نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-2022, 09:21 AM   #[1]
عبدو منصور
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبدو منصور
 
افتراضي مالم تابو

قصه قصيره

مالم تامبو

فى ذاك (الزقاق) الضيق... تتلاصق البيوت الطينيه وبيوت القش... تشم رائحه غريبه لم تكون يوما فى ذاكرتك ابدا... صبيه يمرون مسرعين أمامك وهم يلعبون وصوت أبواق المواتر تصم أذانك تحاول أن تشق طريقها للخروج أو الدخول ... وهمهمات تعلو وتخفض وتيرتها ولغات ولهجات مختلفه ومختلطه. .. وبائع يفترش الارض بحاجاته من الاحجبه والاعشاب ويعلو دخان البخور الكثيف لطرد الذباب... ونساء واقفات بنصف البستهم امام فتحات البيوت يستعرضنا شئ ما... كانت النظرات تتفحصنى من الكل لهذا الغريب الأتى لعالمهم وحدهم دون غيرهم... يخيفنى البعض بشرر أعينهم ويبتسم فى وجهى البعض الاخر وأنا أمضى فى طريقى... كان البط والدجاج وحتى الديك الرومى بعدائيته ومحاولته الهجوم والانقضاض يحسون بغرابتى فى المكان... وأيضا تعترض طريقى طاوله مصنوعه من شجر النيم غير مستويه الاطراف يضع احدهم أكوام اللحم عليها للبيع وجمهره امامه من البعض تفاصل فى البيع وكميه من الذباب فوقهم وتحتهم شئ من المياه الاسنه... أحاول أن أتجاوز هذه المتاريس رغم ضيق المكان دون الأحتكاك بأحدهم... ضجه وهرج وزحام وحراك هنا وهناك
وأشجار اللبخ ترمي ظلالها فى البعيد ويعلوها أعشاش طير السمبر وهو يصدر اصواته من ضمن أصوات هذه المنظومه.
كان على الوصول الى بيت تامبو ذاك الرجل العجوز الكهل بائع البنقو وصفه لى صديقى عثمان أذا كنت أود الحصول على أجود أنواع البنقو...فقد هلكت رئتي من الانواع الغير جيده
والمتاحه فى نطاقي وشكوت الامر الى صديقى عثمان الذي اعرفه بخبرته القديمه فى هذا المجال بل ذهب أبعد من ذلك وهو يهديني قطعه بنقو صغيره جدا مذهبه اللون من وارد تامبو ... جربتها فعلا فى نفس اليوم مساء وارتخت عضلاتي وأعصابى وحلقت روحي وهى تهيم فى البعيد وتسبح فى السماء الذى تحول الى بحر لا نهايه له وكنت أسبح بمتعه متناهيه... بل قد دخلت الجنه كأول مخلوق ينال هذا الشرف وكنت ابتسم من اعماقى وأضحك من هذه المتعه التى لم أري مثيلها من قبل وأغني بصوت طروب أجمل من كل المغنين فى العالم... ومن وقتها تعلقت روحى بهذا التامبو صاحب الجوده الاصليه من عينة البنقو الممتاز مما حزى بصديقى عثمان أن يوصف لى مكان تامبو فى ذاك الحى النائى البعيد فى أطراف المدينه.
وأخيرا وصلت الى مكان أشبه ما يكون سوق فى فناء أو ساحه تكبر عن ذاك الزقاق الضيق يتجمهر فيها البعض حول رواكيب من الخرق الباليه والقش والقصب يباع فيها كل شئ يخطر على بالك من المواتر وأسبيراتها الى أكوام الكمونيه والشخط والكوارع ورؤوس المواشى والابقارهذه النقطه تحديدا هى التى أشأر الى عثمان أن أسأل عن تامبو. كان على أن أختار من أسأله بعنايه حتى لا أدخل فى أشكال أو حرج وبالفعل توجهت الى احداهم تبدو من سماته الهدوء والسكينه لأسأله بعد أن القيت عليه التحيه عن تامبو... وكأنى أخطأت القول وهو يصحح لى الاسم مرادفا بكلمة مالم وهو يردد لي مالم تامبو مالم تامبو ثلاثه مرات أوافقه القول مالم تامبو... أشار ألى زقاق جانبى لا يسع أثنين معا بعد ان اخبر صبي صغير أن يرافقنى الى بيت تامبو .... كنت أسير وراء الصبى الذى يهرول ويتجاوز الزحام وضيق الزقاق وأنا مسرع خلفه حتى لا افقده و اخيرا توقف أمام باب خشب عتيق ودفعه دون أن يطرقه ودخل وتوقفت أنا فى مكانى متسمرا ومتعجبا حتى لا اندفع وراء الصبى مرت الثوانى كأنها ساعات وأنا فى تؤثر وقلق وخوف... لحظات وأتاني رجل ضخم الجثه يشبه الملاكمين العالمين أصاحب الوزن الثقيل... ونظر لي يتفحصنى برهة وهو صامت وأنا صامت ثم بصوت جهَورى أمرنى بالدخول...
