نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتــــدي التوثيق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-04-2006, 05:18 PM   #[1]
الجندرية
Guest
 
افتراضي غطاء الرأس في السودان: سيميوطيقا التاريخ الإجتماعي والسياسي

[align=center]
* المقدمة .
* الفصل الأول : أغطية الرأس لدى الرجال في السودان.
* الفصل الثاني : أغطية الرأس لدى النساء في السودان .
أولاً : الرق وغطاء الرأس لدى النساء.
ثانياً : أنواع واستخدامات أغطية الرأس لدى النساء .
ثالثاً : غطاء الرأس والهوية السياسية للناشطات السودانيات.
الفصل الثالث : دور الدولة في فرض غطاء الرأس .
أولاً : الدولة وغطاء الرأس الرجالي .
ثانياً : الدولة وغطاء الرأس النسائي.
* الخاتمة.
* المراجع .
* ملحق الصور .
[/align]



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:23 PM   #[2]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة[/align]


يتضمن الملبس قيمة رمزية عالية ، ويعتبر بالإضافة إلى اللغة ، من أهم الرموز المثمرة في التحليل الاجتماعي( ). ويعد الزي عموماً، من أوضح سيمياء إستقراء المجتمعات، من حيث تراتبها الطبقي، وتصنيف شرائحها الاجتماعية، داخل المجتمع الواحد ، وبمقارنة هذا المجتمع، مع مجتمعات أخرى .

كما قد يشير الزي ، إلى مدى انغلاق وانعزال مجتمع ما ، أو انفتاحه على الآخر ، ويمكن أن يعبر عن موقف فكري أو سياسي ما، كما يتمظهر في رداء قادة الدولة، ونخبها السياسية( ).

السودان، الذي تتخذه هذه الدراسة، نموذجاً لها . بلد واسع، تصل مساحته لنحو 2.6 مليون كيلو مربع. وفيه تتعدد الثفافات، والديانات، والإثنيات. حيث تعيش على أرضه، أكثر من خمسمائة قبيلة. ويستخدم سكانه عدة لغات رئيسية، يتفرع عنها، ما يزيد عن الأربعمائة لهجة محلية ( ).

في بلد بهذا التنوع، لا يصبح الزي ـ فقط ـ مجرد مادة ثرة وخصبة ، للعديد من الدراسات الانثربولوجية. ولكنه يمكن أن يكون، مبحثاً مختصاً بالدراسات السياسية، خاصة في ما يتعلق بهوية الدولة، حسب ما يتم التعبير عنها، في الدساتير، وما يتمخض عنها من قوانين ولوائح..

ظلت بعض المؤسسات التشريعية والتنفيذية في السودان ، تصدر العديد من القوانين ، والقرارات الإدارية ، التي تتناول الزي واللباس ، دون الانتباه إلى تعدد مكونات الهوية في السودان، كقانون النظام العام، و قانون الظهور في المنتديات العامة وغيرها، و أضحت هذه القوانين، و اللوائح ، و القرارات الإدارية ، موضوعاً حاضراً في حوارات الهوية ، الدائرة بكثافة في الأوساط السياسية والقانونية السودانية ، و ظل الكثيرون يتساءلون عن مشروعية ، وصحة هذه القوانين والإجراءات .

ولأن هذه الندوة ، مخصصة للبحث ، في غطاء الرأس (The Head Gear) ، دون سائر الزي. سنتناول في هذه الورقة ، غطاء الرأس في السودان ، دوناً عن مكونات الرداء الأخرى. ورغم أن المرحلة التاريخية ، التي تهم (مشروع التراث الرسمي) ، وتهتم بها مؤسسة تخطيط برامج التنمية الثقافية ـ الجهة المنظمة للندوة ـ هي الفترة من 1948 ـ 2004م . لكننا نجد أنه من العسير، فهم غطاء الرأس المعاصر، دون إضاءة على تاريخه، لذا ستتناول الورقة أغطية الرأس في السودان في مراحل تاريخية مختلفة ، وتكاد تكون هذه الأغطية ، عبارة عن رموز و علامات ( سيميوطقيا ) تعبر عن كل مرحل من مراحل التاريخية المختلفة ، التي أسهمت في تكون السودان المعاصر . كما تعبر هذه الأغطية بذات الجلاء ، عن سيمة التعدد الاثني في السودان .

قسمنا الورقة ، إلى ثلاثة فصول أساسية ، يتناول الأول منها أغطية الرأس لدى الرجال في السودان ، الأنواع والاستخدامات والدلالات . ويتناول الثاني أغطية الرأس عند النساء ، وكان من الضروري في هذا الفصل ، أن نتطرق لغطاء الرأس والرق ، نظراً للارتباط التاريخي بين الاثنين ، ولما لظاهرة الرق من أثر عميق في تركيب المجتمعات في السودان ، ثم أعقبنا ذلك بالحديث عن الأنواع والاستخدامات غطاء الرأس عند النساء في السودان ثم ختمنا هذا الفصل بحديث عن دور غطاء الرأس في التعبير عن الهوية السياسية عند الناشطات السودانيات . أما الفصل الثالث من الورقة ، فهو يتناول دور الدولة في فرض غطاء الرأس بالنسبة للرجال و النساء . وتعقب هذه الأجزاء الثلاثة ، الخلاصة ، و قائمة المراجع ، ثم ملحق الصور .

لابد أن نشير في خاتمة هذه المقدمة ، إلى أن معضلة ندرة المراجع، التي واجهت معظم مقدمي ومقدمات أوراق العمل ، في الندوتين الأولى والثانية ، والتي أشار إليها كتاب (رداء الدولة : دلالات الزي السياسي اليمني من 1948 ـ 2004م). قد واجهت معدة هذه الورقة بشكل مركب ، فعانت أولاً من عدم توفر المراجع ، الذي عانى منه معظم الباحثين / ات واشاروا / أشرن إليه، ثم عانت بشكل خاص، من ندرة المراجع، عن الزي واللباس في السودان . فمعدة الورقة تقيم في اليمن منذ بداية التسعينات ، وبسبب عدم استفادة الناشرين السودانيين، ومكتبات الجامعات والمؤسسات الأكاديمية من تقنيات النشر الحديث (الانترنت) ، حُرمت الورقة من الاستفادة ، من الإطلاع على الدراسات السابقة عن الزي في السودان .



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:36 PM   #[3]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]
الفصل الأول
أغطية الرأس لدى الرجال في السودان
التسميات ، الاستخدامات ، الدلالات [/align]


عرف السودانيون ، منذ الحضارات النوبية الأولى (6000 ق.م)، أغطية الرأس المختلفة ، واستخداماتها المتعددة ، سواء كانت وقاية للرأس من الحر و القر ، وكجزء من الرداء اليومي ، كتعبير عن الهوية في مجتمع متعدد الاثنيات، أو أغطية الرأس الخاصة بطقوس معينة كطقوس التنصيب الملكي ، أو الزواج والختان وغيرها .

تعددت أغطية الرأس في السودان ، وتنوعت في تسمياتها واستخدامتها ودلالاتها ، ولعل من أبرزها ما يلي :

1) التاج:
و هو ما يوضع على الرأس ويلبسه الملوك ( ). وتظهر الآثار السودانية، ملوك وملكات النوبة وهم يرتدون التيجان، (صورة رقم 1). والتاج النوبي عبارة عن حلقة تلتف حول الرأس ليبرز في الجهة الأمامية منها فوق الجبين ، تمثال صغير لحيوان مقدس قد يكون الأفعى أو النسر . ويبدو أن ثمة علاقة بين هذا التمثال المنتصب فوق جبين الملك والديانة التي يدين بها .

وبغض النظر عن الجدل الدائر ، حول ما إذا كانت الحضارات الكوشية والنوبية القديمة ، هي محض "انعكاس شاحب للحضارة الفرعونية" ( )، أم أن الحضارة الفرعونية، هي امتداد للحضارات النيلية في جنوب وادي النيل، وانتقلت مع مجرى نهر النيل شمالاً، فإن تأثرهما العميق ببعضهما البعض، يبدو جلياً في تشابه تيجان الملوك النوبيين وتيجان الملوك الفراعنة .



2) البرانس:
هي لفظة يطلقها العامة في السودان على غطاء الرأس ، الذي يرتديه رجال الكنيسة القبطية ،(صورة رقم 2) وهي تشبه العمائم العربية إلى حدٍ ما . وقد وجدت الكنسية القبطية "مقراً أحتمت به في السودان ، عندما حاربها الأباطرة الوثنيون"( ). فاعتنق مذهبها حكام ورعايا مملكتي علوة والمقرة ( 550 - 1505م ) . وكما هو واضح من الصورة ، أن رجال الدين المسيحي الأقباط في السودان، يرتدون نفس أغطية الرأس ، التي يعتمرها رجال الكنسية القبطية في مصر . فهي تعبر عن تراتبية القساوسة داخل الكنسية، وهي التراتبية ، التي تحكم الكنائس كوحدة واحدة ، في جميع أنحاء العالم.



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:39 PM   #[4]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

3) الطاقية:هي غطاء للرأس ، كانت تنسجه النساء بشغل الإبرة المعروف، و قد تكون من القماش ، وهي نفسها القاوق اليمني أو الكوفية . وعرفها قاموس اللهجة العامية في السودان بأنها " غطاء للرأس وقد لاحظ مجمع اللغة العربية بالقاهرة ( محضر جلسات عام 1948م ص 300) أنها عربية وإن لم تذكرها المعاجم. ويظهر أنها مشتقة من تقية أي وقاية الرأس من الحـر والقرّ ويقـال تركية. طاقية كناية عن الشرف والملك." ( ). صورة رقم(3).

