نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-04-2011, 07:46 PM   #[1]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي مذكِّرات سينمائية

(1)
ظلالٌ فلسفية للأفاتار (الأيربندر الأخير)


هذه الكتابة أهديها إلى صديقي العزيز وجدي الأسعد، عليه السلام.




محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-04-2011, 08:00 PM   #[2]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي

(1)


في تقديري، يُمَثِّل هذا الفيلم واحداً من الأعمال المُمَيَّزة للغاية، والوثيمة بالإيشاء الجمالي والفلسفي، مما أنتجته السينما الأمريكية مؤخَّراً.
وأرى أهمّيتَه تعود بشكل أساسي -حسب تأملاتي- إلى الأرضية الفكرية المعقَّدة التي تنهضُ عليها ظلالُ هذا الفيلم. وهي أساسات غير منظورة للجميع، إلا من خلال تراميز شديدة الرهافة مزروعة في شكلانية الفيلم الصناعية، وقد جاءت هي الأخرى، أعني هذه القدرات الصناعية، في تَمَيُّز رفيعٍ وفَذٍّ. نلمحه من خلال مُكَوِّنات الفيلم جمعاء، البصرية، والمسموعة، وفي الفكرة الحائكة لهذه المُكوِّنات كلّها، وتربيطها ببعضها بعضاً، في نسق فكري وجمالية سينمائية، بديعة، وخلابة، ومتقنة حدَّ الإدهاش.
بطل الفيلم طفلٌ عمره اثنا عشر عاماً، هو الـ Airbender الأخير، أو الأفاتار Avatar، وأدَّى دورَه الصبيُّ نوح رينقر. ومع كل مفردة من هذه المفردات تبدأ تراكيب فكرة الفيلم الفكرية والجمالية، ذات الظلال شديدة الإيحاء والتعقيد كما أسلفت، في التنامي، والتَّكَثُّف.
فمن هو الإيربندر؟ وكيف يمكننا أن نفهم هذه الكلمة من ناحية الـ Etymology الإتمولوجيا، أي العلم المختص بدراسة أصول الكلمات ونشأتها؟ وما هو الأفاتار في عمومه، خصوصاً جذوره المستمدة من عموم تاريخ الأسطورة الإنسانية؟
الإيربندر لفظة مصنّعة حديثاً من الدمج بين المفردتين "بندر Bender" و"Air"، واللفظة الثانية تعني الهواء وهي معلومة في بيئات اللغة العربية وغيرها من اللغات، لأنَّها تستخدم في خطوط الطيران، ويقال سودان أيرويز، إيجبت أيرويز.. إلخ. أمَّا اللفظة الأولى وهي اسمُ فاعلٍ مشتقٍّ من الفعل Bend الذي له مدلولات كثيرة أهمّها وأشهرها يلوي أو يثني، وهذا ليس المعنى المُراد "حرفياً" هنا. وإنّما المعنى المقصود هو استخدامٌ آخر، أقَلُّ تداولاً، لهذا الفعل، وهو القدرة على توجيه طاقة الذهن وتركيزها، وأحياناً يستخدم في معنى الإخضاع. والمعنى المُراد بخصوص الفيلم، هو تجميع معنيي توجيه طاقة الذهن لأجل إخضاع الهواء. إذن الأيربندر هو الشخص الذي يستطيع أن يتحكّم في الهواء من خلال قواه الذهنية.
وبسؤال.. لماذا التحكّم في الهواء "تحديداً" من خلال الطاقة الذهنية؟ من هنا سنلج إلى ظلالٍ شاسعة من التصورات الفلسفية والعلمية والدينية والأسطورية، التي بدأت في التأسيس لأهميّة "الهواء" هذه، على نحو خاص منذ آمادٍ ضاربة في القدم من تاريخ الحضارة الإنسانية.
فالتاريخ الإنساني بشقيه، الفكري، والميثولوجي الذي يجثم تحت ظلال هذا الفيلم سيعود بنا بأبسط الحسابات إلى ما لا يقل عن ثلاثة آلاف سنة مما قبل ميلاد المسيح. منذ المعتقدات الميثولجية عن أوزيريس إله الأبدية.
