اشار التقرير السياسي المجاز في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني الي مفردات المشروع الوطني الديمقراطي التي تتلخص في (دولة المواطنة المدنية والحقوق المتساوية، التحول الديمقراطي، انهاء التهميش، التنمية المتوازنة، ديمقراطية التعليم، الاصلاح الزراعي، وضع حد لخصخصة العشوائية، الحل الديمقراطي للمسألة القومية والجهوية في السودان..الخ)(ص 81).
كما أشار التقرير الي سياسات الرأسمالية الطفيلية التي قادت الي( تفاقم المسألة القومية والجهوية والهبت نيرانها، فاطلت برأسها كافرازات طبيعية والتوجه الحضاري الأحادي ، ومن ثم تعذر الحياة المشتركة لمكونات شعب السودان الحضارية ، دعاوي الانفصال التي يغذيها اهل الانقاذ من جهة وغلاة القوميين في حركة الاقليات القومية والجهوية المهمشة من جهة اخري. ان هذا الوضع يهدد وحدة السودان ويضعف من قدرات شعب السودان علي مواجهة التحديات الماثلة من قبل حركة العولمة والنظام العالمي الجديد في سعيهما لفرض نهج التبعية وتكريسه وتمزيق وحدة البلاد ، وهذا واقع يتطلب المشاركة النشطة في المنبر العالمي المناهض لسياسات العولمة وتوجهاتها).
كما لخص التقرير رؤية الحزب الشيوعي للخروج من الازمة في الآتي:
- الحل العادل للمسألة القومية والجهوية.
- قومية ثروات اهل السودان (تجزئة الثروات يمس وحدة الوطن).
- ردم الفجوات التنموية القائمة بين الاقاليم، في قطاعات الاقتصاد المختلفة : صناعية وزراعية وثقافية وخدمية، عن طريق المعاملة التفضيلية للاقاليم والمناطق المهمشة عبر آلية الميزانية السنوية العامة وميزانية التنمية، ولابد من الانتباه هنا لما يواجه هذا المبدأ في التنفيذ بعد اتفاقية نيفاشا والشرق والغرب، كما ان وحدة الوطن تتطلب آنيا دعم التنمية القومية في الاقليم الجنوبي واعادة البناء في دارفور وشرق السودان وجنوب النيل الازرق وجبال النوبا).
ما ورد في التقرير أعلاه جيد في عمومياته، ولكن من المهم معالجة المتغيرات التي حدثت في المناطق المهمشة منذ العام 1983م، بعمق اكثر، والاقتراب اكثر من واقع المناطق المهمشة، وتسليط الضوء علي دور نظام الانقاذ في انفجار هذه الحركات نتيجة للتهميش الديني والثقافي واللغوي، ومتابعة وتطوير منهج الحزب في معالجة قضايا ومشاكل القطاع التقليدي، أو المناطق الاقل تخلفا أو المناطق المهمشة، أو تكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان، استنادا علي جهدنا السابق، كما ورد في وثيقة: الماركسية وقضايا الثورة السودانية، ووثيقة قضايا مابعد المؤتمر، يونيو 1968، ودورة اللجنة المركزية يونيو 1975، ووثيقة القطاع التقليدي والثورة الوطنية الديمقراطية 1976، ووثيقة الحزب الشيوعي وقضية الجنوب 1977، والوثيقة التي قدمها الحزب الشيوعي للمؤتمر الدستوري الذي لم يعقد بعنوان(ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد 1989).
ومن المهم متابعة هذا الموضوع الذي يتعلق بمعالجة الماركسية لتكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان ومعالجة المستجدات فيه في اطار برنامج المرحلة الوطنية الديمقراطية.
نتناول في اتجاه توسيع المناقشة في هذا الموضوع الآتي: طبيعة وحدود الحركات في المناطق المهمشة، وملاحظات نقدية علي برامج الحركات في المناطق المهمشة.
أولا: ماهي طبيعة وحدود الحركات في المناطق المهمشة ؟
اصبح ملحا الوضوح النظري والفكري حول طبيعة وحدود الحركات في المناطق المهمشة أو الاقليمية والجهوية، والتي تعتبر من الظواهر الجديدة في الحياة السياسية السودانية والتي اتخذ بعضها طابع النضال المسلح في جنوب البلاد ودارفور والشرق وجبال النوبا وجنوب النيل الازرق.
ونبعت هذه الحركات من الاحساس بالتهميش والغبن وبظلامات قبائلها، نتيجة للتفاوت في التنمية والتهميش الاثني والثقافي واللغوي الذي عمقة الاستعمار، وبعد ذلك الانظمة(المدنية والعسكرية) التي حكمت بعد الاستقلال وسارت في طريق التنمية الرأسمالية التي عمقت التفاوت في الثروة والتفاوت بين اقاليم السودان المختلفة، والاستعلاء الثقافي والعرقي والديني مثل نظام الجبهة القومية الاسلامية بعد انقلاب يونيو 1989.
طرحت هذه الحركات تنمية مناطقها بتوفير خدمات التعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وتوفير الخدمات البيطرية، وازالة التفاوت التنموي والاضطهاد الثقافي اللغوي والعرقي والديني.وكانت تلك خطوة متقدمة في الصراع السياسي. رحب الحزب الشيوعي السوداني بعد ثورة اكتوبر1964م بهذه الحركات، واشار الي مشروعية مطالبها في وجه دعاوي الاحزاب التقليدية(امة، اتحادي)، بانها حركات عنصرية.
وبعد مؤتمر البجا الذي تأسس عام 1958، برزت بقية الحركات بشكل واضح، كما اشرنا سابقا، بعد ثورة اكتوبر 1964 مثل: جبهة نهضة دارفور، واتحاد ابناء جبال النوبا، واتحاد جنوب وشمال الفونج،..الخ ، هذا فضلا أنه كان قبلها حركات الانيانيا في جنوب السودان تقود كفاحا مسلحا تحت شعارات متفاوتة(الحكم الفدرالي، الانفصال).
ولكن النقلة النوعية في تلك الحركات كانت عندما اندلع التمرد الثاني في الجنوب في يونيو 1983م، بواسطة الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي شكلت الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق الذي اعلن أن هدف حركته هو تأسيس سودان موحد قائم علي المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية ، وعليه، فان هذه الحركة تختلف عن حركة انانيا التي كانت تنادي بانفصال جنوب السودان عن شماله. وكان ذلك نقطة تحول في تطور الحركة القومية والوطنية في جنوب السودان ، وتعبيرا عن تحول نوعي جديد في اقسام من الحركة السياسية الجنوبية، وفي المطالبة بوطن واحد يقوم علي العدالة والمساواة، صحيح أنه قبل جون قرنق ، كان هناك قادة وسياسيون جنوبيون تمسكوا ودافعوا عن وحدة السودان مثل: وليم دينق، وجوزيف قرنق ..الخ. ولكن ما يميز جون قرنق أنه حاول أن يؤصل للوحدة واستنبط مفهومي: الواقع التاريخي أو التنوع التاريخي والتنوع المعاصر والذي يؤكد استمرار وتنوع التاريخ المشترك في السودان مما يشكل الاساس المتين للوحدة(انظر:جون قرنق: رؤيته للسودان الجديد ، تحرير وتقديم الواثق كمير، دار رؤية 2005).وخلص جون قرنق في طرحه: (ان الواجب هو خلق سودان ننتسب له كلنا ، رابطة اجتماعية سياسية ننتمي اليها جميعا وندين لها بالولاء الكامل بغض النظر عن العرق أو الدين أو القبيلة أو الجنس حتي تستطيع المرأة ان تساهم بفعالية).
كما برز في اول بيان للحركة(المانفستو) الصادر بتاريخ:31/7/1983، مصطلح المناطق المهمشة ، والذي اصبح متداولا في السياسة السودانية ، حيث حدد (المانفستو) المناطق المهمشة بانها كل السودان ماعدا وسطه(الخرطوم ومديرية النيل الازرق) حيث توجد العاصمة ومشروع الجزيرة، كما حمّل البيان الاستعمار البريطاني مسئولية تهميش تلك المناطق ، ثم حمّل المسئولية من بعد الاستعمار لما اطلق عليه(انظمة شلل الاقلية) في الوسط من العام 1956م.
وقد ناقشنا في كتاب انجزه كاتب هذه السطور مفهوم التهميش والمناطق المهمشة(انظر: تاج السر عثمان: الجذور التاريخية للتهميش، مكتبة الشريف الاكاديمية 2005م).
وبعد الحركة الشعبية ظهرت حركات اخري مثل : في دارفور:حركة تحرير السودان، حركة العدل والمساواة، اضافة لمؤتمر البجا الذي ترجع جذوره الي عام 1958م، وغيرها من التنظيمات التي تطالب بتنمية مناطقها وتدافع عن هويتها الثقافية مثل تنظيمات ابناء النوبا في الشمال، وتجمعات ابناء شمال وجنوب كردفان ، وجنوب النيل الازرق.
واضح أن هذه الحركات اصبحت تلعب دورا مؤثرا في السياسة السودانية، مثل توقيع اتفاقية نيفاشا، بين الحركة الشعبية في جنوب السودان والمؤتمر الوطني، التي اوقفت حربا امتدت لمدة 22 عاما، وشاركت بموجبها في السلطة التشريعية والتنفيذية، وما زال واجب تنفيذ استحقاقات هذه الاتفاقية قائما الذي يتمثل في تحقيق التحول الديمقراطي والتنمية وتحسين احوال الناس المعيشية والحل الشامل لقضية دارفور وبقية الاقاليم، اضافة للاتفاقات الاخري التي وقعتها بقية الحركات.
ونود هنا مناقشة الاساس الفكري لهذه الحركات وما هو مستقبلها ومدى نجاحها واستمرارها والذي هو رهين بتحقيق التنمية في مناطقها ورفع المستويات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمناطقها.
نبدأ بالاجابة علي الاسئلة الآتية: ماهي العوامل التي ادت الي نشأتها وتطورها؟ وماهي حدود ومهام التنظيم الذي يقوم علي الرابطة الاقليمية؟ وكيف يقاس نجاح هذا التنظيم؟، وما هي سلبياته وايجابياته؟.
معلوم ان من مسار تطور التنظيم في السودان هو الطرق الصوفية التي انتقلت من الشكل القبلي الي الشكل الاوسع الذي يضم افراد من قبائل مختلفة علي اساس الانتماء للطريقة المعينة. اما النقلة الثانية في تطور التنظيم في السودان هو ظهور التنظيم السياسي الحديث الذي بدأ بجمعية اللواء الابيض التي ضمت سودانيين من قبائل زنجية ونوبية وعربية وبجاوية علي اساس سياسي، وتلك كانت نقلة اخرى متقدمة في تطور التنظيم في السودان، اضافة الي ظهور منظمات المجتمع المدني الاخري مثل الاندية الرياضية والثقافية والاجتماعية والجمعيات التعاونية والخيرية، ومؤتمر الخريجين والنقابات والاتحادات(طلاب، شباب، نساء..الخ)، والتي وحدت السودانيين علي اساس اهداف معينة تسعي لتحقيقها هذه التنظيمات، اضافة لظهور المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والخدمية التي انشأها المستعمر مثل السكة الحديد، مشروع الجزيرة التعليم الحديث، القوات المسلحة، الخدمة المدنية، والميناء، وتطور المدينة السودانية..الخ، التي وحدت وضمت السودانيين من سحن وقبائل مختلفة، بغض النظر عن العرق او اللون.
كما تمت محاربة المستعمر الذي كان يمارس سياسة فرق تسد علي الاساس القبلي، وسياساته التي كرست التطور غير المتوازن بين اقاليم السودان المختلفة، وسياسة المناطق المقفولة التي عزلت مناطق مثل الجنوب، وشرق السودان ودارفور وجنوب النيل الازرق من المجرى العام للتطور وابقي علي تلك المناطق في تخلفها، وكان ذلك من الجذور التاريخية للتهميش، وبعد الاستقلال لم يحدث تغيير حقيقي ، وسارت البلاد علي طريق التطور الرأسمالي الذي كرس التفاوت في الثروة وبين الاقاليم وفي النوع، وكان ذلك جذرا اساسيا من جذور انفجار حركات المناطق المهمشة الحالية.
علي أن النقلة الكبيرة في انفجار حركات المناطق المهمشة، كانت بعد انقلاب 30/يونيو/1989، او انقلاب الجبهة القومية الاسلامية، الذي حل الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وقفل الطريق امام اى عمل سلمي ، اضافة لسياسات القهر والتشريد وتدمير الخدمة المدنية. وتحولت الحرب من الجنوب لتشمل الشرق ودارفور، بسبب سياسات الانقاذ التي كرست التفاوت القبلي وفي الثروة وعمقت الاستعلاء الديني والاثني والثقافي، واتخذت حرب الجنوب طابعا دينيا، وكان ذلك من الاسباب الاساسية لتعميق الجهوية والانقسام في المجتمع ، وتم التراجع عن المسار الطبيعي للمجتمع السوداني الذي كان سائرا نحو القومية والاندماج منذ فترة السلطنة الزرقاء.
من ايجابيات التنظيمات الاقليمية ان ابناءها يلتفتون الي واقع اقليمهم وينظرون الي واقع تخلفه وينظرون في الاسباب الموضوعية والذاتية التي ادت الي تخلفه، ثم بعد ذلك يقترحون الحل لمشاكله، وهي تنظيمات تسعي الي ترقية مناطقها وتوفر لها خدمات: التعليم، الصحة المياه، الكهرباء، وتفجير الفائض الاقتصادي الكامن فيها لنقلها من حالة البؤس والشقاء الي حالة معيشية واقتصادية واجتماعية ارقي. التنظيم الاقليمي أو الجهوي يضم كل ابناء الاقليم بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية بهدف تطوير المنطقة المعينة، والحكم الذاتي الذي يوفر للمواطنين احتياجاتهم الاساسية.
علي أن تطور الاقليم المعين لاننظر اليه بمعزل عن مشاكل السودان ككل، والتي تتطلب الرؤية الشاملة، التي تقدمها التنظيمات السياسية التي تضم السودانيين، غض النظر عن قبائلهم واديانهم. وحتي علي مستوى الاقليم المعين مهم الاخذ في الاعتبار مصالح كل القبائل والمجموعات السكانية التي تقطن هذا الاقليم، لااستعلاء مجموعة قبلية معينة تعيد انتاج الازمة علي مستوى الاقليم المعين.
كما أنه من ايجابيات هذه الحركات اثارتها لقضايا الكادحين والمستضعفين في الارض، ولكن نجاحها يعتمد علي الوضوح الفكري حول اسباب البؤس والفقر وفي قدرتها علي رفع الوعي الطبقي لا تغبيشه، و عدم احلال الصراع الجهوي والاقليمي محل الصراع الطبقي الذي يتجلي في اشكال اقتصادية وسياسية وثقافية. اضافة الي الربط العميق بين ما هو محلي والشأن العام في البلاد ككل، فقضايا الكادحين واحدة غض النظر عن اعراقهم واقاليمهم.
ولكن الجانب السلبي في الحركات الجهوية هو خطورة تحولها الي حركات عنصرية استعلائية تكرس التمايز الاثني والعرقي ، مما يقود لتمزيق وحدة البلاد ويتم اعادة انتاج احداث رواندا.وعندما تتحول الحركات الي هذا الجانب الخطير، فان تغبش الوعي الطبقي للكادحين وتزج بهم في آتون معارك اثنية خاسرة تقودهم في النهاية الي جرائم الحرب كما حدث في دارفور، عندما تم استهداف قبائل محددة علي اساس اثني.
كيف نحدد طبيعة السلطة الحاكمة في المركز؟.