ظهر اعتمار الطواقي في السودان عقب الهجرات العربية إلى السودان، التي دخلت من ثلاثة منافذ رئيسية، فمن الشمال دخل العرب إلى السودان عبر سيناء ثم مصر، ومن جنوب البلاد العربية ، عبر باب المندب وإثيوبيا. والمنفذ الثالث ، عبر البحر الأحمر مباشرةً إلى الشواطئ السودانية . وهي هجرات سبقت الإسلام، الذي يؤرخ رسمياً لدخوله بالعام 652م، عام توقيع اتفاقية (البقط أو البجت) ، بين عبد الله بن أبي السرح و قليدروت ملك النوبة ، في مدينة دنقلا( ) . وقد أدى توقيع هذه الاتفاقية، إلى رفع وتيرة الهجرات العربية إلى السودان.

وكان يعتمر الطاقية الملوك وعلاة القوم، مما جعل الثقافة الشعبية تنتج أمثالاً تعبر عن هذه الوضعية، كـ " فلان طاقية وفلان شعفة " أي سوقة. كما عبرت بعض الأشعار عن المكانة المرموقة لمعتمري الطاقية ، فقال ود الرضي الشاعر السوداني المعروف "بت شيخ الطواقي الجات من الديّان" ( ). وتغنت إحدى الشاعرات السودانيات، بمدح أخيها "شوف الجنا وشوف فِعلتو في الديوان شنق طاقيتو". و تشنيّق الطاقية، هو لبسها بشكل مائل، ووضعها على طرف الجبين، وهي طريقة يعلن بها الرجل عن اعتدائه الفائق بنفسه، وكبريائه الزائد. صورة رقم (4) ، بل هنالك نوع من الطواقي يسمى "الجعيص قدل" ، وهي تسمية تحمل في ذاتها المكانة المرموقة لمرتدي الطاقية ، فمفردة (جعيص) في العامية السودانية ، تعني" الرجل الغني ذو الطول والقوة ومنها الجعاصة المقدرة والقوة " ( ) ، وتعني مفردة (قدل) ، المشئ بخيلاء وتبختر ( ).

أضحت الطاقية لبساً للعامة، بعد أن كانت لباساً للملوك، و أصبح يعتمرها العمال ، في أماكن عملهم، والبسطاء من الناس ( صور رقم 5 : 1-2 – 3 ). و لا يزال لبسها شائعاً في شمال ووسط وغرب السودان حتى اليوم .

تتشابه الطواقي في غالب أنحاء السودان. إلا أن هناك بعض المناطق أو القبائل التي تتميز بطواقيها. فقبيلة الرشايدة في شرق السودان تتميز بطاقية سوداء مزخرفة بالخيوط الفضية (صورة رقم6)، بينما لا يستخدم السودانيون ـ في الغالب الأعم ـ اللون الأسود في الطواقي ، وقد يكون لتحاشي اللون الأسود في أغطية الرأس عموماً ، علاقة بطبيعة اللون الأسود التي تمص الحرارة ، فهو لا يتناسب مع طقس السودان ودرجة حرارته المرتفعة. والطاقية الرشايدية ، بها زخارف كثيرة ، بينما لم يعرف أهل الشمال والوسط الطواقي المطرزة والمزانة بالزخارف إلا مؤخراً. في ثمانيات القرن المنصرم تقريباً ، ويكون التطريز على حواف الطاقية فقط وليس على جوانبها كاملة كما في الطاقية الرشايدية. وتتميز كذلك الطواقي المنتشرة جنوب غرب السودان، و أقصى غرب السودان المتاخم لتشاد والنيجر ونيجيريا ، فبعض القبائل هناك ، كالفلاتة وغيرهم ، تعتمر طواقي، ضاجة بألوانها الأفريقية المميزة ، ويكون كل طوف من الطاقية بلون منفصل ، كهذه الطاقية، التي يعتمرها النائب الأول لرئيس الجمهورية، ورئيس الحركة الشعبية، السيد سلفاكير ميار ديت. (صورة رقم7) .

لم يعرف السودانيون/ات، ظهور الزعماء والساسة السودانيين، في المشهد العام ، بالطاقية دون العمامة، باستثناء ثلاثة سياسيين ، هم: السيد الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة، وإمام كيان الأنصار ، و رئيس مجلس الوزراء الأسبق ، (صورة رقم 8). والرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري ، عقب الإطاحة بحكمه، في عدة صور صحفية بمنفاه في القاهرة. ثم الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري ، وزعيم حركة الأخوان الجمهوريين. (صور رقم 9: 1-2).

ويمكن تفسير المظهر، التي ظهر فيها الرئيس الأسبق النميري بالطاقية، بأن هذه الصور أخذت له، في مكان إقامته ، وأثناء استقباله لضيوفه، كمواطن سوداني بسيط ، وليس كرئيس دولة، أما ظهور السيد الصادق المهدي بالبذلة السفاري والطاقية، يبدو وكأنه محاولة لتحطيم صورة الزعيم التقليدي، الذي ورث الحكم والجاه الاجتماعي . ويبرز ارتداء الأستاذ محمود محمد طه، للطاقية والزي الشعبي ، تأثره بالزعيم الهندي المهاتما غاندي ، في ارتداء الزي الشعبي ، المنتج محلياً ، كـبوستر ( لوحة توضيحية ) للإعلان عن رسالة سياسية واقتصادية ، تحمل هم تحفيز وتشجيع الإنتاج المحلي ، ضمن شعارات الاستقلال الاقتصادي والسياسي عن المستعمر. بالإضافة إلى تأثر حركة الأخوان الجمهوريين بأفكار غاندي في مناحٍ أخرى، كالمقاومة السلمية، ورفض العنف في الممارسة السياسية ( ). وقد يشير ارتداء الأستاذ محمود محمد طه للطاقية ، إلى الجذر الصوفي لحركة الأخوان الجمهوريين ، فكما هو معروف، أن فلسفة التصوف الإسلامي ، تشكل المرجعية الفكرية، لحركة الأخوان الجمهوريين، وتظهَر ملامح التصوف السوداني ، في سلوك الأخوان الجمهوريين وأستاذهم، فالزهد، والروح الجماعية، وعلاقات المحبة والترابط الاجتماعي القوي، التي تسود بينهم، تشابهة مع ما يحدث، في مسائد وخلاوى كثير من المتصوفة السودانيين .

وإذا كان الساسة السودانيون، لا يظهرون في النشاط العام، وهم يعتمرون الطواقي؛ فإن الكثير من مشائخ الطرق الصوفية، الذين يمثلون السلطة الروحية، الأكثر نفوذاً وتأثيراً، لدى معظم أهل الشمال والوسط والغرب، لا يظهرون في الغالب الأعم سوى بالطواقي، مثل: الشيخ عبد الباقي المكاشفي، مؤسس الطريقة المكاشفية أحد اكبر الطرق القادرية في السودان ( صورة رقم 10) ، والشيخ عبد الرحيم البرعي ، أحد مشائخ الطريقة السمانية (صورة رقم11 ). وفي حرص كثير من المتصوفة على عدم ارتداء العمائم والاكتفاء بالطواقي ، إشارة قريبة وجلية التعبير ، عن مفهوم الزهد ، الذي يعد ركيزة جوهرية من ركائز التصوف ، فالعمائم تعبر عن السلطة والجاه ، وهي ( تجيان العرب ) ، لذا يكون في خلعها رفض لهذه السلطة الدنيوية و (تطليق للدنيا ) كما يقول المتصوفة.

ومن المعروف في أدب التصوف السوداني، أن المريدين لا يضعون الطواقي أو العمائم في حضرة مشايخهم، وعليهم خلعها قبل الدخول في حضراتهم، وهو تقليد مهاجر من الدولة السنارية، التي دخلت الطرق الصوفية إلى السودان في عهدها( ). فقد كان السناريون، يقفون في حضرات ملوكهم ، حاسري الرؤوس ( ).

كما يعتمر الطاقية بعض رجال الدين المسيحي الكاثوليكيين السودانيين، وهي نفس الطواقي التي يرتديها رجال الدين في الفاتيكان ، وتعبر عن مكانة القاسوسة ورتبتهم الدينية ، فالطاقية الحمراء مثلاً عند الكاثوليك، لا يمكن أن يرتديها ، من هو دون رتبة الكاردينال (صورة رقم 12) . وتغيرت أغطية الرأس لدى رجال الكنسية الكاثوليكية في السودان ، عدة مرات قبل أن تستقر على الطاقية . فقد لبسوا العمامة والطربوش. ( ).

4) الطاقية أم قرينات:

وهي "طاقية لها قرنان تلبس كتاج للملوك والمكوك" ( ) .صورة رقم (13) . وقد ظهرت الطاقية أم قرينات في عهد مملكة الفوج ، أول مملكة عربية إسلامية (1504 ـ 1820م) في السودان. فقد كان يُلبسها السناريون لملوكهم عند التتويج. و بعد تفكك مملكة سنار (الفونج) ، لم يعد للطاقية أم قرينات أي استخدام، سوى في ممارسات بعض الطرق الصوفية، التي تمارس طقوساً ، شبيه بطقوس التتويج السناري ، بما فيها ارتداء الطاقية أم قرينات ، وذلك عند ترقي السالك في الطريق ، وانتقاله إلى مقام الشيخ ، وعندما تتم إجازته (تشيّخه) لمنح الطريق للآخرين. ولا زالت هذه الطقوس تمارس حتى اليوم. كما يعتمر الطاقية أم قرينات بعض الدراويش ، في حلقات الذكر المعروفة عند المتصوفة. (صورة رقم 14).



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:41 PM   #[5]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

5) الطرطور: وهو " طاقية مخروطة الشكل ذات رأس. "( ). (صورة رقم 15) . وقد عرفها مختار الصحاح بأنها " قلنسوة للأعراب طويلة دقيقة الرأس" ( ). و جاء نفس التعريف في لسان العرب لابن منظور أن "الطُّرْطورُ. قَلَنْسوة للأَعراب طويلة الرأْس." ( ).

