادب الطيب صالح ..
لكن الشئ المحير ان مواقفه فى الفترة الاخيرة احبطت العديد من
المعجبين به .. وكما ذكرت انت فالكاتب لا يمكن ان ينعزل من بيئته ..
فهو مراه لمجتمعه وكما قال رئيف خورى : الكاتب الذي لا يعبر عن
قضايا مجتمعه فهو ليس بانسان ......
شكرا يا غارسيا علي منحك لي هذا الشرف ، شرف الاعجاب بكل ادب الطيب صالح والحقيقة انني مهما عبرت عن محبتي واعجابي بادب الطيب صالح اجد نفسي غير قادر ان استوفيه ما يستحقه من محبة وتقدير . نحن لا نعرف الطيب صالح ، فما عرفناه الا كالسيف في غمده ، او كما قال النبي لمن جاء يحدثه عن اويس القرني ، ذلك الرجل الصالح الزاهد .
ولعل من سوء طالع الطيب انتمائه لهذه البلاد التي لا يولع مثقفوها الا بكل ما هو وافد غريب !!
الحديث عن ضرورة انحياز الكاتب الي قضايا مجتمعه حديث لا يوجه الي الطيب صالح وهو حديث ، سكب فيه مداد كثير منذ دعوة سارتر الي الالتزام في الادب الي يومنا هذا . ان الالتزام الوحيد للكاتب هو ان يكتب جيدا . هذا ما قال غارسيا ماركيز في اول حوار معه بعد فوزه بجائزة نوبل سنة 1982 .ومهما يكن من امر لو كان هنالك كاتبا واحدا منحاز في كتاباته الي قضايا مجمتعه ، فهو الطيب صالح . لكن هنالك فرق بين انحياز الشعارات الجوفاء وبين الانحياز العميق الذي ترفده البصيرة ويستجليه النظر والتدبر .

عندما بزغ نجم الطيب صالح في اوائل الستينات لم يتحمس له اهل اليسار ظنا منهم انه كاتب غير ملتزم بقايا مجتمعه ، حسب رؤيتهم اليسارية طبعا . ولكن فات عليهم في ذلك الوقت ادراك ان الطيب صالح كان اشتراكيا وان اهم شخوصه الروائية - مصطفي سعيد - كان اشتراكيا يساريا ثوريا !! وحتي الان لايزال البعض غافل عن هذه الحقيقة . بدليل ان البعض لم يصدق عندما اشرت الي ذلك في بوست : يمني العيد والقراءة الخاطئة . ودعني اورد هنا شيئا مما جاء :

" عندما صدرت رواية : موسم الهجرة الي الشمال سنة 1966 كان المزاج الاشتراكي مسيطرا علي الذوق الادبي والفني والسياسي ،
ولكن الطيب صالح بحسه الفني العالي وموهبته الشامخة لم يقع في التقريرية والمباشرة والهتافية التي كانت سمة الادب العربي ذي النزعة اليسارية بتاثير من الواقعة الاشتراكية التي لازلت تلقي بظلالها حتي ذلك الحين . فاخفت الحبكة المتقنة التي اتبعها ، البعد اليساري في شخصية مصطفي سعيد فلم يفطن الناس الي ذلك آنذاك ، وتوقفوا عند حدود الصورة البويهيمة التي تطغي علي سطح احداث الرواية . لهذا السبب لم يتعاطف كثير من اهل اليسار في البداية مع الرواية بل صنفها بعضهم ضمن الادب البرجوازي المتحلل.

