ليل أوميو الحزين ,اهداء ل عصمت العالم , بيكاسو , عالم عباس ولرفقة الزمن الجميل

[Garcia]

( ليل أوميو الحزين )

الليل فى أوميو يحتسى من كأس الصقيع
فتنهزم الظلمة خلف ذرات الثلج
المتسارعة الخطوات ...
ايامنا خطى تموت على محطات السراب
رائحة الموت تغطى المكان
فوق جفون النجوم المرتخية
وفوق اطراف الشجر
كل شئ دامع ... كل طريق
كل غرغرة للشهادة
حتى اشجار الصنوبر فى طرقات الجبانة
رمتها سنابك العدم
وقع خطى الحانوتى اللاهثة
تخيط أكفانا للشمس وضفتى القمر
الذى يدندن باكيا
الريح تشهق تسبقها غمغمات غامضات
وصوت يتيم حزين تبلله الدموع
يركض فى الطرقات
يهتف مثل زخات المطر :
" ايها الاحباب قد آن الرحيل
ايها الاحباب قد آن الرحيل ''

نازفا اسبح فى ليل المستحيل
تواسينى المواويل الدوامى
من هودج اسفارى ومن اطلال
احلام توارى جرحها فى اللاوطن
حمحمة الخيول تدك ابواب السكون
يرتعش الصمت الممدد فى الفراغ
وتنبجس فى أوميو مآذن ودنوباوى الخالدات
تشد من اذرى وتمسح من سهول
احزانى دموع مترهلات
تحاصر الفجيعة اهداب السكون
وتتسلل دموعها كالعناكب لتسكن
وجوه الغائبين والدور البعيدة
ومقصلة الرحيل
ثم تتدحرج مثل كرة ثلجية
لتستقر فى مخيلة الموتى ..

* عادل عثمان عوض
فبراير / 2006 م
هولندة / امستردام

كاتبها هو شقيقى الاكبر , لديه اعمال
شعرية حبيسة الادراج منذ زمن طويل ,
شهد عملان النور والعقبى للبقية ..

أوميو : مدينة تقع فى شمال السويد ..

[عصمت العالم]

العزيز جارسيا...

دعنى اولا احى الرائع الاديب عادل عثمان عوض..نتمنى ان يواصل معنا فى سودانيات ...ملامح ولولته وهى تثير غبار الاتربه وبقايا الرماد وتزروه على ماذن وكنائس تلك المدينه التى غشاها غبش الصباح وهى تغرق فى الصقيع حتى اخمص خاصرتها...وترتجف فيها كل ملامح تلك الوجوه العابره والأجئه والهاربه من نيران السعير...وخلوة الغربه هى عذاب من سعير...ولظى من جهنم...وفى الخاطر تعربد كل تلك الاخيله الشوارد وهى فى جحيم عركستها ..وتشاركها جحافل الاشهداء على فجر التاريخ من قوات الامام المهدى علىسفوح كررى وهى تدفع الارواح دفاعا عن مهجة الوطن...وهى تعتلى ظهور الصافنات وكما صورها الخليل...فى شعره..]حيث كنا فوق اعراف السوابق]..
ولعله ماضى تليد لا يزال عبقه يتحلق فى طهر العتق ويتجول باعثا جذوة ارتعاش فى خلايا حس النفس المنهزم باسباب الرحيل والملاحقه والانفاس تلهث بحثا عن ملجا اخر بعد ان احتدم القتال فى الوطن..وتبعثر ابنائه على رحل التشتت فى ارض الله الواسعه..فالرؤيه من خلال ابصار النظر الحنين لمراتع الصبا ومهد الطفوله ...وحفيف الاتربه على شوارع ودنوباوى ...من الهجره الى ود البصير الى شارع الدومه الرمز...وهمس الحديث ..وتراشق الكلام وصدق كل ذلك الاختلاط الوشائج فى تلك البساطه البراءه..المنح فى عفوية الخاطر وصفاء الوفاء...
ملحمة من انسجام نسيج فالحله هى الاهل والشجون وهى المرابط وهى المحتوى وهى الاحضان...وتلوح تلك الوجوه النضره.على اصطباح اشراق من توهج وضياء...

الاديب عادل عثمان عوض....
وانت تعلق قميص ابن يعقوب على كاهل الزمن..وتفصد شرايين الجراح...وتغرس فى وريدها تلك الابر الوخز..وانت تعيد تشكيل صورة حنين الماضى على مدينة الصقيع..ولفحات رياح الهواء البارد تصفع تداخل الالوان بوشمها..لتاكد انها برغم البروده التجمد...تحتفظ فى لسعاتها بحرارة الاحتضان برغم فوارق الانتماء العرقى..

وصباحات المدينه وهى تحكى عن وجع الفراق.وتههمهم بصمت الصراخ والجوانح تضطرب وهى ترى نفسها تذبح على نطع البعاد....
وحقيقة بعثرنى هذا المقطع..وحملنى فى حضن رياح تناثره الى ذلط الارتداد السحيق..