والتصوُّر الفرعوني بشقيه المصري والكوشي يعتقد بأنَّ الحياة كلّها جاءت مما يمكن أن نسميه بـ(فوضى المياه) أو الـنو Nu، دوّامة المياه الأسطورية، وهي المفردة التي تولّدت منها مفردة "الأنواء" وعلومها في الثقافة العربية. أي من فوضى المياه تلك التي بَزَغ عنها أوَّلُ إلهٍ وهو أتوم Atum، المعروف بالإله الغامض، أو الخفي، والذي من ضمن تراميزه الكثيرة التي يُصَوَّر عليها، هيئةُ الضفدع. ومن تولّدت عن اسمه مفردة الخريف Autumn في اللغات اللاتينية، على نحو خاطئ ولّدته الوثنية الأولى، ظنّاً منها بأنَّ الاسم يعود في أصله إلى هذا الإله المرتبط بتلك الفوضى الكونية، والدوامة الأسطورية للمياه، من الأسطورة.
وهذا التصوّر الأسطوري جعل الملوك/ الآلهة الفرعونيين بعدها ينسبون أنفسهم إلى (المياه) بشكل أعم وإلى غيرها من العناصر كذلك. فبخصوص المياه مثلاً يرد في كتاب "برت إم هرو" الذي عُرف خطئاً بـ"كتاب الموتى" مع أنَّ الكتاب ذاته لا يعترف بالموت ويسمّي الميّت بـ"الواهن"، يرد الآتي:
{يقول "أوزيريس-آني" الكاتب: أنا –بالحقيقة أنا (2) مَن بَزَغ من الفيضان الذي جعلته يتدفَّق والذي يصير عظيماً كالنيل (حابي)}.
وهذا انتسابٌ لفرعون من شمال الوادي، مصر الحالية، إلى المياه. وأدناه انتسابٌ لفرعون من جنوب الوادي، ما عُرف بالحضارة الكوشية، في السودان الحالي، يرد على لوح أماني بَيَّا قوله:
{وإنِّي سأستولي عليها "أي المدينة" بوصفي فيضان الماء فقد أمرت} يقول بَيَّا منتسباً إلى فيضان المياه أيضاً، والمدينة المعنية هي مدينة "منف" بمصر، هذا حين غزوه للشمال ومحاصرته للمدن المصرية واحدة تلو الأخرى، حتى أسقطها جميعاً، وأحكم سيطرته على الشمال.
والإله "أتوم" هذا نفسه، يُعْتَبَرُ نصيراً لثلاثة أشياء، تهمّنا منها الآن واحدة بخصوص موضوعة الأيربندر، وهي أنَّه الإله الذائد عن ثلاثٍ هُنَّ "مصر" و"الخصوبة" و"الهواء".
فهو إذن أيربندر أسطوري قديم، منذ تصوُّراتٍ إنسانية أولى تفصلنا عنها آلافُ السنين. وليس هو الأيربندر الوحيد في الحضارة الفرعونية، أبداً.. فهناك أيضاً الإله "رع" الذي استمنى، أو مارس العادة السريّة، ومن نُطَفِ منيّه تشكّل له ابنٌ وابنة، هما الابنة تفنت Tefnut التي تُتَرجم على أنَّها إلهة الرطوبة ومنهم من يترجمها النَّدى. أمَّا ابنُ رع الذي أنجبه لنا ذلك الاستمناء فهو الأيربندر شو Shu إله الهواء.
مع تثبيت الفوارق بين آلهة الهواء القديمة بحسبانها آلهة في تمامها، ووصفة الهواء هنا شيءٌ من التخصصية فحسب، وبين جميع أنواع الأفاتار، الذين ما هم بآلهة، ولا يُمَثِّلُ الأيربندر إلا نوعاً واحداً فقط منهم. وبلغة الرياضيات، ونظرية المجموعات تحديداً، الـSet Theory، فمجموعة الأفاتار هي "مجموعة شاملة"، وكذلك "غير منتهية" ما دمنا لا نعرف ما يمكن أن تفاجئنا به تلك الآلهة الأسطورية. بينما الأيربندر "مجموعة جزئية" من أولئك الأفاتار الكثيرين.
فما هو الأفاتار إذن؟ ولماذا يُسمّي صُنّاع هذا الفيلم بطلهم الصغير بالأيربندر، وكذلك يسمونه بالأفاتار!؟



