عرض مشاركة واحدة
قديم 20-10-2011, 05:55 PM   #[38]
imported_فيصل سعد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية imported_فيصل سعد
 
افتراضي

علي المك .. الدنيا الجميلة على جسر حي الدناقلة!!
بقلم: الدكتور مرتضى الغالي



نحن نحلي كلامنا الماسخ ونكافئ أنفسنا بنفحة من (الشرف الباذخ) عندما نأتي على سيرة علي المك.. ولا تقولي لي أم سلمة، يا شقيقة روح علي، إن ذكراه تبعث الحزن والأسى ..! !

أنها ذكرى تنفخ الروح وتطرب الوجدان وتبعث على الفخر بهذا السوداني الجميل، الذي عاش سعيدا في هذه الدنيا وحوله أقرانه ودنياه التي يحبها وتحبه، وسار إلى الشاطئ الآخر من الوجود نابه الذكر لا يذكره أي شخص إلا ويذكر كل جميل في هذه الحياة الدنيا، التي ملأها بوقع خطاه الهميمه ودندناته المفعمة وكتاباته الرشيقة ومعارفه الواسعة الشاملة العميقة الممتدة، وإبداعه المترع الذي لا يمكن أن يصدر إلا بغير ضريب ولا مثيل ...!

والله .. إن تركت كل ما كتب ودون وذاكر وفاكر وراجع وابتكر واستقصى واقترع واجترح واستجلى وكشف واستكشف في الأدب والفن والرواية والقصة والشوارد والأوابد من أصول المعارف والأدب والموسيقى والشعر والمسرح والغرب الأمريكي وتخوم فارس والروم إلى (زقاق العصافير) في مدينته الوجدانية أم درمان.. إن تركت كل ذاك ووقفت فقط على حكايته التي رواها عن (أبو داؤود) صديق عمره لكفاك عن كل ما كتبه الكاتبون عن الظرف وعن الغناء وعن الفن وعن زمالة الروح وعن كنه الصداقة العامرة والتساكن النفسي وعن دقة المشاعر وعمق الإحساس ومعنى الروح وكيمياء الحزن.. وإذا تحدثوا عن براعة ما وصف (النوبيليون) به تصاريف الحياة وخصائص البشر وسحر الأمكنه والأزقة والحواري في المدن الجبلية والساحلية، فقد تجد كفايتك كلها في الصورالتي رسمها حبيب الحياة علي المك للجسر الصغير الذي يعترض الخور الفاصل بين أحياء بحري العابر إلى حي الدناقلة حيث على الناصية التالية منزل عبد العزيز داؤود..

هذه حياه كاملة يمنحها علي المك لهذا الكبري الصغير الذي لا يكاد يتسع لعربة صغيرة مع أقدام صبيان الحي الجالسين على دكته ونتوئه الجانبي !! أفاويح عطر الصداقة التي تتدفق من (ود المك) هو في طريقه إلى داؤود ... ذاكرته الحبلى بالأنغام (وترشيحات) الأغاني والمقاطع للفنان الذي ينتظر القدوم في لهفة المتحفز للأنس والمفاكهة والتطريب !! . كلما قادني الطريق عبر مدينة بحري نظرت إلى هذا الكبري الصغير الذي أدخله (علي) إلى معالم الدنيا؛ فحديثه عنه لم يظفر به أي وصف لبرج إيفل ولا برج بيزا ولا حدائق بابل المعلقة، إنه يصف صبيان الحي عندما ينقلون أرجلهم في تثاقل ليسمحوا بعبور (سيارة علي)، وأحيانا يرحبون وينفضون أردافهم ناهضين ليفسحوا المجال، أحيانا في تثاقل متبرمين، وعجلات العربة تمر برفق على الحصا الذي يتناثر على حوافي الخور وبين أطراف الجسر الصغير..!! التفتوا يا أهل بحري إلى هذا المعلم الخطير في مدينتكم واكتبوا على لوحة الجسر التذكارية (علي مر من هناك)!!

هذا الطري الحميم هو الذي يحكي فيه علي عن (مولد زهرة الروض الظليل) ويسوق الحكاية إلى (البحث عن نسايم الليل)، ويطوف بها إلى خمريات عبد الرحيم البرعي التي أشرقت لألاها على صخرة أبو داؤود، ثم العبارة الغريبة التي تسعد كثيرا بأنك تجهل علاقتها ونسبتها إلى وجبة الخصوصية الثقافية السودانية (الكمونية أخت العذارى) !! لا تجتهد في التفسير.. اتركها هكذا..! ثم ما يقول عنها علي ( ذي شمبات كونسيرت) ثم رؤية أهل جزيرة ( ...) لأعظم اختراعات البشرية ( الثلج والكوتشينة) .. على هذا المنوال يمكن تصميم سؤال مفتاحي في استبيان مواضع التطريب بطرح سؤال يقول: في أي مقطع من أغنية حدباي (زهر الرياض في غصونو ماح) يمزق مختار عباس (مخ) جلابيته؟؟

لهذا أهدى ود المك هذه الحروف إلى مهاجع سكونه العاطفي ووسادة روحه التي يتكئ عليها عندما يتحدث إلى الدنيا.. قال في الإهداء ..
"إلى حليمة سليمان
أمي التي كانت تنشد المديح النبوي ترانيم في أشغال يومها
وإلى الشيخ محمد المك .. إنه أدخلني في فراديس لغتنا الجميلة.. ثم إلى خالي علي سليمان..فقد تعلمت منه كيف يكون العيش في أم درمان صبابة" ..



التوقيع:
[frame="5 80"]اللهم اغفر لعبدك خالد الحاج و تغمده بواسع رحمتك..

سيبقى رغم سجن الموت
غير محدود الاقامة
[/frame]
imported_فيصل سعد غير متصل