أسرار بابكر .. صوت معتق في زمن الحداثة !!
صباح اليوم رن هاتفي عدة مرات ولم استطع الرد عليه ..
فقد كنت شديد الارهاق بسبب ( نزلة) فشلت كل محاولات احتواءها الا محاولة واحدة
وبعد ان استرددت بعض العافية راجعت هاتفي فوجدت عدة" مسكولات" كان ابرزها رقم المغنية اسرار بابكر هذه
الفنانة صاحبة الصوت الخرافي.
عدت اليها، فقد كانت تبحث عن صور قديمة كانت بحوزتي لنشرها ضمن حوار صحفي.
الحت علي عبر الهاتف ان اشاركها حوار ستجريه مع صحيفة انجليزية تصدر في الخرطوم
لم يسعفني الوقت لحضور اللقاء فجئت متاخرا، لكني حضرت جلسة ولا احلى شارك فيها عدد من الزملاء الصحافيين وشقيقة الاخت اسرار(ماجدة) ورئيس تحرير الصحيفة الانجليزية الذي اعترف علنا بوله باداء اسرار الفني.
غنت اسرار بصوتها المجرد: (راحت عليك) وهي احلى الاغنيات التي تضمنها الالبوم الاخير الذي حمل اسم ذات الاغنية.
وابدعت عندما صدحت تغني: انا السودان
ويا زمن وقف شوية للراحل ابراهيم عوض
تخاصم يوم لابراهيم حسين
خرجنا سويا، طلبيت اليها ان تغني لما تحكي الذكريات كنت بحكيها بأمانة لعثمان مصطفى
لم تنتظر، اخرجتها لحنا مموسقا عجيبا
لقد كانت نهارية حافلة احالت مناخ الخرطوم الغائط الى دفئ لذيذ
إفترقنا على إتفاق لموعد اخر، عدت ادراجي والشجن يملأني حتى الثمالة، هذه فتاة عبقرية، تذكرت حوار كنت قد اجريتها معها قبل أشهر انشره تاليا:
[align=center]صوت ( معتق ) في زمن الحداثة [/align]
[align=center]المغنية أسرار بابكر: أنا تربية حبوبات !![/align]
الخرطوم – خالد سعد:
أسرار بابكر المغنية الصاعدة بسرعة البرق.. صوت يبدو نادرا هذه الأيام وسط زوبعة مغنيات ( راجل المرة ) و(سنتر الخرطوم) ، فهي لا تقوم بأداء ما يسمى زورا بأغنيات البنات ، ولا تملك القدرة على (الغنج ) في (هجيج ) الحفلات العامة ، ولكنها تمتلك ثقافة فنية لا بأس بها وقدرات صوتية لا تضاهى من بنات جيلها من المغنيات الجدد ، فضلا أن أسرار تميزها قدرتها الفذة على البحث المستمر عن الألحان الجميلة والأغنيات الرائعة في مسعى يبدو وكأنه يعيدنا الى زمن الغناء الجميل ، فأسرار ذات الصوت الشجي المريح لا تقف فقط على إعادة إنتاج الأغنيات العذبة لفنانين كبار ، لأن لديها من الألحان الخاصة ما يكفي لمزاحمة مطربين مشهورين يحتكرون أسواق الكاسيت منذ سنوات .
والمغنية أسرار تزعم أنها تربية ( حبوبات ) ، ويظهر ذلك في سلوكها الإجتماعي وأزياءها الكلاسيكية الأنيقة ، ولكنها شربت من ذات كأس الفن الذي صادف أن والدها أحد سقاته المخضرمين في ناحية العزف على الة الكمان الساحرة ونظم الالحان وحتى التغني بها ، وهو أمر ساعد صاحبة ( الأسرار) على تجاوز العديد من المصاعب التي تواجه بنات السودان للولوج إلى هذا المجال المصنف في قائمة المجالات الخطرة والمثيرة في ان واحد ، وتقول أسرار في الخصوص إنها من أسرة فنية ، فإلى جانب والدها عازف ( الكمنجة ) الماهر هنالك عمها شقيق والدها الذي يعزف على الة العود ، وأهلها المقريبن من المحبين للشعر والادب ومن الذين يقدرون فن الغناء .
وساهم التشجيع الذي لقيته أسرار في بداية حياتها من تلك الأسرة الفنية ، إلى جانب إدراكها بأنها ليست الأولى كإمراة في عالم الغناء في السودان ، بجزء كبير في حماسة إنطلاقتها في مشوارها الفني ، فهي تقر بأنها ليست مميزة كونها دخلت هذا المجال ولكنها إضافة لعشرات المغنيات السودانيات منذ منى الخير وعائشة الفلاتية وحتى أحدثهن ، وقد بدأت أسرار الغناء مبكرا منذ التاسعة من عمرها ، وذلك بترديد أغنيات للمجموعة النسائية الاشهر البلابل والفنان عبد الكريم الكابلي ، وتغنت أيضا بالحان لمطربين اخرين مثل إبراهيم حسين في ( يخاصم اليوم ) وصالح الضي وغيرهم من فناني الجيل الذهبي للغناء.
وعندما كانت فرقنا الرياضية المهووسة بالتسجيلات تعود للخرطوم محملة بالهزائم من المنافسات الخارجية ، وحين كان السودان يتعرض للإدانات السياسية الدولية ، عادت المغنية أسرار بابكر في العام 2003 بذهبيتين للسودان عن مشاركتها الباهرة في مهرجان الأغنية العربية الدورة الحادية عشر الذي أقيم في المغرب بمشاركة 14 دولة عربية ، وأذيع إسم السودان على مسرح المهرجان لمرتين لحصوله على جائزة أفضل نص للأغنية التي أدتها أسرار وهي من كلمات الشاعر مهدي محمد سعيد وجائزة أفضل لحن للموسيقار محمد حامد جوار .
وتذكر أسرار إبان مشاركتها في مهرجان الأغنية العربية بالمغرب ، القبول الكبير الذي لاقته الأغنية السودانية وسط الحضور الفني المتخصص والجمهور على السواء ، وتضيف انها عرفت من منافسيها الاخرين مدى إنتشار الاغنية السودانية وذيوع إسماء مثل الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي والراحل سيد خليفة في الساحة العربية ، لذا فهي لا توافق على القول بأن العامية أو الموسيقة السودانية عائق أمام إنتشار الغناء المحلي على المستوى العربي أو الافريقي .
وتتحدث بإمتنان جدير بالإحترام عن مغنيات رائدات مثل عائشة الفلاتية والبلابل ومنى الخير والأخيرة تعتبرها أسرار من أجمل الاصوات النسائية في تاريخ الغناء بالسودان ، وتضيف إنه لولا هذا الجيل من المغنيات لما كانت أسرار بابكر الان .
وتضايق المغنية أسرار ، بعض الصحافيين الفنيين الباحثين عن الإثارة ، عندما تتحفظ في الحديث عن إرتباطها العاطفي أو التعليق على الشائعات العديدة التي لابد وأن تطالها كونها تشتغل بالغناء ، ولكنها تشير إلى أنها عادة لا ترد على الشائعات خاصة عندما تترتبط بحياتها الشخصية .
وهي أيضا تتحدث بدبلوماسية عن زميلاتها في هذا المجال ، وترفض تصنيفهن ، وتقول أن معظمهن يحظين بموهبة الصوت الجميل ، وتحاجج بشدة في تسمية ما يرددنه المغنيات الان بـ " أغاني البنات " ، وترى أن الغناء هو فن لا يتجزأ بالتسميات على شاكلة أغنيات البنات والشباب.
ولما كانت أسرار تدرس بكلية الموسيقى في عامها الثاني ، فهي تعلم عن الأصوات والنوتة الموسيقية ، مما يضيف إلي جهدها المتواصل في مواؤمة الألحان والموسيقى التقليدية مع الأكاديميات والتقنيات الحديثة ، وتشير إلى تجارب ناجحة في هذا المجال كتجربة المغني الشاب عصام محمد نور التي تحظى بقبول واسع من قبل المستمعين ، وتعمل أسرار الان على تسجيل أول إلبوم يحوي أغنيتين جديدتين الاولى بعنوان "راحت عليك " والاخرى " ست البنات " والأغنيتين من كلمات الشاعر إسماعيل الإعيسر والحان محمد حامد جوار.
ومع كل الحس الفني الذواق الذي تختزنه أسرار ، كان لابد أن يماثله شعور إنساني نبيل في تعاملها مع الاخرين وعمل الخير ، فهي شاركت مؤخرا في حفل تكريم إحدى الشابات المناضلات بالقلم من بنات درافور ، وتبدي حماسة أكبر للمساهمة في حفل يقام في الدوحة لصالح حملة الأمل ، وهي حملة تهدف لعلاج شابة سودانية سمراء في مقتبل العمر مصابة بمرض تليف الكبد .
أخيرا .. ورغم كل ما حققته أسرار حتى الان ، فهي ما تزال قلقة على مستقبلها المهني ، وتنشغل بشدة في كيفية الاستمرار في العطاء الفني بمستوى راق وتقديم الأعمال الجديدة التي ترضي طموحها وطموح جمهورها ، و تعرف أنه مشوار غاية في الصعوبة ، بيد أنه يستحق التضحيات .
|