عرض مشاركة واحدة
قديم 23-11-2008, 12:50 PM   #[58]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي


محنة أداليا دانيال

في بيت اداليا دانيال عشرة مسجلات بسماعات كبيرة خارجية ملحقة، تحتفظ بها في صندوق كبير من الحديد الصلب، كان يستخدم لحمل الذخيرة في الحرب العالمية الثانية، اشترته من كرن، بالصندوق أيضاً عددٌ كبيرٌ من النظارات الشمسية، وأحذية أديدس كبيرة الحجم، وعشرين راديو ناشونال بثلاث موجات، وأشياء أخرى صغيرة تافهه. ولكن لها قيمة أبقتها في الصندوق. تسمي أداليا دانيال الصندوق: خزنة الأمانات. وهي في الحقيقة ليست أمانات بالمعنى الواضح للكلمة، ولكنها دخلت الصندوق كأمانات ثُمّ تَمّ شَرابها تدريجيا أو أكلها، وفي القليل النادر جداً قبض بعض قيمتها نقداً، ويحدث هذا عادة في أشهر الصيف ونهاية موسم حصاد العيش، حيث يكون الجنقوجوراي قد إستهلك آخر مالديه من مال، وبدأ في أكل زينته التي حرص على جمعها في شهور حصاد السمسم وقطع العيش. أي في إكتوبر ونوفمبر وأوائل ديسمبر وهي كما يسميها الجنقوجوراي:الشهور السمينة..
أداليا دانيال مثلها مثل كل صانعات العرق والمريسة تحترم الأصول، فعندما يقول لها أحد الفدادة: خلي المسجل دا معاك. تبدأ مباشرة في تحديد سعره، ثم على الحائط تشخبط ما شرب الفدادي من عرقي ومريسة، وما أخذه نقداً، إلى آخر كأس، والجنقوجوراي الأصيل ود القبائل لا يسأل من أمانته مرة أخرى، إلا إذا وفر ثمنها، وهودائما مايفضل شراء زينة جديده في الشهور السمينة ويتبع الموضة السائدة، أما الجنقوجوراي الحريف، الذي يجيد اللعب هو الذي يصاحب صاحبة العرقي، لا يهم فارق السن بين الإثنين وهو غالباً ما لا يُوضع في الإعتبار . من الحكم السائدة في هذا الشأن أن كل امرأه لديها ما تقدمه للرجل، بغض النظر عن سنها أو جمالها أو لونها أو قبيلتها، وأن كل النساء جميلات بالقدر الذي يجعل الرجل يصل ذروة نشوته، ويختصر الفدادة القول في: الفحل مو عوّاف. ولكن الأهم من ذلك بند في عقد المصاحبة غير المكتوب، هو أن يصاحب الجنقوجوراي الواحد امرأة واحدة فقط وأن تكتفي الفدادية بجنقوجوراي واحد، وهذا إلتزام صعب، وغالباً ما يفشل الجنقوجوراي في الوفاء به، حيث أن الكسل الذي يصيب الجنقوجوراي في هذه الأيام والتسكع والتلكع، والوجبات الدسمة التي توفرها له صاحبته، غالباً ما تحرك شياطين شهوته، والنساء يصبحن أجمل في ديسمبر، يناير، فبراير، مارس وأبريل لأنهن لا يعملن في هذه الأشهر، في أم بحتي أو قطع قصب السكر في المشروعات المروية، حيث يكتفين بالحياة المنزليه البطيئة، يوفرن خبزهن عن طريق بيع الخمور، بيع العُطور البلدية، العمل في بيع الشاي والقهوة في الأسواق أو ليلاً على أركان المنازل، قليل منهن يمارسن الدعارة حيث أنها لا تجلب مالاً لأن الرجال جميعاً لا مال لهم في هذه الأشهر، حيث تسود المقايضة.. اذا أضفنا ندرة الرجال في هذه الأشهر، حيث يهاجر معظمهم إلى مزارع السُكر في جماعات للعمل في الكاتاكو، وتحتد المنافسة بين النساء الجميلات الكسولات في مواسم راحتهن، وتفرغهن للحب والمصاحبة والزواج،، الكثيرات على العدد المحدود من الرجال، الذين قرروا البقاء بالحلة اعتمادا على تسليم زينتهم كأمانات غير مستردة، أو الزواج والمصاحبة كنظام معايشة الى أن تنقضي الشهور الصعبة ببداية موسم الكديب، و الرجل الجنقوجوراي الذي يعتمد على المصاحبة في عيشه يُسمى: بالهوان.
