نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > بركة ساكن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-09-2006, 10:06 PM   #[16]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

حاولت أن آخذحاولت أن آخذ مختار علي في مشاوير قصيرة، مشينا بطريق بيت " أداليا دانيال "التي فاجأتنا من أعلي صريف بيتها ..
_ يا مختار علي .. أنت وصاحبك تعالوا جوا وصديقكم ذاتو قاعد هنا في بيتي ، تعالو أشربوا ليكم مريسة وونسوا .
وقبلنا الدعوة الكريمة شاكرين فالدنيا صباح والمريسة خير ما يُسْتفتح ويُسطبح به وونسة الصباح هي مصيدة لحكايات الليلة السابقة ،هنا نسميها جريدة الصباح، فالمريسة تطلق الخيال اللذي بدوره يطلق اللسان، ينفتح القلب للقلب مباشرة،تهبط ملائكة الحكايات الرائعة في المجلس فتحلو .
كان يجلس علي "بنبر " كبير كشيخ أسطوري أتي من عصر دولة الفونج ، يجلس علي بنبر آخر قربه العجوز وهو أشهر مغني يستخدم "الأم كيكي" في الحلة والحلال المجاورة أيضاً أو بالأحري لم ير الساكنون مغني يستخدم "الأم كيكي" غيره، لم يسمعوا به مجرد سماع ،يبدو أنهما أنهيا فاصلاً ممتعاً من الأغنيات حيث أنهما الآن يتحدثان عن مناسبة أغنية
سبعة يوم عوضية بعيد
أبواللقني روداي بقنيص.
التقطت بقية كلام نطق به العجوز،
_ ناس الوازا هم أصحابها الحقيقين .. أنا جبتها من قيسان .. وسمعتهم يغنوها في قنيص والكرمك و في حي الزهور وفي يابوسي ... وكل حفلات الروصيرص .. لكن أنا أول زول يغنيها "بأم كي كي " .. "التفتَ" إليَّ صديقي قائلاً في انشراح
_ وين إنت ياولد ؟!
ضحكت ،وضحكت أدانيا دانيال، ضحك مختار علي ، ضحك هو ..
هنالك حكايات وأسرار كثيرة في الليلة الماضية .. يجب أن تحكي ... قلت له،
_ ظاهر عليك بقيت اسطورة من أساطير الحلة،
قال وقد عرف الموضوع،
_ الناس هنا يزيدوا الحاجة شوية موية
تظاهرت أداليا دانيال بإعداد المريسة والأم فت فت ..
لكنها بلا شك كانت تسمع عبر كل مسام جسدها ، هذه خصلة يتمتع بها الجميع في الحلة، حيث أن كل الجسد آذان والنظر أيضاً .. طالما أستطعت أن تشاهد شخصاً ما .. فإنك تسمع ما يهمس به ولو لنفسه.
قلت له قريبا من أذنيه
_ قالوا الصافية نجّمتك !!
ضحك وهو يشير برأسه إيجاباً بصورة متكررة ومثيرة للضحك،
_ حأحكي ليك بالليل .. إنت مُش بايت مع مختار علي ..
رد مختار علي،
_ وإنت برضو حتبيت معاي .. ولا لقيت ليك وكر؟!
قال مبتسماً،
_ كويس .. حابيت معاكم .
جاءت أداليا دانيال بالعسلية، المريسة والأم فت فت بالشطة الخضراء والفول المسحون ، قالت إن لديها "موليتة " إذا كنا نحبها ..
قال العجوز ..
_ أيوا .. أنا أحب الموليتة.
قلت لها ..
_ عندك "أبنقازي"؟!
قالت وهي تشير إلي الأم فتفت،
_ فيها ..
قدمت لنا أداليا الكؤوس الأولي بيدها الناعمة السوداء، تبدو الحناء علي أظافرها رقيقة وساحرة،
كان بمنزلها قليلاً من الجنقو، حيث سافر الجميع لقطع السمسم .. قال مختار علي وبصوته لذة نصر عميقة،
_ سماعين ود الكلب ما لقي جنقاوي واحد يمشي معاو ..
ودون أن يرد أو يعلق أحد ،أخذ العجوز يغني،
قيسان البعيدة
عندي فوقو الحبيبة .
ولأن كل أغنياته جماعية ويستحيل أدائها بدون كورس أخذنا نردد خلفه المقاطع التي تحتاج لكورس ، وليست تلك مهمة صعبة، حيث أن كل الأغاني معروفة، أما أنا وهو كغريبين فإن ترديد جملتين لحنيتين بهما كلمتين من العربي وخمس كلمات من الأنقسنا ليس بالشئ الصعب ولو أننا قد نشتر أحياناً .. إلا أننا نغني خلفه طالما ألسنتنا العسلية بجمالها ومذاقها الحلو ، في الحقيقة لا يوجد غرباء هنا في" الحلة "فبمجرد أن تنزلك عربة ما بالسوق، تصبح أحد أفراد الحلة المؤسسين، تعرف كل شئ بحمد الله ، رقصت أداليا دانيال بصدرها المملوء باللبن بصورة رائعة خلدت في ذهني للأبد .. تبرع أحد الجنقو من أصل أنقسنا باداء الإيقاع السريع بواسطة وعاء بلاستيكي يستخدم لتقديم المريسة ، عندما أنتهت الأغنية صفقنا جميعاً لأنفسنا ، حيث كانت من أداء الجميع ، رقصت أداليا دانيال عننا كلنا بصدرها الناهد .
وضعنا سريرين قرب قرب ، كان الضوء الباهت يأتينا من داخل القطية ، حكي لي عن أسرة الصافية كما طلبت منه ، الجدة ووالدها عبد الرازق ..
قال ، جاء والدها إلي هذا المكان بعد هروبه العجيب من سجن الحمرة وعلي رأسه" الفرو " وهو أول شخص في تاريخ الحبشة يهرب بالفرو .....
شربنا قهوة أعدتها لنا إحدي الجارات وناولتها لنا من علي" الصريف "مذكرة إيانا بأن اليوم هو يوم القديس "يوهنس" ، باركنا لها العيد ، ألحقت القهوة بصحف من "الأمبابا" وحلاوة الكرميلا ، شكرناها ، باركنا لها اليوم ، يوم القديس يوهنس .. قالت لي
_ ألم قشي تسلم عليك ..
سألتها بسرعة،
_ وين ألم قشي ؟!
قالت وبصوتها احتفالية جذلة ...
_ هي قاعدة معانا هنا .. عايز تشوفها ؟!
أصبحت ألم قشي هي الاسم الذي يلاحقني ، نحن متهمان هنا بأننا نمارس علاقة سرية ، أو نظن أنها سرية لأن للآخرين رأيٌ مختلف ، يقولون إننا سوف نتزوج في عيد الأضحي القادم ، أقل الأقوال تفاؤلاً بعلاقتنا هو أنني أحبها حباً عظيماً .
هي أيضاً متأكدة من مسألة حبي لها ، مثلها مثل الجميع إلا أنا ،لا أعرف شيئاً عن هذا الحب،كلما أعرفه أن ألم قشي تعمل في "بيت أدي " كامرأة مبيت، وأعجبت بقيم وأخلاق تخصها .. أو هكذا بدأ لي ... ثم سألت عنها في بيت أدي مرة أو مرتين ، ثم ألتقيت بها في بيت أدي مرة ثانية وكنا نجلس للقهوة والأم بابا وتبادلنا تعلم العربية والتجرنة ، وتعلم أنني كدت أن أبيت معها لولا أن " أدي " نفسها حالت دون ذلك ، قالوا إنني نمت مع أدي ، في حضنها بالذات هذا ما يصدقه الجميع و يعجز عن تأكيده الجميع وأشك في حدوثه أنا نفسي .
أدي بكل وضوحها كانت غامضة ، هنالك أسئلة كثيرة تدور عن علاقتها بالآخرين ، خاصة "ود أمونة " في الآونة الأخيرة بي أنا وود أمونة .
ألم قشي سيدة طويلة لها بشرة ذهبية ناعمة ، عيناها كبيرتان بالطريقة الحبشية حيث يحيط بهما ظل ثقيل يضيف عليهما سحراً يخص ساكني المناطق العالية المطيرة، فوق ذلك لم تكن بالسيدة الفاتنة فتنة ظاهرية صارخة، إلا أصبحت عاملة بار ناجحة بالحمرة، غندر أو أديس أببا ذاتها ، لكن مايبدو من فتنتها أبعدها _ كما تقول دائماً _ عن منافسة البارستات هنالك وقادها إلي الأراضي السودانية الجديدة، حيث شيع وعلم عن السودانيين حبهم للنساء الحبشيات وتفضيلهن علي نسائهم الوطنيات وسبب ذلك ثلاثة ، كما صافتني فيما بعد ألم قشي
_ الطهور والكرعين الرقاق وعدم الحنية .
قلت للجارة الطيبة .
_ قولي لألم قشي مبروك عيد القديس يوهنس وأنا حاجيها بعد شوية عندكم .
أصدرت صوتاً من باطن لسانها يعني في هذه الأنحاء " حسناً" ويعني _ فيما يعني _ القبول الحسن للإقتراح .
ساعدت مختار علي، علي الاستحمام ، ذلك لأول مرة منذ أكثر من أسبوعين تقريباً ، أي منذ أن أصيب، لم يقترب من الحمام حيث نصح بعدم الاقتراب من الماء حتي في الوضوء ، عليه بالتيمم، نصحه أفراد كثيرون أصيبوا فيما قبل بضربة الدم .
عندما فرغنا من الاستحمام وجدناه في إنتظارنا خارج القطية في الراكوبة مضجعاً علي عنقريب عجوز دون لحاف .
سأعترف هنا أن ألم قشي أحبتني، لكن في ظاهر الأمر أنا الذي كنت أغير عليها، لأنني طلبت منها أن تترك العمل مع أدي كامرأة مبيت ، تعمل طباخة في ميس شركة الاتصالات الجديدة،
_ عمل شريف .
قالت بغنج،
_ عملي مع أدي برضو عمل شريف .
قلت لها،
_ علي الأقل أنا شايفو غير شريف .
قالت بإصرار،
_ أنا شايفاه عكس كدا .. دا .. شغل .. العايز يدفع، وأنا بصراحة ما قاعدة استمتع اطلاقاً .. شغل يعني شغل ..... ثم أضافت،
_ العيب فيهو شنو . !!
كنت أعلم أن العيب فيه تربيتي أنا، القيم الخاصة بي كآخر أعيش في ظرف مختلف ونوع مختلف، ولا أظن الأمر له علاقة بالدين أو السلوك الشخصي، المسألة مسألة معرفة فحسب طالما كنا _ أنا وهي _ ندرك ان الخير والشر وكل الديانات من الله ..
جلسنا أنا ومختار علي نستمع إليه يحكي لنا كيف أن الصافية أرته نجوم النهار،
أستيقظ علي إثر نداء الصافية له ، كان قد نام علي الكرسي الذي تركته فيه ، دخل القطية الكبيرة، كانت شبه خالية من الاثاثات عدا سريران من خشب السنط، مفترشان بألحفة لم يتبين تفاصيلهما، كانت الاضاءة غير جيدة ،طلبت مني أن أجلس في السرير الآخر ، جلست ُ ، قالت له ..
_ عايز تعرف حكايتي مع ود فور ؟!
قال بدبلوماسية ليست من طبعه،
_ لوما يزعجك الموضوع دا ..
قالت وهي تأخذ نفساً طويلاً من الشيشة فتصدر صوتاً بائساً ..
_ كويس ... الخريف الفات كنت شغالة في مشروع زبيدي .. تعرف مشروع زبيدي ..!!
قبل ان تسمع إجابته واصلت ، كانت المرأة الوحيدة بين عشرين رجلاً من الجنقو وتستطيع أن تتذكر اليوم والشهر والساعة أيضاً ، أنا ووليد فور كان ماسكين مقاولة سوا في مشروع الزبيدي ، كانا يعملان كفريق واحد ، لاحظت أن ولد فور في الآونة الاخيرة يتقرب منها كثيرا، دائماً ما يضع نفسه في مجموعة العمل التي تضمها ، لاحظت أنه يتعمد الالتصاق بها،أيضا مداعبتها، بغريزة المرأة ، تلك الغريزة التي لا تخيب ، عرفت أنه يرغبها كامرأة ، عرفت أنها تريد ذلك ولأي مدي .. إنها لاترفضه إذا طلبها للزواج فهي ترغب في أن يكون لها أطفالاً وبيتاً ورجلاً، فوق ذلك، لها رغباتها التي يجب أن تُشبع ، لذا لم تدفعه عنها ،لم تستميله إليها ، تتركه يقوم بالدور كاملاً ، هي طريقة تجيد النساء تمريرها للرجل الغبي المتعجل العاشق الأعمي، هي صفات يشترك فيها الرجال كلهم قلت لنفسي،
_ يابت خلي المسألة علي الله .
بلع المسكين الطعم ، أطلق المبادرة تلو المبادرة إلي أن نفدت حيله الصغيرة المسكينة، التي أجادت الصافية إدعاء تجاهلها،
قال لي ، الدنيا ليل، لكن القمر أبيض في السماء كل شئ واضح ،
قال لي : يالصافية أرحكي معاي للحفيرة ..
- أنا ما قادر أنوم .. شايفة القمرة بيضة كيف .. أرح !!
تثاءب، شرب كوباً من الماء كان علي التربيزة قربه ، قفز علي تفاصيل:
كثيرة كثيرة كثيرة،كثيرة ..
تحدث عما رآه مهماً فقط ،قال إنها أصرت علي أن تحكي:
تفاصيل تفاصيل تفاصيل تفاصيل تفاصيل، ما حدث بينها وولد فور ربما يكون الشخص الوحيد في الدنيا سوف يفهم أنها لم تحكها لأى كن من قبل ، لأنه مامن أحدٍ طلب منها ذلك ، اكتفي الجميع بالإشاعة،
_ أنا تعبت .. تعبت من الحكاية دى .. عليك الله أسمعها كلها ...
غرقت في: التفاصيل التفاصيل التفاصيل التفاصيل .
قلنا له ..
_ اختصر .
قال، قالت له، مشينا الحفيرة ، طلعنا فوق " الدولة "
كان ذلك المكان الوحيد الذي لم يكن به عشب الخريف ،هي تخاف من الثعابين حصراً ، ولا تخاف شيئاً آخر ، طمأنها بأنه يمتلك ضامن عشرة مُجَرب وأراها إياه مربوطاً بصورة محكمة علي ضراعه اليسار سوياً مع سكينته ، فرشا برشاً صغيراً أتيا به ، قالت لي فجأة ... وقد علا شهيقها وزفيرها،
_ قام جاري ..
_ منو ..
_ وليد فور ..
_ جري من شنو ..
جري مني ... مني أنا ... جري ولد فور !!!
ثم هدأت قليلاً وهي تقول،
_ أيوا ، كنت عايزاه وبدأنا كل شئ .. في الحقيقة كنت في حالة قريبة من الغيبوبة .. كنت في غيبوبة لكنه فجأة قام جاري .. جري زي المجنون .. جري مني ...
أحسست أنها لا تستطيع أن تشرح أكثر من ذلك، ومن الأحسن ألا أطالبها أو أجبرها علي الحكي، أحسست بالشفقة تجاهها ، قررت في الحال أن أضاجعها، ذلك لما توصلت إليه من تحليل سريع لحالتها وهو أنها تفتقد الرجل في حياتها ، الذين يحيطون بها لم يعرفوا المرأة فيها _ ما عدا ود فور _ لم ينتبهوا الي الانسانة البائسة ، ولا يفهموا شيئاً عن حاجاتها الحقيقية : باختصار كانوا يعاملونها كرجلٍ آخر في ثياب امرأة . لا أكثر .
صدمت بالحقيقة الأولي وهي أن رائحة جسدها لا تطاق ، قالت صراحة،
_ ما عندي وقت لنفسي ..
قامت _ لأجلي _ بمسح جسدها بالماء مستخدمة جزءً من ثوبها ، كانت لاترتدي شيئاً تحت فستانها ، هذه فضيلة لأنني لا أطيق رؤية ملابس المرأة الداخلية متسخة أو ممزقة ،لأنني حينها أصاب بالعجز الجنسي التام ، كانت تحتفظ بعطر نسائي بلدي الصنع " خمرة " في القوقو لم تستخدمه من قبل _ لأجلي _ أخذت تدلك أطرافها به ، كان عطراً قوياً جداً و تافهاً لم يرق لنفسي اطلاقاً .. الأمر لا يحتاج إلي كل هذا المجهود من جانبها هذه الاحتفالية، لأن الفكرة بسيطة: سوف أحاول الجسد إلي أن يستجيب ، وتصل ذروة نشوتها وينتهي كل شئ هذا في ظني ما تحتاج الصافية له ، وأحتاج إليه أنا لأقنع نفسي بأنني قدمت لها عملاً أنسانياً كبيراً بل ونادراً ، فعلاً حُرمت منه طوال حياتها ، وأتمني أن أكون مخطئاً في هذه الفذلكة ، اقترحتْ اقتراحاً آخر وهو أن يتركها تستحم حماما كاملاً ، وقوبل هذا الاقتراح بالرفض من جانبه ،
_ الموضوع ما يستحق ... قال لنفسه فقط ...
قامت أغلقت الباب بصورة جيدة ، ربما خافت أن أهرب ، ولو أنني رفضت الفكرة ، إلا أن ذلك حدث بعد فوات الأوان ...
اقترحت هي أيضاً اقتراحاً آخر ، وهي أن تبقي الاضاءة الضعيفة باقية .... وافقت ..
ثم طرحت عليَّ بسرعة مجموعة من الاجراءات التي لم يكن هنالك داعٍ لطرحها في هذا الوقت بالذات كلما أرجوه أن ينتهي هذا الأمر بأسرع ما يمكن ...
المفاجأة الأخيرة التي لولا قوة عودي وعزيمتي وصبري علي المكروه لكانت القاتلة ، ليس بالسهل أن أصف لكما ما شاهدت ، ولا يمكن لشخص أن يتخيل ذلك مجرد تخيل ، بل لايمكن أن يخطر ببال شيطان ... إذا كان للشيطان بال ، قالت بصوت حزين،
_ منذ أن ولدت الي اليوم ما قطعت شعرة واحدة .. ما كان عندي وقت لعمل شئ كنت دايماً مشغولة .. ولكن حافضي نفسي بعد دا .. حاخلي وقت لنفسي الدنيا ما بتنلحق ..
قلت لنفسي الموضوع ما بيستحق ....
كنت مصمماً أن أجعلها تدخل تجربة جديدة مثيرة في حياتها ، تجربة لا تنسي ، بما يساوى نقطة تحول ... قالت ..
_ قاعدة انظفو ا .. وأسرحو بالمشط مرتين في اليوم علي الأقل .
حكي لنلا بتفصيل ممل ، في الحقيقة ليس مملاً بل مؤذياً جداً وضاراً ، ثم أقسم وأقسم وقال ،
_ الصافية انقلبت مرفعين ..
قلنا معاً وبصوت واحد ..
_ كيف ..
اللحظة الختيت فيها يدي وبديت أداعبها في أضانها .. بدا الصوف يقوم في جلدها ... صوف عديل زي صوف الحمار .. صوف أسود وخشن ، كان ينمو بسرعة رهيبة وأخذت ملامح وجهها تتغير ، كانت تصدر صوتاً غليظاً ، ثم أنقضت علي كما لو كانت أسداً ضارياً وأنا فريسة بائسة جريحة ،
لا أدري كيف تمكنت من الهرب ، عبر الباب أم الشباك أم أنني أخترقت سياج القطية ... لا أدري .. وجدت نفسي خارج بيت أدي، خارج الحلة كلها : في لحظات قلائل .
***



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-09-2006, 08:20 AM   #[17]
عماد بشير حامد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عماد بشير حامد
 
افتراضي

منتظرين بفارق الصبر ، طال غيابك
والسرد ممتع
ادامك



التوقيع:
الجـــــــفــــلــــن خــلٌـــهــــن
أ قـــــــرع الواقـــــــفات

"من اقوال راعي "
عماد بشير حامد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-09-2006, 02:25 PM   #[18]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

شكرا عماد بشير حامد

المساء سوف أحكي لك فصول أخري شكرا لمتابعتك



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-09-2006, 05:44 PM   #[19]
الجيلى أحمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الجيلى أحمد
 
افتراضي

سلامات عبدالعزيز ساكن

ومرحبآ بهذا القلم المضئ,
هذا ترحاب متأخر فعذرآ,فقلمك قامة ممشوقة,
مكتمل المداد رأى الضوء,

عودة أكيدة لعملك الرائع هذا حالما أتفرغ قليلآ من العمل..


,,
أتابع أعمالك وأقرأؤها بنهم..
كل ماوقع فى يدى أستحضرة تمامآ,,

هنيئآ لنا فى سودانيات بمقدمك



التوقيع: How long shall they kill our prophets
While we stand aside and look
Some say it's just a part of it
We've got to fulfill de book
Won't you help to sing,
These songs of freedom
'Cause all I ever had
Redemption songs
الجيلى أحمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-09-2006, 07:56 PM   #[20]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

ذات صباح باكر طلبتني
ذات صباح باكر طلبتني " ألم قشي " قابلتها في بيت "أَدْيَّ" بادرتني قائلة ،
_ أنا عايزة أمشي إشتغل مع ناس شركة الاتصالات ،
_ يعني خلاص اقتنعت !
قالت دون مبالاة،
_ قلت أجرب ... يمكن ربنا كاتب لي رزق في مكان تاني .......
تعرف ألم قشي أن العلاقة بيني وبين موظفي شركة الاتصالات الوافدة حديثاً للمنطقة هي عبره هو ، تربطه علاقة شخصية مع المدير ، طرح عليَّ فكرة أن تعمل ألم قشي طباخة في ميس الشركة ، حيث أن الموظفين لم يحضروا زوجاتهم إلي الآن للحلة ، في انتظار إكتمال البرج والكوابل الأرضية و إحضار الأجهزة الكترونية بالتالي استقرار العمل .
_ كويس .. حأكلمو إنك وافقت ... عشان يبلغ ناس الشركة ....
بدأت صباحي كالعادة بكسل يتسم به العاطلون عن العمل ولديهم مصدر دخل يحول دون موتهم جوعاً وليست لديهم مسئوليات أسرية : زوجة ،أطفال ،أم أو أب ... "مطاليق " مثلي يبحثون عن متعة المشاهدة والدهشة لا أكثر ...
لدي زبونة واحدة فقط أشرب عندها جبنة الصباح امرأة عجوز شمطاء ، تستغل راكوبة في بيتها لتقدم بها الشاي والقهوة للعابرين من الجنقو والعمال الآخرين .. يقع بيتها في أقصي الحي الشرقي علي طريق همدائيت حيث يوجد حقل من العاملين في تأسيس طلمبة الوقود ...
أعدت لي قهوة بها جنزبيل مركز .... وهي إحدي علامات أنني من مدينة كسلا بينما أنا أصلاً من مدينة القضارف ولا تربطني بكسلا رابطة سوى الشرق الكبير .
مر أمامنا شرطيان يتبعهما شيخ الحلة وبعض أعضاء اللجنة الشعبية ،اتجهوا نحو إنشاءات الطلمبة ...
قالت لي ..
_ أمبارح واحد من عمال المباني بتاعين الطرمبة طعنوه ..
_ طعنو مُنو ؟!
_ واحد من أولاد المعسكر .. معسكر اللاجئين القريب .. كانوا بيلعبوا القمار مع بعض وأختلفو ا
_ إن شاء الله ما أتعوق شديد ؟!
_ مات قبل خمس دقائق في مستشفي اللاجئين بالشقراب .. شالوه باللوري لخشم القربة ولكن عندما تعب نزلوه في مستشفي الشقراب ومات هناك، ثم أضافت
_ إنت ذاتك بتعرفو ....
وأخذت تصفه لي لكنني لم أتذكره ، كان أحد زبائنها ، قابلته في صباحات كثيرة هنا ...
في راكبوتها ..وعندما تذكرته قلت لها ...
_ الود البرناوي ..
قالت لي ..
_ يشبه البرنو .. ولكنه مُوَلدْ ..
وشرحت لي أن تسعة وتسعين في المائة من سكان الحلة ليست لهم قيبلة ،كلهم مولدون ، أمهاتهم حبشيات ، بازاويات ، بني عامراويات أو حماسينيات وآباؤهم فور ،مساليت ، بلالة ، زغاوة ، تاما حمران أو شلك ... وقلة من الشوايقة والجعليين وكضاب الزول البيقول عندو قبيلة ولا جنس !!
قلت لها متحدياً ...
_ كويس أداليا دانيال ..
_ أداليا دينكاوية وراجلها لكويا ..
_ وأنت ؟!
_ أنا أمي بازاوية وأبوي أمو حبشية وأبوه فوراوي ، ولدي متزوج من الحباب وهم ناس جميلين ولكنها خليط من أجناس أخري ...
وكل الأجناس القلتها ليك دي هي مجرد أسماء ولكن في الحقيقة اتلاشوا في بعض ..
لكنهم يتمسكوا بقبيلة الأب ... وطبعاً دا كلام ساي .... الدم كلو من الأم .... الأب عندو شنو غير الموية !!
هززت رأسي موافقاً ..
ثم أخذت تعدد لي الأشخا ص وكيف خلطوا ، ختمت حديثها بجملة تعتبر هنا من المسلمات
أهلنا الغرابة ديل يموتو في الحبشيات ..... موت !!
قلت لها
_ ما صنفت لي الصافية ..
_ جدها مسلاتي ، أمها من الأمهرا من جهة الأم، فوراوية أباً وبيتهم فيهو البازا والحباب والقمر والرباطاب حتي الحلفاويين والمحس من أقصي الشمال،
_ كويس الجنس البنقلب مرفعين دا شنو !!
_ الحكاية في اللبن .. أقصد من ناحية الأم وخلط اللبن باللبن ما كويس .... الواحدة تخل أطفالها يرضعوا هنا وهناك ... وهي لافة من بيت لبيت .... وما عارفة الناس .. فيهم " البعاتي " " تيراب البنية " وفيهم البنقلب غراب وفيهم البنقلب أسد ومرفعين ... وفيهم البياكلوا الناس عديل والبلد دي ملانة جن تلقاهم في شكل نسوان ورجال وحيوانات .. ربنا يكون في العون .
_ قالوا أسرة الصافية هي أول أسرة سكنت هنا ..
قالت ثائرة،
_ الكلام دا كضب ... أول أسرة في البلد دي أسرة جدي أنا ..... لمان جاء جدي هنا ....
قصت لي القصة الحقيقية، وما عداها تشويه دافعه سوء النية ، عدم الدقة والجهل عندما جا أهلها إلي هذا المكان لم يكن به سوى ، المرافعين ،القرود ،ابندلاف ، الأرانب ،الثعالب واحيان النمر ، كانت غابات كثيفة من أشجار الكتر والهشاب والسيال ... في الكرب ،طرف البحر العرديب والتبلدي، يكثر به الجن .... وأبو لمبة يوجد في كل مكان ... كانت أسرتها في طريقها إلي القضارف بعد أداء فريضة الحج ، حيث أنهم قدموا عن طريق اليمن ، باب المندب ، إرتريا،الحبشة ثم إلي القضارف ، وقد داهمهم الخريف في هذا المكان فأقاموا وبنوا أول منزل، قام أبوها واخوانها الكبار بقطع الأشجار ، نظفوا الأرض وزرعوا محصول الذرة والدخن وبعض السمسم ، عمرها في ذلك الزمن ليس أكثر من عشر سنوات، لكنها تتذكر إلي الآن تلك اللحظة التي جاء فيها الرجل الطويل الهزيل ، في رأسه طوق من الحديد محكم بصورة مخيفة ، لا تزال تري عينيه كبيرتين ، بارزتين حمراويين: في لون الدم ، لسانه الممدود خارج فمه كلسان الكلب ، رغم ذلك كان صابراً ثابتاً يتحدث بصورة طبيعية ، تتذكر قوله:
_ أنا ممكون "بالفرو "
كان جسمه كله يتصبب عرقا،
تعاون أبي واخواني في قطع الفرو بالمبرد .... كانت لحظة عجيبة، عندما تخلص الرجل من الفرو، كأنه ولد من جديد في تلك اللحظة ، لم يهتم أحد إطلاقا بالهواء العظيم الذي اندفع من دبر الرجل مصدراً دوياً هائلاً مدهشاً هواء ذلك الخريف الثقيل ... ثم شرب وأكل ونام إلي منتصف اليوم التالي ، حيث إستحم بماء دافئ ،صلي صلوات ايام كثيرة مضيت ثم أكل ، ثم حكي حكايته
_ كنت في سوق الحمرة باشتري وأبيع ....
وأثناء ما كان يتناول وجبة الافطار في أحد المطاعم، إذا به يري توأمه عبد الرازق مربوطاً ضمن عدد من المساجين يسأل الناس أن يطعموه ...
_ من المفاجاة قرَّب يقيف قلبي ... تومي عبد الرازق المسكين قالوا سرق بيت القِشي !! تصوروا .....
قلت ليهو ....
بعدما أطعمه وأعطاه مالاً كافيا،ً
قال له بلغة المساليت ، سوف يأتيه في السجن بعد جمعتين من الآن يرتدي نفس ملابسه، سوف يحل محله في السجن ....
أنا بعرف كيف اتعامل مع الجماعة ديل . أنا بعرف ليهم عمري كلو قضيتو في الحبشة مع " الشفتة " و"الفالول "
وفعلاً وبسهولة ويسر تبادلا المواقع ، لكن المساجين في اليوم الأول استطاعوا أن يعرفوا الخدعة وأن عبد الرازق الذي معهم في السجن، هو ليس عبد الرازق الذي كان معهم قبل اليوم ، بالرغم من أن عبد الرازق وعبد الرزاق نسخة من بعض ، كأنما الأول صورة الآخر في المرآة ، لكن طبيعة أخي تختلف عن طبيعتي ، هو هاديء ومسكين ، قليل الكلام ، قليل الأكل لا يدخن لا يسكر وأنا عكسه تماماً .... قدر ما حاولت أقلده ما قدرت .. الطبيعة جبل كما يقولون ... لذا عرفه المسجونون وأخبروا إدارة السجن علهم يجدوا وضعاً متميزاً، أو يتجنبوا المساءلة إذا إكتشف أمره السجانون بأنفسهم .
قامت إدارة السجن بضربه ضربا مبرحاً ثم أحكموا رباط "الفرو" حول رأسه بأقسي درجة ممكنة،
_ لو ماجبت أخوك خلال نصف ساعة حتموت والمفتاح موجود عندنا هنا في السجن ..
_ يلا "قلتف" ،
لحظة ربط الفرو ..... الثواني الأولي تمني لو أنه وجد أخاه ليسلمه للسجانين في الحال ، أخذ بالفعل يبحث عنه ، كان الفرو مؤلما، مؤذياً، أصابه بحالة من التشتت وعدم التركيز كبيرة ، أدخل في نفسه رعباً لا يوصف ، في الحق ما كانوا يرجون عودته ، لأنه سيموت من الألم وصعوبة تدفق الدم إلي مخه،
_ لكني بعد دقائق قليلة رتبت نفسي ، تذكرت كيف كان الفالول يتعاملون مع الفرو ....

أدعي أن الذي يلتف علي رأسه ليس هو الفرو، آلة الحديد القاسية المميتة ، لكنه ثعبان ، ثعبان قد يقتله بلدغة واحدة، وقد يتركه في حاله إذا تعامل معه برفق، كلمه بالحسني واقنعه بالمنطق، لأنه يريد أن يحيا ولا يرغب في الموت ملدوغاً من ثعبان سام، عليه بسياسة النفس الطويل وطولة البال، أن يربط مهمة الخروج من الحدود الحبشية بترضية الثعبان ... أخذ يتلو نشيداً طويلاً بالتجرنة ألفه سلف بعيد للفالول، منذ أن جلب الأيطاليون أول فرو إلي اثيوبيا ....
كان هذا النشيد الطويل يتكون من كلمات قليلة،
صديقي الثعبان الرحيم
أنت تريد الجوهرة ،لأنك لاتري بدونها ....
وهي عندي،
أنا أريد الحياة،
وهي عندك،
إذا مت أنا،
فقدت الجوهرة،
وإذا مت أنت فقدت أنا الحياة ...
خذ الجوهرة،
أعطني الحيا ..
صديقي الثعبان الرحيم
أنت تريد الجوهرة ،لأنك لاتري بدونها ....
يجب أن لاينتهي هذا النشيد ،لأن الثعبان يحب ان يُذكر بالجوهرة ، كان ينشد أغنية الثعبان وهو يطلق ساقيه للريح نحو الحدود السودانية ، متجنبا طريق المشاة و السيارات الذي يقود إلي همدائيت ،لأنهم إذا أرادوا البحث عنه سيبدأون باطرق العامة، إتجه جنوباً قليلاً ، عبر غابة صغيرة من الطلح علي أرض صخرية صلدة بها خوران وعران،بعض شجيرات الكتر الشوكية، هنا وهنالك،
لم يتوقف لحظة عن الانشاد ، يحب الثعبان أن يذكر بالجوهرة ...
في طريقه التقي باناس كثر، فروا منه ، التقي بفالول وشياطين ،عندما أظلم الليل قاده "أبو لمبة " رحيم إلي هذه الأنحاء ، لقد صبر علي الفرو أكثر من تسع ساعات، هذا رقم قياسي ...
هذا هو جد " الصافية " وجدنا قبله هنا ، ونحن اللذين انقذناه من الفرو ، أبي الذي أعطاه الأرض التي بني عليها منزله حيث اتي بأخيه وأسرته وأستقروا هنا ...
كانوا مزارعين نشطين ،امتلكوا أرضاً كبيرة في المنطقة التي تقع بين الجيرة وخور مغاريف ، كانوا يزرعون ما يقارب الألف فدان في الخريف الواحد، لكن أضرَّ بهم الكرم، الكرم المبالغ فيه،أكبر تجار المنطقة الآن هم ليسوا سوي البعض الذين وهبتهم أسرتي التوم العجوزة، أراضي مجانية ...
عاد الشرطيان ،توقفا قليلاً عند العجوز ، سألا عن بعض الفتيان الذين اعتادوا شرب القهوة عندها ولعب الورق في راكوبتها الداخلية،
قالت لهم
_ مشوا زهانة معزومين عيد القديس " يوهنس " هناك.
***



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-09-2006, 08:00 PM   #[21]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

شكرا الجيلي ،
أين يا تري تقابلنا؟

أنت تشبه صورة ما في الذاكرة.



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-09-2006, 08:51 PM   #[22]
Aboremaz
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

واصل يا بركة
الحرب ضد العربسلامي طويل لكن لازم يستمر !
.
.
.
ابورماز



Aboremaz غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-09-2006, 06:31 PM   #[23]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

أكد لي أن


أكد لي أن مشروع الصافية بالنسبة إليه لم ينته بعد، أنه قرر أن يخوض المعركة إلي النهاية ، لم يكن تصريحه هذا غريباً فأنا أعرفه ، ما يزيد عن الثلاثين عاماً من الصحبة والقراءة المشتركة ، السفر ،العمل والعطالة، سيكون تصريحاً غريباً إذا قال: إنه تنازل عن مشروع الصافية أو خاف ...
قال بثقة مفرطة ..
أحلل وضع الصافية كما يلي :
امرأة عندما تثار جنسياً ينمو الصوف في جسدها ...... تطول أظافرها وأذنيها ، تتحول ملامح وجهها إلي ما يشبه الذئب أو الأسد أو قل القرد ... تهاجم العشيق فيهرب .
ماذا لو انتظر أحدهم الأمر إلي نهايته ، دعونا نفكر في هذا الوضع ، دعونا نفكر كيف نتعامل معها ، يجب أن لا نتركها هكذا تعاني وحدها هذه الأزمة الإنسانية الفريدة، قلت له ناصحاً.. أعلم أنه لايُنصح،
_ أتمني إنك ماترمي نفسك في موضوع معقد زي دا.
قال ..
_ تقصد أتطفل ؟!
قلت ضاحكاً
_ تماماً ..
قال،
_ وجودنا أنا وإنت في مجتمع " الحلة " مش تطفل ؟!
عندنا شنو هنا .. غير ناس مطرودين من وزارة الصحة للصالح العام، كلنا متطفلين علي بلد من بلاد الله ... وناس من ناس الله ...
فهمت فيما فهمت أنه يعني أننا طالما تطفلنا علي المكان فنحن أيضاً تطفلنا علي الإنسان ... وعنده الأمر سَيِّان،
كان دائماً ما يقول: إنه يجب أن يترك أثراً واضحاً أينما ذهب، وأن يدهش ... وهذا الأثر .. وهذه الدهشة لا يتأتيان مالم يفعل ما لا يستطيع العامة فعله ...يختصر ذلك قائلاً،
"إركب الصعب "
أينما حللنا ،كان يبحث عن الصعب ، الصعب فقط ، يبحث عن أغربة الناس في المجتمع ، في كل شئ كان يتصيد السؤال، ولايخشي التهلكة بل يرمي بنفسه فيها رمياً ...
قلت له،
_ ألم قشي وافقت .
قال،
_ نسوقها معانا للشركة .
أكلنا طعاما طبخه مختار علي، من اللوبيا البيضاء "والفرندو" "بالشرموط"
اشترينا "إنجيرا " من بيت الأم ، كان مختار علي دائماً يحتفظ بمخزون من الدليخ في قطيته ، حضرت ألم قشي وضعت لنا القهوة بالجنزبيل والهبهان ، ثم ذهبنا الثلاثة إلي مقر الشركة جوار زريبة المحاصيل، حيث وجدنا العمال مجتهدين في إنشاءآت المؤسسة ، لكنا استطعنا لقاء المدير ، كان رجلاً قصيراً نحيفاً مبتسماً قليل الكلام، مرحاباً مضيافاً ، أنيقاً بعينيه حَول بسيط ، شكرنا كثيراً، و اعتبر قدوم ألم قشي إلي الميس في هذا الوقت، عملاً إنسانياً، بل وتنمويا، كبيراً - إننا نحتاج إلي شخص يحمل عنا عبء بطوننا ،
قال،
_ الشغل عزلنا من المجتمع ...
لكني أحسست بمسحة غبشاء من الاحباط تعتري وجهه، وهو يرحب بألم قشي، ويكيل لنا ولها الشكر ، قالت لي ألم قشي فيما بعد،
_ كانوا ينتظرون فتاة صغيرة العمر .. علي الأقل أجمل مني ..... قليلاً ،
أضافت، بالتجرنة،
_ حيقتنعوا إنو أنا أجمل امرأة في الدنيا،
قلت لصديقي ،
_ ربما كانوا يريدون ملكة جمال في هذه البقعة النائية من الأرض ... الفقيرة المهمشة التي نشأت أصلاً من المطاريد .
تركنا ألم قشي هناك ترتب أمر وظيفتها الجديدة وعدنا أدراجنا إلي السوق ، الساعة تشير إلي منتصف النهار ،عمال البنك يعملون بجد ونشاط ، سيدرك البنك الموسم الزراعي القادم ويشاع أن هذا البنك سيغير خارطة الثروة وعلاقات الانتاج في المنطقة، لصالح محدودي الدخل، ضعفاء المزراعين والفقراء أيضاً، سوف يقدم قروضاً وسلفيات غير ربوية لكل منتج ...
يبدو أن الأمر لم يكن إشاعة ، لكن المحاضر الذي أوفده البنك يوم جمعةٍ لاتنسي، قال كل ذلك ، تحدث باستفاضة عن السَلم ،المبايعة و المشاركة وأصَّل لذلك بآيات وأحاديث وشهادات فقهاء وفتاوي ، لم يفهم العامة شيئاً كثيراً مما قال ، لكنهم فهموا المهم، الذي يخصهم من الموضوع وهو : هنالك سلفيات لصغار المزراعين ومشروعات صغيرة لمحدودي الدخل: ودا كلو بدون ربا ... والعياذ بالله من الربا ... الشئ الذي يجب أن يؤكد هنا أن الجنقو غيرهم من المواطنين فهموا أن لهم حق لا يسقط من مال البنك ... إنما جاء هذا البنك تأكيداً علي شرع الله و حتي لا يكون المال دولةً بين الأغنياء، كل هذا تفوه به مندوب البنك ولم يجتهد الناس كثيراً في التاويل.
بذلك قدمت المحلية أرضاً بدون مقابل، لكي ينشا عليها البنك ، تم استخدام وابور المحلية لنقل الحجارة والرمل والسفاية من الشاطئ إلي موقع المنشأة ، لم يتبرم أحد، بل يحس الجميع بالتقصير حيال البنك، الذي هو بمثابة خاتم المُني ومهدي المكان .
شربنا كركدي عند عزيزة أتيم الزغاوية، كان يجلس قربنا إثنان من السماسرة ، يتحدثان عن سعر أردب السمسم المنخفض في هذا الموسم، مع الانتاج الشحيح له ، يتعجبون .. لأنهم يرون أن إنخفاض إنتاجية السمسم تؤدي مباشرة إلي إرتفاع سعره ، الشئ الذي لم يحدث الآن،
_ دا آخر أسبوع لحصاد السمسم، تاني ما تبقي الحتة ،لكن الآخر كان متفائلاً لأن شركة السمسم لم تدخل السوق لشراء متطلباتها السنوية للتصدير....
_ وحيرتفع سعر السمسم أضعاف سعره في السنة الفاتت ...
وهنا تدخل صديقي قائلاً ،
_ السبب إنتاج الفول .. الفول السوداني وبرضو عباد الشمس ....
وطرح من رأسه أرقاماً مدهشة لمنتوج الفول السوداني وعباد الشمس في هذا الموسم ثم تحدث عن سعر رطل الزيت الذي أصبح خمسمائة جنيه، وسوف ينخفض أكثر وربط ذلك بالمستخدم من السمسم في زيت الطعام والحلوي، كيف أن الفول السوداني الرخيص حل محله، وزيت عباد الشمس النقي الصحي منخفض الثمن المفضل لدي المصدرين، أصبح كبيراً ثم أسهب في الحديث عما أسماه ب:
مستقبل إنتاج السمسم في السودان ..و فضيحة السمسم المختلط بالمبيد،
هل سيصبح كمستقبل إنتاج القطن والصمغ العربي ؟!
نظر إليه بإستغراب ،ولكن أحدهم أضاف
_ كلامك دا معقول لحدٍ ما ... ولكن هنا الحقيقة في شركة السمسم ....
_ كيف ..
_ مش حتشتري السمسم إلا لمن السوق يتملي ويصبح التجار محتاجين لقروش العمال وخاصة التجار الصغار نفسياتهم تقع في الواطا والواحد يكون عايز التخارجوا من وأصحاب الدين ، تجي الشركة وتشتري بأقل سعر .
وقطع الحوار صوت أبواق سيارات ونهيق باربارات ولاندروفرات مختلط بزغاريد نساء وصبايا ، غناء وجلبة ، ثم عم المكان الغبار المختلق من رفس إطارات السيارات علي الأرض .... قالت عزيزة الزغاوية،
_ دا زمن عِرسْ .... لسع الحصاد ما إنتهي !
قال لها أحد السماسر ،
_ العريس إنت قايلاو منو ؟! دا محمد عوض، سواق باربارة البرناوي ، ديل بيعرسوا في أي وقت طالما الخريف إنتهي وأنفتحت الشوارع ..... دي الزوجة الثالثة .....
السيرة مكونة من عشرين باربارا ، خمسة لاندرفورات، بص همدائيت، بص الشواك ، لوري الحفيرة ثم تراكتور بمقطورة تابع لأحد تجار زهانة،
_ أبشروا .. أبشروا ... أبشروا ....
قال أحد السماسرة ...
_ إتزوج من الفلاشا ...
قلت مندهشاً ،
_ الفلاشا ؟!
قال،
_ أيوا ..... فلاشاوية .... وقالوا الفلاشا ديل يهود ... الكلام دا صاح ....
قال جملته الأخيرة منتظراً إجابة مني ....
سألته ...
_ ولكن هنا في فلاشا ..
قال
_ أسرة واحدة هي أسرة أبرهيت ولدو إسحق،
قالت عزيزة الزغاوية،
_ ولكن أبرهيت دا مسلم .... قاعد يمشي صلاة الجمعة ...
قال لها السمسار الآخر ..
_ اليهود فيهم المسلم وفيهم الكافر زيهم زي الجن ... فيهو المسلم وفيهو الكافر ... ثم أضاف ..
وفي مسلمين يهود عديل كدا ... الناس المابيصلوا ولابيصوموا ديل شنو ؟!
همس صاحبي في أذني ، الذي كان يتتبع النقاش في إنتباه كبير،
_ لازم نزور أسرة أبرهيت اليهودي دا .... أنا عايز أعرف عن الفلاشا .... وكنت أتمني أشوف واحد منهم وأناقشه ...
قلت له،
_ أنا ما حامشي معاك ، كفاية العملية العملتها في الكنيسة الأسبوع الماضي مع الأم بخيتة
قال محتجاً،
_ عملتها أنا ولا عملتها الأم بخيتة بنفسها، أنا كنت عايز أقيم معاها حوار موضوعه الأديان، قصدي شريف جداً ، لكن الأم بخيتة ما فهمتني، أعتبرتني مخرب ... هي عايزة تتحاور معاي كمسلم وأنا عايز أتحاور معاها كإنسان يتبني كل التراث الروحي للبشرية .... بما فيه الدين المسيحي نفسه وكما تكلم زرادشت للفيلسوف نيتشة، الأسفار الخمس لبوذا و كتاب الكماسترا و غيرها، قلت له،
_ أنت طريقتك في تناول المواضيع هي المشكلة وليست المشكلة هي المواضيع أو نواياك ...
وخوفاً من أن يقال أني تركته في محنة جديدة وحده ، ذهبت معه ... وأعجبت بالطريقة الذكية التي حسم بها أبرهيت الفلاشاوي الحوار ، في هدوء ورباطة جأش وكأنه كان يعد الإجابة منذ ولد قبل ستين عاماً، و أنه أجري عليها تجارب كثيرة في شتي صنوف البشر للتأكد من صلاحيتها قبل أن يتبناها أخيراً كإجابة نموذجية تصلح رداً شافياً كافياً لكل المتطفلين والمتحشرين والمتسكعين الكسالى الذين لا هم لديهم سوي البحث عن الغوامض، مثيري الأسئلة والمتشككين ضعيفي الإيمان والمتطرفين .... قال بصوت واضح
_ أنا مسلم ... " تفحص وجهينا وأبتسم ابتسامة بُنية قبل أن يواصل ".
وأشهد أن لا إله إلا الله ،وأن محمدا ً رسول الله ،صلي الله عليه وسلم ،وأقيم الصلاة وآتي الزكاة وأصوم رمضان ، أحج البيت إذا أستطعت إليه سبيلاً ...ثم أضاف في برود .
_ يلا .. مع السلامة .
****



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-09-2006, 12:07 PM   #[24]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

