عرض مشاركة واحدة
قديم 17-08-2010, 04:12 PM   #[24]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

الأحباب
مبر ونبراس
سلام وشكر كثيف لإثراءكم البوست ..
يقول عمر الحسين جامع ديوان حاج الماحي : (*)
في قصيدة "عيب شبابي الما سرح"
اقتباس:
يلوم نفسه علي عدم سفره للحج في وقت الشباب . وفي هذه المدحة استخدم نغمة مداح الصعيد والتي كثيرا ما تجدها عند حاج العاقب. ولقد يربط الناس بين هذه المدحة وقصة ذلك الرجل الصالح التي أشرنا إليها في المقدمة "النبي الخضر" . ولكن حاج الماحي يعني باللبن هنا الرمز الصوفي ولقد جاء في كتاب الفتوحات الملكية لمحي الدين ابن عربي ص 66 ( وصور ما يراه النائم في نومه من العلم في صورة اللبن فيشربه حتى يري الري يخرج من أظافره .) .

ويبدو يا مبر أن شرح الكلمات وحده لا يكفي كي تصل للمعاني والمقاصد وراء كلمات القصائد فهنالك معاني "مدفونة" وعميقة معرفتها تتطلب معرفة تلك الرموز الصوفية..
وليتك تفيض هنا يا صاحب ...
هنا مقالات تتحدث عن الرمز عند الصوفية :


اقتباس:
الاهتمام باللغة الصوفية والتعريف بمصطلحاتها (*)


قاسم محمد عباس


يشهد عالم اليوم ثورة علمية شاملة أحدثت تغييرات جذرية في كافة نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بل إن التطور والتغير أصبح سمة من سمات عالمنا المعاصر في نهايات القرن العشرين، وكان لابد لكل هذه المتغيرات من أن تؤثر في حياة الفرد الإيمانية وأن تسحبه بقصد أو بدون قصد إلى زاوية النظر بالمنظار المادي المجرد من كل عاطفة أو روح، الأمر الذي أدى إلى التغافل عن الجانب الروحي في الحياة والذي جعله الله تعالى جنباً إلى جنب المادة من الأعمدة الأساسية لحياة الإنسان وبالتالي فإن قوام الحياة الدينية أو الدنيوية من حيث الفكر والتعامل ينبغي أن يكون متوازناً في الجانبين المادي والروحي معاً للوصول إلى أوج الكمال الذي خلقت الإنسانية لتتحقق به.

