اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد غالي
سلامات ياميما
اولا مرحب بيك في سودانيات ولا مرحب بينا نحن في حضرتك ماعارف ... المهم
اول جثة شفتها في حياتي كانت جثة المرحوم الشيخ الامام .. والشيخ الامام هو النقلتي الكنت بصلّح عندو احذية جميع افراد الاسرة
بحكم مكان بيتنا جمب النيل الازرق سمعت القوم يتصايحون بان ثمة جثة على النيل .. وبالطبع كنت اول الواصلين .. وهناك صدمت تماما اذ انني على الاطلاق لم اتوقع ان اشاهد شخصا ميتا !! لا ادري ماذا كنت اتوقع .. المهم لن يزول منظر الجثة من ذاكرتي ابدا ولا الرائحة المصاحبة ..
الجثة كانت كانت جثة غريق ولم تكن منتفخة كما يجب ان تكون بل كانت بالحجم الطبيعي عرفت لاحقا انه قتل وعندما القي على النيل كان ميتا لذلك لم تنتفخ الجثة .. لون الجلد كان ابيضا جدا بفعل المياه واليدين والرجلين مرفوعين الى اعلى .. الرائحة المصاحبة لم تكن رائحة جثة متعفنة .. ولا رائحة الموت .. هي ببساطة رائحة النيل الازرق المميزة المختلطة مع رائحة اشجار الصفصاف ... والتي من يومها اصبحت تمثل بالنسبة لي رائحة الموت ومن يومها ايضا ترسخ في ذهني انني ساموت غرقا مهما ابتعدت عن المياه
رحم الله الشيخ الامام
ورحم الله آدم .. آدمك
وجعلهم من اصحاب اليمين
تحياتي يادكتورة
|
العزيز خالد
ان ارتباطنا كبشر مع حقيقه الموت وتقبلنا لها امر في غاية لتعقيد
ولطالما حيرني والهمني وفتح في ذهني ابواب وافاق لاسئلة واجوبة لاحصر لها
وبرغم اننا نعلم انه النهاية الحتمية ونعي انه حاضر معنا وفي كل لحظة تمر علينا لكن تبقى مواجهته عصية مهما قست القلوب او اعتادته الاعين
وما يحدث للجسد البشري بعد اختفاء اثار الروح عنه ولو بلحظات قليلة
امر يستحق التفكر .. اذ يمهد لعقولنا استيعاب الحقيقة الساطعة ..ويخبرنا بحزم ان ما وراء خفقان قلوبنا ونبضات اعصابنا سر عظيم كان وسيظل مخبأ منذ الازل والى الابد.. وان ما كان يشغل ذلك الجسد قد رحل عنا .. وانسل منه كما تنسل الافعى من جلدها القديم فغدا فارغا شفافا وفي منتهي الهشاشة
اعلم كم هو صعب ان تتعايش مع فكرة كتلك اذا ما صدمتك يوما
ورئيت وسمعت وشعرت بذلك الفرق المريع بين الشخص الذي كان
يصافحك ويحادثك بالامس .. وذلك التمثال الصامت الذي خلفه بعد الرحيل
تلك الربكة التي تحدث في الاعماق لا مثيل لها .. والاسئلة التي تتوالد من لحظة كتلك تظل ابدا ولا تنطفئ ولا تغيب
كل الود
وشكرا جميلا