.فالله سبحانه وتعالى قد زين من حكمته ومن سخاء عطائه....تلك القلوب لتحتضن من طش من نيران ظلم ولاة امره ومن قهرهم ومن تسلطهم...
وتبقى ملامح الصوره الحزن فى نزف جراح تكوينها مختلطة باللوعه والانين والاسى..والانكسار الشديد...

وانت بمقدرة الفنان تعيد ترتيل دعاء المحفل....باداء الصوت الفجعه والوجعه..وتعيد التشكيل بوحيح من تداخل الرسم الاسى...
ما اروعك العزيز عادل..وانت تصور لهيب نيران الاحتراق..

عميق الاعزاز

وما اروع هذا المقطع..انه خاتمة المسك..ورمزية العذاب الهجر والقهر...


تنبجس فى أوميو مآذن ودنوباوى الخالدات
تشد من اذرى وتمسح من تحول
احزانى دموع مترهلات
تحاصر الفجيعة اهداب السكون
وتتسلل دموعها كالعناكب لتسكت
وجوه الغائبين والدور البعيدة
ومقصلة الرحيل
ثم تتدحرج مثل كرة ثلجية
لتستقر فى مخيلة الموتى ..





العزيز الاديب جارسيا الرائع..


ما اروعك واجملك وانت تمنحنا فرصة التجول داخل عوالم الاديب عادل عثمان عوض المضيئه والمتوهجه..
وبالطبع نطلب مزيدا من شراب تلك الدنان العتق

[Garcia]

العزيز عصمت العالم
ها انت كنت اول المارين حول هذه الكلمات , وقد بدأت فى تشريح النصوص ,
وحللتها بصورة رائعة كعادتك , ولا شك ان هذه القراءة ستسعد كاتبها ويقدرها
خير تقدير ونتمنى ان ينضم الى هنا ويمدنا بالمزيد من قصائده وكتاباته ..
كيف لا وهو من المتابعين للمنتدى منذ وقت طويل ,
ومؤكد ان القصيدة حركت فيك الكثير من الشجون ولوعة الاشتياق , وكل تلك
الذكريات وهى فى لحظة مهيبة وعظيمة ... وهذا كان شعورى الاول عند اطلاعى
لاول مرة لكلماتها وانزلتها مع احدى قصصى القصيرة بمنتدى الكتاب ...
( فى انتظار الرحيل ) لان هناك علاقة قوية, بينهما وستلحظ ذلك عند اطلاعك للقصة ..
واروع ما فيها ايضا انها كتبت بشجن جميل , يدوزن العواطف علي وتر ممعن في النقاء
ويوزع عصافيره علي شجيرات المعاني ... لتعزف ما يمكن اعتباره صرحا اساسيا في بناء المشهد الشعري ....
بلا شك سوف ادعوه لمتابعة البوست وربما تكون فرصة لكى ينضم للمنتدى ...
مع عميق المحبة والتقدير

[قوت القلوب]

كلام جميل

وأجمل أن ينشر

كم فى الخاطر من مدن
وأناس !

[Garcia]

قوت القلوب
الاجمل هو مرورك من هنا واطلاعك للنص ,
ولك عاطر التحايا والسلام ..

[عالم عباس]

جارسيا!
قصدت أن أحجز مكاني هنا، ريثما أعود!
لا تعلق الآن!
انتظر عودتي، وأرجو ألا يطول!

[عالم عباس]

العزيز جارسيا
قرأت مرة أخرى،( ليل أوميو الحزين)!
للوهلة الأولى، بعيداً عن ضبابية الصور، بحثت عن نسق واضح يضم (ما بدا لي) شتات الأبيات المبعثرة! فمثلاًنرى الليل يحتسي من كأس الصقيع، وتنهزم الظلمة، وتموت خطواتنا على محطات السراب، تغطي رائحة الموت المكان، فوق جفون النجوم المرتخية وفوق أطراف الشجر، كل شيء دامع، كل غرغرة الشهادة... حتى أشجار الصنوبر في طرقات الجبانة...الخ!
أرهقني تتبع المعنى وتجسير العلاقات بين الأبيات والمعاني!
ثم قلت لنفسي، ليست قراءتي هذه ما ينسجم ومنطق الشعر!
فللشعر منطق يتخلق منه، ويرسي قواعد التعاطي معه، بعيداً عن التعسف الذهني و المنطق التجريدي البحت!
عدت إلى قراءتها مرة أخرى، بمزاج مختلف!
قلت لماذا لا أركز على الصور وتدفق الشعور، وأتجاهل البناء المنطقي الجدلي؟ لماذا لا استسلم ، شعورياً وحسب. أترك العنان لحسي، حسي وليس عقلي!

