نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-2021, 04:13 PM   #[16]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

جريدة التيار - العدد 1186 - الاربعاء 17 ديسمبر 2014م - 24 صفر 1436هـ
من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (12)


بقلم : “عثمان ميرغني

عشر مخازي سودانية
وطن مترف بثرواته ما ظهر منها وما بطن .. وبعد حوالي (60) عاما من الاستقلال لايزال يقبع في ذيل الامم .. من فعل هذا به ؟ من الجاني الذي حرم الشعب من ثرواته وخيراته وابدلها الذل والحرمان ؟ محاكمة تاريخنا المعاصر هي المدخل لإصلاح الحال وبناء مستقبل معافي من مخازي الماضي .

(أم المخازي) .. السودانية العشر .. هي (محرقة دارفور) .. احد كبار المسؤولين في الحكومة قال لي : إن ازمة دارفور كانت (هبة المعلومات المضللة) .. التنفيذيون واصحاب القرار في دارفور الكبري كانوا يزودون المركز بمعلومات لدعم مصالحهم لا لدعم القرار .. عوَلت الحكومة علي الحل الحديدي ، وكانت تفترض أن مشوراهـ قصير ، محدود الخسائر ، لكنه امتد - الان - الي قرابة الـ(12) عاما دون ان يظهر في آخر النفق ضوء .

محرقة دارفور ’’2‘‘
الكتاب الاسود ..!!
في العام 1999م إنفجر عنيفا الصراع بين جناحي الحركة الاسلامية ، ووصل ذروته في المفاصلة التأريخية التي أنجبت حزب المؤتمرالشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي منشقا عن حزبه الام حزب المؤتمر الوطني .
في ذات تلك الايام - بالتحديد في مايو 2000م فوجئ المجتمع السوداني بنشر (الكتاب الاسود) وتداوله سرا ، الكتاب لقي رواجا واسعا ، كونه افصح عن كثير مما كان يقع في حيز (المسكوت عنه) وزاد من رواجه الطبيعة السرية التي اكتنفته ، إذا لايباع في المكتبات ، ولايظهر في طياته أية إشارة الي المؤلف ، (او المؤلفين) وامعن في الترويج له الهجوم الكاسح الذي اجتاح الصحافة السودانية ضد الكتاب .
الكتاب ألفه الدكتور خليل ابراهيم الذي تمرد لاحقا ، واصبح رئيسا لحركة العدل والمساواة التي تأسست في العام 2001م ، وهناك إتهام لشخصيات اخري بالمشاركة في تأليف الكتاب ، وفي أغسطس من العام 2002م صدر الجزء الثاني من (الكتاب الاسود) لكنه لم يلق الرواج الذي حظي به الجزء الاول .
جملة ما سردهـ وهدف اليه (الكتاب الاسود) هو رصد إحصائيات في الوظائف العامة في السودان ، خلال فترة ما بعد الاستقلال ، تكشف الظلم الكبير الذي حاق بدارفور (وربما كردفان بدرجة اقل) والتأكيد علي ان شمال السودان احتكر السلطة والثروة خلال كل العهود الماضية ، وتعريف مصطلح شمال السودان - حسب (الكتاب الاسود) يشمل كل الجغرافية التي تقع شمال مدينة الجيلي حتي حدود السودان مع مصر .
في ثلاثة الايام الاولي وزعت (1600) نسخة من الكتاب ، ولكن طبيعة توزيعه السرية ساعدت علي نشرهـ علي اوسع نطاق عن طريق محلات تصوير المستندات التي يقدر ما نشرته بحوالي (50) الف نسخة .
حرب الاسلاميين !!
كان واضحا ان الصراع بين الاسلاميين جعل من قضية دارفور سلاحا يتراجم به الفرقاء ، فحركة العدل والمساواة - رغم النكهة القبلية فيها - إلا انها ضمت قيادات من الحركة الاسلامية كانت جزءا لايتجزأ من نظام الانقاذ ، ومنظومة الحكم حتي ساعة الافتراق بين جناحي (القصر) و(المنشية) .
احد المسؤولين الذين عملوا في دارفور خلال سنوات الحرب الاولي قال لي ما تواجهت بندقيتان في دارفور .. إلا كان الطرفان من جناحي الحركة الاسلامية) .
في مرحلة خلال الحرب اتهم حزب المؤتمر الوطني عدوهـ اللدود حزب المؤتمر الشعبي بتكوين جناح عسكري هو حركة العدل والمساواة .
الحريق يتسع !!
كانت الولايات المتحدة الامريكية تضع ثقلها كله في مفاوضات السلام الجارية في كينيا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان ، وتوقع الرئيس الامريكي بوش ان يحظي بقوة دفع سياسية ودولية كبري عندما يصل الي اتفاق السلام ، فتضع الحرب أوزارها في السودان ، بعد انهار من الدماء سالت علي مدي عقدين من الزمان .
ووصل تفاؤل الرئيس الامريكي بهذا الانجاز ان طلب من الطرفين استضافة واشنطون لحفل التوقيع علي اتفاق السلام الشامل عندما يتوصل اليه الطرفان ، لكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن .
بدأت الريح تنفخ في جمرة حرب دارفور لتزداد سعيرا ، وصارت ارقام القتلي والمشردين والنازحين في المعسكرات واللاجئين الي دول الجوار تجذب تركيزا عالميا غير مسبوق ، وقرارات مجلس الامن تتري تسجل حالة الانهيار في دارفور .. فتراجعت الولايات المتحدة الامريكية عن عزمها استضافة حفل توقيع اتفاق السلام الشامل ، بل بدأت تحث الخطي للحاق بما يدور في دارفور .
وبدأت وفود كبار من المسؤولين تصل من اركان العالم وعلي رأسها - طبعا - امريكا .
في الاول من يوليو 2004م وصل وزير الخارجية الامريكي كولن باول الي دارفور .. كان يرتدي قميصا صيفيا دون ربطة العنق ، وبجوارهـ الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني - حينما - التقطت لهما كاميرات الاعلام العالمي الصور في معسكرات النازحين ، بعد اشهر قليلة خلفته في منصب وزير الخارجية السيدة كوندليزا رايس ، فسجلت اول زيارة - في المنصب - الي السودان .
انقل لكم هنا نص الخبر الذي بثه مراسل الوكالة الفرنسية المرافق لوزير الخارجية الامريكية كوندليزا رايس عند زيارتها الي الفاشر في 21 مايو 2005م .
(الفاشر (السودان) - أ.ف.ب:
زارت وزيرة الخارجية الامريكية كوندليزا رايس امس مخيما للنازحين في اقليم دارفور ، الذي يشهد حربا اهلية منذ اكثر من عامين ، ووعدت ببحث تخفيف العقوبات الامريكية المفروضة علي الخرطوم .
وافاد صحافي من وكالة فرانس برس يرافق رايس في جولتها ان الوزيرة الامريكية امضت قرابة ساعة في مخيم ابوشوك (شمال دارفور) وتحدثت الي نساء من ضحايا العنف والي عاملين في منظمات اغاثة انسانية .
واكدت رايس انها وجهت رسالة حازمة الي المسؤولين السودانيين الذين التقتهم في وقت سابق في الخرطوم ، بشأن ضرورة العمل علي انهاء الحرب ، التي اوقعت ما بين 180 الف و 300 الف قتيل ، وادت الي نزوح 2.6 مليون شخص .
وصرحت رايس للصحفيين ’’قلت لهم (إن المسؤولين السودانيين) لديهم مشكلة مصداقية ، وأن هناك اختلافا بين ما يقولونه وما يفعلونه‘‘) .. إنتهي خبر وكالة الصحافة الفرنسية .
قرارات مجلس الامن .
ومع تدفق الوفود الدولية الي دارفور من كل اركان الدنيا الاربعة ، استمرت قرارات مجلس الامن تتساقط علي رأس السودان في وتيرة تصاعدية مندفعة بكل قوة :
1 - 1547 (6 / 11 / 2004م)
2 - 1556 (30 / 7 / 2004م)
3 - 1564 (18 / 9 / 2004م)
4 - 1574 (19 / 11 / 2004م)
5 - 1585 (10 / 3 / 2005م)
6 - 1588 (17 /3 / 2005م)
7 - 1590 (24 / 3 / 2005م)
8 - 1591 (27/ 3 / 2005م)
9 - 1593 (31 / 3 / 2005م)
وهو القرار الشهير الذي احال بموجبه مجلس الامن قضية دارفور الي مدعي المحكمة الدولية في لاهاي ، ثم صدرت منها - لاحقا - مذكرات القبض علي اثنين - في البداية - هما احمد هارون ، وعلي كوشيب ، ثم لاحقا الرئيس البشير واضيف أخيرا وزير الدفاع الفريق اول عبدالرحيم محمد حسين .
10 - 1627 (23 / 9 / 2005م)
11 - 1651 (21 / 12 / 2005م)
12 - 1665 (29 / 3 / 2006م)
13 - 1672 (25 / 4 / 2006م)
14 - 1679 (16 / 5 / 2006م)
15 - 1706 (31 / 8 / 2006م)
16 - 1709 (22 / 9 / 2006م)
17 - 1713 (29 / 9 / 2006م)
18 - 1714 (6 / 10 / 2006م)
19 - 1755 (30 / 4 / 2007م)
20 - 1769 (31 / 7 / 2007م)
احصيت هذهـ القرارات للفترة حتي منتصف 2007م فقط ، ويمكن بسهولة ملاحظة ان العام 2006م وحدهـ شهد إصدار مجلس الامن لعدد (7) قرارات في حق السودان .
إتفاقات سلام .. بلا سلام !! :-
عقدت الحكومة عدة اتفاقات سلام مع غالبية الفصائل النشطة في دارفور ، كل هذهـ الاتفاقات (ما عدا الاخير مع حركة التحرير والعدالة) إنهارت تباعا ، وكان اشهر هذهـ الاتفاقات ما نجحت الحكومة في توقيعه مع كبري الفصائل المسلحة حركة تحرير السودان بزعامة مني اركو مناوي في العاصمة النيجيرية ابوجا في مايو 2006م .
وحتي هذهـ اللحظة لاتزال دارفور مستعصية علي السلام ، تحرسها قوات (اليوناميد) وهي عملية هجين بقوات افريقية ، وتترنح مهمتها - حاليا - بعد طلب الحكومة السودانية رحيلها فورا .
(ام المخازي السودانية) العشر !!
بكل يقين حريق دارفور هو (ام المخازي) السودانية العشر ، ليس بحجم خسائرهـ البشرية التي بلغت مئات الالاف (الحكومة ترصد 90 الفا .. والمنظمات الدولية ترصد 490 الفا) وعدة ملايين من النازحين واللاجئين ، وإهدار كامل للموارد ، وتعطيل للتنمية ، والعمل ، وحتي مجرد الحياة العادية التي اعتادها الناس في دارفور ، وامتد الحريق الي بعض اطراف كردفان الكبري .
ونواصل غدا في عاشر المخازي السودانية العشر ...!!
بإذن الله

جريدة التيار


تعليقنا
* الهالك الترابي قال : (إذا اسمعت له الحكومة ، فإنه ’’اي الترابي‘‘ يمكن ان يحل قضية دارفور في 24 ساعة) ..
فدارفور كانت ميدان لتصفية خصومة الكيزان في ما بينهم دون ان يكون للشمال ناقة او جمل في هذا الامر ..
ومن قال (اكسح امسح .. ما تجيبو حي) هو احمد هارون امير دارفور الغير متوج .
ومن اقواله المشهورة ، ما ذكرهـ محمد حمدان دقلو ’’حميدتي‘‘ : (احمد هارون يقول انا الزول دهـ اشتغلت بيه سياسة) ...



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-03-2021, 09:06 PM   #[17]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:


جريدة التيار - السنة الخامسة - العدد (1187) - الخميس 18 ديسمبر 2014م - الموافق 25 صفر 1436هـ
من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (13)

عثمان ميرغني

عشر مخازي سودانية
وطن مترف بثرواته ما ظهر منها وما بطن .. وبعد حوالي (60) عاما من الاستقلال لايزال يقبع في ذيل الامم .. من فعل هذا به ؟ من الجاني الذي حرم الشعب من ثرواته وخيراته وابدلها الذل والحرمان ؟ محاكمة تاريخنا المعاصر هي المدخل لإصلاح الحال وبناء مستقبل معافي من مخازي الماضي .
لوحدث مثل هذا في اطراف السودان .. أو في منطقة نزاعات مهتوكة الامن .. لربما كان مقبولا النظر اليه في سياقه وبحدود التوتر الذي يحيط به .. لكنه حدث هنا في العاصمة .. وفي الخرطوم - بالتحديد - وفي وضح النهار ، وامام بصر وسمع كل المجتمع .. وبكل اسف دون ان يثير حفيظة الشعب .. هذهـ المرة إخترت لكم عاشر المخازي السودانية من فعلنا نحن الشعب .. بيدنا نحن .. لابيد عمر ..
الشعب يفتك بشرطته !!
ما الذي حدث بالضبط ..!!
كان يوم الاربعاء 18 مايو 2005م عاديا في العاصمة الخرطوم .. غالبية الصحف تحمل صفحاتها الاول اخبار مشاكسات الاحزاب حول وثيقة الدستور التي كان التداول يجري حولها .
لكن القدر كان يخبئ مفاجأة مهولة ..!!
قوة من الشرطة تلقت تعليمات بإخلاء منطقة سكن عشوائي في سوبا (10 كيلو مترات جنوب الخرطوم) .. عمليات الاخلاء - عادة - تواجه بدرجة من المقاومة السلمية أو العنيفة - حسب درجة توتر الوضع .
لما بدأ لقوة الشرطة ان التوتر في اقصي درجاته اتصلت برئاستها فتلقت امرأ بالانسحاب .. وبدأت تنسحب ، لكن مجموعة من المواطنين المتجمهرين الهائجين امطروا القوة بالحجارة فأصابت شرطيا أصابة قاتلة .
يبدو ان درجة التوتر والهياج بين المواطنين زاد ضرامها ، فإتجهت الحشود الغاضبة نحو مقر شرطة المنطقة .. وهنا كانت الكارثة .. باغتت القوة التي كانت فيه .. وهي قوة ليس لها أية علاقة بإجراءات إخلاء المواطنين .. إجتاح المواطنون الغاضبون قسم الشرطة ، واستولوا علي بندقيتين ، وبدأت مجزرة دامية .. كان افراد الشرطة يحاولون الاحتماء من المتظاهرين الغاضبين .. بعض عناصر الشرطة افلحوا في الخروج من القسم ، والاحتماء ببعض الاسر في المنطقة ، التي أوتهم ، ووفرت لهم الحماية .. البقية داخل قسم الشرطة لجأ بعضهم الي مسجد صغير في قسم الشرطة .. لعل رمزية المسجد تحميهم من غضبة الثائرين ، لكن كل ذلك لم يوقف السيل الزايد .. مذبحة دموية إنتهت بمقتل (14) من افراد الشرطة ، بما فيهم رئيسهم وهو ضابط برتبة نقيب .
والي الخرطوم .. مؤتمر صحفي !!
الدكتور عبدالحليم المتعافي - الذي كان يشغل منصب والي الخرطوم آنئذ - عقد مؤتمرا صحفيا في مقر وزارة المالية الولائية .. شرح فيه كواليس الحدث .
أنقل اليكم إفادته - حسب نص الخبر الذي كتبه زميلنا الاستاذ اسماعيل آدم في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية ، ونشرته في اليوم التالي للأحداث .. الخميس 19 مايو 2005م ، نص الخبر (قال المتعافي : إن سلطات الولاية كان لديها امس امر بإخلاء مجموعة من المواطنين يسكنون في حي سوبا غرب ، في مواقع لايستحقونها ، وذكر ان القوة التي شكلت لإخلاء المواطنين غير المستحقين أتصلت به وأخبرته انه في حال تنفيذ امر الاخلاء ستحدث صدامات ، ومضي ’’وعليه قمت بإيقاف امر الاخلاء ، واصدرت امرأ في الثامنة من صباح امس سحبت بموجبه القوة من الموقع‘‘ وقال : (المواطنون حاصروا فيما بعد مركز الشرطة في المنطقة بعد أن أنطلقت شائعة بأن الاخلاء سيشمل الجميع المستحق وغير المستحق‘‘ .
وذكر ان المواطنين دخلوا مركز شرطة المنطقة ، ووجدوا في المدخل سيارة تتبع الي شرطة المحاكم في داخلها اثنان من رجال الشرطة ، ضربوهما ضربا شديدا ، قبل ان يحرقوا السيارة ، واحرقوا من بعد 3 سيارات تتبع الي شرطة المركز ، واوسعوا رجال الشرطة ضربا ، اسفر عن مقتل 14 من رجال الشرطة ، بينهم ضابط برتبة النقيب ، وجرح نفس العدد من رجال الشرطة .
وقال المتعافي : ’’إن الاحداث اسفرت عن مقتل 3 من المواطنين ، وشدد ان الشرطة لم تطلق النار - ابدا - علي المواطنين ، بدليل ان القتلي الثلاثة لم يقتلوا بالرصاص ، وحمل المتعافي ’’حزبا سياسيا كبيرا مسئولية الاحداث‘‘ . وقال : (إن هذا الحزب ظل يعبئ المواطنين ضد الحكومة ، بعد موقفه االاخير الرافض لكيفية إعداد الدستور - في إشارة واضحة - الي حزب الامة المعارض بزعامة الصادق المهدي‘‘ وبرأ المتعافي الحركة الشعبية من تلك الاحداث) .