التعديل الأخير تم بواسطة محسن خالد ; 02-04-2011 الساعة 11:05 AM.
محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-04-2011, 09:02 PM   #[4]
أسعد
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

أوووووووووووو يا معلم
كدي الندفق الأفكار المسبقة الفي كوبايتي دي
وأغسلها من ناس رجا ساير المطيري ومن شايعهم

عشان نفضيها للشغل الجديد دا



أسعد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-04-2011, 09:13 PM   #[5]
بدور التركي
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بدور التركي
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن خالد مشاهدة المشاركة
(1)
ظلالٌ فلسفية للأفاتار (الأيربندر الأخير)


هذه الكتابة أهديها إلى صديقي العزيز وجدي الأسعد، عليه السلام.


يا استاذ محسن سلاااام
شفتو الفلم دا وعجبني كثير
بس كانت في اشياء غير واضحة لي
الان فهمتو اكثر


يا بختك يا وجدي
تستاهل الهدية

حسي الغيرة قاتلة بابكر عباس



بدور التركي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-04-2011, 01:45 PM   #[6]
أسعد
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

يا معلم ما قولك في الآتي نصه:

The Last Airbender... هراء مبالغ فيه
رينيه رودريغيز
في فيلم The Last Airbender، أخذ الكاتب والمخرج م. نايت شيامالان سلسلة الرسوم المتحركة المحبوبة التي عُرضت على قناة Nickelodeon، بعنوانAvatar: The Last Airbender، وحولّها إلى 103 دقائق من الهراء المبالغ فيه والمتصنّع.
قد يستمتع هواة السلسلة التلفزيونية، الذين يألفون الخرافة المعقّدة لهذه القصّة عن حرب بين ميادين العناصر الأربعة، برؤية السلسلة تتحوّل إلى فيلم حركة حي عالي التكنولوجيا. بالنظر إلى المعركة المقتضبة التي تندلع في مطلع الفيلم بين المتحكمين بالنار والتراب، الذين يتمتع كل منهم بموهبة السيطرة على عنصره، تستنتج بأن كل ذلك العرض الذي تحملته حتى تلك اللحظة قد يتحول في النهاية إلى شيء رائع بالفعل. لكن الشخصيات لا تنفك تبرر نفسها وما عليها إنجازه، عوضاً عن التحدث إلى إحداها الأخرى، وتصبح الحبكة مجرّد ثرثرة.
يكمن السبب الرئيس وراء فشل The Last Airbender في أنه الجزء الأول من قصّة مؤلّفة من ثلاثة فصول، وحين تدرك بأن الفيلم سيأخذك فحسب إلى مرحلة مقدّرة في القصّة ويُختتم بنهاية مشوّقة، تتحوّل المشاهد إلى اختبار تحمّل. يُذكَر أن عنوان الفيلم الفرعي Book I: Water.
صوّر بيتر جاكسون جميع أجزاء Lord of the Rings الثلاثة الواحد تلو الآخر، لذا خلال مشاهدتك الجزء الأول بعنوان The Fellowship of the Ring، عرفت بأنك لن تصل إلى نهاية كاملة، لكنك ستشاهد أخيراً الملحمة بالكامل.
في المقابل، لم يُخرج شيامالان سوى جزء واحد من The Last Airbender، علماً أنه التزم بإخراج الجزئين اللاحقين، لكن مصيرهما وقف على ما يدرّه هذا الفيلم الذي بلغت تكلفة إنتاجه 150 مليون دولار أميركي في شبّاك التذاكر. يذكّر هذا الوضع إلى حد كبير بفيلم The Golden Compass، الجزء الأول ذو النهاية المفتوحة في سلسلة مفترضة تم التخلي عنها لأنه لم يستقطب عدداً كافياً من الجماهير.
بعد تقليص ما استغرق عرضه على شاشة التفزيون عشر ساعات في فيلم واحد متقلّب ومثقل بالصوّر المولّدة عبر الكمبيوتر، لم يفقد The Last Airbender قصّته الأساسية، وإنما روحها. يؤدي دور البطل آنغ، صبي يتمتع بقدرات فائقة وعليه تعلّم التحكّم بالماء، النار، والتراب قبل إحلال السلام بين الميادين الأربعة، نواه رينجر، ممثل يافع يؤدّي ببراعة حركات الرقص التعبيري المتقنة التي يقوم بها المتحكّمون بالعناصر خلال ممارستهم سحرهم.
لكن رينجر لا يتمتع بأي شخصية أو جاذبية، فظهوره على الشاشة ممتع ولكن غير مميّز. أمّا الشخصيات المحيطة به، مثل حارسيه كاتارا (نيكولا بيلتز)، وسوكا (جاسكون راثبون من فيلم Twilight)، فليست أفضل أداءً. لم يخرج شيامالان (مخرج أفلام The Sixth Sense، The Village، و The Happening) يوماً هذا النوع من الأفلام الملحمية الضخمة، ويبدو أنه مأخوذ بمتطلبات العمل التقنية، تاركاً الممثلين يتدبرون أمورهم بأنفسهم، بشكل رديء غالباً.
في المقابل، تتجلّى الشخصية الوحيدة المؤثّرة نوعاً ما في أمير النار زوكو (ديف باتيل من Slumdog Millionaire's)، الذي يريد اختطاف آنغ للفوز بحب والده واحترامه. إنه نموذج مألوف إنما جذّاب، يمثله ابن لحق به العار ويسعى إلى استعادة شرف عائلته، فضلاً عن أن أفضل المشاهد في The Last Airbender هي تلك التي يظهر فيها. أمّا باقي الفيلم فيتضمن ثوراً ضخماً يطير، تنيناً حكيماً يتحدّث بصوت رجل عجوز ومشاهد قتالية تستخدم مجدداً صورة زمن الرصاصة التي ابتكرها فيلم The Matrix.
قد يسر The Last Airbender الأولاد الذين يستمتعون بمشاهدة أبطال صغار يقاتلون شخصيات ناضجة. لكن على رغم أصالة السيناريو وعمقه، يبدو الفيلم مجرّد هراء سخيف ومبالغ فيه ({الماء تعلّمنا القبول، فدع مشاعرك تتدفق كما الماء}) مثقل بمظاهر ثلاثية الأبعاد مربكة تصرف الانتباه أكثر مما تضيف إلى الفيلم.
أفضل الأفلام الخيالية خفيفة وسريعة ومؤثّرة، فإن كان The Last Airbender عنصراً، لكان حتماً طيناً لزجاً وثقيلاً.




أسعد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-04-2011, 07:35 PM   #[7]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي

(2)