ولقد كان عبر العصور ومازال هناك رجال اختصتهم العناية الإلهية لإبراز الجانب الروحي في الدين والحياة بنسبة تعادل كفة التطور المادي في كل عصر من عصور الأمة الإسلامية خصوصاً والإنسانية عموماً، وهم رجال التصوف الإسلامي، فكانت أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم مشاعل من نور تضيء في الإنسانية مكامن المشاعر الحقة والأحاسيس الصادقة لتعينها على الخروج من كمونها في القوة إلى الفعل في الحياة.
ولما كان التأريخ كعادته يصوغ الماضي بهيئة المصطلحات والألفاظ والعبارات.. الخ جاءت أهمية حصر ما يمكن حصره من تلك الآثار الاصطلاحية الخالدة ومحاولة الإحاطة بها وتبيان مضمونها ومعرفة الآثار المترتبة عليها بوصفها خطوة موسوعية أولى في هذا المجال.
تهدف الموسوعة - من خلال جمع أقباس من مشاعل أهل التصوف والعرفان، متمثلة بما انفرد به الصوفية من المصطلحات المنـيفة، والإشارات اللطيفة، والعبارات الفصيحة، والألفاظ المشكلة الصحيحة.
1. شعورنا بالمسؤولية تجاه ديننا الإسلامي العظيم والمسلمين في زمن صار العالم فيه وكأنه يحيا في مجاعة روحية لا حد لها، وصار الناس في حاجة ماسة إلى إلقاء الضوء على تاريخ التصوف الإسلامي منذ النشأة إلى عصرنا الراهن.
2. للسير مع ركب التقدم الحضاري المعاصر ولسد حاجة المكتبة الإسلامية لهذا النوع من الأعمال الصوفية المعجمية الذي تفتقر إليه، في الوقت الذي زخرت فيه بمختلف أنواع الموسوعات والمعاجم في شتى صنوف العلوم والمعارف الدينية والدنيوية الأخرى.
3. إلقاء الضوء على المصطلحات الصوفية، أصولها، مبادئها، مراحلها، معاييرها، ضمن إطار التخطيط المعجمي المعاصر.
4.كشف الغطاء عن شيء من معاني علوم الصوفية وأعمدة أصولهم وأساس مذهبهم، ورفع النقاب عن مقاماتهم ومراتبهم وأحوالهم ومواجيدهم وما اختصوا به من مقامات التقرب إلى الله تعالى.
5. الكشف عن حقيقة الترابط بين ماضي المصطلحات الصوفية وحاضرها، وملتقى الغاية الواحدة منها، مع تعداد طرقها، وتنوع مشاربها، معتمدين بذلك على الروافد التي تمدها، والأصول التي تتفرع منها، من مصادرها الأصلية.
6. تيسير تناول المصطلحات الصوفية وفهم ما استغلق على الكثيرين منها.
7. توفير مادة صوفية كاملة لكل باحث أو دارس أو طالب علم في هذا المجال بحيث تغنيه عن الرجوع إلى الكتب والمكتبات، وعن البحث عن المعلومات هنا وهناك.
8. الترتيب بحسب التسلسل الزمني يهدف من ضمن ما يهدف إليه تسهيل تتبع المصطلحات في الدراسات التحليلية المقارنة.
خصائص المصطلحات الصوفية
للمصطلحات الصوفية خصائص فنية تفردت بها وتميزت عن جميع المصطلحات الدينية أو العلمية الأخرى، وفيما يلي نذكر خاصيتين منها:
خاصية المعرفة القلبية:
من خصائص المصطلحات الصوفية أنها تختلف عن غيرها من اصطلاحات العلوم والمعارف الأخرى في كونها ليست ناتجة عن العقل أو الفكر والنظر، بل هي ثمرة من ثمار التجربة الروحية الباطنة بين العبد وربه، بمعنى أنها ذوق من الأذواق أو المواجيد الصوفية أو هي نتيجة لكشوفات أو تجليات إلهية على قلوب العارفين.
ويمكن القول أن الاختلاف الرئيس بين مصطلحات وألفاظ الصوفية وبين مصطلحات وألفاظ أصحاب العلوم الأخرى هو في أداة المعرفة أو وسيلة الإدراك وليس في وسيلة التعبير، فقد يحتاج الصوفي إلى العقل وأساليبه ليعبر عما يجد في ذاته أو عما كوشف به ولكنه قطعاً لم يدرك ذلك الوجد أو الكشف بالعقل وهذا يختلف عن جميع العلوم والمعارف الإنسانية قاطبة والتي تعتمد العقل والفكر والنظر كوسيلة للإدراك والمعرفة.