حزب الامة القومي ينفي :
والي الخرطوم المتعافي وجه اصبع الاتهام الي (حزب كبير) .. دون ان يذكرهـ - بالاسم - لكن إذاعة البي بي سي العربية اكملت الجملة وسمت (حزب الامة القومي - بزعامة الصادق المهدي) علي انه الحزب المقصود بالوقوف خلف الاحداث الدامية في سوبا ، لكن حزب الامة وزع بيانا علي الصحف نفي فيه مسؤوليته عن الاحداث ، واعاد الكرة الي ملعب الحكومة التي اتهمتها بانها هي التي تقع في مثل هذهـ الاخطاء .. قال البيان نطالب السلطات الرسمية بتحمل مسؤوليتها في توفير الحياة الكريمة للمواطن وصيانة وحفظ دمه) .
(ونفي حزب الامة ضلوعه في احداث سوبا ، وقال : ’’إن ما ورد - تلميحا - في المؤتمر الصحافي لوالي الخرطوم - وصراحة - في إذاعة لندن ، يعد جزءا من الحملة التي تستهدف الحزب ، وقال : ’’إن عدد الضحايا بلغ 65 بين قتيل وجريح ، وطالب الحزب - في بيانه - بلجنة تحقيق قضائية تعلن نتائجها للرأي العام) .
المشهد الدامي :
لإستلهام العبرة من الحدث يجدر التأمل بعمق في المشهد .. حوالي أربعين عنصرا من افراد الشرطة يمارسون عملهم الصباحي اليومي الروتيني في قسم ’’الازهري‘‘ .. لاعلاقة لهم البتة بعمليات اخلاء السكن العشوائي .. فجأة تلجمهم الدهشة ، وهم يرون مئات المواطنين الهائجين يجتاحون القسم ، ويستولون علي بندقيتين .. لم تستخدم هذهـ البنادق إلا في قتل جنديين فقط .. بقية عمليات القتل كانت بالاسلحة البيضاء .. ضربا حتي الموت .. افراد الشرطة لاذوا بالمسجد الملحق بالقسم .. لاحقهم الهائجون .. واوسعوهم ضربا حتي الموت .. الوليمة الدموية إنتهت بـ(14) شرطيا .. بينهم ضابطان ، وهم مضرجون بدمائهم ، هذا الحدث هنا في الخرطوم .. التي تسكنها اكبر كتلة سكانية حضرية ومستنيرة .. يفترض انها قادرة علي التمعن في هول مثل هذه الفاجعة الخطيرة .
جريمة !
هذهـ الجريمة النكراء ارتكبها الشعب السوداني (شخصيا) ممثلا في ثلاث :-
أولا : في المجموعة القيادية التي حرضت هذهـ الحشود ، وأوغرت صدورهم بالمعلومات الكاذبة ، وبكل آسف - هؤلاء افلتوا من العقاب ، لأن القانون لم يجد من الادلة الدامغة التي تحدد بصورة قاطعة من قاموا بالتحريض .
ثانيا : الساسة الذين اشارت اليهم اصابع الاتهام بانهم ضخوا الاشاعات المساعدة علي الحريق .. والتي - بكل اسف - وجدت عود الثقاب فإنفجرت بأكبر مما تصوروا ..
ثالثا : وهو الاخطر رد الفعل العام .. لم الحظ في الشارع السوداني اي احساس عام بالاسي لما حدث .. حالة الـ(لا) مبالاة كانت اكثر سفورا من الحزن النبيل علي الدماء التي سالت ، ثم الارواح التابعة للحدث التي طالتها المشنقة بعد صدور احكام بإعدام بعض المتهمين في الاحداث .. فهؤلاء المحكومون بالاعدام هم ايضا ضحايا .. ضحايا الوضع البائس الذي شردهم وجعلهم سكان العشوائيات .. ثم ضحايا التراخي في توفيق اوضاعهم ، وإيجاد السكن الملائم لهم .. ثم فوق كل هذا ضحايا الإستغلال السياسي ، الذي جعلهم مطية اجندة ليس لهم فيها ناقة ولاجمل .
الشرطة في أي مكان في العالم جهاز رسمي لـ(تنفيذ القانون) .. هي ليست الجهة المسؤولة عن تنظيم احوال الناس ، وتوفير الطعام والمسكن ، والدواء ، وبقية الخدمات .. ينحصر عملها في اخطر مهمة ترتبط بقوام اي مجتمع حضري ، وبدونها تتحول الدولة الي غابة ، تحرسها النزوة ، وقهر القوة .
ودرج الشعب السوداني - في احرج الاوقات عندما يثور ، وينتفض ضد النظم السياسية ، ويطيح بها - ان يستبعد الشرطة من غضبته .. يثور الشعب ويهيج ، وتسير التظاهرات حتي ابواب سجن كوبر ، وتطلق سراح المعتقلين السياسيين ، من بين براثن شرطة السجون دون ان تمس شرطيا واحدا - ولو بكلمة .. فالمفهوم - شعبيا - ان الشرطة ليست جزءا من النظام السياسي .. بل هي من ادوات الدولة في (تنفيذ القانون) - فقط لا أكثر .
صحيح ليس في وسع الشرطة ان ترفض تنفيذ القانون حتي وهي تواجه تظاهرات الشعب .. لكن عملها هذا في إطار قانوني يرتبط بتفويضها .
من هم ؟؟
السيرة الذاتية لشهداء الشرطة الذين قضوا نحبهم في احداث سوبا تلك .. تؤكد انهم - جميعا - مواطنون يكابدون نفس ما يكابدهـ الثائرون .. بل ربما يكون بعض شهداء الشرطة في وضع أسوأ بكثير من الذين قتلوهم بدم بارد ..
قائمة شهداء الشرطة في احداث سوبا 18 مايو 2005م
1 - نقيب شرطة : الرشيد احمد مضوي
2 - مساعد شرطة : عادل احمد بطران
3 - رقيب اول شرطة فني : عبدالوهاب سيداحمد
4 - رقيب اول شرطة : وداعة عبدالله علي
5 - رقيب شرطة : محمد طه محمد علي
6 - رقيب شرطة فني : عبدالله محمد يوسف
7 - عريف شرطة : طالب هارون احمد
8 - عريف شرطة : حسن علي هارون
9 - وكيل عريف شرطة : يوسف هارون عبدالله
10 - وكيل عريف شرطة : محمد حسن الشايب
11 - جندي شرطة : محمد سعد بلال
12 - جندي شرطة : قمر الدولة احمد صديق
13 - جندي شرطة : مرتضي محمد صالح
14 - جندي شرطة : عبدالرحمن محمد ابراهيم .
عاشر المخازي السودانية .. قصدت منها التنبيه الي انهيار بعض القيم المتربطة بالدولة ، ليس علي مستوي الساسة ، والقادة ، أو الحكومة فحسب .. بل علي المستوي الشعبي ، وفي عمق الكثافة السكانية المستنيرة ..

واواصل معكم في الخيط الذي يربط هذهـ المخازي العشر ...
نواصل يوم الاحد - بإذن الله ..!! .


اقتباس:

مقتل عشرين مواطنا بمنطقة سوبا بالخرطوم
فى نبأ عاجل من منطقة سوبا (الاراضى) قامت قوات النجده والعمليات بأزالة مساكن المواطنين وقد تحول العملية الى مصادمات بيت الشرطة والمواطنين وراح ضحية هذه العملية عشرين مواطن وعدد فردين من قوات الشرطة اضافى الى عدد من الجرحى
وقد انتقلت مكتب الامم المتحده الى مكان الحادث وطالب بسجحب قوات الشرطة فورا .
نواصل
رابط

اقتباس:

تنفيذ حكم الاعدام في المدانين بقتل شهداء الشرطة في احداث سوبا 2005م

تم صباح اليوم تنفيذ حكم الاعدام الصادر بحق (7) اشخاص تمت إدانتهم بقتل (14) من شهداء الشرطة في احداث سوبا يوم 18 /5/ 2005م
لهم الرحمة والمغفرة جميعاً الشهداء على المحكومين .....................
رابط



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16-05-2021, 08:22 PM   #[18]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

“من ضيع السودان” عشر مخازٍ سودانية – الحلقة (14)

عثمان ميرغني
المخازي السودانية العشر .. اخترتها لكم موزعة على كل العهود السياسية منذ تباشير الاستقلال وحتى اليوم .. لأبرهن على خلل مفاهيم العمل العام ، وسوء الإدارة ، الذي تكابدهـ بلادنا ، ويدفع ثمنه الشعب السوداني كله ، وعلى مدى أجيال .. ولكن الذي يمنعنا من الاستفادة من العبر واستلهام التأريخ .. هو خوفنا من الحقيقة المرة .. خوفنا من صدمة رؤية الواقع الصريح .. فنحن ضحية تأريخ سياسي مزور!! في هذهـ الحلقة أضع بين أيديكم بعض نماذج هذا (التزوير!)
البطل الخائن ..!!
بعد نجاح ثورة الإمام محمد أحمد المهدي (رضوان الله عليه) ودخوله فاتحاً الخرطوم في يوم 26 يناير 1885م ، شاءت إرادة الله أن لا يقيض للبطل المهدي عمراً أكثر من عمر الثورة فالتحق بالرفيق الأعلى بعد حوالي ستة أشهر فقط (في يوم الإثنين 21 يونيو 1885م) .
تولى بعدهـ خليفته السيد عبد الله تور شين الملقب بـ(الخليفة عبد الله التعايشي) إشارة إلى نسبه القبلي الذي ينحدر منه (أصوله وجذورهـ من بلاد تونس) .. الخليفة عبدالله التعايشي تولى زمام الدولة ، وحاول إرساء أركان دولة قوية ، لكن مفاهيم الحكم في ذهنه كانت تعاني من شروخ تركتها فترة الثورة الطويلة على المستعمر، مخلوطة ببعض المفاهيم الدينية غير الصحيحة ، فبدأ عهدهـ ينزلق في ظلامات قاتمة ، أودت بكثير من أخيار الثورة المهدية ، إما إلى غياهب السجون ، أو إلى مقلصة الموت - بشتى الطرق ، على رأسهم البطل الزاكي طمل ، الذي قتل داخل سجن أم درمان الحالي جوعاً وعطشاً بعد وشاية ظالمة في حقه من بعض منافسيه .
وكان أكبر خطأ وقع فيه الخليفة عبد الله أنه أسس لدولة بوليسية قابضة على الأنفاس ، أهدرت موارد البلاد في حروب غير مجدية ، وأحلام أمبريالية توسعية انتهت إلى لا شيء .
وفي مثل هذهـ النظم البوليسية القابضة تنمو دائماً البكتريا المتطفلة ، والتي (تخترق) جسم الدولة ، وتنخرهـ من الداخل ، حتى ينهار فجأة ، وهذا بالضبط ما حدث لدولة الخليفة عبد الله التعايشي ، التي لم تصمد على وجه الأرض أكثر من (13) عاماً حسوماً .
عندما وضعت بريطانيا خطة ومشروع استعادة السودان ، والانقضاض على الدولة السودانية الوليدة ، عهدت إلى قيادي متنفذ في دائرة القرار الأعلى في الدولة المهدية بمهمة بسيطة سهلة .. بكل أسف نفذها على أحسن وجه ، كانت مهمته أن يؤخر توقيت المعركة الفاصلة بين جيش الجنرال كتشنر وجيش الخليفة عبد الله ، وأن يجعل المعركة تجري في الزمان والمكان الذي اختارته بريطانيا بكل دقة .
في مذكرات ونستون تشرشل - التي رصد فيها وقائع يوميات الحملة العسكرية البريطانية التي استردت السودان - لفتت نظري إشارات كررها تشرشل في أكثر من موضع في الكتاب ، علماً بأن ونستون تشرشل كان في مهمة صحفية ؛ لتغطية الحملة العسكرية ، وكان يرافق الجيش البريطاني خطوة خطوة من بداية الحملة حتى نهايتها .
قال تشرشل في كتابه (حرب النهر The River war): لو هاجم جيش الخليفة عبد الله الحملة البريطانية في أي موقع غير (كرري) لتغير التاريخ تماماً .. في أكثر من موقع منذ دخول الجيش إلى حدود السودان كانت أغلى أمنية للقائد العسكري البريطاني أن يظل الخليفة عبد الله وجيشه في العاصمة أم درمان ، وألّا تدور المعركة خارجها .. وكانت واحدة من أكثر المناطق التي خشي فيها الجيش البريطاني مباغتته بهجوم من جيش الخليفة عبد الله التعايشي منطقة الشلال السادس (شلال السبلوقة) ؛ حيث يضطر الجيش الغازي إلى الترجل عن البواخر النيليية خلال عملية عبور الشلال الصخري الهادر .
ولكن أخيراً ، وصل الجيش الغازي إلى كرري .. وأقام حظيرته (الزريبة) لتكون معسكرهـ المؤقت قبل الهجوم الأخير على العاصمة أم درمان .. في العصر ، ومع الهبوط التدريجي لقرص الشمس تجاهـ المغيب ، ظهرت طلائع جيش الخليفة عبد الله التعايشي ، وهي تتخذ مواقعها في جبال منطقة كرري في مواجهة الجيش الغازي ، كانت جيوش الخليفة - براياتها المعروفة - تسد الأفق ، وتثير الرهبة في قلب كل من ينظر إليها بنظامها ، وسيرها الصارم ، وشراسة مقاتليها ، الذين يرجون الموت أكثر من الحياة ، أكثر من (52) ألف مقاتل .
كتب ونستون تشرشل في مذاكراته يصف تلك الساعات التأريخية ، قال : إن جيش الفتح البريطاني حبس أنفاسه طوال الليل ، وهو يخشى أن تنقض عليه جيوش الخليفة عبد الله التعايشي في عتمة الظلام الدامس .. حيث لن تجدي الأسلحة النارية الفتاكة مع غياب الرؤية الكاملة .
عندما لاحت تباشير الفجر لم يصدق قادة الجيش الإنجليزي أن جيش الخليفة عبد الله أمهلهم كل هذهـ الساعات حتى الصباح .. وتغير ميزان القوى تماماً مع بدء المعركة الكبرى .. جيش الخليفة عبد الله ، الذي يفترض أنه في وضع (الدفاع) ، تحول إلى جيش في وضع (الهجوم) .. وجيش كتشنر الغازي الذي يفترض أنه في وضع (الهجوم) تحول إلى جيش (مدافع) متخندق خلف متاريسه العصية ، وتحمي ظهرهـ البواخر النيلية بمدافعها الموجهة لحماية ميمنة الجيش الغازي .
وفي فقه العلوم العسكرية .. الجيش (المهاجم) هو الذي يتحمل الخسائر الأكبر .. مهما كانت قوته .. والمدافع دائماً في أفضل وضع يجنبه الخسائر .
كانت شمس الصباح الحارقة تجهر أعين جنود جيش الخليفة ، وهم يتقدمون نحو معسكر الغزاة .. بينما جنود الجيش الغازي في أفضل وضع ، ورؤية كاشفة لكل ميدان المعركة ، فكان سهلاً على الأسلحة النارية ، ومدافع (المكسيم) أن تلتهم أجساد جنود المهدية البواسل بكل سهولة ، وهم يتدفقون في شكل موجات متتالية كارة نحو معسكر الغزاة ، ساعتان فقط ، من الساعة السادسة حتى الثامنة صباحاً ، وانتهت المعركة مخلِّفة أكثر من (10) آلاف شهيد من جيش الخليفة عبد الله التعايشي .. بينما فقد كتشنر حوالي (47) غالبيتهم باغتهم القائد الشرس عثمان دقنة في (خورشمبات) عندما حاولوا الالتفاف خلف جيوش الخليفة ودخول أم درمان قبل نهاية المعركة .
القائد المتنفذ الذي اخترق صفوف القيادة العليا لدولة الخليفة عبد الله التعايشي كانت مهمته تعطيل مكان وزمان المعركة ليصبح المكان في كرري .. والزمان بعد شروق الشمس .. وفعلاً هذا ما حدث .. رغم أنف الإلحاح الذي كان يبديه الأمير عثمان دقنة ، وهو يطلب من الخليفة عبد الله أن تكون المعركة قبل وصول الجيش الغازي تخوم أم درمان .. ثم بعدها أصرَّ على أن تكون المعركة ليلية .. لكن كل تلك النصائح ذهبت أدراج الرياح .. حيث نجح القيادي الذي (اخترق) مجلس الخليفة في توجيه الدفة إلى حيث تشتهي بواخر وبنادق جيش كتنشر .
تأريخنا (المزور) لم يشر إلى هذا الاختراق إطلاقاً .. بل ولا يزال اسم هذا القيادي (الخائن) مسجلاً في قوائم أبطال الدولة المهدية ، رغم دورهـ الكارثي الذي أدى إلى هدم الدولة السودانية الوليدة .
الدور الذي لعبه هذا البطل الخائن مسجل في الوثائق البريطانية (التي نشرت الآن وأصبح سهلاً الاطّلاع عليها) .. وذهب كثير من المؤرخين السودانيين إلى بريطانيا ، واطّلعوا على هذهـ السجلات والوثائق ، التي تؤكد (الخيانة) التي تعرض لها الخليفة عبد الله التعايشي من داخل دائرته القيادية المقربة ، لكن أحداً من هؤلاء المؤرخين لم يجرؤ على الإفصاح عمّا وجدهـ في تلك السجلات ، عذرهم أن (هذا القيادي له الآن أحفاد يعيشون على أمجاد اسمه التأريخي .. ولن يرضوا أن يكشف التأريخ عن دور جدهم الخائن في الإيقاع بالدولة السودانية) .
هذا مثال واحد .. للأوهام التأريخية التي تزوِّر تأريخنا .. وتحرمنا من تكوين فكر ورؤية سودانية صادقة للتأريخ ، الذي على أنقاضه يقوم حاضرنا ، ونؤسس لمستقبلنا .
متى استقل السودان ؟
متى استقل السودان ؟؟ ربما يبدو السؤال ممعناً في السذاجة أو السخرية ، لكنه سؤال محوري في سياق إصلاح منهج التفكير السوداني ، الإجابة السهلة المعروفة للجميع هي في صباح الفاتح من يناير عام 1956م ، إذن يصبح السؤال الحتمي التالي ..
وما هو تعريف الحدث الذي وقع في يوم 26 يناير عام 1885م ؟
اكتبْ هذا السؤال في ورقة وضعه أمام ألف سوداني من مختلف الأعمار والأجيال يرفدونك بإجابة واحدة (يوم 26 يناير عام 1885م هو فتح الخرطوم على يد القائد محمد أحمد المهدي).
وعلى ذمة هذهـ الإجابة الممعنة في نكران التأريخ يتحول هذا اليوم إلى مجرد ذكرى ، يحتفل بها حزب الأمة القوميإذا توفر له زمن ومزاج - في أحسن الفروض ، أو مجرد تاريخ مكتوب في تقويم الدولة السودانية بلا عطلة رسمية مثل يوم 21 أكتوبر أو 6 أبريل .. مجرد ذكرى حدث في تأريخ السودان .
تاريخ الاستقلال الحقيقي للدولة السودانية هو يوم 26 يناير عام 1885م عندما اقتحم الجيش السوداني المكون من كل قبائل وشعوب السودان العاصمة الخرطوم - عنوة واقتداراً - ومزق علم أكبر وأقوى دولة في ذلك الزمان .
البطل محمد أحمد المهدي ضحية تأريخ لم نعرف كيف نفهمه ، وضحية ساسة وأحزاب سجلته علامة طائفية لصالح حزب الأمة ، الأحزاب الأخرى تتحاشى تعظيم سيرة المهدي ؛ لأنه يمنح حزب الأمة وزناً تأريخياً من باب السلالة ، أما حزب الأمة فلترجيح كفته التأريخية يمعن في احتكار رمزية المهدي .
عندما شيدت ولاية الخرطوم كبري النيل الأبيض الجديد ، وحتى أوشك موعد افتتاحه ، لم يكن له اسم سوى الإشارة إلى أنه (كبري النيل الأبيض الجديد) في مقابلة شخصية لي مع وزير الشؤون الهندسية - آنذاك - الدكتور شرف الدين بانقا ، اقترحت عليه أن يطلق على الكبري الجديد اسم البطل محمد أحمد المهدي ؛ لأن الكبري مشيد تقريباً في نفس الموقع الذي عبر منه المهدي النيل الأبيض إلى الخرطوم ؛ للالتقاء بالقيادة الميدانية لجيشه ، الذي كان ضارباً الحصار لعدة أسابيع على الخرطوم ، وحدد لهم المهدي ساعة الصفر فجر اليوم التالي ، ثم عاد إلى موقع قيادته في منطقة أبوسعد ، رد عليَّ الوزير بانقا بسؤال لا يزال عالقاً في ذاكرتي .. قال لي : (آل المهدي تولوا الحكم أكثر من مرة .. هل في مرة أطلقوا اسم المهدي على أي موقع ؟!!)، فهمت أنه يقصد أن احتكار سيرة البطل المهدي لحزب الأمة اختصر رمزيته في داخل الحزب ، وضيَّق قوميته .
الحقيقة أن استقلال السودان الحقيقي وميلاد الدولة السودانية كان في 26 يناير 1885م ، والفترة الممتدة من يوم 2 سبتمبر عام 1898م بعد معركة كرري هي مجرد فترة انقطاع – بعد الهزيمة - تحول فيها السودان إلى دولة محتلة بجيوش دولتين هما بريطانيا ومصر، تماماً مثلما احتلّ نابليون دولاً كثيرة منها روسيا ، ومثلما احتلّ هتلر دولاً كثيرة منها فرنسا ، بل ومثلما احتلت أمريكا العراق بعد حرب الخليج الثانية ، ثم خرجت أمريكا دون أن يعدّ العراقيون أن تأريخ خروج أمريكا هو عيد الاستقلال .
والفرق بين 26 يناير 1885م والأول من يناير 1956م كبير جداً .. ليس بحساب السنوات بل بحساب المعنى والمغزى .
في يوم 26 يناير 1885م انتزع الجيش السوداني بلادهـ - عنوة واقتدراً من بين فكي الأسد - في الأول من يناير 1956م خرج آخر جندي بريطاني على طبول وموسيقى الاحتفالات ، ودموع الوداع لمن وقفوا بجانب القطار يلوحون للجنود البريطانيين ، وهم يغادرون محطة الخرطوم ، بمحض وكامل اختيارهم ورضائهم .
الطريقة التي نتعامل بها مع ذكرى 26 يناير 1885م يحولها إلى مجرد ذكرى (انقلاب عسكري) لصاحبه محمد أحمد المهدي ، ينتهي الاحتفاء به مع نهاية عهدهـ السياسي .. الذي لم ينعم إلا بـ(13) عاماً من الحكم المهزوز .. هل احتفل السودان بذكرى انقلاب 25 مايو 1969م بعد الإطاحة بالرئيس النميري؟!!.
ونواصل غداً في أنموذج ثانٍ للتزوير المتعمد للتأريخ السوداني - بإذن الله
عثمان ميرغني

اقتباس:
لكن أحداً من هؤلاء المؤرخين لم يجرؤ على الإفصاح عمّا وجدهـ في تلك السجلات
* لم يوضح لنا الاستاذ عثمان ميرغني في أي وثيقة ورد إسم الخائن ؟؟
وهذهـ إحدي آفات التأريخ ’’أفة التأريخ رواتها‘‘ ..

نقلا عن جريدة التيار



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-06-2021, 10:59 PM   #[19]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (15)

عثمان ميرغني
في 2 سبتمبر 1898م ذبح جيش كتنشر على ضفاف النيل أكثرمن عشرة آلاف سوداني في ساعتين - فقط .. وصورها وردي في أغنيته الشهيرة (والـنـهـر يـطـفـح بالـضـحايـا بـالـدماء الـقـانـيـة).
بعد عشرين عاماً - فقط .. وفي يوم 28 يوليو 1919م كان السودان كلّه .. منحنياً بين يدي الملك جورج الخامس في لندن يقدم قسم الولاء .. ويهديه سيف الإمام المهدي تأكيداً للخضوع .. فيردهـ الملك إلينا ، ويطلب منا أن نحمي به الإمبراطورية البريطانية ..!!
في يوم 28 يوليو عام 1919م استقبل الملك جورج الخامس ملك بريطانيا في قصره في بكنجهام وفداً مثل السودان كلّه .. أفقياً ورأسياً .. الوفد يتكون من ثلاثة من أكبر زعماء الطوائف الدينية .. هم السيد علي الميرغني زعيم الطائفة الختمية ، والسيد عبد الرحمن المهدي زعيم طائفة الأنصار، والسيد الشريف يوسف الهندي .
ويرافقهم ثلاثة من العلماء السودانيين هم : الشيخ علي الطيب أحمد هاشم “مفتي السودان” ، والشيخ أبو القاسم أحمد هاشم “رئيس لجنة العلماء” ، والشيخ إسماعيل الأزهري “قاضي دارفور” .
ومعهم أربعة من زعماء القبائل هم :-
السيد علي التوم “ناظر الكبابيش ، “والسيد إبراهيم موسى” ناظر الهدندوة” ، والسيد عوض الكريم أبوسن “نائب ناظر الشكرية” ، والسيد إبراهيم محمد فرح ”ناظر الجعليين“.
سجلت الصحف البريطانية - وبالتحديد - صحيفة (التايمز) خبر هذهـ الزيارة التأريخية ، وأنا - هنا - أستأذن الأستاذ بدر الدين حامد الهاشمي في استخدام ترجمته لخبر نشرته صحيفة (التايمز) ونقلته صحيفة إسترالية بعد عدة أشهر .
عنوان الخبر (ولاء السودان : وفد الزعماء إلى الملك)
SUDAN LOYALTY : CHIEF’S DEPUTATION TO THE KING
ترجمة : بدر الدين حامد الهاشمي
أوردت صحيفة التايمز في يوم 29 يوليو 1919م نبأ زيارة وفد الزعماء السودانيين - وهم في ملابسهم التقليدية - إلى قصر بكنغهام في اليوم السابق ، حيث قدموا للملك (جورج الخامس) خطاب تهنئة وولاء ؛ بمناسبة انتهاء الحرب بنصر مبين ، وكان يرافق الوفد السوداني - الذي ترأسه السيد السير علي الميرغني - كلاً من اللواء السير ريجيلاند ونجت ، والمشير لورد قرينفيل ، والسير أيدقارد بيرنارد ، واستقبل الوفد في القصر- أولاً - لورد كرومر ، والذي أخذهم إلى مقابلة الملك والملكة ، وألقى رئيس وفد الزعماء السودانيين كلمة باللغة العربية تولى ترجمتها إلى الإنجليزية السير ونجت .
جاء في خطبة السيد السير علي الميرغني ما يلي :
“يا جلالة الملك ، نتقدم إلى جلالتكم بأعلى آيات الامتنان ؛ للتشريف العظيم الذي طوقتمونا به ، وللسماح لنا بالمثول أمام جلالتكم ، أنا - شخصياً - السيد السير علي الميرغني ، ومعي الشريف يوسف الهندي ، والسيد عبد الرحمن المهدي ، بالنيابة عن الزعماء الدينيين في السودان ؛ والشيخ الطيب أحمد هاشم مفتي السودان ، والشيخ أبو القاسم هاشم رئيس مجلس العلماء ، والسيد إسماعيل الأزهري قاضي مديرية دارفور بالنيابة عن مسؤولي المحكمة الشرعية ؛ والشيخ علي التوم ناظر الكبابيش ، والشيخ إبراهيم موسى ناظر الهدندوة ، وشيخ إبراهيم محمد فرح ناظر الجعليين ، وشيخ عوض الكريم أبو سن نائب ناظر الشكرية ، بالنيابة عن نظار الإدارة الأهلية لحكومة السودان ، وبالإنابة عن أنفسنا ، وكل الشعب السوداني ، نتقدم - وبكل تواضع - إلى جلالتكم بتهانينا القلبية على الانتصار المجيد ، الذي أحرزته جيوشكم ، إن صلابة وثبات جنود الجيوش المتحالفة في غضون سنوات الحرب الطويلة والرهيبة هو ما أدى إلى هزيمة العدو هزيمة ساحقة ، وإن انتصار جلالتكم الباهر هو ما انتزع إعجاب أهل السودان ، وأفعم قلوبهم بالبهجة والسرور، وقد تيقن الشعب السوداني - تماماً- من أن هذهـ الحرب - والتي كانوا قد تابعوا عن كثب وبمزيد من الاهتمام أسبابها وتقلباتها - تختلف عمّا سبقها من الحروب ، فحروب الماضي كانت تقرر مصير الشعوب المتحاربة - فقط -، غير أن هذهـ الحرب العالمية ، التي وضعت - للتو - أوزارها ، حددت مصير كل الشعوب الضعيفة ، والتي يعد السودان واحداً منها ، لقد كانت حرباً بين الحق والباطل ، ولقد رجحت فيها كفة الحق ؛ بفضل النصر الذي أحرزته جيوش جلالتكم ، وتغلب فيها العدل على الظلم ، وسحقت الحضارة البربرية .
ولقد بذلت الآلاف المؤلفة من جنود الجيوش المتحالفة دماءهم رخيصة ؛ من أجل الدفاع عن حقوق الشعوب الصغيرة ، ولتخليصهم من نير الظلم والاستبداد والعبودية ، ولإدخال سائر بلدان العالم في عهد جديد من السلام والأمن والطمأنينة ، ولقد أثبتت هذهـ الحرب – وبصورة نهائية – بطلان قاعدة “القوة هي الحق” ، وأثبتت - أيضاً - ، ولكل الشعوب الكبيرة والصغيرة - على حد سواء - أن “الحق هو القوة” .
ولم يتطرق إلى شعب السودان أي شك في أن جيوش الحلفاء ستنتصر في نهاية المطاف ، فعلى الرغم من أننا ظللنا نسمع - ولأربعين عاماً - الكثير عن استعدادات جيش العدو ـ إلا أننا كنا مؤقنين من نتيجة الحرب ؛ إذ أنه ليس من الممكن هزيمة أمة شعارها المساواة والعدالة والدفاع عن الضعيف وحمايته .
ولا بد لنا- يا جلالة الملك - من أن نزف لكم التهاني على انتصاركم ، وعلى وحدة أجزاء إمبراطوريتكم الواسعة الممتدة ، وعلى قوتها ، وولائها لمليكها ، والذي حاز على إعجاب العالم - بأسرهـ -، رغماً عن كل الدسائس والمؤامرات المستمرة والعديدة التي حاكها أعداؤكم ، ورغم تباعد أجزاء إمبراطوريتكم ، وانتشارها في كل بقاع العالم ، إلا أن جميع سكانها كانوا على قلب رجل واحد ، يعملون - جميعاً - من أجل تحقيق ذات الهدف ، صامدين في ساعات الحزن ، وأيام الفرح ، وعلى كامل الاستعداد للتضحية بالمال ، والدم ، وبما كل ما لديهم ؛ للدفاع عن عرش جلالتكم والإمبراطورية البريطانية ، ولم يتخلف حتى السودان ، أفقر وأصغر عضو في هذهـ الإمبراطورية العظيمة - ولكن بالقطع ليس أقلها ولاءً -، فقدم رجاله ما لديهم بكل حماس وحيوية ، وبالمقارنة مع ما أتى من كل أجزاء إمبراطوريتكم فإنني أشعر بالخجل من أن أذكر هنا الدور المتواضع الذي لعبه السودان في الحرب، والذي يعدّ – إن جاز القول - نقطة في محيط ، ولكن يجب أن نتذكر أن ما قدمه شعب السودان كان هو كل القليل الذي يملكه هذا الشعب المخلص ، والذي ما بخل وما استبقى شيئاً ، إن ما قدمه السودان إلى مجهودات الحرب كان قليلاً بالفعل ، غير أنه كان صادراً عن عاطفة صادقة .