بتعريفنا للأفاتار، سنعرف الفرق الجوهري بين هذه الآلهة التي أطلقتُ عليها من باب التقريب والتسهيل "فقط" اسم الأيربندر، أعني "أتوم" و"شو"، وبين الأفاتار؟
كما ستفيد هذه المقاربات والتأملات بخصوص ما تحدثتُ عنه سابقاً في موضوعة البؤرات الثقافية للحضارة الإنسانية، التي بتوحيد العلوم لإنسانها، فلا بُدّ من إيجاد موئل ثقافي تَوَلَّدت عنه جَمِيُعُهَا، وهو بلدها الأم السودان، بفحص ما يكمن في هذا الإرث الفكري، المتناظر، والمتناسخ، من الأساطير، والألغاز، والأحاجي، والأمثال.. إلخ.
بأي حال، مفردة "أفاتار" مأخوذة عن اللغة السَّنَسْكِرتية(1)، أي الهندوآرية القديمة، وتدلُّ على الآلهة التي تتنزّل من السماء إلى الأرض، فـتتجلَّى، على النحو القرآني، كما تجلّى الله للجبل فخرَّ دكّاً حينما سأله النبي موسى أن يراه. ولكنّ الله في النهج القرآني لا يتجسَّد على النحو الهندي، في الكائنات، وهذا في عقيدة المسلم مما هو غير مقبول، ما خلا قلّة من المتصوّفة لها تخريجات تقل أيضاً عن حيّز التجسّد ومعانيه في الهندية. مثل من يعتقدون في "الحلول"، رُغم أنَّ مفاهيمه تقوم على نحوٍ مغاير بمعنى دفع طاقة الله بدلاً عن طاقة المخلوق. أي مثلما يرد في الحديث القدسي من أنَّ الله إذا أحبَّ عبداً (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصر به). وهذا أيضاً لا يفي بمعاني التجسّد في الهندية الذي يتم على نحو أسطوري، أكثر تجسيماً لمسألة أن يكون الإله مقيماً بجسد المخلوق.
ورُغم ذلك، فإله الهواء هو إله بكامل جبروته وقدراته الإلهية، بينما الأيربندر هو أفاتار فحسب، أي كائن أرضي حلّت فيه روحُ الإله فقط. وبخصوص هذا الفيلم تحديداً، هو إنسانٌ، تجسّدت فيه قدرات إله، بحيث حوّلته إلى أفاتار، بوسعه استخدام طاقته الذهنية في تسخير ما يشاء تسخيره من العناصر الأربعة، الماء، والهواء، والتراب، والنار. بينما يعجز الآخرون، من الممالك الثلاث الباقية، عن السيطرة على كافّة العناصر الأربعة، هم بوسعهم فقط السيطرة على العنصر الذي خُلقوا منه.
وغالباً يرتبطُ الأفاتار الحقيقي في الثقافة الهندية بتجسُّد الإله فيشنو Vishnu في الكائنات.
وهو بوسعه التجسُّد من خلال مخلوقات كثيرة، ولكن المخلوق الذي يهمنا الآن ونجده معروضاً في الفيلم هو السمكة، الواردة بصفة أنَّها روحٌ للقمر والمحيطات، كما وجد الكوماندور في الوثائق التي نهبها من المكتبة العظيمة بعد أن شَنَّ عليها غارة، من قوله بنفسه:
l conducted a raid
on the Great Library
والقمر كان موضوعاً مهماً للغاية، في الحضارات القديمة، وربما له مئات الآلهة والأسماء، ولكن ارتباطه بالأنثى شاعري وخصبٌ بالتساؤلات، فهناك على سبيل المثال في الحضارات السَّلتية الاسم الإلهي (سِرِّدونCerridwen ) وهي كلمة توجد حاضراً في اللغات الويلزية، كاسم لفتاة، وفي تقديري هي تسمية تتحدّر عن هذه الكلمة الإلهية القديمة.
والاعتقادات حول القمر، سواءٌ القديمة أو الحديثة، وفيرة للغاية ولم تنقطع عن دنيا الناس أبداً. ففي الأذهان ما صَرَّح به دكتور موريس شارلس قبل عدّة أعوام من أنَّ ربّاني المركبة أبولو 11 أبقوا في الكتمان لما يربو على الأربعين عاماً خبرَ التقاطهم في العام 1969م لتمثال من على ظهر القمر. ويقول الدكتور موريس إنّ التمثال كان لملاك مؤنّث جرى نحته من الحديد، ويستنتج من ذلك وجود حضارة سالفة كانت غايةً في التحضّر والإحساس بالجمال. وأقوال الدكتور هذه بالوسع مقارنتها مع الكثير من المنحوتات والنقوش للحضارات القديمة، الفرعونية بشقيها المصري والكوشي والمتوسطية واللاتينية.. إلخ. وأيضاً يمكن مضارعتها بالآية القرآنية التي تقول {أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون}، والآية الأخرى {أفأصفاكم ربّكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً، إنّكم لتقولون قولاً عظيماً}. فواضح أنَّ القول الذي ينسبه القرآن إلى أهل مكّة، من ربطٍ للملائكة بالإناث، يتحدَّر من إرث حضاري أقدم وأسبق نجده على منحوتات الحضارات الأقدم وأرشيف آثارها. أمّا ربطه بقول الدكتور موريس هنا، فهذه موضوعة أخرى لا أود الانسياق خلفها حالياً، وستجري مناقشتها ضمن نظرية الكوشرثيا. والمعلومة القصيرة التي أحب تثبيتها هنا، هي أنَّ حضارة المايا أيضاً تعتقد في إلهة للقمر هي إكس شيل Ix Chel، أو "سيّدة قوس قزح".
أمَّا الذي يهمّنا من الأسماك التي عرضها علينا الفيلم، بعد أن ربطها لنا بالتواضع والرقة، هو سعينا أكثر لربطها بأساطير تلك الحضارات التي يتحدّر عنها مصطلح الأفاتار "مباشرة"، وهي الحضارة الهندية التي تزوّدنا كذلك بأسطورة السمكة "ماتسيا"، وهي أول أفاتار كان للإله فيشنو.
ونشاهد بعدها قيام الكوماندور بقتلها في الفيلم، كي تموت روح القمر التي تستمد المياه قوّتها منها، فينهزم بناءً على ذلك جنود مملكة الماء أمام جنود مملكة النار، على حد فرضية الفيلم. ما يضطر ابنة ملك المياه لمحاولة افتداء تلك السمكة الحاملة لروح القمر بروحها، بعد أن تبرّنا بعبارة جميلة وعظيمة من كون الحب لا يكون من دون تضحية، ملمّحة لعلاقتها البادئة لتوّها مع الشاب فتُغْرِقُ الشابّةُ روحَهَا في النبع لأجل إنقاذ تلك السمكة-روح القمر، فيما يشبه تبادل الأرواح. لأنَّ الفتاة بالأصل كانت قد وُلدت دون حراك والقمر هو الذي وهبها الحياة، أو روحاً من عنده.

--------
(1) إضافة ألف للمفردة (avatara) تغيّر معناها تماماً لتصبّح تجسّد الشيطان في الحُرّاس ما يحيلهم إلى وحوش سادية تتلذَّذ بتعذيب البشر. القاموس الهندي، الإنجليزي.



محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-04-2011, 08:00 PM   #[8]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي

يا وجدي، ياخي زولك دا زول ساكت، عشان اسمه اسم خواجات وألا شنو يعني؟
بتفق مع ملاحظة أو اتنين ليه حول الممثلين تحديداً، ما عدا ذلك كلامه سجمان بألله واحد. يا عملات الشوام ما عارف ذاتو الله حاطو وين؟ ولا فاهم الفيلم دا بقول في شنو!؟
صحيح الولد نوح كان فعلاً ضعيف في التمثيل ولولا المشهد الخاتم الذي رفع به مياه المحيط للأعلى لما ترك في ناقد محاصص مثلي أدنى انطباع حسن، بالرغم من أن ملامحه الفيزيكية تشبه الدور بشكل خرافي.
لكن نيكولا التي أدت دور كاتارا، كانت ساحرة بالجد، وتكسّر عديل، كلام هذا الصحفي عنها كلام لا أساس له من الصحة. الشافعة دي جن مصرّم، وخرتت حتى الممثلين الناضجين المعاها.
الممثلون الكبار، ما فيهم كلام من طرف.
أما الفيلم من ناحية فيلم فيلم، فمبالغة، ومن ناحية تكنولوجيا تكنولوجيا فخرافة، صورة وصوت وسيناريو، ومما جميعه.
هذا الفيلم لو صحيح كسر في السوق تبقى حكمته بالغة، إذا فيلم زي بتاع (برات) بنجح في السوق، فهذا السوق سجمان.
أصلو سجمان، وأي زول بعرف يشوف سينما كويس بعرف إنه سجمان في المجالات كلها، وليس السينما وحدها.
التفاعل البشري في إجماله، بخصوص المعرفة، والفنون، معاً، محتاج لسمكرة.







محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-04-2011, 05:10 AM   #[9]
منعم ابراهيم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية منعم ابراهيم
 
افتراضي

سلامات يا محسن ...
أفاتار من أميز الأفلام الامريكية في الفترة الاخيرة.. وأعتقد بأنه يعالج قضايا كثيرة ومعقدة في مساحة زمنية ضيقة .. ويحكي أيضا عن رحلتين مختلفتين في الزمن الأرضي.. رحلة كولومبس وتوابعها عن الإبادة الجماعية للنيتف أميركن " الهنود الحمر".. وإعادة نفس سيناريو البحث عبر المجرات .. ومسلسل الإكتشافات الخارجية
والتي تلتقي مع مفردة الإيربيندر .. عبر الإشارات الرمزية للفضاء ..الذي يأتي منه الماء
والأنواء والضوء وهي عناصر القوة والطاقة..رسالة الفلم هي إحترازية من التقدم في إستخدام التكنولوجيا كقوة لإخضاع الشعوب الآمنة ..هنالك تداخل عجيب بين زمنين
زمن يعني بالإشكالات الإنسانية التي خلفتها الثورة الصناعية وإحتياز القوة لدي المجموعات الأوربية ثم توظيف هذه القوة لإخضاع الضعفاء ..الزمن الآخر هو زمن متخيل إفتراضا .. له علاقة بحرب متوقعة إذأ ما كانت هنالك أحلاف على الكواكب
الأخرى كـ" إليانز" أو أجسام تختلف عنا في وجودها بأبعاد مختلفة يستطيع الكشف عليها بواسطة الطاقة ... بالمناسبة لغاية هذه اللحظة وأنا أعيش في مناطق الهنود الحمر " البيما" الأباتشي" النافاهو" وغيرهم .. أي قبيلة لها شعار مختلف عن الأخرى والي هذه اللحظة لهم قناعات بأنهم ذات يوم سيطردون كل الغرباء بمجرد أن يعود رمزهم الشعار " كطائر الفينيق" أو " الديناصور" أو الوايلد هورس"
" أو التنين ". على حسب روايتهم.



التعديل الأخير تم بواسطة منعم ابراهيم ; 21-04-2011 الساعة 05:14 AM.
منعم ابراهيم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-04-2011, 01:00 PM   #[10]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي

منعم إزيك ياخ
مداخلتك دي غاية في الجمال
وبتتكلم من جُوّه اللعب
يؤسفني أنني لم أرَ سلسلة الأطفال التي سبقت هذه الأفلام، ولكنني رأيتُ فيلم الأفاتار الآخر، والأيربندر الأخير هذا.
العمل عناني ومسّني، لأنَّه يُعَوِّل على الثقافة الشرقية من منطلقها الروحاني بالمفهوم السائد عن الروحانيات، حاكم لدي تنظيرات جديدة لماهيّة الروحانيات الأصلية، كيف كانت، وما هو عقلي، وكيف كان في الماضي.
وكما قلتَ، مما معناه، تنتهي عصور الرأسمال في المناحي كلّها، لحرب الطاقة والوقود والسيطرة، ودحرها لعداها من ثقافات الإنسانية، أو إبادتها.
مثلما رأينا الكولنيل العسكري في فيلم الأفاتار الأقدم وهو يبيد شعوب الأفاتار ويجتث الشجرة "معين" الحياة، المتحدِّرة فكرتها عن الوثنية الكوشية، ليقيم مدينة الحديد والرأسمال.
وهي بالأصل الشجرة المُحَرَّمة من الجنّة الإلهية التي أكل منها حواء وآدم، فطُرِدَا، وعليه فقد تأسّست الحياة الثانية هذه امتداداً لتلك الشجرة وللعنتها، والوثنية السودانية حملت مفاهيم خاطئة ما عن تلك الشجرة.
وكما رأينا كذلك، أمّة النار في هذا الفيلم تبيد المونكس، أو "رهبان" الأيربندرز وتسيطر على الأمم الأخرى، لتقيم هي أيضاً مدينة الحديد والرأسمال، والكلام سيأتي فيما هو قادم لي من حديث.