اذكر في ايام الجامعة كنت ولعا بهذه الرواية الي درجة انني كنت احفظ مقاطع منها استظهرها ، كلما جاء الحديث عن ادب الطيب صالح. حتي ان بعض اصدقائي من اليسار آخذوني علي ذلك لظنهم ان ادب الطيب صالح انصرافي ولا يتناول قضايا جادة بالمفهوم اليساري.
ذات يوم أحضر لي احدهم عددا من مجلة "اقلام" العراقية به مقال بعنوان : الطيب صالح عبقري الرواية البرجوازية" وطلب مني ان اقرأ المقال لياكد لي وجهة نظره فيما سبق ان ذكره لي .
ولا يخفي ان عنوان المقال قصد منه كاتبه ان يعارض به كتاب : "الطيب صالح عبقري الرواية العربية " ! والذي حوي بين دفتيه كتابات كوكبة من كبار النقاد العرب .

ولعل الكثيرين لا يعلمون ان الطيب صالح اسقط ميوله الاشتراكية علي بطله ، مصطفي سعيد !
وقد كشف الطيب صالح عن ذلك لاول مرة حسب علمي، في كتاب :"علي الدرب ..مع الطيب صالح - ملامح من سيرة ذاتية " - اعداد : طلحة جبريل . والذي صدر عن مركز الدراسات السودانية بالقاهرة - سنة 1997

" بعد الاطلاع على مجريات الحياة السياسية في إنجلترا وجدت نفسي أميل للاشتراكية العمالية وقرأت كثيرا عن الفابيين . وكان مدرسة لندن للاقتصاد التي أنشأها حزب العمال توجد قرب مقر هيئة الإذاعة البريطانية وتابعت محاضرات في تلك المدرسة ، الجامعة التي كانت تمثل الفكر الاشتراكي ودرست هنالك العلوم السياسية . وكان يحاضر في المدرسة أساتذة مرموقون من مفكرى ومنظرى حزب العمال مثل البروفسير هارولد لاسكى "
ص 55 .
ويقول :
"..حين جئت لندن تولى المحافظون الحكم بعد حكومة العمال التي انتخبت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي قامت بإدخال تغييرات كبيرة . فقد أنشأ العمال دولة شبه اشتراكية أطلق عليها الإنجليز دولة الرفاهية ورغم عودة المحافظين إلى الحكم فإنهم تمسكوا بالتغييرات الجوهرية التي قام بها العمال مثل قضية التأمين الصحي وحقوق التقاعد وتحسين وضعية العمال وما إلى ذلك . كان هنالك ما أسموه بالإجماع الوطنـي بين الحزبيـن الكبيريـن حـول هـذه القضايـا الكبرى " . ص 54

قارن ما قاله الطيب صالح عن سيرته اعلاه وبين ما ورد بالرواية عن مصطفي سعيد :

.. وهنا تدخل الرجل الانجليزي وقال ..ان مصطفي سعيد لم يكن اقتصاديا يركن اليه : انني قرات بعض ما كتب عما اسماه اقتصاد الاستعمار. الصفة الغالبة علي كتاباته ان احصائياته لم يكن يوثق بها .كان ينتمي الي مدرسة الاقتصاديين الفابيانيين الذين يختفون وراء ستار التعميم هروبا من مواجهة الحقائق المدعمة بالارقام، العدالة ، المساواة ، الاشتراكية .."

" ..وكان من الاثيرين عند اليسار الانجليزي . ذلك من سؤء حظه ، لانه يقال انه كان ذكيا. لا يوجد علي وجه الارض اسوأ من الاقتصاديين اليساريين .."

" .. كنت اعيش مع نظريات كينز وتوني بالنهار ، وبالليل اواصل الحرب بالقوس والسيف والرمح والنشاب . رايت الجنود يعودن، يملؤهم الذعر، من حرب الخنادق والقمل والوباء.رايتهم يزرعون بذور الحرب القادمة في معاهدة فرساي ، ورايت لويد جورج يضع اسس دولة الرفاهية العامة""

وقد كتب مصطفي سعيد الكتب الاتية : اغتصاب افريقيا ، اقتصاد الاستعمار ، الصليب والبارود .


ونواصل الاجابة علي بقية الاسئلة والملاحظات ،،



التعديل الأخير تم بواسطة عجب الفيا ; 01-11-2005 الساعة 01:07 PM.
عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس