نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-11-2017, 12:11 PM   #[1]
شوقي بدري
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية شوقي بدري
 
افتراضي حاج ماسورة

الحاج ماسورة
عندما كنت اتكلم مع اخي مولانا القاضي والاستشاري ابن اعالي النيل حمزة محمد نور الزبير . وعند قراءة سفره الرائع ... من اوراق قاضي سابق ، تذكرت الحاج ماسورة واعالي النيل . وعندما كتب محاضر جامعة الاحفاد الاستاذ الطيب ميرغني شكاك كتابه الاحياء في امدرمان ، ارسله لي للأطلاع عليه قبل نشره , واعترضت على كتابته عن دكتور فلان وبروفسر علان واللواء والمحامي ورجل الاعمال والاعيان الخ . وقلت له ان البلاد يبنيها البسطاء من بنائين ونجارين ، عرامة وطيانة الخ حاج ماسورة من من ساهموا في الانتاج وبناء الوطن ـ طوبى لهم .
بعض الشخصيات لا ينساها الانسان . اغلبهم شخصيات عظيمة وان لم تعطهم الدنيا كثير من التعليم او المال ، الجاه . ولكنهم يؤثرون في محيطهم او خارج محيطهم . حاج ماسورة في ملكال كان احدهم . لم يعرف الناس له اسما غير حاج ماسورة . وقديما لم يكن تعبير ماسورة قد اخترح لتحديد موقف مؤسسة او شخص بانه غير مجدي او فارغ مثل تعبير اليوم .
حاج ماسورة كان شابا ذكيا . لو اتيحت له فرصة للتعليم او رأس المال والانتماء للصفوة لتفوق على الجميع . كان خفيف الظل يحسن الكلام ويزن الامور جيدا ويطلب البعض من الرجال المهمين رأية في مناطق بعيدة اومواضيع تجارية ، وقد تكون رأية في شخص معين في ملكال او بعيدا عن ملكال ، او احسن واقرب الطرق لوجهة معينة . فلقد تنقل في اغلب مناطق اعالي النيل وجنوب النيل الابيض .
لم يكن الحاج ماسورة في طول الدينكا ، الشلك والنوير كما لم يكن له قوة وتماسك اجسام النوبة . كان معتدلا في حجمه وكل شئ سوي لسانه وحدة ذكاءه . شاهدته في صالون خالي اسماعيل خليل طيب الله ثراه وفي صوالين آخرين وامام دكاننا وفي قهوة عبد الرجال التي تواجه حديقة اركويت . عمل سائقا مع احد تجار ملكال وكان يدفعه للعمل المتواصل في اللوري ويرفض ان يتركه ليرتاح . وصار حاج ماسورة في بعض الاحيان يدقس امام الدركسون . والتاجر يصرخ مزعورا ... يا حاج ماسورة خلى النوم ! واخيرا ضاق حاج ماسورة وقال للتاجر ... انت ما تقول للنوم يخلي حاج ماسورة . وصار اهل ملكال يرددون هذه الجملة كلما طلب منهم امر ليس تحت سيطرتهم .
بعد فترة وجد حاج ماسورة عرضا جيدا من احد المنقالة للعمل في لوري جديد . والمنقالة مثل اهل ام دوم يجيدون التجارة . ولقد شاهدت اهل امدوم حتى في شرق افريقيا ولهم مقدرة عالية على مضاعفة رساميلهم في فترأت قصيرة .
بعد فترة عاد حاج ماسورة للجلوس امام دكاننا . وسعدت لفترة بقصصه . وعندما كان السؤال عن سبب تركه للعمل مع المنقالة ؟ كان رده ان عربية المنقالة فيها تلاتة عصايات جربوكس . وعند التفسير كان يقول للجميع ... شركة البدفورد بتعمل عصاية جربوكس واحدة . المنقالة بيركبوا ليها عصايتين زيادة ... ديل كرعين الوكيل السفري البيركبوه معاك علشان يلقط ريالات الركاب . وما يديك فرصه ترتاح او تدقش الحلة في الليل . من العادة ان يستفيد السواق من فلوس الركاب . وقد يرجع السواق بعض المال لصاحب اللوري . وهذا يعتمد على علاقة الاثنين . المنقالة كانوا يتشاركون كمجموعة لشراء لوري واللوري عادة يحضر كشاسي فقط والحمولة هي 5 اطنان او 55جوالا من العيش . ولكن في ورشة ختر في امدرمان كانوا يزيدون الشاسي حوالي المتر ويغيرون الاطارات الخلفية من مقاس 900 الى 1200 وهذا يرفع الحمولة لسبعة اطنان , من العادة ان يرى الانسان كلمة ,,ختر ,, بضم الخاء ، مكتوبة في اللوحة التي تمسكك ترباس باب الصندق الخلفي . وكل لوري لا يحمل اسم ختر لا يجد الاحترام او ينقص سعره . ويصل سعر اللوري كاملا بعد بعض الزينة وذبح خروف .كتابة آيات قرأنية او تعابير متعارف عليها مثل ماذا يعمل الحاسد مع الرازق ويختار اسم اللوري . في ملكال كان لحاق بعيد والوسيم من اللواري المشهورة . والوسيم هي اغنية الفنان احمد المصطفي واللحن كان ما يتعلم علية الاغلبية العزف خاصة على الصفارة , وقد اقتبس اللحن من اغنية اجنببة . من لواري اعالي النيل سوكومارسن . ولقد شهدت سوكومارسن واحد واتنين . وصاحبهما رجل لطيف قليل الحجم فاتح اللون ، مطلع ويعرف الكثير عن مصائب الدنيا وطرائفها . استمتعت دائما بالاستماع اليه . وفي 1963 تواجد في بركة العجب خارج القيقر . وجالسته لاكثر من يوم . وكان ابنه وسائق آخر يقومان بنقل القطن الي المحلج في ربك . وكان الابن والسائق الآخر يتنافسان على وجوده معهما بسبب لطفه ودماثة خلقه .
عندما كان البعض يتسائل عن غرابة الاسم ، كان يرد عليهم بأن الانتخابات التي كانت جارية وقتها للمرة الرابعة قد وضع قواعدها الخبير الهندي سوكومارسن . وبالرغم من انني كنت قد اكملت الثانوية واعتبر نفسي مداوما على قرائة المجلات والصحف الا انني لم اسمع بالاسم من قبل .
سائق اللوري كان في العادة يتقاضى 20 جنيها وقد يصل دخلة في الشهور الجيدة لثلاثين او اربعين جنيها . وكانوا شبابا اقوياء يميزهم الشال او طاقية الصوف في الشتاء . وكانوا مثل الكاوبويات في امريكا قديما تغني لهم البنات ويصرفون الكثير من المال عندما ينزلون في اماكن اللهو والشرب ، في اعالي النيل ، كان المرتب 12 جنيها . ولكن سائق القندرن كان يتقاضى 60 جنيها . من سائقي القندرانيات في ملكال كان الرجل الجنتلمان محمد يس الذي يحمل شلوخ الضناقلة طيب الله ثراه ويساعدة اخوه عوض الذي صار سائقا للبص السريع بين الخرطوم وربك . ومحمد عثمان والاثيوبي اوسلو ويعاونه عثمان الارتري . وهذه المجموعة من القندرانيات كان يملكها العم الامدرماني محمد عبد الله عبد السلام اكبر تاجر في كل اعالي النيل ويعتبر مرجعا عند الدينكا للغة الدينكا ويعرفونه بايوب ياو وتعني الرجل الثري واسمه الدينكاوي هو فاديت وديت تعني الكبير .
سائقي اللواري كانوا يذهبون لتشاد خاصة ابشي ويعودون بالساعات والعطور الفرنسية .. فلور دامور وريفدور مثلا ويأخذون الذهب والمصنوعات الذهبية والفضية من سوق الصياغ في امدرمان الذي كان يعتبر مثل دبي اليوم . وكانوا وسيلة تواصل من الاهل في انجامينا وحتى الكامرون وشمال نايجيريا . وعندما عين العم البشير الريح من رفاعة قاضيا شرعيا في كانوا سمعت منه ان الرحلة قد اخذت شهرا كاملا . ومع سائق للواري صارت الاغاني السودانية والثوب السوداني مشهورة في تلك المناطق . ومع سائقي اللواري اتت اغاني التمتم التي لا تزال محبوبة في السودان وتعرف باغاني ابشي. وقد اطلق على تلك الاغاني الفرنسيون تام تام بسبب طبول التام تام و والطبول تعرف في بحر الغزال بقدو قدو ، نشرتها الشقيقتان بشاير وعماير في كوستي وشمال اعالي النيل وانتقلت لامدرمان . وفي امدرمان كانت الفانانة رابحة تم تم واورثتها للفنان فضل المولى او زنقار . كل هذا التواصل سببه سائقي اللواري امثال الحاج ماسورة الرحمة للميتين والحيين .
عن حاج ماسورة سمعت انه توقف لاحد اهل البادية بعد ان انتقلت قبائل النيل الابيض لاعالي النيل ومنهم الصبحة ، نزي والسليم ودار محارب الخ . وطلب الحاج ماسورة ب30 قرشا وكان الاحتجاج ... تلاتين قرش ليه .... انا والله ورقبتي ؟ فقال حاج ماسورة بسرعة 90 قرش . زكان يقول بعد ما اللوري يفتح والمشي يكون تمام يأشر ليك عربي من بعيد تتحمى وتدمى وتدوس الفرمل يجيك جاري ويقول ليك بلله سفة ... عرفتني كيف بسف . عاوز تسف خلى الخلا ولا كبر حقتك .
عندما امتلك خالي اسماعيل خليل لوريا ، استشار حاج ماسورة الذي اقترح توظيف سواق من خارج ملكال وعدم التعامل مع قريب او شخص تعرفه رأن هذا يسبب المشاكل . والانتباه لحرامية الكومسونجية . وهم متعهدي الشحن والركاب . وبعض الركاب قد يقولون في منتصف او نهاية الرحلة انهم قد دفعوا للكمومسنجي ، والكومنسنجي قد يتفق مع صاحب البضاعة الذي يعرفه على سعر اعلى من ما يعطيه لصاحب اللوري . من نصائح حاج ماسورة ... ريح السواق والسواق بيريحك . وطبعا لا يمكن الرجوع للكومسنجي بعد اكتشاف ان الراكب قد دفع او هو كاذب . وكما يقول سائقي اللواري ... الدفع قبل الرفع . والراكب عندما يصل عند اهلة قد يقول والله معلمين الله او لا يمتلك نقودا . ولكن من يطلب بأدب في البداية يمكن اخذه بدون اجر حسب ظروفه . وصارعبد المتعال السائق ومعه مساعد لوري اسمه زكي كان يتقاضى خمسة جنيهات وكان اكبر عمر من عبد المتعال ومن العادة ان يكون المساعد صغير السن لكي يتطور ويصير سائقا . وهنالك ما عرف بمساعد الحله وهو صبي يقوم بعمل الشاي والحلة . والمساعد يقوم بعفرته اللوري عند النوم حتى لا توثر الحمولة الثقيلة على يايات اللوري . وفي هذا اللوري سافرنا الي امدرمان . ووصلنا للخرطوم في الساعة الواحدة بعد الظهر . وكنت اتشوق لتراب امدرمان لدرجة الاحساس بشعور اقرب للمرض, ولكن انتظرنا للرابعة لأن مرور اللواري كان محظورا في فترة الذروة . وبعدها بسنة اوقف مرور الكاروا تماما .
حاج ماسورة كما سمعت كان يكثر السب والشتم عند ما يتوقف اللوري لعطل . وكان احد اصحاب اللوري من المتدينين الذي كان يمنع السائق من السب والشتم . وقد قال السائق كما حكي حاج ماسورة بقول ان الحديد ما بيمشي الا يسبوه ويسبون دينه ، وليس للحديد دين . وصاحب اللوري يرفض . وفي بعض الايام لم يتمكن السائق من اصلاح الخطأ فقال صاحب اللوري خليني انزل ... وقول المعلومة . ولدهشته انصلح الخطأ . احد العاملين في صناعة الرصاص والبارود في حكم الخليفة قبض على التمباك في حوزته . وكان التمباك ممنوعا بالقانون ويتعرض مالكه للجلد وقد يصادر ماله . فقال ان السلاح يجب ان ينجس بالتمباك ليكون فاعلا ضد الحجبات الخ . واطلق سراحه .
احد مالكي اللواري كان يطلب من حاج ماسورة التوقف للصلاة ولا يريد ان يجمع او يختصر . وفي احد المرات اتوا متأخرين على البنطون الاخير . فقال حاج ماسورة ان السبب الاوراد والتسبيح الطويل . وصاحب اللوري زعلان من فقد القروش وما فكر في الاجر الاخدوا بي صلاته من الله . عاوز يكسب دنيا وآخرة .
القصة الوحيدة التي سمعتها من حاج ماسورة ولم تكن طرفة او ملحة كانت محزنة ،حكاها حاج ماسورة وهو حزين ومتأثر . فقد احضر صندل بصاري والصاري مربوك بصباني من كك جانب لتقوية ارتكازه . وبسبب ما كان احد الصبانيين مفكوكا . وقام صبيان ملكال بالتعلق بالحبل المجدول من اسلاك الصلب والجري ثم القفز بعيدا دخل النيل . وافلت صديق حاج ماسورة من ابناء فريق الملكية الصباني في وسط الرحلة للنهر واصطدم بحديد الصندل ومات بطريقة مؤلمة . كان حاج ماسورة بتكلم عنها بألم شديد .



التوقيع: [frame="6 80"]

العيد الما حضرو بله اريتو ما كان طله
النسيم بجى الحله عشان خاطر ناس بله
انبشقن كوباكت الصبر
وتانى ما تلمو حتى مسله
قالوا الحزن خضوع ومذله
ليك يا غالى رضينا كان ننذله



[/frame]


http://sudanyat.org/maktabat/shwgi.htm

رابط مكتبة شوقي بدري في سودانيات
شوقي بدري غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 09:58 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.