مزيكة حسب الله!!!
صلاح عووضة
* دعونا نأخذ نماذج معايشة ولا نرجع بعيداً إلى الوراء..
* نماذج «طازجة» يصعب إنكارها سيما من تلقاء مدمنين للمكابرة إلى حد «إن طار غنماية»..
* وبالأمس القريب هذا حارت مذيعة الفضائية الشهيرة تلك إزاء مكابرة لا أظنها رأت مثيلاً لها من قبل إلى حد اضطرارها إلى إنهاء المقابلة وهي تندب حظها العاثر أن جعلها قارئة نشرة أخبار ذاك المساء..
* والمعني بالنماذج هنا هم أعضاء هيئة علماء السودان والرابطة الشرعية أو «كما يقال!!»..
* فالترابي - مثلاً - لايزال قيد الحبس رغم أن قانون الإنقاذ «الأرضي!!» ينص على إطلاق سراحٍ بعد «45» يوماً أو تقديمٍ إلى محاكمة..
* وبما أن علماء هيئتنا الموقرة «ما لهُمش» في قوانين «الأرض» الزائلة فإننا نعفيهم عن ابداء رأيهم في هذا الجانب..
* ولكن الجانب المتعلق بقانون الإنقاذ السماوي ـ أي تطبيقها للشريعة حسبما تقول ـ فإن العفو عن إبداء الرأي الشرعي تجاهه هو بيد رب السماء لا بأيدينا نحن ولو شئنا..
* ومبلغ علمنا ـ حتى هذه اللحظة ـ أن رب السماوات لم يفتح على علمائنا الأجلاء بكلمة واحدة يبرئون بها أنفسهم أمامه يوم الدين..
* فقوانين السماء «باقية» إلى يوم الحساب وليست «زائلة» مثل قوانين الأرض..
* والتصدي لمسائل الافتاء الشرعي باسم العلم بالدين ليس «لعباً» وانما هو وجه من وجوه الأمانة التي أبين ان يحملنها السموات والأرض..
* هي مسؤولية أمام الله قبل أن تكون أمام كائن من كان ولو كان سلطاناً..
* ولن يجدي علماء السودان ـ أو كما يقال ـ أن يتظاهروا بأنهم «مش واخدين بالهم» إزاء قضية استمرار حبس الترابي، باعتبارها شأنا سياسياً، بما أنهم أفتوا من قبل بعدم جواز سفر الرئيس على خلفية قرار الجنائية الدولية تجاهه..
* وبما أنهم أفتوا من قبل حتى في مسائل «مرورية!!» خاصة بحركة «الركشات» في الطرق العامة..
* ولكن في القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان ـ من منطلق شرعي ووضعي ـ فان علماءنا المبجلين «طناش شديد!!» إزاءها..
* وبمناسبة هذا «الطناش» نأتي للنموذج الثاني «الطازج» وهو ما أثير عن قضية الاغتصاب..
* ورغم إحجامنا نحن - كصحافيين - عن الخوض في هذه القضية لإفتقارنا الى البنيات إلا أن المسؤولية «الدينية» التي انبرى لحملها علماء السودان كانت تقتضي منهم اصدار بيان استفساري عن حقيقة ما يُشاع منعاً للـ «قيل والقال» في حق واجهة من واجهات المشروع «الرسالي»..
* وكان يتوجب عليهم ـ في سياق البيان هذا ـ تنبيه القائمين على الأمر الى التوجيه الديني القائل: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»..
* ثم تذكيرهم بمقولة أمير المؤمنين عمر الخالدة: «والله لو عثرت بغلة بالكوفة لخشيت أن يسألني الله لم لم أسوِّ لها الطريق»..
* ونعرج الآن إلى نموذج ثالث لا يفتقر مثل سابقه إلى الأدلة والبراهين و«الشواهد!!»..
* إنه نموذج ماثل بين يدينا بـ «شدة!!» متمثل في الفساد الذي أخرج حتى رئيس المجلس الوطني «السكوتي!!» عن «سكوته!!» ليقول انه سمع به..
* بل وبلغت الجرأة بأحمد إبراهيم الطاهر إلى أن يقول انه سمع به منسوبا إلى أشقاء الرئيس ولكن دونما دليل..
* طيب؛ هل لم يسمع علماؤنا الكرام باستشراءٍ للفساد في عهدٍ تُرفع فيه رايات الشريعة الإسلامية؟!..
* ألم يطلّعوا على تقارير المراجع العام؟!..
* ألم يشاهدوا أبداً مظاهر لهذا الفساد من حولهم..
* إذا قالوا ان أياً من ذلكم لم يحدث نقول لهم إذاً كيف «لقطتم» حديث عضو مستشارية الأمن عن الشريعة؟!!..
* فقد قال اللواء حسب الله ـ حسبما نُسب إليه ـ ان الأحزاب إذا أجمعت على ضرورة إلغاء الشريعة فلتلغ..
* فهاج علماء السودان، وماجوا..
* وكذلك علماء الرابطة الشرعية..
* ولكن السؤال الذي كان يجب على العلماء هؤلاء أن يوجهوه لأنفسهم هو: «وأين هي هذه الشريعة!!»..
* ففضلاً عن النماذج التي ذكرناها تعج ساحة دولة الشريعة بنماذج لا عد لها ولا حصر تقدح جميعها في صدق التوجه الإسلامي هذا..
* فهنالك ـ مثلاً ـ نماذج التعاقدات الربوية التي أجازها البرلمان «الإسلامي!!» عوضاً عن تحريمها..
* وهنالك ظلم الناس عبر الإحالة إلى الصالح العام وفقاً لمسوّغات «سياسية!!» وليست «شرعية!!»..
* وهنالك مظاهر الصرف البذخي دونما اعتبار للتحذير الإلهي: «إن الله لا يحب المسرفين»..
* وهنالك قتل النفس «في غير حد من حدود الله» بمثلما نرى في التظاهرات «السلمية!!»..
* وهنالك التضييق المعيشي على الناس عبر العوائد والجبايات والرسوم في وقت يعيش فيه «البعض!!» عيشة الترف والدعة و«النغنغة»..
* فأين هي هذه الشريعة ـ إذاً ـ التي يهاجم علماء الدين حسب الله بسببها؟!..
* أو كما تساءل الطيب زين العابدين «الإسلامي!!» بالأمس: «هل الحكم القائم الآن هو حكم إسلامي!!.. وهل العدل مقام؟!!.. وهل الفساد محارب؟!!»..
* أم أن الأمر هو مجرد عزفٍ للألحان التي يطرب لها «أولياء النعمة!!»؟!..
* إذاً «دُقّي» يا «مزيكة» حسب الله هذه الأيام..
الصحافة