القوة والضعف فى شخصيات الطيب صالح الروائية !!! عايد عبد الحفيظ

هايكو لا للحرب - للشاعر عبدالله جعفر !!! نصار الحاج

مصطلحات عامية سودانية !!! المرحوم فيصل سعد

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > الســــــرد والحكــايـــــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-05-2012, 02:39 PM   #[1]
أسامة شيخ ادريس
:: كــاتب جديـــد ::
الصورة الرمزية أسامة شيخ ادريس
 
افتراضي خرج ولم يمت (قصة قصيرة )

ارتدت أمى ثوبها على عجل لفته حول خاصرتها وإسترسلت به الى أعلى كتفيها حتى رأسها فناولتها أختى الصغرى منديلا لتلف به شعرها الأشعث غير الممشط ولكنها لم تهتم ..تماما كأهمالها أن تغسل يديها من آثار الملوخية والتى نفضت يديها منها فور سماعها النبأ الذى ساقته اليها أختى القادمة لتوها من المدرسة
دخلت أمى إلى غرفتى كالعاصفة وهى تأمرنى بأنفعال
- (قوم سريع ...أترك مافى يدك .... ستمشى معى الى بيت (صفية بت حمد) قالوا ولدها رجع من الحرب مُصاب
صفية بت حمد ؟...
سألتها باستغراب
لم يكن منزل صفية بت حمد بعيداً فهو فى آخر الزقاق جوار الغسال أحد معالم الحى البارزة وقبل أن أتحجج بالمذاكرة كان بعض من آثار الملوخية قد صافح كُم جلبابى الأبيض ووجدتنى على عتبة الباب أرتدى فردة نعالى اليمنى
-( الله يطمنك عليهو يا أختى)
ردت الحاجة صفية فى وجل بعد التحايا والسلام وكأنها تخفى شيئا تود أن تبوح به ولكن شيئا ما يُلجمها وهى ليست عادتها البتة فهى تحب الثرثرة كحبها للحياة.
فى تلك الليلة بات شبح الهلع الصامت فى حضن أمى فمكثت فى مكانها تخاطب صورة شقيقى المعلقة على الجدار وتنتزعها من مكانها وتضمها اليها بقوة فتختلط هى الأخرى بما تبقى على يديها من ملوخية.
كانت تشكو الى الله بغضب وجذع وتدعوه أن يعيد اليها أبنها سالما ًمن غير سوء ثم ترجع لتقول
أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
بدأ شقيقى فى الصورة وسيما ًوقاسيا ًوحنونا ًبأنفه المستقيم وشفتيه الغليظتين بدأ جميلا ًرغم تنافر قسماته الواضحة
زارتنا عفاف الزين بنفس الثوب الابيض والحذاء المعفر بالتراب الناعم ،والوجه الأربعينى القاتم ..لم تكن أمى تحبها فهى على حسب قولها ( واحدة قاهر) لعل صيحات عفاف بت الزين فى مكبرات الصوت وسط المسيرات الهادرة فى شوارع الخرطوم والمؤيدة للحكومة ترك هذا الإنطباع لدى أمى التى ترى أن مجرد السير وسط الرجال يستدعى القلق.. وتردف معقلة فى قرف
-( ياربى تستُرنا وتستر بناتنا)
حضرت عفاف الزين ورئيس الحى وبعض اعضاء الحزب الكبيرورجل آخر أنيق له لحية بيضاء ويحمل مسبحة يهزها فى توتر وتحدثا الى أمى على إنفراد برهة
- (وووووووووووووب علىّ )
صرخت أمى وولولت وبدأت تنتحب
(أيووووووووووووووووووى ) زغردت عفاف الزين ...
عفاف الزين تدعو شقيقى بالشهيد وعريس الحور وطير الجنة
بعد أيام امتلأ بيتنا بالتمر والزيت والدقيق والسكر وجاء أًناس كثيرون لحضور العرس أمى ترتدى الحداد وعيناها دامعتان وتأبى أن تبتسم ، وعفاف الزين ما زالت تزغرد.
حملتُ مشروب (الكركدى) البارد الى الرجال الكثيرين الذين توافدوا علينا وملأوا فناء الحوش الخلفى وجلسوا على السجاجيد البلاستيكية المفروشة على الأرض وبدأوا يتحدثون واحدا تلو الآخر ثم يقوم احدهم متحدثا بصوت عال مطيحا بكلتا يديه فى الفراغ و مستشهدا ببعض القصائد والشعر وآيات من القرآن الكريم .
كنت أسمع اسم أخى الغائب مقرونا بالعديد من الألقاب وكان اسمة يتردد وله وقع غريب لابد و أن أخى كان مشهوراً جداً فكل هؤلاء يعرفونه ويعرفون عنه ما لا نعرفه أنا وأمى وأخوتى
قام أحدهم أكبرهم سنا وقوراً ونظيفاً جداً وله ذات اللحية البيضاء ، كان هو محور اهتمامهم أكثر من العريس الغائب سألت عمى الواقف بجوارى وأنا أحمل بعض الكؤوس التى خلت قعورها من مشروب الكركدى
- (دا منو يا عمى )
لكزنى بكوعة على جانبى حتى كاد أن يخلع كليتى وقال من بين أسنانه ..
- (أسسسكت يا شافع )
تمتم الرجل ببعض العبارات ورفع يديه الى السماء ثم ضمهما ومسح بهما جبينه وهنأ العروسين وأطلق الرصاص فى الهواء ففزعت واسقطت الأكواب .
زغردت عفاف الزين عاليا وبكت أمى كثيرا
إنفض الناس الى حالهم وعادت أمى الى مكانها القديم بجوار الصورة والتى أصبح بجوارها وشاحا جميلا وشهادة تقديرية وقفت خلفها أحاول أن أرى ما تغير فى وجه أخى بعد زفافه غيابيا ً، مازال وسيما ًبأنفه المستقيم والذى أصبح أكثر شموخا، ضغط على يدى أمى مندهشا وصحت بها
( يُمة أخوى ضِحك معاى )
إبتسمت أمى للمرة الأولى وتمتمت
(لقد خرج ولكنه لم يمت)



أسامة شيخ ادريس غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 11:17 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.