ثم يأتي موسم الحصاد، وهي الفترة التي غالباً ما يتم فيها فض الشراكة، منها الطلاق. أداليا دانيال متزوجة من رجل قوي الإيمان، ينتمي للكنيسة الكاثوليكية، هي أيضا مؤمنه، وتصلي لربها وتعمل مع الأخوات في الكنيسة.. إبنها وولدها أباب وتوني، صغيران ويمارسان الدين إلى الآن كنمط من محاكاة الكبار والتطلع إلى النضج الحقيقي والسريع. وتعلم أداليا خطورة أن ينمو أطفالها في بيت يرتاده السُكارى، حيث أنهم يتحدثون بألفاظ لا يقبلونها كثيراً في موقد الأخلاق ولا يكترثون للذوق العام أو ما يجب وما لا يجب، يتحدثون عن نسائهم فاضحين ما يستره الليل في القطاطي والرواكيب، ولا يتحرجون في نقل تجاربهم في المضاجعة ووخبرة النسا ء، ويضحكون في متعة قد يظن الأطفال أنها المتعة الحقة التي يوفرها نمط حياة هولاء الناس، لذا كانت أداليا دانيال تتعامل مع أطفالها بحزم ولا تتسامح أن يبقى طفلها قريباً من مرمى حديث السُكارى، أو أن يسلك سلوكهم، وهذا هو سر الإلتزام بالكنيسة، وربط الأطفال بأنشطتها حتى يتسنى لهما قضاء أكبر وقت خارج المنزل خاصة يوم مريستها كل سبت. وإذا عادا مبكراً؛ ترسلهما مباشرة إلى منزل خالها عبدالله ماجوك الذي يعمل محاسباً في زريبة المحاصيل، يتغديان هناك ويعودان قبل المغرب بقليل، حيث يجدان المنزل قد خلي من الفداده، ويجدان نصيبها من المريسة محفوظاً، يؤديان الصلاة.. يشربان مريستهما وينومان.. ولكن هذا البرنامج التقي المستمر لا يمضي كما تشاء أداليا دانيال ويشاء زوجها، لأن زوجها له رأي آخر في تربية أطفاله.. تنازل عنه لأداليا.. ربما لقوة شخصيتها.. ربما محاولة منه لتجنب الخلاف الذي قد يؤثر على حياة الأطفال.. ربما تمشياً مع الأخلاق المسيحية كما يفهمها: التسامح المستمر وإعطاء فرصة أخرى للآخر..
أداليا دانيال تفهم وجهات النظر هذه جميعهاً، ولكنها تنطلق من مبدأ أن تربية الأطفال من مسؤولية الأم وليس الأب الذي عليه النضال خارج المنزل لتوفير المال.. لس إلا.. ولو أنه فشل في ذلك ففشله لا يسقط واجبه المفترض كأب لطفلين ولا يحمله مسئولية لا تخصه وهي تربية أباب وتوني..ولكن هل كانت أداليا دانيال بهذه الصرامة ؟!
حسناً،هنا، دائماً ما يَعْرف الآخرون عن الأشخاص أكثر مما يعرفونه هم عن أنفسهم، فالنظرة من خارج الشئ هي الأكثر موضوعية وشمولية، وحكمة المكان تقول أن الآخرين كثر وأنت واحد.. أيهما نصدق ؟.. للآخرين ألف عين وخمسمائة قلب وآلآف الأصدقاء وألف أُذن وخمسمائة فم وألف رجل ومثلها يد.. وأنت واحد.. أيهما نصدق، لا بل أيهما أقدر على تقصي الحقيقة واختبار الكذب والتلفيق ؟! فيما يشبه الندوة في يوم مريسة خميسة النوباوية تأكد الجميع من صحة الحكاية التالية .
في اليوم الذي تزوجت فيه كلتومة بت خميسة النوباوية من عبدارامان الجنقوجوراي، بعد العقد مباشرة بدأ الحوار حول المتعة، كان طازجا فجاً بسيطاً كا كأحر ما يكون، في الحق تبدأه ألم قشي ولم تكن الملحوظات التي أبدتها في هذا الشأن كانت الأصوب، أو الأكثر إاثارة للجدل او الأوجه.. ولكن لا أحد ينفي بأنها كانت فاعله ولكن.. بالأمس.. في يوم مريسة خميسة النُوباوية وفي ما يُشبه الندوة، تحدثن عن أول مرة كما قلن تعرف فيها أداليا دانيال أن هنالك أمور مهمة في حياتها كامرأة لم تصب هي منها شيئاً، وكذبنها وقلن إنه ربما إدّعاء للبراءة لا يليق بامرأة في زواج مستقر منذ عشرين عاماً أنجبت خلالها مرتين ولكن أداليا دانيال أكدت.
- الشئ البتتكلموا عنوا دا والله ما حصل لي ولا مرة واحدة..
ثم أمطرنها بأسئلة عينة
- راجلك تمام؟
- (.............. ) ؟!
- قاعد يصل بسرعة.. ينبح زي الكلب ؟
- كم دقيقة؟
- قاعد يطول ولا لأ ؟
- قاعد يلعب معاك شوية ولا طوالي ؟
ثم حكين لها تجاربهن مع رجالهن، وأوحين لها بما يعني أن المشكلة كُلها في لام دنق.. وليست المشكلة هي عدم ختانه فحسب، ولكن في تعجله وتعامله مع الأمر كواجب.. هكذا توصلن إلى نتيجة أراحتهن كثيراً، وأحسسن بالعطف والشفقه على امرأة لم تتمتع بالميزة الأساسية التي تجعلها أعظم من خلق الله: أن تكون أنثى..
