نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > الســــــرد والحكــايـــــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-09-2009, 06:28 AM   #[31]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

اقتباس:
ده حكي مشوق يا ولد أبوك
واصل .. بإنتظارك

مراحب بشليل صاحب الكتابات الجنونية

ولنا أوبة طبعاً



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-09-2009, 02:36 AM   #[32]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

[align=center](13)[/align]



ذات يوم في مدينة زيندر، ونحن جلوس أمام ورشة النجارة إذ شخص مار يتظاهر أن به لوث يحمل مزماراً من قرون الغزلان، يثبت على كتفه بواسطة فأس قصيرة حقيبةً جلدية تنضح جنباتها بالدهن، يعزف موسيقى غريبة رغم عدم قدرتي على تمييز فرادتها، يجاهد الرجل الغريب في عزف مزماره وبعد فترة ليست بالسهلة يظهر على مسرح الحدث كلب يوزوز ذيله يأتي مطأطئاً ناحية الساحر حتى يقعى قرب رجليه، فيعاجله بضربة مسرحية تضوع منها الرأفة والتؤده فيصرع ذلك الكلب ثم يحشره في حقيبته النازة ويختفي عن الأنظار! (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة) بكسر قاف القتلة.
علق صاحب الورشة بقوله: يوجد في النيجر أقليات وثنية تعتاش من أكل لحوم الكلاب .

خرجت أتمشى لوحدي من باب الفضول الذي سيطر على أغلب مجريات حياتي، فمررت بصاحب السجائر، أشتريت منه علبة سجائر روثمان إذ لا سجائر خلافه على طاولته الطبلية، جلست معه عشماً في تجسير علاقة حميمة وقد خلفت ورائي آصرة امتد عمرها شهراً كاملاً رغم أن لغة تواصلي مع السيد علي (التباكونست) معطوبة كثيراً، وقد طلب مني في آخر رؤية له وأنا أغادر صوب العاصمة نيامي أن أحضر له زوج حذاء هدية.

يممت ناحية الكنيسة الوحيدة التي أفادوني بأنها المكان الوحيد الذي يمكن أن أعثر فيه على من يتكلم اللغة العربية. و بناظري في كل صباح كالمعتاد يهرع سكان المدينة زرافات ووحدانا ناحية السوق الكبير يحملون الأواني والمواعين الفارغة أملاً بالعودة بها مليئة آخر النهار. أغلب الأطفال لا يذهبون إلى المدارس بل يقضون أواقاتهم بحثاً عن الرزق، فقد تواضع سكان تلك البقعة على أن كل فرد في الأسرة مسؤول منذ الصغر عن مصير رزقه، وفي داخل بيت الأسرة يتم إعداد الطعام للأب أولاً وعندما يفرغ يتحول الطعام للأم وهكذا من الابن الأكبر وحتى آخر العنقود ومتى ما انتهى الطعام شرع الجوعى الباقون في كسب رزقهم من عرق جبينهم. فصبي الست سنوات يجوب السوق حاملاً أكياس خضار أو أي عمل شاق ليسد به رمق حاجته، والفتاة تولي إلى منزل صديقها بحثاً عن لقمة عيش ولو كلف ذلك استطعامها ثدييها. وكثيراً ما هناك! أن تتزوج ابنة شخص كبير من رجل يخدم عتالاً مثلاً أو من غير طبقتها، ولا يجرؤ الأب على التدخل في شؤونها الخاصة نسبة للفصل الاقتصادي الذي واكب الأسرة في بكورها.

لم أر بأم عيني محراثاً واحداً للزراعة كما ولم ألحظ مصنعاً أو مشروعاً منتجاً يمكن أن يتزيى فيه العاملون بأبرولات العمل وديباجات المؤسسة في غدوهم ورواحهم طيلة مدة الثلاثة الأشهر التي جبت فيها دولة النيجر، وإنما شحيح من الرعي غير المنظم بين شعاب الوديان، أما هؤلاء الرعاة ليست لهم أدنى علاقة بالمدينة والسكن المكتظ الطرقات. فالمصنوعات مستوردة بكاملها من الكبريت وزهر الملابس وحتى الأواني (الطلس) المدموغة بصور علم نيجريا أو الزعيم بابانجيدا والنفط المهرب في باغات البلاستيك، فأدركت أن تلك البلاد لامحالة منذورة بمجاعة لا تبقي ولا تذر، وقد اجتاحتها المجاعة أخيراً حتى نفق البشر. و في رحلة عودتي من نيامي ميمماً إلى ليبيا مروراً بمنطقة تاوا علمت أن النيجر من أغنى الدول في العالم بمعدن اليورانيوم، إلا أن دولة فرنسا تتحكم فيه من الاستخراج وحتى تصديره وقد أنشأت مطاراً خاصاً بذلك في موقع حقوله مربوط مباشرة بباريس لا يمر عبر العاصمة و محمية بقوات أمنية عالية الدربة، وتلقي ببعض الفتات كعطية مزين في جيوب أفراد من الحكومة الفاسدة، ولا غرو إن علمت أن في كل وزارة نيجرية وكيل وزارة فرنسي الجنسية!