انتشر اعتمار الطرطور في فترة الدولة المهدية في السودان (1885 ـ 1889م)، ولا يزال لبسه شائعاً حتى اليوم، ويلبس تحت العمامة ، ويكون طرفه المخروطي ظاهراً من فوقها ، كما قد يلبس من دون العمامة ، ويشكل ـ حتى اليوم ـ مع الجبة التي كان يرتديها المقاتلون المهدويون ، اللبسة الأنصارية ، الأكثر انتشاراً بين أتباع كيان الأنصار ( ).

6) الطربوش :
هو غطاء الرأس التركي المشهور ، وقد عرفه قاموس اللهجة العامية في السودان بأنه "غطاء خاص بالرأس والكلمة محرفة عن سربوش الفارسية بمعنى غطاء الرأس"( ). صورة رقم (16).

وبدخول الأتراك إلى السودان في العام 1820م، تأكدت مقولات العلامة ابن خلدون، في إتباع المغلوب للغالب، في مأكله وملبسه ومشربه . فقد لبس الكثير من السودانيين في الشمال والوسط الطربوش. و كان جزء من لبس عساكر الباشبوزق على اختلاف أجناسهم، ولكنهم كان يعتمرون نوعاً مميزاً، يسمى الطربوش المُضلع ( ).

أنتج العقل الجمعي الشعبي في السودان، في محاولاته لمناهضة التماهي مع الغازي، مقولات معادية للتشبه بالأتراك، كالمثل السوداني "التركاوي ولا المتروك". إلا أن الطربوش انتشر بشكل واسع في شمال ووسط السودان، و أعتمره الفقهاء وعلماء الدين، وأصبح جزء من لباس موظفي الدولة، وظل شائعاً، حتى بعد أن أخرجت جيوش المهدويين الأتراك من السودان. ورغماً عن مقاومة المهدويين لكل أشكال التتريك، التي طرأت على الواقع السوداني، إلا أن الطربوش، كان غطاء الرأس الأكثر شهرة وانتشاراً. و كان لباس من يعرفون في الثقافة السودانية (بالأفندية)، وهم خريجو المدارس الحديثة (التعليم غير الديني).

اعتمر الطربوش كذلك ثوار حركة 1924م، التي أدت إلى إجلاء القوات المصرية من السودان، وإلى وانفراد بريطانيا بالحكم في السودان (صورة رقم17). واستمر لبس الطربوش لفترات طويلة ، حتى عام 1956م. فقد ظهر السيد الدرديري محمد عثمان أحد أعضاء أول مجلس سيادة سوداني، معتمراً طربوشه (صورة رقم18). ولكنه اندثر بعد ذلك. ولم يعد له ظهور، إلا كإكسسوار في حلقات الزار الخاصة بالنساء، عندما تتقمص إحداهن شخصية رجل تركي.



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:43 PM   #[6]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

7) العمة:
هي قطعة من القماش يلفها الرجل على رأسه، وقد عرفها قاموس اللهجة العامية في السودان بأنها "ما يعتم به"( )، وجاء في لسان العرب "عَمَتَ الصُّوفُ والوَبَرَ يَعْمِتُه عَمْتاً: لَفَّ بعضه على بعض"( ). وجاء في مختار الصحاح أن "العِمامة واحدة العَمائم و عَمَّمَه تَعْمِيما ألبسه العمامة و عُمِّمَ الرجل سُوِّد لأن العمائم تيجان العرب كما قيل في العجم تُوِّج "( ). و تلبس العمامة فوق الطاقية، صورة رقم (19) .

ويبدو أثر الهجرات العربية واضحاً في ارتداء القبائل العربية في السودان للعمائم، و قد ظلت بعض هذه القبائل محافظة على السمة العربية لأغطية الرأس لديها، كأنها قدمت للتو من الجزيرة العربية. واشهر هؤلاء الرشايدة في شرق السودان، فبعض العمائم الرشايدة ، التي يرتديها الصبية ، تتشابه مع غطاء الرأس الذي يرتديه العمانيون، ومع بعض أغطية الرأس في بعض المناطق اليمنية المتاخمة للسعودية (صورة رقم 20) . وتظهر طريقة لف العمامة عند الرشايدي ، شبهاً بالعقال خاصةً في الجزء الذي يبدو كحلقتين متتاليتن (صورة رقم21). وقد تشير محافظة العمائم الرشايدية على طابعها العربي، إلى الانغلاق الذي تعيشه هذه القبيلة ، وتشددها في عدم الاختلاط بالقبائل السودانية الأخرى، بدافع الحفاظ على هويتها.

تميزت عمامة السادة الميرغنية( ) وعمائم آل المهدي ( )، عن العمامة السودانية، الشائعة عند أهل الشمال والوسط، بصغر حجمها، وبطريقة ارتدائها، فهم يشدون لفها على الرأس. ويظهر قدر من تتشابه بين عمامة السيد على الميرغني (صورة رقم22)، والسيد عبد الرحمن المهدي (صورة رقم23)، وبين عمائم خريجو الأزهر الشريف؛ وهي تشبه ما يسمى بـ"الكاكولة"، وهي تعني في العامية السودانية، العمامة القصيرة ، التي تلف حول طاقية مخوصة ( ) ولم تعد الكاكولة مستخدمة في السودان .

تختلف عمامة السيد علي الميرغني، والسيد عبد الرحمن المهدي، عن عمائم حفيديهما، السيد احمد الميرغني ، عضو مجلس الدولة السوداني، في عام 1985م، (صورة رقم24)؛ والسيد الصادق المهدي، رئيس مجلس الوزراء، السابق، ورئيس حزب الأمة، وأمام كيان الأنصار الحالي، (صورة رقم 25). وتتشابه عمامة السيدان احمد الميرغني ، والسيد الصادق المهدي في طريقها لفها، فهي تشكل الرقم ثمانية من الجهة الأمامية للرأس، سوى أن عمامة السيد الصادق المهدي، تتميز بعذبتها المدلاة. و تختلف عمائم هؤلاء الزعماء الدينين/السياسيين، إلى جانب السيد محمد عثمان الميرغني، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، وزعيم الختمية (صورة رقم26)، عن العمامة السودانية الشائعة، بصغر حجمها، فالحجم المعروف للعمائم السودانية، لدى أهل الشمال والوسط. يتراوح ما بين أربعة أمتار ونصف إلى خمسة أمتار. ولكن بعض الشباب والمتأنقين يجعلونها تسعة أمتار. ويميل كبار السن في الغالب إلى تشديد اللف قليلاً على الرأس ، وإن لم يكن بنفس قوة شد عمائم الزعماء السابقين التي ذكرناها، بينما يميل الشبان إلى إرخائه. و نجد أن أتباع كياني الختمية والأنصار أميل إلى الاقتداء بزعمائهم في طريقة لف العمائم، بينما نجد في التيارات الفكرية والسياسية الأخرى، تنوع في طريقة للبس العمامة ، فنجد ـ مثلاً ـ أن السيد حسن الترابي زعيم تيار الإسلامويين في السودان ، ورئيس حزب المؤتمر الشعبي، يشدد لف العمامة ، (صورة رقم 27)، بينما نجد الإعلامي والسياسي الناشط ، في نفس الحزب، السيد حسين خوجلي، يبالغ في إرخائها وحجمها (صورة رقم 28). ويقرأ البعض ، شد لف العمامة ، كدلالة على التشدد الأيديولوجي ، بينما يُقرأ الإرخاء، بالعكس من ذلك .

لم يكن الرؤساء السودانيين، يظهرون في المشهد العام، بغير بدلاتهم الإفرنجية أو لباسهم العسكري، عندما حكم السودان بواسطة العسكر. وأول سياسي ظهر بالعمامة والجلابية هو السيد الصادق المهدي، في ستينات القرن المنصرم، فقد ظهر في اللباس التقليدي لكيان الأنصار، والذي تكون العمامة بالعذبة جزءً أصيلاً منه . ثم الرئيس جعفر النميري (1969 ـ1985م)، وقد حملت العملة السودانية صورته بالعمامة، حتى صارت كنية الجنية السوداني(أبو عمة). (صورة رقم 29). قد استبدلت هذه العملة عقب إطاحة الانتفاضة الشعبية في 1985م، بنظام النميري، استجابةً للهتافات التي رددتها المسيرات والمظاهرات أثناء الانتفاضة (أب عمة دا شرطوه) ، وتمزيق المتظاهرين/ات للعملة، التي حملت صورة النميري.



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:46 PM   #[7]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

8) البرنيطة :

هي غطاء الرأس المنتشر في الغرب وأوربا ، وقد عرفها قاموس اللهجة العامية في السودان بأنها "كساء الرأس (القبعة)" ( ). صورة رقم (30)

دخلت البرنيطة إلى السودان ، عقب دخول الاحتلال البريطاني في العام 1889م ، ويبدو الارتباط الواضح لدى السودانيين، بين البريطانيين، وهذا النوع من غطاء الرأس ، حتى أسموه برنيطة. وكان يعمرها الموظفون البريطانيون في السلك الإداري ،مع الشورت (الرداء القصير) وقد ارتدى البرنيطة في شمال السودان ، بعض وجهاء المدن من السودانيين، فقد كانت مع الشورت ، لبس عميد كلية الأحفاد الجامعية السابق ، السيد / يوسف بدري.

وتعتمر البرنيطة في جنوب السودان، و عند قبائل النوبة في غرب السودان ، ويبدو أثر قانون المناطق المقفولة، الذي سنته الإدارة البريطانية ، والذي جعل هذه المناطق مغلقة بالفعل للبريطانيين، أثره الواضح في تأثر السودانيين في هذه المناطق بالطابع الإنجليزي في اللبس وخاصة اعتمار البرانيط .
وهناك نوع من البرانيط المعروفة في مناطق جبال النوبة ، تصنع خصيصاً للمسافرين ، من الدقيق المخلوط بالسمسم ، ثم تلف بورق القرع ، وهي عبارة عن مؤنته أثناء رحلته ، وحماية لرأسه من الشمس في ذات الوقت ، كما أنه تسهم في تقليل المتاع وما يحمله المسافرون على أيديهم ، فيكتفون بحمل الماء والعصا التي تحميهم ( ).

