عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-2011, 07:13 PM   #[9]
الزوول
عضو
الصورة الرمزية الزوول
 
افتراضي

ثم إن الشيخ إدريس كاتب الشيخ الأجهوري مع تلميذه حمد ولد أبو عقرب حين سافر مع الفقيه حمد ولد أبو حليمة والفقيه علي ولد أبو نافلة في سفرهما للحج، فلما دخل مصر قالوا له الشيخ ما بتلقاه من التدريس والسناجك والبواشي والخوجات إلا يوم الجمعة عند دخوله الجامع، ورصده يوم الجمعة عند الجامع وناوله المكتوب فقرأه فلما وصل إلى قوله :” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التنباك حرام” قال :”يا بري شيخك صحابي؟” ورمى له المكتوب، فقال سرا:” إن كان شيخي فيه بركة الله يظهر الحق فيك سريعا عاجلا، وفي الجمعة الثانية بعد الصلاة قام الشيخ إبراهيم اللقاني وقال: “: أيها الناس، من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فيلزم مكانه”، وقال :” يا شيخ علي الدخان جابته النصارى من بلاد الفرنج وافتتنت به المسلمين، وأنت أفتيتهم بالإباحة، وهو حرام لأنه بدعة ولأنه سرف، ولأنه محروق. فقال الشيخ علي الأجهوري للقاني/” أنت قلت بدعة، فما قولك في الملبوس الذي لم يلبسه الرسول؟ وإن قلت سرفا فما قولك في الرجل إذا كانت نفقة عياله خمسة دراهم يجوز أن ينفقهم بعشرة دراهم، فإن أنت قلت محروق فما بالك في اللبن فإنه محروق يجوز شربه؟” فقال له اللقاني “ فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول، الله أباح لرسوله المباهلة في قوله :” فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ” “ ثم قال اللقاني: “ اللهم من أصبح منا أعمى فهو على الباطل”. فعمي الشيخ علي الأجهوري. والسبب في ذلك جاءه رجل مغربي وقال له :” طلقت زوجتي ثلاثا، وأولياؤها قالوا إن أفتاك الشيخ علي الأجهوري بنردها لك، بدورك تفتيني”، فقال له:” قال الله تعالى :” حتى تنكح زوجا غيره”، فقال :” إذا نكحها غيري أموت كمدا، بعطيك ألف دينار إن أفتيتني بالجل” فقال له: “ أنت سفيه”، ثم لما شرع الشيخ في التدريس والطلبة قد حفوا عليه لا يكن بأيديهم شيئا سوى الكراريس، وذلك المغربي هو الشيخ مرسي القليوبي فضرب الشيخ بسكين فأصبح أعمى، ثم جاء رجل فألقى عليه خشبة، فقتل من حينه. ثم جاءت المغاربة إلى هذا الرجل فقالوا هو محمد القدسي، فإنه معتزلي، ثم الشيخ علي رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال :” بم يموت المرء؟” فقال:” على ما عاش عليه”. “وبم يبعث؟” فقال:” على ما مات عليه” فقال له:” ترضى أن تلاقي ربك بمزمار من نار؟”، ثم إن الشيخ علي قال :” نادوا البري تلميذ الشيخ إدريس” فأتوه به، فقال له: “قول شيخك حق وكلامه صدق، رجعنا له، سلم عليه كثير السلام”، وأهدى له الراية المشهورة، وعمامة وشدة، وجوخة، وتاريخ الراية سنة 981 .

ثم إن الشيخ صغيرون ـ رضي الله عنه ـ بعدما قدم من الأبواب وجد الناس على فرقتين: قادح ومادح في أمر الشيخ إدريس، فقال لتلامذته:” سافراكم إلى هذا الرجل ننظر أمره، فإن وجدناه على حق سلكنا عليه طريق القوم، وإن وجدناه على باطل نرده منه، فسافروا إليه ومعه من الطلبة عشرون من شايل الشراح، منهم محمد بن التنقار، وحمودة أخوه، ومحمد عنده سبعة عشر مسألة مشكلة يريد حلها، فلما قدموا على الشيخ إدريس وسلموا عليه أمر لهم بالنزول في دار الضيافة، وأكرمهم غاية الإكرام، فلما كان الليل أرسل لهم وأوقد النار وقال :” أين صاحب السبعة عشر مسألة فاليأتي بها”، فأتى بها، فأجابه فيها مسألة مسألة: الفقهية أجاب فيها على أصطلاحها ،والتوحيدية، والصوفية، وكل واحد أجابه فيما سأل، فمن ذلك أيقنوا أن علمه يغرفه من اللوح المحفوظ، ثم إنهم أذعنوا وانقادوا له وسلكوا عليه طريق القوم الصوفية، وواجبهم وكساهم، وأعطى الشيخ صغيرون كسوة الأجهوري التي أهداها إليه وقال:” هدية عالم لعالم”. قال أبو جروس شاعر الشيخ:
الشيخ من يوم زينوا له قرونه
متواضع للمثلو والدونه
كل واحد يفتاه في فنونه
ناس قيل وقال ما قدروا رازونه

الباب الثاني في كرمه وزهده وورعه وحلمه وصبره: قال الشيخ خوجلي:” أول من أوقد نار الشيخ عبد القادر الشيخ إدريس”، ويقال قداحته ستون قدحا، والكسرة مديدة يسوطها الفقرا ناس الطريقة ومعهم الخدم في البرام شادين في وسطهم المناطق، وصفتها: دقاقة، نجيضة، وخميرة، الماء عليها مثل الفلفل، تارة تكون بالملاح، وترارة بالماء، والهديا تأتيه من الزوار يأخذها العشام.

قال الشيخ صالح ولد بان النقا: حدثنا الفقيه صغيرون الشقلاوي حوار الشيخ إدريس قال : أن الشيخ محمد ود فايد حوار الشيخ يقدم في كل عام لزيارة الشيخ من البحر المر، وتحضر معه قبايل الشرق: عرب أكد، وعرب التاكه وغيرهم، يجوا دافرين مثل قبائل جهينة، منهم من شايل العسل، ومنهم من شايل القماش، ومنهم من معه الرقيق، وإبل، كل أحد على قدرته، يقعوا على ولد النفيداوي، ثم يجوا على المحل الذي فيه حلة ولد أبودليق، وفي وقت حضر معهم الشيخ بدوي وهو شاب صغير السن، لابس شملة رباعية، ووالدته كانت نادهة الشيخ إدريس ببقرة وعشر محلقات فضة، فقالت لود فايد أن البقرة ما حصلت، وصرت لودها الشيخ بدوي العشر محلقات، وقالت لود فايد:” ولدي ما ينقطع منك ف‘ن ناس الجلابة الحلة ما بتشيلهم” ، لأن المذكور بينزل بيهم خارج القرية، والعشام تأتي من جبل أم علي ومن أربجي ومن الشرق والغرب تنتظر وصول محمد ولد فايد إلى الشيخ، وهو يدخل طايفة طايفة بهداياهم ويقول :” يا أبت هؤلاء الفلانيين وهذه زيارتهم” من سمن ودقيق وقماش وإبل صهب، وفي العشية كذلك، والعشام تسوق كلما يدخل، ودخال الأموال على الشيخ ثلاثة، وهو يقسمها على الناس حتى تكمل كل هذه الأموال بأجناسها. قال الشيخ صالح ولد بان النقا:” ما وصل إلى الشيخ شيئا قط من أموال هذه الجلابة إلا العشرة محلقات المصرورات في شملة الشيخ بدوي ناولهم إياه، والشيخ ناولهم إلى امرأة جالسة على السرير، لا أدري هل هي زوجته أو أجنبية”. ومن كرمه أنه كلم يوما سالم الفزاري وقال :” حاضرين إلينا أخوانا لينا، شوف ليهم ضيافة”، والوقت غلاء، وأحضر العيش وأمر بطحينه، فسالم الفزاري قدر ما كاس ما وجد شيئا، إلا وجد حملا عند امرأة، وطلبها أن تبيعه إليه فأبت، فألح عليها ولم ترض، ثم قالت:” القوي يطلب من الضعيف! سوقوه ما ببيعه عليكم، فأخذه. فلما كان اليوم الثاني حضروا للشيخ ستة عشر تورا محملات دخن زيارة، فقال:” ياسالم أعطهن للمرأة سيدة الحمل”، ثم حضر حسان الحرك الشكري ومعه ثلاثة أنفار كل واحد منهم معه صرة محلقات، فقالوا للشيخ: “هذه زكاة إبلا لنا استعن بها على الضيفان”، قال الشيخ لسالم :” أعطهن المرأة صاحبة الحمل”، ثم جاء رجل من أربجي ومعه كيس مال مليان فأعطي للمرأة، إلا أن حمد بن الشيخ قال: “ الكيس عاجبني فرغيه وأعطيني إياه” فأخذه، ثم جاء رجل محسي وجاب معه حصان وقال للشيخ:” عندي فرس كانت عقرت، وشلت لك حصان من نسلها إن ولدت، والفرس ولدت، وهذا الحصان حقك”، قال:” أعطوه لصاحبة الجمل”، فقالت المرأة: “أنا الحصان شن بعمل به”، فردته إلى حمد ولد الشيخ والشيخ منع حمد منه، وقال :” عملا خرجناه مننا لله ورسوله، ردوه إليها”، فردوه. ومن كرمه أن رجلا هواري جاء من الريف واشترى منه رجلا أربجاوي بضاعة إلى أجل معلوم، وسافر إلى دار الغرب باع واشترى رقيقا كثيرا، ومات في الغلا، والرجل الهواري سافر إلى الريف فمات هناك، وحضر ولده لخلاص حق والده، فالرجل الأربجاوي أحضر عشرة رؤوس رقيق، ووقع على الشيخ إدريس على أن ابن الرجل الهواري يقبلهم منه ويمهله بالباقي، فقال ولد الهواري:” أنا عدد المال ما بعرفه، ومعي أولاد صغار، جيب مكتوب المال هل أعرف عدده”، فجئ بالمكتوب، فلما نظره عرف عدد الأموال فقال:” حق الأيتام بعطيهم إياه من مالي من أجل أبوي الشيخ إدريس، والعشر رؤوس الحاضرة قبلتهم من حقي وأوقفتهم على أبوي الشيخ إدريس يخدموا الضيفان”، فالشيخ قبلهم منه وحمده وشكره على فعله، وقال للأربجاوي سوق رقيقك، وقال الشيخ:”ما وجدت أكرم من ابن الهواري والهزالي”. ومن ورع الشيخ أن الملك بادي أبو رباط ملك سنار جمع كبار الفونج مثل شوال ولد أنفله ونقي شيخ حوش داره، وقال لهم :” الشيخ إدريس شيخي وأبوي، داري من العسل إلى البصل بقسمها له النصف”، فامتنع الشيخ وقال لهم:” هذه الدار دار النوبة، وأنتم غصبتموها منهم، أنا ما بقبلها، الرسول قال :”من سرق شبرا من الأرض طوقه الله يوم القيامة به من سبع أرضين””، وقال لهم :” أعطوني الحجز في كل شئ”، والملك أعطاه الحجز في كل شئ كما طلبه، ثم إن الشيخ دخل سنار واحد وسبعين مرة في مصالح المسلمين.

الباب الثالث: فيما تكلم به من المغيبات
قال الشعراني في طبقات الأولياء:” كشف الأولياء على قسمين: منهم من ينظر في اللوح المحفوظ فإنه لا يتغير ولا يتبدل كسيدي علي الخواص ونحوه، ومنهم من ينظر في ألواح المحو والأثبات وعدتها ثلاثمائة وستون لوحا فإنها تتغير وتتبدل، وإذا أخبر الولي بكلام ولم يقع فلا ننكر عليه بأن يقال كذب، بل يحمل على أنه نظر في ألواح المحو والإثبات”. ومن إخبار الشيخ إدريس بالمغيبات خبر مطايب زوجة ولده حمد قالت له :” يا يابه هذا اليوم أصبحت مرضانة من وجع الوتاب”، قال لها:” ما هو وتاب، دخل ولدي بركات المطرفي”، ومنها أنه دخل توتي وأخبر بظهور الحاج خوجلي وقال :”يظهر من هذه الجزيرة ولد له شأن عظيم، وقال لرجل من المحس اسمه حمد الفقي:” بنيتك طيبة؟” قال :”طيبة!” والرجل ليست له ابنة، فقالوا له :”تكذب تقول طيبة”، قال :” الشيخ كان ما كشف علي بأني ألد لي بنت ما قال مثل هذا”، فكان الأمر كما قال، فولد لذلك الرجل بنت. وقال الشيخ أبو إدريس: “تزوج أم حسين بنت الحاج سلامة الضبابي فإنها ستلد دفع الله ولدي، أحضره أنا وأحنكه”، فكان الأمر كما قال. ومنه أنه أخبر الحاج سعيد قال له:” الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لك ابن لدفع الله مسجدا”، فقال له:” أنا كافر ما بجيني؟” وحلف بالطلاق إنه إن ما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره بذلك لا يبنيه، فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره ببناء هذا الجامع، فبناه حينئذ. ومنها إخباره للشيخ صغيرون حين أتى بولده الشيخ الزين لزيارته له، فقال :” الزين أطول منك عمرا وأكثر تدريسا” فكان الأمر كما قال، ومدة إقامة الشيخ صغيرون في دار الأبواب خمسة عشر سنة وخلافة الزين خمسين سنة، ومنها إخباره الفقيه علي ولد أم نافلة حين قدم من مصر أتى له بسبع ريالات وقال له:” اجتمعت برجلين دراويش عليهما الجبب فقالا لي :” قل للشيخ إدريس أخوانك عبد الصمد وعبد الأحد يسلموا عليك وأعطه هذه الريالات وقل له اتينا من الحجاز لا تخرجنا من بالك، فلما أخبر الشيخ إدريس بذلك قال:” هما لم يحتاجا إلي، هما وزيرا القطب، إن ولدت لك ولدين سمي أحدهما عبد الصمد وسمي الآخر عبد الأحد”، فكانا وزيري السلطنة، ومنها إخباره للشيخ دفع الله حين سأله عن ملك الفونج، فقال له:” أيكون للفونج بعد رباط ملك؟” فقال:” آخرهم ملك أول اسمه باء طالعة أول ملكه عدل وآخره ظلم”، ثم قالوا له: “وما يكون من بعده؟” قال : “مليكات” فكان الأمر كما قال، ومن إخباره ما وقع وما هو منتظر الوقوع، ومنها إخباره لمحمد ولد عبد الجليل حين قال له:” شرد لي عبد وأنا أطلبه منك” فقال له:” أنا أصابني سلس البول، وأكلت خراج دار ولد أبو جبل فمن ذلك نقصت مني الأمور التي كنت أراها، ذا الحين نظرت إلى صاد في الهوا، أطلب عبدك جهة الصعيد، فطلبوه فوجدوه في الجديد، وهو بلد معروف. ومنها إخباره بأن دار الغرب يملكها سرايا فور من الحرازة أم قد إلى الكنيسة الرقطاء، وفي رواية الترعة الخضراء، فكان الأمر كما ذكر. ومنها إخباره للشيخ عجيب حين شاوره على حرب الفونج، قال للشيخ:” الوفنج غيروا العوايد علينا” قال له :” لا تخرب عليهم فإنهم يقتلوك ويملكوا ذريتك من بعد إلى يوم القيامة”، فكان الأمر كما ذكر. ومنها إخباره للملك بادي بن رباط حين جاء سيد قوم للملك عدلان ولد آية طالبين قتال الشيخ عجيب، وبادي المذكور حوار الشيخ إدريس فسأله عن أمره فقال له:” تقتلوا الشيخ عجيب وتنتصروا وانت ترجع إلى سنار ويكون الملك في ذريتك من بعدك”، فكان الأمر كما قال. وقد ملك منهم خمسة: رباط وبادي ولده، وأونسه ولد ناصر، وبادي ولده، وأونسه ولده، ومدة ملكهم ماية وعشرة سنين. ومنها إخباره أن ملك الفونج ينقضي وسبب انقضايه أنهم يتحاربون وينقسمون على قسمين تقاتل كل طايفة الأخرى حتى يضيع كل ملكهم، فمنها ما هو وقع وما هو منتظر الوقوع. انتهى والله أعلم.
.....



التوقيع:
يا متلبك في الأدران ... الحجـر الأسـود مـاهو البروة
وماها مكاوي الكعبة تجيها ... حين ينكرفس توب التقوى
ومافي خرط للجنة تودي وما في خطط ممهـورة برشوة
والمشروع الديني الخـالص ... ما محتاج لدراسة جدوى
ويات من قال "يا رب" من قلـبو ... رد الخالق دايما "أيوه"


حِمّيد
الزوول غير متصل   رد مع اقتباس