تجاه الكنيسة ممر طويل يقود إليها مع انقطاع المارة، المدخل الكبير مفتوح نصفه لدخول السائلين عن الله ، لم أعثر على جرس لأطلب الاستئذان فدلفت إلى الداخل تجللني هالة من قداسة المكان، ثم شرعت في المناداة خفيفاً ثم توالت نبراتي في العلو والصياح، فخرج من أحد المنازل الجانبية داخل الكنيسة رجل أوروبي طويل في زي قبائل الموسوية التي تقطن بوركينا فاسو التي غير الليبيون مسماها إلى (وركينا فالصو)!
تبادلنا التحايا ورحب بي داخل نزله الخاص وذهب لأمره داخل المنزل ، تفرست فإذا بالغرفة سرير عال من شاكلة أسرة المستشفيات يحتل نصف الغرفة على قائمتيه تتدلى ملابس داخلية مشرورة كيفما اتفق، على الجدران صورة أثرية للمسيح (عليه السلام) وعلى مبعدة، يقبع طقم جلوس من تحته تناثرت زجاجات سوداء فارغة.
قدم لي القس الماء فشكرته ثم جلس وشرع في الاستجواب البريئ ، فعلم أني جئت من بلاد غير البلاد التي يأتيه منها أغلب المؤمنين من غرب أفريقيا التماساً لمباركة سفر أو طلباً لمساعدة عينية.
عندما وصل به السؤال عن جنسيتي.
قلت له من السودان.
هتف كالملدوغ: يا زوول!
فأخدت لغة الحوارمنعطفاً آخر ليس من حيث الموضوع بل في اللغة كليةً لدرجة أن طلب مني كتاب عاميتنا الفصحى للدكتور عون الشريف قاسم !
علمت أنه أمضى اثنتي عشر عاماً في أفريقيا قضى منها حولين كاملين في السودان إبان حكم النميري في المعسكرات شرق السودان، وقد تعلم عربية سودانية كافية للخوض في أي غمار فكري دون تلجلج. أكد وجوده في السودان بتذكره لمشهد عند زيارته للخرطوم قادماً من شرق السودان فشاهد في بناية ستي بانك الجيش وثوار آخرين يتبادلون إطلاق النيران. أما آخر دولة له قبل وصوله إلى النيجر فقد كانت بوركينا فاسو التي أخذ منهما الكثير من العادات واللباس واللغة.
يتحدث القس هنري الهولندي أكثر من ست لغات أفريقية بطلاقة ويعرف عن المجتمعات الأفريقية ما لم تضمه الكتب في أرقى الجامعات الأفريقية. لم يقم ولو مرة بالتحدث عن الدين المسيحي أو الإشارة إليه، كما ولا يستخدم عبارات دينية مقعرة. رجل طويل في أول الأربعينات غير طقس أفريقيا سحنته فأصبح أقرب لملامح قبائل الطوارق منه إلى الأوربيين.

دخل شخصان إلى حجرة القس وطلبا منه بلغة إنجليزية أن يدعو لهما. استغرق عدة دقائق يلحف الله بالسؤال ليبارك خطواتهما وختمها مع الرجلين بأمين غير آمين الطويلة ذات الست حركات.
خرج الرجلان وبعد برهة دلف إلينا شيخ متأبط سلة مخاطة شفتيها إلا فوهتين صغيرتين تبرز من خلالهما منقارا بطتين. سلم و حرر البطتين وسلمهما إلى القس الذي بدوره جسهما ثم أطلقهما داخل ذات الغرفة ليعبثن بقداستها بنفض ريشهما وينزوين تحت الأثاث المنزلي، ثم ينفح القس الرجل ثمن بطتيه فيحمل سلته ويغادر الكنيسة.

