نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > كلمـــــــات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-2012, 06:47 PM   #[1]
عبد الله مساعد
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي بحيرة البط. أبو خلود

بحيرة البط

ببطن الوادى الذى يقع تحت سفح مقهى الرويس إمتدت بحيرة البط فى شكل هلال كأنه مجسم فضى يبدو من على شرفة مبنى الإدارة المجاور الذى كان يبدو ببنائه البديع وفنه الرائع كأسوار القسطنطينيه التى حوطت قصر قيصر الروم فى ذلك الزمن الغابر .
وعلى مدار اليوم والليله تبدو هذه البحيرة الخلابه فى أبهى مناظرها وتقف بهذا الإبداع الرفيع شاهدا على القدرات الفنيه والتطلعات الحضارية المدهشه لأولئك الذين كانوا وراء هذا العمل الفنى البديع .
تغاريد الطيور تنبعث من برج خشبى كبير وحوله يختال الدجاج الحبشى بريشه الزاهى ومشيته المألوفة لدينا فيذكرنا بهضاب وأحراش أفريقيا الشرقية عندما يرتد صفيره الرصين برجع الصدى بين المرتفعات الزرقاء الداكنه وهو متعلقا ومتشبسا بقمم الأشجلر العالية .
أما البط فيتهادى على سطح البحيرة متشكلا فى سلاسل دائرية ومستطيلة كأنه حبات مسابح من لؤلؤ ، يداعب بعضه بعضا فى رشاقة وخفة . يختفى تارة تحت الماء ثم يظهر على جانب آخر من البحيرة ومجموعة أخرى تطير بخفة ملامسة سطح الماء ثم تحط على مجموعة ثانية وهى مبللة فتنتفض بريشها كى تذر الماء على الأخرى وتطير الأخرى بدورها وتعاود الكرة مع مجموعة ثالثة وهكذا يداعب البط بعضه بعضا فى غزل ظريف وخفة لاتعرف الفتور أبدا .
عندما تندفع النافورة من وسط البحيرة عالية فى سماء الرويس تهرب كل جماعات البط فى أسراب خلابة ثم تعود
ثانية بعد انحسار النافورة.
المترددون لهذا المنتزه (بحيرة البط) هم غالبا من سكان مجمع الرويس السكنى ، يرتادونها باستمرار للترويح والتسامر بعد عناء يوم طويل من العمل الشاق.
كان حسان من بين رواد البحيرة فى خميس ذلك الإسبوع
وكان قد حضر مع زوجته حسينه وإبنهما رائد للإحتفال بمرور ستة أعوام على زواجهما فاختارا هذه المرة هضبة مقهى الرويس الشعبى الواقع على شاطئ البحيرة لهذه المناسبة ، فاعدا العدة لهذه الجلسة (شاى ـ قهوة ـ مكسرات تورتة دائرية مزخرفة بأبهى الألوان ومجسمة بستة رؤوس على كل رأس ٍ شمعة ) .إجتمع حسان وحسينة ورائد حول التورتة ، فأطفأوا الشموع وتعاهدوا على الوفاء ثم قدم كل واحد منهما هديته للآخر فتبادلا قطع التورتة واحتسيا الشاى والقهوة ، ثم بدءا حديثهما بحنين وبكاء لتلك الأيام التى خلت ، فتأجج الشوق بذكرى أماسى الهوى ولقاءات الأحبة وعادت الوقائع المطمورة فى أعماق الوجدان تطفوا للسطح ثانية وتحكى عن نفسها مشفوعة بالذكرى وتفاعلات الغرام .
هكذا تسلسل الحديث سريعا ينهب السنين والأيام إلى أن أفضى بهما إلى هذه المحطة . أما رائد الإبن فهو لم يعبأ بأحد ولا بشئ فظل يجرى ويلعب ويداعب أفراد البط من بين فتحات سور الشائك المحيط بالبحيرة .
بدأ حسان فى سرد جديد ، فطال حديثهما هذه المرة دنيا الحقيقة وملابسات الحياة، فما تركا شاردة ولا واردة ولا صغيرة ولا كبيرة إلا وابتلعها الحكى ، ثم اختفت الرومانسية وألبسها حديث المادة قناع كثيف ، فباعا واشتريا واختصرا الزمن ولم يزل الليل على هامش ثلثه الثانى

نهضت حسينة تبحث عن إبنها رائد لتطعمه شيئا ممامعهم
ولكى تفك عقال رجليها من إعياء الجلوس . تناول رائد
ساندوتش وقارورة بيبسى وبعد فراغه منها رمى بها على قارعة الطريق فتهشمت وتناثرت قطعها على مساحة واسعة
فأزعج ذلك والده حسان فنهض غاضبا وأمسك به ثم صفعه
على وجهه ، فصاح رائد وأجهش فى البكاء.
تألمت حسينه كثيرا لهذا التصرف وحملت على زوجها الذى
كان يجب أن يتجاوز ذلك إكراما لهذه المناسبة الجميلة ، ثم
عادا إلى حيث كانا إلا أن الجو لم يعد كما كان فقد تجهم وتبدلت العواطف واختفت الإبتسامات التى كانت بلا حساب فانقطع الحديث وحل محله صمت مريب ورائد لم يتوقف عن البكاء
فانبرت حسينه باكية بكاءا مؤلما معاتبة زوجها بعبارات متقطعة من شدة الإجهاش ، فاتهمته بأنه أفسد كل شئ فصاح فيها غاضبا :
هذا إبنى ويجب على تأديبه فإن لم يروق لكى ذلك فاذهبى إلى الجحيم .
فقاطعته بنبرة حادة : فلتذهب أنت إلى الجحيم أيها الأب القاسى .فأنت لا تحب أحد فينا لا أنا ولا حتى إبنك ولكنك تدعى ذلك .
أيتها الغبية ما ذنب الأبرياء الذين تتقطع أوصالهم وتسيل دماؤهم بهذا التصرف ؟ ماذنبهم ؟ تكلمى
أم إنها الأنانينية التى ملأت شعاب نفسك !
فقاطعته حسينة : إذهب أيها المجنون إنك -----!
لكن حسان لم يمهلها لتكمل ما وراك ذلك . فعاجلها بصفعة على وجهها حتى سقطت وهى تصيح وتبكى ، ثم مالبثت أن نهضت بعد أن بلغ منها الإعياء مبلغه فأمسكت بيد صغيرها رائد والتفتت إلى زوجها الذى وقف مشدوها كمن حط الطير على رأسه . نظرت إليه طويلا ثم انصرفت تاركة كل شئ وراءها أما حسان فلم يعد بعد إلى دنيا المحسوس ولا ندرى إلى أين ذهب .
لم يبقى من فجر الجمعة سوى سويعات قلائل وقد استتر السواد الأعظم من الليل , فبانت على الأفق البعيد تباريح الصباح الباكر واستيقظت البحيرة على ترانيم الطيور وتسابيح الحياة ، فأطل الفجر بضيائه على بقايا (تورتة الذكرى السادسة ) لزواج حسان وحسينة بشموعها المتساقطة والتى آلت إلى النمل ودواب
الأرض ولسان
حالها يقول :
لســـت أدرى أيــها الفجــــر الجـــديد
أهنا آخــرعهدى أم شمـوعى ســتزيد ؟
مرمطـونى بهدلونى ليته ماكان عــرس
سبًنى زوج حسينه قال إنى وجـه نحـس
إن لى عــزُ وإنى من نخــالة لادريـــش
أبعدوا الأزواج عنى أتركونى كى أعيش
أصنعونى ياجمـاعة عند أفراح الصـغار
أطعمـــوا الأطفال منى فأنا لست شــعار



عبد الله مساعد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 01:36 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.