ياخي شكراً على كلماتك، المن جُوَّه اللعب، وذائقتك طالعة معاي كدا (هنا علامة، إشارة، بتاعة شَرِط) هههه



الثعبان هو أبب Apep جَدُّ الكوشيين، والـكاديس Cat -كما يقرأ بعضهم الحيوان الواضح في الصورة- هو رع Ra جَدُّ المصريين، تأمَّل الشجرة. (الحيوان دا في ذمتكم كديس وألا صَبَرَه!؟) راجع رابط الصورة على الويكيبيديا.
كا، هي الروح، ورا هي روح البشري، لحين اكتمال تدابير شرحهما كاملتين، هذا للمتابعين مادَّة زهرة الغرق.



محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-04-2011, 02:53 PM   #[11]
nezam aldeen
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية nezam aldeen
 
افتراضي

الأستاذ محسن خالد

حقيقة أول مرة أقرأ حاجة ذي دي

حقيقي شئ مميز



التوقيع:
يااااااااوجع الإحساس بالجمال
وياااااجمال ما أحس من وجع
nezam aldeen غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-04-2011, 06:00 PM   #[12]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي

محيي الدين، ياخي كتّر خيرك على التشجيع
وحبابك
كن بألف خير



محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-05-2011, 09:21 PM   #[13]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي

يا وجدي سأنشر مداخلتي هذه هنا، ما دامت قد تعلّقت ببوست لم أكن أعرف شأن صاحبه، فمُحيت مع البوست.


-----

الجسد من نعم الله علينا، التي بوسعنا أن نساهم في تطويرها وتربيتها، ولكن في الغالب أجد نفسي لا تميل إلى الحديث عن هذه النقطة إلا بقلب الفنون لأنَّها من المزايا التي لا يعود توجيهها إلى الإنسان بشكل جوهري.
في الحقيقة الإنسان لا يمتلك شيئاً، لا على مستوى الجسد ولا العقل ولا الفؤاد، بحيث يعود توجيهه للإنسان بشكل جوهري، فكلّه نعمة وعطاء من عند الله ويجب تعبيده وتديينه لله.

لا أحب الحديث عن الجسد خارج الفنون، ولكن ليس من حق أحد أن يُملي على الناس ما يفعلونه بأجسادهم ما لم يؤسّس بالفعل لما يود قوله من إفادة.
هناك أحد أعضاء هذا المكان اسمه وجدي الأسعد، قام بالإساءة إليَّ جسدياً على نحوٍ بالغ، خشيتُ معه من تراكم بورتي أكثر مما هي متراكمة، فهلا سمحت لي (...) بنشر بعض الصور العارية لي، كي أسترد اعتباري الشخصي في وجه هذا الشخص.
لماذا؟
لأنّني في ماضيّ كنتُ أهتم جداً برياضة السباحة وكمال الأجسام، وقد أنفقتُ حيناً من الدهر في ترتيب جسدي رياضياً، كنتُ أنوي الكثير بخصوص الاستفادة من هذا الجسد، ولكن مشاغل دماغي لم تسمح لي بذلك.
يقول هذا العضو ساخراً مني
اقتباس:
الصورة دي قبل كم سنة؟!
لانو ما أظنها تكون صورة حديثة
الزول دا بعد معافرتو في حفرو البسويهو دا
المفروض جسدو يكون زي جسد تريفور في فيلم THE MACHINIST
وجدي الأسعد

والتحقت به شابة أخرى لتسخر منّي "ربما" بقولها
اقتباس:
أهن لقيتي المقاسات كيف؟؟
تماضر
وعاد هذا المدعو وجدي مرّة ثانية ليضيف لسخريته

اقتباس:

هي يا يمة هيييييي
سلفستر بي وين
انا قصدي تريفور (كريستوفر بيل) بتاع فيلم الميكانيكي

بعدين يا منقة اعملي ابديت
المعلم دا ما يغشك بالصورة دي
الصورة دي شكلها قديمة
لأنو أثار ممارسة رياضة (حش البرسيم) لسة موجودة في ساعديه
حاليا المعلم دا روحو سحقت جسده
والكوشيرثيا بتكون رقدتو سلطة
المدعو وجدي
http://sudanyat.org/vb/showthread.php?t=20000&page=7

انظر (أخي ...) إلى أي مدى بلغ استخاف هذا المدعو وجدي بجسدٍ للاعب سباحة على مستوى إقليمي (هذه من الأقاليم وحش البرسيم!). فأرجوك أرجوك أن تسمح لي بنشر بعض الصور العارية لي، كي يرعوي ويمسك الشارع من عدله، فهلا أذنت لي؟
كي أثبت له أنَّ سيلفستره هذا، إذا أخرج فنيلته وتصوّر عارياً، فما هو إلا رُبطة برسيم ملكدمة ساكت، ولا تخلّل فم الغنماية الطموحة.
وسأراهنه على أن يستخرج عيباً واحداً مما سأنزله له من صور عشوائية مأخوذة بكاميرا موبايل ساكت، سواءً على مستوى البنية، أو الأطوال، التناسق، التدرّج، الانحراف، الارتكاز، التجويفات، الامتلاء... وإلخ مما لا علم لهذا المتشدق به، ولن يجد خللاً واحداً.
فهلا أذنت لي أخي في الدفاع عن جسدي بجسدي، وشكراً
الصورة البتتكلم عنها دي يا وجدي جابوها من الفيس بوك. لو أخوك داير يجيب صور، بفرش للناس كلهم ومن طرف، هنا قدام الجميع. بعدين أنا ديمة علي بغشوني، والله يوم واحد ما غشيت زول في الدنيا دي، عشان كدا ربنا عارفني نضيف بالجد، فبحن علي وبقسِّم لي من فضلو، ما لا أتوقعه أنا نفسي، ولا يتوقعه الناس، شفت كيف؟
مشتاقين

