البروف حسن
كل عام وأنت بخير
فعلاً غياب الدولة ومؤسساتها الأمنية فتح الباب على مصراعيه للتفلت القبلي البغيض بل الأدهى وأمر أن تكون الدولة ضالعة في هذه التفلتات تحت أجندة التمكين أو الإنتقام وتصفية الحسابات .
ما حصل عندنا في القرير برغم أنه بدأ بجريمة قتل عادية تحصل في أي مجتمع إلا أنه تم إستقلاله في تحقيق أجندة متعددة ومتراكبة بعضها ينهض على أكتاف بعض ....وتخلص كلها في النهاية إلى مسئولية الدولة ... إن كانت غائبة تقصيراً منها فتلك مصيبة وإن كانت والغة وماشاركة فيها بصورة أو بأخرى فالمصيبة أعظم.
القرير قرية ترقد في منطقة منحنى النيل مثلها مثل باقي القرى تنعم بالأمان ..... وسكانها الأصلين هم قبيلة الشايقية بأفرعها وفخوذها المتعددة ...
الهواوير قبيلة بدوية مضاربهم في صحراء بيوضة وأم جواسير ومنطقة وادي المقدم ويتمدد تواجدهم في البادية ليشمل شمال كردفان حتى تخوم دنقلا في المديرية الشمالية ... وحتى في المناطق التي ذكرناها كان وفودهم إليها حديثاً أي حوالي القرن السادس عشر الميلادي تقريباً وقد وفدو إلى السودان من مصر بعد أن حاربهم حاكم مصر آنذاك لإمتناعهم عن دفع الزكاة فلجأوا للسودان وإستقروا فيه.
عندما ضرب المحل أرض السودان وجفت الصحراء والبوادي هاجر الهواوير إلى المديرية الشمالية بكثافة وسكنوا قرى الشايقية الذين أكرموهم وفتحوا لهم أبواب بلادهم للعمل .... وصارت وفودهم توالي وصولها لمناطق الشايقية في فترات العشريانت والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي حتى بات لهم تواجد كبير في المنطقة
الضائقة المالية التي بدأت تضرب السودان منذ السبعينات في القرن الماضي إضافة لضيق الرقعة الزراعية قياساً على تمدد الأسر المالكة وتعدد أفرادها حدا بالشايقية للهجرة خارج المنطقة مما ترك فراغاً ديمغرافياً كبيراً شغله الهواوير بذكاء وصبر.
وبالعودة للمشكلة الآنية لننظر في أجندتها ما ظهر منها وما بطن نجد أن الهواوير يريدون فرض أنفسهم على سكان المنطقة الأصليين بالتجمهر والتناصر وممارسة الإرهاب وأخذ الحق باليد ولا بوكي للقنانون وهيبة الدولة... إذ أن القرير ظلت في الأيام الماضية مسرحاً لتوافد الهواوير من جميع بقاع السودان لنصرة إخوانهم ضد الشايقية .... يريدون تغيير ديمغرافية المنطقة كلها وإحلال أنفسهم مكان السكان الأصلين من الشايقية بعد أن هجروا أرضهم وتركوها بلا راع.... والسؤال هو أين الدولة ؟؟؟؟؟
تحياتي
|