إن وصول الصوفي إلى فهم الأمور عن طريق الذوق والكشف لا يتأتى إلا لمن يداوم على مخالفة الأهواء وتجنب الآثام والابتعاد عن الشهوات وإخلاص العبادات والسير في طريق الله بالرياضات والمجاهدات والطاعات الشرعية حتى تتكشف له حقائق الأشياء وتتجلى له معانيها فلا ينازعه في فهمها إلا من وصل إلى درجته فذاق ما ذاق أو تجاوزها من أقرانه في الطريق إلى الله.
ولهذا فالبون شاسع بين اصطلاحات العلوم القائمة على أسس عقلية تفترض أوليات بديهية وتسلسلاً منطقياً يتم على أساسه تحديد الشيء المراد تعريفه ثم اختيار المصطلح المناسب لذلك التعريف وبين اصطلاحات العلوم الصوفية القائمة على أساس ما يفيضه الحق تعالى على قلب الصوفي من مذاقات ومعان وفتوحات نتيجة لاصطفائه أو مجاهداته الشرعية. فكان من النتائج الحتمية المترتبة على التباين بين الصوفية وغيرهم من حيث وسيلة الإدراك والمعرفة هو أن نجد أن المعنى الاصطلاحي في العلوم القائمة على أساس العقل تتحدد فتصبح وكأنها قاعدة ثابتة بين أفراد المجموعة التي تعارفت على تلك المصطلحات بينما نجد أن المعنى الاصطلاحي متغير ومتجدد عند الصوفية بين جيل وآخر بل وبين صوفية الجيل الواحد وفي أحيان كثيرة نجد أن التغير يحصل عند الصوفي نفسه لأسباب يلي ذكرها. إذاً فمن خصائص المصطلح الصوفي أنه قائم على أساس الكشف لا العقل.
خاصية الرمزية في المصطلحات الصوفية:
تعد الرمزية عند الصوفية، أي اتخاذ الرمز كوسيلة للتعبير، أحدى أهم الخصائص الفنية للغة الصوفية، والذي يطلع على مصادر التصوف الإسلامي يجد ثروة نظرية كبيرة تناولت هذه الخاصية من المصطلحات الصوفية، ويمكن تلخيص أهم أسباب ظهور هذه الخاصية بشكل ملفت للنظر في لغة الصوفية بالنقاط التالية:
* الطبيعة الفردية والباطنية (الجوانية) للتجربة الصوفية والتي تجعلها عصية على التعريف والإيصال، إذ أن هذه التجربة الباطنة غير العقلية تدفع الصوفي إلى استخدام الرمزية في التعبير ويغلب عليها اعتماد لغة الحب الإلهي التي تثير الخيال والوجدان، ويعود استخدام الصوفي للغة الحب إلى أنها أقوى الأساليب اللغوية عن الصلة الفردية والشخصية العميقة، إضافة إلى إمكانيتها على إثارة الوجدان والخيال، ولا يجوز للغير تأويل عبارات الحب الصوفي على أساس المدلول المادي الظاهر للألفاظ.
* يعود الدافع الآخر إلى قصور اللغة الوضعية نفسها إذ أنها لغة وضعية اصطلاحية تختص بالتعبير عن الأشياء المحسوسة والمعاني المعقولة في حين أن المعاني الصوفية لا تدخل ضمن نطاق المحسوس ولا المعقول، يقول ابن خلدون: إن محاولة التعبير عن معاني الكشف الصوفي "متعذرة، لا، بل مفقودة، لأن ألفاظ التخاطب في كل لغة من اللغات إنما وضعت لمعان متعارفة من محسوس، ومتخيل، أو معقول تعرفه الكافة، إذ اللغات تواضع واصطلاح". وقريب من ذلك ما قرر الإمام الغزالي إذ قصد تبيان عدم استيعاب اللغة الوضعية للمعاني في التجربة الصوفية فقال: "لا يحاول معبر أن يعبر عنها إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح، لا يمكنه الاحتراز عنه".
