اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
من ذاكرة المدمرق
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
تلك الطاحونة الملاصقة لبوابة مركز شرطة برام ما تزال فى الذاكرة ،
كان على المرور بجوارها يوميا فى طريقى من و الى المكتب وبخلاف الضجيج ( المقدور عليه ) كنت لا أطيق رائحة طحين الدخن ( المدمرق ) ابداً ، كان يضايقنى لدرجة الصداع والطمام والقرف ، لذا لم أكن أتخيل يوماً أن أكون من جملة حواريه المريدين ،
وكنت فى مأمورياتى خارج المدينة احمل معى بعض المعلبات الخفيفة ،
بينما ينهمك الافراد فى اعداد العصيدة وملاح التقلية ( مضرضراً ) بمسحوق الكول العجيب ،
وتستمر الايام ثم تجرى الليالى ويحاصرنى الدخن ، يقترب منى لقمةً لقمةً ، يدعونى الى نزاله بلا ملل ، يطالعنى فى المناسبات والجمع حتى اجتوانى بالكلية فانهزمت أمامه طوعاً حتى غدا ( طوعاً ومحبة ) من ضمن قائمة إشتهاءاتى الصغيرة ،
وعبثاً حاولت مدح ( عصيدتنا ) التى لم أكُن لها الود أصلاً أمام مجاملة صديقى الهادى بيتو ( عصيدتكو ياجنابو سمحه إلا مارنه ) 😁، وهكذا رويدا رويداً انتهى بى المقام فى احضان المدمرق عاشقاً له ولسمنه وكوله ولرائحته المدهشة ،
وفى برام كانت رحلتى مع الطعام تستحق التأمل فبعد ان شربنا الكركدى عصيرا مثلجا وشاى ( أنقاره ) فى مواسم الخريف كأظبط ما يكون الكيف ختمته بملاح الكركدى بنكهة الدكوة ورفقة العدس ، وفى أحراش كفياقنجى ضربنا شرموط الفيل كأبهى ما تكون التقلية ،
الطعام فى الجزء الجنوبى الغربى من دارفور له مذاق وبهار وله أناقة وطقوس ،
عطر الله صبا تلك الايام ياخ ،،،
عامر يا صديقى واياك مرسى العابر ، التحية لك ولجمعك الكريم ،
راقب ضيوفك فالشاى ( برمى قناديل الكلام ) وارسل لى من (فونقاته ) ولو كلمة عابرة
وكما للارض من كأس الخيرين نصيب فأجعلوا لى من فطوركم اليوم لقمة من دخنٍ مدمرق ،
ـــــــــــــــــــ
النور يوسف
الرياض / المملكة العربية السعودية
|
سعادتو النور ..........
يا من بدأت مبسملا وأنت تتهيأ فلنقل لتناول المدمرق لا لمنازلته .. جلت بنا وحروفك المدمرقة دخنا .. فذاكرتك ذكرتني تلك الأيامات التي قضيناها في شمال دارفور عملا تجولنا في مدنها الفاشر . مليط . كتم .. امبرو ... كارنوي .. كبكابية .. فتابرنو وحتى الطينة السودانية والتشادية .. ;واعيننا تدور هنا وهناك تحسبا لأي هجمات نهبية مسلحة وقت كان يسمى النهب المسلح الذي تحول الى الحركات المسلحة بقدرة نهبهم ...
نرجع للقمة الدخن والمدمرقة كأني أنظر اليها وكنا نطلق عليها جبل مليط (وهو جبل بين الفاشر ومليط ) في ارتفاعها ولونها .. وكما تفضلت هي طعامهم الرئيس مع مشكلات الملاحات ... والمعطرة بالكول وكنا نتهامز ونتغامز بما يشبه التنبيه ( لا بما يشبه ذلك الهمز واللمز والوعد بالويل به ) حينما يكتشف أحدنا أن هذه اللقمة تحتوي على الكول أن اجتنبوها وأحيانا تشاهده بجانبها مجففا ومسحونا ليضاف جاف ..
وتصادف أننا صمنا رمضان هناك فلا يخلو إفطار إلا من اللقمة الدخنية ... طبعا الإفطار جماعي كعادة أهل السودان جميعا ................................
وعندها تمردنا على ونحن كنا فريق عمل فقلنا للطاهية أو الطباخة شوفي لينا حلل من هذه اللقمة فقالت جيبو حاجات نعملو حركات فأتي لها بالحاجات فإذا بنا نتفاجأ في الغداء فول وبيض .. فقلنا نسلم أمرنا لله ونأكل ما يقدم لنا وخلاص ...
فكانت أيام حقا جميلة وممتعة .. وعندي الكثير ولكن آذان مغربنا حان ..
وللفائدة فإن الدخن مفيد لمصابي السكر ونسأل الله السلامة والعافية والرضا ...
تحايا عطرات ...