طبيعة السلطة الحاكمة لايتم تحديدها علي اساس اثني، ولكن تتحدد علي اساس المصالح الطبقية التي تعبر عنها، فالمركز الحاكم الحالي وعلي المستوى الطبقي والسلطوى يضم فئات متباينة اثنيا، ولكن توحدها المصالح الطبقية والتي افقرت الكادحين في كل السودان. فالاستغلال الطبقي والرأسمالي لاتتغير طبيعته سواء كان افراد المركز من اثنية شمالية أو جنوبية أو من دارفور.قد تشكل الاثنية عاملا ايديولوجيا لاخفاء المصالح الطبقية وتصوير الصراع وكانه اثنيا، ويتحول الصراع المادي الاقتصادي الي صراع حول الهوية، كمثل نظام الجبهة الاسلامية الذي ادخل الاستعلاء الديني كغطاء للثراء والنهب والاستغلال باسم الدين، حتي اصبح 95% من الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر. وكون فرد معين من هذا المركز من الشمال(شايقي، جعلي، نوبي..)، فهذا لايعني، أن هناك ملايين من الكادحين من ابناء الشمال يطحنهم الفقر والبؤس، وكذلك من الاقاليم الاخري. ومعلوم ان الفئات الرأسمالية التي حكمت السودان بعد الاستقلال سارت علي طريق التنمية الرأسمالي الذي كرس الفقر والاستعلاء العنصري والديني والعرقي، باسم العروبة والاسلام وتعميق التهميش التنموي والثقافي، وبالتالي ، فان الصراع ليس اثنيا أو دينيا ولكنه صراع حول اى الطريق نسلك؟: طريق التطور الرأسمالي الذي يعمق التفاوت الطبقي والاثني والديني والثقافي والتهميش ام طريق الثورة الوطنية الديمقراطية الذي يفضي الي ازالة التفاوت الطبقي والتهميش الديني والثقافي، ويرسخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟.
علي أن المعيار الحقيقي لنجاح الحركات الاقليمية هو نجاحها في تنمية وخدمة وتطوير مناطقها، وفي حل مشاكل السودان ككل، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
علي انه من الممكن أن يتم اعادة انتاج الازمة عندما تصل مجموعة من قادة الحركات الاقليمية أو الجهوية نتيجة لاتفاقات مع المركز الحاكم، وتنسي هذه المجموعة الشعارات التي رفعتها لتطور اقليمها والسودان وتنغمس في فساد ومنافع طبقية، ويظل الاقليم علي حاله من تخلف ، وبالتالي تصبح هذه الحركات اداة للصعود الطبقي والانضمام للمركز الحاكم والذي يقوم علي المصالح الطبقية وليس الاثنية(لايعرف القشة المرة).ويتم اعادة انتاج الازمة من جديد ويندلع الصراع المسلح بشكل اعنف من السابق.
وخلاصة مانود ان نقوله، ان من ايجابيات هذه الحركات الاقليمية انها طرحت قضايا التنمية في مناطقها والحكم الذاتي والتقسيم العادل للثروة والسلطة وازالة التهميش الثقافي واللغوي ودولة المواطنة التي تعبر عن الجميع غض النظر عن الدين والعرق وتحقيق التنمية المتوازنة في كل البلاد ، واحترام حقوق الانسان وحكم القانون ، ومحاربة الفقر ، وسياسة خارجية متوازنة، واحترام الجوار وانهاء التمييز العنصري، وحق الجميع في الوظائف العليا في الدولة غض النظر عن الدين والعرق..الخ، وان هذه الحركات اضافت زخما جديدا للحركة السياسية السودانية، ولعبت دورا كبيرا في طرح قضايا البلاد محليا وعالميا.
ولكن التحديات التي تواجه هذه الحركات هو النجاح في تحقيق التنمية في اقاليمها، وربط حل مشاكل اقاليمها بقضية البلاد ككل. ولاتصبح الشعارات التي ترفعها اداة لصعود بعض قادتها الي المركز الطبقي الحاكم ، وبالتالي يتم اعادة انتاج الازمة والصراع من جديد.