لم يظهر القادة السياسيين الجنوبيين في المجال العام معتمرين البرنيطة ، منذ السيد سرسيو ايرو ، عضو أول مجلس سيادة سوداني ، مروراً بأبيل لير، وجوزيف لاقو، وغيرهم من الساسة الجنوبيين ، وإنتهاءً بالزعيم جون قرنق رئيس الحركة الشعبية ، والنائب الأول للرئيس السوداني السابق، الذي كان يظهر حاسر الرأس في البذلة الإفرنجية، أو في ما يعرف بالزي (الكنغولي) ، الذي ارتدائه الكثير من قادة وزعماء الدول الإفريقية ، في الكنغو وزائير وغيرها ، وهو نوع من القمصان القطنية القصيرة الأكمام ، ذات المزاج الأفريقي في التصماميم والألوان، (صور رقم 31-1،2). والمرات الوحيدة التي ظهر فيها الرئيس السابق لحركة تحرير السودان ونائب رئيس الجمهورية السابق ، وهو يعتمر غطاءً للرأس ، كانت تلك التي ظهر فيها بزيه العسكري ، باعتباره القائد العام لقوات الحركة. وإرتبطت البرنيطة في أذهان الكثير من السودانيين، بالاستعمار البريطاني ، وسياساته وقوانين المناطق المقفولة التي أصدرها وأدت إلى انعزال الجنوب . مما قد يسمح بتأويل ارتدائها من قبل قائد سياسي جنوبي ، باعتبارها إشارة إلى دعاويه الانفصالية . وهواجس فصل الجنوب ، هواجس شائعة لدى الكثيرون في الشمال ، عن الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وقد روجت لها أجهزة الإعلام الرسمي ، قبل توقيع اتفاقية السلام مع الحركة . يمكن أن نقرأ عدم ظهور الزعيم جون قرنق بالبرنيطة ، نتيجة لوعيه بالرسالة السياسية لأزيائه ، فهو بالإضافة إلى عدم اعتماره البرنيطة ، كان أول سياسي جنوبي، يرتدي زياً لقبيلة أخرى من خارج الجنوب( ) ، وكأنه كان يحاول إيصال مقولاته السياسية ، عن اتساع الحركة الشعبية لكل السودانيين، وأنها ليست تنظيم للجنوبيين فقط .

وعلى العكس من سلفه، يظهر السيد سلفاكير ميار ديت ، الرئيس الحالي للحركة الشعبية للتحرير السودان، ونائب رئيس الجمهورية، بالبرنيطة في أكثر الأحوال. (صور رقم 32 -1، 2). وقد ساهم اعتماره للبرنيطة ، في شيوع اتهامه بتبني التيار الانفصالي داخل الحركة. ولكن بعض أنصار سلفاكير يفسرون إعتماره للبرنيطة، بتأثره منذ الطفولة بالسينما الأمريكية وأفلام رعاة البقر ، وأنها تعبر عن شخصيته ، وليس عن مواقفه السياسية، وأنه كان يعتمرها حتى مع اللبس العسكري ، قبل أن يصبح نائباً لرئيس الحركة ، أو نائباً لرئيس الجمهورية (صورة رقم 33) .

ومنذ بدايات القرن الماضي ، ظهر العديد من القادة والساسة السودانيون وهم حاسري الرؤوس ، فظهر بعض ثوار حركة 1924م وهم حاسري الرؤوس إلى جانب مرتدي الطـربوش ، ونفس هذا المشهد ( تجاور الرؤوس الحاسرة والطرابيش ) تكرر في صور أول مجلس سيادة سوداني في العام 1956م . وكان السيد إسماعيل الأزهري، أول رئيس سوداني، يظهر دائماً حاسر الرأس،في البذلة الإفرنجية ( صورة رقم 34)، وكذلك السيد محمد أحمد محجوب، أول رئيس وزراء سوداني (صورة رقم 35). وقد كان هذا المظهر، مظهر معظم السياسيين، والنخبة الحاكمة، والمثقفين، في غالب أرجاء البلاد.



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:49 PM   #[8]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]الفصل الثاني
أغطية الرأس لدى النساء في السودان
أولاً : الرق وغطاء الرأس لدى النساء [/align]


منذ أن عرفت البشرية الرق، في عصور تاريخية سحيقة، استخدمت النساء المسترقات في البغاء ، ولهذا السبب تم إلزامهن بارتداء ملابس تميزهن عن الحرائر، وتشددت أنظمة الضبط الاجتماعي والقانوني، في الكثير من المجتمعات ، في توقيع العقوبات على الإماء ، اللائي لا يلتزمن باللباس الذي حُدد لهن . فجاء في الشرائع الأشورية ، ( ) في المادة (40) " لا تستطيع زوجات الرجال "الأحرار" أو الأرامل الآشوريات أنْ يخـرجن إلى الشوارع عاريات الرؤوس وابنة الرجل ... يجب أنْ تـتـحجب ... حين يخرجن إلى الشوارع وحدهن يجب أنْ يضـعن نـقـابـاً ، والمحظية التي تخرج إلى الشوارع مع سيدتها يجب أنْ تحجب والعاهرة المقدسة المتزوجـة يجب أنْ تتحجب عند خروجها إلى الشارع . أما التي لم تتزوج فتخرج عارية الرأس. ويجب أنْ لا تتحجب المومس ، لا تضع نقاباً وتظل رأسها عارية ، وكل من يرى مومساً محجبة عليه أنْ يقبض عليها ويقيم الشهادة ويقدمها إلى محكمة القصر ، وهناك لا ينزعون حليها ولكن لمن قبض عليها أنْ يأخـذ ملابسها ، أنها تجلد خمسين جلدة بالعصي ويُصب القار فوق رأسها. وإذا رأي رجل مومسا محجبة وأطلقها دون أنْ يقدمها لمحكمة القصر يُجلد خمسين جلدة بالعصى، ويأخذ ملابسه من إدَّعى عليه ثمَّ تثقب أذناه وتربطان بخيط يُعقد وراء ظهره ثمَّ يقوم بأعمال السخرة للملك مدى شهر كامل.

أمـَّا الإماء فيجب ألاَّ يتحجبن ، وكل من يرى جارية محجبة ، يجب أنْ يقبض عليها ويأتي بها إلى محكمة القصر حيث تصلم أذناها ويستولي من يقبض عليها على ثيابها. وإذا رأى رجل جارية محجبة وتركها دون أنْ يقبض عليها ويقدمها لمحكمة القصر فإنه عند توجيه الاتهام واثباته يُجلد خمسين جلدة بالعصي وتثقب أذناه وتربطان بالخيط الذي يعقد وراء ظهره ويستولي من تولى الإدعاء عليه على ملابسه ثمَّ يُسَخَّر في خدمة الملك شهراً كاملاً.

وجاء في المادة (41) من نفس الشرائع : إذا أراد رجل أنْ يجعل محظيته تتحجب فليحضر خمساً أو ستاً من جيرانه ويحجبها في حضرتهم قائلاً "إنها زوجتي" وهكذا تصبح زوجة له والمحظية التي لم تضع الحجاب أمام الشهود من الرجال ولم يقل لها زوجها "أنتِ زوجتي" ليست زوجة، إنَّـها لا تزال محظية ، وإذا مات رجل ولم يكن لزوجته المحجبة أبناء فإنَّ أبناء المحظية يصبحون أبناء شرعيين ويأخذون نصيبهم من التركة. إنتهى النص" . ( )



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:51 PM   #[9]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

يتضح من النصوص الآشورية السابقة ، أن غطاء الرأس في المجتمع الآشوري ، لم يكن سوى امتياز طبقي ، للتفريق بين الحرائر والمسترقات في أحوالهن المختلفة ، فهو يلزم زوجات وبنات وآرامل الأحرار ، والعاهرات المقدسات المتزوجات ، بتغطية رؤوسهن، بينما يلزم العاهرات المقدسات غير المتزوجات والمومسات والإماء بكشف رؤوسهن .

برزت ذات المفاهيم ، حول ضرورة تميّز الحرائر عن الإماء في ملبسهن ، في صدر الإسلام في مجتمع المدينة ، فجاء على لسـان الواحدي ، صاحب كتاب ( أسباب النزول ) ، عن تفسير الآية الكريمة ،  يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ، قوله : "نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء (...) ، ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء ، ولكن لم يكن يومئذ تعرف الحرة من الأمة ، إنما يخرجن في درع وخمار. فشكون ذلك إلى أزواجهن ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانزل الله تعالى هذه الآية. فكان فساق المدينة يخرجون ، فإذا رأوا المرأة عليها قناع قالوا: هذه حرة فتركوها، وإذا رأوا المرأة بغير قناع قالوا: هذه أمة ، فكانوا يراودونها . حكمة الأمر هنا هي التمكين من التفرقة بين الحرائر والإماء ، وحماية الحرائر من عبث العابثين ليلاً في طرقات المدينة. " ( ).

و" نقرأ في كتاب طبقات ابن سعد الجزء السابع ص 127 أن "عمر بن الخطاب أمير المؤمنين كان يطوف في المدينة فإذا رأى أمة محجبة ضربها بدرته الشهيرة حتى يسقط الحجاب عن رأسها ويقول :فيم الإماء يتشبهن بالحرائر "، وقال أنس "مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال : أتتشبهين بالحرائر ألقى القناع"، وروى أبو حفص أن "عمر كان لا يدع أمة تقنع في خلافته "، ويقول كتاب المغنى الجزء الأول ص 351 عن إبن قدامة " أن عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة وقال اكشفي رأسك ولا تتشبهي بالحرائر"، وفى سنن البيهقي الجزء الثاني ص 227 يـروى عن أنس بن مالك " إمـاء عمر كن يخدمننا كاشفات عن شعورهن ".( )

و ذكر إبن كثير في تفسيره " كان فساق أهل المدينة يخرجون بالليل فإذا رأوا المرأة عليها جلباباً قالوا :هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباباً قالوا :هذه أمة فوثبوا عليها "، ويؤكد الطبري على نفس المعنى فيقول " يا أيها النبي قل لأزواجك ونساء المؤمنين لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن، ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يتعرض لهن فاسق "، وفى تفسير البيضاوي الجزء الرابع ص 386 " ذلك أدنى أن يعرفن يميزن من الإماء والقينات فلا يؤذيهن أهل الريبة بالتعرض لهن "، وفى كتاب الدر المنثور الجزء السادس ص 659 يقول " كان نساء النبى _صلعم_ وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل فأنزل الله الآية حتى تعرف الأمة من الحرة . وأخرج إبن سعد عن محمد بن كعب القرظى رضي الله عنه قال :كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن فإذا قيل له قال كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تعالى أن يخالفن زى الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن." ( ) .

ونفهم من هذه النصوص أن العرب قبل الإسلام لم يكونوا يميزوا بين الحرائر والإماء في الملبس . أن هذه التميز طرأ بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكانت النساء جميعهن حرائر أو إماء كاشفات عن رأسهن .



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:55 PM   #[10]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

وكحال الكثير من المجتمعات ، عرف السودان الرق ، منذ الممالك النوبية القديمة ، و كانت تجارة الرقيق ، إحدى مصادر الدخل ، لهذه الممالك( ). ولكن شح المراجع ، في هذا الموضوع ، لا يتيح لنا معرفة ما إذا كانت الجواري في تاريخ السودان القديم قد مُيزن بلباس خاص أم لا ؟

الشاهد أن النساء في العديد من مناطق السودان لم يعرفن الملابس ، ويرتدين فقط ما يعرف بالرحط( ) ( صورة رقم36) ، وقد كان هو الزي السائد إلى فترات تاريخية حديثة نسبياً ( حتى الثلث الأول القرن الماضي ). ولكن وفي فترات لاحقة عندما عرفت نساء السودان اللباس وتغطية الرأس ، ظهرت الأعراف التي تنظم لباس النساء المسترقات.

انقسمت أوضاع المسترقات في المجتمع السوداني إلى خمس درجات هي :
1- الجارية ( الخادم ):


جاء في قاموس اللهجة العامية في السودان أن " الخادم (س ) والجارية (ف) الذي يخدم للأنثى . منه المثل ( لا يجر ولا يخلي الخادم تجر ) (...) ونقول خادم الفكي مجبورة على الصلاة . و فلان قاعد زي خادم التكل . " ( ) ، ولا يطلق لفظ " خادم" للرجل في السودان ، وإنما يقال له " عب " أو " عبد" . والخادم تكون للخدمة المنزلية فقط ، بينما يعمل العبيد في الخدمة خارج المنزل في الحقول وغيرها.

ولم تكن الأعراف تسمح للخدم بتغطية رؤوسهن ، ولا زالت الأمهات في السودان ينهين بناتهن عن السير دون وضع غطـاء الرأس بقولهن ( ارفعي مقنعك ما تمشي زي الخدم ) أو ( ما تمشي متل الفاتية ). واستخدام مفردة (فاتية) بدلاً عن مفردة ( خادم ) في مواعظ الأمهات السودانية ، يشير إلى أن استغلال الخدم في تجارة الجسد كان سائداً ، إذ أن مفردة فاتية تعني عاهرة ( ) .

2- الخليلة :
هي الخليلة المعروفة في اللغة العربية ، وهي جارية المتعة ، وتسري عليها نفس الأوضاع بشأن اللباس ، فلا يسمح لها بتغطية رأسها .

3- السرية :
والتسري معروف عند العرب وفي ثقافتهم ، وجاء في قاموس اللهجة العامية أن "السرية الأمة التي يتزوجها سيدها وولدها حر" ( ) . وترتدي السرية ما ترديه الحرائر ، فتضع غطاء على رأسها .

4-أم الولد :
أم الولد هي الجارية ، التي تنجب ولداً ذكراً ، فيقوم سيدها (بتقنيعها) وتحريرها وعتقها . وجاء في لسان العرب أن " المِقْنَعُ والمِقْنَعةُ؛: ما تُغَطِّي به المرأَةُ، رأْسَها ، وفي الصحاح: ما تُقَنِّعُ به المرأَةُ رأْسَها، (...) وقَنَّعْتُها: أَلبستها القِناعَ فتَقنَّعَتْ به؛ والقِناعُ والمِقْنَعةُ: ما تتَقَنَّعُ به المرأَةُ من ثوب تُغَطِّي رأْسَها ومحاسِنَها." ( ) . وجاء في قاموس مختار الصحاح أن " المِقْنَعُ و المِقْنَعَةُ بكسر أولهما ما تقنع به المرأة رأسها و القِنَاعُ أوسع من المِقنعة" ( ) . وجاء في قاموس اللهجة العامية " القناع (ف) المٌقنع (س) ما تغطي به المرأة رأسها" ( ).

و ( التقنيع) في المجتمعات السودانية التي عرفت الرق ، يشبه ما كان يحدث عند الآشوريين ، عندما يرغب احدهم في عتق محظيته ، فهو يتم بشهود ، وعندما تسبل الجارية مقنعها ، تصبح حرة ، ويعتبر أولادها ، أبناء شرعيين ، حتى أولئك الذين أنجبتهم قبل تقنيعها.

5- المعتقة :
هي الجارية أو الخادم، التي يتم عتقها لأي سبب من أسباب العتق . فتصبح حرة، وتسري عليها الأحكام العرفية والفقهية، التي تسري على الحرة. وتلبس ما تلبسه الحرائر .

وقد يفسر التلازم بين غطاء الرأس ، والوضع الاجتماعي للحرائر والإماء ، المدح الذي يقال للرجال في شمال ووسط السودان ، بوصفهم بـ (مقنع الكاشفات) . وقد ورد في قاموس اللهجة العامية أن "مقنع الكاشفات : يا من تغطي الكاشفات " ( ) .

وهي قد أتت هذه التسمية من بالحروب القبلية التي عرفها المجتمع السوداني ، فعندما تكشف المرأة رأسها ، فإن ذلك يعني طلبها للحماية ، وأنها قبلت بالأخذ كسبية . وتوجب على فرسان القبيلة ، حماية نسائها من كشف رؤوسهن ، والاستبسال والموت دون ذلك ، ولذلك نجد أن نساء القبائل العربية في الشمال والوسط يمجدن ( مقنع الكاشفات ) في أشعارهن الشعبية ( ).

وفي حالة السلم يعني كشف رأس المرأة ، أمام الرجل الغريب، عند طلبها لحاجة ما ، إلحاحها في تنفيذ هذه الحاجة ، وأنها دون ذلك سوف تصبح ذليلة ، فدور مقنع الكاشفات ، يتطلب من الرجل فعل المستحيل ، لتجنيب نساء قبيلته كشف رؤوسهن ، الذي يعني وضاعة وضعهن الاجتماعي ، وتشابه حالهن بحال المسترقات ، و إلا لحق به وبقبيلته العار .

ولا زالت النساء السودانيات في الشمال والوسط ، يكشفن رؤوسهن عند التوسل في أضرحة الأولياء والصالحين . وعند الدعاء على من يظلمهن . فتقول أحداهن " كشفت راسي ودعيت " وهي متيقنة من أن الله سوف يستجيب لدعائها كونها ذليلة.

وبينما يكون كشف رأس الحرائر ، إشارة ذل كما أوضحنا بعالية ، يكون كشف الرأس في ممارسات شعبية أخرى ، إشارة عز وأصل وجاه . ففي ما يعرف بالسيَّرة ، وهي خروج زفة العريس السوداني إلى بيت الزوجية ، كان التقليد عند الكثير من القبائل العربية في شمال ووسط السودان ، أن يركب العريس على جواد أصيل ، وان تمسك بنات عمومته برسن الجواد ، ويقدنه كاشفات عن رؤوسهن حتى منزل الزوجية ، وتتغنى المغنيات الشعبيات بذلك في ما يعرف بأغاني البنينة والعديلة والسيرة .

وفي الاحتفال بالمناسبات الاجتماعية في شمال ووسط السودان، حيث تســود رقصة (الحمامة) أو رقصة ( الرقبة ) ، يكون في تغطية شعر المرأة عند الرقص، أو عندما يأتي احد الحاضرين في الحفل لأخذ الشبال إهانة كبيرة له ، وإعلان من الراقصة عن رفضها منح الشبال لهذا الشخص ( ).



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:57 PM   #[11]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]ثانياً : أنواع واستخدامات بعض أغطية الرأس لدى النساء في السودان[/align]

تظهر بعض الآثار النوبية ( 6000 ق. م ) النساء وهن يضعن على روؤسهن تلك التجيان التي تشبه تيجان الملكات الفرعونيات . ولا ندري إن كانت النساء من العامة في تلك الفترة يضعن أغطية على رؤوسهن أم لا ؟!! فالآثار توثق في الغالب للحكام وليس للشعوب . (صورة رقم 37).

وفي مراحل تاريخية لاحقة ارتدت الفتيات في غالب مناطق السودان الرحط ( ). وذكرت بعض كتب الرحالة، أن هذا الزي ترتديه الفتيات في السودان، منهم الرحالة بوركهارت الذي زار شمال السودان في عام 1814م . ونعوم شقير في العام 1903م ( ). وقد تستبدل النساء الرحط الجلدي بقماش، يرتدى ما بين الخصر والركبة، وقد يكون في ذلك دلالة اقتصادية وإجتماعية، بحسب غلاء الجلد أو القماش، كما في هذه الصورة، التي أخذت لفتاة، من منطقة قنتي بشمال السودان، في العام 1905م.(صورة رقم 38) .

