نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-10-2016, 07:46 PM   #[1]
معاوية محمد الحسن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معاوية محمد الحسن
 
افتراضي حبائل المستر فرانك !

ظل أبي يعمل حلاقا للحمير في سوق بلدة الغبشاء ردحا طويلا من الزمان حتي أكتشف ذات يوم حين زاره الخواجة فرانك في صحبة عدد أخر من الخواجات , كانوا جميعهم ينقبون عن الاثار في تلك الخرائب الموبوءة بالجن و العفاريت في طرف الصحراء , أن أجرة الحفر ليوم واحد هناك تعادل ثمن ماقد يتقضاه عن حلاقة نحو خمسين حمارا و بالطبع فان أبي كان قد طار من الفرحة . أبصرت جلبابه في ذاك النهار يحلق مبتعدا عن جسده الناحل لشدة هزيم الريح الشتوية و هو يعدو مسرعا باتجاه البيت بعد أن قذف المقص علي الارض و بصق بوجه أخر حمار كان يعكف علي حلاقته . كانت فرحته لا تعدلها الا فرحة الانسان البدائي حين أكتشف النار و هكذا ظل يرقص النهار بطوله امام أمي المريضة بداء الرمد الحبيبي . يقفزمعانقا الهواء بساقيه المقوستين كأنه درويش في حلبة الرقص حتي يكاد راسه المخروطي الشكل أن يلامس سقف البيت . صارخا هكذا :

- فرجت , فرجت يا ولاد الكلب .!

في السوق كان أخر زبائن أبي من الحمير ما يزال ينهق و هو منتصب في الساحة بنصف ذيل و ذاك لان أبي و لشدة انفعاله بسخاء عرض المستر فرانك كان قد بتر ذيل الحمار ثم قفز في الهواء يزعق بالنشوة و كأنه في خضم جوقة غنائية تميد به الالحان فما يدري ما يصنع بما لديه من فائض الغبطة و الحبور .

و هكذا أنخرط ابي منذ يومه ذاك في نشاط الحفريات المحموم الذي كان يقوده المستر فرانك الي جانب بضعة أنفار أخرين من الخواجات . كانوا عبارة عن رجلين و سيدتين , اما الرجلان فهما المستر أرثر و المستر سميث و أما السيدتان فقد كانت احداهما قصيرة و دميمة الشكل تدعي كارولين و الأخري فارعة الطول , ذات وجه بيضاوي و جبين عال و عينان كبيرتان بعض الشيء و شعر يتدرج بين اللونين الكستنائي و الاسود , أسمها جانيت .
تورط هؤلاء الخواجات المجانين في صحراء بلدة الغبشاء ذات نهار شديد اللظي من شهر أغسطس قبل نحو عشرة اعوام , في صباح يوم الثلاثاء تحديدا , عند الثانية عشرة الا ربعا حينما كانت الشمس قد أخذت تتعامد علي البلدة و النيل ما يزال يتمطي علي فراش الشاطيء الوثير اوان قليلوته المعتادة و كانت البلدة كلها وقتذاك قد خرجت نحو الخلاء حينما حطم أزيز محركات السيارة الكبيرة سكون الظهيرة
اخذ أهالي الغبشاء يتفرسون ملامح القوم الغرباء في دهشة أقرب للبلاهة . المستر فرانك واقفا في وسط الدائرة , غارسا كلتا يديه في خاصرته و هو يبحلق في وجوه البشر المصطفين أمامه للفرجة , شعره الاصفر مغطي بالغبار , نظارته السميكة متعفرة بتراب الصحراء و فمه يابس كالارض الموات . كان يرتدي بنطالا من الجينز و قميصا بنصف كم ابيض و شفاف و علي عنقه سلسال اصفر يجول متأرجحا علي صدره شبه العاري ذي العظام البارزة . تقول أمي حين تتذكر ذاك اليوم أن شعر صدر الخواجة فرانك ذو الصفرة الذابلة كان أشبه بألياف جذوع النخل بينما جلد الخواجية الشقراء جانيت كان أملسا و ناعما كانه جلد السحالي , أما بالنسبة للاخرين و هم السيدة كارولين و المستر أرثر و المستر سميث فقد أكدت أمي أن رائحة جلودهم ظلت تفوح و كأنها اللبن المتخثر .

سموم الصحراء الحارقة تشوي وجوهنا . لا أحد بدا متأهبا لتبادل الحديث . أنهمك الجميع بتفحص وجوه الغرباء . عبثا حاول الخواجة فرانك تحطيم جدران الصمت السميكة و خلق حالة من الألفة مع الاهالي فشرع يمط شفاهه المتعبة بالابتسامات الباهتة , يحني قاماته بين الفينة و الاخري مرددا هالو ..هالو , باءت جميع محاولاته بالفشل الذريع حين تخندق الغبشاويين بالصمت و الدهشة . لقد بدا للخواجات في تلك اللحظات الرهيبة أن هؤلاء القوم مجرد امتداد للطبيعة الصامتة لا أكثر و في نهاية الأمر و عندما يئسوا من أمر استئناس الجمهور الواقف امامهم , استسلموا لحالة الرضاء حيال تلك الوحشة المفروضة قسريا بعد أن أحسوا بأنهم أشبه بفريق من الممثلين يؤدي ادوارا كوميدية أمام جمهور سيء المزاج و علي الرغم من أنهم كانوا قد قنطوا تماما من استئناس تلك الكائنات البرية الا أنهم راحوا يأمرونهم بالابتعاد عن السيارة و قد حدث ذلك حينما طفقوا يتأهبون لمزاولة نصب خيمتهم الكبيرة في المكان من أجل أخذ قسط من الراحة . تزحزح الرجال في البداية مفسحين لهم الطريق ثم تلاهم النسوة و الصبية و علي هذا النحو وجد رهط الخواجات أنفسهم في مسافة نائية بعض الشيء عن الاهالي ثم تراطنوا بكلمات اعجميات قبل أن ينصرفوا لمعالجة شأن متاعهم علي السيارة .

اطفأ المستر فرانك المحركات ثم قفز الي سطح المركبة فانتزع من بين اكوام العفش علبا للطعام و زجاجات مياه بديعة الشكل فطعم بقية الرهط و شربوا ثم أشعلوا السجائر و نفثوا دخانها في سماء البيداء غير عابئين باهوال الصمت و كمون الدهشة في الاحداق و بعد أن فرغوا من تناول أسرع وجبة يشهدها تاريخ الغذاء في ناحية الغبشاء علي الاطلاق , زاولوا نصب خيمتهم علي مقربة من تلك النصب المسكونة بالارواح الشريرة و الموبوءة بالعقارب و الافاعي بينما ظلت هبوب الصحراء تعوي كأنها ذئاب جائعة .!


( جزء من مسودة رواية ..........)



التعديل الأخير تم بواسطة معاوية محمد الحسن ; 24-10-2016 الساعة 09:04 PM.
التوقيع: أعشق عمري لأني اذا مت أخجل من دمع أمي ... ( محمود درويش )
معاوية محمد الحسن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-10-2016, 11:32 AM   #[2]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

http://sudanyat.net/vb/showthread.php?t=28288


حبيبنا
فضلاً نقل الموضوع الى الرابط اعلاه

تحياتى بلا حدود



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 04:57 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.