لم يتعلم القس هنري لغة السودان فحسب بل عاش ثقافته وتقاليده، فقد تكلم عن قبائل الخاسة في الشرق وما يجدون من معاملة غير كريمة ، كما خبر مشروبات السودان الروحية وسألني إن كنت أعرف (أبوحمار)!
فقلت له لأول مرة أسمع بهذا الاسم السوداني المخترع. فقال إنه مشروب العرقي الذي يحول شاربه إلى حمار بالتمام في الصباح الثاني.
ذكر أنه أصيب في السودان بالإحباط لمرتين: مرة عندما هم بزيارة الكعبة في مكة فسافر إلى مدينة جدة ومنها إلى مكة وقبل دخولها تم التحقيق معه وكشف عليه داخل حجرة فوجد أنه غير مختون فمنعت السلطات دخوله وكان يحدوه الأمل في زيارة بيت الله.
أما الثانية، بعد أن غادر السودان لكنه ترك نصف قلبه مع الأحبة والأصدقاء فذهب إلى سفارة السودان في مصر وطلب تأشيرة دخول ولكن قوبل طلبه بالرفض لوجود تأشيرة إسرائيلية في جوازه ولم يتسن له تحقيق أمنتيه أو إحديهما.



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-10-2009, 04:50 PM   #[33]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

ولا تنسى بين سوداني متلبيب وليبي متطلين!


كيف جات الجملة دي ماعارف!



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-10-2009, 11:33 PM   #[34]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

متابع

هذا الأدب الرفيع

الوصف الجميل و التفصيلى و الدقيق .. للناس الطبيعة ..

و الحركة

نقلتنا لعوالم .. ونوع كمن الأدب إفتقدناه ..



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-10-2009, 12:17 PM   #[35]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

اقتباس:
متابع

هذا الأدب الرفيع

الوصف الجميل و التفصيلى و الدقيق .. للناس الطبيعة ..

و الحركة

نقلتنا لعوالم .. ونوع كمن الأدب إفتقدناه ..

العزيز معتصم الطاهر متعك الله بالصحة وموفور السعد
والله الناس الطبيعة صدقت
شكرا لتشجيعكم والثناء



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-10-2009, 05:16 PM   #[36]
على ماجداب
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

صيام .. تحاياى
وفى كل مكان تبدو بشكل إبداعى آخر وعميق وجميل .. وماتع
انا هنا متابع ..
دم بخير



التوقيع: [frame="1 80"]إن بكى قلبى عليه بدموع من لهيب
فى وجيب
لا غرابه
عُشرة كانت بحق جاوزت حد القرابه[/frame]
على ماجداب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-10-2009, 02:41 PM   #[37]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

اقتباس:
صيام .. تحاياى
وفى كل مكان تبدو بشكل إبداعى آخر وعميق وجميل .. وماتع
انا هنا متابع ..
دم بخير
يا ابن مسقط رأسي
لكم الود كامله
متعك الله بالصحة والعافية

خليت بابك المتركش وين؟
يا سلام ياماجداب الشوق بحور أبيض يا أخي



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-10-2009, 04:06 PM   #[38]
على ماجداب
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آدم صيام مشاهدة المشاركة
يا ابن مسقط رأسي
لكم الود كامله
متعك الله بالصحة والعافية

خليت بابك المتركش وين؟
يا سلام ياماجداب الشوق بحور أبيض يا أخي
صيام إزيك
الباب بدلتو بى وش متركش




( ثمة تقاطعات كثيره بيننا فى سردك الشيق ..سأعود )



التوقيع: [frame="1 80"]إن بكى قلبى عليه بدموع من لهيب
فى وجيب
لا غرابه
عُشرة كانت بحق جاوزت حد القرابه[/frame]
على ماجداب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-03-2010, 05:31 PM   #[39]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

(14)

