الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > عجب الفيا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 27-10-2005, 05:01 AM   #[1]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي الطيب صالح ونظرية موت المؤلف

في الكتاب الثاني من سلسلة مختارات ، والذي جاء تحت عنوان : المضيئون كالنجوم – اعلام الفرنجة والعرب - انتقد الطيب صالح نظرية موت المؤلف التي روج لها النقد البنيوي والتفكيكي من خلال كتابات الفرنسيين ، رولان بارت وميشيل فوكو وجاك دريدا. ووصف النظرية بانها لا تعدو ان تكون عبثا فكريا ولغوا ومغالطات متعجرفة .
وختم حديثه بقوله : " اذا كان قد أمات الكاتب والناقد والعقل والعلم والقانون ، فاين وضع هو نفسه ؟ ومن أين استمد الحق ان يصدر هذه الأحكام ( اللاهوتية ) كأنها حقائق تنزلت عليه من السماء ؟
الأمر كما قال بودلير – كلام مثل هذيان المجانين . انه لا يعدو ان يكون محض لعب بالافكار والالفاظ ، من رجل يتيه بعلمه ، وهو فيما يتعلق بنا علي اي حال ، علم لا فائدة منه ولا خير فيه . "
وقد استهل الطيب صالح المقال باستشهاد ذي مغزي من الشاعر الفرنسي شاري بودلير :

________

رولان بارت *


بقلم : الطيب صالح

" يا لها من بدع عجيبة تسربت الي نقدنا الأدبي ! سحابة مظلمة ساقتها الينا ريح شؤم ، من جنيف او بوسطن ، او من الجحيم ، حجبت عنا شمس ( الجمال ) المضيئة . يا لها من فلسفة عبثية ! اي عدوي غريبة ، تصيب المروجين لهذه الترهات، فيبربرون بكلام مثل هذيان المجانين ؟ "
شارب بودلير – مارس 1859

* * *

حير العالم الفرنسي رولان بارت ، مريديه . انه لم يثبت علي موقف واحد ، بل ظل يغير مواقفه باستمرار . وسوف يجد القاريء أدلة كثيرة علي عبثه الفكري في مقالته الشهيرة التي اعلن فيها ( موت المؤلف ) وهي من كتابه ( الصورة – الموسيقي – النص ) الصادر 1977 .
وفيما يلي مقتطفات منها :

(( يقول بلزاك ، في قصته ( القرصانة ) التي يصف فيها خصيا متنكرا في هيئة امرأة : " كان امراة فعلا ، بمخاوفها المفاجئة ، وتقلبات مزاجها ، وقلقها الغريزي ، وتهورها واهتمامها بالامور التافهة ، ورقة شعورها المحببة " .
من الذي يتحدث ؟ هل هو بطل القصة الذي يجهل ان المراة ما هي الا خصي في زي امراة ؟ هل المتحدث هو بلزاك الشخص ، معتمدا علي تجربته وفلسفته عن المراة ؟ هل هو بلزاك المؤلف معبرا عن افكارا أدبية عما يظن طبيعة الأنثي ؟
هل هو صوت الحكمة عموما ؟ صوت السايكلوجيا الرومانسية ؟
اننا لن نعرف الاجابة ابدا ، لسبب بسيط هو ان الكتابة الغاء وتحطيم لكل صوت ، لكل مصدر . الكتابة هي ذلك الركام المحايد ، الفضاء المائل ، حيث ينزلق الموضوع ، السلبي الذي يقضي علي الخصائص الذاتية كلها ، بداء بخصائص الجسد الذي يقوم بفعل الكتابة .
لا شك ان الامر كان دائما هكذا بمجرد ان تروي حقيقة ما – ليس بنية التاثير المتعمد علي الواقع انما في نهاية الامر رهين بطبيعة الرمز ذاته ، وخارج اي وظيفة – حينئذ يحدث الانفصام ، الصوت بقفد مصدره ، المؤلف يدخل في موته ، الكتابة تبدأ (.. ) .
المؤلف شخصية مفتعلة ، بمعني انه نتاج مجتمعنا ، بارثه من العصور الوسطي ، والفكر التجريبي الانجليزي ، والعقلانية الفرنسية ، ودعوة حركة الاصلاح البروتستانية الي تاكيد ذاتية الفرد ، او كما يقال تجاوزا (الفرد الانساني ) . هذه النظرة الساذجة ، وصلت قمتها بشكل منطقي الي تهويل في الفكر الرأسمالي ، من اهمية الفرد ، اي المؤلف .
هكذا تجد ان المؤلف يتربع علي عرشه في كتب تاريخ الادب ، وتراجم الكتاب ، والمقابلات ، وفي المجلات ، بل وفي رغبات المؤلفين انفسهم الذين يستهويهم ان يخلطوا بين ذواتهم واعمالهم ، بواسطة نشر مذكراتهم ويومياتهم .
كل شيء في الثقافة العامة ، ينطلق من شخص المؤلف وحياته وذوقه واهوائه (..) . النقد ابدا يبحث عن تفسير العمل ، في شخص الرجل او المراة ، الذي صنعه ، كانما العمل في نهاية الامر شيء متاح ، ينبع من مصدر واحد هو صوت المؤلف الذي يهمس في آذاننا باسراره (..) .
ازاحة المؤلف عن عرشه ، ليس فقط حقيقة تاريخية ، أاو حيلة كتابية ، انه أمر يحدث انقلايا في النص الحديث . او بكلمات أخري ، النص بعد اليوم يكتب ويقرأ، بطريقة تجعل المؤلف غائبا عنه في جميع مستويات النص .. حين تعتقد في وجود المؤلف ، فانك دائما تتخيله كأنه " ماضي " كتابته .
الكتاب والكاتب يقفان بالضرورة علي خط واحد ، ينقسم الي قبل ، وبعد . المؤلف يظن انه يطعم الكتاب اي انه يوجد قبل الكتاب . يفكر ويعاني ويحيا من اجل الكتاب . انها علاقة تشبه علاقة الوالد بمولوده .
خلافا لهذا التصور ، فان الكاتب الحديث ، بولد في اللحظة نفسها التي يولد فيها النص ( الذي ) ليس له اطلاقا وجود يسبق كتابته او يزيد عليها . لا يوجد زمن عدا زمن الكتابة . وكل نص يكتب الي الأبد ، ويكتب هنا ويكتب الآن (..) .
نحن نعلم ، ان النص ليس خيطا من كلمات تصرح بمعني واحد . ليست رسالة لاهوتية مقدسة من (المؤلف / النبي ) .
انها فضاء متعدد الزوايا ، يحوي انواعا شتي من منابع الثقافة علي سعتها (..) . الكاتب الذي يجلس مكان المؤلف ، لم يعد يحمل في جوفه اية مشاعر ولا أفكار ولا أحاسيس ولا تصورات . انه بالاحري يحمل في جوفه معجما ضخما يغرف منه كتابة لا نهاية لها . الحياة ليست أكثر من محاكاة للكتاب . والكتاب ليس أكثر من مجموعة اشارات لفقد مؤجل باستمرار .
وهكذا يحين يزول المؤلف تصبح محاولة فك ألغاز النص ، محاولة لا جدوي منها . ان تعطي النص مؤلفا ، هو ان تفرض عليه مساحة وحدا . يعني ان تجد معني نهائيا . معناه ان تضع نهاية للكتابة .
ذلك التصور يناسب الناقد جدا ، لان الناقد حينئذ يعطي نفسه سلطة اكتشاف المؤلف وراء النص ، أو اكتشاف العوامل المؤثرة عليه – المجتمع ، التاريخ ، الذات ، الحرية . وحين يعثر علي المؤلف يكون قد وجد حل اللغز . انتصار للناقد . لا عجب اذا ان عهد سلطة المؤلف كان ايضا عهد سلطة الناقد .
في الكتابة المتعددة ، انت لا تفسر اي شيء ، انت تفكك كل شيء : لا توجد ألغاز تبحث لها عن حل . تتابع هيكل البناء . تسحب عناصره كما تسحب خيوط الثوب . في كل موضع ، وعلي كل مستوي . انما لا شيء يوجد تحت السطح . تتسكع في فضاء الكتابة . لا تنفذ فيه . الكتابة ترشح المعني باستمرار . كل ذلك في عملية اقصاء للمعني .
هكذا يصبح الادب ( ومن الافضل ان نقول بعد الآن الكتابة ) برفضها اضفاء طابع اللغز علي النص واعطاءه اي معني نهائي – تصبح حرة . يصبح النص والعالم طليقين من قيود ما يمكن ان يوصف بالطابع اللاهوتي .
ان تلك ثورة حقيقية في نهاية الأمر ، اذ ان رفض اعطاء النص معني نهائيا ، هو في الواقع رفض للخالق ( الله ) وآياته ، ورفض للعقل والعلم والقانون . ))

