السوداني بين المظهر والجوهر والشغل الدُراش
.
.
أوّل ما تعرفه عن الإنسان هو مظهره، جواز مرور عند الآخر، ممكن جدّاً أن تكون المظاهر خدّاعة ولا يتطابق المظهر من قريب ولا من بعيد مع الدواخل، لكن كيف يعرف الآخر ذلك؟
كثير منّا لا يهتم بالمظهر من باب "الكلام على الجوهر"، هذه النظرية أفقدتنا كثير من قدرنا، فنحن شعب يجهل معرفة فن التسويق، بدءاُ من تسويق أنفسنا والأمثلة تبدو واضحة في طريقة لبسنا، مشيتنا، طريقة حديثنا وحتى طريقة كتابة السيرة الذاتية بغرض التقديم لوظيفة يكون المتنافسين عليها من هم أقل منّا تأهيلاُ وأكثر منّا دراية بعرض ما يملكون، فتكون الغلبة لطريقة العرض.
هاكم بعض الأمثلة:
يمشي السوداني في الأسواق بالجلابية مفتوحة الزرارة العلوية مبرزاُ للفانلة الداخلية ومن غير طاقية منتعلاُ شبشباُ يكشت به بطريقة يمشي الهوينا، ناهيك عن النيش البدون تسريح.
في المقابلات الشخصية عند التقديم لوظيفة، لا نهتمّ كثيراُ بالمظهر وقد يكون القميص غير مشكوك ومن دون تناسق في الألوان (أستثني الجنس الناعم هنا) ولا نعلم أن المظهر العام له من النقاط مثلما للمؤهل تقريباُ.
ينظّم التلفزيون لقاء مع أحد المسؤولين وبعد التقديم ومسح الجوخ من المقدّم، يبدأ الضيف بالحديث بطريقة متلعثمة، متقطّعة وغير مقنعة إطلاقاُ وهو يتطوطح في كرسيه الدوّار + بشتنة لا تخطئها العين في اللبس.
هذا عن المظهر والقائمة تطول.
أمّا عن الشغل الدراش، وهي مرتبطة بطريقة مباشرة بالمظهر، فنحن شعب لا نجيد اللمسات الأخيرة، أي ال "اFinishing"، فكثير من منتجاتنا، على قلّتها، تفتقر تماماُ للمسات الجودة عند الفِنِــشِنق مهما كانت جودة المنتج. وهاكم أمثلة:
مباني ومساكن جميلة ظهرت في الفترة الأخيرة في السودان، لكن عند تركيب المراوح، مثلاً، يترك فنّي الكهرباء حفرة كبيرة على السقف جوار المروحة تبدو من خلالها الأسلاك، مما يضّطرك في كثير من الأحيان أن تنام على بطنك، بدلاُ من حمّيرة قفاك حتى لا تنضرس عيناك بالمنظر البديع.
السباكة عندنا مشكلة كبيرة، فإذا أردت أن تتوضّأ مثلاُ، فعليك بالإبريق. لأنك لو حدّثتك نفسك أن تتوضّأ في حوض ورفعت رجلك لتغسلها فإنك لا تضمن أن تنزل رجلك وحدها، فقد تنزل ومعها الحوض نفسه.
لاحظ معي جركانات وقزازات الزيت المعروضة للبيع، كم واحدة منها غير مسيّلة وورقتها طايرة؟
أما إن أردت أن تبيع عربيتك لأي سبب من الأسباب، فعليك أن تسمع توصية العارفين بالسوق أن لا تصبغها مهما كانت حالة صبغتها "بتاعة المصنع" ، ما دامت مكنتها تنقّط موية، فإن ذلك يقلّل من سعرها بنسبة محترمة!!
يا خوانّا ده يكون من شنو؟
عكـــود
|