في اليوم التالي حملتني رجلاي صوب الكنيسة بلا أدنى تفكر، أذ لا وجود لي في عالم هوساتي (هوساوي) متقاطع اللغة دون أن يضخ فيك محاور تشاطره اللغة كيميا الوجود، أما أصحاب الورشة ففي نشارتهم الخشبية فاكهون. مررت على الشارع كالعادة ورأيت طفلاً أعمى قائماً على صندوق شاي يرتل القرآن عن قلب ويقف عليه رجل أربعيني يحمل مكبر صوت يفسر تلاوته بلغة الهوسا. كان ذلك على جانب الطريق المحازي لسلك شائك ينتهي إلى المسجد الكبير الذي شاده معمر القذافي. المارة في انحدارهم ناحية السوق (قدح النبي) يتزودون منهما بحكمة ثم يواصلون رحلة أرزاقهم. دراجات نارية من صنع الصين تغز الشارع غزاً أغلب راكبيها فتيات بزيهن النيجري المميز الذي يكشف أفخاذهن من تطاير أثوابهن الملفوفة المزركشة من على أوراكهن جراء هبوب الريح الذكر.

مررت بالصيدلية الوحيدة في مدينة زندر ورغم وحدانيتها لا يؤمها الناس إلا لماماً لشراء دواء أذ استعصمت تلك البلاد ذاتياً من الأدوية الحديثة باستخدام الأعشاب والرقي والتمائم والقورو (ثمار أشجار مرة المذاق درجت العادة على تقديمها في مناسبات عقد الزواج) إنما كلما يحتاجونه منها لا يتعدى الواقي الذكري الذي يوزع مجاناً وقليلاً من أقراص الصداع، حتى الواقي الذكري فإنهم زاهدون فيه وينظر الكثيرون منهم إليه بعين الترف الغربي وكأحد رياح العولمة المعيقة لوصول الذروة المنشودة! عبرت بالمكتبة الفرنسية التي ذكرتني بمكتبة الريح في أم درمان ثم انتهيت إلى الكنيسة.

ترسمت خطاي إلى الكنيسة و كان القس أيضاً في أحر من الجمر للقائي. استقبلني استقبالاً سودانياً خالصاً حتى أني نسيت الزمكان الذين تسوراني. تخدت موقعي بالقرب من مكتبته التي تغص بكتب القرآن و ترجماته بلغة الهوسا واللغات الأوربية الأخرى حتى حسبت نفسي في منزل أحد المتنطعين الذين يزينون رفوف مكتباتهم بأمهات الكتب ولا يألون جهداً حتى في نفض الأغبرة التي تعلوها.

.



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-03-2010, 05:38 PM   #[40]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي


أفادني القس بقصة ذهابهم إلى الريف حيث أمضوا ليلتهم في إحدى القرى النائية يدعون أهلها إلى نداء الرب إلى أنهم تفاجأوا أيما مفاجأة بحفاوة أولئك القوم، فعندما جن الليل بعد تناول الطعام وختام لقائهم جمعوا إناثهم وذكورهم البالغين في مكان واحد لتناول وجبة جنسية جماعية.


كما أبان أن المسيحية لم تلاق رواجاً و إقبالاً في أوساط سكان النيجر وأن عدد الذين تمسحوا لم يتجاوز 219 شخصاً علاوة على أن هذا العدد أغلبه من خارج دولة النيجر من النازحين والعابرين السبيل إلى دول أخرى وقد ذكر لي أن نسبة 98% من سكان النيجر مسلمون أما البقية إرواحيون لذا قل أن يغيروا جيناتهم الدينية إلى دين آخر.

دلفنا في الحديث إلى الأحداث السياسية في السودان والوضع المتكرر فيه، ثم سألني سؤالاً أطار صوابي من تصوري القداسة التي كنت أتنكبها في الحديث مع رجال الدين، إذ كنت في بادئ لقائي محتاراً في اللغة الدينية التي ينبغي علي اختيارها بعناية و رزن.
إذ قال لي: ما رأيك في الجنس؟
فقلت: طيب، ولا مناص منه.
ثم سألني أيهما أكثر إمتاعاً، ممارسة الجنس داخل إطار الزواج أم خارجه؟
حينها مددت رجلي الحنيفية ورفعت الكلفة.
أجبته: ليست لي تجربه بالزواج حتى أصل إلى حكم في هذا الشأن!
بعدها سمعنا حركة شخص من جهة المدخل اتضح أنها فتاة جاءت لأخذ الصلاة وعندما باركها انصرفت في أدب وخشوع ثم رجعنا إلى حيث حديثنا وخضنا في مواضيع شتى حتى أزقت ساعة رحيلي فقام بوداعي إلى الشارع وانصرف إلى كنيسه. استمر الحال هكذا لمدة شهر إلى أن جئت في آخر يوم و ودعته في طريقي إلى العاصمة نيامي التي تقع في أقصى الركن الغربي من النيجر جوار دولة مالي ومن هناك تبعد المسافة بينها وعاصمة مالي بوماكو مسافة ثلاث ساعات.

رجعت مساءً والناس هارعون إلى منازلهم وفتيات غيد يلعبن ويغنين بأغاني فسرها لي مضيفي بأنها ذات إيحاءات جنسية يدعين فيها الفحول الجريئين فقط إليهن، والجنس في تلك البلاد ليس له بواكي، فيمكنك أن تتزوج اليوم بطبق من القورو وتفسخ زواجك لتتنكب امرأة أخرى، كما لا يعرفون التزاماً بأن رغبتك في الزواج يجب أن تكون مقرونة بطبقتك الاجتماعية أو المالية، فحمال قصب بوسعه أن يتزوج ابنة وزير وصاحب حظوة تجارية يتزوج من بائعة فول مدمس، أما أصحاب الجاه والسعة فيترخصون في التعدد حتى فاضت ميامينهم، بل الأدهى من ذلك أن رجالات الدين لهم صويحباتهم الصغيرات ولا مندوحة، ومتى مادخلت الزوجة مرحلة الولادة انتقل زوجها إلى كاعب أخرى دون تحرج، لا محاكم قضائية ولا نفقة ولا غيرة نسوية. الجنس في تلك المناحي كائن منتصب مستقل عن الأديان والمواثيق الاجتماعية.

رجال ذاهبون لصلاة الجمعة يتعرون في حائط المسجد جماعة وافراداً ولا نادي العراة في باريس وهم يستجمرون ولا غضاضة، وكلما أتذكر مشهدهم تستحضرني مقولة جارتنا العجوز الجبينة التي رسمت لنا صورة للرجال الفحول في زمانهم بأن الرجل إذا جلس إلى الخلاء لحسبت سخلاً تحته.
وأخر عراة يسبحون في نهر النيجر في نيامي ويقضون جل وقتهم عراة على الشاطئ حتى تجف جلودهم فيداهمون الماء كرة أخرى حتى تفزع الأسماك، وفتيات متوركات بقربهم يمارسن أعمالهن من غسيل وتنظيف حبوب على الشاطئ ولا عزاء للدمى والحرافيش.
حزب نصرة (النصر) بقيادة الرئيس حسين كونشي الذي اتخذ له ساحراً اسمه مامدو (محمد) الدجال ينزل أنصاره إلى الشوارع في دعاية انتخابية قوامها فتيات ناهدات اثداءهن تتطاير تطايراً في الهواء وعلى صدورهن صورة الرئيس.
فريق كرة قدم نسائي تتطاحن فتياته مخاشنة للفوز بلقب لا أدري كنهه.



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-03-2010, 07:54 PM   #[41]
خالد الصائغ
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الصائغ
 
افتراضي

دي حروف دفيقا طاعم و حكي دسمو كامل

شكرا آدم علي المتعة الدافقة


لك الود كله



خالد الصائغ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-03-2010, 04:31 PM   #[42]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

اقتباس:
دي حروف دفيقا طاعم و حكي دسمو كامل

شكرا آدم علي المتعة الدافقة


لك الود كله


الكريم ود الصائغ
تحياتي واحتراماتي
سعدت بمرورك
وشكراً لشعورك
دم طيباً



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-03-2010, 04:34 PM   #[43]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

دعاية انتخابية قوامها فتيات ناهدات اثداءهن تتطاير تطايراً في الهواء وعلى صدورهن صورة الرئيس.


الصحيح: أثداؤهن



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-04-2010, 07:06 PM   #[44]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي

[align=right](15)[/align]


بعد أن أمضيت شهري في مدينة زندر انتظاراً لانفضاض إضراب أصحاب السيارات المتجهة إلى نيجريا، اقتنعت تماماً بتغيير اتجاه رحلتي كليةً من ناحية نيجيريا في الجنوب إلى العاصمة نيامي في الغرب وذلك بسبب اعتراض فكرة مضيفي التي مفادها أن بالإمكان العمل في حقل التعليم في النيجر والحصول على أضعاف ما أحلم به في نيجريا لا سيما بعد السقوط المروع لعملتها النايرة كما أن الهواجس والعوامل النفسية التي زودني بها القادمون من هناك جعلت نفسي زاهدة في مواصلة الرحلة. وأكثر ما أغراني في المكث هو رؤية المعلمين المنتدبين المصريين يعيشون في تلك الأصقاع عيشة الملوك تسندهم بعثة ضخمة وقنوات مصرية تخاطب تلك النواحي باللغة الفرنسية والعربية في محاولة مصرية جادة لتوليف وشائج أفريقية. - فقد تقمصت شخصية معلم مصري حيناً ومن يعش في غير جلباب نفسه خسئ-