انتهي كلام الاستاذ رولان بارت . ولا يحتاج الانسان الي اعمال الفكر طويلا ، كي يدرك انه لغو مملوء بالمغالطات والعجرفة . وهو لم يترك للقاريء اي مجال للحكم . لم يترك شيئا تقيس به او مرجعا تستند اليه ـ لانه رفض كل شيء ضربة لازب .
ورغم ذلك ، فانه لم يفلح ان يخفي المغالطة الكبري في خطابه . اذا كان قد أمات الكاتب والناقد والعقل والعلم والقانون ، فاين وضع هو نفسه ؟ ومن أين استمد الحق ان يصدر هذه الأحكام ( اللاهوتية ) كأنها حقائق تنزلت عليه من السماء ؟
الأمر كما قال بودلير – كلام مثل هذيان المجانين . انه لا يعدو ان يكون محض لعب بالافكار والالفاظ ، من رجل يتيه بعلمه ، وهو فيما يتعلق بنا علي اي حال ، علم لا فائدة منه ولا خير فيه .

اصدر العالم السميولوجي الفرنسي ، رولان بارت ، حكمه بموت المؤلف ، في مقالة ظهرت عام 1977** . وفي عام 1980 أعلن ميشيل فوكو حكمه بموت الكاتب علي طريقته . مقالة شهيرة هي الاخري ، عنوانها ( ما المؤلف ) . وسوف يلمس القاريء المماحكة نفسها باسلوب آخر . . " - انتهي كلام الطيب صالح .


-------------
* من كتاب : مختارات 2 – الطيب صالح - المضيئون كالنجوم : من أعلام العرب والفرنجة – منشورات رياض نجيب الريس – الطبعة الاولي مارس 2005 – الفصل الثامن - رولان بارت –
ص 297 .
** هذا هو تاريخ صدور كتاب رولان بارت : ( الصورة – الموسيقي – النص ) والذي ضم مقالة موت المؤلف وقد ظهرت المقالة لاول مرة سنة 1968 . كذلك القي ميشيل فوكو محاضرة : ما المؤلف؟ في ذات العام 1968 ( عجب الفيا ) .
*** كنت قد تعرضت لنقد نظرية موت المؤلف في مقال نشر بجريدة الخرطوم سمة 1999 بعناون أصداء السيرة الذاتية في ادب الطيب صالح - وذلك قبل ان اطلع علي راي الطيب صالح حول هذه النظرية .



عبد المنعم عجب الفيا



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 02:12 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.