بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــ
هذا النص من النصوص الجميلة ،
فى سلسلة النصوص التى رفدت بها الأخت الكاتبة ميما منتدى سودانيات ،
وفى تقديرى أنه يشكل نقلة نوعية فى الفكرة والسرد ،
فمن حيث الفكرة لم تعتمد الكاتبة على الحدث كمدار للسرد ورسم التفاصيل ،
إنما شكلت قراءة الأحاسيس والمشاعر لشخصية النص المحورية جوهر الصراع التى أرادت الكاتبة أبرازه ،
فجادثة إلتقاء عبد العظيم وحبيبة وولادة طفلين يفتقدان لمقومات البقاء ،
كانت مدخل لقراءة كل ما يعتلج النفس البشرية من تنازعات حين تواجه ضغوط الحياة ومتقلباتها
فى بوابة النص إنتقت الكاتبة مدخلها بعناية ،
واختارت حزمة المشاعر التى تهيئ القارئ لولوج عوالم النص وفضاءاته بيسر ،
ومن بين الخيارات المتاحة عمدت الى نص شعرى جمع بين العمق والبساطة والجمال ،
بالرغم من قدرتها على تلك التى (تعتصر ) الفكرة أو التى ترسمها كفلاش باك مشوّق ،
والمتتبع لكتابات الأحت ميما لن يدهشه هذا الخيار الشاعرى ،
فالحضور الموسيقى يصاحب كثير من النصوص التى كتبتها ( الترانيم ) على سبيل المثل لا الحصر ،
ومثل ما اجتاز كونها ( سكرات أحزانه ) اجتازت الكاتبة الى جسد النص ،
لتحدث فيه ذات ( الضجيج الصاخب ) الذى أحدثه بزوغ الفجر ( من رحم الليل المحتضر )
وتأخذنا مع بطل قصتها ( عبد العظيم ) فى رحلته مع الحرمان والأسى ،
نرافقه فى دروب الواقع حيناً ونحلق معه بأجنحة الخيال والخرافة أحايين أُخر ،
الواقع الذى يدفعه الى التخلى عن فلذات كبده والخيال الذى يمتد الى صيرورتهما
( جنديان قاسيان يركلان وجهه بأحذيتهم المتسخة بالدماء )
الى أن ينتهى به الى رقدته الأبدية مفارقاً فى سلام عالمه البائس المرير ،
وتدور الأحداث متهادية بين السرد المتتابع الذى يحكمه عامل الزمن
والإسترجاع المتقن الذى تقتضيه دواعى الحبكة والإمتاع ومن خلالهما تدس الكاتبة رسالتها العميقة بامتياز ،
الزهو القاتل التى تفرزه سكرة المال ،
الورع الكاذب الذى يتدثر بعباءة الدين ،
العنف القاسى الذى يخرج من رحم السلطة ،
وكيف تقسو الحياة وتموت الأمانى وتنهزم الفضيلة ،
وسط تجبرهذا الثالوث المقيت القاتل ولامبالاة البقية الصامتة ،،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النص ضاج بأحداثه رصين فى حرفه ومفرداته ،
صعدت الكاتبة بالأحداث الى ذروتها ورويداً رويداً ساقت قارئها الى سهول التأمل ،
لم تتخلف اللغة عن مهرجان السرد المترف هذا ومنعطفات صوره المتداخلة ،
يؤخذ على النص تزاحم أحداثه
وحشده لتفاصيل كان من الممكن تركها لفطنة القارئ
وربما مشاهد كان الأولى تركها ثم لا يتغير المعنى فى كثير أو قليل ،،
أخيراً
أتمنى على الكاتبة الإهتمام بالترقيم
والإعتناء بالمظهر الجمالى للنص ، تنسيقاً وتقديماً ،،
كل الود ،،
ــــــــــــــــــــــــــــــ
التعديل الأخير تم بواسطة النور يوسف محمد ; 11-06-2014 الساعة 09:24 PM.
|