عن شحتفة الروح أو الروح المنقسمة هنا وهناك
أسوان فى 18أغسطس 2023
نحن ، اعنى انا وبناتى عزة وتوتا فى محافظة أسوان ، كنا فى كركر ، والآن بين كركر واسوان ، رجل فى كركر والأخرى فى أسوان ، ونصف روحنا معنا هنا والنصف الآخر فى السودان .
من هنا تبدأ المعاناة وهى أقرب لشحتفة الروح التى كنا نستعملها ولا ندرى معناها الحقيقى .
الأخطر من هذا أننا نتآكل من الداخل ، فمع أحساسنا بالقهر والحسرة والألآم المستمرة تضاف الرتابة التى تكلم عنها الصديق النور يوسف والملل والقلق والتوتر المستمر .
قبل حوالى ثلاثة أسابيع حدث لى هبوط حاد فى ضغط الدم ، إنزعجت جداً عزة وتوتا وإنزعج أمين وعبد الباقى من خارج مصر ، وبعدها تأرجح الضغط بين عالى جداً وهابط جداً .
قرأت قصيدة للكاتبة الجميلة Amel Omer تقول :
الموتُ لا يُخِيفُني
لكني أخافُ الأماكن المُغلَقة
و هناك مغلقٌ جداً
ضيقٌ جداً.
الموتُ لا يُخيفُني
لكني أجزَعُ من فكرةِ مفارقةِ حبيبي
من أن يَستَلقي وحيداً ،
يراقب جانبي الخالي من الفراش
يقرأُ أشعاري و يبكي
لا احتمل رؤية حبيبي يبكي.!
الموتُ لا يُخيفُني..
لكن أخشى حُزن أُمي و يُتم الصِغار ..
و حفلات التَخَرُّجْ ؟
ماذا سيَحدُثُ في حفلاتِ التَخَرُج؟
سيكونون وحيدين، بينما المكانُ مكتظاً بالأُمهات.
الموت لا يُخيفُني
لكني أهتَمُ لأمرِ جاري المُسِن
من سيُحضِرَ له حاجيات البِقالة
من يُخرِج كلبه اذا عاوده ألم المفاصل
من يزيل عشب حديقته الخلفية.
الموتُ لا يُخيفُني
لكن لي عشرين ديوانِ شعرٍ قيد الطِباعة
و ثوباً لـ فالنتينو
لم أرتديه بعد
و قارورة عطر أهداني إياها حبيبي
ممتلئةً حتى العُنُق
،تشتاقُ لجلدي و لمناطق إحساسي.
لأن تكون الثالثة في حفلِ العناق.
لدي قطةٌ ستفتقدني
و احواضُ ياسمين ستذبلُ في غيابي..
الموتُ لا يُخِيفني
لكن لا يوجدُ مقهىً هناك
لا شحاذٌ لطيف ٌيخبرني كم أني جميلةٌ في كلِّ مرة
و لا الشاي بالحليبِ الذي تصنعه أمي..
لكن الموتُ لا يُخيفُني على أي حال .
#أمل
أدركت مثلها وقتها أننى سأفوت أشياء كبيرة وصغيرة ، منها أن تلد توتا الحفيد المنتظر وأن اقضى معه بعض الوقت ، وأن يتم عرس أمين ، وأن أطمئن على عزة ، وأمين وتوتا وعبد الباقى .
وبدون مزايدات لو طمأنتنا أحوال البلد فبديهى ومنطقى أن ناسها ، ناسنا سيكونون بخير .
فى أيام مرضى بدت لى بعض الأشياء كأحلام غير قابلة للتحقق ، مثل قبر فى البكرى قرب أبى وأمى وبعض أهلى وهدى وبعض أهلها .
أيام مرضى ، بل وقبله كنت أصحو متأملاً ما حولى مثلما يحدث بعد نوم طويل عميق ، من انا؟؟ وأين انا؟؟ وماذا افعل هنا؟؟؟
أرسلت قصيدة برتولد بريخت إلى الذين سيأتون من بعدنا فى رسالة جماعية ، فرد لى صديق بأن القصيدة تشاؤمية وأننا متفائلون دائماً ، على إمتداد عمرى كنت متفائلاً ، بعد موت أمى وأنا لم أتجاوز الأثنى عشر عاماً فكرت فى معنى الحياة وجدواها وتنقلت بى الأسئلة فى ذلك العمر الغض إلى إتجاهات كثيرة فى الحياة ، لكن إرادة الحياة وحبها غلبت .
تحدث حرب عندنا ولم ترد ببالنا فى أسو كوابيسنا . . وتترك تأثيرها على القريب والبعيد ، أرسل لى صديقى العزيز شوقى من هولندا ، قال لى أنه محتار ومستغرب كيف اننى كنت وأنا فى زحمة السودان أجد الوقت لأتكلم معه بالساعات وهنا لا أجد وقتاً لرسالة واتس .
أخرجت الحرب أسو ما فينا ، ولكنها أخرجت أعظم ما فينا .*
أطبق الشر على الإنسان من جميع النواحى ، فأبدع الإنسان الخير فى جميع المسالك
نجيب محفوظ فى أصداء السيرة الذاتية
هذه الحرب ستنتهى آجلاً أو عاجلاً ، وبلدنا ستعود كما كانت وأجمل ، وأفضل .
لهذه البلد رب يحفظها ويحميها ، وشباب ونساء ورجال يدافعون عن وجودها وقيمها وأهلها .
🌹🌹🌹🌹🌹
|