(...)
انه صديق (صبا) لن أنساه ماحييت!...
كم أدين له بفراسخ من سوح الوضاءة في فكري ...
وأنهر من أمواه الجمال سقى غزير دفقها غرس تذوقي للحياة!...
مرّت عليه من السنوات مايزيد عن أصابع الكفين والقدمين... منذ أن فارق أرض السودان...
أعتدت زيارته حيث كان يقيم في أحدى الدول الأوربية...
لكني كنت أجده يأطرني أطرا الى تغيير مجرى الحديث كلما سألته عن السودان وأخباره!...
...
ظل طوال سنواته تلك يرسل -شهريا- الى أمّه وأخواته اللاّئي تزوج ثلاثتهن (فيما بعد) ...مايفي ويزيد عن متطلبات الحياة (من خلالي)!...
أخذ منّي عهدا غليظا بأن لاأخبر مخلوقا عن مكانه (حيث كان)!
وقد أوفيت بذاك العهد الى يومي هذا!...
الاّ اني كم كنت أستغرب عزوف أمّه من السؤال عن مكان أستقراره ...
تظل تبكي كلما التقيتها خلال أجازاتي الى السودان ...ولا تزيد على أن تسألني أن كان بخير أم لا!...
...
قبل سنوات ...
وصلتني منه رسالة! ...
...
(صديقي الذي أعز وأحب عادل
أستودع الله دينك وأمانتك
أنا في طريقي الى مكان آخر في مناكب أرض الله هذه
لا تنشغل بي ياعزيزي فسأكون بخير بحول الله
سأسعى للأتصال بك يوما ما
لا تنساني من صالح دعائك ياصديق
صديقك (.......)!!
...
مضت مذ ذاك سبع سنين (حزينات) وأنا في الأنتظار...
...
التقيت أمه في أحدى أجازتي اللاحقة فاستحلفتها بأن تضئ لي ماعتم من جوانب الصورة...
رفضت أمّه (الكبيرة في سنّها) وأجهشت في بكاء أندمني على سؤالي ذاك!...
...
بعد أيام ...
أتصلت بي شقيقة صديقي الكبرى ورجتني أن أزورها في دارها!...
في البدئ ...أخذت منّي موثقا بأن لا أخبر أمّها ...وأن لا خبره هو أيضا أن جمعني الله به...
فأقسمت لها بالوفاء...
قالت وهي تبكي ...
أمي قد تبنّته (من جهة ما) وأسمته باسم زوجها (أذ لم تكن تدري بحرمة التبنّي حينها)...
كبر صاحبك والتحق بالجامعة ...وخلال ذلك أحب أبنة عمنا وعزم على الزواج منها...
تخرّج بتفوق ...وحضّر (الماجستير)... فعُيّن معيدا في ذات الجامعة ...
ظلّ أبي يحاول جهده ان يثنيه عن فكرة الزواج من أبنة أخيه دون جدوى...
لقد كان يخيّل اليه بأن أبي يتأبّى عليه لحالنا ...أذ كنّأ فقراء دون حال أسرة عمّي الغنية...
وجاء يوم...
ذهب فيه لوحده الى بيت عمي...
...
ما كان منا الاّ أن علمنا -من بعد سفره- بأنه قد قابل زوجة عمّي التي واجهته بالحقيقة!...
...
..
.
قالت لي بأنه لم يبد لهم شيئا يومها ...
وقام بأجراءات سفره دون علمهم ...
ثم انقطعت أخباره ...الاّ من خلالي!...
...
..
.
|