عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2014, 09:52 AM   #[2]
أبو أماني
:: كــاتب نشــط::
 
Thumbs up لله درّك ..خالــــدا ..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد الصائغ مشاهدة المشاركة
أحْمَقانِ .... مُعِيرَ كتابٍ و مُرِدَّه.

ثُمَّ ....

يا مُستعيرَ الكتبِ دعني *** فإنَّ إعارتي للكتبِ عارْ
محبوبي في الدنيا كتابٌ *** فهل رأيت محبوباً يُعارْ

هذان النَظْمان البديعان, ما لَمْ تُمارس ذاكرتي خِيانتها المتواترة, هُما, للمرحوم الشاعر عمر الحاج موسي, و المرحوم الشاعر الأستاذ محمد الأمين دياب, علي التوالي.

هذان الِسياقان المُعبِّران من النَظْم ِالرصين, كانا يُزينان, و يُزيّنان, بخطٍّ فارهٍ و مُبين, صَدْرَ مكتبة الوالد عليه رحمة الله و غفرانه, حتي إذا لَمِح لمعاناً في بريق إنسان عَيْن أحَدِهم, أو لَمِسَ مِنْهُ أعراضَ إحْتدام الدفء تحت حِجابِه الحاجز, تَوْطِئةً لطلبِ ِإستعارة كتاب ٍ راوَدَته نَفْسُه عن مَتْنه أو عَتَبَةُ عنوانه, باغَتَه الوالدُ إبتداءاً و أشارَ إلي البيتين من الشِعْر, فيُبْهَتُ الذي سألَ, ثم لا يَلْبَثُ الوالدُ و بعدَ أنْ يُوقِنُ تماماً بأنَّ حَمولةَ السِياقَيْنِ قَدْ سَرَي مفعولها في دم ِ السؤال, و كَسَرَتْ حِدَّةَ عُنْفوانِ شَهْوتِه, يُبادرُ السائلَ بقوله و إبتسامتُه الأثيرةُ تُزينُ, و تزيِّنُ وجهه:
أكيد ما بيرضيك إنو عمك يكون أول الأحْمَقَيْن, لكن إتفضل شيل الكتاب و ما تطول بيهو.

عن نفسي, كنتُ, في هذا الصَدَدِ, و ما زلْتُ, أُحاذِرُ دائماً أنْ أشتَملَ علي ذيْنك الأحْمَقَيْن, واحِدهُما أو كِلاهُما, بأيّ حال ٍ من الأحوال, فلا أبْتدرُ سِياقَ الحُمْق ِ, و لَسْتُ بمُتِّم ٍ له, و لا أُؤثِر علي نفسي في كتاب ٍ, و إنْ لمْ تَكُن بي خصاصةٌ, فالإيثارُ علي النَفْس ِ ضَرْبٌ من كريم ِ الإخلاق ِ و نُبْل ِ الطويِّة, بَيْدَ أنه ليْسَ بمَنْدوب ٍ بصَدَدِ كتاب.
كُنْتُ, و ما زلْتُ, دأباً أتأبطُ أنَويِّتي, أشْحَذُها و أُمارسُها, رِفْقَةَ كلّ كتاب, من كِلا الجهتين, من جِهَةِ الأثَرَة بكلِّ كتابٍ, و البُخلَ به علي رفاق ِ المُطالَعَة, و من جِهَةِ المَطْلِ و المماحكةِ في رَدِّه إلي صاحِبه حال طَلَبِه, بَلْ و مُدافَعَتُه في ذلك بالحق ِ و بالباطل, حَبْذا لو كانَ الكتابُ إستثنائياً أو مُفارِقاً في ذُبْدَتهِ و نَسَق ِ فِكْرَتهِ, فلَسْتُ من المُؤمِنين المُصدِّقين بفِكْرَةِ الإنتهاءِ من قراءة أيّ كتاب.
القراءةُ دوماً فِعْلٌ مُتَجَدِد, و الكتابُ كما أعْرِفُه و أتَمَثَّلهُ, كائنٌ حيٌّ, لا يَموتْ, و يَظَلُّ أبداً, يَغْتذي بطَعام ِ قِرائَتِنا, و يمشي في أسواق ِ سَيْرورة وَعْيِنا.
والله إنك لصائغ..يصوغ التبر ويصهره بيراع كأزميل فدياس.. يصنع العجائب! ورحم الله والدك الذي أهدانا هذه الدرة .. ضحكت في سري وأنا أتوه بين بدائع كلمك الظريف ونفحات والدكم (الخرافي)!.. وتمثلت نفسي الحماران .. بل حقا أحمل هويتهما الإثنان !!.


سطورك الرائعة أرجعتني عشرات السنين للوراء..عندما كنت لو تصدقني القول! شابا يافعا يتفتق حيوية وشباب،محبا حد الشغف للعلم والثقافة والإطّلاع وكنت أقلد والدي فقد كنت لصيقا به بصورة أثارت الغيرة بين أشقائي! وكان له العذر فقد كنت أشبهه تماما في عدة أشياء بما فيها الشكل ولو إنني ربما ظلمته كثيرا.. فقد كان وسيما جذابا لدرجة إشتعال نيران الغيرة لدي والدتي رحمها ورحمه الله، كانت للوالد مكتبة مهولة بها ما لذ وطاب من روائع الأدب والعلم والثقافة .. وكنت الزبون الوحيد الدائم لها بين أخواني ..مما ذاد مساحة التقارب بيننا .. وفي ذات يوم لقنني درسا قاسيا لن أنساه .. فقد سمحت لنفسي بدون الرجوع إليه أن أسلف أحد أصدقائي كتابا من كتبه .. وعندما إفتقده .. أخبرته بفعلتي .. فثار في وجهي وطلب إرجاعه بأقصر وقت ممكن وعدم تكرار هذا الخطاء (الفادح)! وقال لي كلاما كان له عظيم الأثر في حياتي ..قال لي بالحرف: أسع عمرك 24 سنة ما تبقى راجل وتعمل ليك مكتبة براك!.

مرت الأيام وفي فترة وجيزة .. أنشأت مكتبتي الخاصة .. وقد كان الفضل لله ثم والدي رحمه الله حوت مكتبتي تلك مجموعة من قمم الأدب العالمي إبتدأ بآرسين لوبين وشرلوكهولمز تأليف أجاثا كريستي وسمورست موم وفيكتورهيجو، دستوفيسكي ومكسيم جوركي وليو تليستوي وكل فطاحلة ذاك الزمن الجميل من الكتاب إنتهأ بكتب ومراجع بشقيها العلمي والإسلامي .. وكان أروع ما فيها كتبا ..على مستوى..السيف والنار بالسودان تأليف سلاطين باشا و السر الثالث .. و .. (شرف الله!) .. توماس بيكيت .. وجواهر الأدب .. وغيره ..وآآآآآه يا الجبيب أرجعتني لزمن كانت الخبزة فيه منتفخة الأوداج ترحمن القلب بلا بروميد ال .. بوتاسيوم .. وكانت الطماطمة بطعم الفاكهة .. ولم نسمع حينها بشئ إسمه السرطان .. لك الود والتقدير ..



التوقيع:
اللهم أرحمه وأغفر له ..
يشرفني أن رجلا مثله في ذمة الله قال عني يوما :-

... ولا يفوتني أن أعلن فرحتي بقلم تريان يا أبا أماني...
أنت إضافة لسودانيات مبهجة ولا شك .
رحمة الله عليك وإنا لفقدك لمحزونون
أبو أماني غير متصل   رد مع اقتباس