سرت من خلفه وانا مرتاب من هذا العالم الخفى.. وجرأتي التى قادتني الى أقتحامه... وتضاربت الافكار والهواجس داخل نفسى فى صراع عنيف هل هو تامبو المعنى صاحب الخان وتاجر البنقو!!! أم غيره... وكنت بين الشك واليقين... هل أسأله أم أمضى الى تامبو... وبالفعل وقد وصلنا الى راكوبه ظليله وأرضيتها رمليه بيضاء مرشوشه برغم الجو إلا أنها بارده ورائحه البخور العدني تنبعث من المبخره الطينيه الكبيره وبعض من العناقريب الهبابيه يجلس في احداها رجل كبير فى السن ويحمل مسبحه الفيه كبيره من اللالوب موضوعه تحت أرجله وحتي ايديه وبصوت واضح أسمعه وهو يستغفر... أستغفر الله.. أستغفر الله... أستغفر الله... تاهت أفكارى وأنعدم الرغبه تماما من أجل هدفى الذى أصبو اليه... وبعد السلام بيننا والترحيب بى وأمره لى بالجلوس بالقرب منه وذهاب ذاك الرجل العملاق أطمأنت نفسي قليلا وراودني الامل فى مبتغاى رغم دهشتى من هذا الجو المحيط... ولملمت أطرافى وشجاعتى وبادرته بالقول أننى أسأل عن تامبو تحديدا من أجل شراء سجائر!!!!
لم يمهلني أكمل بقية حديثى وهو يستغفر بأعلى صوته ويقول نحن نبيع ثمره الجنه الاصليه َانتم تسمونها بنقو أستغفر الله وهنا تدخلت مقاطعا له نعم أقصد ذلك الثمره الاصليه يا شيخي...
وضع مسبحته الالفيه وسحب من تحت العنقريب شنطه حديد كبيره وفتحها أمامى... يا للهول ثمار الجنه الاصليه الذهبيه اللون نفس تلك العينه التى اهداها لى عثمان وثم بدأت المبايعه وأخرج لى رأس كامل مخلوط بالعسل فى ما يسموه اللبكه ولبكه العسل الاصلى تساعد فى تماسك الرأس وبالرغم من السعر الغالى الذى فرضه على إلا اننى وافقت بهذا السعر دون مجادله ولف الرأس بورق ووضعه فى كيس وسلمنى له وهو يدعوا لى أن أكون معهم فى الجنه... بل ونادى على ذلك الرجل الضخم وأمره بتوصيلى بالموتر خارج الحى هذا العرض أثلج صدري ووضعت يداى فوق صدرى مثل الهندوس وانا أشكر مالم تامبو لهذا الاهتمام البالغ بشخصي الضعيف.
المغرب دائما هو وقتى المفضل لجلستى وطقوسى المخمليه والرومانسيه لابد أن أحضر الحافظه بالماء البارد والمبخره بالبخور العدنى أو الجاولى وطربيزه القهوه مع الفناجين والموقد الحديدى والفحم والمسجل وشرائط الكاسيت لوردى وعثمان حسين والجلوس فى فناء المنزل محيط بتلك الزهور فى أصيصها بعد رشها بالماء كنت أجد نفسى فى هذه اللحظه بعد رهق اليوم.
وبعد أن بدأت مراسم طقوسى واعداد القهوه ورائحة البخور تسافر فى البعيد وأنا أتذوق طعم البن أحضرت رأس شجره الجنه كما سماها لي المعلم تامبو ووضعتها فى التربيزه لأقطع منها جزء صغير أو بالاصح بكسر جزء منها كان تفكيرى هل أشربها بكرت واحد أم أثنين أم ثلاثه!!!!
كبدايه وبعد تفكير قررت أن أشربها بكرت واحد
كتجربه لمدي قوتها.
نفس عميق تغلغل فى دواخلى البعيده... صدق مالم تامبو أنها ثمار الجنه... حينما يهبط الملائكه ويحملونك من بين أصيص الزهور والموقد ورائحة البخور الى ذاك العالم السريالى اللامنتهى احسبه بلونه الابيض مغارات فى القطب الشمالى أم هى أبواب الجنه... أبواب هلاميه تفتح كلما رمشت عيناك فى تلقائيه... تستقبلك حسناوات فائقات الجمال وهم يستلمونك من الملائكه ويغوصون بك فى مياه شفافه تتنفس فيها بلا أوكسجين وجلسنا فى شكل دائره وأنا وسطهم أغنى لهم أجمل الاغنيات... وبعدها أختاروا لى أجملهم لتكون عروستى... كنت أضحك ملء شدقى... وأنا أحمل عروستى بين يدى وأذهب بها الى قصرى فقدت صرت الملك المتوج..
بعد أيام اعتزلت كل من حولى بعد أتهامهم لى بالجنون سرت أمضى ساعات طوال وأنا اتجول بين الشوارع واجد لذه ومتعه لهذه الوحده كنت اجمع قصاصات الورق من النفايات وأجمعها قبل أن يحرقونها فهم لا يعرفون قيمتها كنت اتحدث للوجوه المصوره فى القصاصات وهى تبادلنى الحديث والحوار انه عالمى الخاص وحدودي التى لا يعرفونها ولا يحسونها أنه عالم اكبر من عوالمهم المحدوده التفكير... أحسست أن الملابس تضيق بى.... قررت أكون عاريا وأن لا اقيد نفسى بأي شئ يثقل كاهلى... وحتى حينما أجوع كان يكفينى فتات وبقايا المطاعم... لا يهمني المطر ولا البرد ولا الحر ولا الليل ولا النهار
كنت أجد فى غفوتى وسط مكب النفايات متسع لأحلم بتلك الحسناء التي صادفتها فى الجنه وكنت على وعدي بأنتظارها هنا.