تشير الإفادة، أن توجد معاهد لغات أجنبية بالبلاد تمنح موظفيها رواتب مغرية، كما أن أمين التعليم في محافظة زندر على علاقة طيبة بمضيفي، تربطهما علاقة المصاهرة غير المرئية، و هي أن أمين التعليم متزوج من امرأة بزعمهما سودانية إلا أن المرأة السودانية في عظمها ولحمها مولودة في مدينة جدة السعودية ولم تر أرض السودان في حياتها ولا تحمل وثيقة سودانية وكلما في المآصرة إن وُجدت، تكمن في أن آباءها عبروا حجاً السودان إلى البقاع المقدسة أو أن الجميع تكارنة . صحيح أن الرجل عند الحاجة ابن عم المرأة! وصحيح كأنما أمحص جذراً سودانياً خارج أرومة القارة والإنسانية.

تخيرنا صباحاً رباحاً وذهبنا إليه في مكتبه الواقع وسط المدينة. مباني الوزارة مشادة بالطوب الأحمر ومطلية بلون البيج، تسوّرها أشجار من النيم ترسم ظلالاً لفيئ كثير الثقوب قليل الظلال، هذا المشهد يستحضرني بيت للمتنبئ في وصف شعب بوان
وألقى الشرق (الشمس) منها في ثيابي
دنانيراً تفر من البنان
أيادي أشجار الجهنمية تنثر أوراسها الحمر على جداول مرسّمة بمثلثات الطوب المركوزة على الأرض من بقايا نفايات ما بعد البناء و التشييد، ثمة درّاجة ماركة رالي أكل عليها الدهر وشرب ألقت عصاها عند البوابة بعد وعثاء و خبب ومشروع خميلة في قلب مباني التعليم نقصته المياه والعزيمة لم تكتمل لوحته بعد، أرجعني لمدرستي الإبتدائة في قرية دار السلام ريفي الجزيرة أبا - مديرية النيل الأبيض (سابقاً) تأسست عام 1956. لا ينقص تلك اللوحة الزندرية إلا عم الضو الفراش ممسكاً بخرطوم المياه ليسقي زهور ساحة الطابور.

دخلنا إلى مكتبه وسلمنا عليه ثم اتخذنا مجلسنا على الكراسي الخيزران، وما إن انتهينا من لغز التعارف حتى فحص شهاداتي; طلب مني تصويرها ولا بد أن تكون صورالشهادات صادرة من قسم الشرطة إذ هو المكان الوحيد في المدينة الذي يحق له تصوير المستندات. خطفت رجلي سراعاً إلى قسم الشرطة ، دفعت الرسوم المقررة ورجعت إلى أمانة التعليم، وعندما طلب مني شهادة الجنسية، أخرجت له جوازي.
حينها علم أن الجواز غير نيجري، أشار أن لابد من استخراج جنسية نيجرية إلا أن معرفة اللغة شرط أساسي فيها!
عاجلنا بالخروج من هذه الورطة بمقترح آخر، فذكر أن له صديقاً بناحية العاصمة نيامي يُعرف بدكتور بالو أو جالو له معهد لغات ويحتاج لمدرسين أجانب.
قلت خيراً إن شاء الله، فوعدني بالاتصال به وإفادتي في بحر أسبوع.
عاودته بعد الأسبوع فأعلمني بأن الدكتور استلم أوراقي وتم اعتمادي وبشرني بالوظيفة الجديدة والراتب المغري.
ثم عاودته بعد أسبوع فأرجأني بانتظار تدبير التذكرة.
حامت خيالاتي بين التأقلم والمواطنة أياماً لدرجة أن حلمت بأني تزوجت من تلك البلاد و أردت زيارة موطني مصحوباً بعائلتي.
وعندما نفد صبري طلبت منه فقط إعلامه بمقدمي في التاريخ المحدد ثم حزمت أمتعتي ميمماً صوب العاصمة.



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-04-2010, 07:16 PM   #[45]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي


كان ذلك الصباح المفارق مدينة زيندر كأنه فراق وامق، عمال الورشة عن بكرة أبيهم في وداعي ، نساء الحي وصغاره في اشرئباب لمعرفة المفارق. بعد أن طمأنت تاجر السجائر بعدم نسيان وصيته المتمثلة في زوج الـ(تاكِلمي) وبمخيالي كل ما من رأى الموكب المودع نفحنا ابتسامة وداع.

زودني مضيفي بعنوان مطعم في قلب العاصمة باسم (مطعم الخرطوم) لصاحبه محمد علي السوداني المطابق لاسمه ، فما أن أصل إلى هناك وإلا تتبدد حيرتي. لو زعم شخص مجرد زعم أنه أينما ذهب في بلاد النيجر وجد سودانياً من ابناء جلدته لوصفوه بالخرف ، وها أنذا أينما تنداح خطاي أعثر على سوداني!
ثم استقللت الحافلة المتجهة إلى نيامي العاصمة لتسلك طريقاً بطول ألف كيلومتر معبداً.

تحركت بنا حافلة سعة الأربعة وعشرين راكباً في طقس مغتبن بين هبوب رياح الشتاء المغادر ودرجات حرارة الصيف المقبل . وبعد ان اتخذت متكئ قبالة النافذة أتصيد مناظر تلك البقاع إذ تمر بي تربة طينية حمراء تمتاز بعض الشئ بكثافة أشجارها مقارنة بحوض أقديس الخالي الوفاض. جهاز تسجيل الحافلة يبعث غناءً رزيناً تصاحبه آلة موسيقية أقرب إلى الربابة إن لم تكن هي هي.
تمر المشاهد أمامي اقتراباً وتباعد، لافتة متواضعة تشير إلى طريق العاصمة نيامي باللغة الفرنسية ، كومة أكواخ مبلطة بالطين الأحمر تجلس على جذوع أشجار ضخمة ولها أبواب شبه دائرية تقبع خلف قرية خمنتها (سويبات) مخازن غلال من خلال تنبع فكرتها العملية في جعل مياه الأمطار تمر من تحتها دون تأثيرها على الغلال. ها هنا زرافة تجد المسير بحثاً عن ما يخفيها وراء الآكام من أزيز السيارات حيث لا يخفيها إلا الظلام كما تطابق مع مقولة الراحل جون قرنق في نصح السيد الصادق المهدي في مسربه خارج الوطن فيما معناه: (أن الفيل لاتخفيه أشجار الغابة)
بعد مسير ساعات لا أذكر عددها توقفت بنا الحافلة عند قرية تظللها أشجار تشبه السيال تكتنفها بحيرة لعلها نهر انصرم في موسم الجفاف. رجال عواجيز وصبية يجذون جذور نبات الديس من البركة ربما لاستخدامها في فتل حبال. لم نعثر في مطعم تلك المحطة على طعام يذكر غير أسماك محمرة وفصوص من قصب السكر، فحصلت على بعض منها وتابعنا المسير.

شاهدت على مخرج المحطة رجلاً عجوزاً يجلس أمام كوخه يستطعم بعضاً من فيتامينات الشمس ويفتل حباله بظهر عار وسروال حسبته من ذوات التكة وأمامه حزمة من الديس تمر بقربه امرأة فرنسية ولكنها تتمنطق بلباس نساء النيجر تخاطبه:
حاجي! إنا كونا، لا هي لو إنا سنجي
فيرد: إنا كونا لا هي لو تماد الله، بركة، سنجي لو كشي
وباستمطاق كلمات مثل حاجي، وتماد الله وبركة ووقتي (لوكشي) يتضح مدى تأثير اللغة العربية في لغة الهوسا وهذا ما ذهب إليه علماء اللغات بأن لغة الهوسة هي مهوسة (من الهوس) عن العربية، ولا غرو إذا كانت حتى ألفاظ العقود الهوساوية عربية صرفة وهذا ما يتوعدني عند سماعي لغة الملايو (بهاسا ملايو) في أرخبيل الملايو جنوب شرق آسيا حيث أنها كذلك متحت من اللغة العربية حتى فاض معينها، إلا أن أسباب أخرى تقبع وراء تحويل تلك اللغات لاستخدامها الحرف اللاتيني مؤخراً.



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 01:46 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.