اقتباس:
والإمام هو الكتاب، وهو تأويل الكتاب معاً، ولذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى في الآية الثانية عشر من سورة الأحقاف (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً)
|
اقتباس:
وفي سورة يس الآية الثانية عشر يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ).
|
بماذا تُذَكّركم الآية الثانية عشر؟ عن نفسي فقد ذكّرتني فوراً بالإمام الثاني عشر الذي ينتظره الشيعة. خصوصاً أنَّ الآية الثانية أيضاً من يس تتحدَّث عن الإمام المبين! وهي الثانية عشر أيضاً، ولو سألنا لماذا سورة يس؟
فلأنَّها السورة التي تتحدث عن الخيانة التي تمّت للأنبياء الثلاثة، والحجر، هاء المسوّرات، هي موقع قتل الرسل الثلاثة المذكورين في السورة. من سيأخذ حقهم بإذن الله وأمره؟ من!؟ الإمام طبعاً.
ولذلك فقد أوقف الله سبحانه وتعالى الإمامة عن الإنسان، أصل إبراهيم الخليل
(وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
أمَّا حديث مسلم الذي يقول
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟، قَالَ: كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ"
فالشيطان هو الذي قال (كلّهم من قريش) والجملة واضح أنها مريبة، فالرسول عليه الصلاة والسلام استثنى الأخير منهم، أي الجملة الصحيحة (إلا الأخير) فإنَّه نبي، وهو يحيى بن زكريا عليه السلام، فهو (المعجّنو ربّو) لا محسن خالد، والدليل في القرآن
(وَ
حَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا) وهذا الحنان لم يستخدمه الله سبحانه وتعالى إلا مع يحيى بن زكريا، ما أربك المفسّرين. حنانٌ ونبوةٌ وزكاةٌ وتعليم الكتاب والحكم والسيادة، ما شاء الله ليحيى بن زكريا الذي خلقه الله سبحانه وتعالى فريداً وليس له نظير من الخلق
(يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا).
(فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ
مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).
فقد أعطاه الله الذي لا إله إلا هو، اصطفاءً نادراً، منحة هائلة من المتكبر المتعال رفيع الدرجات ذي العرش، تبارك الله إله الكرم والحب، الودود اللطيف الخبير العزيز الحكيم، فمن بوسعه نزع عطايا الله ممن أعطاهم؟
أعطاه الحنان، والنبوة، والتزكية، والكتاب، والحكم، والسيادة، والبر بالوالدين، وحصوراً، كما شهد له بالصلاح والتقوى وعدم المعصية، وسيجعل منه ملاكاً بشرياً فيكون عِلْمَاً للساعة وأحد آياتها الكبرى (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ(60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ).
والذي هو نقطة الكمال من كتاب هذا الجمال، أو في الحقيقة الذي هو مباركة رحمانية تحتوي ذلك كلّه، أن يسلّم الله عليك بنفسه منذ ميلادك وإلى يوم بعثك (وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعثُ حياً) فالذي سلّم هنا هو اللهُ بنفسه.
وربِّ مواقع النجوم إنَّ هذا لهو الفضل المبين، الذي ليس بعده من فضل إلا أن يشاء اللهُ أمراً.