قلن ها بما يعني
-أنت ضائعه..
دارت الندوة في الواقع ما بعد هذا الإكتشاف المثير، يوم مريسة خميسة النُوباوية، بعد عام كامل، رصد العقل الجمعي فيه كل صغيرة وكبيرة عن أداليا دانيال.. قررت أداليا أن تصبح كصحيباتها اللائي يستمتعن حقاً بحياتهن كنساء، وأن تعرف اللحظة التي تحدثن عنها بأوصاف محفزة ومدهشة..
- مابعرف نفسي في الواطا ولا في السما..
- تجيني حاجة زي الخدر وما خدر.. زي النعاس وما نعاس.. زي الحلم وما حلم.. حاجة تتمنى تدوم ولكنها تنتهي فجأة.
- نوع من الوجع.. الوجع اللذيذ..
- يا اختي دا شئ ما بيتوصف.. إلا تجربيه.. دا شئ من ربنا..
- بري.. بري.. يا بنات أمي.. بري..أنا ما بحب بتكلم في الحاجات دِي!!
حاولت مع زوجها لام دنق ولكن دائماً ما تنتهي اللعبة بأن يدفق ماءه مصدراً صوتا غليظاً، ثم يشكر الله في صلاة سريعة وينام.. في الماضي كانت لا تهتم لأنها ما كانت ترجو أكثر من اللذة التي تحدث نتيجة لفعل الإيلاج والنزع المتكررين.. ولكنها الآن ترغب في أن تصل إلى نتيجة أبعد رسمتها لها الصديقات وشهينها.. أصبحت أداليا لا تطيق لام دينق، ولو أنهما كانا لا ينامان معاً إلا مرة في الأسبوع، وأحس لام دينق و أرجع ذلك إلى تقلبات النساء التي تحدث عنها الرب كثيراً في الكتاب المقدس.. وسمع أيضاً من بعض المسلمين أن الرب تحدث عنها مرة أخرى في القرآن كذلك. لام دنق رجل قصير سمين له عينانا ذكيتان ثاقبتان، لا يتحدث كثيراً،، يعمل في كمائن الطوب في فترة الصيف عند شاطئ النهر، وله خبرة كبيرة في ذلك، يعتبر الرجل الثالث في الكنيسة بعد الأب بيتر والأم مريم كُوِدي وهي عذراء جميلة وتقية جدودها من جبال النُوبة، ويُقال في ما يُشبه الندوات أنها حازت على مرتبة عليا في مسابقات الجمال في كينيا، قبل أن تهب نفسها للكنيسة كلياً وتُرسل إلى هذا المكان البعيد..
لام دنق اعترف للأب بيتر أن أداليا دانيال زوجته غير طبيعية.. لأنها طلبت منه أن يختن نفسه..
- هي مُش عارفه إنو الختان دا عند اليهود والمسلمين.. ونحن خلقنا على صورة الرب.. ولا يمكن أن نشوه أنفسنا..
- هي تعرف ..
ولكن السبب شنو ؟! -
- عايزة تبقى مُسلمة ولا شنو ؟
-لا.. هي متمسكة.. كويس بالدين.. ولكن أنا ما عارف الحاصل شنو.. الموضوع غريب..
كُلفت الأم مريم كودي بمعالجة الموضوع من أداليا دانيال يوم الأحد القادم، فهي صديقتها وهي أيضاً امرأة، ويسهل التفاهم بين المرأتين...
فيما يُشبه الندوة في يوم مريسة خميسة النوباوية.. يوم السبت.. أُكِد ما يلي:
عرف صديقي بما سُمي فيما بعد بمحنة اداليا دانيال، وكعادته نصب نفسه مهديا جديدا وقال لي
- أنا حأكون أول من يخلي أداليا دانيال تحس بأنها امرأة.. حأخليها تصل قمة نشوتها..
قلت له ساخراً
- بس ما تبقى عليك حكاية الصافية..
قال جاداً
- دا براو.. دا براو !
كانت أداليا دانيال تفوقه طولاً، وحجماً، فهو نحيل طويل بعض الشئ، قال إنه بعد غزل ومناورات كان لابدمنها استطاع أن ينفرد بها في إحدى قُطيات أديْ .. قال لي مزهوا:ً
-اكتشفت في الدقيقة الأولى كَذب كلما يُشبه الندوات التي يقيمها السُكارى والنساء الفارغات، فمبجرد أن قبّلتها.. وصلت أداليا دانيال إلى ذروة النشوة، هَرّتْ مثل قِطَةِ بِكْرَةْ وانكمشت ثم تمطت، حملقت في وجهي بصورة مرعبة ومضت.. في يوم الأحد لم يكن هنالك شئ تقوله أداليا دانيال للأم مريم كُودي.. غير أنها تنازلت عن موضوع الختان وأن الأمر ما كان أكثر من فِكرة طائشة: ولكن؛ مَنْ هُو الغَبِيُ الذي يُصَدّق رِوايتهَ هَذِه ؟؟؟



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس