عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-2005, 03:16 PM   #[1]
Eng.Hawari
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي قراءة في قصيدة الضؤء وجهجهة التساب -لحميد

الضوء وجهجهة التساب..الحدث مثيل بتسونامي..والسيناريو أقوى من تيتانيك..ولكن أين المخرج الفذ؟ ..وتعلل بالامكانيات ما امكن

حميد وما ادراك ما حميد؟ تلك المدرسة الرائعة والمتفرده في لونيتها الشعرية بنسق وعامية سودانية خاصة ذات مذاق طيب... تلفت انتباهك دوما وتستوقفك لتتمعن وتدرس وتحفظ بعض او جل المقاطع لتستشهد بها على ما يمر بك يوميا او سنويا من احداث متتاليه..كنت منذ مده ليست بالبعيده احاول ان اخرج بتصور نقدي لنص الضوء وجهجة التساب..الذي ابدع حميد في تشكيل قوائم هرمه ليخرج لنا شامخ شموخ النيل وليفضح لنا ما يقاسية الإنسان من ظلم اخيه الإنسان وظلم الطبيعة له..وليكشف لنا عن اهمية الشاعر الإعلامية في توصيل الخبر بسياق مراسل حربي او مراسل كوارث... سميه كما يحلو لك لكنه ينقل في النهاية ماساة بنكهة الحسرة و يغلفها لك برقة وعذوبة كلمات شاعر رقيق يقنع الجميع بان يمارسوا الألتفات له...(كما يغلف الهنود الكلوركين المر بالجلكوز..)في ظل تغيب الاعلام وقتها عن الحدث.
كعادته وفي معظم قصائده يبدا حميد النص باعطاء المتلقي فكرة بسيطة او خلفية عن ما كان قبل الحدث ومن ثم يستدرجة قليلا قليلا بمستوى فهم انيق وبسيط ليعيش فصول الحدث لحظة بلحظة ولا ينسى حميد الاهتمام بتفاصيل الامور الدقيقة
ودّاها فوق قُوز الرماد
كان ظنُو يوم يومين تلاتة
الموية تنزل والبحر يشرد شُراد
يفضل ترا
.

بين الأمل وتحقيقة دوما ما تكون هنالك مسافه وقبل المسافة يبدأ الاستعداد او التخطيط لتحقيق ذلك الأمل المرسوم في رحم الغيب..وبين من يرمي الحبه على تراب ارضة والحبه نفسها لتنمو ويرجو حصادها الفه عميقه ينميها الايمان بالله ومن ثم العزيمة وقراءات لعادات او تضاريس الطبيعه..
يبراهو بالسلوكه من ورا
والعيوش والخير يعم يرقد رقاد
والناس تخم خم السرور..وماهو البرا..

وعندما يشاركك الأخرون في معايشة ذلك الأمل في الوضع يكون له ترتيباته الخاصة ..لان خيبه الأمل قد يكون مردودها عكسي ويسبب كارثة.
ناسا كتار فاكرين كدي
يومين..تلاته ، الحاله ترجع حالتا
ويبنوا البيوت هو وشفعوا وأم الولاد..
ينجمعوا..ويسترجعوا الماضي وشتاتات السواد في صالتا..

أنظر الي تسلسل الباطن الذي يصوره حميد من دواخل نفسيات اهل المنطقة ..واحاسيسهم الداخلية ويقينها بان الحدث طبيعي وسوف يزول بحسب التجربة..ومن ثم اذهب الى ابيات اخري يقلب الاحاسيس الى ظنون وشك بالخطر المحدق بالمنطقة..ورغم ان قصيدة الضوء وجهجهة التساب ابطالاها ليس اقل قوة او رومانسية من ابطال تيتانيك ورغم ان الحدث لا يخلو من سمات تسونامي بكل تفاصيله من هيجان المياه من مصدرها سواء كان بحر- او نيل- او بركه يراودها الغليان من حين الى اخر..وزاد عليه بان السماء مارست حقها في العويل وسكبت دموع بحرقة امراة فقدت عزيز تلك الأيام..وتشريد لأهل المنطقة من ديارهم وتدمير لها بالكامل وضياع للانفس والثمرات والدور..الا ان الاعلام كان مغيب او بعيد او يعيش في غيبوبة عن الحدث ولا يضع له اهميه..كما غاب المخرج او المنتج السوداني في اخراج هذا العمل الرائع..ذو السيناريو المشبع باللوحات التشكيلية الناطقة والتصاوير المؤلمه..فلماذا؟ كان هذا الاهمال....وكنت منذ زمن طويل اتسال لماذا لا تدرج المناهج التعليميه في طياتها الأدب الشعبي كمادة اجبارية..وخاصة الأدب الهادف..ولماذا ندرس ونتعرف على شعراء من دول اخرى بكتبنا التعليميه ونجهل شعراء بلادنا..وفي حين اننا ببلاد الغربة حين نجتمع مع بعض الاخوة من الدول العربية نجد نفسنا نعرف الكثير عن شعراء دولهم وادباءهم وكل هذا من مناهجنا وهم لا يعرفون عن شي..فلما تهتم وزارتنا بهم ولا تهتم وزاراتهم بنا ؟ولماذا لا نفرد حيازة للادب الجميل ونغض الطرف عن لونيته السياسية..ما دام انه يعبر بصدق فالنجعله في حضن الديمقراطية..لا أريد أن أفسد عليكم متعة قراءة نص حميد المتفرد..ولكني أحس ان النص أقوى من الاحتمال..

عاين البلد دي دمار دمار..فيها ايش فضل؟
لعبة قصب فِ ايدين طفل
الحيطة وكتينا التقع
تقع الف وجعه على الضلع
دخانه يمرق في السما..آهاتو تنزف في الأرض
بحر الصبر والاحتمال بيناتو ينقطع ترع

باختصار شديد وبحنكة مبرمج ذكي اخرج حميد الحاله من الاستقرار الى الأمل الى الدمار وخيبة الامل ..والاحساس الداخلي بفقدان الاشياء كما تتكسر ضلوعك وبوجعه..ومع ذلك فان بطل قصيدته الضوء وسع صدره بالصبر كما يبلغ عرض البحار..وعاش على الاحتمال مسافات اطول
الحله كلها في البحر
كسر البحر ولا انتحر قلب المياه
وانكب قبلك وحدك
ضاضاك ف بلدك شردك

ومن ثم اتاك اليقين الذي دمر الامل واوصل الجميع للقناعه بان البحر لم يكن كعادته بل انتحر..وبالغ في خصومتهم.. والسياق النصي الذي يستخدمه حميد سياق بسيط ويعرف كيف ان يصل الى مستوى الادارك
نفدت قوافل الأغنياء.. وجملك على الحصاص برك
مرتاح حمامن في البروج.. وإنت أب حماما طاش يلوج
لا سوى عش لا رك رك

لم اجد تعبير يناسب روعه هذا المقطع الا مرارة الفشل وانعكاس الماساة المفاجئه على بطل النص..الذي شاهد تشريد اماله وتشريد مواطنيه لدرجه انهم لم يجدوا ما يسع لمبيت الحمام(برج)
تنضم مع الفي اخر البلد..من غير تفوتا محلتك
تحيكلوا قصة تقصها
ان نفسوا فيها تحسها
ان ماها فيها تحسها
حتى الاحسايس نفسها
ما الحاله كلها من بعض

عمليه الغاء المسافات والنظرية الفيزيائة التي تتحدث عن انتشار الصوت بالفراع اسرع واقوى من كونه ياتي من خلف الجدر..والهدف هنا عمليه الاتصال كما اني اعتقد بان القرى كلها في السودان لا تكون بالحجم الكبير الذي يمنع ايصال الصوت من اول الحي الى اخر الاحياء الاخرى وخاصة اذا دمرت المباني..ولكن قوة الادراك والمنطق تكمن في معرفة احاسيس من تخاطبه وخاصة ان الجدر هنا شحم ولحم وعظام.ولكنه يسهل علينا الفهم ويوصف الناس هنا بتشابه احسايسهم
الا المساخيت الدقون..ختوها بين أهلك قرض
بالدين وبالطين بالنسب..بالميكرفونات بالخطب
بالبنطلونات بالرتب
فرق تسد

ورغم انه بالمقطع السابق قال ان الحاله كلها من بعض ونفس الاحاسيس نفسها..نسخ حديثة بابيات اخريات موضحا بها حال شياطين الانس الذين يفرقون بين اهل المنطقة الواحده..بعده وسائل اعلامية او ايدولوجيات..ورغم ان النص قديم وكتب في عهد كانت السيطره فيه للنميرى ولكني لا ادرى ما يقصد بالمساخيت الدقون..فهل كان يقصد فترة تطبيق الشريعه الاسلامية وتضامن الترابي وحزبه مع النميري..والله اعلم..لكنه يريد ان يقول لنا سياسة فرق تسد هي التي ولدت اختلاف الاحساس بين اهل المنطقة الواحده
ارخيلي اضانك يا بلد
مرة اسمعيني من البعيد وانطارشيني وللابد
في حبلي ماتت شتلتي..مات بيتي ماتت حلتي
لكني يوم مات اتولد جواي الف انسان جديد
وانا ذاتي من ذاتي اتولد

ورغم المعاناه التي يصورها حميد على لسان بطل نصه الا اننا نجده متمسك بالحياه متمسك بالامل..مخاطبا دولته او قريته..ومذكرا لها بالغالي الذي فقده وتراجيديا الصراع وسيناريوهات المعاناه الا انه يشعرها بانه لم يمت ولم يثبط عزيمته بل ولد من جديد انسان قادر على التحمل والتعايش ورده الفعل....ورغم ان بطل تيتانيك قد مات لكن بطل هذا النص لم يمت وقاوم وادى واجبه على اكمله..
يا ارزقي.. يا نسل حمالة الحطب
يا مستفيد من بذة اطفال السواد المانزل فوقن ملك
بالسكر..العيش..السماد
المويه اولى من العباد
في يات كتاب دين يات حديث..يا فاجر الله بسالك

ويواصل النص الهجوم الشرس على كل من كان مستفيد من الكارثة وكل من تاجر حتى في بذة الاطفال الصغار الذين لم تنزل الملائكة على كتفيهم لتكتب حسنات ولا سئيات..ويحملهم مسؤلية غرق قريته..بنظرة سريعة للمقطع تحس ان الشاعر مهووس بالتفاصيل او يمارس الجنون بطريقة جذابة ويفكر او يدس انفه في مرتكزات لا تخطر على البال(الما نزل فوقهم ملك)
شكرا جزيلا يا بحر..رغم الكساد
بحت لنا العفن المكرن في الزمن من عهد عاد
والضوء وليدا ما قرا
خرجتوا منك باقتصاد.. قانون فلك

ومرة اخرى في تفاصيل ادق يوضح بان البحر رغم انه كان مدمر وكان سبب في التشريد والضياع الا انه نسب اليه صفة التعليم واعتبره افضل من كليات اقتصاد وقانون كثيرة لم تفيد البلد بدراسات جدوي لتحمي مواطنيها او خريجيها ولم تكسب لهم قضاياهم في شرعية دوليه، لكن البحر علم الضوء بان يكون خبير اقتصادي..قانوني..وفلكي يفكر بالتعامل مع النجوم ليدرا الكوارث المتوقعه.
والضوء ينط من دندهوبو..يجيبو صاد صوت المطر
في ايدو كوز..سبحه وككر
حله ملاح..كراس غُنا..اعلان قضية..علم طلب
برواز قديم..حاضن عروس وعريس وسيم بين كم نفر
السبحه والكوز..مو اللتا
تشبه أمير المؤمنين..باكر يقولوا سرقتها
فننن..يفنها في البحر

في السودان كثير اذا رايت امراة جميله ولجوارها زوجها بشكل غير جميل او غير متناسب معها كثيرا ما تراودك الظنون بانه ليس الا سائقها او حارسها او ..او..وقد تكون انت في وقت من الاوقات كنت الافضل ولكن دوام الحال محال..هنا ينطبق الحديث على حالة الضوء قبل الفيضان وزوجته الجميلة التي تشبه في زينتها امير المؤمنين..ووسامة الضوء انذاك..لكن الفضيان قلب الموازين..وهيج الذكري الي الضوء وهو يجمع ما تناثر او تبعثر من اغراضه ..هيجها برواز قديم..يحضن بداخله صوره تذكاريه ليوم زواجه تبدو في الصوره زوجته.... وهو بوسامته قبل الفيضان وكم شخص من اقاربهم تصورا معهم لزوم المناسبة..وراي مجوهرات العروس التي غالبا ما تستلفها للزينة في ذاك الزمان..لكنها الآن اصبحت لا تتناسب مع شكله هو ..وخشى ان يقول الناس بانها لم تكن زوجتك فقط سرقتها من اجل التصوير..فاتي رد فعله حاسم وفوري بان قذفها بالبحر مباشرة(فنن يفنها في البحر)

بكاهو كضب حاستو.. وصدق امير المؤمنين
بكاهو ما رمى للكريق، زاغ في أوائل النازحين
مع انو ادنى الناس شتول، واخف سكنه واقل طين
وانضر اكتر منهم..لكنه ما ندمان يمين
بيتو اليروح
عفشو اليروح
غنمو التروح
ما طال عايش..وفيهو روح..وامونة نفدت بالعوين
في اللجة يفضل كالسفين..أكرم لو من جرح النزوح

امير المؤمنين ياتي هنا في عدة صياغات مرة في الجمال ومره في الفخر وهنا اتي كانه وزارة اعلام اخطرت مواطنيها بان منسوب النيل لهذا العام دون المستوى ولن يسبب اضرار..لهذا انخضع الضوء وتناسي ما علمه له البحر من علم فلك لهذا لم يحسب حسابه..ولهذا بكى..مع انه لم يكن يملك اراضي كثيرة ولا اشجار نخيل كثيرة..لكنه احس ان الضرر وقع عليه كاكثر واحد..ورغم هذه الاضرار فانه يصر على عدم ترك ارضه ما دام انه عايش.فهذا الاصرار يولد حب الانسان للارض وعشقة للبذرة كما قال شاعرنا حسين محي الدين
حلم البذرة الحب الأزلي
تنبت تدي الفقرا بيوت
بيوت في الزمن الواقف عندك
ديمة موشح بيك سكوت
سكوت من شدة طعم الفرحة
بيوت الفرحة سكون وخفوت
خفوت الصوت لو يطلع منك
كل معاني الوحشة تفوت
وأنا راجيك في نفس الشرفة
شايل وعدك وأبني بيوت
بيوت العشق الفيها ملامحك
أحلى بيوت


بين الضبابين والنمل
نام نومه الديك في الحبل
صحاهو آذان العصر..يا الضوء مفوت كم وكت؟
نقنق براهو تحت تحت
رقرق دموعو بقت تحت
صلاي من القرآن غُنا
صل يا حمام قدامي.. انا..غرقان لي ف أنجاس لي هنا
ما شال جداولنا البحر
شال مستراحاتنا وهبر
طفح زفارات كم سنه
مرحاتنا والكوش القدام ماصن وكن ماص الهنا
بـ ايه اغتسل ؟
واتوضأ بـ ايه
غير الصبر..يا .. ربنا

اوردت هذا النص كاملا كما هو..لا لاقوم بنقده او شرحه... فقط لاتسال واوجه سؤالي الى اهل الدين..اذا كانت الصلاه فرض فلا يجوز ان نفرط فيها..مهما كانت الظروف واجازوا لنا ان نصلي بالسيارة او بالطائرة او بالدابه وهي تمشي..وشرط الصلاة الاساسي الطهاره..وهنا كان الماء ملوث.. ولا يوجد تراب ليتم التيمم..فهل يجوز في هذه الحالة تاخير الصلاة.. واذا مات العبد على هذه الحاله هل تكون سؤء خاتمه ...نواصل



التعديل الأخير تم بواسطة Eng.Hawari ; 18-10-2005 الساعة 12:56 AM.
Eng.Hawari غير متصل   رد مع اقتباس