تأقلمت ألم قشي

{تأقلمت ألم قشي علي الحياة الجديدة في سرعة فائقة، أحبت عملها ، ولو أن المبلغ الذي تتقاضاه مقابل القيام بإعداد الطعام وترتيب الميس لايسوي نصف ما كانت تحصل عليه من العمل كفتاة مبيت عند " أدي " ، إلا أنها ، تجد لنفسها مصدراً للدخل آخر ، مثلاً: طلبت من الموظفين ألا يأخذوا ملابسهم إلي الغسال، هي ستقوم بذلك ، بصورة أفضل، لأنها لاتخلط الملابس مع بعضها ، ستغسل لكل فرد علي حدة ... حتشوفوا الفرق !!
ثم ابتكرت فكرة بيع الملابس والمصوغات الحبشية بالتقسيط، لعمال وموظفي الشركة وأصدقائهم، حتي يتمكنون من أخذها إلي أسرهم في عودتهم الشهرية إلي مدنهم ومواطنهم الاصلية ...ثم أخذت تبيع لهم أشرطة الكاسيت الحبشية، الاحزمة الجلدية الأصلية، المهربة من أثيوبيا، ثم الجن ،البراندي الأنشا ، الكونياك، ثم الكوندومز، الفياجرا وعقاقير فتح الشهية، ثم زاد دخلها بصورة ملحوظة عندما استضافت في بيتها في خميس بُني، كل الفريق العامل في شركة الاتصالات وأصدقائهم من العاملين في تشييد البنك ، ضباط المحلية ، بعض قادة الجيش والشرطة،أحضرت لهم ما لذ وطاب من شواء بالسمن والعسل ، شيشة معطون تمباكها بالاستيم، الذي يحل محل الماء كذلك ، ثم فاجأتهم بالمغني العجوز آدم بلالة في صحبة " الأم كي كي " ورفقة أجمل سبع بنات في الحي الشرقي
صفية أدريس الملقبة " بالطلحة "
سنايت، وليس هنالك أفضل من ساقي سنايت إذارقصت .
أميرة الدبابة وهي خلاسية نجلاء ردفاء،
مناهل سعيد شهيرة بمناهل النوباوية وهي فتاة بيضاء لها عنق طويل يقال أن أمها يمنية ووالدها من المحس .
أمونة بت خدوم ، أصلها من مدينة القضارف، أمها جنقاوية شهيرة،
آستير كيواني بشير، فتاة قدمت حديثاً من الحمرة، كانت تسكن حلة "قرش "، تعمل بارستا في البار الخارجي علي شاطئ ستيت، مقاصداً لهمدائييت، لكنها أتهمت بقتل إحداهن فهربت إلي " الحلة " ...
جميلة صريحة وواضحة، لا تتحدث اللغة العربية إلا بصعوبة ..
بوشاي .. بوشاي شول ، أبوها من الشلك ، أمها من الحمران ، وهي مغنية لاتقوم لحفلة قائمة إذا لم يصدح فيها صوتها العذب ... وقد كُتبت فيها أغنية،
جني الباباي
الحلوة زي منقاي
كان حفلاً بريئاً رائعاً، حضرناه مع غيرنا من مواطني المدينة ،
لكن فوائد مابعد الحفل كانت الأجدي قلت لها ونحن في بيت " أدي " حيث إعتدنا أن نلتقي ..
_ يبدو أن تجارتك أصبحت رائجة ...قالت مدعية الغباء،
_ ناس المدن بيحبوا الملابس الحبشية ..
قلت بمكر،
_ وتاني ..
قالت في مكر،
_ الاشرطة الحبشية ..
قلت ..
- وتاني ...
قالت بتحد ..
_ تقصد شنو ..
قلت لها،
_ البنات .. ما بيحبوا البنات !!
قالت ببجاحة ..
_ أنا وسيط .. ما أكثر .. وإنت عارف ، أنا ماعندي زنب .. إنت ذاتك لو عايز واحدة، حأجيبها ليك !!
ولأول مرة في حياتي يصل بي الغيظ حد أن أتهور وأضربها في وجهها، إلي أن سقطت علي الأرض ، عندما نهضت أخذت زجاجة جن فارغة ، قذفتني بها ، لكني أخفضت رأسي قليلاً، فانكسرت علي الباب محدثة دوياً مرعباً، حضرت علي إثره أدي ، حضر ما يمكن أن أسميه نصف سكان الحي ، أو جميع سكان الحي المستيقظين .
لم يَلمني أحدٌ ، لم يلمها أحد ٌ ،
الملام في الأمر الشيطان وحده ،الذي لعنه الجميع ، هنا الناس يفعلون المستحيل لكي لا يخسروا بعضهم، الناس بالناس، الكل لرب العالمين ، الكلمة التي يتفوه بها الشخص ، تحسب عليه أو له ، قالوا لكلينا ،
_ ألعنوا الشيطان ..
فلعنت أنا الشيطان، هي أصرت علي أنني المخطئ وأنها سوف تذهب لنقطة الشرطة وتبلغ عني لأنني إعتديت عليها بالضرب ....
_ ألعني الشيطان يا ألم قشي ... ألعني الشيطان ..
أمسك بي من ظهري ثم أخذني إلي بيت مختار علي، الذي لولا مرضه الشديد لهرول لنجدتي ، فيبت الأم أدي ليس بعيداً ...
قال لي مختار علي
_ يادوب حتحبك ألم قشي .... لأنك ضوقتها يدك ..
قال لي،
_ إنت بتغير عليها .. أنت بتحبها ..
كنت مرهقاً ، نمت وتركتهما يتحدثان عن باص همدائييت، الذي نهبه " الفالول " بعد ظهر اليوم عند غابة زهانة، نمت يملؤني العجب، كيف يصل خبر الباص الذي نهب في غابة زهانة، بعد الحادثة بما لايزيد عن نصف ساعة، والباص نفسه يحتاج إلي ساعة كاملة لكي يصل هنالك من الحلة، أليس صحيحاً أن الجن وحده هو المسئول عن نقل الاخبار في هذه البلاد،
***
يوم الخميس هنا يوم عيد ، حيث ياتي الجنقو جميعاً من المشاريع، جيوبهم مليئة بالنقود، يدخلون علي السوق بركة ً وسلاماً ، كل جنقاوي يسعي دائماً لإكمال زينته، بالآتي :
راديو ذو حقيبة، يحبذ الجلد ، تفضل ماركة ناشونال أو سانيو ..
سكينة مصنوعة من مساعد الياي، أصلية دقة سنار أو كسلا .
جزمة أديدص،
منطلون جديد ،
قميص جديد،
عطر البخور أو المنتخب،
بطارية بحجارة جديدة،
سويتر،
منديل كبير الحجم من البشكير،
علبة فازلين،
مسجل كبير بسماعتين محلقتين،
شنطة هاند باك ..
نظارة شمسية سوداء اللون ، رخيصة .
دائماً ماتكتمل هذه الزينة في فصل الحصاد " الدرت " عند ديسمبر ، ففي كل خميس يحاول العامل جهده أن يفعل شيئاً من هذه الأشياء، أن يكون فوق ذلك له خميس متميز ، الغالبية لا تميل إلي النساء، إلا ما ندر، لكن الموضوع الأساسي هو المريسة نهاراً، عرق البلح ليلاً ، هذا هو البرنامج المعلن لجميع عمال السمسم والذرة بداية من يوم 15|7 إلي الأسبوع الأول من شهلر ديسمير ، ثم يبدأ البرنامج العكسي ... الذي من المفترض أن يبدأ اليوم ، الدليل علي ذلك هذا الحوار اليأتي لمسامعنا عبر " صريف " القصب من بيت خميسة النوباوية، بينها وأحد الجنقو، عرفنا أن أسمه عبدارامان .
_ أنا غلطان يا أمي ... أمسحي لي كل شئ في وشي ..... سامحيني ...
_ ياعبدارامان، إنتي لسانك حلو، لكن عملك شين زي الخرا ..
_ برضو سامحيني يا أمي خميسة .. غلطت عليك .. والسكران في ذمة الواعي ...
ثم دار حديثاً خفيضاً نسبة لأن سمعي غير جيد ، فلم أتبينه، لكن عندما طلب عبدارامان غرضه، كان الصوت واضحا،
_ كويس ، خلي قميصي الجديد دا معاك وأديني " نصية " واحدة ، بكرة لو ما جبت القروش ما تديني القميص ..
ضحكت خميسة بصوت عالٍ، قالت ،
_ نفس حكاية المسجل ... وشربت خمسة شهور عرقي ومريسة وعسلية لمان شبعت وبعدين جيت قلعت المسجل .. لا قرش ولا تعريفة .. حتي البت القلت عايز تعرسها غشيتها .. عروسي .. عروسي .. لكن اليوم البدأ " الكديب " تاني ما شِفْتِيك إلا الليلة ...
_ البت .. البت يا أمي حس ِ نعرسها ... شوفي فكي علي الزغراد وين .. حَسِ يشيل لينا الفاتحة،
قالت بصوت قوي وصارم،
_ منافقة ...
_ والله يا أمي ما نكضب جَدْ جَدْ،
أتي صوت من بعيد
_ يا أمي أنا ما عايزاو ..... ما عايزاو .... ما عايزاو ... وتاني ما عايزاو ...
الجنقاوي يا أمي: حنين في الدرت ولئيم في الخريف ،
قال ضاحكاً بصوت عال،
_ هييه يا كلتوم أمسكي لسانك ، الجنقو مسامير الأرض ، كان جكو جروا، وكان جروا، طاروا، لمن نعرسك نوريك أدب ... أدب المدايح .
دخل الحوار شخص جديد، تحدث عن بيت الحلال، حلف بالطلاق أن يأتي المأذون الآن
_ ما عايزاو ... ما عايزاو .. بعدما يفلس يجي يادوب ... وين إنت في موسم السمسم ... وين إنت لمان القروش في إيدك زي التراب !! ... ما عايزاو يا أمي ..
_ والله السنة دي .... السنة معانا كبيسة مرة واحدة أنا بعت مسجلي ... مسجلي الكبير يا أمي،وبعت حتي النظارة الأشتريتها من القضارف ... ويادوب دا شهر واحد ... ماعرف لمَّان يجي شهر ستة كيف ؟!
قالت الأم،
_ البت قالت ماعايزاك !!
_ تسمعي كلام المرا ؟! في مرا تابي الجواز، المرا دي خلقوها لشنو، مش لبول الراجل ؟!
يا أمي خميسة أدينا " نُصِيَّة " نشربها علي بال موسي ود محجوب ينادي المأذون ونقرأ الفاتحة ونصبح لحم ودم ..
أكدت أصوات أخري علي الأمر ، لكن خميسة قالت إنها لن تفعل وإذا أراد أن يتزوج البنت عليه إحضار الرجال غداً وإحضار ماله : إحضار الرجال عملية سهلة، طالما لم يكن من بينهم والده وأخوانه الذين يشتركون في الحرب الأهلية بدارفور ، لكن إحضار المال، هذا مستحيل مالم يبدأ موسم نظافة المشاريع أو " أم بحتي " أو قطع القصب " كاتاكو " في حلفا الجديدة ..
ولخص محنته فيما يلي :
- أنا لو عندي مال كنت أشتريت " النُصِيَّة " وشربتها ونمت مرتاح البال لا مرا ... لابتاع .
_ ما عايزاو ... ما عايزاو ... ما عايزاو .....يا أمي أنا .. ما.............عايزاو.
دار حوار في مكان بعيد عن الصريف ومسامعنا ، قد يكون داخل القطية حيث يأتي صوت البنت بين آنٍ وآخر ، علي كل لم أنتبه إلا ، كما إنتبه الحي كله ، علي الزغاريد الفرحة من عمق حلق خميسة النوباوية ... وفي الثواني الأولي، عرف الجميع أن عبدارامان قد تزوج للمرة الرابعة، وتنبأوا أن كلتومة بت خميسة النوباوية، لن تكون الأخيرة، لكنه علي كل حال، لن يخرج من هذه المغامرة سليماً أبداً ،، طالما كانت خميسة وفية لكجور " التيرا " وأسبارهم .
قال لي مختار علي ،
_ الناس هنا لايتنبأوا .. لكنهم بيعرفوا الحاجات معرفة حقيقية، يشوفوا المستقبل شوف عديل، مافي شئ غامض في البلد دي يا أخوي ..
***
الصافية عبد الرازق أصبحت مشروعاً له ، المشروع الصعب المستحيل ، لكن، حسب معرفتي التي أدعي أنها عميقة به، أعرف أنه سيصل إلي قاع البحر المظلم البارد ، ماأعتبره تطفلاً، يعتبره مهمة صعبة، هذا هو الفرق بين شخصيتي وشخصيته، هو ليس إختلاف في الدرجة كما يظن كثير من أصدقائنا المشتركين ... وهو أيضا مشكل أخلاق وفهم للحياة ، أنا أحب الآخر مع الاحتفاظ بمسافة وإن كانت متوترة بيننا، أما هو فأول ما يفعله إلغاء هذه المسافة ، الصافية لا يوجد فيها ما يجذب رجل مدينة، بين يديه وفي مخيلته، خيارات متنوعة، سهلة وجاذبة ، هو أيضاً لم يكن مريضاً نفسياً أو رجلاً شهوانياً ... لكنه رجل مغامرة ، لا يتحمل إنغلاق اللغز إطلاقاً ، هذا ما أفهمه عنه ، لم أندهش بالقدر الكبير عندما قال لي،
_ أنا عايز أحسم الموضوع دا ..... موضوع الصافية ...
_ سوف تموت ..
_ أنا ..
_ أيوا ... حتقتلك ...
قال بثقة كبيرة ،
_ أنا سوف لا أموت مقتولاً .. كلمتني قارئة كف حلبية ورمالي برضو ... أنا حأموت غرقاً وفي عمر كبير، ربما بين السبعين والتسعين .... فأنا ماخايف وإنت أطمئن،
_ هل قالوا لك ستغرق بكامل أعضاء جسدك وأطرافك ؟!... عيونك مثلاً ؟!
ضحك وهويصفق باب الشارع خلفه، لكنني تلمست في ضحكه خوفاً ، خوفاً جيداً ومؤثراً،عرفت أنه سوف يلغي المغامرة .... وهذا مؤكد أنا العارف به . كعادتها في الأيام الأخيرة أخذت ألم قشي، عندما ينتصف الليل وتغلبها الوحدة تأتي إلي، في منزل مختار علي، نمضي معاً إلي بيت " أدي " ، طلبت مني ألم قشي، لأول مرة أنها تريد أن تحبل بطفلة مني،
_ أنا عايزة كدة ..... عايزة بت !!
بت جميلة تشبهك ..
_ إذاً حاتزوجك ..
_ طبعاً ..
_ أمبارح إتزوج جنقاوي اسمه عبدارامان كلتومة بت خميسة النوباوية،
قالت ضاحكة،
_ عبدارامان حملها ثلاثة مرات .. كان ساكن معاهم في البيت، خمسة شهور .. ياكل ويسكر ويصاحب علي الحساب .
_ كان مصاحبها ..
_ أيوا .. الجنقو ما بعرسوا إلا لمان يفلسوا في شهور الصيف .. يعرسوا النسوان العندهم قروش .
جاءت الأم " أدي" بالفكي ، عقد لنا في نفس الليلة، بارك زواجنا، تدعي لنا بذرية صالحة ، تبرعت لنا أدي بسكني معها لمدة سنة كاملة، إلي أن نبني بيتنا، أقام موظفو وعمال الشركة لنا إحتفالاً كبيراً، جاءوا بفنان من القضارف، الذي له الفضل في إدخال أغنية :
وصتني وصيتا ،
قالت لي إترجل ،
خليك في الواقع ،
أصلو الفراق واقع ،
كان ترضي .
كان تزعل .
التي أخذ الناس يرددونها في حفلاتهم وغناها العجوز " بأم كيكي " بعد أن حَوَّر قليلاً في لحنها لتتماشي مع وتره الواحد وسلالمه الموسيقية العجيبة، في الحق هو الذي جعلها متاحة للجميع ولجميع الأغراض، كأغنية سيرة وأغنية دلوكة، كأغنية وازا ، كأغنية حمام وحتي أغنية حصاد وأغنية لترقيص العروس في " قطع الرحط " ثم ظهر قميص وتوب وفستان وحذاء بل وطريقة ركوب للحمير بأسم " وصتني ووصيتا ".. وتم التأريخ لزواجنا بظهور هذه الأغنية في الشرق، وهذا ما أعتبرناه فأل حسن، بالرغم من القصة الحزينة التي شاع أنها السبب في تأليف الأغنية، المصير المأساوي الذي آل إليه الشاعر المسكين، حيث أنه أصيب بالجنون بعد كتابة هذه القصيدة مباشرة، وياليت الأمر وقف هنا، لكنه هام بوجهه في فلوات الله الفسيحة، في قرية علي أطراف الخرطوم سقط في بئر مهجورة ومات .... وليتها كانت هذه نهاية المأساة ، لكن حبيبته المسيحية التي رفض والدها أن يزوجها له عميت من البكاء عليه، شاع أن أول قصيدة كتبها في حياته وآخر قصيدة كانت " وصتني وصيتا" .
ورغم ذلك أعتبرنا انا وألم قشي أن إرتباط زواجنا بهذه الأغنية فأل خير، لأن بهذه الأغنية جوامع وكنائس أجراس ومعابد ، أهمها وجود المنجل، حيث أنه من الأشياء المشكورة في الحلم هنا في الشرق.
***
في هذه الأيام تشكو النساء بأن " السوق بارد " حيث تكسد المريسة، يكسد عرقي البلح، يتوقفن عن صنع العسلية لإنها مكلفة، أنها تفسد بسرعة ، يقل المال المتداول في البلدة، تنتعش روح المقايضة ، تصبح مسئولية كل ربة منزل أن تحافظ علي تماسك أسرتها في فصل الصيف ما أمكن،انها مسالة حياة أو موت.. والاعتماد علي الرجل في هذا الموسم، بالذات هو ليس سوى عملية تعجيل الطلاق، أو إفساد سكون وهدوء المنزل، قد يعرضها وأبنائها للضرب، كنت أستمع بإهتمام لألم قشي " لقد أصبحنا من لحم ودم واحد " تزوجت من قبل، هذه حقيقة قد لايعرفها الجميع، في همدائييت، واحد من أولاد البلالة، إسمه موسي حربة، أسرته كلها تعمل بالتهريب والتجارة إلا هو فكان الجنقاوي الوحيد بالأسرة، كانا يسكنان "الجيرة" في بيت علي شاطئ النهر مباشرة، ولأنه ليست هنالك منازل للأثرياء وأخري للفقراء، فكانا يسكنان كما يسكن الجميع في قطية كبيرة أمامها راكوبة من القش والعدار، لها سور من شوك شجر الكتر وقصب الذرة، كانت تعمل في الصيف مثل غيرها من النساء في صنع الخمور البلدية، وفي كل ثلاثاء تصنع برميلاً من المريسة، هو لايفعل شيئاً سوي لعب الكوتشينة تحت الشجرة مع العساكر أو .. أحياناً الذهاب في رحلة" قنيص "صيد الأرانب وأبندلاف في غابة "زهانة" المجاورة، وأعترفت لي بأنه أنجب منها بنتينن، هما الآن مع اسرته بهمدائييت، أجمل بنتين بهمدائييت، اللآن تدرسان بالمدرسة الابتدائية، الكبري في الصف السابع والصغري في الصف الخامس، طلقها في درت جاف قبل ثلاث أعوام فقط، لأنني قلت ليهو،
_ أبقي زي الرجال واشتغل في الجيش او التهريب !
فأخذ البنتين إلي أبيه الثري، بهمدائييت، عندما عاد أقام مع امرأة مطلقة في حي السوق ، لكنه إنتظم في زيارتها في الاسبوع مرتين في منتصف الليل ..
_ أنا أجيك عشان ألقي راجل معاك وأكتلك واكتلو ، إذا مالقيت معاك راجل ولو حكم مزاجي أرقد معاك ولو ماحكم أتف في وشك وأرجع .. لكن وراك وراك ..
لم يقف أحد في صفي، كان علي أن أقبله كما هو، فهو ليس إستثناء ولا أتي ببدعة ..
_ إنت زول مختلف ... زول راقي ... ما بتشبه رجال البلد دي ... عشان كدا أنا حبيتك وقلت أنت الأب المفروض تكون لي بت ألديها .. فهمت ولا ما فهمت ..
ليس هنالك ما أفعله في الحلة ، كانت الأيام تتمطي في رعب كسول، كلما يجب أن يقوم به رجل مضي زمنه أو لم يحن بعد، لو أنني لست من الجنقو ، لكنني قررت أن أمتلك أرضاً زراعية علي تخوم خور " مغاريف " أقوم بخدمتها وتنظيفها بنفسي تهرباً من كسل الصيف،
_ التِرِقِدْ والتِجِدِعْ في البيوت ..
وأستشرته في الأمر، ولكنه فضل العودة إلي المدينة وأقترح مصاحبته وزوجتي إلي هنالك، طبعاً رفضت،
قال إنه سوف يعود مع عودة الحياة إلي الشرق، إنه يبحث عن مكان آخر تصنع فيه الحياة الآن قال لي،
_ لم تسألني عن " الصافية" ..
قلت له،
_ الجميع يعرف التفاصيل التفاصيل ..
يعرف انه قد أصبح أحد الأسطورات الخاصة بالمكان، الأسطورات ذات الدهشة الأقوي، يكفي أن يذكر إسمه حتي تلهج الألسن بحكايته مع الصافية، يحكيها كل من شاء، كيفما شاء،لكن أقرب الحكايات إلي الواقع والدقة هي الحكاية التي سأحكيها، لأنني أقرب الناس إليه، بل العارف به بالاضافة إلي أنني إعتمدت علي كثير من المصادر، قارنت وثقفت الأقاويل، بل إنني أقمت ما يشبه الندوة في بيت أداليا دانيال في يوم مريستها بالسبت، حضرها الفكي علي وهو مشهور بمعرفة المستور وفضح النوايا بل التنبؤ حتي بتاريخ موت الأشخاص، حيث أن لديه كتب مثل : شمس المعارف الكبري والجلجوتية وأصول الفقه، وهو أكثر الناس محاربة للخرافة وشطط القول، كان " صديقي" أيضاً معنا ، لكن أحدا، لم يعتمد روايته، حتي أنا نفسي، لأنها كانت الأبعد عن الواقع، بل رأي الجميع فيها الكذب بعينه والخرافة بقرونها ، أهملنا آراءه تماما، في ندوة أداليا دانيال حتي أن الفكي علق بالقول،
_ كلامو دا إعتبروا كلام زول سكران .
وقد إحتج علي جملة الفكي علي ، لكنه لم يغادر الندوة إلي أن إنفض الجميع، حيث أخذته إلي منزل مختار علي، صلينا العشاء في جماعة، تعشينا ونمنا ***



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-10-2006, 12:50 PM   #[25]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي



جاء بيت الأم في

الصباح الباكر مجموعة من الجنقو، الصافية أيضاً، معهم، هنالك ثلاث جنقاويات أخريات، كانوا عشرة، قابلتهم في الديوان، هومكان إستقبال بيت الأم،
قالوا لي: إنهن يريدن الذهاب إلي البنك، طالما كان هذا البنك للفقراء والمساكين من المزراعين، كما قيل في خطبة الجمعة، قبل عامٍ مضي_ في الحق لم يحضر واحد منهم خطبة الجمعة تلك_ انهم يريدون سلفية، يشترون بها مشروع كبير، ينظفونه بأنفسهم، أن يقدم لهم النبك سلفية أخري، هي وابور بدسكي، يفضلونة ماسي، أو "روسي" أو " فورد"، المهم الشئ الذي يستطيع ان يقدمه البنك ...
اكدوا أنهم سيعيدون السلفية في نفس العام، إذا كان الخريف جيداً، حتي إذا لم يكن جيدا،ً فإنهم سيعيدون السلفية فيما لايزيد عن خريفين، فإيجار التراكتور، في سنة واحدة، يساوي سعره .. بدأوا متفائلين ونشطين، يدخنون السجائر بشراهة، يلبسون أنظف ما عندهم، من فساتين، جلابيب ومناطلين، لو أن بواقي ليلة الأمس تفوح منهم، إلا أنهم كانوا مرتبين، مستعدين لتقديم مشروعهم بالوجه الأكمل .
قلت لهم :
_ الموضوع دا تمام، لكنه يحتاج إلي دراسة جدوي ...
سالوا عن معني دراسة الجدوي، ما إذا كانوا يستطيعون شراءها من السوق : مهما كلف ذلك، لكني طمأنتهم بأنني سأقوم بها، عليهم فقط أن يمهلوني ثلاثة أيام، لا أكثر، كنت أري أحلامهم بالنجاح والثراء بأم عيني، تتطاير حولنا تملأ المكان إنشاداً وبهجة، قبل أن يذهبوا، أهدوني زجاجة كونياك، قالوا لي فيما معناه: إنها مفيدة لرجل تزوج حديثاً، بحبشية جميلة، كانت تعمل في بيت "ادي ".
إحتفلنا إحتفالاً صباحياً بالهدية، تناقشنا في فكرة الجنقو الخطيرة، سألتني " ألم قشي " سؤالاً مباغتاً،
_ البنك حيديهم سلفية ؟!
قلت لها،
_ ما عارف، لكن نكتب ليهم دراسة الجدوي، بعد داك الله كريم .. يمكن يدوهم، يمكن لأ ..
أما بيني وبين نفسي فكنت أعرف النتيجة مسبقاً، أستطعت أن أتخيل تماماً منظر الجنقو وهم يطردون من البنك شر طردة، أنا أعتذر أو أتوعد، الأمر عندي سيان، لكن عندما ردت ألم قشي لنفسها بصوت عالٍ، أعدت التفكير في الأمر قليلاً ... قالت " ألم قشي ":
- الناس ديل واقف وراهم فكي علي الزغراد نفسه،
فكي علي لا يعمل بالقرآن وحده، لا بالكجور وحدها، لا بالشجر أو السحر الأسود ، لكنه يعمل بالكتب ،القرآن ، السحر والتنجيم، لديه خدام أيضاً،
بإمكانه أن يفعل ما ينوي فعله ... قالت:
_ فكي علي إيدو لاحقة .. فكي علي يَرَوِّبْ الموية، عديل كدا ..
أنا، أحد أصدقاء فكي علي، تعجبني حياته البسيطة، المرتبة، ثقته العالية في نفسه، فهمه للدين ليس المتقدم أو المتأخر ، لكن الغريب ... الغريب حقاً حيث عنده الناس عند الله ليس مسلمين، وغير مسلمين، لكن نساء، رجال وأطفال، فالنساء والأطفال غير مكلفين، الرجال فقط هم الذين عليهم التدين، لأن الجنة _ حسب_ زعمه هي لمتعة الرجال، بالتالي يقع عليهم عبء دخولها .. ولا يخفي قوله:
_ أنا حدثني الشيطان بنفسه عن الموضوع دا ..
قال لي ،
كتب لي ،
َحّلمني ،
رسم لي وأوحي لي .
الكونياك الحبشي، ألذ طعماً، ليست له آثار اليوم التالي للشرب، من صداع نصفي مؤلم أو غثيان ، الأحباش يستوردونه من إسرائيل أو إيطاليا، أما الأرتريون، فإنهم يصنعونه في أسمرا، بإمكانيات يسارية محلية، أنا، لا، أحبه، إحتفينا عند منتصف النهار،
عند المساء ، في الحلم، جاء إلّي الجنقو، عرايا: علي ظهور الحمير، تتبعهم أشجار السمسم وعيدان القصب، علي رؤوسهم يحوم طير السنبر: في حلقات كبيرة، أخذوا دراسة الجدوي، تركوا لي حميرهم، مضوا مخلفين ورائهم حريقاً هائلاً.
***
أرجو ملاحظة، أنني تجنبت تماماً كل التفاصيل التي ذكرها "صديقي" لي شخصياً عن حكاية الصافية، ماعدا تلك التي وافقت ما تحدث به الآخرون، لكن إعتمادي اللأكبر كان علي المعلومات التي تدفقت في بيت أداليا دانيال، يوم مريستها، في سبت مضي، عندما أقمت ما يشبه سمنار أكاديمي، حول ما أصطلح علي تسميته في الناحية كلها ب"حكاية الصافية"، سيلاحظ تأثري بالوقائع التي إعتبرها الفكي علي حقائق ثابتة . أولها، وأهمها أن"الصافية" تمتلك جهازين، واحد يخص النساء والآخر جهاز رجل مكتمل وكبير الحجم، وتخفي الجهازين بشعر العانة الكثيف، أما الحقيقة الثانية التي لا يتسامح في شأنها فكي علي، هي أن "الصافية" فعلت بالرجلين فعل الرجل بالمرأة، وأن ذلك مؤكد ولديه دليلان سوف لايذكران هنا .
هناك حقيقة يشك الفكي علي قليلاً، في صحتها، لكنه لا ينفيها، رغم ذلك، حلف بجده سليمان الزغراد، أن للصافية بنت وولد من امرأة "بازاوية" تسكن الآن في مشروع دوم، وأسمها حواء مشاكل، وهو يعرف أمها ووالدها ويعرفها معرفة شخصية، ورأي البنت والولد مرآي العين . فيما يخص تحول الصافية إلي مرفعين أو أسد أو ما شابه ذلك من حيوان فهو جائز، والمسألة عنده كلها تتمحور حول اللبن والمؤكد عنده أن "تيراب البنية" ينتقل بواسطة الأم المرضع، ثم قاس علي ذلك.
إذا نظرنا بدقة _ لقد خلصت _ إلي حقائق ولا تسامحات وجوائز وتشككات الفكي علي، ثم قرأناها في إطاراها الصحيح، المقصود بالاطار الصحيح هو: قوالات وإفادات ومداخلات ومادار همساً في ما يشبه الندوة التي أقيمت في منزل أداليا دانيال، وقمنا بتأكيد ما تطابق من قصص الرجلين اللذين دخلا في مغامرة مباشرة معها، وحذفنا كلما قاله الرجلان ولم يتطابق مع موجودات ندوة أداليا دانيال، وذلك مع الإهمال التام لمحكيات الصافية نفسها لأنها، لم تقل سوي الجانب المشرق من الحكاية، أي الجانب الذي يجعلها تبدو كضحية _ لقوي خارقة خارجة عن إرادتها .
وأنها _ كما يقال _ إعتمدت علي بعض القوالات الدائرة في الحلة، التي إعتمدتها كحقيقة مما شوش تفكيرها ، خلط عليها الواقع بالمتخيل، بالحكايات التي صاغها الأهالي سهواً_ وأنها _ كما قال الفكي علي، واصفاً ،
_ تشابه عليها البقر ،
قبل أن أحكي "حكاية الصافية" بالصورة النهائية التي أعتبرها الحقيقة الكاملة، فاجأتني أداليا دانيال بإعتراف خطير : حدث قبل أكثر من ثلاث سنوات، يومها كان الناس في عز الخريف، والعمال مشغولون "بكديب" العيش، جاء التاجر "فلان الفلاني " صاحب المشروع الذي كانت تعمل فيه الصافية، ولم يكن يوم مريستي،اليوم كان يوم أحد، وطلبت مني الصافية أن أحضر لهما عرقي وعسلية من الحلة، مشيت ليبت "أدي" وأحضرت لهما كل شئ، وكانوا قد أحضروا لحمة من السوق، إلا أنني إعتذرت لعدم تمكني من طبخها، لأنني ذاهبة إلي الكنيسة، وقد سبقني زوجي وولدي وبنتي إلي هنالك ، تركتهما يشربان ويطبخان في الراكوبة الكبيرة قرب اللالوبة، بعد أداء الصلاة، عدت تاركة زوجي، حيث أنه يعمل علي خدمة بيت ربنا إلي مابعد المغرب، أما أبنتي أباب والولد الذي يصغرها بعامين، هي في لرابعة عشر، تركتهما والشباب الذين في عمرها غالباً ما يبتكرون برامج شيقة تبقيهم مع بعضهم البعض إلي أن تغيب الشمس ...
إن بين بيتنا وبيت الجيران باب صغير، غالباً مانتركه مفتوحاً، ولأن بيت الجيران هو الأقرب للكنيسة، دخلت عبره، ثم إلي الراكوبة مباشرة، وجدت الصافية علي جسد الجلابي الأسمر، المستكين تحتها المستسلم تماماً، المستلذ، المنكفئ علي وجهه، صرخت أداليا دانيال دهشة
_ سَجَمي !!
حينها فقط إنتبها، وانتزعت الصافية الشئ خاصتها، من لحم الجلابي، وبدا عليهما الحزن الرهيب، أخذا في الاعتذار وطلب "السترة" ..
بالرغم من أن اداليا دانيال _ حسب إفادتها_ رفضت المنحة المالية الكبيرة التي قدمها الرجل، إلا أنه أصر وأقسم وحلف بالطلاق وترك لها المال ..
قالت أداليا ..
_ مشوا بيت الأم .. أنا متأكدة .. وأنا من اليوم داك عرفت إنوالصافية دا راجل ومرا وعملت حسابي منا .
ولم تحدث أداليا دانيال أحداً، غير الفكي علي، الذي إعتمد حكايتها دون تشكك وتبناها وهو يؤمن يقيناً أن المسيحيين و الكفار لا يكذبون .. دينهم يحرم عليهم ذلك ،
وأكدت لي أداليا، أن شيئها لم يكن طويلاً، إنما قصيراً سميناً أسود، محشور في غابة من الشعر الأسود المتشابك، أما الفكي علي، فقد وصفه بغير ذلك مستخدماً كلمة واحدة .
_ كبير!
ولو أنني لا أميل إلي نشر إدعاء صديقي، الذي تبجح أمامي، ومختارعلي بالقول أنه أجبر الصافية علي حلق شعرها، وأنه وجدها امرأة كاملة، بل وعذراء . وأنه أول رجل في حياتها، إلا أن ذكر ذلك يفتح أمام الجميع نافذة للفهم والولوج إلي عين الحقيقة ... إذا أضفنا جملته القاطعة ،
_ أنا نجمتها مش هي النجمتني!!
ربما أربك مشروع الصافية هذه، مشروع دراسة الجدوي، لأن هم الناس الآن، قضية ساعتهم، هي إدراك حقيقة الصافية، البنك ملحوق، فما زلنا في شهر يناير، لكن هنالك دائماً من يشذ عن القاعدة، علي رأس هؤلاء الصافية ذاتها، جاءت في وفد من ثلاثة رجال تسأل عن دراسة الجدوي،
قلت لهم،
_ آسف .. ماقدرت أكملها .. أنا مشغول شوية الأيام دي ...
قالت الصافية في جرأة،
_ في موضوع صحبك ؟!
قلت مرواغاً ،
_ هنالك هموم كثيرة .... لكن بكرة الصباح أكون خلصتها ...
قالت بصورة حادة وهي تنظر في أم عينيَّ ،
_ أحسن تشوف المواضيع الفيها فايدة وسيب القوالات والصواطات للنسوان واللوايطة.



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-10-2006, 02:28 PM   #[26]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي



أبرهيت، أبرهيت، الصافية، مختار علي، لام دينق زوج أداليا دانيال، الفكي علي، وأنا: حملنا دراسة الجدوي مكتوبة علي ورق فلسكاب نظيف _ إستبدلناه أكثر من ثلاث مرات _ ومضينا إلي البنك، البنك، مبني فخيم جميل ، طلي بالدهان الأخضر، وهو المبني الوحيد المكون من طابقين، في البلدة كلها وقد أخذ الناس يتجادلون زمناً طويلاً في كيفية الصعود إلي الطابق الأعلي، إلي أن حسم التكهنات ود أمونة، الذي عمل مراسلة في البنك ، وصف للناس السلالم الملساء التي يمشي فيها حذراً خوف أن يتزحلق ويسقط علي الأرض ..
كان كل شئ في البنك نظيفاً جداً، ما عدا الجنقو الذين يدبون علي بلاطة المزايكو في هذه اللحظات، ولأن غريزة موظف البنك تعمل بنشاط عندما يحوم خطر علي المال حوله، إنتهرنا الكاشير .
_ هي .. في شنو .. عندكم هنا شنو ؟!
قلت له،
_ عايزين مدير البنك ..
_ عايزنو في شنو ؟!
_ عندنا موضوع معاهو ..
_ موضوع شنو ... ممكن نعرفو أولاً..
قلت له بصورة حاسمة،
_ لأ .. نحن عايزنو شخصياً ..
قال،
_ المدير عندو إجتماع إنتظروه بره في البرندة، أو تحت الشجرة، لمان ينتهي حيجيكم بنفسه .. ونظر إلينا محملقاً في وجوهنا منتظراً رد فعل ما، وعندما خرجنا، أحسست أنه تنفس الصعداء، لكن لم تمض سوي دقائق قليلة، حتي جاء إلينا ود أمونة، بقي لدقائق ثم عاد قائلاً،
_ موضوعكم لو مكتوب في ورق، المدير قال حيقراه ويرد ليكم ..
قال له الفكي علي بثقة مفرطة،
_ إذا عايز يقابلنا أهلاً وسهلاً، وإذا ما عايز يقابلنا أهلاً وسهلاً، برضو ... نحن ما عايزين نأكله .. عايزنو في شغل ..
ثم قرأ في سره بعض التعاويذ، مما أكد لنا جميعاً أن المدير سوف يطلبنا حالاً، وفعلاً، جاء ود أمونة ، في فمه إبتسامة لولبية قال،
_ إتفضلوا .
عندما دخلنا، رأينا بعض رجال الشرطة، الذين لم نرهم في المرة السابقة، نعرفهم جميعاً نعرف أمهاتهم وآباءهم ، بل ربما أين ولدوا وأسماء القابلات، هل تعثرت ولادتهم أم لا ..
تبادلنا التحايا، بينما هم يندهشون، صعدنا السلالم إلي مكتب فسيح، تفوح منه رائحة الثراء، يتقدمنا ود أمونة مزهواً .
رحب بنا في حذر وصمت: في شكل سؤال كبير، قدمت له المجموعة فرداً فرداً بتمهل وقفت بعض الشئ عند الفكي علي.
_ مشهود للفكي علي عمايل خير كثيرة ...
وألمحت تلميحاً: إنه يستطيع أن يضر ضرراً بالغاً بمن شاء، إذا شاء .
تحدثت عن دور البنك كما يفهمه العامة في المنطقة، نحن منهم .ثم شرحت له الهدف من الزيارة _ أشرت إلي دراسة الجدوة التي أعددتها، إبتسم قائلاً، وهويسترق النظر إلي الصافية، في ثوبها الجديد " وصتني وصيتا"، ربما تمتلئ الآن رئتيه من عطرها الرخيص، بت السودان ...
_ أعطوني دراسة الجدوي أقرأها وأعرضها لمدير الاستثمار، بعد داك أرد ليكم ... ثم أضاف بتكلف مسيخ بارد ، بكلمات تخرج من بين أسنانه : أنا شاكر جداً لزيارتكم للبنك وأتمني أنكم تصبحوا عملاء معنا هنا .. البنك دا بنك الجميع قال ذلك بطريقة تعني: والآن إتفضلوا بره !!
قالت له الصافية التي يبدو أنها لم تفهم شيئاً مما قال، أو أنها الوحيدة التي فهمت .
_ يعني حتدونا سلفية وتراكترات ولا لأ؟!
قال مبتسماً،
_ الموضوع يحتاج لدراسة وتحليل مخاطر .
شرح لها الفكي علي قائلاً،
_ نمشي ونجيهم مرة تانية عشان يدونا رأيهم .
قال أبرهيت، بعد أن نظف حنجرته بحمحمة قصيرة، مقاطعاً جملة بدأها لام دنق .
_ من الأحسن نمشي .. والفي القسمة نلقاها .
لم يقل المدير شيئاً، فقط إبتسم وهو يستلم مني دراسة الجدوي، يقلبها قليلاً، ثم يضعها علي صينية الأوراق .
ونحن نخرج همس الفكي علي في أذني قائلاً،
_ أنا لو عرفت إسم أمهُ... أعمل فيه عمايل!!!
ود الحايل يَتْفَنْسْ زي الفتاة .
كل مجهودات المجموعة في إصطياد الشائعات ،صنع الأخبار وتقصي الحقائق: فشلت في الحصول علي معلومات مفيدة عن مدير البنك لولا فكرة أبرهيت، ليأسوا
_ ألم .. ألم قشي !!
_ نعم ألم قشي ...
_ أيوا ... ألم قشي!!!
الموظفون الأغراب يتقوقعون في مجموعة واحدة، يتحصنون باسلوب حياة روتيني مكرور، يشبههم لدرجة كبيرة، يكونون جيوب مجتمعية معزولة عن المواطنين، هذا حصن لا بأس به ضد الشائعات والقوالات، لكنه أيضاً : هش، لأنه بإمكان أية فتاة جميلة أمية إختراقه ... المغربون أضعف البشر،
أمام النساء الجريئات اللائي يعطين ويأخذن بسخاء، لكن بخصوصية، بقدر من الادعاء يحفظ كرامتهن، يقدمهن كأشراف، بل كمشروعات لنساء ربات بيوت مؤجلة، يجدن إختلاق قصص الغرام، ألم قشي تعرف هؤلاء الصبيات، تعرف نقاط ضعفهن الوحيدة وهي : الفكي علي. لأسباب معقدة لم تقترح ودأمونة ...
حسناً، تمطي الفكي علي، حسناً، أصبحت الكرة الآن في ملعبه هو بالذات ..
إسمه بلال حسين تركاوي ،
أمه نفيسة بت عبد الله،
أولاً جَمَّعَ الأرقام المقابلة لكل حرف من أحرف الابن والأم، الأسماء الأولي فقط، حدد برج المدير، فتح كتاب شمس المعارف الكبري، ليحدد نقاط ضعف البرج ثمّ يقرر الأمور الأكثر ضرراً ومواقعها الفلكية، ثم جاوز بين الحرف والشجر "العروق" وهو مايسمي "بالسحر الأخضر " ثم جاوز مابين الحرف والشجر والخُدامن يسيه "السحر الاسود" ثم كتب، لم يبدأ باسم الله ولكن بدأ هكذا :
"براءة من الله ورسوله"
كتبها سبعة وسبعين مرة، لفها حول عرق يسمي عرق الهدهد، ثم أدخلهما في قطاع من ساق الخروع، المنظف جيداً، وجاوز الجميع بظفر طائر السمبر الهرم قال،
أعطوه لامرأة نجسة: لتحرقه وتدي رماده للهواء .. يوم الجمعة قبل آذان الصبح..
وقولوا ليها ماترجع بيتها إلا عند طلوع الشمس،







دا خاتم الأمان للمرأة، تتبخر بيهُ يوم نظافتها،( يوجد رسم)
***
عندما مرَّ أسبوعان علي ميعاد الطمث الشهري لألم قشي، تأكد لنا أنها حبلت، سررنا لذلك أخذنا نعد للطفل الأسماء، إذا كان ذكراً فهو: أحمد إذا كانت أنثي فهي " القنيش" ، علي إسم والدة ألم قشي، إذا كان توأم بنات فهما: سابا وسابينا ، أما إذا كان توأم ذكور فإنهما أحمد ومحمود ... وكنا نفضل المولود بنتاً، وهي رغبة ألم قشي ذات الرغبة التي تزوجنا من أجلها وهي ذاتها التي تجعل لتواصلنا الجسدي ، متعة كبيرة وكنت لا أستطيع مقاومة قولها
_ عليك الله حمّلني ... عايزة أحمل !
أكتشفت أن الجنس عندي مرتبط بالانجاب، وليس غيره ، هذه نقطة الخلاف بيني وبينه، وهو ضروري لكي يكون هنالك إنساناً كاملاً، وهو في حالة "الصافية" مسالة نفسية بحتة، بل مسألة إثبات ذات في المقام الأول .
كنت أقول له دائماً..
_ إذا ما كانت هنالك فكرة خلق... فالمسألة تصبح نوع من الميكنة...
يقول لي ساخراً ،
_ إذاً أنت من أنصار "قصة حب وراء كل ممارسة جنسية"؟!
أقول له،
_ طفل ... طفل أيضاً...
قال ضاحكاً كما في الأفلام المصرية،
_ دا إنت رومانسي أوي !!!
فعلاً نشأت بيني وبين ألم قشي علاقة حب قوية، عرفت ذلك من القوالات والشائعات والندولت أو شبه الندوات، التي تعقد في يوم المريسة، في بيت من البيوت وأظن ألم قشي هي الأخري، تلمست ذلك: وقد قيل علانية في بيت خدوم، يوم الاثنين الماضي،
_ الزولة دي تحبك ... وإنت عارف حب الحبش تموت وتحيا معاك .. مبروك ليك ..
وهي الأخري أيضاً قالوا لها .. وكلمتني،
_ قالوا لي سويتي للزول دا شنو؟!
بذلك أكون قد أحببت لأول مرة في حياتي، إذا صدق الناس فيما يتقولون. أما إذا لم يصدقوا فتظل العلاقة بيني وبينها تحتاج لتعريف، ولو أنها تمتلك آلية إستمرارها بأي مسملك كان، فهنالك في الأفق تلّوح البنت بأناملها الصغيرة الرقيقة ، جهها الصغير ... فقد تنبأ لنا الفكي علي، بحياة زوجية طويلة، وأطفال كثر، الفكي علي رجل صالح، من أحفاد رجل من رجال الله اسمه سليمان الزغراد، كثيرون لم يسمعوا به وعرفته، أنا من خلال كتاب طبقات ود ضيف الله، أما الفكي علي، فكان يؤكد علي أن سليمان الزغراد الذي في طبقات ودضيف الله سليمان زغراد مشوه، لأن جده ما كان يعمل "بابكولاً للمراسة" كما كتب عنه كتاب الطبقات، لكنه كان أحد أحفاد الشيخ محمد الهميم نفسه، كان "يرّوب الموية" أما إذا زغرد فما منغلق إلا إنفتح، ولا مشبوك إلا إنحل، ولا غائب إلا عاد، ولا بعيد إلا قرب، ولا صعب إلا سهل، ولا عصية إلا طاعت، ولا كربة إلا فرجت: يقال أن الزغراد لولا أنه خاف الله لزغرد للظلام ذات ليلة لتشرق الشمس في غير ميقاتها.
في هذه البلاد الناس تؤمنون بالله ، برسله ، ملائكته : الفكي علي الزغراد، لذا كنا نأخذ ما تنبأ حقيقة واقعة، ربما هذا ما أعطي لحياتنا نوعاً من الاستقرار، خاصة من جانب ألم قشي، لأن إيمانها بالفكي علي، غير مشروط، أنا كنت أؤمن بأن للفكي علي مهارات، لا تخفي في الاقناع، يعمل في منطقة عصّية من الوعي، له القدرة علي التأثير في الآخرين، كنت أرجع كل ذلك لإمكانيات مادية بحتة، هنا تكمن عظمة هذا الرجل النظيف النحيف الذكي، وكان يفهم رأيّ فيه ويحترمه، ولو أنه يري في نفسه أنه يمتلك قوة روحية، وله خدام من الجن ومعرفة بأسرار النبات، علم الحرف والكف والوجه وأنه من بيت النبوة.
***



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-10-2006, 02:34 PM   #[27]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

هذا هو الفصل الأخير من الجذء الأول في الرواية : كان بعنوان سبتمبر



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-11-2006, 01:47 PM   #[28]
صلاح نعمان
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية صلاح نعمان
 
افتراضي

العزيز بركه وكل الآسماء الرائعه التى ظللت هذا البورد بأحرف دفاقه
من نوار سعد الى عرس الطين كيف تتلوى الحروف جزله من بين مسا ما تك السمراء وكيف ينهض مشروع التحديث الذى كنت مستعجلا لاجهاضه منذ انا أغتالتة هواجس التأ ليف .... لحظة الكتابه أو كما يسميها ود الربيع وفى رواية أخرى البقارى المتمدن كما يقول زمن الكتابه (((( كيف بالله أغتلته( محمد ا دم )قبل أن تنضج أحلامه على مد الحلم ... حتى))))ولماذا أختفت الغنائيه الجميله التى ظللت روابى الطواحين الجميله وكيف .. ولما ذا ترنو الى اللهث خلف التقنيه على مستوى السرد وتجا فى ذاك الآحتفاء الحنين بجماليت المفردة الرائعه التى غصنا فى متاها تها ولم نفيق حتى اللحظه ......( طيرى طيرى ..ركزى ركزى .....)........... هذة أيها الآحبه مشاركة وجدانيه هى الآولى وليست الآخيره فى حضرة الود الجميل بركه ساكن ...ويا ((النذير بيرو))) أمسك الورد ...هل أتاك حديث المحبين أذا هسهس الزهر



صلاح نعمان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-11-2006, 07:53 AM   #[29]
النذير بيرو
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اووووووووووو ابوصلاح
مرجبا بك اعرف انك ستكون متواجدا مع (جنقو) عبد العزيز هذا طقس جميل سودانيات وعبد العزيز سلامي لتريزا وتخومها الجميلة اعرف انها اجمل الامهات حللت سهلا سابدا بتقديم دراستك لانني الان شغال فيها علي برنامج الويرد وبعدين بنزلها هنا

سعيدين جدا ان انضممت الي سودانيات .

بيرو



النذير بيرو غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-11-2006, 10:13 AM   #[30]
صلاح نعمان
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية صلاح نعمان
 
افتراضي

بيرو
من متهة الحرقه فى ميرفت والسمندل الى طفولة على حواف التيمان / ,,,,تنهض كوستى بعريها القديم متـمله صباحات فريق القش وكادوقلى الى آخر موجع الزمن الجميل
....عدت الى كوستى وأكثر من شد أنتباهى كثرة المخبلين على شوارعها التى لم تسمع بالضجيج ولا صياح الباعه من السوق العربى ....
عدت وتهت حيث لا وطن للحنين كما يقول أحمد ضحيه ولا الحلو ولا لا لا ...رحل كل الذين نحبهم ..حتى بركه أخيرا هرب



صلاح نعمان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 07:26 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.