عبدو منصور
الخرطوم 23/4/2018



عبدو منصور غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-06-2022, 07:30 PM   #[2]
عكــود
Administrator
الصورة الرمزية عكــود
 
افتراضي

يا سلااااام يا عبدو،
كتابة تخليك تجري وراء سطورها زقاق زقاق..
وتاخد نَفَس.

تسلم



التوقيع:
ما زاد النزل من دمع عن سرسار ..
وما زال سقف الحُزُن محقون؛
لا كبّت سباليقو ..
ولا اتقدّت ضلاّلة الوجع من جوّه،
واتفشّت سماواتو.
عكــود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-06-2022, 08:10 PM   #[3]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عكــود مشاهدة المشاركة
يا سلااااام يا عبدو،
كتابة تخليك تجري وراء سطورها زقاق زقاق..
وتاخد نَفَس.

تسلم
كويس ما خلتك تجرى وراء ثمار الجنة


عبدو مرحب ياخ بهذا الخيال الماطر



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-06-2022, 06:55 AM   #[4]
عبدو منصور
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبدو منصور
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد مشاهدة المشاركة
كويس ما خلتك تجرى وراء ثمار الجنة


عبدو مرحب ياخ بهذا الخيال الماطر



أخى النور تحيه طيبه لك
لثمار الجنه دلاله وقصه وأنا اذاكر مع صديقى فى مرحلة المتوسطه وقتها بمنزلهم شممنا تلك الرائحه والد صديقى حينما سألناه عنها رد لنا أنها رائحه ثمار الجنه اى والله ومازلت أذكرها كلما شممت رائحه الخرابه



عبدو منصور غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-06-2022, 06:52 AM   #[5]
عبدو منصور
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبدو منصور
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عكــود مشاهدة المشاركة
يا سلااااام يا عبدو،
كتابة تخليك تجري وراء سطورها زقاق زقاق..
وتاخد نَفَس.

تسلم



حبيبنا (العمده)
متعك الله بالصحة والعافيه وأنت تدخل ألازقه تسير فيها بلا خوف وتستكشف معى تلك العوالم المسكوت عنها.
ففى مدينه كسلا مهد طفولتى وصباى كنا نسمع ذاك الحكى من هنا وهناك... تراكمت تلك الاقاصيص فى الذاكره لتكون هذا النسيج بكل تفاصيله وتداعياته المثيره من السحر والفنتازيا



عبدو منصور غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 02:39 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.