الآن وجدتها!
وأنا أقرأ، أجد الصور ككرات الثلج، لكنها كرات مستقلة على مسطح واحد، مسطح القصيدة المتشحة باللون الرمادي!
الليل باسوداده والظلمة يذوبها ابيضاض الثلج، وهي تتسارع كما خطى الموت..(لوحة رمادية)
السراب، والموت ورائحته وهو يغطي المكان، ارتخاء جفون النجوم(الإعياء و الموت)، والأشجار، عارية الأوراق(موت آخر)
الحانوتي وأنفاسه اللاهثة(هل من كثرة الموتى والرهق أم هو نفسه على شفا الموت)!
اكفان الشمس وبكاء الريح(مناحة أخرى وموت)، وصوت يتيم يبلله الدموع(موت وعدم )
أي أرض خراب هذه، وأي مكان ملعون مسكون بالعدم والخواء ولون الرماد!
هذه مقبرة من عدم و(الموت أم رماداً شح)!
السؤال المرعب هو، كيف جسد هذا الاكتئاب العاطفي والبرد والرماد، كل هذا القحط، ثم كيف انتقل هذا الشعور العدمي من أوميو إلى ود نوباوي؟
كأن الشاعر استنجد بودنوباوي لتنتشله من هذه الحالة المزرية، ومن هذه الكآبة القاتلة!

واضح أن ود نوباوي لم تنجده، وقد كان يخدع نفسه حين زعم أنها تشد من أزره وتمسح من تحول أحزانه!
لقد فات الأوان، فقد امتلأ الشاعر بأحزانه حتى النخاع، وسيتدحرج حزنه (معه)ككرة الثلج، يتضاعف حجمها كلما استمر في انحدارها، لتستقر في مخيلة الموتى، و ربما حتى ال([mark=#FF0000]BIG BANG[/mark])!

ربما هي من أغلاط الطباعة، أو ربما من اختراعات الشاعر(فالشعراء يخترعون ألفاظهم بمزاجهم، ويحق لهم ذلك)، فقد استوقفتني كلمات وعبارات لم أتبين معالمها بعد ، وكمثال:

نازفا اسبح فى ليل المستحيل
تواسينى المواويل الرواحى
من هودج اسفارى ومن اطلال
احلام توارى جرحها فى اللاوطن
حمحمة الخيول تدك ابواب السكون
يرتعش الصمت الممدد فى الفراغ
وتنبجس فى أوميو مآذن ودنوباوى الخالدات
تشد من اذرى وتمسح من تحول
احزانى دموع مترهلات
تحاصر الفجيعة اهداب السكون
وتتسلل دموعها كالعناكب لتسكت
وجوه الغائبين والدور البعيدة
ومقصلة الرحيل

هذا التداعي، وإن غمرته الكآبة، وإن كانت صورتها كلوحات منفصلة، ملتصقة ببعضها لترسم لوحة متكاملة من كآبة يغلب عليها اللون الرمادي، بل ليس بها سوى اللون الرمادي، جعلت هذه القصيدة ممتلئة بالتعابير الزاخرة، وهي من أنواع الرسم بالكلمات، حتى وإن بدت سوريالية، ولكن على نسق مدروس، وتعتيم مقصود، حتى وإن بدا مشاهد الموت ثقيلاً على النفس، في تلكم الصورة الباردة، ولكن أليس الموت من حقائق الحياة!

سعدت بهذه السياحة جداً

ولك الشكر يا جارسيا أن خصصتني وجعلتني ممن اصطفيت فأهديتهم هذا العمل الجاد!
لك المحبة

[Garcia]

شاعرنا واستاذنا / عالم عباس
احييك تحية عطرة وانت تمر من هنا , وتسكب لنا من رحيق اطلاعك البهى للنص ,
وقبل كل شئ اتفق معك ان اللحظة التى كتبت فيها رمادية اللون ولمستها بلا شك ,
عند تتبعك للنص ... اما بخصوص سؤالك الذكى جدا فلا اود الاجتهاد فى الاجابة ,
واترك كاتب القصيدة يجيبك قريبا على هذا التساؤل :

السؤال المرعب هو، كيف جسد هذا الاكتئاب العاطفي والبرد والرماد، كل هذا القحط،
ثم كيف انتقل هذا الشعور العدمي من أوميو إلى ود نوباوي؟

واضح أن ود نوباوي لم تنجده، وقد كان يخدع نفسه حين زعم أنها تشد من أزره وتمسح من تحول أحزانه!
لقد فات الأوان، فقد امتلأ الشاعر بأحزانه حتى النخاع، وسيتدحرج حزنه (معه)ككرة الثلج، يتضاعف حجمها كلما استمر في انحدارها، لتستقر في مخيلة الموتى، و ربما حتى ال(BIG BANG)!

اتفق معك بشدة فى هذا التحليل , والقراءة العميقة للنص فلقد كان حاله كالغريق الذى يستنجد على قشة ..
وفعلا ما حدث قد حدث , فكان مشبعا بالالم والحزن فى تلك اللحظات المهيبة ...

اما الالفاظ التى اشرت لها , لا توجد اى غلطات بها فهى اختراعات لصاحب النص ...
لك عميق الود والتقدير , ولى عودة مرة اخرى ..