وكان الرحط لباسـاً للفتيات حتى يتزوجـن ، ثم يستبدلنه بعد الزواج بثـوب " يسمى (القَرِن) ( ) ، وهو يشبه إلى حد ما الطرحة الحالية " ( ) . أو بالقرقاب ، وهو إزار حول الخصر. وثم أصبحت الفتيات يلبسن قطعة من الدمور ( القماش القطني المنسوج يدوياً ) فوق الرحط . و تجاور ارتداء التوب السوداني ، والرحط ، ولكن الأخير أصبح لبساً للجواري فيما بعد ( ) ، وهو ما أشار إليه روزنيولي ، الإيطالي الذي عاش في أمدرمان إبان فترة الدولة المهدية ، ففي معرض حديثه عن سكان أمدرمان قال : " ففي هذا المعرض يمر الإنسان العريان كما ولدته أمه ، ومن هم في مصاف الطوطم ، والنساء المحجبات اللائي لا يكشفن عن أعينهن وأخريات ليس عليهن إلا خرق حقيرة تستر العورة فقط " ( ).

اندثر ارتداء الفتيات للرحط في الثلث الأول من القرن الماضي. ولكن ظلت العروس السودانية ترقص مرتدية الرحط فقط ، واستمرت هذه العادة حتى أربعينات القرن الماضي . ولا زالت ذاكرة رواة التاريخ الشفاهي ، في السودان ، تحفظ كيف أن الأستاذ محمود محمد طه، زعيم الحزب الجمهوري، رفض أن ترقص عروسه بالرحط ، بعد أن لاحظ تأثرها الشديد ورفضها البائن لهذا الطقس، وقد يشير رفض العروس للرقص بالرحط ، إلى أن فترة الأربعينات ، قد شهدت بداية اندثار هذه العادة . وفيما بعد ارتبط الرحط بالعذرية في الثقافة الشعبية، وانتقل إلى الممارسات الفلكلورية ، ضمن طقوس الزواج السوداني ، في شمال ووسط السودان ، حيث لا زالت تسود عادة ( قطع الرحط )، فترتدي العروس الرحط تحت فستانها ، ويقوم العريس أثناء حفل العرس ، وطقس رقصة العروس ، بقطع سبعة من الخيوط الجلدية من الرحط ، إعلاناً عن انتقال الفتاة إلى حياة الزوجية.

وربما يفسر انتشار هذا اللباس ( الرحط ) ، في مناطق تسود فيها الديانة الإسلامية ، أن الإسلام انتشر في السودان عن طريق الطرق الصوفية ( ) ، وتعامل المسلمون هناك مع لباس النساء بكل تسامح ودون أي تشدد ديني ، تدعمهم في ذلك مرجعيتهم الصوفية ، فجسد المرأة عند المتوصف الأكبر محي الدين ابن عربي ، ليس بعورة ، وإن تم أمرها بالستر في مذهبه ومذاهب غيره. فقد جاء على لسانه " أما مذهبنا فليس العورة في المرأة أيضاً إلا السوأتين كما قال تعالى  وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة  ( الأعراف /22 ، وطه 121) فساوى بين آدم وحواء في ستر العورتين وهما السوأتان " ( ). أو ربما اعتبر فقهاء ذلك الزمان ، أن نساء السودان جميعهن جواري . خاصة بعد ارتباط الرق بالزنوج وبذوي البشرة السوداء . وبالتالي تسري عليهن الفتوى القائلة بأن " عورة المرأة جسمها كله ما عدا الوجه والكفين إذا كانت " حرة " أما الجارية أي " المملوكة " فعورتها مثل الرجل من فوق الركبة إلى تحت السرة " ( ).



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 05:59 PM   #[12]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

ثم انتشر ارتداء الملابس المختلفة في السودان ، وغطت النساء رؤوسهن بأنواع مختلفة من أغطية الرأس . وسنحاول هنا التطرق لبعضها واشهرها مثل :


1) التوب:
هو قطعة من القماش يبلغ طوالها، نحو أربعة أمتار ونصف تلف بها المرأة جسدها كاملاً من اخمص قدمها وحتى رأسها . وجاء في قاموس اللهجة العامية بالسودان أن " توب (س) ثوب (ف) ما تلبسه النساء ويتلفحن به ( ) ( صورة رقم 39: 1-2) . و لكن الثوب يتلفح به الرجال أيضاً في شرق ووسط وشمال السودان ( صورة رقم 40) . وتكون ثياب الرجال بيضاء على الدوام، بينما يمكن للنساء لبس الأبيض وجميع الألوان الأخرى، ولكن تختلف طريقة ارتدائه ما بين الرجال والنساء، فالرجال لا يسمح لهم اجتماعياً بتغطية رؤوسهم بـ (التياب) ، في حين أنه غطاء الرأس الأكثر انتشاراً بين النساء في الوسط والشمال ، ويستخدم التوب الأبيض أيضا في تغطية الجثامين بعد تكفينها عن المسلمين في السودان.

ويبدو أن الثوب دخل إلى السودان مع الهجرات العربية ، التي جاءت من شمال أفريقيا ، عقب انتشار الطرق الصوفية ، حيث يسود نفس هذا اللباس في بعض مناطق المغرب العربي، وموريتانيا ، لدى قبائلها ذات الجذور المغربية .

ترتدي النساء التوب تغطية رؤوسهن فقط دون الوجه ، ولكن في فترة حكم الدولة المهدية ، صدر قانون مهدوي يلزم النساء بتغطية الوجه ، فظهر ما يعرف بكسر " ( البلامة ) وهي استخدام جزء من الثوب الذي تلف به المرأة جسمها لتغطية وجهها ) " ( ) (صورة رقم 41) . والغريب أن هذه البلامة نفسها ، أصحبت مستهجنة ومدانة أخلاقياً ، في مراحل تاريخية لاحقة ؛ إذ ارتبطت بالعاملات في البغاء، و أصبحت الأمهات ينهين بناتهن عن تغطية الوجه ، في حين يأمرنهن بتغطية الرأس . هذا في الوقت الذي تسود فيه تغطية الوجه دون هذه المحاذير الأخلاقية ، في مناطق شرق السودان ، خصوصاً ، عند قبائل الرشايدة ، حيث ينصب الاهتمام بتغطية الوجه ، دون تشدد في وضع الغطاء على الشعر . ( صور رقم 42 -1 ، 2) . وترتدي نساء القبائل التي تسكن شـرق السودان ، من هدندوة وبني عامر وغيرهم من قبائل البجا ، نوعاً مميزاً من التوب السوداني ، يسمى (فردة كسلا) ، والفردة توب ينسج محلياً من القطن ، ولـه ألوان مميزة وجذابة (صور رقم 43-1 ، 2).



2) الجدلة:
جاء في لسان العرب أن " الجَدْل: شِدَّة الفَتْل. وجَدَلْتُ الحَبْلَ أَجْدِلُه جَدْلاً إِذا شددت فَتْله وفَتَلْتَه فَتْلاً مُحْكَماً؛ قال: وربما سُمِّي الوِشاح جَدِيلاً؛ والجَدِيل: حَبْل مفتول من أَدم أَو شعر يكون في عُنق البعير أَو الناقة، والجمع جُدُلٌ" ( ).

أما في القاموس المحيط فقد ورد " جدله يجدله ويجدله: أحكم فتله. والجديل: الزمام المجدول من أدم، وحبل من أدم أو شعر في عنق البعير " ( ).

وجاء في قاموس اللهجة العامية أن " الجَدْلَةْ حرير أحمر مفتول يشد إلى القرطين بحيث يمر بأعلى الرأس ، والعرب تسميها .. الجَدِيل وهو الزمام والحبل المفتول " ( ). ولكن ما يطلق على الجدلة الآن ، هو شعر مستعار مجدول على الطريقة التقليدية السودانية في تسريح الشعر(المشاط) ، ومزين بجدائل الحرير الحمراء ، وحلى ذهبية تتلى على الجبين وتتصل بالأنف ، تسمى (الزمام) .ويشبك بالجدلة قرطين كبيرين، كانت تلبسهما النساء السودانيات في الماضي، تسميان (الفِداء أو الفِد ) ، وتخرم الأذنين من طرفيهما العلوي للبس الفدو ، وبعد اندثارها، واختفاء تخريص الآذان من الجانب العلوي ، صارتا تشبكا بالجدلة . صورة رقم (44 : 1 ، 2) .

ترتدي العروس ـ في وسط وشمال السودان ـ (الجدلة) ، أثناء طقس الجرتق ورقصة العروس ، وقد لبستها بعض المحجبات في حفلات أعراسهن ، باعتبارها ليست شعرهن الحقيقي ، فقد اعتبرنها غطاء لشعرهن الحقيقي ، الذي يتشددن في عدم إظهاره وفقاً لبعض الفتاوي الدينية.

3) الِفركة:
عبارة عن قطعة مستطيلة من القماش الحريري، وعرفها قاموس اللهجة العامية بأنها "ضرب من الثياب يلبس فوق ثياب المرأة" ( )، وهناك نوعان من الفركة، الأول فركة أم صفيح، وتستعمل كإزار ترتديه النساء (القرقاب). أما فركة القرمصيص فتستعمل كغطاء للرأس عند العروس السودانية أثناء طقوس الجرتق، وعند أداء رقصة العروس، ( صورة رقم 45: 1، 2) .



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 06:00 PM   #[13]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

4) الحجاب:
عرفته الدكتورة رؤوفة حسن بأنه " غطاء الشعر أو غطاء الرأس للنساء فقط، فليس كل ما يغطي رأس الرجال قابل للتسمية بحجاب، بل هو عمامة أو مشدة أو سماطة إلى أخرهـ. وهو حاليا ما يمثل هوية النساء المسلمات كجاليات في أوروبا، (...) والحجاب هي كلمة مستخدمة للقطعة المستطيلة من القماش التي قد تسمى "شال"، الذي يتم لفه على الرأس على نحو مغاير لما كان يدعى "حجاب" في بداية القرن الماضي وكان يقصد به نقاب" ( ). ووقد ظهر في السودان منذ نهاية الستينات وبداية السبعينات مع نشاط تيار الاسلامويين عقب المصالحة التي تمت مع نظام النميري . ( صورة رقم 46).

5) الطرحة :
عرفها قاموس اللهجة العامية السودانية بأنها " عند العامة غطاء مستطيل للرأس هو الخمار " ( ) وقد جاء نفس هذا التعريف في ورقة الدكتورة رؤوفة حسن (الإطار المفاهيمي : غطاء الرأس في المجال العام بين الثقافي والديني) المقدمة إلى هذه الندوة عن المنجد، وقد أضاف تعريف الدكتورة رؤوفة حسن " قطعة في الغالب مستطيلة شفافة توضع على الرأس أو تلف به. والطرحة الأكثر شهرة في المنطقة العربية هي الطرحة البيضاء التي توضع على رأس العروس"( ) ، ولكنها في السودان تكون غير شفافة ، وتكون من الأقمشة القطنية الثقيلة بالإضافة إلى الأقمشة الحريرية وغيرها . صورة رقم (47).

ساد ارتداء الطرحة ، في الأرياف ، حيث تسهم النساء في الرعي والزراعة ، وقد لبستها أيضاً صغيرات السن في المدن . وتستبدل الطرحة بالتوب بعد أن تبلغ الفتاة مراحل النضج ، وهو ما وثقته بعض الأغاني السودانية ( ). و كانت ترتديها النساء في أمكان العمل حينما تضطرهن ظروف العمل لخلع أثوابهن ـ كما في المصانع وغيرها . وطريقة إرتداء الطرحة هي التي تحدد ما إذا كانت مرتديتها (محجبة)، أم أنها ترتدي الطرحة فقط ، فعندما يتم لف الطرحة بإحكام حول الرأس والعنق ، بحيث لا تسمح بإظهار الشعر ، وتثبيتها بالدبوس تكون حجاباً .

6) الجرجار :
هو عبارة عن عباءة سوداء تلبس فوق الفستان، ومعها غطاء للرأس (طرحة) قد تكون سوداء ، أو بيضاء ، أو ملونة ، وهو يشبه ما ترتديه النساء في صعيد مصر . صورة رقم(48-1 ، 2) ، وذكر قاموس اللهجة العامية أن " الجاجار ثوب أسود طويل ينجر على الأرض لطوله " ( ) ، وهو منتشر في مناطق أقصى شمال السودان ، وخاصة في مناطق حلفا القديمة . ولكن مع انتشار ( التوب السوداني ) في هذه المناطق ، أصبح (الجرجار)، لباس كبيرات السن ، وتم استبداله بالتوب عند الشابات .

7) الإيشارب ـ منديل الرأس :

لم تجد معدة الورقة، مفردة ( ايشارب) في القواميس في:لسان العرب، مختار الصحاح، القاموس المحيط، أوقاموس اللهجة العامية في السودان، ويبدو أنها مأخوذة من المفردة الفرنسية (écharpe) . وإذا كانت هذه المفردة تعني في العربية ( وشاح ) إلا أن الإشارب في السودان هو نفسه المنديل، أو ما يطلق عليه منديل الرأس في اليمن، ومصر وغيرها من البلاد العربية، وقد عرفته الدكتورة رؤوفة حسن بأنه " قطعة ملونة مربعة من القماش. قد تكون خفيفة شفافة وقد تكون سميكة. يتم ثنيها على شكل مثلث ويربط بها الرأس أو العنق. وهي غطاء الرأس الذي ساد في السبعينات " ( ). صورة رقم(49: 1، 2، 3) .

ترتدي بعض النساء في جنوب السودان ، منديل الرأس أو الإيشارب مع أزيائهن الشعبية أو حتى مع الازياء المعاصرة . وعند قبيلة الفلاتة ، والتي لها وجود كبير في غرب السودان ، بالإضافة إلى بعض المناطق الأخرى في وسط السودان، والمعروفة بتدينها الشديد ، ترتدي الفتيات منديل الرأس حتى صغيرات السن منهن أو الطفلات ، وتلبس النساء منهن ، منديل الرأس تحت التوب السوداني ، ولأن قبيلة الفلاتة من قبائل الهامش ،التي عانت استعلاءً عرقياً وثقافياً ، شُبهت (المحجبات) في بداية ظهور (الحجاب) ، في السودان ، في سبعينات القرن الماضي ، بالفلاتيات ، فيقولون (فلانة مكربة رأسها زي الفلاتية) ، وهو قول يتضمن استعلاء عرقي ، إذ يعتقد أن نساء الفلاتة يغطين شعرهن لان السمت الإفريقي ، يظهر جلياً في خشونة الشعر ، وبالتالي فإن من تغطي شعرها من نساء القبائل العربية ، بحيث لا يبرز أي جزء منه ، فإنها تحاول أن تخفي جذرها الإفريقي ، الذي يطلق عليه أهل تلك الثقافة (العِرق) بقولهم انه فلان فيه (عِرق). وربما لهذا السبب ، تكشف النساء العربيات، في بعض القبائل عن رؤوسهن ، في طقس السيرة الذي أشرنا إليه سابقاً .

8) الكتنجة :
لم تجد معدة الورقة مفردة كتنجة في كل من : قاموس لسان العرب أو القاموس المحيط أو مختار الصحاح ، كما لم ترد أيضاً في قاموس اللهجة العامية السودانية ، ولكنها تعني في لهجة (عربي جوبا) نوع من أغطية الرأس التي ترتديها النساء ، وتتميز الكتنجة بطريقة ربطها المميزة من الأمام ، وربما يعود أصلها اللغوي إلى الكلمة الانجليزية (cut) ، إذ أنها قطعة من نفس قماش اللاوي أو الفستان والذي ترتديه المرأة ، يكون في الغالب من القطن. ( صورة رقم 50) . وتعتمرها النساء في جنوب السودان ، وفي بعض المناطق في غرب السودان ، وهي معروفة أيضاً في عدد من دول وسط وغرب أفريقيا .

9) الكنقا :
نوع اللباس الذي ترتديه النساء في جنوب السودان ، وهو عبارة قطعة مستطيلة من القماش تربط في الخاصرة ويرفع ما تبقى منها من الخلف ليلف بالرأس فيما يشبه العمامة ، ولم تجد معدة الورقة مفردة (كنقا) في القواميس، وربما تكون مأخوذة من مفردة ( كِنْجة ) العامية السودانية ، وهي تعني التوب . ( ) ( صورة رقم 51-1، 2). وترتديها النساء في بعض مناطق جنوب السودان ، وهي أيضاً من الأزياء المنتشرة في غرب ووسط أفريقيا .



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 06:03 PM   #[14]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]ثالثاً : غطاء الرأس والهوية السياسية للناشطات السودانيات[/align]

تعبر أزياء الناشطات السودانيات ، عن مواقفهن الفكرية وهويتهن السياسية ، بقدر كبير من المباشرة ، فالنقاب مع العباءة السوداء ، يتم تصنيف مرتديته على الفور بأنها من جماعة أنصار السنة ، وهي جماعة وهابية موجودة في السودان ، وكانت عضواتها من النساء وحتى منتصف الثمانينات يرتدين الجوارب والقفازات والثوب السوداني . ثم بدأن في إرتداء النقاب المعروف في السعودية واليمن ، وقد تنامى وجود هذه اللباس في الشارع السوداني خاصة بعد الانتشار النسبي لتيار السلفيين و نشاط حركتهم وسط الطلاب ، مما أسفر عن حصولهم على بعض المنابر النقابية الطلابية في بعض الجامعات السودانية .

و ارتداء الطرحة تحت التوب السوداني والحرص على تغطية الأذنين والعنق بالطرحة ، تصنف مرتديته بالانتساب إلى تيار الإسلام السياسي في السودان ، سواء كان حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، كما تظهر زوجات رئيس الجمهورية ، ( صورة رقم 53 ) ، و( صورة رقم 54) ، وقيادات الاتحاد العام للمرأة السودانية ، والوزيرات والبرلمانيات (صورة رقم 55) ، أو كن ينتمين إلى حزب المؤتمر الشعبي المعارض . وقد حورت بعض منتسبات هذا التيار إرتداء التوب التقليدي ، ليتناسب مع مقولات الزي الشرعي (الحجاب) ، التي ينادين بها ، فأصبحن يرتدين التوب ويتلفعن بطرف منه ، بحيث يغطي الشعر والرقبة بنفس الشكل الذي تلف به الشيلان أو الطرح عند المحجبات. ( صورة رقم 56 ) .

أما لبس التوب ، مع منديل الرأس ، دون التشدد في تغطية الأذنين والعنق ( صورة رقم57)، يكاد أن يكون زي المنتميات إلى كيان الأنصار وحزب الأمة فترديته غالبية الناشطات المنتميات لهما.

وإرتداء الثوب الأبيض ، دون أن يكون هناك ، أي نوع من الغطاء تحته ، فهو زي العاملات والموظفات ، ولكن الظهور به في المناسبات الاجتماعية ، وخارج ساعات العمل وأماكن الوظيفة ، يشير إلى أن مرتديته ، تنتمي إلى حركة الأخوان الجمهوريين . فقد اشتهرت الأخوات الجمهوريات، بثيابهن البيضاء ، في سبعينات القرن الماضي ، أثناء الحملات التروجية لحركتهم ، والتي شاركن فيها بفعالية وحضور كان غريباً آنذاك على الشارع السوداني . ( صور رقم 58- 1 ، 2 ) .

ارتدت المحافظات في تيار اليسار السوداني فقد التوب ، وشجعن على إرتدائه( ) ، أمثال السيدة فاطمة احمد إبراهيم ، أول برلمانية سودانية ، ورئيسة الاتحاد النسائي السوداني ، صورة رقم (59) ، والسيدة حاجة كاشف بدري ، التي نشرت مقالاً في عام 1955م بعنوان (دفاعاً عن زي المرأة السودانية ) ( ) وغيرهن. وأما الراديكاليات في نفس التيار ، فقد تميزن بعدم التزامهن ، بلبس الثوب السوداني ، وأبرزهن الأستاذ سعاد إبراهيم احمد عضوة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني التي لم تظهر مرتدية الثوب ، أو إي نوع آخر من أغطية الرأس ( صورة رقم 60) . أما السيدة نعمات مالك ، زوجة الزعيم الشيوعي الراحل عبد الخالق محجوب ، والناشطة المعروفة ، فتظهر حيناً بالبدلات النسوية العصرية (صورة رقم 61)، وأحياناً أخرى ، بالتوب التقليدي. وعلى نفس منوال السيدة نعمات مالك ، في المراوحة بين ارتداء التوب، وخلعه ؛ يجئ مظهر، بعض الوجوه السياسية، التي برزت مؤخراً في الساحة السودانية، مثل الدكتورة آمنة ضرار، رئيسة حزب مؤتمر البجا، صورة رقم (62)؛ والأستاذة هالة عبد الحليم محمد، رئيسة اللجنة التنفيذية، لحركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) ( صورة رقم 63) .

أما الناشطات من جنوب السودان، فيظهرن في معظم الأوقات في البدلات النسوية الحديثة، وأحياناً في بعض الملابس التقليدية، التي يكون غطاء الرأس جزء منها، كالكنقا والكتنجة. فغالبية البرلمانيات، اللواتي تصل نسبتهن إلى 25% من أعضاء البرلمان، بحسب نص اتفاقية السلام الموقعة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، يظهرن في جلسات البرلمان، وهن مرتديات الكتنجة، كما ترتديها الدكتورة تابيتا بطرس شوكاي، وزيرة الصحة الاتحادية، في اغلب الأوقات . ولكن الكتنجة لا تعبر عن الهوية السياسية، للناشطات من جنوب السودان والمتنميات إلى الحركة الشعبية فحسب، فقد ارتدها عضوات حزب المؤتمر الشعبي من جنوب السودان أيضاً . فهي تعبر عن أفريقانية هؤلاء النشاطات وانتمائهن إلى جنوب السودان ، وتعلن عن هويتهن الأفريقية، دون دلالة سياسية معينة . ولا تعبر أيضاً عن هوية دينية، فالمسيحيات والمنتميات ، إلى ديانات أخرى في الجنوب والغرب يرتدينها ، كما ترتديها النساء المسلمات في السنغال ومالي ، وغيرها من دول وسط وغرب أفريقيا.

ظهرت السيدة ربيكا قرنق ، وزيرة المواصلات في حكومة جنوب السودان ، وزوجة الزعيم السوداني الراحل جون قرنق ، في أكثر من مظهر (بدون ومع غطاء للرأس). فقد ظهرت في احتفالات توقيع اتفاقية السلام السودانية بنيفاشا، وهي ترتدي بذلة أوربية نسوية كاملة ، بما فيها القبعة التي ترتديها السيدات في أوروبا ( صورة رقم 64-1 ) . ثم ظهرت في البذلة النسوية الحديثة ، دون غطاء رأس ، أثناء استقبالها لوزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس ( صورة رقم64-2) ، و ظهرت وهي تعتلي المنبر ، وتخاطب جماهير الحركة الشعبية ، مرتدية اللاوي وتغطي رأسها بمنديل ، جعلت من ربطته أشبه بالكتنجة (صورة رقم 64-3) ، ثم ظهرت وهي ترتدي اللاوي دون غطاء رأس (صورة رقم64-4) .



  رد مع اقتباس
قديم 17-04-2006, 06:05 PM   #[15]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]الفصل الثالث
دور الدولة في فرض غطاء الرأس [/align]


في الغالب الأعم ، لا تتدخل السلطات الرسمية للدول ، في أزياء مواطنوها ، باستثناء القرارات التي تصدرها جهات محدودة ، مثل : المؤسسات العسكرية ، أو وزارت التربية والتعليم ، التي تصدر منشورات ، بشأن الأزياء المدرسية ، أو وزارة الصحة بإلزام العاملين العاملات ، في حقول معينة بارتداء ملابس واقية ، كالعاملين و العاملات في الأشعة والمعامل وغيرها ، أو تلك التي القرارات تصدرها بعض المصانع بغرض إجراءات السلامة المهنية أو ضبط المواعيد دوام.

ولكن الوضع في السودان جاء على غير ما ذكرنا في الفقرة السابقة ، وشهدت بعض الحقب التاريخ فرض ارتداء بعض أغطية الرأس على النساء والرجال معاً ، سنتناولها فيما يلي :

1) الدولة وغطاء الرأس الرجالي :
ألزمت سلطات الاحتلال الثنائي ، موظفو السلك الإداري ، بارتداء البرنيطة والشورط أو الطربوش ، مع البنطلون . بينما ألزم العمال في ذات السلك ، بارتداء الشورط دون التقييد بغطاء الرأس . ألزمت هيئة السكة حديد ، موظفوها بارتداء يونفورم خاص بها ، يحتوي على برنيطة منقوش عليها شعار هيئة السكك الحديدية في السودان ، بينما لم يلزم العمال في ذات الهيئة بإرتداء البرنيطة (صورة رقم 65) ، كما الزم الكماسرى في شركات النقل بارتداء يونفورم تعد البرنيطة جزءً منه .

عقب الاستقلال ، لم تكن هناك قرارات ، بشأن زي موظفي الدولة ، ولكن كان هناك إلزام عرفي ، يأخذ قوة القانون ، في إلزام العاملين بعض الوظائف ، كالمحاماة مثلاً ، حيث يلتزم العاملون في هذا الحقل ، إما بارتداء البذلة الكاملة مع ربطة العنف أو ارتداء روب المحاماة مع البنطلون والقميص دون ربطة العنف . ولم يعرف الموظفون عموماً في السودان ارتداء الملابس الشعبية في أماكن العمل ، وكان اللبس المعروف لاصحاب الوظيفة العامة ( عرفياً ) ، هو البنطلون والقميص ، أو البذلة الكاملة أو السفاري ، ولكن كانت الرؤوس في الغالب حاسرة ، واستمر هذا الوضع حتى عام 1989م .
بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة في 1989م ، صدر قرار يلزم مذيعي نشرة الأخبار في التلفزيون ، بارتداء الجلابية والعمامة ، ولكن مقدمو البرامج الأخرى يمكنهم الظهور بالبذلة أو البنطلون . باعتبار أن هذا الزي ، هو الزي القومي السوداني ، حسب ما رأى صانعو القرار .

وإعتبار أن العمة والجلابية والتوب ، هي الزي القومي السوداني ، ليست بدعة ، ابتدعتها حكومة الإنقاذ ، التي يعتبرها البعض ، حكومة اليمين المتطرف في السودان ، إذ أن جماعة مثل ( اتحاد الشباب السوداني ) ، المحسوبة كواجهة من واجهات الحزب الشيوعي السوداني ، ترفع شعاراً تشكيلياً ، يحتوي رسماً لصورة شاب بالعمامة وإمرأة بالتوب السوداني ، ما جعل البعض يتساءلون عن مصداقية هذه المنظمة ، في التعبير عن كافة شباب السودان ، وهل هي منظمة للشباب السوداني ، أم للشباب في منطقة شمال ووسط السودان ، حيث يسود ارتداء العمائم والثياب

عقب ذلك القرار أصبح بعض موظفي الدولة يذهبون إلى مكاتبهم وهو يرتدون الجلابية والعمامة ، و هي فقط دون سائر الأزياء الشعبية في السودان ، التي وجدت طريقها للظهور في مجال الوظيفة العامة .

ثم أصدرت السلطة قراراً آخر ، يقضى بأن جميع موظفي الخدمة المدنية ، لن يحصلوا على الترقية ، مالم يلتحقوا / ن بمعسكرات الدفاع الشعبي ، وهنا نستطيع القول أن الدولة بهذا القرار قد ألزمت منتسبي الخدمة المدنية في سنوات حكم الإنقاذ الأولى ، بإرتداء زي الدفاع الشعبي ، وهو زي خاص اشبه بالازياء العسكرية يتكون من سروال وقميص طويل غطاء للرأس يشبه الكاسكيت الذي يرتديه الجوالة .

الزي المدرسي كان مجال تدخل الدولة في الملبس ، منذ أن تبلورت الدولة الحديثة في السودان ، ففي عهد الحكم الثنائي . فقد كان الطلاب يلزمون بارتداء الشورت والقميص ، ولكن لم يفرض عليهم أي نوع من أنواع أغطية الرأس ، ولم يكن هناك تشدد في التزام الطلاب بالزي المدرسي ، إذ كان يسمح للطلاب الحضور بأزياءهم الشعبية ، التي تشتمل على غطاء الرأس (العمة)، خاصة في المرحلة الأولية ، أما طلاب المرحلة الوسطى والثانوي العالي ، فقد كانوا ملزمين بارتداء الشروط والقميص ذو الأكمام القصيرة ، دون غطاء للرأس ، وكان هذا الزي المدرسي سائداً حتى استقلال السودان في العام 1956م ، عندما ظهرت الدعاوى بضرورة التخلص من الشورط ، باعتباره زي المستعمر . وفرضت الجلابية والعمامة على الطلاب ، وكان ذلك إبان حكم الفريق إبراهيم عبود في عام 1958م . واستمرت العمامة جزء من الزي المدرسي ، إلى أن أستحدث الرئيس جعفر النميري ، ما سمي بالسلم التعليمي ، وهو تعديل لسنوات المراحل الدراسية المختلفة ، وكان ذلك في بداية العهد المايوي 1969 ـ 1970م ، وتغير الزي المدرسي مع هذه التعديلات ، فألغيت العمامة والجلابية ، وعاد الشروط مرة أخرى ، كزي مدرسة لطلاب المرحلة الابتدائية والوسطي ، والبنطلون لطلاب المرحلة الثانوية .



  رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 05:58 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.