اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هاشم أبوزيد نقد
رحلتي إلى أسيوط (4)
... (وصلنا إسكندرية ، إنزل يا ابني) ... قالها خالي في هدوء، حملت حقيبتي، و حمل هو حقيبته، و في رصيف المحطة لافتة كبيرة مكتوب عليها (سيدي جابر) ! قلت لنفسي ربما يطلق المصريون على الإسكندرية (سيدي جابر) لم لا و القاهرة اسمها مصر و باب الحديد ليس باباً و إنما محطة قطار...... و لم أسأل لماذا (هبطنا) في سيدي جابر و ليس الإسكندرية ؟!! حتى لا يقول لي خالي (هذا فراق بيني و بينك). ركبنا سيارة الأجرة . سيارات الأجرة في الإسكندرية صفراء سوداء ، كانت الساعة قد جاوزت السادسة صباحاً ، و كان الجو بارداً و نحن السودانيون لا نحسن التعامل مع البرد الذي قتل أخانا أبا ذر و نلبس ما شاء لنا من القمصان (النص كم ) و النعال الصيفية، قال خالي لسائق سيارة الأجرة: (باكوس) ، تعودت أنا على الصدمات فلم اسأل إن كانت (باكوس) هذه في مصر أم في اليونان. أردف خالي بهدوئه المعهود (شارع مصطفى كامل ، عند مسرح باكوس الحديث). لم يعد يهمني شيء، مسرح و لا سينما، فرحلتي إلى أسيوط استحالت بقدرة قادر إلى مشهد مكتوب علي أن أمثله و كاتب النص و السيناريو و المخرج شخص آخر و لكني أحمل له كل الحب و التقدير. ها قد وصلنا إلى العمارة حيث يسكن خالي و أسرته ، العمارة جميلة من الخارج و في أسفلها يقع مسرح باكوس الحديث. حملت حقيبتي و تبعت خالي الذي كانت خطواته تتسارع إلى مدخل العمارة فبعد قليل يلقى أبناءه و بناته و زوجته، و لا أظنه (نساني) فقد كان بعد كل بضع خطوات ينظر خلفه ليطمئن على ابن أخته ، و أنا كنت أنظر فوقي و من تحتي و عن يمني و عن يساري و آخر ما كنت أنظر إليه أمامي. المباني شاهقة، و الناس كثير، السيارات أكثر، لا أحد يكترث بالآخر، بائع الفول على عربة يدفعها بيديه، بائع الجرائد يرمي بالجرائد و المجلات حتى الدور العاشر دون أن تخطيء الهدف، بائع الخضار ، بائع ... بائع ... بائع ... و آخر يطلق صوتا أشبه ما يكون بعزف منفرد على أوتار مشروخة وهو يصيح (روووباااااابيييكيا) في الحقيقة مرت على أيام طوال حتى فهمت ماذا يقول هذا الرجل. العالم كله يجوب حولك و لك أن (تنظر حولك) أو لا تنظر، و كانت في تلك الأيام حملة لتنظيم النسل عنوانها (أنظر حولك)، قال عنها أحد الظرفاء: هذه الحملة أتت بمفعول عكسي، فكلما ينظر الرجل حوله يجد امرأةً جميلةً فيتزوجها! فالمصريون أهل نكته، و لو لا أنهم أهل نكته لكانوا انقرضوا منذ عصر الفراعنة. شعب جميل هذا الذي يحل مشاكله بالنكتة.
(خلي بالك من السلم) هكذا أيقظني خالي من الخيال إلى الحاضر، كان السلم مظلماً و لا أدري لماذا يطفئ البواب أنوار السلم بالنهار إن كان ضوء الشمس لا يصل إلى أي شبر فيه. و عندما و صلنا إلى الطابق الثالث قال خالي: (باقي دورين). و صلنا الطابق الخامس و كانت هنالك (لمبة) تضيء ممر الطابق الخامس ، كانت مثبتة فوق باب شقة ، مثبتة عليه لوحة صغيرة رائعة الجمال مكتوب عليها بخط جميل ( حمد محمد حمد) ، و حمد محمد حمد هذا هو .....(خالي).
و بمشيئة الله نواصل .....
رحلتي إلى أسيوط (4)
اخي هاشم الذكريات لها طعم يحسه اهل الاحسايس المرهفة فكم كنت رائع وان تستعيد تلك الذكريات الرائعة من نبع يفيض حروف عذبة، فلك ان تخرج من كوامنك المحبوسة فلتنطلق عبر مجريات الحرف الاخآذ فلك مني كل التقدير وواصل طريقك ووقف سوقنا معاك بس احضر لينا كشري ....