------------
أيووة اتذكرت.
الصورة بتاعة الزول النزلتها ديك يا (..)، بتذكّر زمان لما نزلوها دينا خالد، ودي بت عينها قوية كدا، قعدت تجقلب وتعمل في حركات عجيبة، متناا، واتكسرناا، الرووب، مش عارف إيه! برغم كمية الفمينن -ودي خلقة ربنا لا شيء كعب ولا سمح- الموجودة في بِنْيَة الولد دا نفسها، وليس وجهه فحسب، والحاجة دي بخصوص البِنْيَة عند الناس الشفوت الزيي ديل، وعند ناس الرياضة تحديداً، بتوريهم إنو دينا دي كيشة وبس، ومجرّد زولة نباصة ساكت، ما بتعرف سماح الرجال من حتتو التي ينبغي.
يعني فهمها للسماح ياهن الناس البجيبوهم في علب الحلاوة ديك!
أهو كدا، نعمل عصافير كتيرة في قفّة واحدة، قلت شنو (...)؟
نجيب الحاجات ونفرش وألا يفتح الله؟

من هسع الصور عريانة لحدٍّ ما، على نحو صور ناس كمال الأجسام بقدرٍ ما.



التعديل الأخير تم بواسطة محسن خالد ; 16-05-2011 الساعة 09:55 PM.
محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-05-2011, 09:49 PM   #[14]
محسن خالد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محسن خالد
 
افتراضي

(3)



والأسطورة السَّنَسْكِرتية تقول إنّ السمكة ماتسيا قتلت الديمون، أو الروح الحارسة، لأجل تخليص مانيو، آدم البشر أو جدهم الذي تحدّروا منه، وملك الأرض الأوّل.
ولكن الأسطورة الهندية تربط مانيو هذا بالفيضان، ليعادل النبي نوح لدى ما عُرِف بالكتب السماوية. والمصادفة الطريفة هي أنَّ الفتى الذي أدَّى دور الأفاتار في الفيلم اسمه الحقيقي "نوح رينقر" يُبادد ذلك الاسم، رُغم الاختلاف القليل في النطق. أي هو الاسم عينه الذي تدفع به الكتب السماوية كاسم لنبي الفيضان. أمَّا قصته في القرآن التي تقول إنَّ السفينة قد رست على "الجودي" ما فسّره العاملون على القرآن بأنّه اسمٌ لجبل. فنجد أنَّ الأسطورة السنسكريتية تقول في المقابل إنَّ السفينة قد رَسَت على جبال الملايا.
وتضيف الأسطورة، بما يُبادِد نصّ القرآن تماماً، إنَّ مانيو كان بأسفل الجبل وجاءت المياه حتى ارتفعت به إلى القمّة.
وبقتل الكوماندور في الفيلم للسمكة، روح القمر، نلمح بالخارج انطفاء معالم الحياة. بالضبط، كما رأينا في فيلم أفاتار الآخر، أنَّ معالم الحياة أيضاً تنطفئ حينما تقوم الجيوش باقتلاع الشجرة التي ترتبط بها منابع النورانية المؤسّسة للضياء، الذي يأتي عن نظام داخلي، روحاني، أهم وأعقد من نظام الخارج الذي ينبني على علاقات الكلوروفيل والضياء الملموس. هذا، غالباً، تحت زعم القصص القديمة التي تربط الحياة ببعضها بعضاً، وهنا بقلب فيلم الأيربندر تسطع الإسكرين في احمرار باهت، جَرَّاء الفعلة الشنعاء لأمة النار هذه. وهي فعلة سيتأذى منها الجميع كما قال الأمير.
وفي هذا تحضير لأجواء الفيلم ذاتها وللمشاهد، لأجل تجلي الإله في الأفاتار نفسه، ولذلك المشهد المهيب والعظيم الذي يقوم فيه الصبي رينقر بتحريك المحيط لما فوق سفن أمّة النار، ونلاحظ أيضاً أنَّه لا يؤذيهم أو يقضي عليهم، كما جاء في كلمات التنين له، من كون الأفاتار لا يكره، ويقوم بدوره تجاه الناس أجمعين. التحضير هذا كان ضرورياً بقتل السمكة-روح القمر، وانطفاء شيءٍ من روح العالم، وبلوغ العالم بذلك ذروة كُبرى من اليأس والفساد، ولنقرأ متى يظهر الأفاتار من النص الفعلي لـ"الغيتا":

Whenever righteousness wanes and unrighteousness increases I send myself forth.
For the protection of the good and for the destruction of evil,
and for the establishment of righteousness,
I come into being age after age. ”
(Gita:4.7–8)

فهذا النزول للإله، والتجلّي، أو التجسّد وبزوغ الأفاتار، يحدث بناء على نص الغيتا عندما تتضعضع الاستقامة ويعم الفجور. لأجل حماية الخير ومكافحة الشرور، ولتشييد الفضيلة من جديد -لذلك فالإله يخبرنا- بمجيئه للوجود حيناً بعد حين.
وكما أسلفت، فالأسطورة ترد هذا القدوم الأوّل، أو تزعم بأنَّ الأفاتار الأوّل تحقّق عبر سمكة، هي السمكة "ماتسيا". وهي سمكة صالحة، حسب مفهوم ثقافتها، ومقدّسة مثل الأسماك ليبتوس وفاغروس وأكسورنيشوس عند الفراعنة. أمّا سمكة الكانومي Mormyrus kannume فيقال إنّها هي التي أكلت الأعضاء التناسلية لأوزيريس في الأسطورة الشهيرة عن موته وتقطيع جسده ورميه في النيل وبحث زوجته بعد ذلك عنه.
كما هنالك الإلهة "حات محيت" وهي إلهة السمك التي تُصوَّر في شكل سمكة، أو امرأة تحمل تمثالاً لسمكة على رأسها. وفي الفيلم نلاحظ أنَّ معبد رهبان الهواء مُزَيَّن بنحوت لأسماك كذلك. من المؤكّد لاستنهاض أسطورة ماتسيا في الأذهان، بوصفها الأفاتار الأوضح للإله فيشنو. أمّا بربط القمر والأسماك معاً، من الأسطورة الفرعونية فتدلنا على بداية الصراع مع الديمون من أسطورة أوزيريس، وإن كان فيها القمر يتضح جلياً ولا يموت كما في الفيلم.
والفيلم، باختصار، ينبني من ممالكٍ أربعٍ، هي مملكة الماء، ومملكة النار، ومملكة التراب "الأرض"، ومملكة الهواء. ونجد هذه الرباعية متجسِّدة في شكل أممٍ حقيقية منفصلة عن بعضها بعضاً، وفي ذات الوقت متداخلة. وتعاني من فوضى شديدة وحروب عالمية استطاعت أمّة النار أن تكسبها وتفرض سيطرتها على باقي الأمم وتستعبدها. مع فرضية أنَّ أية أمّة من هذه الأمم تستطيع أن تتحكّم في العنصر الذي خُلقت منه فقط، أي لها هؤلاء البيندرز، ما يشبهون الكهنة، أو المتحكمين بشكل أكبر في مادة وجودهم. أمّة النار تستطيع أن تتحكم في النار وتستخدمها على النحو الذي تشاءه، وكذلك أمّة التراب أو الأرض تتحكّم في التراب، وأمّة الماء تتحكّم في الماء وحده. باستثناء أمّة الهواء، فالفرضية التي يطرحها الفيلم أنّ هذه الأمّة هي الوحيدة التي بوسعها أن تتحكّم في العناصر الأربعة مجتمعة. وكل فرد من هذه الأمم يعرف بالبندر حسب أمّته. الفَيَرَبندر، الناري، بالنسبة لأمّة النار. والأيرثبندر، الأرضي، بالنسبة لأمّة الأرض أو التراب. والوتربيندر، المائي، بالنسبة لأمّة الماء. والأيربندر، الهوائي، الذي يمثّله هنا الطفل، بطل الفيلم، بالنسبة لأمّة الهواء. التي كانت قد تعرّضت لإبادة ولم يتبقَّ منها سوى هذا الطفل، الذي يعرف بالأيربندر، وكذلك بـأفاتار Avatar، لندخل بذلك في مستوحياتٍ لتراكيب وتعقيدات حضارية ثانية مستمدَّة من الكتاب المقدّس.
فهذا الإيربندر الذي نراه في الفيلم، هو في الحقيقة كاهن، ويرتدي زي الكهان في الثقافات الشرقية ونظراً لصغر سنّه فهو لا يجيد بشكل كامل الاستفادة من قدراته وقد كان يتدرب في ما يشبه الأديار الشرقية الهندية والصينية وغيرها، لفنون الروح المرتبطة بالجسد. وتقوم أمّة النار بقتل أساتذته في الدير وزملائه الصغار. ويبدو أنَّ ذلك قد تمَّ بمساعدة خائن ما، ففي الأحداث المتقدمة جدا من الفيلم يتم القبض للمرة الثانية على الإيربندر بمساعدة كاهن هواء، بينما الأيربندر كان يحسب أنّ الجميع قد مات، مع زملائه وأستاذه الذي يظهر معه في الكثير من اللقطات الصامتة، فيما يشبه أن تكون تلك العلاقة بينهما على درجة كبيرة من الحب، والود، والترابط الشديد. هذا الكاهن هو الخائن إذن، من بقي حيّاً، والذي أوقع بالدير الذي تفوق إمكانات كهنته بقية الأمم. فالخيانة هي ما يفسّر كيفية تمكّن أمّة النار من السيطرة على أمّة الهواء أيضاً، التي تفوقها من ناحية القدرات.
والكاهن يقول له بعد أن يستدرجه لجوف المعبد، كي يُلقى القبض عليه هناك، لقد عشت في فقر بسبب غيابك يا أفاتار، ولذا ستغفر لي ما حدث اليوم! ثم يدس أحد الضباط بعدها مبلغاً من المال في يد الرجل، كثمن له ومكافأة لقاء استدراجه الأفاتار إلى باطن المعبد كي يقبضوه، فهو ما يزال صغيراً ولم تكتمل تدريباته بعد.
وبسؤالنا عن لماذا هو صغيرٌ بالأساس، وكيف أصبح كاهناً؟ وهل هنالك دوال من ثقافات أخرى بوسعها ربط الطفولة بالنار والتجسُّد والقرابين؟



محسن خالد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-05-2011, 10:41 PM   #[15]
الجيلى أحمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الجيلى أحمد
 
افتراضي

يامحسن فى الفيلم بتاع (انسبشن ) دا داير ليهو فرتقة
ضلفة ضلفة

يسعد مساك ياصاحبى



التوقيع: How long shall they kill our prophets
While we stand aside and look
Some say it's just a part of it
We've got to fulfill de book
Won't you help to sing,
These songs of freedom
'Cause all I ever had
Redemption songs
الجيلى أحمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 08:01 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.