* ومن أهم الدوافع وراء ظهور الرمزية بشكل كبير في لغة الصوفية هو محاولة الصوفية تجنب اتهامات الخصوم التي تضعهم في تعارض مع العقائد الشرعية ولهذا اصطلحوا على رموز وألفاظ لا يفقه معناها غيرهم "قصدوا بها الكشف عن معانيها لأنفسهم، وللإجمال والستر على من باينهم في طريقهم"، يقول الإمام القشيري:
"نِعمَ ما فعل القوم من الرموز، فإنهم فعلوا ذلك غيرة على طريق أهل الله عز وجل أن يظهر لغيرهم فيفهموها على خلاف الصواب فيفتنوا أنفسهم ويفتنوا غيرهم".
وتعريف الشيخ السراج الطوسي للرمز يعطي القصد ذاته فيقول: " والرمز معنى باطن مخزون تحته كلام ظاهر لا يظفر به إلا أهله ".
ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني: "إن الفقيه إذا لم يوفق يقال: أخطأ، أما الصوفي فإنه عندما لا يوفق يقال إنه كفر، لذلك كان لزاماً على الصوفية استخدام الإشارات حتى لا يشتد إنكار العامة لهم".
ومن خصائص الرمزية الصوفية أيضاً أنها قابلة للتأويل بأكثر من وجه، ولهذا يصادفك أكثر من تأويل واحد للرمز الصوفي، وهذه التأويلات بقدر ما تعطي من معنى للرمز فهي في الوقت نفسه تخفي من معناه شيئاً آخر، وهكذا يكون الرمز خفاءً وظهوراً معاً في آن واحد. فهو نقيض الرمز المنطقي الرياضي الذي أريد أن يضبط الدلالة ويقصي بعيداً أي إمكانية أو مرونة للتأويل أو للتفسير الذي قد تحتمله العبارات اللغوية الاعتيادية.
خاصية التعريف الجامع المانع للمصطلح الصوفي:
شغف عدد من الباحثين بمحاولة وضع تعريفات جامعة مانعة لبعض المصطلحات الصوفية، خاصة مصطلح التصوف ومصطلح التجربة الصوفية، وقسم كبير منهم حاول أن يجمع أكبر عدد ممكن من التعريفات التي قال بها المتصوفة أنفسهم ليخرج بتعريف مفرد ومتكامل، ولكن دون جدوى.
والسؤال الذي يطرح هنا: أيمكن وضع تعريفات جامعة مانعة للمصطلحات الصوفية أم لا ؟
والجواب على هذا السؤال يتطلب تكرار الإشارة إلى بعض خصائص المصطلحات الصوفية التي لها علاقة بالموضوع وكما يلي:
• إن التجربة الصوفية ذات طابع فردي، فهي تجربة باطنية (جوانية) وهي بهذا الاعتبار لا تخضع للتعريف المنطقي الذي يراد له أن يكون جامعاً مانعاً، بل تبدو التجارب الصوفية وكأنها جزر منعزلة ليس بينها رابط بسبب أنها تجربة فردية، لهذا فإن الذي يطرح تعريفاً لمصطلح صوفي ينطلق من تجربته الروحية الخاصة به مما لا يجعل تعريفه متطابقاً أو مماثلاً لتعريف غيره.
• إن الصوفي يمر خلال تجربته الصوفية بسلم (الطريق الصوفي) تطهري ونامي ومتصاعد، تختلف بداياته عن أواسطه وعن نهاياته، ولذلك قد يتطابق أكثر من تعريف لمتصوفة عاشوا اختلافاً في الزمان والمكان والثقافة، ولكنهم تطابقوا في المقام والحال والمواجيد.
• إن هذه التجربة باعتبارها معاناة عميقة ومعقدة، تبتعد بطبيعتها هذه عن الإحاطة ومن ثم التعريف إجمالاً أو تفصيلاً.
مما تقدم قد يبدو أن الإجابة على إمكانية وضع تعريفات جامعة مانعة هو النفي، أي عدم الإمكان، ولكننا نرى أنه بالإمكان وضع تعريفات محددة لبعض المصطلحات وليس لها كلها، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذه التعريفات قد تصح لزمان دون غيره أو لمكان دون غيره، وهي من الخصائص الفريدة في عالم الاصطلاح.


*******
اقتباس:
مصادر :
* ديوان حاج الماحي صفحة 16-17
* دفاتر :
http://defater.com/a71.htm




التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل