نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-08-2020, 06:09 PM   #[1]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي “من ضيع السودان” عشر مخازٍ سودانية - “عثمان ميرغني” ومناقشات ساخنة


مقدمة

كتب المهندس عثمان ميرغني - الصحفي في صحيفة التيار
حوالي 22 مقال بعنوان ’’تحقيق - من ضيع السودان ؟؟ عشر مخازي‘‘
لم نكن لنقف علي كتابته مالم يسميه بالتحقيق ، ومن ثم يحشوهـ حشوا ، ويشوهـ مايريد فيدين من يغضبه ويصفح عن من يعجبه ، وهذا في رأيي ’’عين الرضا عن كل عيب ..‘‘ وهذا ما حدا بنا بنقل مجموع التحقيق ، مع نقل اي تعليق إن وجد عليه ، وإضافة تعليقنا وقراءتنا ... فالتاريخ لايخضع لرغبة الاهواء ولا لأقلام راضية واقلام ساخطة ، بقدرماهوعملية نقل لمشاهد وحراك يلزمه مكان وزمان وإنسان .. يديرهـ عوامل حياتيه مع الايمان التام بالتغيير والتغير الذي يحدث في ناموس الكون ..
ولكل حدث ظروفه ومسبباته وزوايا قراءة متعددة ..
ولايوجد من يمتلك كل الحقيقة ، ولاناصية الحق وحدهـ ..
وكما قال علي بن ابي طالب .. ’’لكل زمان رجاله ...‘‘
فالي مجموعة تحقيقات المهندس عثمان ميرغني ... من صحيفة التيار



اقتباس:

“من ضيع السودان” عشر مخازٍ سودانية – الحلقة (1)
عثمان ميرغني
الاقتباسات:
اخترت لكم (عشر مخازي سودانية).. من تاريخنا تكشف عورة تفكيرنا التي أودت بنا إلى هذا القاع السحيق ..
محاكمة للتاريخ لا تستهدف القبض على الجاني فحسب .. بل ولمحاسبة أجيال ومفاهيم لا تزال تقبض على خناق البلاد ومصائرها ..
المقدمة الثابتة :
وطن مترف بثرواته ما ظهر منها وما بطن.. وبعد حوالي (60) عاماً من الاستقلال لا يزال يقبع في ذيل الأمم .. من فعل هذا به ؟ من الجاني الذي حرم الشعب من ثرواته وخيراته وأبدلها الذل والحرمان ؟ محاكمة تاريخنا المعاصر هي المدخل لإصلاح الحال وبناء مستقبل معافى من مخازي الماضي .
عثمان ميرغني
الحلقة (1)
احتل المستعمر بلادنا في العام 1898م .. وخرج منها بكامل طوعه واختيارهـ في 1956م .. أي فترة (58) عاماً من الاست(ع)مار الأجنبي أعقبتها حتى اليوم فترة (59) عاماً من الاست(د)مار الوطني . تساوت فترة الاستعمارالأجنبي مع فترة الاستدمارالوطني وبقدر ما عمَّرالمستعمر الأجنبي بلادنا دمَّر المستدمر الوطني كل ما ورثه من مؤسسات ..
لماذا عشر مخازي .. وليس مائة ؟؟
سلسلة حلقات هذا التحقيق اجتهدت كثيراً في حشدها بالمعلومات والأدلة والبراهين التي تقبض على الجاني متلبساً بفعلته . حتى نحاكم تاريخنا بما ينبغي من المحاسبة منعاً لتكرار الخطايا (فهي ليست مجرد أخطاء).
اخترت لكم (عشر مخازي سودانية).. من تاريخنا تكشف عورة تفكيرنا التي أودت بنا إلى هذا القاع السحيق .. صحيح قد يسأل سائل ولماذا عشر؟ وليس مائة أو ألفاً ، والإجابة سهلة .. هي نموذج يوضح كيف ضاع السودان .. لأنها مخازي (نموذجية) كل واحد منها يصلح موضوعاً لتحقيق كامل . مخازي لا يمكن وصفها بأنها مجرد قرارات أو سياسات أو أحداث . بل هي صورة مقطعية للرأس السوداني تكشف كيف نفكر وندير الشأن العام في بلادنا . ولو استمر الحال هكذا فسيستمر البؤس والشقاء مهما تبدلت العهود السياسية .
هذهـ (المخازي العشر) يربطها خيط واحد .. هو (منهج التفكير).. تتقلب الحكومات وتتصارع العهود السياسية والمحتوى واحد لأنهم جميعًا يفكرون بعقلية واحدة رغم أنف الشعارات السياسية المتباينة حد التخاصم .
في التاسعة صباح يوم واحد واحد ..!!
في صبيحة يوم الأحد الفاتح من شهر يناير عام 1956م أشرقت شمس السودان المستقل . في تمام الساعة التاسعة صباحاً اختفى آخر رمز للسيادة الأجنبية بنزول علم دولتي الاستعمار وصعود علم السودان مكانهما . وكان الشهود جماهير غفيرة من المجتمع السوداني خالطت دموع الفرح في مآقيها دموع الخوف من المستقبل المجهول . رفع العلم الزعيم إسماعيل الأزهري بمشاركة زعيم المعارضة محمد أحمد المحجوب .. بينما السيدان الكبيران .. مولانا السيد علي الميرغني زعيم الطريقة الختمية والسيد عبد الرحمن المهدي زعيم الأنصار يشرفان مشهد تدشين السيادة الوطنية على التراب السوداني .
منذ صرخة الميلاد تلك أسفر في السودان وجه آخر .. أكثر قساوة من وجه المستعمر الأجنبي .. وجه وطني فاقد للبصيرة الاستراتيجية .. فرط في أمانة قيادة وإدارة أكبر بلد إفريقي وعربي متخم بالثروات الباطنة والظاهرة .
وجه هو بالضبط نقيض كل ما قاله السيد إسماعيل الأزهري في كلمته بمناسبة الاستقلال :
قال الأزهري في ذلك اليوم :
(إذا انتهى بهذا اليوم واجبنا في كفاحنا التحريري فقد بدأ واجبنا في حماية الاستقلال وصيانة الحرية وبناء نهضتنا الشاملة التي تستهدف خير الأمة ورفعة شأنها ولا سبيل إلى ذلك إلا بنسيان الماضي وطرح المخاوف وعدم الثقة وأن نُقبل على هذا الواجب الجسيم أخوة متعاونين وبنياناً مرصوصاً يشد بعضه بعضاً ، وأن نواجه المستقبل كأبناء أمة واحدة متماسكة قوية)
كل مفردات خطاب الأزهري هي وقائع إدانة لأجيال كاملة انحدرت منذ يوم الاستقلال حتى يومنا هذا .
إدمان الفشل ..!!
من 1956م وحتى يوم كتابة هذا التحقيق الصحفي في نوفمبر 2014م .. :
تبادلت حكم السودان (9) عهود سياسية .. هي الحكم الحزبي الأول – ثم حكم الرئيس عبود – ثم الحكم الحزبي الثاني بعد ثورة أكتوبر 1964م – ثم حكم الرئيس جعفر محمد النميري الأول – ثم حكم انقلاب هاشم العطا لثلاثة أيام – ثم عودة حكم الرئيس النميري – ثم حكم المشير سوار الذهب الانتقالي – ثم الحكم الحزبي الثالث - ثم حكم الإنقاذ .. حتى يومنا هذا .
كل هذهـ الحكومات تبادلتها غالبية ألوان الطيف السوداني الحزبي . كل الأحزاب جربت حظها في حكم السودان ، اختلفت في فكرها وأشخاصها واتفقت في سوء إدارتها للبلاد .
مقارنة .. حال بحال ..!!
ولقياس مدى التدمير المنهجي المتعمد الذي تعرض له الشعب السوداني دعني ألتقط مثالاً واحداً لدولة كانت أدنى من السودان كثيراً في مستواها المدني والحضري والدولي .. ثم طفرت فوق السودان وصارت كوكباً ينظر إليها السودان من أسفل . دولة كوريا الجنوبية .. في العاصمة سيول أقيم متحف ميداني كبير يعكس الحياة في كوريا خلال حقب الخمسينات والستينات .. من يزورهـ تكاد أعينه تدمع من شظف الحال وقساوة المشهد .. شعب فقير مدقع ليس له موارد ولا أمل له في مستقبل مع شح حاله . وفي ذات الوقت الذي كان فيه السودان يتمتع بموارد أفضل وأكبر ووضع أحسن كثيراً .. كان شعب السودان لشعب كوريا آنذاك .. كشعب كوريا لشعب السودان اليوم .. لكن كوريا الجنوبية تحركت إلى الأمام مع عجلة الزمن والتاريخ .. والسودان تحرك إلى الخلف ضد عجلة الزمن والتاريخ .. إلى أن بلغنا دركنا الأسفل اليوم في ذات الوقت الذي باتت فيه كوريا الجنوبية دولة صناعية تصنع من الدبوس إلى الصاروخ .
كشف ابتدائي للخسائر:
خلال الفترة من خروج آخر جندي بريطاني من السودان حتى اليوم (2014م) :
فقد السودان ثلث أرضه وخمس شعبه بانفصال جنوب السودان في 9 يوليو 2011م .
أكثر من مليوني قتيل في الحرب الأهلية في الجنوب ثم دارفور ثم النيل الأزرق وجنوب كردفان .
أكثر من خمسة ملايين مشرد ونازح بسبب نفس الحروب .
تضعضعت الروابط الاجتماعية والتماسك الوطني تحت وطأة حمى القبلية والجهوية التي ترعاها مؤسسات الدولة السودانية لصالح (التمكين السياسي) .
ومع كل هذهـ الكوارث والأزمات تحول الشعب السوداني إلى أكبر متلقٍ للإغاثات والمساعدات الإنسانية .
ورغم خروج آخر جندي مستعمر في 1956م إلا أن أكثر من عشرين ألف جندي أجنبي استوردتهم بعد ذلك محن البلاد المستمرة ، نصفهم في قوات حفظ السلام (يونامس) مع جنوب السودان قبل الانفصال والنصف الآخر في قوات (يوناميد) الدولية في دارفور إضافة للقوات الأثيوبية في منطقة (أبيي) .
لكن السوء والانهيار والتقهقر لم يتوقف عند حد السياسة والحروب والاقتصاد ، بل تعداهـ حتى إلى قطاعات أخرى مثل الرياضة . منتخب السودان القومي انتزع كأس الأمم الإفريقية في العام 1970م ونجح السودان في تنظيم الدورة في مدينتي الخرطوم و ودمدني . ولكن بالكاد نجح بعد ذلك المنتخب السوداني في التسلل إلى التصفيات النهائية لذات البطولة . وجاء اليوم الذي أصبح فيه مجرد الحصول على كأس (سيكافا) انجاز واعجاز وطني يستحق الأوسمة .
وانطوت أزهر أجيال الفن السوداني مع انطواء السنوات والحقب السياسية حتى وصلنا إلى أدنى مستويات الفاقة الإبداعية كما هو حالنا اليوم .
وواجه السودان لأول مرة في تاريخه موجات هجرية جماعية كاسحة . في كل الأعمار لكل التخصصات في كل المجالات لكل الدول بما فيها إسرائيل التي يحبذ بعض الشباب التسلل إليها عبر سياج الأسلاك الشائكة المكهربة ووسط زخات الرصاص هرباً إلى الأَمَرِ من الأَمَرِ منه .
محرقة الفقر المدقع بدأت تشوي وتصهر أخلاق المجتمع السوداني ، وظهرت التحولات الكبيرة من خلال التفكك الأسري الهائل الذي ترصدهـ يومياً مئات العرائض في محاكم الأسرة حيث كادت نسبة الطلاق تقارع نسبة الزواج . وهذا التحول الأخلاقي والاجتماعي هو أخطر ما يواجهه المجتمع والدولة السودانية من كوارث .. ففي المشهد الإفريقي دول تعرضت لمثل هذا المتغير فتبدلت أخلاق وسلوك شعوبها وباتت أقرب إلى الغابة المكتظة بالوحوش والحيوانات التي تخطت كل مدارج العيب فارتفعت فيها معدلات الجريمة والسلوك الانحرافي الجماعي على نطاق المجتمع .
من ضيع السودان ؟
سؤال حتمي لابد من الإجابة عليه .. في سبيل إصلاح الحال . محاكمة للتاريخ لا تستهدف القبض على الجاني فحسب .. بل ولمحاسبة أجيال ومفاهيم لا تزال تقبض على خناق البلاد ومصائرها ..
نواصل غداً أول المخازي العشر ..
في الحلقة الثانية بإذن الله ..
عثمان ميرغني

التيار





(بل ولمحاسبة أجيال ومفاهيم لا تزال تقبض على خناق البلاد ومصائرها)
(احتل المستعمر بلادنا في العام 1898م .. وخرج منها بكامل طوعه واختيارهـ في 1956م)



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-09-2020, 06:20 AM   #[2]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة elmhasi مشاهدة المشاركة

من 1956م وحتى يوم كتابة هذا التحقيق الصحفي في نوفمبر 2014م .. :
تبادلت حكم السودان (9) عهود سياسية .. هي الحكم الحزبي الأول – ثم حكم الرئيس عبود – ثم الحكم الحزبي الثاني بعد ثورة أكتوبر 1964م – ثم حكم الرئيس جعفر محمد النميري الأول – ثم حكم انقلاب هاشم العطا لثلاثة أيام – ثم عودة حكم الرئيس النميري – ثم حكم المشير سوار الذهب الانتقالي – ثم الحكم الحزبي الثالث - ثم حكم الإنقاذ .. حتى يومنا هذا .
كل هذهـ الحكومات تبادلتها غالبية ألوان الطيف السوداني الحزبي . كل الأحزاب جربت حظها في حكم السودان ، اختلفت في فكرها وأشخاصها واتفقت في سوء إدارتها للبلاد .


(بل ولمحاسبة أجيال ومفاهيم لا تزال تقبض على خناق البلاد ومصائرها)
(احتل المستعمر بلادنا في العام 1898م .. وخرج منها بكامل طوعه واختيارهـ في 1956م)

هذا القول في 2014م ..
يريد المهندس عثمان ميرغني محاسبة اجيال ومفاهيم لاتزال تقبض علي خناق البلاد ومصائرها ..
ولكن لم نسمع لعثمان ميرغني صوتا في محاكمة الذين اجرموا في حق هذا الشعب كل هذه السنين ..
فعثمان ميرغني لم يري سوأة إلا الاستقلال وما جاورهـ من حكومات .. ووقف حمار قلمه في عقبة الإنقاذ ..
ولكن الناظر لتأريخ السودان الحديث يقرأ إن كل سوءات الحكومات السابقة لا تعدل ولا 1 من الالف من ما جاءت به الإنقاذ ، ليس فقط لأن الإنقاذويين جاءوا بإسم الدين ، بل لأنهم إستباحوا كل شئ .. عادات وتقاليد وأعراف وثقافات .. لم يكفيهم كل هذا فعمدوا الي زرع الفتنة بين المكونات الاثنية والقبلية والعشائرية ، وجر البلاد الي حروبات ودمار شامل .. فكانت النتيجة من ’’رجل افريقيا المريض‘‘ الي ’’رجل افريقيا الميت أكلينيكيا‘‘ .. فمت تحرير شهادة وفاة لشعب إسمه شعب السودان ، هذا افتراضا قبل تاريخ الثورة المجيدة ’’19 ديسمبر 2018م ..
عثمان ميرغني هو أحد هذه المخازي العشر ، كما ذكر الدكتور منصور خالد ’’النخب السودانية وأدمان الفشل‘‘
أو كما ذكر الاستاذ فتحي الضو محمد ’’ فشل النخبة السودان‘‘ ..



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-09-2020, 03:06 PM   #[3]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

“من ضيع السودان” عشر مخازٍ سودانية – الحلقة (2)
عثمان ميرغني
حرص المستِعمر البريطاني على تثبيت أركان دولة ذات قوام مدني متقدم في السودان ، فوضعوا القوانين واللوائح ، وأسسوا دولاب خدمة مدنية فعال ، يضاهي ما هو موجود في أوروبا ، وأرسوا المشروعات الاقتصادية الكبرى مثل مشروع الجزيرة ، وخزان سنار، وميناء بورتسودان ، ومد السكك الحديدية بين المدن الكبرى ، وعندما جاءت لحظة الفراق بإعلان الفترة الانتقالية .. وخروج المستعمر كان السودان في أفضل حالاته التي تسمح له بالانطلاق .. لكن .. وما أصعب (لواكن) السودان .. وقع في أول حفرة .. أول المخازي العشر .. مشروع السودنة ..!!
ما هي السودنة ؟؟
السودنة Sudanization هي عملية إحلال الموظفين الأجانب بموظفين سودانيين ، لكن ذلك هو المعنى العلمي (البريء).. فهي في غالبها – إلا من رحم ربي - لم تكن عملية إحلال وطني لمستعمر أجنبي بقدرما كانت إهلاكاً وطنياً لقيم رسخها المستعمر في الخدمة والعمل الإداري والديواني .
نهب التركة البريطانية !!
تحولت (السودنة) إلى أكبر عملية نهب لثروة إدارية ومؤسسية تحت أنياب من (طمع) شخصي وحزبي في (التركة) التي أورثها الاستعمار الحكومة الوطنية بعد رحيله ، كما سيظهر في ثنايا المعلومات والأدلة التي أضعها بين يديك .
بدأت عملية السودنة مع تسلم أول حكومة سودانية وطنية مقاليد الحكم في 9 يناير 1954م .. وهي حكومة انتقالية نشأت بموجب اتفاقية (فبراير 1953م) مع دولتي الحكم الثنائي لتتيح فترة انتقالية قبل نقل السيادة إلى الحكم الوطني .
واستمرت عمليات السودنة حتى أغسطس عام 1955م ، وكانت أكبر الكوارث الفورية للسودنة اندلاع التمرد الشهير في مدينة (توريت) في جنوب السودان في 19 أغسطس 1955م ، الذي أدى إلى مجزرة دموية عنيفة اجتاحت عدة مدن جنوبية ، أسفرت عن مقتل عشرات من الشماليين - المدنيين والعسكريين .
مطامع مبكرة ..!!
بكل أسف المفاهيم التي قامت عليها السودانة ازدحمت بالمطامع في وراثة ما خلّفه المستعمر من مزايا وظيفية ، كانت تبدو للسودانيين عزيزة المنال ، أو ضرباً من الأحلام .. وجاهة المكاتب الكبيرة ، والبيوت الكبيرة التي كان يسكنها الموظفون البريطانيون .
التحضير للسودنة !!
عز على الاستعمار وهو يستعد للرحيل أن تنهار مؤسساته التي بناها طوال (58) عاماً مضت .. فاقترح على السودانيين أن تتمرحل عملية الإحلال والإبدال تدريجياً في فترة مناسبة تسمح بانسياب الخبرة والمحافظة على الاستقرار الإداري في البلاد .
اقترح البريطانيون فترة ثلاث سنوات لإكمال السودنة .. وهنا (اندلعت ثورة منك خانها الجلد) على رأي شاعرنا العباسي في قصيدته التي غناها الفنان الطيب عبد الله . عدّ السودانيون أن المستعمر يحاول إطالة عمرهـ في البلاد .. خدعة منه للحصول على زمن إضافي بعد نهاية عمر المباراة .
وكانت فكرة البريطانيين أن السودانيين ربما تلقى بعضهم التأهيل والتدريب المناسب للقيام بأعباء الإدارة .. لكن الجانب السياسي المهمين على الإداري لا يزال رخواً ، قد يؤثر على الأداء الإداري ويحبطه .
كان الاقتراح البريطاني أن يتولى السودانيون المناصب السيادية السياسية الأعلى فوراً .. على أن يستمر الموظفون البريطانيون في الوظائف الإدارية الفنية التي تتطلب قدراً أكبر من الخبرة والحنكة الإدارية .. يستمر هذا الوضع ثلاث سنوات .
رفض السودانيون الفكرة - بكل قوة ، بل ورعونة .. وبعد شدّ وجذب اقترح الجانب السوداني فترة قصيرة لا تتجاوز عاماً واحداً فقط بعدها يجتاح خلالها طوفان السودنة كل المرافق العامة .
خروج جماعي مبكر!!
الروح التي كانت سائدة بعثت رسالة سالبة إلى الجانب البريطاني .. فهي لم تكن مجرد مفاوضات (فوز- فوز) للجانبين بقدرما كانت مواجهة فيها درجة ملموسة من العداء .. كانت النتيجة هي رفض الموظفين البريطانيين الاستمرار في الخدمة والمطالبة بإنهاء خدماتهم ، وعودتهم فوراً إلى بلادهم .
ربما كان الجانب السوداني سعيداً بهذهـ العجلة .. وهو يرى المزايا الوظيفية التي كانت تحيط بالموظفين البريطانيين ، ولم يكن في الخاطر إلا الانقضاض على تركة البريطاني - بأعجل ما تيسر .. دون نظر أو بصيرة لما يمكن أن يؤدي ذلك من أضرار في المستقبل بمصالح البلاد كلها .
نهم وجشع السودنة !!
بكل نهم .. شرعت لجان السودنة في إعداد كشوفات الوظائف التي يشغلها الأجانب (بريطانيين ومصريين وغيرهم) حتى قبل أن تنظر في كشوفات الكوادر السودانية الوطنية التي تتوفر فيها الكفاءة والتأهيل المناسب لتلك الوظائف .
بدأت عمليات السودنة مع تسلم أول حكومة وطنية انتقالية الحكم في 9 يناير 1954م ، واستمرت أكثر من عام ونصف حتى أغسطس عام 1955م .
صحيح بعض القطاعات نالت من يستحقها من الكفاءات السودانية ، مثل رئاسة القضاء التي تسلمها مولانا محمد أحمد أبو رنات في 21 سبتمبر 1955م ، مسنوداً بخبرة في الخدمة المدنية عمرها (45) عاماً ، منها (20) عاماً في السلك القضائي - وحدهـ ، وحصل على دراسات عليا في بريطانيا ، وشغل منصب قاضي بالمحكمة العليا ، بينما كان نصيب منافس أبورنات القاضي أحمد متولي العتباني أن يصبح أول نائب عام سوداني .. ووظائف أخرى لسودانيين كانوا يتمتعون بالخبرة والتأهيل والفكاءة .
زلزال السودنة يهز الخدمة المدنية !!
اجتاحت السودنة المتعجلة وظائف الخدمة المدنية الحساسة ، كما تجتاح النار القصر الفخيم ، فهزت - كثيراً - أركان المؤسسات التي ربما قاومت - قليلاً - لكنها بالضرورة بدأت في الانحطاط التدريجي .
أم الكوارث .. والمخازي !!
لكن (مخازي) السودنة لم تقف عند هذا الحال ..
كان أفجع ما أورثته السودنة أنها جسرت الحد الفاصل بين الخدمة المدنية والملعب السياسي ، وهنا تكمن الكارثة التي ندفع ثمنها إلى هذا اليوم ، وربما إلى أجيال قادمات - إن لم نتدارك الأمر .
تحلت الخدمة المدنية خلال فترة الاستعمار بكثير من الحياد الإيجابي ، الذي وفر لها استقلالية أسهمت في تجويد الأداء ، وبسط سيادة القانون ، على أية اعتبارات سياسية ، أو أخرى .
(كان كدا ما خربت !!)..
لكن طوفان السودنة المتعجل اعتمد في قوة دفعه على سيقان السياسة ، وأطماع الساسة ، الذين كانوا في أشد عنفوان التنافس – الأجدر أن نقول الصراع – السياسي ، واختلطت في أذهانهم نوايا الكسب السياسي بقيم العمل الديواني المحايد ، كما سنرى من خلال هذا التحقيق .
كانت تلك هي الضربة الأولى الموجعة التي وجهت إلى الخدمة المدنية السودانية ، من بوابة السودنة أدخل الساسة حصان طروادة في قلب المدينة الفاضلة للخدمة المدنية السودانية ، وزرعوا فيها أول بذور النباتات السياسية المتسلقة .
أحد كبار الموظفين السودانيين - الذي وجد نفسه بين ليلة وضحاها يجلس على كرسي المدير البريطاني (المسودن)- تجول بنظرهـ في المكتب الكبير، ثم نظر من النافذة إلى فناء الوزارة الضخم وفيه عشرات الموظفين يتحركون مثل خلية النحل - سأل ببراءة (كل هؤلاء هم الآن تحتي ؟)، ردوا عليهم بالإيجاب .. فقال - بصوت عال وكأنه يحدث نفسه: (كان كدا ما خربت !!)..
لم يكن مجرد تعليق عفوي صدر من هذا الموظف السوداني المبهور بالتركة الثمينة .. بل هي لحظة صدق طارئة نطق بها لسانه وهو يدرك على أي مؤهل أو كفاءة اتكأ ليبلغ درج هذهـ الوظيفة الرفيعة الحساسة .
سأخذكم من خلال سطور هذا التحقيق - خطوة خطوة - لتدركوا أن السودنة - التي كانت أول المخازي السودانية - فرشت التربة المناسبة بعد ذلك لتتبت عليها مخازٍ مرتبطة بها ، سيأتي ذكرها في ترتيبها الزمني .. هذهـ المخازي تمثلت بعد ذلك في التطهير الوظيفي ، بعد ثورة أكتوبر 1964م .. ثم التطهير الوظيفي في بداية عهد مايو 1969م .. ثم النقلة الهائلة في مفاهيم التطهير الوظيفي التي حدثت في 1989م عهد الإنقاذ ، تحت عباءة (التمكين) وأطلق عليها سياسات (الصالح العام) .. وطالت آلاف الموظفين على شبهات سياسية فجة ، وكانت أكبر نكبات الخدمة المدنية فأتت على ما تبقى منها تماماً .
كل حملات التطهير الوظيفي هذهـ كانت نباتاً متسلقاً ، زرع في ثنايا عمليات السودنة ، (أول المخازي العشر).
ونواصل غداً في المخازي العشرة ..
في الحلقة التالية بإذن الله ..
عثمان ميرغني
التيار


منقول






......



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-09-2020, 12:47 PM   #[4]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

عثمان ميرغني يقول :
اقتباس:
(وخرج منها بكامل طوعه واختيارهـ في 1956م)
ثم هو يقول :
اقتباس:
(حرص المستِعمر البريطاني على تثبيت أركان دولة ذات قوام مدني متقدم في السودان) ..
ثم يقول :
اقتباس:
(وقع في أول حفرة .. أول المخازي العشر .. مشروع السودنة ..!!) ..
الواضح إن عثمان ميرغني لم يقرأ لا تأريخ السودان ، ولا ثورات السودان ، ولا حتي كان متابعا للحراك السياسي في السودان ، رغم علمه الغزير وإطلاعه في شتي مجالات المعرفة ، بحسب زعمه ، وتحقيقه هذا لا يرقي لمستوي خريطة الكنز في الصف الثالث الابتدائي ، وليس المعني إن خريطة الكنز ليس ذات مستوي ، ولكنه خريطة للمبتدءين في علم الخرائط والداراسات الجغرافية ..
كان علي عثمان ميرغني أن ينظر في مخازي الانقاذ ، فإنه كان سيجد ما يكفيه ، ولكنه حال ذر الرماد في العيون ، ويمثل حالة الشخصية السودانية ’’ليست وحدي من خرب السودان ، بل كان الاخرون السابقون‘‘ ..


تعليقات
يقولabufatima:
24 نوفمبر، 2014 الساعة 11:41 م
اقتباس:
اعتنق الكيزان كرهـ السيدين وهذا تجدهـ في كل كوز ولو مبتدئ / وعثمان هذا ليس بدعا منهم .
الهدف الأساسي له وفبركه تاريخية للمحاوله لاثبات خطا النظم الديمقراطية وخطل السيدين .
فعثمان هذا موتور .. وأنت إذهب يا هذا ابحث عمن ضربك واذاك وكف عن أذانا واستغفر ربك لم ارتكبت في حق هذا الشعب المسكين .
من ظلم وإعانة ظالمين
رد
يقول ملتوف يزيل الكيزان :
24 نوفمبر، 2014 الساعة 11:42 م
اقتباس:
انت و تنظيم الشواذ بقيادة الترابي من ضيع السودان بالاتفاق مع امريكا سيدتكم.
على الشباب تكوين خلايا المقاومة و التنسيق مع المسربين من الحركات المسلحة لاستلام السلطة و الحفاظ على امن و دولة ما تبقى من السودان.
وثورة حتي النصر بداية بحرق بيوت الكيزان وكلاب الامن.
رد
يقول الأزهري :
24 نوفمبر، 2014 الساعة 10:03 م
اقتباس:
يا عثمان ما سمعنا بتطهير وظيفي في ثورة أكتوبر ولا يحزنون ولا في مايو ولا نوفمبر الذي لم تذكرهـ – فيما يخص الخدمة المدنية والتي تميزت منذ السودنة بأميز الكوادر القيادية وما دونها فكان كافة رجال وموظفي الخدمة المدنية في مكانهم المناسب وأهم من ذلك كله حافظت الخدمة المدنية على حياديتها وشفافيتها وقوانينها ولوائحها التي تتجه بكلياتها نحو تحقيق المصلحة العامة وخدمة المواطن ولم تتدخل فيها السياسة بأي شكل ملحوظ - اللهم إلا على المستوى السياسي والرموز اللسياسية – أما ما فعله جماعتك ديل فلم يسبقهم عليه أحد في العالمين فقد قاموا بكنس كل هذه التركة وأحلوا محلها بأنفسهم ومحاسيبهم بغرض التمكين تحت معكوس الصالح العام الي اتضح فيما بعد بأنه ليس إلا صالحهم الخاص بجماعتهم فقط ويا ليتهم توقفوا عند هذا الحد ولكنهم لم يكتفوا بذلك بعد أن تم لهم التمكين بل طفقوا يغيرون كافة النظم والقوانين التي كانت تكفل صيانة المال العام وتوجيهه في خدمة الشعب من خدمات أساسية صحية وتعليمية واقتصادية واجتماعية وغيرها من وظائف الدولة المتعارف عليها في كل العالم ووجهوها لصالح جماعتهم في الداخل والخارج وتركوا هذا الخراب الذي تكتب عنه محاولا خداع الناس بأنه ليس تركة الكيزان وحدهم وإنما شارك فيه الجميع – الكلام دا ممكن تخدع بيه الأجيال القادمة إن مد الله في بقاء السودان – ولكن ليس هذا الجيل الذي ذاق الأمرين وهو يسمع ويرى أمثالكم ويقطع في جلدو إلى حين يتفجر سيل العرم وحينها سيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
رد
يقول ملتوف يزيل الكيزان :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 1:20 ص
اقتباس:
انت واخوانك المسلمين بالادعا الكاذب من ضيع السودان باستخدامكم كل الخبث الموجود فيكم اصلا .
رد
يقول شمس :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 2:40 ص
اقتباس:
لا تشتت الكرة ..نحن الان كلنا مركزين حول إزاحة هذا الكابوس ….أنت وأمثالك من ضيع السودان
رد
يقول mutasim:
25 نوفمبر، 2014 الساعة 4:01 ص
اقتباس:
محاولات رخيصة بعد ادمان الفشل لتعميم المسئولية علي الجميع و اعتبار التجربة الاسلاموية جزء من فشل كلي و مزمن …. علما بان جماعة الاخوان المسلمين كانت في كل التجارب السابقة مكون الفشل الرئيسي للحركة السودانية و عملت علي اجهاضها تاطيرا و تمهيدا لتجربتها الشخصية و التي كانت الاسواء علي الاطلاق .
رد
يقول ود الشريف :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 4:55 ص
اقتباس :
(كل حملات التطهير الوظيفي هذهـ كانت نباتاً متسلقاً ، زرع في ثنايا عمليات السودنة ، (أول المخازي العشر).
اقتباس:
لولا التطهير الوظيفي والتمكين لما وصلت انت الي ما عليه … استحي يا رجل اتيتم بليل وستذهبون بنفس الطريقة .
رد
يقول عجيب :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 5:54 ص
اقتباس:
أنظروا الى الطريقة الكيزانية : تضخيم عيوب السودنة وأخطاء الحكومات الوطنية الأولى حتى تنسجم معها جرائم الانقاذ وتبدو شيئاً طبيعياً !
ولكن نقول لك أن الفارق الكبير بين الإدارة البريطانية والإدارة السودانية مردهـ الى الفرق الهائل في التعليم والخبرة المتراكمة عبر الأجيال بين البريطانيين والسودانيين
وكذلك المستوى الحضاري للبلدين . ولكن أخطاء السودنة والحكومة الوطنية الأولى لم تكن بنوايا اجرامية وممنهجة بمثلما حدث بعد انقلاب الإنقاذ حيث كانت الفكرة أن الدولة والوطن جميعهما (غنيمة) حيث تم ضرب الشعب بقسوة متناهية وتصفية كل مؤسساته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ونهب موارد الوطن كلها والاعتراف فقط بمواطنة منسوبي الجبهة الاسلامية وما عداهم فليس لهم أي حقوق . جريمة الانقاذ ليست (أخطاء إدارية) أو سوء تقدير بل هي جريمة كاملة مع سبق الاصرار والتخطيط تنطلف أولاً من عدم الاعتراف بشئ اسمه الوطن أو الاعتراف بمواطنين خلاف أعضاء التنظيم الكيزاني الاجرامي .
يا عثمان ميرغني لا تحاول أن تدين الجميع طالما انه ثبت لك استحالة الحصول على براءة للكيزان .
رد
يقول كمبوكل :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 6:11 ص
اقتباس:
أولا : الانسان اى انسان ولد حرا أبيا فى كل خياراته دينه وطنه استقلاله فكان لزاما منح الجنوب استقلاله فورا ودونما تأخير وهذا كلف السودان اكثر من 50 عاما من الحروب والنزاعات .
ثانيا : ابتلينا فى السودان بمفهوم ظل قائما حتى اليوم الا هى عبادة الرجال امثال آل المهدى وآل الميرغنى فتجد اليوم فى أغلب انحاء السودان شرقه ووسطه وغربه من يتأمر بأمر هؤلاء الناس وحتى وان قادوا السودان الى الجحيم .
ثالثا : ابتلينا فى السودان بدورة خبيثة ييناوبها قادة الطائفية والعسكر ولا الطائفية نجحت الا فى الهاء الشعب السودانى وقيادته الى الفشل ولا العسكر نجحوا الا قليلا من مشاريع البنى التحتية .
رابعا : ترك السودان نهبا للقبائل المهاجرة من غرب السودان من والى الحج والاستقرار فى السودان بصفة دائمة وبقبائل كاملة من نيجيريا والنيجر وتشاد ومالى وافريقيا الوسطى وتجنيسهم بداعى ملء صناديق الاقتراع للاحزاب الطائفية كالامة والاتحادى ونرى ثمرة هذه السياسة باسماء قادة التمرد اليوم الذين جلب اجدادهم من غرب افريقيا فتمعن فى اسم منى اركو مناوى وسائقى البصات وقادة التمرد كل سواق باص قائد لفصيل من التمرد .
خامسا : التشدق بالديمراطية وانت ماعندك حق الفول ، انظر حولك شمالا وشرقا وجنوبا وغربا أين تجد الديمقراطية فى مصر ، السعودية ، تشاد ، مالى ، افريقيا الوسطى ، الجنوب اخت بلادى انتو عاوزين مائة عام لبدء أى كلام عن الديمقراطية المعروفة فشوف ليكم طريقة تانية بدلا من الفلسفة والخمسة الاواخر عند التممة !!!!!!!!!!!!!
رد
يقولKogak Leil:
25 نوفمبر، 2014 الساعة 6:56 ص
اقتباس:
عثمان ميرغني لايكفي مجرد ذكر السودنة ولكن لابد من الاشارة الي من قام بها فهم أبناء السودان من الشريط النيلي وبعض بقايا الاستعمار المصرى كرسوا كل جهودهم لارضاء مصر حتي لو كان علي حساب السودان.( اتفاقية مياهـ النيل مثالا).استبعدوا المكونات السودانية الأخرى حتي في تعريف السودان ولا يزال يعاني منه (الهوية والخلط المشين بين العروبة والإسلام) وتبعا لذلك أبعدوا السودان عن مصالحه في امتدادهـ الافريقي . ودخلوا في تحالفات اثبت التاريخ انها لا قيمة لها بأى مستوى (ميثاف التكامل وميثاق طرابلس الخرطوم القاهرة طرابلس) بل حتي استضافة السودان للطائرات المصرية أيام حرب يونيو 1967م لم يكن له أي علاقة بمصلحة السودان وعمدوا الي الي طمس التاريخ الاستعمارى لمصر فقالوا زورا ان مصر نفسها كانت مستعمرةلا تستطيع استعمار السودان انظر كيف تبرر الضحية للجلاد فعلته … وقد قالها السيسي مؤخرا عند زيارته الخرطوم بان (السودان جزء من مصر) وضحك أولاد النيل … !!!!
رد
يقول سودانى حتى النخاع :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 7:07 ص
اقتباس:
ما قلنا ليك مائة مرة يا كوز انو السودان ضيعوهـ الكيزان ولا نقولها ليك تانى .
رد
يقول عادل سراج :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 7:28 ص
اقتباس:
عثمان ميرغني يحمل جيل الاستقلال مسؤولية فشل الوطن
كفاك نفاقا ياعثمان ميرغني
لم تحدثنا عن الاختلاسات التي تعرضت لها جميع مرافق الدولة بما فيها اثاثات القصر الجمهوري وبعد اختلاس مرافق الدولة عرضتهم اصولها من مبان وعربات للبيع بحجة الخصخصة وانشأتم مشاريع وهميه كمشروع سندس وغيره باموال المغتربين الدولارية وسرقتم اموالهم بعد ان اسندتم ادارتها لمن لايمملك خبرة ولا دراية بالادارة بقانون التمكين للمؤمنين من خريجي مدرسة الدجال حسن الترابي وبطانة علي عثمان الفاسدة ممن كانو يبيتون بمسجد الدعوة بحي الرياض ممن اغتنو بعد عوز وجوع واصبحت الطبقة المخملية في السودان المشوه .
نعم نهبتم وسرقتم وشردتم المواطن السوداني لينعم بالمال والسلطة من هم الان يملكون البنوك والشركات والاعتمادات لتكون وعاء لغسل تلك الاموال المنهوبه من المواطن السوداني ثم تهرب الى الخارج عن طريق تجار العملة وبحجة استيراد المواد الغذائية والطبية ومدخلات الانتاج لتحولو المليارات لاستيراد مواد بعشر تلك المليارات فتستقر تلك الاموال في البنوك الاجنبية او يعود الحزء اليسير منها بشكل شركات احنبية ماليزية وصينية وتركية
مما تجاوز غسيل الاموال الى الاحتيال والجريمة المنظمةالتي فتكت بالاقتصاد السوداني
والقت به الى قاع الديون والعوز والتسول المنظم بحجة التنمية وانشاء السدود والمرافق لتأتي القروض المليارية لانشائها ثم تحتكر عطاءات التنفيذ والبناء لشركات المؤمنين والمؤمنات من صحابة وصحابيات المؤتمر الوطني المحتكرين الدين والسلطة والشرف والطعام والتزكية والسمايات والاعراس والعمارات والمولات والاراضي الناصية.
ياعثمان ميرغني ان من يدعمك وتجالسه وتمدحه احيانا ومن يمولك حقيقة شريك فيما سبق من جرائم اقتصادية واغتيالات منظمة بل واستيراد للمخدرات المحلية والمستوردة
ان شوارع الخرطوم المليئة بالحبوب المخدرة الرخيصة الثمن الرديئة التصنيع ممن اصبحت تسبب النزيف والصرع لكثير من شباب الوطن ستجدها يا نافع ياراعي الغنم في دم ابنائك واحفادك وان راسك ليست بالامر الصعب وان حفنة الصوماليين والمستوردين من المرتزقة لن يحموك حينما تحين ساعتك فهم لم يحموالقذافي ولم يحموصدام حسين فهم يعملون من اجل المال وسياتي غيرك ليدفع لهم بل لن يجدو جثتك فتغييرك للطرق التي تستخدمها في تحركاتك وتغييرك للعربة التي تستقلها لن تحميك بل ان تصفيح عربتك من النوع العادي الذي يتحمل قذيفة ار بي جي ولكنه لايتحمل عدة قذائف من نوع الار بي جي في نفس الوقت فاحذر فانت في متناول ايدينا فليس لديكم امن يذكر فان من صنع تلك العربة وقام بتصنيعها يعلم انها توفر حماية محدودة فلا تتباهى بها هي وتلك السترة التي ترتديها بزعم وقايتك من
الرصاص فرأسك خارج تلك السترة الواقية وابناءك وبناتك في متناولنا والانتقام قادم.
وانك ياعثمان ميرغني ممن شرعو هذا النظام ونقدوه بذلك النقد الذي يقلل من سيئاته ومقارنتها بتلك المعارضة ومحاولة تحميل تلك المعارضة كل اخطاء الوطن ومحاولة اظهار حكومة الكيزان بانها المنقذ للسودان والسودانيين وهم حفنة من الافاقين والدجالين ممن طوعو الدين لملئ الكروش والجيوب واستخدام الدين مفتاحا لكل محظور من اقصاء وتهميش فلم نعهد في تاريخ الاسلام ان يرفع جماعة هم من سواقط المجتمعات شعارا دينيا لتنتهك تحته كل المحرمات تؤتى ايات القرآن والحديث لتحول السازق الى شيخ ومجاهد والقاتل الى شهيد وماجنات وسارقات اتحادالمرأة الى امهات للمؤمنين ليحتكر حفنة ممن سرقو السلطة والناس نيام بانقلاب يقاد بعدها كل معارض الى قبره حيااوميتا يقنعوا بعضهم بانهم ورثة الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته ويستجلبون من الخارج قبائل ويمنحونهم اراضي الشعب السوداني بلا استئذان ولاتعويض بل بحجة نشر الاسلام والتمكين له بقوةالسلاح فيظن الزارع للارض والمحتل لها انه ياكل حلال …اي حلال هو الذي يأتي من فلاحة ارض ليست لك فتأتي حجة المارق ليبرر سرقته بانهم يمكثون بها منذ عشرات السنين وهو يعلم يقينا داخل نفسه انها ليست ملكه وعندما يحاول اهلها في جبال النوبه والنيل الازرق استعادة ارضهم التي فيها رزقهم ومصيرهم يشن الكيزان من صحابة اخر الزمان حربا يسمونها جهادا
اي جهاد هو الذي يسلب حقوق الناس وينهب مقدراتهم والدفاع عن المال والموت في سبيله من الشهادة في دين الاسلام فهذا التناقض وغيره هو من جعل الحركات المسلحة تنادي بعلمانية الدولة ليس كرها في الاسلام بل لعجز من فقد كل اخلاق الاسلام في ايصال الاسلام الذي ساوى بين علية القوم وغيرهم فاقام العدل قبل الخبز والمال فاصبح الاسلام في نظر المعارضين سندا يستخدمه الكيزان لتجريدهم من كل شي السلطة والمال والارض لتذهم لبيت مال الكيزان ليتصدقوا به عليك بعد ان تصورك الفضائية السودانية مادا يدك لهم مذلولا تاخذ الزكاة والصدقة وزاد الصائم وكنت من قبل معززا مكرما ويرقصوا على جوعك وفاقتك وقلة حيلتك باغانيهم المعروفة التي يذكرون فيها انهم مسلمون ويحسنون للفقراء والمساكين وهم من سببو لك الفقر والعوز.
فتبت يد من اتى بالمجرمين ليقيمو دولة للاسلام ليس فيها من دين الاسلام شئ
ويجلسو فيهاوحدهم ليصبحو صحابة ونساؤهم صحابيات والبقية فقراء ومساكين.
رد
يقولMAN:
25 نوفمبر، 2014 الساعة 7:46 ص
اقتباس:
الاخوة المعلقين ، عثمان ده كوز مافي شك ولكن التوبة تجب ما قبلها والكيزان ليسوا كتلة صماء خصوصا من اعترف بخطل النظرية والتجربة ، المعارضة يجب ان تستقطب الناس حولها لا ان تجرمهم وتكرر الاتهمامات والتشكيك ، الكلام القالو عثمان دهـ صحيح مائة بالمائة ، نحن مشكلتنا في الاباء المؤسسين كانوا قصيري النظر وتحركهم دوافع شخصية ، فقد رفضوا الفدرالية مثلا والتي كانت ستجنبنا ويلات الحرب والاقتتال ، وكذلك رفضوا الجمعية التشريعية والتي اقترحها الانجليز للتدرج في نقل السلطات للسوداننين وتدريبهم علي مهام ادارة الدولة ، فمجموعة منهم كانت تغلب مصالح مصر علي مصلحة السودان ومجموعة كانت تغلب المصالح الشخصية . يجب النظر بكل الحياد والموضوعية لتاريخنا لاخذ العبر والدروس وتصيح الاخطاء ، اما الحديث المجاني وكيل الاتهامات والسباب ما حيقدمنا شبر .
رد
يقول فكري :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 9:54 ص
اقتباس:
هل تعلم يا أستاذ عثمان أن قبل مجئكم المشؤم في ٨٩ لم نكن نعاني من ضياع لا في الخدمة المدنية ولا في المشاريع الإنتاجية
هل تعلم ياكوز يا منافق أن قبل مجئكم المشؤم أيضا كانت مصانع السكر أربعة فقط تعمل ليل نهار وتخلو الأسواق من جوالات كتب عليها مستورد والآن سبعة مصانع تعمل ومرسي ميناء بورسودان يضيق علي البواخر بسبب عمليات التفريغ لسلعة السكر
هل تعلم يا أرزقي بأن قبل مجئكم المشؤم ظل مشروع الجزيرة يتمتع بري إنسيابي يدرس في الجامعات البرطانية بترعة ممتدة من خزان سنار جنوبا إلي أقصي شمال الجزيرة علي مقربة من سوبا بالخرطوم وينهل العالم من خيراته إلا أن طل علينا شيخك المنافق غراب الشؤم ترابي السجم بمشروعة الهدام
هل تعلم بأن سودانير وهيئة المواني البحرية فيما مضي كان أسطولها الجوي والبحري يطوف العالم أجمع وبعد مجئكم المشؤم قد صاروا يعانون من بيع الأصول الثابتة
من الذي هدم الخدمة المدنية من الذي أطاح بالكفأءت من الذي إبتدع الصالح العام من الذي فصل الجنوب من الذي قتل ٣٠٠ ألف نفس برئية من الذي شرد ١١ مليون سوداني من الذي جعل آلاف الخريجين يتقدمون لأربعة وظائف فقط في دولة قطر من الذي هدم التعليم والصحة وجفف المستشفيات من الذي قتل الشباب وأقنع أهلهم بأنهم أحياء وذاهبون إلي الحور العين من الذي إغتصب النساء ويتم الأطفال ورمل الحرائر بأختصار من الذي هدم السودان والإجابة تجدها عند طفل يتخذ والديه من الكراكير مسكن لهم بأن الحركة الإسلامية هي من فعلت ذلك ..
رد
يقول مدحت عروة :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 9:07 ص
اقتباس:
عليك الله يا عثمان ميرغنى خلينا من الكلام الكتير ده نعم حصلت اخطاء فى الماضى وليس فى الانقاذ فقط واهمها عدم اعطاء الجنوبيين الحكم الذاتى او الفدرالى فى سودان موحد وعدم الانضمام الى الكومونولث وعدم استمرار النظام الديمقراطى البرلمانى لكن بعد ده كله الخطأ الكبير هو انقلاب الحركة الاسلاموية العطل وقف اطلاق النار ومؤتمر الحوار الدستورى لكيف يحكم السودان!!!
الحركة الاسلاموية السودانية واطية وحقيرة وبت كلب وبت حرام دى اصلا ما بيتغالطوا فيها اتنين!!!!!
رد
يقول محمد :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 11:55 ص
اقتباس:
الناس ديل دايرين ليهم شريك أو قل شماعة يعلقوا عليها مخازيهم لتأمين ما نهبوا من ثروات لأستمرار التمتع بها .
رد
يقول Sudan the last cry :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 9:31 ص
اقتباس:
من ضيع السودان يا عثمان :
1- قيادات الانقاذ بقيادة عمر حسن أحمد البشير وحسن عبدالله الترابي .
2- قيادات المؤتمر الوطني .
3- الوزراء المشاركون في حكومة الانقاذ منذ يونيو 1989م .
4- المطبلون الاعلاميون .
5- النفعيون من الاحزاب المعارضة .
رد
يقول بادي ابو شلوخ :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 10:21 ص
اقتباس:
عصمان … انك تدري انك تكذب … فلن ننفعل معاك …
الخدمة المدنية كانت منضبطة وفعالة الي ان اتى عليها التتار الجدد وانتهكها واغتصبها واستباحها كما فعل التتار ببغداد الخلافة .
أتعرف من هم تتار القرن العشرين يا عصمان؟؟؟ … ايها التتاري المنافق
عثمان عايز تجوطها وتدغمسها وتقول نحن جينا لقيناها بايظة ههههههههه والله غلبتكم عديل كدة .
الفساد الاداري دا وسياسة التمكين وسياسات الكيزان غير المسئولة هي اسباب دمار الخدمة المدنية واسباب خراب البلد والعملتوهو انتو ما سبقكم عليهو زول فيا كيزان ابقوا رجال وما تتزاوغوا واركزوا وشيلوها وسنقف امامكم ونقاضيكم وناخذ حق البلد وحق الشعب منكم .
ولا نامت اعين الجبناء …
قلت لي الترابي راقد فوق رأي …
يا عثمان كمان داير تلبسها لي ناس الازهري والمحجوب .
اعوذ بالله .
رد
يقول قوش :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 1:45 م
اقتباس:
طالب عضو البرلمان صلاح عبدالله “قوش” الدولة بخصخصة الخدمة المدنية ، ونفض يدها عن مشروعات الحكومة الإلكترونية وإفساح المجال للقطاع الخاص ، وقال قوش إن الخصخصة ستنتشل الخدمة المدنية من الانهيار والتدهور الذي تعاني منه – وجاء ذلك ردا على المعلق [هناء السادة]
رد
يقول حامد :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 3:04 م
اقتباس:
خواطر
متى يثور الرجاف؟؟؟
الجميع يتاسف على الحال الذي وصل اليه السودان ولكن للأسف الشديد دون ردود افعال , نستثني منهم الناشطين السياسين والصحفيين وجميع المعارضين الذين نالهم الاذى من هذا النظام الفرعوني والذين وقفوا بصلابة امام جبروته دون ان يتراجعوا او يصيبهم الخوف , نستثنى منهم شهداء سبتمبر وشهداء رمضان وجميع من ماتوا تحت التعذيب والذين بذلوا ارواحهم رخيصة حتي يسير هذا الوطن فى الاتجاه الصحيح ويعيش اهله فى أمان . ما يحدث فى السودان الآن ساهمت فيه جميع الحكومات السابقة ولكن الوزر الاعظم يتحمله الترابي وعمر البشير وعلى عثمان وجميع رفاق السؤ الذين حكمت الاقدار بان يتحكموا فى مصير هذا البلد الذى قسموه واشعلوا الحروبات فى جميع انحائه بجهلم فجميعهم قد يصلحوا كقادة عصابات ولكن محال ان تكون لهم عقول ليديروا بها بلد بحجم السودان الذي كان ذو سيادة وتحترمه جميع دول العالم , اما الآن فلا احد يحترمنا بسبب هؤلاء الين تسآل الكاتب الروائي الكبير الطيب صالح( من اين أتوا) , هل هم من الاسر السودانية المعروفة بتنشئة ابنائها على الصدق الامانة منذ نعومة اظافرهم ؟ يستحيل ان يكونوا قد خرجوا من بيوت سودانية لأن السودان معروف اهله بمكارم الأخلاق لا سؤ الأخلاق الذي اشتهر به هؤلاء حتى تسببوا بالعدوى للكثيرين من ابناء هذا الشعب , حكم الانقاذ تسبب فى تصدع كبير لهذا الوطن يستلزم إصلاحه سنوات وسنوات بعد ان يكنس هذا النظام من الوجود ويتوجب على من سيمكنه الله من هذا النظام ان يعدمهم جميعا ويصلبهم فى الميادين العامة رجالا ونساء لانهم مفسدون فى الارض سعوا بالفتنة والقرآن الكريم واضح جدا فى هذا الصدد . نعود ايضا للانظمة السابقة , عبود وجعفر نميري والذين لم يقدموا اى شئ لهذا الوطن سوي كسر القوانين بالانقلابات العسكريه والتى تعتبر سبب من اسباب تدهور امتنا الكريمة , اما الصادق المهدى فبالرغم بأن المبآدئ التى أسس لها وهى ان الديموقراطية هى اساس الحكم الناجح الا انه فشل فشلا زريعا فى ادارة الدولة لانه كان ضعيفا امام الشعب والمعارضه , فالسودان يحتاج لحاكم (قوى ومخلص وذكي لا يخاف من الشعب بل يخاف من الله ) وهو لم يتوفر حتي الآن اما البشير فهو قوى على الشعب ولكن للاسف لم تتوفر فى الصفتين الاخيرتين( الامانة والذكاء) لان الدول الكبري تتلاعب به كيفما تشاء لتنفيذ مخططاتها على المنطقة وهو الامر الوحيد الذى لم يكذب فيه البشير ان السودان مستهدف وقد كان نظام الانقاذ السبب الرئيسى فى هذا الاستهداف . اذا ما تطرقنا للمعارضه نجدها ايضا ضعيفة نظرا لعدم وجود نظام ديموقراطي ونجد لها العذر فى ذلك فمن الصعب ان تتحرك المعارضه بحرية فى ظل نظام قمعى ديكتاتوري , ولكن توجد حلول اخري بالمحاولات الجادة لتحريك الشعب والذى يقف على عود ثقاب ليشعل نار الثورة علي الطغيان. اما المعارضة المسلحة فبالرغم من انها تؤلم النظام فهى لن تكون حلا بل شماعه يعلقوا عليها النظام فشله ليقول للناس ان الحرب هى التى تعيقه عن التنمية , فلو ان المعارضة المسلحة وضعت السلاح
وتمت مفاوضات بالخرطوم برعاية الدول العربية فسيجد النظام نفسه على المحك. ولكن المعارضه المسلحة لن تفكر فى ذلك لاعتقادها ان السلاح سيحسم المشكلة وذلك لن يحدث ولو بعد مائة عام. النظام لن ينتهى الا بثورة شعبية او انقلاب عسكري من داخل النظام نفسه ففالجيش يوجد الكثير من الساخطين على البشير ولكن يتحينون الفرصة المناسبة للانقضاض . فمتى يثور الرجاف ويرمي بحممه على الظالمين ؟؟؟؟؟؟
رد
يقول عصمت ووف :
25 نوفمبر، 2014 الساعة 7:43 م
اقتباس:
داء النهم والجشع والطمع والحسد والغل حتي الان والي المستبقل معشش فينا كل واحد يريد ان يصبح افضل من اخية ود امة وابية ومن جارة وصديقة وزميلة هي الحقيقة والدليل المحاكاة والتقليد في كل شئ واخره لا يتمني لك الخير ان يقول ربنا يزيده ويزيدني ب صراحة قلة من الناس تجد فيهم طباع نبيلة حب الخير للجميع ولن نتقدم يوما ما لو كانت تلك حالتنا المقرفة .
رد
يقولdax:
26 نوفمبر، 2014 الساعة 5:59 ص
اقتباس:
وبعد ده كلو تجى تسمع ابشع الصفات عن الانجليز وتصويرهم على انهم بعبع هدم السودان وسرق ونهب خيراته … ونعلق خيباتنا - لغاية اليوم – بالاستعمار بالرغم من انهم – اى الانجليز- سلمونا حدود لم تكن تتبع لنا … وسلمونا الاتى ولم نحافظ عليه
1/ السكه حديد
2/ مشروع الجزيرة
3/ خدمة مدنيه
4/ قوانين مدنيه
5/ سلطة تشريعيه - برلمان (لم نكن نسمع به قبلهم)
6/ جامعة الخرطوم
7/ عاصمة مخططه ومهندسه
8/ بنية تحتية كامله (فى وقتها)
9/ ادارة حكم اهلى
10/ شبكة مواصلات واتصالات .
11/ جيش وطنى مدرب ومؤهل …
12/ انضباط واخلاق وامانه
وووووووووووووووو الكثير
رد
يقول عطارد :
26 نوفمبر، 2014 الساعة 8:07 ص
اقتباس:
نحن السودانيون استعجلنا شوية في طرد المستعمر من البلاد. كان نخليهم 20 سنة اخرى. فالإنجليز هم الذين أسسوا 3 دعامات وطنية لم نستطع المحافظة عليها.. بل قمنا بتخريبها وهي: مشروع الجزيرة والسكة الحديد والخدمة المدنية. واذا تركناهم شوية كان اقاموا بعض المشروعات الاخرى التي فشلنا في اقامتها… وكان علمونا كيف نديرها وكيف نحافظ عليها وكيف نطورها وكيف نستفيد ….

رد
يقول بكلر:
29 سبتمبر، 2016 الساعة 5:01 ص
اقتباس:
الله يلعن كل من ساهم فى ارتكاب جريمه بحق الوطن وفعل الافاعيل النكراء لاجل كسب حرام وغير مشروع واحل ماحرم الله واستولى على مال الشعب نرا فيهم يوما اسودا كيوم عاد وثمود؟؟



نقلا عن الرابط



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-09-2020, 01:46 PM   #[5]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

“من ضيع السودان” عشر مخازٍ سودانية – الحلقة (3)
عثمان ميرغني
الأحزاب السياسية السودانية ومنذ بواكير فجرها .. كانت تعاني من قصور ذهني وإستراتيجي خطير دفع ثمنه الشعب السوداني على مر العهود .. فالوطن الذي تسلمه الحكم الوطني من المستعمر بدون (شق أو طق) على قول الزعيم الأزهري .. كان يتهاوى تحت معمول الأحزاب والساسة .. كما سنرى في ثاني المخازي العشر في حلقة اليوم !!
مغيب قبل الشروق!
الزعيم إسماعيل الأزهري كان أول سوداني يتشرف بمنصب رئيس الوزراء قبل الاستقلال بعد فوز حزبه الوطني الاتحادي في انتخابات عام 1953م . وكانت آمال السودانيين كبيرة في حكومته لتعبر بهم إلى الاستقلال . لكن ..!!!
بالكاد .. وبأعجوبة استطاع الأزهري أن (يصمد!!) حتى موعد القدر مع التاريخ الذي نال فيه السودان الاستقلال .. بل – وأرجو أن لا يعد هذا تطرفاً في الرأي - يبدو أن حبكة الاستقلال – من داخل البرلمان - كلها كانت لإخراج الأزهري من ورطته السياسية وليفوز بشرف رفع علم الاستقلال ويسجل التاريخ ذلك .. ثم .. ثم لا شيء بعد ذلك ..!! وعبارة (بعد ذلك) ربما تتمدد إلى شهر أغسطس عام 1969م عندما صعدت روح الزعيم الأزهري إلى بارئها في مستشفى الخرطوم ، بعد أشهر قليلة من انقلاب العقيد جعفر النميري عليه .. لم ترصد في إنجازات الزعيم الأزهري سوى لحظات رفع العلم الحسيرة ..
حكم آيل للسقوط ..!!
أفلتت حكومة الأزهري من السقوط وقدر الله لها أن ترفع علم السودان في أول يناير 1956م .. لكن رصيدها نفد مباشرة بعد زوال فرحة الاستقلال ، فأنقذها الأزهري بتكوين حكومة ائتلافية في فبراير 1956م .. كانت هي الأخرى مجرد حكومة (الأنفاس الأخيرة) .. لأنها أسلمت الروح بعد حوالي خمسة أشهر .. بالتحديد في 6 يوليو 1956م .. عندما أطاح (ديمقراطياً) بالأزهري وزير دفاعه السيد عبد الله خليل ، بالأزهري وتولى رئاسة وزارة أول حكومة سودانية بعد الاستقلال .
سوسة الساسة !!
كل المخاوف التي أبداها المستعمر البريطاني قبل رحيله باتت تتكشف عارية أمام الجميع .. خشى المستعمر من هز أركان الخدمة المدنية بتأثرها برياح تدخلات الساسة والسياسة .. وكان البريطانيون يتشككون كثيراً في رشد الساسة السودانيين وقدرتهم على إدارة وطنهم بعد الاستقلال وفق رؤية سديدة ..
ما إن تسلم السيد عبد الله خليل الحكم حتى بات في مواجهة مريرة في كل الاتجاهات .. لسوء حظه اشتعلت الحرب في مصر في 29 أكتوبر عام 1956م .. العدوان الثلاثي الذي قادته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بعد قرار الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس . وتحول الموقف من الحرب في السودان إلى سوق ومزاد سياسي كبير هنا في الخرطوم بين مواقف الأحزاب المتناقضة . وكان السودان لحظتها يكابد أزمة اقتصادية كاسحة بسبب تدني أسعار القطن الذي كان الممول الأول والأكبر لخزينة السودان .
المناورات السياسية لم تنقطع لحظة واحدة .. حتى كادت الحكومة تعلن حالة الطوارئ .. والأزهري لم ينس مطلقاً الكأس التي تجرعها من عبد الله خليل (وزير دفاعه في أول حكومة بعد الاستقلال) .. وأخيراً بدأت خيوط اللعبة السياسية تتكشف عن مؤشرات على اتفاق جديد بين السيدين الميرغني والأزهري قد يطيح بحكم عبدالله خليل .. والذي سيفضي بالضرورة إلى حكومة جديدة تعود بالأزهري مرة أخرى إلى رئاسة الوزارة ..
الجان يخرج من الجرة !!
ثاني المخازي العشر .. كانت تلك اللعبة (الأنانية) التي مارسها السيد عبدالله خليل ، وأدت بعد ذلك لعشرات النسخ المكررة التي حاولت تقليد لعبته .. بعضها أصاب وأكثرها خاب !!
عبد الله خليل لما رأى تضعضع الحكم تحت أقدامه وارهاصات عودة الأزهري ذهب إلى قيادة الجيش .. الفريق إبراهيم عبود القائد العام للجيش السوداني .. وطلب منه تسلم الحكم لإنقاذ البلاد من خطر الانهيار الداهم .
القائد العام للجيش رفض الطلب .. وأصر على حياد الجيش تجاهـ العمل السياسي والمدني .. رفض الفريق عبود بإصرار مبررات رئيس الوزراء ، بحكم تكوين عبود العسكري المهني الصارم فهو عسكري محترف تخرج من المدرسة الحربية في العام 1918م وتدرج في الرتب العسكرية إلى أن تولى منصب القائد العام بعد أربعة أشهر من استقلال السودان (4 أبريل 1956م).
لكن عبدالله خليل ألح في طلب تدخل الجيش بحجة أن البلاد معرضة للسقوط في بحر الفضوى إن لم يمارس الجيش مهمته في حمايتها من الخطر.. أخيراً وافقت قيادة الجيش على طلبه ..
يقول الأستاذ عبد الرحمن مختار (مؤسس صحيفة الصحافة) في كتابه (خريف الفرح).. إن عبدالله خليل ذهب في يوم 16 نوفمبر 1958م إلى القيادة العامة للجيش للاطمئنان على ترتيبات (الانقلاب العسكري).. لكنه تعرض لصدمة نفسية قاسية عندما رفض الحرس السماح له بدخول القيادة .. فاتصل بالفريق عبود الذي رد عليه بكل حزم أن الترتيبات العسكرية بدأت ولا شأن لـ(المدنيين!!) بها .. لغة الجيش الحاسمة كانت كافية ليفهم منها عبدالله خليل أنه أخرج الجان من قمقمه .. وأن الجان لن يعود !!
في صباح اليوم التالي الإثنين 17 نوفمبر 1958م عزفت الإذاعة السودانية المارشات العسكرية مطلقة صافرة البداية ليس لأول انقلاب عسكري فحسب ، بل لسلسلة من الانقلابات العسكرية سطرها التاريخ السياسي المعاصر في السودان .
شهادة الجنرال عبود ..!!
كان عملية تسليم وتسلم من تخطيط وتنفيذ رئيس الوزراء (المنتخب !!) عبد الله خليل . وأقر بذلك الفريق إبراهيم عبود بعد الإطاحة به في ثورة 21 أكتوبر 1964م الشعبية أمام لجنة التحقيق التي شكلت للتقصي في وقوع انفلاب 17 نوفمبر فقال (قبل أيام من استئناف البرلمان لأعماله ، اتصل بي رئيس الوزراء السيد عبد الله خليل ، وأخبرني أن الوضع السياسي يسير من سيء إلى أسوأ ، وأن أحداثا خطيرة ومهمة قد تنشأ نتيجة لهذا الوضع ، ولا يوجد مخرج غير استلام الجيش للسلطة) .”
قصة هذا الانقلاب هي ثاني المخازي العشر لأنها أفضت إلى نتائج مهولة في التاريخ السوداني .. أقحمت الجيش في العمل السياسي وفتحت شهية العسكريين لتكرار المحاولة فبعد أربعة أشهر فقط من انقلاب عبود بدأ العسكريون تجربة حظهم .. فكانت أول محاولة انقلابية اشترك فيها اللواء محيي الدين أحمد عبد الله واللواء عبد الرحيم محمد خير شنان في 2 ماس 1959م وفشلت .. فأعادها بعد يومين وفشلت فكرراها بعد شهرين في مايو وفشلت أيضاً . ونتج عنها استيعابهم في المجلس العسكري الحاكم .
فتح الشهية الانقلابية !!
ولكن الانعطاف الحاد في الانقلابات العسكرية بدأ بعد عام واحد من نجاح عبود في استلام السلطة .. ففي 9 نوفمبر 1959م قاد اليوزباشي (المقدم) علي حامد انقلاباً عسكرياً مثيراً .. إذ كلهم من صغار الضباط وشارك فيه من المدنيين ساسة من كل الأحزاب على رأسهم الأخوان المسلمين (بقيادة الرشيد الطاهر بكر) والشيوعيين .
أجريت لهم محاكمات عسكرية صدر بعدها حكم بإعدام خمسة من القيادات العسكرية .
ثاني المخازي العشر هذهـ كانت مدخلاً لإدارج سلسلة من الانقلابات العسكرية في التاريخ السوداني المعاصر . هذهـ المحاولات الانقلابية العسكرية هي:
17 نوفمبر 1958م – انقلاب الفريق إبراهيم عبود نجح في تسلم السلطة .
مارس ومايو 1959م محاولة انقلابية فاشلة بقيادة محيي الدين وشنان .
9 نوفمبر 1959م محاولة انقلابية قادها المقدم علي حامد بمشاركة ساسة منهم الرشيد الطاهر بكر فشلت وأدت للحكم بالإعدام على خمسة ضباط .
22 ديسمبر 1966م محاولة انقلابية فاشلة بقيادة الملازم خالد الكد .
25 مايو 1969م انقلاب عسكري ناجح بقيادة العقيد – آنئذ - جعفر محمد النميري .
19 يوليو 1971م انقلاب عسكري ناجح بقيادة الرائد هاشم العطا لكنه لم يستو على منصة الحكم أكثر من ثلاثة أيام حيث نجح النميري في العودة للحكم مرة أخرى في 22 يوليو 1971م . وأدى الانقلاب إلى مجزرتين الأولى راح ضحيتها أكثر من ثلاثين ضابطاً كانوا معتقلين لدى الانقلابيين في بيت الضيافة . ثم مجزرة أخرى ضد قيادات الحزب الشيوعي السوداني الذين اعدموا بعد محاكمات صورية .
5 سبتمبر 1975م انقلاب عسكري فاشل قادهـ العميد حسن حسين . صدر حكم بإعدام قادة الانقلاب .
2 يوليو 1976م انقلاب عسكري بمساندة مقاتلين مدنيين قادهـ العميد محمد نور سعد وصدر حكم بإعدامه وعدد كبير من الذين شاركوا في العملية العسكرية من المدنيين .
6 أبريل 1985م انقلاب عسكري بقيادة الفريق عبد الرحمن سوار الذهب ، جاء استجابة لهبة شعبية جماهيرية ضد نظام الرئيس النميري . وأسلم الحكم للأحزاب بعد فترة انتقالية مدتها عام واحد .
23 يونيو 1989م انقلاب عسكري فاشل .
30 يونيو 1989م انقلاب عسكري ناجح بقيادة العميد – آنئذ - عمر حسن أحمد البشير .
أبريل 1990م بقيادة اللواء عبد القادر الكدرو انقلاب عسكري فاشل نتج عنه إعدام (28) ضابطاً من الذين شاركوا فيه .
مارس 2004م محاولة انقلابية اتهم بها قادة حزب المؤتمر الشعبي وصدر بالقبض على قائدها الدكتور الحاج آدم يوسف لكنه أفلت إلى خارج البلاد وعاد بعد فترة وتولى منصب نائب رئيس الجمهورية .
ثاني المخازي العشر!!
ليس من أهداف هذا التحقيق الصحفي تقييم فترة حكم الجنرال عبود أو الطريقة التي انتهى بها عهدهـ . إذ ينحصر الحديث حول ثاني المخازي العشر في سابقة اقدام حكومة مدنية منتخبة تسلم الحكم طواعية إلى انقلاب عسكري طلبته الحكومة بالحاح . بلا شك يثبت هذا العقلية السياسية التي تحكم البلاد أو تهيمن على مصائرها . ويبرهن على أن المفاهيم السياسية نمت منذ لحظة ميلاد الاستقلال (وربما قبل ذلك) على طمع وأنانية قاتلة أفضت إلى الواقع السوداني المرير الذي يكابدهـ الشعب السوداني حتى اليوم .
ونواصل غداً في المخازي العشر ..
في الحلقة التالية بإذن الله..
عثمان ميرغني
التيار




......



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-09-2020, 06:47 PM   #[6]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

“من ضيع السودان” عشر مخازٍ سودانية – الحلقة (4)
عثمان ميرغني
في يوم 21 أكتوبر 1964م سطر التأريخ أعظم الثورات الجماهيرية العربية ، هبّ الشعب السوداني - كلّه - بمختلف أحزابه ، وألوانه العرقية ، إلى الشارع ، وبصوت واحد ، أطاح بالحكم العسكري ، الذي تصرف قادته بمنتهى الحكمة ، وأسلموا الزمام بسلاسة ، وتنحوا في صمت كامل .. وبدا أن الشعب انطلق في مسار الحرية من جديد .. لكن إلى أين ؟!!
الاحتفال بعد شهر واحد!!
بعد شهر واحد من نجاح ثورة أكتوبر الشعبية قررت الحكومة الاحتفال بها رسمياً .. أقيم الاحتفال في ميدان فسيح (في موقع نادي الأسرة بالخرطوم حالياً).. نصبت منصة عالية جلس عليها كبار رموز الحكومة ..
نُظمت طوابير عرض النقابات والمنظمات المجتمعية لمختلف الفئات .. كان طابور كل نقابة أو منظمة أو حتى مدرسة يحمل أعلام السودان ، ولافتات قماش كبيرة مكتوب عيها اسم النقابة أو الجهة .
من بين هذهـ النقابات كانت نقابة عمال الخطوط الجوية السودانية (سودانير).. عددهم لم يكن كبيراً أكثر قليلاً من عشرة .. يحملون لافتة ضخمة مكتوب عليها (التطهير واجب وطني).. كان وفد النقابة يسير بصمت في طابور العرض إلى أن حاذى المنصة الرسمية - فجأة - توقف عن السير ، والتفت جانباً في مواجهة المنصة .. ووجَّه اللافتة الكبيرة أيضاً تجاهـ المنصة ، وانطلق في هتافات متشنجة (عبد الباقي عدو الشعب.. عبد الباقي عميل).. تجمد طابور العرض في انتظار تحرك وفد نقابة (سودانير) لكنهم تسمروا في مكانهم ، واستمروا في هتافهم قبالة المنصة .. أعضاء الحكومة الجالسون في أعلى المنصة أشاروا إليهم أن قد سمعنا هتافكم ومطلبكم مجاب .. وطلبوا منهم مواصلة سيرهم .. فاستدار الوفد العمالي الثائر، وأكملوا طريقهم بعيداً عن المنصة ..
في صباح اليوم التالي .. وفي أول نشرة إخبارية الساعة السادسة والنصف صباحاً .. أذاع راديو أم درمان الخبر (بيان من الحكومة يعلن إقالة عبد الباقي مدير عام الخطوط الجوية السودانية سودانير..).!.
السيد عبد الباقي محمد كان أول مدير وطني للخطوط الجوية السودانية ، تميّز بالكفاءة والخبرة حيث عمل فترة في الخطوط الجوية البريطانية ، وتحفظ له ذاكرة سودانير أعظم الإنجازات والنجاحات ، كل ذلك لم يشفع له في مواجهة شعار (التطهير واجب وطني) .. الذي جعل مجموعة من العمال المسيسيين قادرين على إرغام الحكومة على الإطاحة بمديرهم العام ..
ثالثة المخازي العشر !!
قصة إقالة مدير (سودانير) بعد شهر واحد من نجاح ثورة 21 أكتوبر، كانت صافرة إنذار مبكر لفصل جديد من الفشل في إدارة السودان .. كانت تلك (ثالث المخازي العشر)، الحملة المدمرة للخدمة المدنية تحت شعار (التطهير واجب وطني) .. وتغنى بها أحد أبطال الأكتوبريات الفنان محمد وردي في أغنيته الشهيرة :
هتف الشعب من أعماقو
التطهير واجب وطني
والحرية في أرض بلادي
للأحرار بسمة وطني
حقوق المرأة الكانت ضايعة
عادت وزانت رفعة وطني
من أهداف ثورتنا ..
حماية جيرتنا .. سلامة وحدتنا
هيا هيا ..
هيّا حيّوا الثورة
وشمّروا ساعة الجِد .. ساعة الجَد
.
الشعار طرحه اليسار السوداني بعد ثورة أكتوبر، ولقي رواجاً شعبياً ساندته كل الأحزاب ، وفي طوفان العواطف الثورية بدأت حملة منظمة للإطاحة برموز الخدمة المدنية تحت قهر الوساوس السياسية .. كثير من الذين أطاح بهم شعار (التطهير واجب وطني) لم يكن لهم نشاط ، أو انتماء سياسي .. وكانوا من أكفأ قيادات الخدمة المدنية ، لكنهم راحوا ضحية الكيد ربما الشخصي المتستر بأثواب الثورية الحمقاء .
حساب الخسائر هنا لا يمكن قياسه بعدد الذين شملهم شعار (التطهير واجب وطني) فحسب بل بحجم الثغرة التي أحدثها الساسة في جدران الخدمة المدنية .
ويجدر هنا أن أستعيد معكم ما كتبته في الحلقة الثانية عن (أولى المخازي العشر)، وهي قرارات (السودنة) التي مثلت وامتثلت للنهم ، والجشع السياسي ، وكانت أول مدخل الساسة إلى مدينة الخدمة المدنية الفاضلة .
الموجة الثالثة من الهجوم !!
لم يكن مفاجئاً لأحد أن تنهار حكومات أكتوبر بعد أربع سنوات - حسوماً - قضاها الشعب السوداني وهو يتفرج على ملهاة سياسية عجزت حتى عن كتابة دستور (رغم وجود دستور سابق).. ثم جاء نظام الرئيس النميري في 25 مايو 1969م ليكمل المجزرة التي دشنتها قرارات السودانة ، ثم كرستها شعارات (التطهير واجب وطني) بعد أكتوبر 1964م ، ويدشن الموجة الثالثة من الهجوم الكاسح على الخدمة المدنية السودانية .
فصل أساتذة جامعة الخرطوم !!
أنشبت حكومة النميري أنيابها في جسد الخدمة المدنية ، وأصدرت قرارات الفصل في حق كل من تحوم حوله شبهة الارتباط بـ(الرجعية وأذنابها من الإخوان المسلمين)، وكان يقصد بالرجعية جماهير حزب الأمة .
وبلغت أعتى موجات العبثية بقرارات فصل أساتذة جامعة الخرطوم ، شمل القرار (13) أستاذاً في جامعة الخرطوم لا لسبب سوى شبهة (التعاطف) وليس الانتماء السياسي ، ومن المثير للدهشة أن كل الأستاذة الذين شملتهم قرارات الفصل تسابقت نحوهم جامعات أجنبية ، وضمتهم إلى هيئات تدريسها ، فهجروا الوطن إلى أوطان اعتزت بإقامتهم فيها .
كان من أبرز الذين شملتهم قرارات الفصل السياسي البروفيسورعبد الله الطيب الذي كان عميداً لكلية الآداب ، والبروفيسور دفع الله الترابي عميد كلية الهندسة ، والبروفيسور مدثر عبد الرحيم عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وآخرون .
لم يكن مفهوماً لأحد المعايير والجهة التي تصدر هذهـ القرارات لكن كان معلوماً أنه ما عادت الخدمة المدنية مستقلة عن الجهاز السياسي للدولة ، وبدأت موجة من القرارات - وثيقة الصلة - تحطم هيكلة الدولة السودانية ، وعلى رأسها أنظمة الحكم الأهلي (الإدارة الأهلية) التي كانت من أكفأ منظمات المجتمع المدني السوداني وأكثرها تأثيراً وتنظيماً ، للدرجة التي جعلت المستعمر البريطاني يستثمر ويعوِّل عليها كثيراً في توفير الأمن ، والخدمات ، والنظام ، للمجتمعات الريفية .
الصالح العام .. الضرر العام !!
لم تتوقف المعارك الطاحنة ضد الخدمة المدنية السودانية .. فبعد نجاح الانقلاب العسكري في فجر 30 يونيو 1989م بدأت موجة ثالثة من الهجمات المنظمة ضد الخدمة المدنية ، هذه المرة أُطلق عليها سياسات (الصالح العام).
هذهـ المرة كانت الهجمة قاسية وظالمة إلى أبعد مدى ؛ إذ طالت الآلاف في مختلف مواقع الخدمة المدنية ، ولم يكن شرطاً أو مطلوباً التثبت من قرار فصل الموظف العام ، حيث كانت تكفي بضع سطور أو وشاية للإطاحة بأي موظف في أرفع منصب ، دون أن تقدم له أية مبررات لفصله .
سياسات (الصالح العام) أدت إلى نشر الذعر في كل مفاصل الخدمة المدنية للدرجة التي صار فيها مديرو المكاتب أكثر نفوذاً من الوزراء - أنفسهم ، والخوف من البطش السياسي فتح مجالاً واسعاً لفساد وظيفي غير محدود ، أتى على البقية الباقية من الخدمة المدنية ، وحولها إلى مجرد محميات سياسية شحيحة الخبرة ، وعاطلة الذهن والهمة .
تعطل ماكينة الدولة !!
الخدمة المدنية هي الماكينة المحركة لأي دولة ، ويرتبط تطور الدولة بسلامتها من الأذى السياسي ، وقدرتها على ممارسة عملها بكل تجرد بعيداً عن المؤثرات السياسية ، لكن الخدمة المدنية في السودان ، وبعد أربع موجات من التدمير المنهجي انهارت تماماً ، وحولت البلاد إلى عربة معطوبة الإطارات لا تقوى على السير حتى في الطرق المسفلتة .
(ثالث المخازي العشر) هذهـ لا تزال تنفث سمها الزعاف في جسد البلاد - وما لم تخضع إلى عملية جراحية تستعيد عافيتها ، وتقوم خطوها - فلا أمل في أي إصلاح حقيقي في البلاد .
ونواصل في الحلقة القادمة بإذن الله
عثمان ميرغني

التيار



.....



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-10-2020, 05:23 PM   #[7]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (5)
عثمان ميرغني
التيار - السنة الخامسة - الثلاثاء 2 ديسمبر 2014م العدد 1171
الحلقة الخامسة

وطن مترف بثرواته ما ظهر منها وما بطن .. وبعد حوالي (60) عاما من الاستقلال لايزال يقبع في ذيل الامم .. من فعل هذا به ؟ من الجاني الذي حرم الشعب من ثرواته وخيراته وابدلها الذل والحرمان ؟ محاكمة تاريخنا المعاصر هي المدخل لإصلاح الحال وبناء مستقبل معافي من مخازي الماضي .
حل الحزب الشيوعي ...
الحزب الشيوعي السوداني كان واحدا من الاحزاب التي نجحت - بعد ثورة اكتوبر 1964م في تحقيق إنجاز جماهيري مقدر .. بفوزهـ بـ(11) مقعدا من أصل (15) مقعدا ، خصصت للخريجين في إنتخابات الجمعية التأسيسية عام 1965م .. لكن الحزب الشيوعي وجد نفسه - فجأة - وبدون مقدمات في مرمي نيران كثيفة ، نتيجة فعل طائش لاعلاقة له به ، إنتهت المعركة بحل الحزب الشيوعي ، وطرد نوابه من البرلمان ، وكانت تلك (رابع المخازي العشر السودانية) !! .
ما الذي حدث بالضبط !!
في معهد المعلمين العالي بام درمان (الذي اصبح كلية التربية الآن) نظمت جبهة الميثاق الاسلامي (وهي حزب يجمع تحالفا من الاخوان المسلمين وانصار السنة وآخرين) ندوة كانت تديرها الاستاذة سعاد الفاتح البدوي .
الندوة التي عقدت في مساء الاثنين 9 نوفمبر 1965م كانت تناقش قضية (البغاء في السودان) والذي كان منتشرا بصورة رسمية في غالبية مدن السودان ، ومحميا بالقانون ، كان من الممكن ان تنتهي الندوة بهدوء ، وينساها الناس مثل عشرات الندوات التي تقام في جامعة الخرطوم وغيرها ، لكن شابا لم يتعد الـ(19) من عمرهـ اسمه شوقي محمد علي ، عرف نفسه بأنه عضو في الحزب الشيوعي السوداني - صعد الي المنبر وادلي بمداخلة فيها إساءة سافرة الي بيت الرسول - صل الله عليه وسلم .
الشرارة .. تلد الحريق !!
انطلقت الشرارة سريعا الي الشارع السوداني .. وتحت قيادة الاحزاب السياسية الرئيسة مثل الوطني الاتحادي الذي كان يتزعمه الرئيس اسماعيل الازهري ، والامة بزعامة السيد الهادي المهدي ، بدأت الجماهير في تسخين الشارع السياسي الي درجة الغليان ، وهاجمت مقرات الحزب الشيوعي وأشتعلت خطب منابر الجمعة التالية بنيران موجهة ضد الحزب الشيوعي ، الذي انكر ان يكون الطالب شوقي عضوا فيه ، واطلق الاستاذ عبدالخالق محجوب السكرتير العام للحزب الشيوعي علي تلك الهجمات (عنف البادية) .
إجتمعت الجمعية التأسيسية (البرلمان) في يوم الاحد 22 نوفمبر 1965م ، وتقدم الحاج مضوي محمد احمد النائب عن الحزب الاتحادي ، ومعه خمسة نواب - تقدموا بإقتراح مشروع قانون يحل بموجبه الحزب الشيوعي ، ويحرم بعد ذلك قيام أي حزب علي مبادئ الشيوعية .
وبعد مداولات ساخنة أجيز الاقتراح بأغلبية 151 ومعارضة 12 وإمتناع 9 .
مر بعد ذلك القرار عبر مراحل البرلمان المعروفة ، مرحلة القراءة الاولي ، ثم الثانية ، ثم الثالثة ، وتخطي كل العقبات القانونية - الواضحة - التي كانت تقف امامه ، حتي صدر قرار حل الحزب الشيوعي وطرد (8) من نوابه ، واستثني الباقون .
معركة القضاء !!
الحزب الشيوعي قاوم القرار في البداية باللجوء الي الشارع ، فنظم تظاهرة ضخمة في العاصمة ، تراوحت اعداد المشاركين فيها بين (15) الي (30) الف (إختلاف الرقم لإختلاف المصادر التي رصدنا منها الارقام) .
لكن الحزب الشيوعي عاد وسلك طريق القضاء ، فرفع (3) طعون دستورية ، الطعن الاول ضد تعديل الدستور .. والثاني ضد قرار حل الحزب الشيوعي .. والثالث ضد طرد نوابه من البرلمان .
رضخت الاحزاب كلها للإحتكام الي القضاء واستغرق نظر القضية قرابة العام ، وفي 22 ديسمبر 1966م ، صدر قرار القاضي مولانا صلاح حسن ، وحكم بعدم دستورية التعديلات الدستورية ، التي اجازتها الجمعية التأسيسية ، وبناء علي ذلك حكم بعدم دستورية وقانونية حل الحزب الشيوعي ، واكمل الحلقة الاخيرة ، فحكم بعدم قانونية طرد نواب الحزب الشيوعي من الجمعية التأسيسية .
كان من الممكن ان تنتهي القضية هنا ، ويصفق العالم كله للممارسة السودانية السياسية والقانونية الرفيعة .. لكن هيهات .. في بلد اضحي ضحية المخازي التي ترتكبها بيد ابنائه لابيد عمرو (الاجنبي) .
كادت الاحزاب تقول للقضاء السوداني وفي اعلي درجات (احكامكم .. بلوها واشربوا مويتها) .
السيد الصادق المهدي رئيس حزب الامة قال : إن (حكم المحكمة تقريري) . أي غير ملزم .
ورفضت بقية الاحزاب حكم القضاء ، بل ونقلت المعركة ضد الحزب الشيوعي الي القضاء - نفسه مما دعا رئيس القضاء - آنذاك - مولانا بابكر عوض الله الي تقديم استقالته ، وقال في حيثيات الاستقالة : (إنني عملت ما في وسعي لصيانة استقلال القضاء ، منذ ان كان لي شرف تضمين ذلك المبدأ في ميثاق اكتوبر ، ولا أريد لنفسي ان ان ابقي علي رأس الجهاز القضائي لأشهد عملية تصفيته ، وتقطيع أوصاله ، وكتابة الفصل المحزن الاخير من فصول تأريخه) .
(رابع المخازي السودانية العشر) .
كان واضحا ان الامر لم يكن مجرد المشي بالحذاء فوق مبادئ الديمقراطية ، وعلي رأسها مبدأ (سيادة القانون) بل وأخطر من ذلك أن الساسة السودانيين - وهم علي بعد حوالي (8) سنوات فقط من تأريخ رحيل آخر جندي بريطاني عن ارض السودان - لم يتعلموا من بريطانيا معني الممارسة الديمقراطية الرشيدة ، وان السودان مقبل علي سنوات سوداء ، يدمر فيها (المستدمر الوطني) ما تبقي من (التركة) التي خلفها (المستعمر الاجنبي) .
خطورة (رابع المخازي السودانية العشر) هذهـ إنها مهدت الطريق الي ثاني الانقلابات العسكرية في السودان ، فالحزب الشيوعي السوداني الذي خضع الي اللعبة الديمقراطية ، وكسب فيها جرعة جماهيرية مشجعة ، كابد إحباط الطرد من البرلمان ، ثم الحرمان من عدالة القضاء ، فإنتوي في قرارة نفسه قلب الطاولة علي الجميع .
رئيس القضاء .. رئيس الانقلاب !!!؟ .
وفعلا في فجر الاحد 25 مايو 1969م عزفت المارشات العسكرية في إذاعة ام درمان معلنة مولد الحكم العسكري الثاني ، حكم الرئيس جعفر النميري الذي استمر (16) عاما - أي أربعة أضعاف الفترة الحزبية القصيرة - وكان أول ضحايا العهد الجديد ، الحزب الشيوعي - نفسه - صاحب العلامة السياسية التي علي راياتها جاء النميري .
وكان مثيرا للدهشة .. بل وللشفقة أن يكون رئيس القضاء .. ذات رئيس القضاء الذي استقال ، وكتب في إستقالته (عملت ما في وسعي لصيانة استقلال القضاء ..) انه جاء علي رأس الإنقلاب الجديد .. منقلبا علي ذات الدستور الذي اراق علي حوافه الدمع حزنا علي مهزلة خرقه ، أصبح مولانا بابكر عوض الله رئيسا للوزراء في الحكومة الوليدة ، التي جاءت من رحم إنقلاب عسكري .
صورة أشعة مقطعية !!
إنكشف البصر امام كل الشعب السوداني ، الاحزاب تحترم الدستور حتي آخر رمق من مصالحها معه .. والقضاة عادلون ملتزمون بالمبادئ حتي آخر رمق من مصالحهم السياسية ، ألم أقل لكم ان (المخازي السودانية العشر) تقدم صورة اشعة مقطعية للعقل السوداني ، تكشف الضمير المعوج والمفاهيم الممزوجة بالانتهازية .
الترابي .. إستثمار الحدث !ّ!
الدكتور حسن الترابي .. وهو عالم قانوني مختص في الفقه الدستوري - هو الآخر - نحر علي جانبي هذهـ المهزلة قربانه السياسي .
في بداية الازمة وقف الترابي في الجمعية التأسيسية ، وقال : إن رغبتنا في حل الحزب الشيوعي لا علاقة لها بما قاله الطالب في ندوة معهد المعلمين .. فتلك مثل الرصاصة التي اصابت الشهيد محمد احمد القرشي ، فأججت الشعب في تظاهرات اكتوبر .. لم يكن خروج الشعب إنتقاما لدم القرشي .. بل من أجل المبادئ والحرية .
احد نواب الحزب الاتحادي تساءل في جلسة الجمعية التأسيسية .. ماذا كنا سنفعل إن كان هذا الطالب (السفيه) عضوا في الحزب الوطني الاتحادي ؟!! .
طبعا الإجابة صعبة .. بل محرمة ..
علاوة علي هتك الدستور في وضح النهار ، وهدم (سيادة القانون) وإهانة القضاء ! برفض تنفيذ أحكامه ، فإن حل الحزب الشيوعي (رابع المخازي السودانية العشر) هذهـ كشف وجها آخر .. هو إستغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية (التجارة بالدين) وإستثمار عواطف الشعب الدينية في تحصيل رصيد سياسي رغم أنف مبادئ العدل ، التي يشدد عليها الاسلام ، (ولايجرمنكم شنآن قوم أن تعدلوا ، أعدلوا هو اقرب للتقوي..) . وضد (الإستقامة) التي شدد عليها الإسلام في كل مسلك خاص أو عام . بل هو ضرب من تطفيف الميزان (ويل للمطففين .. الذين إذا أكتالوا علي الناس يستوفون .. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) فالكيل هنا ليس مقصودا به الوعاء المعياري المستخدم في تجارة السلع فحسب .. بل المعيار الاخلاقي الذي يلزم صاحب الدعوة الي الخير والمبادئ ان يكون اولي من يلتزم بما يكيل به الآخرين .

نواصل غدا - بإذن الله

التيار

......



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-11-2020, 04:15 PM   #[8]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانية

الحلقة (6)

عثمان ميرغني
واحد من أسوأ عهود الظلام السياسي .. ما حدث في إستاد الخرطوم ليلة 25 مايو 1970م بحضور الرئيسين جمال عبد الناصر ومعمر القذافي .. صعد الرئيس السوداني اللواء أركان حرب جعفر محمد النميري إلى المنصة وألقى خطاباً بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى لانقلاب 25 مايو 1969م .. الخطاب استغرق أكثر من ساعتين .. لكنه حوى أخطر قرار في تاريخ السودان الحديث .. ومازلنا ندفع ثمنه الفادح حتى هذهـ اللحظة .. إنها (خامسة المخازي السودانية العشر)!!
ما الذي حدث بالضبط !!
بدون مقدمات .. في ليل 25 مايو 1970م واحتفالاً بمرور عام على انقلابه العسكري أعلن الرئيس جعفر النميري (تأميم!) كل البنوك الأجنبية العاملة في السودان وبعض الشركات .
قرار(التأميم) Nationalization يعني مصادرة البنك أو الشركة أو المصنع من أصحابها واستيلاء الحكومة عليها وتحويل ملكيتها بشكل كامل .
يبدو أن الرئيس نميري ، لحظتها كان منفعلاً بما فعله جمال عبد الناصر، في قناة السويس عام 1956م . عندما أعلن قرار (تأميم) قناة السويس فاندلعت حرب العدوان الثلاثي . بل واستخدم نفس الأسلوب تقريباً بما في ذلك الإعلان في الخطاب الجماهيري أن قوات الجيش – وفي لحظة القاء الخطاب – تحركت وسيطرت على مقار البنوك المؤممة .. وهو ضرب من الإثارة (البوليسية) مقصود منها ضخ مزيد من العواطف الشعبية في القرار وتصويرهـ وكأنه غزوة (سودانية وطنية) ضد غازٍ أو مستعمر أجنبي يسيطر على موارد البلاد الاقتصادية.
قرارات (المراهقة) الثورية !!
البنوك التي أطاح بها قرار (التأميم) والمصادرة :
بنك باركليز (24 فرعاً) (أطلق عليه بعد التأميم اسم بنك الدولة للتجارة الخارجية).
بنك مصر ( 6 فروع) (وأطلق عليه بعد التأميم بنك الشعب التعاوني).
بنك ناشونال اند جرند ليز (البنك العثماني سابقاً) (4 فروع) وأطلق عليه بعد التأميم بنك أم درمان الوطني .
البنك العربي ( 3 فروع) (تم تحويل اسمه بعد التأميم إلى بنك البحر الأحمر)
البنك التجاري الإثيوبي (فرع واحد في مدينة جوبا) (تم تحويل اسمه بعد التأميم إلى بنك جوبا)
البنك التجاري السوداني (احتفظ بنفس الاسم)
بنك النيلين (احتفظ بنفس الاسم)
اضافة إلى أربع شركات بريطانية هي :
شركة جلاتلي هانكي (أطلق عليها مؤسسة مايو التجارية للعاملين)
شركة سودان ماركنتايل و شركة كوتس (أدمجتا في مؤسسة الدولة للتجارة الخارجية)
شركة الصناعات الكيماوية (أطلق عليها الشركة الوطنية للكيماويات).
من صنع القرار الكارثة ؟؟
من كان وراء هذه الكارثة الاقتصادية التي لم تخرج من جسد الاقتصاد السوداني حتى اليوم .. لا أحد .. كل يرمي باللائمة على غيرهـ ..
قبل عدة سنوات كنت أجمع مادة تحقيق صحفي حول قرارات المصادرة والتأميم التقيت بالدكتور فاروق كدودة (رحمه الله) في منزله بالخرطوم .. قال لي الأمر غير واضح بصورة دقيقة ، لكن أغلب الظن أن الأستاذ أحمد سليمان المحامي كان البطل الرئيسي خلف هذهـ القرارات .
الدكتور منصور خالد كتب في كتابه (السودان والنفق المظلم) (لقد وجد النميري سندا قويا في معركته مع الشيوعيين من داخل الحزب الشيوعي نفسه ، خاصة من جانب المجموعة المنشقة بقيادة أحمد سليمان وزير التجارة الخارجية ، ومعاوية إبراهيم وزير الدولة للشئون الخارجية ووزير العمل ، وحاولت تلك المجموعة احراز نصر على الحزب الشيوعي بالضغط من أجل التأميم الشامل والمصادرات والذي قام بإعداد تفصيلاتها أحمد سليمان بمعاونة المستشار الاقتصادي لمجلس قيادة الثورة أحمد محمد سعيد الأسد ..)
تحليلات أخرى تتهم مجموعة من الشيوعيين الذين انشقوا على الحزب الشيوعي بعد أقل من عام من انقلاب 25 مايو 1969م . ذكرت عدة أسماء منها السيد محمد عبد الحليم . اتصلت به هاتفياً – في الولايات المتحدة الأمريكية – قبل عدة سنوات ووافق على تقديم إفادته لكن ظروفاً حالت دون ذلك .
الهجمة مستمرة!!
لم تنته قرارات التأميم والمصادرة بالوجبة الدسمة التي التهمها الرئيس النميري ، في خطابه في إستاد الخرطوم في ليلة 25 مايو 1970م . موجة جديدة من القرارات هبطت على الاقتصاد السوداني :
في الرابع من يونيو 1970 (أي بعد حوالي عشرة أيام فقط) صدر قرار بتأميم شركة أسمنت بورتلاند وأطلق عليها اسم جديد هو (مؤسسة ماسبيو للأسمنت) واسم (ماسبيو) مختصر للثورات الثلاث ثورة مايو السودانية والفاتح من سبتمبر الليبية و23 يوليو المصرية .. (هذهـ الشركة تحولت بعد عدة سنوات إلى شركة أسمنت عطبرة).
وحتى نهاية شهر يونيو 1970م كانت حكومة النميري قد التهمت كل الشركات الأجنبية أو التي يملكها بعض السودانيين من أصول أجنبية . بل وشملت المصادرة بعض البيوت الخاصة بهم ومحلات صغيرة وبقالات ودور للسينما ومطاعم .
المشهد المأساوي مَثَّل خليطاً من التراجيديا الممزوجة بالكوميديا حينما ذهبت لجان المصادرة إلى بعض المحلات التي صدر قرارات جمهورية بمصادرتها فوجدتها مجرد (أكشاك) صغيرة . كان واضحاً أن (الارتجال) و(الرجالة) الثورية هي التي تصنع القرار لا المعلومات والدراسات .
كافوري .. ومعلوف !!
عائلة عزيز كافوري والدكتور معلوف من الأسر السودانية ذات الأصول الأجنبية . عائلة كافوري لا تزال في خارطة الذاكرة السودانية باسم الحي العريق الفاخر في مدينة بحري (حي كافوري) المُسمى باسم هذهـ العائلة ، التي اشتهرت بمزارع تربية الأبقار وتسويق الألبان . ولا يزال السودانيون يذكرون الإنتاج الوفير الطازج من ألبان كافوري (حوالي ألفا بقرة فرزيان) الذي كانت تطوف به سيارات التوزيع في جميع أرجاء العاصمة وتسلمه من المصنع إلى البيوت مباشرة دون وسيط .
وعزيز كافوري هو سوداني من أصل لبناني الأصل دخل السودان في العام 1899م بعد سقوط الدولة المهدية مباشرة .
صدر قرار جمهوري – دون أن يطرف للرئيس جفن - بمصادرة ممتلكات (كافوري).
أما عائلة معلوف فحظها كان أسوأ .
تمتلك عائلة معلوف مزارع ضخمة في منطقة (الفكي هاشم) في الريف الشمالي لمدينة الخرطوم بحري . وكان تمثل استثماراً زراعياً فائق النجاح إذ يصدر إلى خارج السودان الفواكه بالتحديد ثمار المانجو . وأسهمت عائلة معلوف في تنمية المنطقة فرغم كونها مسيحية الديانة إلا أنها ساهمت في بناء المساجد والمدارس ومركز رعاية صحية وجسر وغيرها .
أصدر الرئيس النميري قراراً بمصادرة ممتلكات معلوف وتم تحويل المشروع إلى (مشروع الشعب الزراعي) وتدهور إلى أن أصبح مجموعة مزارع فقيرة متفرقة .
قال لي السيد فؤاد معلوف – أحد أبناء دكتور معلوف - بكل حسرة (من يوم صدور قرار المصادرة وحتى الآن لم أر المشروع ولم أدخل منطقة الفكي هاشم قط).
الذعر .. الاقتصادي !!
قرارات المصادرة والتأميم أشاعت الذعر في كل البلاد وبدأ أصحاب الأعمال في إخفاء أموالهم وانسحب الاستثمار الأجنبي والوطني وتحولت الشركات والبنوك المصادرة إلى بؤر فساد حكومي طافح . وبدأت مرحلة الانهيار الاقتصادي المريع .
مراهقة ثورية !!
كانت البنوك والشركات الأجنبية تمثل أنجح الاستثمارات الجاذبة لمزيد من الاستثمار الأجنبي في السودان . وكانت منتجاتها فخرا للصناعة والتجارة السودانية واشتهر شارع الجمهورية في الخرطوم بأفخر محلات التجارة الراقية ليس على مستوى السودان فحسب بل على مستوى الدول العربية . كل ذلك ذاب وانزوى بقرارات (المراهقة) الثورية .
لم تمض سنوات قليلة حتى تراجع نظام الرئيس النميري عن حماقاته .. لكن لات حين مندم .. كان (الدمار الشامل) الاقتصادي سيطر على السودان وبدأ السقوط .
الرقيب العام !!
وضعت الحكومة كل هذهـ البنوك والشركات والمصانع المصادرة تحت تصرف ضابط شاب برتبة (رائد) هو أحد أعضاء مجلس قيادة ثورة مايو .. الرائد زين العابدين محمد أحمد (رحمه الله) . وابتداء من اليوم التالي لقرارات المصادرة بدأت قرارات تعيين مجالس إدارات جديدة .. موظفو الحكومة حلوا محل أصحاب الشركات والمصانع وقفزوا في مكاتبهم وامتلكوا سياراتهم بل وبيوتهم (وللحقيقة اكتفوا بذلك ولم يستولوا على زوجاتهم وأطفالهم أيضاً). مشهد لا مثيل له إلا في ظلام القرون الوسطى عندما يصبح العضل وسلطة القهر هي الحاكم والآمر . ويغيب العقل والرشد .. والعدل ..!!
خامسة المخازي السودانية العشر!!
قرارات المصادرة والتأميم كانت (خامسة المخازي السودانية العشر) .. ليس في زلزالها الاقتصادي ودمارها المباشر فحسب .. بل في نموذج التفكير الثوري (المراهق) الصبياني عندما يصبح هو الحاكم بأمرهـ بلا أدنى رادع . فقد تبرجت مقالات كبار الصحفيين في الصحف تمتدح قرارات (الرئيس القائد) .. وتبارت النخبة المستنيرة في تشييد أبراج الأوسمة لفكر وذكاء ووطنية حكومة الثورة . بل وخرجت المسيرات الجماهيرية الصداحة بهتافات التأييد . وغاب تماماً العقل والرشد والرأي الآخر الذي يجب أن يكبح جماح العربة المنطلقة نحو الهاوية .
من يومها .. واقتصادنا العليل يزداد علة .. حتى صرنا ونحن على ضفاف عشرة أنهر تعبر السودان جوعى وعطشى نستمطر العالم الإغاثات .
إنها خامسة المخازي السودانية العشر .. قرارات المصادرة والتأميم .
نواصل بإذن الله غداً في المخازي العشر ..
في الحلقة التالية بإذن الله..
عثمان ميرغني

التيار



.....



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-11-2020, 07:59 PM   #[9]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (7)
عثمان ميرغني
قبل قراءة هذه الحلقة يجدر بكم التأكد من وجود علبة مناديل ورق بجواركم .. فصل محزن ومخزٍ لدرجة النواح على وطن كاليتيم الذي أسلم ماله وقرارهـ للسفهاء (والسفهاء تعبير قرآني ورد في الآية “ولا تؤتوا السفهاء أموالكم.”).. رئيس الجمهورية وفي لحظة غضب (شخصي) يقرر معاقبة الشعب كله .. وأي عقاب .. (الدمار الشامل) الذي لا يزال يدفع السودان ثمنه الفادح حتى اليوم وربما لأجيال قادمة .. إنها (سادسة المخازي السودانية العشر)!!
ما الذي حدث بالضبط !!
في تمام الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الأحد 25 أبريل عام 1976م .. وفي إستاد المريخ بأم درمان كانت مباراة القمة بين فريقي الهلال والمريخ .. المناسبة كانت (كأس الثورة الصحية) .. التي أعلنها اللواء خالد حسن عباس وزير الصحة آنئذ .. والمباراة بهدف جمع التبرعات لمشروعات وزارة الصحة ..
في المقصورة الرئيسية كان الرئيس جعفر محمد النميري ، يجلس وسط ثلاثة من شيوخ دولة الإمارات على رأسهم الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان والذي تبرع بعشرة آلاف جنيه سوداني للثورة الصحية .
روى لي لاعبنا الدولي علي قاقارين وقائع تلك المباراة .. قال لي (قبل يوم من المباراة أطلق مشجعو الهلال إشاعة أنني مصاب ولن أشارك .. وكانوا يقصدون التأثير على استعداد المريخ للمباراة .. وعندما بدأ نزول لاعبي الهلال إلى الميدان تأخرت قليلاً عن الفريق لسكب مزيد من الإثارة النفسية .. ثم دخلت الميدان وتصادف أنها كانت نفس اللحظة التي دخل فيها الرئيس النميري إلى الإستاد ..)
الجمهور كان كبيراً بدرجة غير مسبوقة .. اشتعلت المدرجات بالهتاف للاعب علي قاقرين وتجاهل الجمهور وصول الرئيس النميري إلى الملعب . كانت تلك أول إشارة في الاتجاهـ الذي انزلقت إليه الأحداث بعد ذلك .
قصة المعركة بين اللاعبين !!
يقول علي قاقارين (الشوط الأول انتهى بالتعادل السلبي .. في الشوط الثاني كنت في الجهة اليسرى من الملعب احتك بي لاعب المريخ الطاهر الهواري وكعبلني من الخلف .. غضب عزالدين الدحيش وضرب الهواري .. فاندفع نحوهـ الطيب سند حارس المريخ وضرب الدحيش .. كنت على الأرض وبجانبي الهواري عندما أشهر الحكم محمود حمدي البطاقة الحمراء في وجه حارس المريخ الطيب سند .. لاعبو المريخ رفضوا خروج الطيب من الملعب .. ثم غادروا كلهم .. لكن الوساطات أرجعتهم مرة أخرى إلى الملعب ..)
هذهـ الأحداث التراجيدية استغرقت حوالي نصف ساعة توقفت خلالها المباراة تماما ..
في لحظة قاتلة في الدقيقة (25) من عمر المباراة أرسل لاعب الهلال عزالدين الدحيش كرة أمام المرمى استلمها علي قاقارين ولدغ شباك المريخ بهدف قاتل على يمين حارس المرمى البديل الهادي سليم ..
اشتعلت المدرجات .. انتهت المباراة بفوز الهلال (1- صفر) وبدأت الجماهير تهتف :
-(أبوكم مين .. علي قاقارين)
– (النجمة .. النجمة .. تحت الجزمة .. جزمة مين .. علي قاقرين).
وهو هتاف استفزازي للرئيس النميري (الذي لم يكن يخفي تعصبه للمريخ) وكان النميري تعود على هتاف (أبوكم مين .. نميري) ..
قال لي احمد محمد الحسن الصحفي الرياضي الأشهر .. والذي كان حاضراً تلك المباراة عن صحيفة (الأيام) الحكومية آنئذ .. قال لي إنه رأى الرائد زين العابدين محمد أحمد وزير الرياضة والشباب والذي كان بالمقصورة جوار الرئيس النميري .. رآهـ يلوح بيديه الاثنتين بعلامة (باي .. باي) أي وداعاً .. لم يكن واضحاً ماذا يقصد الوزير لكن الأيام التالية بعد تلك المباراة كشفت ما كان يقصدهـ الوزير ..
الوزير يعلن (سبق السيف العزل)!!
في نفس تلك الليلة وزع وزير الرياضة الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر بياناً مكتوباً إلى الصحف ووكالة السودان للأنباء هذا نصه :
(إلى جماهير الرياضة .. الحق يعلو ولا يعلى عليه .. لقد كانت مباراة الهلال والمريخ تأكيداً لإيمان مطلق بأن الرياضة تعيش كارثة حقيقية .. كانت جماهير الكرة السودانية على استعداد لتشجيع اللعبة الجميلة وليس السلوك غير اللائق .. اعتبار نتيجة المباراة ملغاة بنص قانون الرياضة لسنة 1970م .. لقد سبق السيف العزل وموعدكم مع تثوير الرياضة وجماهيرها وارضاء طموحكم الأصيل مع لقاء الرئيس القائد مساء الأربعاء 28 /4 /1976م في مؤتمر الشباب العام بالاتحاد الاشتراكي السوداني السادسة والنصف مساء) انتهى البيان .
رئيس الجمهورية (تأبط شراً)..!!
كان واضحاً من البيان أن الرئيس النميري (تأبط شراً) بالرياضة وجمهورها بل بالشعب السوداني كله .. فالعبارة التي وردت في البيان والتي تقول (سبق السيف العزل) تعني أن هناك قراراً هو بمثابة السيف القاتل .. قد وقع ولا نجاة منه .. ماهو هذا القرار ..
مؤتمر الشباب !!
بيان وزير الرياضة والشباب أعلن عن دعوة الشباب إلى مؤتمرهم العام بعد يومين أي في مساء يوم الأربعاء 28 أبريل 1976 .. في مقر الاتحاد الاشتراكي (وزارة الخارجية حالياً).
اكتظ فناء الاتحاد الاشتراكي على سعته بمنظمات الشباب وبالرياضيين وما أكثرهم .. وصعد النميري إلى المنصة .. يقول الأستاذ احمد محمد الحسن كنت أقف قريباً من النميري .. الذي أخذ يتلو في قرارات صاعقة .. ثم بدأ يهتف بكل حماس :
(لا هلال .. ولا مريخ ..) .. (لا موردة ولا تحرير).
قرارات الرئيس النميري !!
تجميد قانون الرياضة لسنة 1970م .
حل مجالس إدارات الاتحادات والأندية الرياضية وتسريح اللاعبين .
تجميد كل المنافسات الرياضية ما عدا روابط الناشئين بالأحياء .
إيقاف حركة الوفود الرياضية للدورات والمؤتمرات ما عدا الدورة الاولمبية .
تجميد حسابات كل الاتحادات والأندية عدا الاتحاد الرياضي العسكري واتحاد الشرطة واللجنة الأولمبية .
المهزلة لم تقف عند هذا الحد .. أصدر الرئيس قرارات بتغيير أسماء إستادات الكرة .. إستاد الهلال تغير اسمه إلى (إستاد الشباب) .. إستاد المريخ أصبح (إستاد أم درمان) .. دار الرياضة بأم درمان أصبحت (إستاد علي عبد اللطيف) .. إستاد الخرطوم احتفظ باسمه .
كمال شداد .. هروب جماعي !!
كانت القرارات صاعقة مزلزلة لكل الشعب السوداني الذي بات غير مصدق ما يحدث أمامه . عقاب جماعي لكل الشعب السوداني ، من رئيس الجمهورية الذي ينتقم من جماهير الرياضة لأنها أساءت إليه في هتافاتها .
الدكتور كمال شداد في سياق هذا التحقيق الصحفي قال لي .. إن كبار اللاعبين زرافات ووحداناً بدأوا في الهجرة الجماعية إلى خارج السودان .. كانت الأندية في الدول العربية تتلقف السانحة الذهبية ..
علي قاقارين قال : إن 90% من اللاعبين هاجروا .. هو نفسه مع زميله الفاتح النقر سافروا إلى السعودية .
البروفيسور عبد اللطيف البوني – في سياق هذا التحقيق الصحفي – قال لي إنه حتى الاحتياطي من اللاعبين الذين لم يكن متاحاً لهم اللعب مع وفرة النجوم .. حتى هؤلاء الاحتياطي سافروا إلى خارج السودان وتسابقت عليهم الأندية العربية .
حتى (كرة الشراب) تعطلت !!
الدكتور كمال شداد – والذي كان مساعد مدرب الهلال حينها - رسم صورة مأساوية للوضع . قال لي إن ملاعب الكرة جفت تماماً من اللاعبين والجمهور بل حتى من النجيلة .. شداد قال إن الشعب السوداني مارس أنبل درجات الغضب الجماهيري العام .. قاطع كل الرياضات .. حتى (كرة الشراب!!) في الأحياء توقفت تماماً .. ويقول ساخراً وضاحكاً (الطريف أن الشباب لما رجعوا لكرة الشراب .. صاروا يلعبونها بالأيدي بدل الأرجل .. يعلقون كرة شراب في عمود ويتبادلون ضربها بالأيدي ..) وهي لعبة شعبية جديدة اسمها (كمبلت) .
المنتخب العسكري .. ضحية القرارات !!
إلى أن جاءت لحظة تاريخية فارقة ..
منتخبنا السوداني العسكري كان على موعد مع مباراة حاسمة ضد منتخب اليونان العسكري في إستاد الخرطوم .. دخل الجمهور إلى الإستاد .. ولكن يا للمفاجأة الصاعقة .. التهبت المدرجات بتشجيع الجمهور السوداني لمنتخب اليونان ضد منتخبنا العسكري .. كانت رسالة بالغة القوة للرئيس النميري .. تكشف إلى أي مدى هو أخطأ في حق الشعب بقرارهـ معاقبة الشعب السوداني كله بحرمانه من نشاطه الرياضي .
مقاطعة لقاء الرئيس النميري !!
ويروي كمال شداد .. النميري أعلن عن لقاء جماهيري في إستاد الهلال (كان اسمه تغير إلى إستاد الشباب).. توقع الشعب أن النميري سيعلن التراجع عن قرار الرياضة الجماهيرية فأقبلوا على الإستاد يحدوهم أمل كبير.. لكن خطاب النميري استمر فترة من الوقت دون أن تفوح منه أية قرارات جديدة .. هنا بدأ الشعب في مغادرة الإستاد .. غير آبهين بالرئيس الذي لا يزال يلقي خطابه .. وانتهى الخطاب بلا قرارات .. لكن النميري أدرك تماماً أنه بات معزولاً إلى أقصى درجة .
(257) يوماً من العزلة !!
في اليوم العاشر من شهر يناير 1977م .. أي بعد (257) يوماً بالضبط .. حوالي ثمانية أشهر ونصف الشهر .. وفي خطابه الشهري الذي يطلق عليه (لقاء المكاشفة) أعلن الرئيس النميري التراجع عن قرارات الرياضة .. لكن بعد (خراب سوبا)..!!
سادسة المخازي السودانية العشر هذهـ .. سأتوقف فيها قليلاً .. فهي نموذج ولا أروع لما يصل إليه الحال عندما يبلغ التسلط درجة الغليان .. كان واضحاً أن الرئيس النميري ما بات يحس بأن هناك شعباً في البلد الذي يحكمه .. وأنه صاحب القرار و(سيد البلد) الذي في يدهـ القلم يفعل ما يشاء وقت يشاء ..
ومعه ألف حق .. ليتني أستطيع عرض كل المقالات التي طفحت بها الصحافة السودانية آنذاك (صحيفتان فقط هما الصحافة والأيام وتتبعان للاتحاد الاشتراكي).. كانت الأقلام تهلل للرئيس في كل ما يفعل .. يحل الأندية ويسرح اللاعبين .. تصفق له الأقلام .. يهتف (لا هلال ولا مريخ).. تهتف وراءهـ الأقلام .. يعود إلى صوابه ويلغي قراراته تعود معه الأقلام وتمجد عودة الوعي .. في هكذا حال لا يمكن للرئيس النميري أن يظن بنفسه غير ما تظنه فيه الأقلام التي تزين له هوى السلطة والتسلط .
قصة مخازي قرار الرياضة الجماهيرية لم تنته . سأواصلها في الحلقة القادمة غداً بإذن الله ..
ونواصل غداً في سادسة المخازي السودانية العشر .. قرارات الرياضة الجماهيرية ..
في الحلقة التالية بإذن الله ..
عثمان ميرغني

التيار



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-12-2020, 07:03 PM   #[10]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (8)

عثمان ميرغني
لازلت أسرد وقائع وتداعيات (سادسة المخازي السودانية العشر)!! قرارات (الرياضة الجماهيرية) التي أعلنها الرئيس الأسبق جعفر محمد النميري في 28 أبريل 1976م . وادت إلى دك الرياضة دكاً دكا .. لمدة (257) يوماً تعطل النشاط الرياضي في البلاد تماماً .. ومارس الشعب السوداني أقصى درجات العناد والمقاومة فامتنع حتى عن لعب (كرة الشراب) في شوارع الأحياء .. فأضطر الرئيس النميري للتراجع.. لكن بعد (خراب سوبا) ..!!
علي قاقارين .. والأمجاد الأفريقية !!
الأستاذ محمد الحسن أحمد قال لي إن السودان كان في أفضل حالاته الكروية .. ولم تكن الرياضة بحاجة لأي تدخل جراحي يستلزم ذلك القرار الأهوج ، الذي اتخذهـ الرئيس الأسبق جعفر محمد النميري .. ليس في كرة القدم فحسب بل في كرة السلة والتنس والسباحة وألعاب القوى وكافة ضروب الرياضة . كان السودان متقدماً ومبهراً .
علي قاقرين رصد لي سجل الشرف الذي حققه منتخب السودان القومي لكرة القدم في تلك الأيام .. كان فريقاً مرعباً ترتعد له أوصال المنتخبات الأفريقية والعربية .. إذ استطاع ايقاع الهزيمة خلال تلك الفترة بفرق مصر والمغرب وكينيا ونيجيريا وتنزانيا والجزائر .. بل وفريق تونس الذي خاض منافاسات كأس العالم عام 1974م .
وشارك منتخب السودان لكرة القدم في أولمبياد ميونخ عام 1972م . طبعاً هذا علاوة على فوزنا بكأس أفريقيا في العام 1970م .
الدكتور كمال شداد قال لي إن الاتحاد السوداني لكرة القدم كان يرى أنه أحق بسجل مشرف في كرة القدم الأفريقية لأنه كان ثالث ثلاثة من الدول التي أسست الاتحاد الأفريقي لكرة القدم .. فوضع الاتحاد السوداني خطتين . واحدة للفوز برئاسة الاتحاد الأفريقي والثانية للفوز بكأس أفريقيا ..
وصدق الوعد العزم .. فاز السودان ممثلاُ في الدكتور عبدالحليم محمد برئاسة الاتحاد الأفريقي .. وفي العام 1970م نظم السودان بطولة أفريقيا وفاز بكأس أفريقيا في المباراة الختامية التي كانت ضد منتخب غانا .
خلال فعاليات البطولة الأفريقية التي جرت منافساتها بين العاصمة ومدينة ود مدني .. انتخب النقاد الرياضيون الأفارقة منتخباً لأفريقيا ضم حوالى (8) لاعبين من منتخب السودان .
كل هذا السجل الرياضي الزاخر .. كان ضحية انفعال الرئيس النميري وضياع كلمة (لا) عند مساعديه والدائرة التي تؤثر على صناعة القرار .
كيف تراجع النميري عن القرار!!
البروفيسور علي شمو ، قال لي في سياق هذا التحقيق الصحفي .. (عندما اتخذ الرئيس النميري قرار حل الأندية وتسريح اللاعبين كنت أعمل خارج السودان .. عدت إلى السودان في أغسطس عام 1976م أي بعد أربعة أشهر من قرار الرياضة الجماهيرية .. صدر قرار بتكليفي بمنصب وزير الدولة في وزارة الشباب والرياضة ، وكان الوزير هو زين العابدين محمد أحمد).
علي شمو يروي أنه ومن أول يوم له في الوزارة ومباشرة بعد أداء القسم .. وجد مشكلة قرار تعطيل الأندية جاثماً فوق الصدور .. فأسند الوزير زين العابدين إلى علي شمو ملف الرياضة الجماهيرية .
يقول علي شمو (اقترحت للوزير أن نجري استبيانا علمياً لمعرفة رأي الجمهور في القرار .. وافق .. فاسندنا المهمة لشاب أفلت من ذاكرتي اسمه .. أكمل العملية على أفضل وجه صمم الاستبيان وجمع العينات المطلوبة ثم أكمل التحليل وكانت النتيجة أنه وبما يقرب من مائة في المائة لا أحد يوافق على قرارات الرياضة الجماهيرية ..).
مقابلة الرئيس النميري !!
يواصل شمو روايته (ذهبت مع الوزير زين العابدين لمقابلة الرئيس النميري ، واطلاعه على تقرير أعددناهـ على ضوء نتيجة الاستبيان .. كان اللقاء صريحاً .. ووافق الرئيس النميري على التراجع من قرارات الرياضة الجماهيرية).
(وفعلاً وفي زخم الاحتفال بذكرى الاستقلال) يقول علي شمو (ألقى الرئيس النميري بياناً في يوم 10 يناير 1977م أعلن فيه التراجع عن قرار الرياضة الجماهيرية وسمح بعودة الأندية وعلى رأسها فريقي الهلال والمريخ ..)
ما بعد العودة !!
طلب الرئيس النميري أن تجرى على شرف قرار العودة مباراة بين فريقي القمة الهلال والمريخ .. كأنما يقول دعونا نبدأ من حيث انتهينا .. لكن هيهات ..!!
البروفيسور عبد اللطيف البوني الذي كان طالباً في جامعة الخرطوم حينها ، قال لي إنه كان من الذين شهدوا تلك المباراة .. مباراة العودة .. يقول البوني (من أول لحظة ولجت فيها الإستاد ، لاحظت أن الجمهور ليس هو الجمهور الذي كان قبل القرارات .. ولا اللاعبين .. ولا الحكام .. كل شيء تغير .. بل حتى الطعم .. لم يكن طعم كرة القدم قبل القرار ..).
البوني رسم صورة مدينة احترقت .. أتت النيران على الجمال والحال .. ولم يعد في المشهد إلا الركام وبقايا الدخان والرماد .
نفس الصورة رسمها علي شمو في إفادته .. قال إن كل شيء تغير .. بل يمعن علي شمو في التقاط صور لم ترد في طي الإفادات الأخرى ..
قال شمو إن تعطل كرة القدم تعدى الرياضة وجمهورها إلى المجتمع كله .. بل حتى السياسة تأثرت بالركود الذي ألجم الشعب السوداني .. ففي تلك الأيام حتى أخلص مناصري نظام الرئيس النميري أصابهم حزن ونقم على القرار .
يقول شمو : (كرة القدم كانت نسيجاً اجتماعياً .. تربط المجتمع السوداني بكل سلاسة وقوة .. وعندما تعطلت .. تحجرت الروابط الاجتماعية والعلائق .. كل شيء تغير بعد قرار حل الأندية ..).
برقية عاجلة إلى شداد !!
دكتور كمال شداد يرى أن انقطاع أجيال الكرة كان سبباً في تدهورها بعد ذلك ويحكي (كنت في زيارة علمية إلى مدينة القضارف عندما وصلتني برقية تلغرافية عاجلة للحضور فوراً إلى الخرطوم .. فبعد صدور قرار عودة الأندية قرر الرئيس إجراء مباراة قمة بين الهلال والمريخ .. وكنت مدرباً للهلال ..)
يقول شداد : (وصلت الخرطوم لكني لم أجد لاعبين .. كلهم هاجروا .. لم يبق في الكشف إلا 15 لاعباً).
علي قاقرين .. يقول .. اللاعبون الجدد لم يجدوا فرصة الاحتكاك بالجيل السلف الذين هاجروا وتركوا البلاد وأنديتها جدباء ..
نشأ جيل جديد من اللاعبين .. ومن الجمهور .. ومن الروح الرياضية .. ومن الإداريين .. كل شيء تغير .. وبكل أسف إلى الأسوأ ..
257 يوماً لكنها كافية !!
صحيح قرار حل الأندية وتسريح اللاعبين لم يصمد أكثر من (257) يوماً .. لكنها كانت كافية لتدمر الرياضة وكرة القدم السودانية لمدى (38) عاماً حتى اليوم .. وهذا بالضبط ما قصدته من سرد هذهـ المخازي العشر السودانية .. أن ندرك أن قراراً صغيراً .. في لحظة هوجاء .. كاف ليجبر السودان أن يلعق علقمه عقوداً كاملة .. ومثل هذهـ القرارات كثيرة لكنني اخترت لكم مجرد (عينة) تكشف العقلية التي تصنع هذهـ القرارات الخطيرة المدمرة الماحقة.
عينة .. رياضية !!
عندما اخترت هذا القرار (الرياضي) أردت أن أبرهن على أن العقلية المدمرة واحدة .. في السياسة والاقتصاد والاجتماع بل حتى في الرياضة والفن .. هو (منهج تفكير) وليس مجرد سوء طالع يرتبط بشخص أو غيرهـ .. وما لم يتغير منهج التفكير فلا أمل في صناعة واقع جديد ..
كانت (قرارات الرياضة الجماهيرية) هي سادسة المخازي العشر السودانية .. بالله تأملوا معي في الأربع القادمات في الحلقات التالية – بإذن الله -.. أسوأ وأضل ..
اخترتها لكم بعناية لامنحكم البرهان للحكم على (من ضيَّع السودان!)؟
ونواصل في الحلقة القادمة بإذن الله
عثمان ميرغني


التيار



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2020, 08:31 AM   #[11]
imported_أبو جعفر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية imported_أبو جعفر
 
افتراضي


تحياتي المحسي
الذي ضيع السودان وثورته التي أمتدت إلى ما يقرب من مئة عام أي منذ (1924م) هو عدم تغلغل الفكر اللبرالي (القرآني والفلسفي) في الثقافة السودانية ...

نحتاج إلى يعلم الجندي الصغير بأن الله سبحانه وتعالى جعل جهنم مرصاداً ومآباً للطاغين (طاغية وجنوداً وسدنة) وبدون أي عذر بحسبن النية أو الجهل.

ونحتاج إلى أن يعلم المواطن أن الدكتاتورية هي أكبر جريمة في حق الدين والوطنية ... فهي بمثابة ضرب الرأس المدبر في الدولة.

أما التفاصيل التي يتحدث ويسهب فيها عثمان مرغني فهي تحصيل حاصل ... فالهزيمة معلوم أنها مهزومة.





التوقيع:
أحشفاً وسوء كيلة
imported_أبو جعفر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2021, 10:56 PM   #[12]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جعفر مشاهدة المشاركة

نحتاج إلى أن يعلم المواطن أن الدكتاتورية هي أكبر جريمة في حق الدين والوطنية ... فهي بمثابة ضرب الرأس المدبر في الدولة .

نحتاج للوعي أكثر من أي شئ .. وتلك كانت رسالة الاستاذ عبدالخالق محجوب والذي دفع به نفسه شهيدا من اجلها ..



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2021, 11:34 PM   #[13]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (9)
عثمان ميرغني
بعد حوالي (24) ساعة فقط من سقوط النميري أبت المفاهيم السياسية المعوجة إلا أن تطل برأسها حتى قبل أن تجف دموع الفرح في مآقي الشعب المبهور بنفسه وإنجازهـ الثوري .
بعد إعلان قرار حل جهاز الأمن العام استبيحت معلوماته .. خاصة من جانب الأحزاب المتهمة بأن بعض قياداتها طمست ملفات تخصها في سجلات الأمن . ملفات (التعاون)!! وليس (النضال) .
فصل درامي جديد أكثر قتامة (سابعة المخازي السودانية العشر)!! جرت في منتصف الثمانينيات .. بالتحديد في شهر أبريل 1985م .. الشعب السوداني هب في انتفاضة جماهيرية ولا أروع واقتلع النظام الدكتاتوري الذي جثم على صدر البلاد (16) عاماً .. نظام الرئيس الأسبق جعفر النميري .. تصوروا ماذا حدث .. بعد يوم واحد من سقوط النميري ونجاح الثورة الشعبية .. سقط جهاز أمن الدولة السوداني ..!!
ما الذي حدث بالضبط !!
في صباح يوم الأحد 6 أبريل عام 1985م بث راديو أم درمان الرسمي في السودان بياناً مهماً من قيادة الجيش .. أذاعه الفريق أول – آنئذ - عبد الرحمن سوار الذهب ، أعلن فيه سقوط دولة الدكتاتور النميري وتدشين فترة انتقالية تحت سيادة مجلس عسكري انتقالي من قيادة الجيش يعاونه مجلس وزراء مدني برئاسة الدكتور الجزولي دفع الله .
الشعب كان فرحاً ينشر الأهازيج وشعارات النصر في كل مكان .. ليس لسقوط الدكتاتورية فحسب بل ولأنه وللمرة الثانية يصنع التغيير بيدهـ لا بيد عمرو .. ولكن !!
بعد حوالي (24) ساعة فقط من سقوط النميري أبت المفاهيم السياسية المعوجة إلا أن تطل برأسها حتى قبل أن تجف دموع الفرح في مآقي الشعب المبهور بنفسه وإنجازهـ الثوري .
صدر قرار بحل (جهاز أمن الدولة) .. هكذا خبطة واحدة .. تصفية جهاز أمن الدولة .. و(شحن) كل ضباطه من المكاتب إلى سجن كوبر مباشرة ..
ماهو جهاز أمن الدولة !!
هو سلاسة تطوير تاريخي لجهاز استخباري أمني بدأ من بواكير أيام الاستعمار البريطاني بالتحديد في العام 1908م .. وتطور العمل فيه خلال العهد الوطني بعد الاستقلال وكان يتبع لوزارة الداخلية تحت قيادة الشرطة المباشرة . إلى أن جاء عهد الرئيس الأسبق جعفر النميري في العام 1969م وأولى العمل الاستخباري أهمية خاصة فأسس الرائد مأمون عوض أبوزيد (جهاز الأمن الوطني) وكانت معظم مهامه تتعلق بمكافحة التجسس والاختراقات الأجنبية للأمن السوداني فكان أقرب إلى جهاز (مخابرات).
في العام 1978م دمج الأمن الداخلي والخارجي تحت قيادة واحدة وأطلق عليه (جهاز الأمن العام) وتولى قيادته اللواء عمر محمد الطيب ، الذي أصبح لاحقاً نائب رئيس الجمهورية .
تميز جهاز الأمن العام بكفاءة مشهودة إقليمياً بل في القارة الأفريقية على مستوى الأداء الداخلي والخارجي ..
وحتى يوم 6 أبريل 1985م يوم الانتفاضة الجماهيرية كان يعمل بالجهاز (180) ضابطاً و(3100) جندي فقط . وكان غالبية الضباط والجنود إلا قليلاً من الكفاءات المدنية ولا يجيد استخدام السلاح منهم إلا حوالي (60) فرداً فقط وليس بحوزتهم إلا الأسلحة الخفيفة . بعبارة أخرى لم يكن الجهاز مهدداً للانتفاضة الجماهيرية أو قادراً على استعادة حكم الرئيس النميري كما كان يروج البعض لذلك .
ومع ذلك كان للجهاز نشاطا استخباريا واسعا خاصة في المحيط الخارجي المؤثر على أمن السودان .
وفي الداخل كان يعمل الجهاز بمنتهى المهنية في جمع المعلومات والتعامل معها وفق التفويض القانوني المناط به . حيث كان القانون يمنحه ذات صلاحيات مؤسسة الشرطة المنصوص عليها في قانون الشرطة للعام 1977م .
امتلك جهاز أمن الدولة معلومات غاية في الأهمية . العقيد محمد الفاتح الذي كان مسؤولا عن إدارة السجلات ذكر في تحقيق صحفي أجرته معه الصحفية حنان بدوي في صحيفة السوداني عام 2007م وتوليت صياغته التحريرية .. فقال عن إدارة السجلات (السجلات عبارة عن طابق كامل في العمارة (3) وتحتوي على معلومات ومستندات يعود تاريخها للعام 1908م ، من أول تنظيم لسجلات الأمن بمكتب السكرتير الإداري لحكومة السودان إبان عهد الحكم الثنائي ، باعتبار أن مركز السكرتير الإداري يعنى بالشؤون الأمنية ، ثم بعد ذلك أنشيء قسم الأمن الداخلي بوزارة الداخلية ، ثم فصل ذلك القسم من وزارة الداخلية وأصبح يعرف بالأمن العام كجهاز مستقل عام 1975م .. وظل قسم السجلات يتوسع ويتطور حتى أصبح الوعاء الذي تصب فيه كل المعلومات والتقارير المتعلقة بالأمن القومي) .
ويواصل العقيد محمد الفاتح توضيح حجم هذهـ السجلات الاستخبارية فيقول : (المستندات التي كانت محفوظة بالسجلات المركزية بجهاز تتكون من الآتي :
* ملفات شخصية بالنسبة للسودانيين وعددها (6805) ملفات وقت التسليم وتحوي معلومات عن (18.675) شخصا من السياسيين ومختلف الفئات التي لها نشاط سلبي أو إيجابي متعلق بالأمن .
* ملفات الأجانب وعددها (1392) ملفا .
* كروت الأشخاص وهي المعلومات التي لا ترقى لفتح ملف مثلاً شخص خرج في مظاهرة وحكم عليه بالجلد أو غيرهـ وعددها (86.400) كرت من السودانيين ، والأجانب (71.000) ألف كرت في الخزنة .
* ملفات الموضوعات النشطة : المصانع (24) ملفا ، الهجرة الأجنبية (22) ملفا ، هجرة السودانيين (16) ملفا ، النقابات (149) ملفا ، والجامعات والمعاهد (113) ملفاً .
* الصحف ووكالات الأنباء وطنية وأجنبية (85) ملفاً إضافة للنشاط المعادي وحركات التحرر واللاجئين والتنظيمات .
* أما باقي المعلومات فكانت موضوعات كروت وأشرطة تسجيل ومايكروفيلم وأفلام فيديو ، ومن ضمن محتويات الخزنة ملف رقم (7829) يخص مأمون عوض أبوزيد ، وملف رقم (6881) يخص جعفر نميري . وكانت بعض المعلومات تحفظ لدى مدير الإدارة في الخزنة ، وكلها مصورة بالمايكروفيلم ، وهناك معلومات متعلقة بشخصيات أجنبية مهمة .
علاوة على كل تلك المعلومات الثمينة كان لجهاز أمن الدولة عناصر مزروعة في تنظيمات معادية وبعضها أجنبية . وكانوا يؤدون عملاً وطنياً كبيراً لصالح بلدهم السودان .
إغلاق (كشك جرائد) !!
بين ليلة وضحاها .. وكأنما هو قرار بإغلاق (كشك جرائد) في السوق العربي صدر قرار بـ(حل وتصفية جهاز أمن الدولة) .. حتى لحظة كتابتي لهذهـ السطور يتهرب كل أصحاب القرار من الانتساب إليه .. فكأنما هو قرار (مجهول الأبوين) .. ألقت به الأقدار في لفافة في العراء والتقطه الحظ السعيد ليصنع كارثة للبلد غير السعيد .
تصور مشهد عميل للجهاز مزروع في قلب الأدغال والغابات ليكتشف فجأة وبدون مقدمات أن الجهاز الذي يقودهـ ويدير ويتحكم في نشاطه قد اختفى من الوجود تماماً كما تختفي طائرة – مثل الطائرة الماليزية الشهيرة - في السماء فجأة من الرادار ..
استباحة ملفات المعلومات !!
ليس هذا فحسب .. بعد إعلان قرار حل جهاز الأمن العام استبيحت معلوماته .. خاصة من جانب بعض الأحزاب السودانية التي يتهمها البعض بأن بعض قياداتها عملت بجد لطمس معالم ملفات تخصها في سجلات الأمن . وبعضها ملفات (التعاون)!! وليس (النضال) .
صحيح قد يكون بضع ضباط وجنود جهاز أمن الدولة مخالفات يستحقون عليها المحاسبة . لكن في أي دولة راشدة تمضي هذهـ المحاسبة بكل يسر وسلاسة دون هدم المعبد فوق الرؤوس ..
ثم استباحة أمن البلاد !!
بعد أسابيع قليلة من حل وتصفية جهاز أمن الدولة اكتشفت قيادة البلاد أنها باتت في العراء بلا ساتر أو رقيب .. وبدأت الأحداث الكبرى الجسيمة تطفح على سطح نشرات الأخبار ..
مجموعة فلسطينية تهاجم فندق (أوكربول) في قلب الخرطوم . وتقتل بعض الأجانب فيه .
مجموعة عراقية تقتحم فندق (هيلتون) في الخرطوم وتقتل (الحكيم) أمام بصر وسمع الجميع ، ثم تخرج من مطار الخرطوم بكل هدوء وسلام .
انهار الأمن تماماً ليس في الأطراف بل في قلب الخرطوم العاصمة .. وبات واضحاً أن الإحساس بوجود دولة ذات سيادة أو هيبة القانون ضاع تماماً . ولم يعد بالإمكان الخروج عن محيط مدينة الخرطوم بعد مغيب الشمس مباشرة .
أسرتي في قرية الخليلة .. على بعد (25) كيلومتراً من قلب العاصمة ، كانوا ينصحونني أن أبيت في المدينة ولا أحاول العودة للمنزل بعد مغيب الشمس فالطريق لم يعد آمناً .. هنا في ضواحي الخرطوم وليس في أقاليم السودان البعيدة ..
العودة إلى نقطة (الصفر)!!
الأجهزة الأمنية والمخابراتية في كل العالم تعتمد بصورة رئيسية على تراكم الخبرات وتواتر الأجيال .. وتبني كفاءتها وقدراتها على تواصل الخبرة .
لكن الذي حدث في يوم 7 أبريل عام 1985م كان قراراً بإعدام جهاز الأمن السوداني .. وليس ضباطه وجنودهـ . العودة إلى نقطة الصفر وإضاعة كل العمر الاستخباري الذي تراكم خلال فترة الاستعمار ثم العهود الوطنية التالية له .
لماذا ؟؟ كيف صدر قرار حل الجهاز ؟؟ أتحدى من يجد إجابة على هذا السؤال .. فالواضح أن (منهج التفكير) الذي أنجب قرار الرئيس النميري بحل الأندية وجعلته يهتف (لا هلال ولا مريخ) فذبح كرة القدم السودانية من الوريد إلى الوريد وهي في أوج عظمتها وازدهارها .. والقرار الذي صدر بتأميم ومصادرة البنوك الأجنبية والشركات الوطنية في السودان .. وقرار حل الحزب الشيوعي ثم الازدراء بحكم المحكمة التي ألغت القرار .. وقبلها قرار السيد عبد الله خليل رئيس الوزراء قلب الطاولة وتدشين أول انقلاب عسكري ضد الحكم المدني في السودان .. وقبل كل هذا قرار السودنة بكل عجلته وتسرعه ونزوات الطمع الشخصي والحزبي فيه .. كل ذلك كان من رحم ذات العقلية التي أنجبت قرار حل جهاز أمن الدولة .. لتترك البلاد عارية الصدر أمام عالم تقوم مفردات القوة فيه على حرص الدول على أمنها القومي .. والذي يعتمد على امتلاك المعلومات !!
ونواصل يوم الأحد القادم في ثامن المخازي السودانية العشر ..
بإذن الله ..!!
عثمان ميرغني
التيار



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-01-2021, 06:24 PM   #[14]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (10)

بقلم : “عثمان ميرغني
(المخازي السودانية العشر) اخترتها لكم - بعناية فائقة - لتعكس تنوع الكوارث ، مع ثبات مفاهيم العمل العام المعوجة في بلادنا .. تختلف الكوارث ونظل أسبابها واحدة .. ضعف مبادئ العمل العام ، التي تدار بها بلادنا في مختلف المستويات ..
ثامن المخازي العشر السودانية .. هي التي كشفت عن نفسها - عارية - بعد حادثة تدمير مصنع الشفاء السوداني !!
ما الذي حدث بالضبط ؟!!
في مساء يوم 20 أغسطس عام 1998م شاهد سكان العاصمة (بمدنها الثلاث) أشباحاً طائرة غير واضحة المعالم .. ثم بعد قليل دوت أصوات انفجارات رهيبة في أقصى شمال شرق مدينة بحري .. في المنطقة الصناعية - قريباً - من محطة الشهيد محمود شريف الحرارية .. لم يكن أحد يعرف ماذا حدث إلا بعد أن بثت إذاعة البي بي سي من لندن خبراً عن غارة أمريكية على الخرطوم ، ثم تبعتها الإذاعة ، واستمر التلفزيون السوداني في بثّ مباشر، ينقل صور موقع الانفجار، وأشلاء المصنع المدمرة ، وألسنة الدخان والنيران تتصاعد منها ، وكبار المسؤولين في الدولة يدلون بتصريحات مباشرة من موقع الحدث .
ما وراء الحدث !!
مصنع الشفاء للأدوية الذي افتتح في مارس عام 1997م ، كان يملكه رجل الأعمال السوداني ، بشير حسن بشير بنسبة (60%) شراكة مع توكيلات باعبود للملاحة والتجارة بنسبة (40%)، ولكن بعد عام واحد من افتتاحه - أي في مارس 1998م - باع الشركاء مصنع الشفاء إلى رجل أعمال آخر- ذاع صيته في تلك السنوات - السيد صلاح احمد إدريس (الشهير بـ(صلاح إدريس).. تولى إدارة المصنع في البداية السيد عثمان سلمان ، ثم خلفه الدكتور إدريس الطيب .
كان المصنع ينتج مجموعة من الأدوية البشرية والبيطرية بأحدث التقانة ، وحظيت منتجاته بمكانة مرموقة في السوق السودانية ، بديلاً لأدوية كانت تستورد من الخارج .
أنا – شخصياً - دخلت المصنع كثيراً قبل تدميرهـ ، إذ كان لي شرف تصميم وتنفيذ نظم الكمبيوترالإدارية التي كان المصنع يعمل بها ، وأكثر ما لفت نظري أن شبكة الكمبيوتر التي كانت تربط جميع أقسام المصنع نفذت بأعلى تقانة - في وقتها - باستخدام توصيلات الألياف الضوئية ، ولم يلفت نظري إطلاقاً في المصنع الذي جبت كثيراً كل أرجائه أية أركان مظلمة يشتبه في ممارستها أعمال (ذات طبيعة سرية خاصة) ، بل كان التحرك داخل المصنع سهلاً بلا تعقيدات أمنية أو حراسات ، وينقسم المصنع إلى جزأين .. الأول هو الجزء الصناعي ، الذي يتكون من عدة وحدات متصلة ببعضها ، تنتج أدوية مختلفة بشرية وبيطرية .. والجزء الثاني هو المبنى الإداري (الذي يظهر في معظم صور المصنع بعد تدميرهـ).. وبينما كان المصنع صغيراً يتكون من طابقين فقط ، كان المبنى الإداري أكبر حيث يتكون من أربعة طوابق ، تحتل واجهة المصنع على الشارع الرئيس .
تناولت الإفطار أكثر من مرة في الكافتيريا ، التي تقع في قلب الجزء الصناعي ، ويلتئم فيها وقت الوجبات كل العاملين من مختلف وحدات المصنع الصناعية والإدارية .. وهي كافتيريا جميلة وحديثة ، وفي أقصى الجزء الشمالي من المصنع كان المسجد .. الذي لم يصب بأضرار جراء الغارة .
والمثير للدهشة أن المبنى المجاور للمصنع من الناحية الشمالية هو محطة الكهرباء الرئيسة في الخرطوم بحري (محطة الشهيد محمود شريف الحرارية) ، وكانت مستودعات الوقود فيها مجاورة - تماماً - لسور مصنع الشفاء ، لكن الضربة الصاروخية كانت دقيقة إلى أبعد مدى ، ولم تتأذى المستودعات بالغارة إطلاقاً .
تفجير السفارتين الأمريكيتين !!
في حوالي الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم 7 من شهر أغسطس عام 1998م ، توقفت شاحنتان أمام سفارتين أمريكيتين ، وروع العالم كلّه بانفجارين متزامنين ، رغم بعد المسافة الجغرافية بينهما ، الأول في العاصمة الكينية نيروبي ، والثاني في العاصمة التنزانية دار السلام ، جملة القتلى (224) ، منهم (12) أمريكياً ، والجرحى (5000) - غالبيتهم - في نيروبي ومن الكينيين ، كلا الانفجارين أسفر عن تدمير شامل كامل للسفارتين .
حبس العالم - كلّه - أنفاسه في انتظار الرد (الانتقامي) الأمريكي ، وبعد حوالى أسبوعين بالتحديد في مساء الخميس 20 أغسطس 1998م جاء الرد الأمريكي بالتزامن ، وفي موقعين في العالم .
الأول في أفغانستان حيث استهدفت أربعة معسكرات لتدريب عناصر القاعدة ، الغارة تشكلت من (75) صاروخاً من طراز (توماهوك كروز) ، وأسفرت عن مقتل عدد قليل ، وفشلت في اصطياد زعيم القاعدة ، الذي غادر أحد مواقع الهجوم ، قبل فترة قليلة من بدء الغارة .
الغارة على مصنع الشفاء : -
في حوالى الساعة السابعة من مساء الخميس 20 أغسطس 1998م انطلقت (17) صاروخاً من النوع (توماهوك كروز) من ظهر بارجة أمريكية في البحر الأحمر.. عبرت الحدود السودانية الشرقية حتى وصلت إلى مجري نهر النيل في منطقة شمال مدينة عطبرة .. ثم انحرفت ناحية الجنوب محازية مجري النيل ، بل ومتخذة منه معلماً جغرافياً في رحلة البحث عن هدفها المعلوم .
في حوالي الساعة السابعة والثلث كانت الصواريخ الـ(17) تخترق الحدود الشمالية لولاية الخرطوم ، تطير على ارتفاع حوالى مئة متر فقط فوق سطح الأرض في شكل حزمة واحدة ، كأنها سرب من الطيور المهاجرة .
عند اقترابها من العاصمة انقسم السرب إلى ثلاث مجموعات .. المجموعة الأولى حافظت على مسارها مستقيماً جنوباً في اتجاهـ الخرطوم بحري .. والمجموعة الثانية انحرفت غرباً في اتجاهـ غرب أم درمان .. والثالثة اتخذت مساراً مقوساً حتى جنوب الخرطوم ، ثم استدرات عائدة نحو مدينة بحري عابرة فوق مطار الخرطوم ، كل مجموعة كانت تتكون من حوالي ستة صواريخ ، الصاروخ الأول - الذي وصل إلى موقع مصنع الشفاء - ألقى بقنبلة مضيئة ؛ لتنير كل الموقع ، وتلتقط الكاميرا المثبتة في أسفله صورة الموقع ؛ حتى تضبط تصويب الصواريخ التالية ، التي كانت تستهدف تدمير المصنع .
بعدهـ بثوان بدأ وصول الأسراب الباقية وانهالت الصواريخ على الموقع لتدك المصنع ، وتهدم جزءاً من المبنى الإداري بطوابقه الأربعة .. في أقل من نصف دقيقة كان مصنع الشفاء حطاماً ، تطاير في كل إذاعات ، وفضائيات العالم ، حيث نجح تلفزيون السودان في بثّ صور حية للموقع ، كانت قناة (CNN) الأمريكية تعتمد عليها في بثّ تغطيتها المتواصلة للحدث .
نتج عن الغارة مقتل رجل كان حارساً لمصنع مجاور لمصنع الشفاء .
لكن الخسارة الأكبر كانت للشعب السوداني ، الذي كان المصنع يوفر غالبية حاجته من الأدوية المهمة ، خاصة لبعض الأمراض المستوطنة ؛ إذ كان مصنع الشفاء أكبر وأحدث مصنع للدواء في السودان ، وفي لحظة تحول حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواء إلى كابوس .
أسامة بن لادن!!
لم يكن واضحاً – في البداية - لماذا اختارت أمريكا ضرب مصنع الشفاء ، فالأهداف التي قصفتها في دولة أفغانستان - في نفس وقت الغارة على السودان - كانت مواقع معروفة لتنظيم القاعدة ، وهو التنظيم الذي تبنى تفجير السفارتين في نيروبي ، ودار السلام ، فما الذي دفع أمريكا لتضيف مصنعاً للأدوية في الخرطوم بحري إلى قائمة الأهداف (الانتقامية) ، أغلب التحليلات تجمع على أن الرئيس الأمريكي - كلينتون - كان في حاجة ماسة وعاجلة إلى رد فعل انتقامي ، ولم يكن كافياً توجيه ضربة واحدة لمعسكرات معزولة في مغارات وجبال أفغانستان .
الحجة التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة الأمريكية في ضرب المصنع أنه واحد من استثمارات تنظيم القاعدة ، وينتج أسلحة كيمائية (بالتحديد غاز الأعصاب القاتل).
لكن الحجة ذابت سريعاً تحت إصرار الحكومة السودانية على فتح الأبواب مشرعة لأمريكا ، أو الأمم المتحدة ؛ لارسال فريق ؛ للتحقيق حول هذهـ المزاعم ، رفضت أمريكا العرضين .. عرض إرسال فريق تحقيق أمريكي .. أو تحقيق أممي .. كان واضحاً أن هناك خطأ استخباراتي أدى إلى هذهـ الغارة ، التي لم يشهد السودان مثيلاً لها في تأريخه ..
ما هو الخطأ الاستخباري !!
صلاح إدريس رجل الأعمال الشهير وصاحب مصنع الشفاء ، قال - في حوار مع صحيفة السوداني عام 2007م : (المصنع ضرب ؛ نتيجة معلومات استخبارية كاذبة وظالمة من أحد المحسوبين على المصنع ، ومن ثم تلقف تلك الوشاية البغيضة التي نال صاحبها مبتغاهـ الدنيوي الرخيص ، ولا بد أنه ظلّ وما زال تحت وطأة عذاب الضمير).
حسب ما تكشف بعد سنوات من تلك الغارة ، أن المعلومات الأولية بشأن المصنع خرجت من أحد مهندسي المصنع ، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، قبل الضربة بأيام قلائل ، المهندس سوداني الجنسية .
السيد مبارك الفاضل المهدي صرح في بعض الوسائط الإعلامية أن المهندس الذي نقل المعلومات الخاطئة حول مصنع الشفاء ، هو أحد كوادر الحركة الإسلامية ، وأنه هاجر ، واستقرّ في الولايات المتحدة الأمريكية .
لكني هنا في سياق هذا التحقيق الصحفي لا أود الاسترسال في تفاصيل حادثة قصف مصنع الشفاء ، ومن تورط في تقديم تلك المعلومات الاستخبارية الكاذبة ، ما دام أن الأمر لم يتأكد بصورة قاطعة .. لكني أضع خطاً بالقلم الأحمر تحت ردرود أفعال بعض ساسة المعارضة السودانية ، في تلك الأيام الخوالي .
التجمع الديمقراطي المعارض ..
خلال تلك السنوات الأخيرة من العقد الأخير في القرن العشرين كانت الحرب على أشدها بين الحكومة السودانية - تحت حكم الإنقاذ - والمعارضة السودانية - التي كانت تتخذ من العاصمة الإريترية أسمرا مقراً لها - وشنت المعارضة المنضومة تحت التجمع الديمقراطي بزعامة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني أشرس حرب عسكرية على امتداد حدود السودان الجنوبية والشرقية ، بتحالف عسكري يشمل الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق .
أدبيات التخاصم السياسي - في ذلك الوقت - شكَّلت (سابع المخازي السودانية العشر) ، بعد الغارة الأمركية على مصنع الشفاء ظهر السيد مبارك الفاضل المهدي على شاشة قناة الجزيرة ، وطالب أمريكا بتوجيه مزيد من الضربات الجوية على أهداف في السودان ، ذكر منها (مدينة جياد الصناعية) ، وهي منشأة مدنية تقع في ولاية الجزيرة ، تشتمل على عدة مصانع للمتحركات ، والحديد وغيرها ، وقال مبارك الفاضل - في حديثه للجزيرة : إن تلك المنشأة تستخدم لإنتاج الأسلحة الكيمائية المحظورة ..
السيد التجاني الطيب (رحمه الله) لم يترك الساحة لينفرد بها مبارك الفاضل ، فقال - في مقابلة صحيفة مع (العرب اليوم) في 24 /8/ 1998م - (أي بعد أربعة أيام من حادثة قصف مصنع الشفاء) - قال التجاني الطيب : (اسم مصنع الشِّفاء ورد في الحديث عن التصنيع الحربي ، طبقاً للمعلومات التي وصلت إلينا من المعارضة في الداخل قبل الضربة الأمريكية بفترة طويلة ، هذا المصنع ينتج الأسلحة الكيميائية مع غيرهـ من المصانع ، لقد كشفنا هذا كلّه للعالم ، من حيث إمداد فصائل إرهابية في العالم بهذهـ الأسلحة ، ومن حيث استخدامها في ضرب المعارضة العسكرية في الجنوب ، أو جبال النوبة) .
وقال الفريق عبد الرحمن سعيد الناطق الرسمي باسم التجمع الديمقراطي المعارض لصحيفة الشرق الأوسط النندنية : (المواطن السوداني ليست له مصلحة في إقامة مثل هذهـ المنشأة المشبوهة ، التي لا تخدم مصالحه ، ماذا نتوقّع بعد ذلك غير ضرب مثل هذهـ المنشآت ؟ ، إن السّودانيين يعلمون - تمامًا - أنّه مكان مشبوهـ ، أين يذهب إنتاج هذا المصنع ، إذا كان مصنعاً للدواء؟).
واشترك السيد الصادق المهدي - أيضاً في هذهـ الدراما ، فقال لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية الصادرة يوم الثلاثاء 25/ أغسطس 1998م هذهـ الضربة - قصف مصنع الشفاء - لا يمكن تفسيرها ، أو أخذها بمعزل عن سياسات الحكم ، باستغلال مؤسسات مدنيّة لأغراض عسكرية .. إن الشّبهات والدلائل تؤكد ذلك).
قنبلة باكستان النووية!!
في دولة باكستان كان الصراع السياسي على أشدهـ .. بينما الجيش الباكستاني يبني - في السر - قنبلته النووية الأولى ، وكان الفرقاء السياسيون يتناوبون على الحكم .. ما أن يتولى أحدهم الحكم حتى يطيح به الآخر .. ووصل الأمر درجة التصفية الجسدية بأحكام الإعدام ، التي أصدرها بعضهم ، أو عن طريق المؤامرة ، كما حدث للجنرال ضياء الحق ، الذي اغتيل في حادثة سقوط طائرة هليكوبتر .
مع كل ذلك لم يتجرأ سياسي باكستاني واحد على كشف سرّ جيش بلادهـ .. ظلت أبحاث وعمليات إنتاج القنبلة النووية سراً مقدساً لا يفشيه الساسة المتخاصمون .. فالأمن القومي ليست معروضاً في ساحة التقاتل السياسي - مهما اشتد .
سقوط أدب التخاصم السياسي !!
لكن في بلادنا ، ما أسهل أن يرتكب السياسي الجريمة في حق وطنه .. وما أسهل أن تنتهي سنوات التخاصم إلى تقاسم كيكة الحكم .. فتمسح كل السوابق .. وتقدم المناصب السياسية السامقة دون تفرس في السيرة الذاتية الوطنية .. فبعض الموبقات الوطنية كافية لمسح اسم السياسي من لائحة العمل العام مدى الحياة ..
ليس في بلادنا خط أحمر وطني .. بل على العكس ، يبدو أن الحكمة التي يدار بها الملعب السياسي في بلادنا هي (إن سرقت .. اسرق جمل) .. افعل ما تشاء .. ما دام أن الذاكرة الوطنية مصابة بالزهايمر الحاد .
في أي بلد ديمقراطي راشد .. كانت حادثة تدمير مضنع الشفاء كافية لشطب حزمة من السياسيين من القائمة .. وتسجيل سلوكهم في قائمة (المخازي السودانية)…
ونواصل في الحلقة القادمة بإذن الله
عثمان ميرغني

نقلا عن جريدة التيار



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-02-2021, 06:32 PM   #[15]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (11)

بقلم : “عثمان ميرغني
الاقتباسات:
الفريق أول إبراهيم سليمان ، والي شمال دارفور، الذي وقع الهجوم على الفاشر خلال توليه المنصب . كان رأيه أن المعالجة (سياسية).. مهما كانت وعورة الطريق وطول مسارهـ .
هذهـ المرة أضع بين أيديكم (أم المخازي) .. السودانية العشر .. ليس لأنها تمثل قمة التراجيديا المؤلمة فحسب .. بل لأنها لا تزال حتى اليوم ناراً تستعر تأكل الإنسان قبل الموارد .. وربما لأن أحداث (أم المخازي) هذهـ ما تزال جارية فكثير من كواليسها يلفه الصمت والستر المقيت .. لكن التاريخ يسجل وسيأتي يوم تجرد فيه الأجيال القادمة صنائع الحاضر .
إنها (محرقة دارفور) أم المخازي السودانية العشر ..
ما الذي حدث بالضبط !!
في يوم الأربعاء 26 فبراير 2003م قامت مجموعة مسلحة أطلقت على نفسها (جيش تحرير السودان) بهجوم على منطقة (قولو) عاصمة جبل مرة .
كانت تلك صافرة البداية لحرب لم تنته حتى ساعة كتابة هذهـ السطور . التهمت خلالها أرواح مئات الآلاف وشردت أكثر من مليونين ، وحوَّلت الإقليم إلى بؤرة اهتمام أممي استجلب حوالي (30) ألف عسكري أجنبي وعشرات المنظمات الإنسانية . و فوق كل هذا عشرات القرارات الصادرة من مجلس الأمن ضد الحكومة والأطراف السودانية .
تطور الحرب ..
بعد حوالي شهر، بالتحديد في 25 مارس 2003م تمكنت المجموعة المتمردة المسلحة من احتلال مدينة (الطينة) على الحدود السودانية التشادية .
حتى تلك اللحظة لم تعر الحكومة هذهـ الهجمات اهتماماً كبيراً لمحدودية تأثيرها ولانشغال الحكومة بالحرب في جنوب السودان وفي الحدود الشرقية التي كانت تحت ظلال التهديد المستمر من قوات التجمع الديمقراطي المعارض الذي ينطلق من داخل اريتريا .
إلى أن جاءت اللحظة التاريخية الفارقة .. والتي حولت تماماً مجرى الأزمة في دارفور .. ففي حوالي الساعة الخامسة والنصف من فجر يوم الجمعة 25 أبريل 2003م اقتحمت (33) سيارة دفع رباعي مدينة الفاشر وداهمت الحامية العسكرية ثم اجتاحت مطار الفاشر وأحرقت ست طائرات (انتنوف) وطائرة مدنية جاثمة في المطار . كانت هجمة مشتركة من قوات جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة د. خليل إبراهيم .
الهجوم أسفر عن خسائر بشرية بين العسكريين والمدنيين وأسر بعض العسكريين من بينهم قائد العمليات الجوية اللواء إبراهيم البشرى .
نقطة التحول .
كان الهجوم على مدينة الفاشر نقطة تحول رئيسية فاصلة في تسلسل أزمة دارفور . وضعت الأحداث في مفترق الطرق ، إما أن تتجه نحو الحل ولو تدريجياً وببطء أو تتجه نحو مزيد من الوحل والتوغل في الحرب .
وكان مثيراً للدهشة في تلك اللحظة كيف سارت اليوميات بصورة مربكة لكل المشهد . صدر التصريح الرسمي من الناطق الرسمي للقوات المسلحة داعياً للبحث عن (تسوية سياسية) قبل فوات الأوان . نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في يوم 28 أبريل 2003م تصريحات للفريق محمد بشير سليمان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية قال فيه (البندقية لن تحل القضية بل ستزيدها تعقيداً ، والحرب في دارفور عبارة عن عصابات ، ويستطيع فرد واحد يحمل بندقية أن يهدد الأمن لذلك فإن الأمر سيتطلب معالجة سياسية ، ولا يمكن حسم هذهـ القضية عسكرياً).
اتفق معه على ذات الخيار الفريق أول إبراهيم سليمان والي شمال دارفور، الذي وقع الهجوم خلال توليه المنصب . وكان رأيه أن المعالجة (سياسية) مهما كانت وعورة الطريق وطول مسارهـ .
لكن مع كل ذلك سارت الأزمة في المسار الآخر .. مسار المواجهة العسكرية .
وكان ملفتاً للنظر أنه وفي الوقت الذي بدأت فيه التسوية السياسية في جنوب السودان ونجحت في الوصول إلى أول اتفاق إطاري في (مشاكوس) يوليو 2002م بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان . بدأت أزمة دارفور تدخل تدريجياً في رحلة الـ(لا) عودة من نفق الحرب اللعين .
الصقور مقابل العصافير!!
بعض الساسة (أسماؤهم معروفة للجميع) بدأوا يستثمرون في حرب دارفور.. خاصة الساسة أبناء المنطقة .. بعضهم يراهن على أن الحل العسكري لن يستغرق أسبوعين تحت شعار (أدونا أسبوعين نرفع لكم التمام!!) وآخرون أمعنوا في استنباط الكلمات التي تهون من الأزمة . من مثل وصف المتمردين بانهم (مجرد حفنة قطاع طرق) أو عصابات منبوذة .
وبدأت طبول الحرب تزداد حدة . وأخبار الاقتتال تحولت إلى روتين إعلامي حتى على المستوى الإقليمي خارج السودان .. وشيئاً فشيئاً بدأ نفق الحرب يزداد إظلاماً مع التوغل فيه .
ثم جاءت الطفرة الثانية!!
انهماك الحكومة في مواجهات عسكرية طارئة في حرب الجنوب بعد سقوط مدينة (توريت) خلال انعقاد جولات مفاوضات السلام في كينيا وبقاء الخطر ماثلاً في الحدود الشرقية التي اجتاحتها قوات الجيش الشعبي وتوغلت حتى مدينة كسلا . كل ذلك جعل الحكومة تتخذ مساراً جديداً كان إضافة حقيقية لتأزيم الأزمة .
أعلنت الحكومة عن تجييش بعض القبائل للدفاع عن نفسها في مواجهة الانفلات الأمني في دارفور . هذهـ القبائل كانت أصلاً جزءا من صراع دموي خلال أحداث متفرقة في العقود والسنوات الماضية . ولم تتردد القبائل .. إذ كانت تضمر تقديم (السبت) للحكومة ثم لتنفرد بـ(الأحد) الدامي لصالح أجندتها القبلية الضيقة .
في هذهـ الحقبة ظهر ولأول مرة على السطح مصطلح (جنجويد) . وسرعان ما انفلت الجان من معاقله . خرجت قضية دارفور من السودان كما يخرج السهم من القوس ، فانطلقت لتصبح قضية دولية مدوية في كل الأرجاء . ليس على المستوى الرسمي للحكومات فحسب ، بل على المستوى الشعبي من قمة شعرهـ إلى أخمص قدميه ، حتى أطفال المدارس في استراليا والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بدأوا يجمعون التبرعات من أجل دارفور . وصلت التراجيديا أن صارت دارفور أكثر شهرة في العالم من السودان نفسه .
رحلة المعسكرات!!
في تلك الأيام ذهبنا في رحلة صحفية لزيارة مدينة نيالا . كان معسكر (كلمة) في أطراف المدينة معلماً مثل الأهرامات في الجيزة (ومثله في الفاشر معسكرأبوشوك”) . يفد ويحج الناس إليه من كل أنحاء العالم . ليس أفراد المنظمات الإنسانية أو الوفود الإعلامية العالمية فحسب ، بل حتى سفراء الدول الأجنبية ووزراء الخارجية لدول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا .
المعسكر كان عبارة عن بيوت من القش وبعض الطين والرواكيب المصنوعة من البروش والأقمشة البالية . وعلى مد البصر مشهد مأساوي محبط . لكن أفجع ما فيه كان مارأيناهـ في إحدى المدارس (مرحلة الأساس) التي شيدتها إحدى المنظمات الإنسانية من الخيام والرواكيب . كان المعسكر وفيه هذهـ المدرسة يقع تحت مسار الطائرات التي تهبط في مطار نيالا الدولي . وعندما تمر الطائرة فوق المدرسة كان التلاميذ الصغار يرتجفون فيتبولون على أنفسهم . آثار الحرب اللعينة باتت تدمغ الوجدان الطفولي الصافي بكل طوفان الشر .
أصبحت معسكرات النزوح مظهراً ومنبعاً لمزيد من المأساة ، بدلاً من أن تكون محطة معالجة عابرة في طريق الخروج من الأزمة . وللأسف وما زالت حتى الآن .
مجلس الأمن .. على الخط!
في ذات الوقت الذي بدأت فيه معسكرات النازحين تنمو هرب حوالي مائة ألف لاجيء سوداني إلى داخل الحدود التشادية المجاورة . كانت تلك بداية استشعار المجتمع الدولي لانطلاقة شرارة الخطر خارج حدود السودان .
وفي يوم 11 يونيو 2004م بدأ المسلسل الأممي بقرارات مجلس الأمن ضد السودان . القرار رقم (1547) كان أول قرار من مجلس الأمن يظهر فيه اسم دارفور . وحظي بتصويت كل أعضاء المجلس الـ(15) بالإجماع .
القرار أشار إلى تكوين فرق مراقبة أممية بتفويض لمدة ثلاثة أشهر لمراقبة الأوضاع في دارفور .
ونواصل غداً في حريق دارفورم المخازي) تاسعة المخازي السودانية العشر ..!!
بإذن الله ..!!
عثمان ميرغني
التيار



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 05:55 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.