عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-2009, 09:44 AM   #[12]
hatim ALi
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية hatim ALi
 
افتراضي



عند الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة الثامن عشر من يناير 1985م ، الموافق للسادس والعشرين من ربيع الآخرة من عام 1405ه ، صعد الاستاذ محمود درجات السلم الى المشنقة تحت سمع وبصر الآلاف من الناس ، وعند ما نزع الغطاء الذى كان يغطى رأسه قبيل التنفيذ، انكشف وجهه عن ابتسامة وضاءة لفتت الأنظار، فانفتحت بموقفه الاسطورى هذا ، وبابتسامة الرضا تلك ، دورة جديدة من دورات انتصار الانسانية على عوامل الشر فى داخلها وفى الآفاق.

و يتساءل الأستاذ عادل عبد العاطي و نتساءل معه أيضاَ : هل كان محمود يبحث عن الموت؟؟ هذا ما قد يتراءي من الوهلة الأولي، في تعامل محمود مع المحكمة ومع مجمل مؤسسات النظام، في الشهور الأخيرة من حياته، وفتحه للمعركة واضحة ضد النظام وسياساته، وهو الذي يعلم مبلغ الحقد الذي تكنه ضده القوي السلفية، وخصوصا جماعة الأخوان المسلمين، كما لابد يعلم الطابع الدموي والطغيان المنفلت للسفاح نميري.ومما يعزز هذه الرؤية كذلك فكرة الفداء التي لا بد من وجود سند واقعي لها في تفكير محمود، طالما قد كررها الجمهوريون مرارا بعد استشهاد محمود، بأن الأستاذ قد فدي الشعب السوداني

وبالفعل كان موت الأستاذ محمود محمد طه فداءً للشعب السوداني من بطش النميري و جوره لأنه فى السادس من أبريل 1985م سقطت سلطة مايو أمام انتفاضة الشعب السودانى .

وفى 18 نوفمبر 1986م أصدرت المحكمة العليا السودانية حكمها بابطال أحكام المحكمة المهزلة ومحكمة الاستئناف المزعومة بحق الاستاذ محمود. وقد أعلنت منظمة حقوق الإنسان فيما بعد يوم 18 يناير يوما لحقوق الإنسان العربي .

و بالمناسبة هذه الحقيقة غائبة عن الكثيريين من أبناء الشعب السوداني الذين كانوا رفضوا مهزلة إعدامه لاسباب عرفوا أنها كانت، ولا زالت، سياسية، الا انهم لا يزالون ينظرون حتي الآن، إلي كثير من أفكاره ومواقفه من خلال منظار التشويه الذي لعبت فيه دعاية القوي الظلامية القسط الأكبر ، و الأجيال الجديدة لا تعرف عنه الكثير و حتى ما عرفته كان عبر ما رددته قوى الشر من أكاذيب و و ترهات بأنه كافر و مرتد و زنديق ، لذا رأيت أنه كان لزاماً علي التوضيح و الإسهاب في حقيقة ما حدث له و لو أنه - موضوعياُ - ليس بالأمر الضروري لصلب الموضوع ، لكن بالإضافة للامانة التاريخية لتصحيح هذه الأكاذيب ، لابد من توضيح أن الأفكار أعلاه قد حوربت بشدة من قبل قوى الرجعية و التخلف لأنها تفضح زيفها و لقد دفع الأستاذ محمود محمد طه ثمن الحقيقة.

نعم مات الأستاذ محمود محمد طه وذهب الى - أب رحيم - كما قال هو بنفسه عند وفاة أبنه و لكن سيظل فكره باقياُ متقداٌ كمنارة عالية تضئ لنا ظلامات الجهل و الخواء الفكري من حولنا.



hatim ALi غير متصل   رد مع اقتباس