نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-2017, 09:31 AM   #[1]
imported_عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية imported_عادل عسوم
 
افتراضي من قال ان الأحرف تهوى السكون؟!

إنها لعمري للمد -فتحا وكسرا وضمّا- أهوى منها الى السكون...
فمن قال (سكّن تسلم) لا أخاله الاّ سالكا الى سلامة -يراها- كوّة ضيقة!
فلماذا نلوذ بالكوى والأبواب مشرعة دونما مواربة؟!...
فالفتحة تتمخض عن ألف...
والكسرة تلد ياء ما أجملها...
والضمة مشروع قاصد لواو...
فمن قال أن الأحرف تهوى السكون؟!
كم أتوقف عند احتفاء الله جل في علاه بال(قلم)!
فقد ابتدر بذكره تنزيل القرآن الكريم...
أنزله على من؟!
انه على نبي أمي وأمّة أميّة!!
فلماذا ياترى كان الإبتدار بالقلم؟!...
لنجوس يااحباب خلال بلاد الله قاطبة ولنسبر أغوار الشعوب ، سنجد بلا جدال أن الفقر والمرض دوما يقترنان بالجهل ، بل يكون الجهل أسبق منهما.
إنه الجهل بالحروف التي تشكل المعبر الحقيقي إلى العلم والمعرفة ، أليس في ذلك شاهد وتكريم لهذا القلم دون غيره من الأدوات التي شرع الإنسان في استعمالها خلال حراكه الحياتي منذ وجوده؟!
فالسيف والحربة والسهم والشراك والشباك كلها ادوات تسهم في جلب طعام يأمن الانسان به من جوع...
وهل يعيش الانسان دونما طعام؟!
فلماذا كان الاحتفاء بالقلم دون غيره من أدوات؟!
اذ ماهو الاّ اداة تفرخ الحروف...
فماذا تفعل الحروف؟!...
بالحروف يتعلم الانسان مالم يعلم (بنص آية العلق الكريمة)!
وما لم يعلم هذه عوالم وفضاءات رحييييييييييبة يااحباب...
انها عوالم تضج بها حراك الحياة والبناء ، فهل يعقل أن يقول قائل بأن الأحرف تهوى السكون؟!
لقد قُدّر لي بأن أكون في دولة (تشيكوسلوفاكيا) خلال الأحداث التي أدت الى انفصال الدولة الى (التشيك) و(سلوفاكيا) فخرجت الى الطريق العام فوجدت الناس يتحلّقون حول أحد المتحدثين المعروفين بالدعوة الى الانفصال.
الرجل عمره قد تعدى السبعين وهو كاتب وروائي معروف بدعوته الى انفصال (سلوفاكيا)...
وقد قال يومها مقولة لم يزل صوته الأجش يتردد بها في أذني حين قال:
(اللغة هي أهم عنصر لتكوين القومية والدولة وليس العرق أو الدين)!!!
لم أستطع قبول ذلك في البدئ!
فالذي كان مستقرا في حسباني حينها أن العِرق أو الدين -نوعا ما- هو العنصر الأهم في تكوين القومية أو الدولة...
ولكني بدأت في سبر حال كل بؤر الدعوة الى انفصال في فجاج الأرض...
فماذا وجدت؟!
برغم أن العرق هو الذي يبين على السطح الاّ أن اللغة تبقى العنصر الحاسم إمّا لتغذية أوار ذاك الانفصال أو اخماد ناره...
وقد فسر لي ذلك الجهد الكبير الذي مارسته قوميات لطمس لغات أثنيات أخرى دون التعويل (كثيرا) على محاربة الدين والثقافة!
فمن قال ان الأحرف تهوى السكون؟!
وتبقى اللغة (بوتقة) تنصهر فيها أعراق...
وأديان...
وثقافات!...
وتبقى كذلك الحاضنة لكل بذور الحراك المجتمعي نحو الغايات والمآلات القاصدة ،
فكم من دول كانت اللغة فيها (وعاء) جمع الوجوه على إختلاف سحناتها وألوانها وما استصحبته من أديان وثقافات فأضحى ولاؤهم لعلم واحد يرفرف فوق السارية...
هذه أمريكا بكل عنفوانها قد هضمت الأعراق على كثرتها -اذ هي برغم وشائج الأرتباط بالأصول- الاّ أن الفرد منهم تجده ينتصب ويقول في عزة وشموخ (Iam american)!
وتلك البرازيل لا تكاد تجد فردا يشبه الآخر في تقاطيعه وبالتالي في مصروره الأصل ألاّ أنهم قد انصهروا في بوتقة اللغة والحدود الجغرافية فخرجوا على الناس بالسامبا وخرج غيرهم بالفلامنجو وتراضى الناس ببعضهم تحت مظلة اللغة فاضحى اللبناني الأصل رئيسا في دولة وغير ذلك كثير!...
وفي الجانب الآخر كم من (بؤر) انفصال (أو انكفاء) في خارطة دول كانت ولم تفتأ اللغة سببا اساسا للتفكير في الخروج عن سلطان الدولة...
فذاك أقليم الباسك في أسبانيا وفي فرنسا قد جمعت بينهم لغة الباسك وهم قوميات عديدة!...
وأقليم (كويبك) في كندا الذي يتحدث مواطنوه الفرنسية دونما توحّد تحت أصل واحد!...
وهناك ما يصطلح على تسميته ب(عرقية) التاميل في سريلانكا وهم شعوب من أصول عديدة جمعت بينهم اللغة التاميلية!...
وهناك أيضا أقليم (كيرلا) في الهند والذي يتحدث سكانه لغة (الماليالم) ...وهم فسيفساء قبائل لأكثر من مائة عرقية يعتنقون (جل) أديان العالم!
وأذكر بأنني قد زرت هذا الاقليم ونزلت في منطقة تسمى (ترافاندروم)-الفاء تنطق معطشة- وقد لفت نظري مدى الترابط الأجتماعي الذي اضفته اللغة الواحدة على الناس حيث تتداخل الأسر المسلمة والمسيحية والهندوسية فيما بينها بمودة ومحبة بائنة دون غيرها من الأقاليم الهندية!
وأعود للراحل حاج الماحي وأولاده ، كم لهذا الرجل من أفضال على أهلنا في الشمال يااحباب!
لقد سألت جدتي ايام طفولتي وهي تتدارس-وهي الأمية-كل مشاعر الحج مع قريب لي فتسبقه (دوما) بذكر الأمكنة والنُسُك في سوح الحج في عرفات ومنى ومكة المكرمة!
-حبوبتي أنتي الورّاك حاجات الحج دي كللللها منو؟!
-أي نان مديح ولاد حاج الماحي دا أنتا قايلو كلام وبس!...
وكذاك صفات الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وتفاصيل الشعائر ، وقيم الأخلاق ، ومناطات الخير والشر وغير ذلك كثير...
وإني لموقن بأننا إن استثنينا مدحة التمساح فلن نجد شيئا يذكر من مديحهم يتعارض مع أسس العقيدة ومسلمات الدين ، فاللهم ارحمه ومن مضى من ذريته واجعل الأحرف دوما تنأى عن السكون.
لقد ربطت بيني وبين ابن (السنيقال) عبدالمجيد تيون وشائج صداقة حميمة...
كان يدرس اللغة العربية في المعهد الخاص بالناطقين بغيرها داخل حرم جامعة أم القرى التي كنت أدرس فيها بكلية العلوم التطبيقية والهندسية حينها...
وأعتاد (مجيد) وفي معيته سنيقاليون آخرون التواجد (دوما) خلال لقاءاتنا السودانية...
وجبتهم الرئيسة أضحت (صحن أم رقيقة بكسرة)...
ورمضانهم استحال سودانيا معتقا بروائح الآبري الأحمر...
كانوا (جميعا) ممشوقي القوام وأنيقي قسمات الوجه بلا دشانة ولا قبح!
وبالطبع كانت لغتهم الاساس هي لغة مستعمرهم السابق الفرنسي...
عبدالمجيد تخرّج في معهد اللغة العربية للناطقين بغيرها بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى ، ثم استوعبته الجامعة في كلية اللغة العربية
تخرج فيها لاحقا...وتخرجت كذلك في كليتي وافترقنا باجسادنا ولكنا ظللنا متواصلين بريدا ومهاتفة...
خلال بداية التسعينات ابتعثتني الشركة التي أعمل بها -في المملكة العربية السعودية- خلال رحلة عمل الى مدينة نيس الفرنسية...
أخبرت صديقي عبدالمجيد الذي يشغل منذ يومها وظيفة مرموقة في وزارة التعليم العالي السنيقالية...
وتحت إلحاح الرجل عدلت من خط رحلة سفري لأزوره في مدينة داكار ، فالتقاني الرجل وفي معيته زوجه سليمة وبنتاه عائشة وسارة وابنه (عادل)! 
بادرني عادل ذي الست أعوام قائلا:
-السلام عليك يامن أسماني والدي على أسمه...
رددت عليه السلام وحملته وقبلته وقد طفرت من عيني دمعة!...
وطوّف بي صديقي مجيد خلال طرقات العاصمة على متن عربته البيجو فرأيت شعبا يتميز بذات القوام الممشوق والوجوه الأنيقة التقاطيع ...
وزرت من بعد ذلك جامعة داكار والعديد من المدارس والمعاهد فتلمست (جليا) جهودا كبيرة لنشر اللغة العربية هناك...
قال لي مجيد:
باذن الله ياصديقي عادل ستكون السنيقال دولة ناطقة باللغة العربية بدلا عن الفرنسية خلال عقدين من الزمان لا أكثر!!
استغربت كثيرا للأمر...
ولقد استمعت الى خبر في ثنايا نشرة أخبار التاسعة على قناة الجزيرة مفاده بأن السنقال تزمع تدريس المنهج الإسلامي العربي في كل المدارس الإبتدائية على نطاق الدولة وذلك بعد تبين وزارة التعليم خلو المدارس النظامية من التلاميذ الذين اعتادوا الالتحاق بالمدارس العربية الخاصة المنتشرة في عاصمة الدولة ومدنها الرئيسة ، وعندما هاتفت صديقي مجيد انبأني بان الحكومة قد خلصت لتوها من دراسة ميدانية أنبأتهم بانحسار مد اللغة الفرنسية أمام العربية في السنيقال بنسبة 1/26!!!
رحم الله والدي فقد كان يقيّم من يلتقيه بسلامة لغته فان سلمت لغة المتحدث أتلمس بشرا وبشاشة في وجهه وحرصا منه على سماع وتفاعل.
وكذا كان ومافتئ حال وانا أتنقل بين قنوات التلفاز لأركن الى من تتلقى اذني لغته بقبول ، فاللغة (جسر) تعبر عليه الأفكار والمشاعر والمرادات ،
وكلنا نعبر جسورا خلال حراك حياتنا بعضها قد نصب على مجاري أمطار فلاتملك الاّ أن توازن ثقلك بيديك حتى تعبرها ، وبعضها قد أجيد تعبيده وأوسعت حوافه لتعطيك أمانا واطمئنانا وأنت تجتازها ،
وكذاك التي نصبت على شرايين أمواه نيلنا الخالد ،
الجسر القديم منها كم تضج مشاعري فوقه من قبل أن تضج اذناي بزمجرة اطارات السيارات على (حديده)!
فضجيج المشاعر مردها قصته التي تقول بأن الانجليز قد جلبوه من الهند من بعد انتهاء عمره الافتراضي لينصب لدينا!!
ولكن إذا بجسر توتي يتمدد على معصم نيلنا البض كسوار من ذهب تتلوه جسور أخرى عديدة!
تسير عليهن بثبات فلا تملك الاّ أن تملأ رئتيك بكامل ال21% من الأوكسجين المتاحة في أرض تتسمّى بالسودان كم غمطه الآخرون وسرقوه مقدّرات وتأريخا!
فلكأنك تستمع الى بلاغة الدكتور عصام أحمد البشير 
أو لكأنك تهفو الى أشعار روضة الحاج البديعة!
وذات الحروف ولجت الى سوح أهلنا (الأقباط) في مصر في معية الصحابي الجليل عمرو بن العاص...
لم تركن الى سكون!
بل طال حراكها (لغة) القوم فاختارتها الألسنة لغة لهم ...برغم بقائهم على دينهم!
أي فوت فوق ذاك ياأحباب؟!
...
وأولئك أهلنا الجزائريون...
جثمت على صدورهم اللغة الفرنسية مئة سنين وازدادوا تسعا!
وعندما خرج الفرنسيون...
بقي اللسان منهم متفرنسا أعواما
لكنها -أي ذات الأحرف- فإنها
لم تهو سكونا ، بل انداحت حراكا في الناس فأضحت الألسنة ترتقي كل يوم الى سوح العروبة وفضاءاتها ...
عروبة تكنس في طريقها كل مظاهر (الفرنسة) أحرفا وأخلاقا!!!
وقد قدّر لي بأن أعيش بعضا من طفولتي بجنوب السودان أتقنت خلالها (عربي جوبا) ،
ثم عدت الى هناك خلال الثمانينات فإذا بتلك اللهجة ما فتئت ترتقي الى (ميس) الفصاحة عاما بعد عام برغم الانفصال وذاك لعمري هو طبع (العربية) التي تيمم دوما الى (فصاحة) محروسة بكتاب الله الذي كتب له الله الحفظ إلى أن يرث الارض ومن عليها!
ذاك حالها...
أما حال الانجليزية فهو بغير ذلك!
هاهي تفترق الى (انجليزيتين)! ...
انجليزية في (أمريكا) وأخرى لدى أهلها في انجلترا...
ويذهب البعض الى أنهما سيصبحان (يوما) لغتين مختلفتين عن بعضهما!
...
وتبقى الأحرف (العربية) لا تهوى السكون!
adilassoom@gmail.com



التوقيع:
[frame="7 80"].

سُكْنايَ حيثُ يحكي النيلُ عن حضارةٍ عظيمة
يشُقُّ صدرَ أرضنا السمراء في عزيمة
وينحني تأدباً في (البركل) الذي يلي كريمة
عادل عسوم
www.marawinews.com
[/frame]
imported_عادل عسوم غير متصل  
 

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 08:07 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.