وأستميح جلالتكم عذراً في القول إن القليل الذي بذلناهـ في الحرب إنما هو ثمرة ما غرسته حكومة جلالتكم في البلاد ، إنه - ببساطة - حصاد غرسكم الطيب ، وعربون امتنان لكم .
لقد جعلتم يا جلالتكم العدل أساس ملككم الواسع ، فسادت روح العدالة والسلام سائر أنحاء الإمبراطورية العظمى ، ونحن عندما نهنئ - جلالتكم - فإننا في واقع الأمر نهنئ بلادنا وشعبنا .
لقد فاضت قلوبنا بالفخر والولاء والحب لجلالتكم ؛ لما رأيناهـ في سائر أرجاء بلادنا من سيادة روح الأمن والعدل طوال السنوات الماضية ، وما أظهرته حكومة جلالتكم من اهتمام بشؤون السودان ، وبذل التضحيات العظام في سبيل تقدمه وإسعادهـ مادياً ومعنوياً ، وإدخاله شعبه ضمن رعايا الإمبراطورية البريطانية ، وإننا نقدر- تمام التقدير- أن تقدم السودان في المستقبل يعتمد على صلاته بإمبراطورية جلالتكم ؛ ولذا فإننا نرفع أيدينا بالدعاء لله سبحانه وتعالى ، ونضرع إليه أن يمنح جلالتكم عمراً طويلاً وسعيداً ، وأن يحفظ بريطانيا العظمى - رائدة الحرية والمدنية في العالم .
فليخفق علم الإمبراطورية البريطانية - طويلاً - على السودان ؛ لتنشر في ربوعه السلام والهدوء ، ولتواصل السعي من أجل تقدمه ، حتى يأخذ مكانه المتقدم في أواسط أعضاء هذهـ الإمبراطورية ، وندعو الله أن يأتي - سريعاً - هذا اليوم الذي يمكن للسودان فيه من تحقيق هذهـ الغاية .
وأخيرا نقدم - وبكل تواضع - إلى عرش جلالتكم كامل ولائنا وخضوعنا”
(كتب في الخرطوم في الأول من يوليو 1919م).
وأجاب الملك على ذلك الخطاب بالقول:-
”أشكرك يا سيد سير علي الميرغني ، وأعضاء الوفد السوداني ؛ لخطابكم الذي عبر عن ولاء مقدر، إن سعادتي بلقائكم عظيمة يا ممثلي شعب السودان في أول زيارة لكم إلى إنجلترا ، لقد قمت بزيارة إلى بورتسودان قبل سنوات قليلة من بدء الحرب وأنا عائد من الهند ، وأذكر جيداً أن عدداً منكم كان في استقبالي - يومها -، إنني سعيد لتجديد معرفتي بكم - الآن -، خاصة في هذهـ الظروف الميمونة ، وكنت سأكون أكثر سعادة لو تمكن وفدكم من حضور احتفالات السلام ، التي أقمناها في التاسع عشر من يوليو ، وأشارككم الأسف والحسرة على وصولكم متأخرين للمشاركة في تلك الاحتفالات ، لقد كان الدور الذي لعبه السودان بقيادة السير ريجيلاند ونجت والسير لي أستاك في الحرب دوراً ملاحظاً ، ولم يحدث في أية منطقة تحت سلطة حكومة السودانعدا دارفور- أي إخلال بالأمن ، وكان سلوك كافة أفراد الشعب غاية في الولاء والإخلاص ، وأعتقد - جازماً - أن هذا يعزى - بدرجة كبيرة - إلى ما قمتم به أنتم ، قادة الشعب الدينين والشعبيين في أوساط الناس ، ولضربكم لهم المثل الشخصي ، وبذلكم لهم النصح والإرشاد ، ولقد صبّ كل ما فعلتم في خدمة أهداف الإمبراطورية ، وأنا - هنا - أجزل لكم الشكر على كل ما قمتم به ، وأثق أنكم ستبذلون في المستقبل - تماماً - كما فعلتم في الماضي ، غاية جهدكم في دعم هيبة حكومتي ، والتي تعمل بجد في خدمة السودان ، ونأمل في مواصلة ذلك العمل الجليل في مقبل السنوات ، وأتمنى أن تكونوا مرتاحين ومستمتعين في مكان إقامتكم في لندن ، وأن تتمكنوا من زيارة هذهـ البلاد في مرات قادمات ، وعند عودتكم إلى السودان أرجو منكم أن تنقلوا عنى إلى ذلك الشعب المخلص ، وقبائله ، تحياتي وتقديري لولائهم وإخلاصهم ، وأمنياتي لهم بدوام التقدم والرفاه لبلادهم”.
في نهاية اللقاء .. الإمام عبد الرحمن المهدي أهدى ملك بريطانيا (سيف الإمام المهدي) عربوناً للولاء والطاعة .
ثم ألقى السيد عبد الرحمن المهدي هذهـ الكلمة :-
“يا جلالة الملك ، أنتهزُّ هذهـ السانحة الكريمة لأضع في يدي جلالتكم هذا السيف التأريخي ، “سيف النصر” الذي كان عند والدي ، عربوناً حقيقياً للولاء والخضوع لمقام عرشكم السامي ، وأعدُّ نقل هذا السيف إلى جلالتكم دليلاً قاطعاً ومطلقاً في رغبتي في أن تعدّونني - أنا ، وأتباعي - في السودان خداماً مطيعين لكم ،
لقد أظهرت – ولسنوات بعد إعادة احتلال السودان - لرجالكم العاملين في السودان - وبطرق مختلفة - خدماتي وكامل ولائي ، وهنالك الكثير من أفراد شعبي الذين ينتظرون عودتي عقب مقابلتي جلالتكم ظافراً بكريم عطفكم ، ويتمنون أن يكونوا من ضمن رعياكم المخلصين ، وأنا الآن أعرض على جلالتكم خدماتي المخلصة والمتواضعة”.
لكن الملك جورج أعاد إليه السيف ، وخاطبه قائلاً :-
”أقبل منك هذا السيف ، وأقدر لكم روح الإخلاص والولاء لنا ، والتي دفعتكم إلى تقديم هذهـ الهدية ، وسأعيد هذا السيف لك ، ولورثتك ؛ لتحتفظوا به ، وتستخدموهـ نيابة عني في حماية عرشي وإمبراطوريتي ، ودليلاً على قبولي بخضوعكم وإخلاصكم وولائكم ، أنتم وأتباعكم ، لنا”.
صفحة يجب أن تنسى
هذهـ القصة لا يحبذ الكثيرون المرور عليها ، يعدّونها واحدة من الصفحات المنسية في تأريخ السودان أو - للدقة - (صفحة يجب أن تُنسى)..!!؛ لأنه ، وفي صبيحة يوم الاستقلال في الأول من يناير 1956م - نفس الزعماء - هم من يتصدرون حفل إشهار استقلال السودان ، جلس في ساحة القصر الجمهوري السيدان علي الميرغني ، وعبد الرحمن المهدي .. وتولى السيدان إسماعيل الأزهري (رئيس الحكومة - ومحمد أحمد المحجوب - زعيم المعارضة - رفع علم السودان على السارية .
الاستعمار كان محروساً بولاء وقسم مغلظ ، أجزله كبارنا إلى ملك بريطانيا ، ويوم خرج الجيش البريطاني من بلادنا ، خرج بضغط التظاهرات ، التي سيرها شباب الإنجليز في لندن .. وليس شباب السودان ، وقادته في الخرطوم .
ونواصل في الحلقة القادمة بإذن الله …
عثمان ميرغني
التيار




التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2021, 07:46 PM   #[20]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (16)

عثمان ميرغني
في الوقت الذي كان فيه كبارنا يؤدون فروض الولاء والطاعة في قصر بكنهام بلندن .. كان هناك بطل سوداني يرسخ تحت الأغلال في مدينة وادي حلفا .. ربما شقّ عليهم أن يلتمسوا من الملك جورج الخامس ملك بريطانيا أن يطلق سراحه .. لكن كان - على الاقل - أن يطلبوا تخفيف الأغلال عنه ، وإكرام أسرهـ ..!!
تأملوا في هذا التأريخ ..!!
البطل عثمان دقنة لم ينكسر سيفه حتى وقع في الأسر عام 1900م .. نقل إلى سجن (رشيد) في مصر ، ومكث فيه مدة (8) سنوات .. ثم أعيد إلى سجن وادي حلفا في أقصى شمال السودان .. عثمان دقنة لما طال عليه الحبس الانفرادي ، الذي كابد وحشته ، وألمه وحيداً ، ثم تقدم عمرهـ .. طلب من السلطات البريطانية أن تسمح له بالحج لكنها رفضت - بشدة .. تصوروا ماذا حدث !، شنت الصحف في بريطانيا حملة عنيفة على الحكومة مطالبة بالاستجابة إلى طلبه ، وفعلاً - رضخت الحكومة البريطانية ، وسمحت للبطل عثمان دقنة بالسفر لأداء فريضة الحج ، فذهب وعاد إلى سجنه - مرة أخرى - في وادي حلفا ، ليلقى بعد ذلك ربه - راضياً مرضياً - سنة 1926م .
لماذ لم يتذكرهـ كبارنا ؟
فلنفترض أن السيد علي الميرغني ليس معنياً بشأن أحد قادة منافسيه آل المهدي .. لكن لماذا لم يلتفت السيد عبد الرحمن المهدي إلى مصير هذا البطل ، ويتشفع له .. كما تشفع لنفسه ، وهو يقدم سيف الإمام المهدي عربوناً للولاء ؟ .. بل لماذا لم يتفضل السيد إبراهيم موسىناظر الهدندوة” - الذي كان من ضمن الوفد - بهذهـ المهمة - إن شقت أيضاً - على السيد عبد الرحمن المهدي ؟ .. أو فلنترك كل هؤلاء لماذا لم يفعل ذلك السادة العلماء الأجلاء الذين كانوا ضمن الوفد ، وهم يعلمون أن عثمان دقنة - أيضاً - عالم لا يقل عنهم علماً ؟.
لماذا تركوهـ لمصيرهـ الموحش في سجن حلفا ، مكبلاً بالأغلال حتى آخر قطرة من عمرهـ (مات في سجنه عام 1926م).
مجرد استطراد ..
بعيداً عن الموضوع ومن باب الاستطراد ، السيد حسن دفع الله الإداري الذى كان مسؤولاً عن تهجير سكان مدينة وادي حلفا قبل غمرها بمياهـ السد العالي ، كتب في مذكراته التي نشرت في كتاب باللغة الإنجليزية ، ثم ترجم للعربية - لاحقاً .. قال : إنه لما حاول نقل رفاة عثمان دقنة عام 1964م قبل أن تغمرها مياهـ السد العالي فوجئ بجثمان البطل عثمان دقنة سليماً كأنه يغط في نوم عميق رغم مرور 38 عاماً على وفاته .
حاربوهـ حياً وميتاً ..
حاولت حكومة عبود نقل جثمان عثمان دقنة إلى مدينة سواكن تلك المدينة التي أحبها لكنه فشل في اختراقها عسكرياً عندما حاول ذلك .. تصوروا ماذا حدث .. رفضوا دخول جثمانه إلى سواكن .. فأصبح محروماً من مدينته - حياً وميتاً ، فذهبوا به - بعيداً - إلى مدينة أركويت ، حيث مقبرته - الآن - منفياً وحيداً ، (كان لي شرف زيارة قبرهـ في مطلع هذا العام 2014م) .
صورة قاتمة .. ولكن !!
قصدت من هذهـ الصورة الممعنة في كسر الوجدان الوطني أن أضع اللمسات التي بها يمكن تفسير تأريخنا المعاصر، التاريخ الذي سردت لكم فيه المخازي العشر السودانية .
الوفد السوداني إلى بلاط ملك بريطانيا ، هو عماد قوامنا السياسي .. الحزبان الأكبر في بلدانا ، هما من سلالة هذا التأريخ ، والسادة العلماء الأجلاء الذين رافقوا الوفد هم عماد الطبقة المتعلمة المستنيرة المرتبطة بالحياة العامة - آنئذ .. والسادة نظار القبائل الكبيرة .. قبائل الهدندوة ، والشكرية ، والجعليين ، والكبابيش .. هم عماد وأركان الإدارة الأهلية ، التي كانت رمز السيادة ، والمجتمع السوداني .. كانوا هم السودان في طبقته الأعلى الممسكة بمصائرنا ، ودولاب العمل العام .
مولانا السيد علي الميرغني في ختام كلمته أمام الملك جورج قال : (فليخفق علم الإمبراطورية البريطانية طويلاً على السودان ؛ لتنشر في ربوعه السلام والهدوء ..).
أمنيات طيبة أن يستمر الاحتلال البريطاني للسودان أطول ما تيسر.. هذهـ أمينة رئيس وفد كبارنا إلى بريطانيا ..
ونافسه كبيرنا السيد عبد الرحمن المهدي ، الذي قدم سيف والدهـ الإمام المهدي هدية إلى ملك بريطانيا ، ثم قال للملك : (أعدُّ نقل هذا السيف إلى جلالتكم دليلاً قاطعاً ومطلقاً على رغبتي في أن تعدّوني - أنا - وأتباعي في السودان خداماً مطيعين لكم ، لقد أظهرت – ولسنوات بعد إعادة احتلال السودان - لرجالكم العاملين في السودان ، وبطرق مختلفة خدماتي ، وكامل ولائي ، وهنالك الكثير من أفراد شعبي الذين ينتظرون عودتي عقب مقابلتي لجلالتكم ظافراً بكريم عطفكم ، ويتمنون أن يكونوا من ضمن رعياكم المخلصين ، وأنا الآن أعرض على جلالتكم خدماتي المخلصة والمتواضعة) .
عرض السيد عبد الرحمن المهدي خدماته المخلصة لملك بريطانيا .. لكن الملك أعاد إليه السيف .. معتذراً بأنه لا يمكن أن يأخذ منه سيف أبيه الذي ورثه فهو حق لكل السلالة .. وطلب منه أن يستخدم هذا السيف للدفاع عن بريطانيا في السودان ..
لو التمس السيد عبد الرحمن المهدي من ملك بريطانيا أن يحول سجن عثمان دقنة إلى اعتقال تحفظي كريم في أي مكان قريب من أهله مثلاً لكان ذلك كافياً لإشهار (المصلحة العامة) .. لكن .. تابعوا معي هذا الخيط جيداً .. دائماً المصلحة الشخصية والطائفية (والحزبية لاحقاً) هي السر وراء كل ضياع السودان !!.
كيف تأسست المصالح الحزبية و الطائفية والشخصية ..؟؟ هنا بيت القصيد .
قضية سجن عثمان دقنة حتى الممات أخذتها مجرد مثال لغياب المصلحة العامة .. لكن الأمثلة الأخرى كثيرة أتجاوزها ، وأقفز فوقها في سياق البحث عن (من ضيع السودان؟).
هذا الشبل .. من ذاك الأسد!!
العشرون سنة في الفترة من عشرينيات القرن الماضي وحتى الأربعينيات تشكَّلت فيها بواكير البنية الفكرية التي قامت عليها هياكلنا السياسية صاحبة القرار في حياتنا العامة وتأريخنا ومصيرنا .
كل الذي نعايشه حتى اليوم – لم أقل نكابدهـ - هو من صنائع تلك البنيات الأساسية لمنهج تفكيرنا السياسي العام .
بدأت حركة ثقافية وفكرية وفنية ورياضية متحمسة وطموحة .. تدفقت عبر الأندية والصحف والمجلات التي بدأت تأخذ مكانها في المجتمع السوداني .. وكانت كلية غردون التذكارية حاضنة علمية تضخ موجات الخريجين الذين يتبوأون الصدارة بشرف التأهيل الحديث .
هذهـ النهضة الفكرية والاجتماعية كانت تدور في إطار ثنائي القطبية - قطبية بيتي الميرغني والمهدي - كان البيتان مسيطران ومهيمنان - تماماً - وهما يمسكان بكل قوة بحبلين متينين .. السلطة الدينية ، والثروة المالية ، ومن الخلف كان هناك من يمسك الزمام أيضاً .. زمام البيتين .
الدكتور جعفر ميرغني – الذي جلست إليه في سياق هذا التحقيق الصحفي – يرى أن جيلاً كاملاً كان نتاج هذهـ الحقبة ، هو الذي سيطر على الحياة العامة ، ودولاب الخدمة المدنية ، والسياسية ، لمدة عشر سنوات من 1954م حتى أكتوبر 1964م .. ويرى جعفر ميرغني أن الذين رفعوا شعار (التطهير واجب وطني) بعد ثورة أكتوبر 1964م هم الجيل اللاحق الذي تربى في حاضنة تعليم حديث (مدارس حنتوب ، وخور طقت ، ووادي سيدنا ، وغيرها).. وأن التطهير كان محاولة من جيل التعليم الحديث إزاحة جيل كلية غردون .
ونواصل في الحلقة القادمة بإذن الله
عثمان ميرغني







اقتباس:
حاربوهـ حياً وميتاً ..
حاولت حكومة عبود نقل جثمان عثمان دقنة إلى مدينة سواكن تلك المدينة التي أحبها لكنه فشل في اختراقها عسكرياً عندما حاول ذلك .. تصوروا ماذا حدث .. رفضوا دخول جثمانه إلى سواكن .. فأصبح محروماً من مدينته - حياً وميتاً ، فذهبوا به - بعيداً - إلى مدينة أركويت ، حيث مقبرته - الآن - منفياً وحيداً ، (كان لي شرف زيارة قبرهـ في مطلع هذا العام 2014م) .


قضية سجن عثمان دقنة حتى الممات أخذتها مجرد مثال لغياب المصلحة العامة .. لكن الأمثلة الأخرى كثيرة أتجاوزها ، وأقفز فوقها في سياق البحث عن (من ضيع السودان؟).




لم يقول لنا من الذي حاربه ميتا ورفض دخول رفاته الي مدينة سواكن ؟؟؟
مقال فيه الكثير من المغالطات ...
ولايعني ضياع السودان في جزئياته ..
ففي رأي الكاتب عثمان ميرغني .. قضية عثمان دقنة مثال لتقديم المصلحة الحزبية والخاصة علي المصلحة العامة ...
وفي هذا تجني كثير ...
وعليه أن يعود الي حوادث ذلك الزمان
(فاتحة سيدي الميرغني تصرفها عند سيدي المهدي) ..
فلو كان الحال كما قال ..
لما صرف سيدي المهدي فاتحة غريمه مالا وقمحا وذرة لحواري غريمه ..



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-03-2024, 10:39 PM   #[21]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

من ضيع السودانعشر مخازٍ سودانيةالحلقة (17)
عثمان ميرغني
يقول الدكتور منصور خالد (مدرسة المشاغبين هي أساس البلاء .. مسوخ ترتدي البزات وتعلك الشعارات .. هم دراويش السياسة .. فالدرويش في حلبة الذكر يصيح “حي قيوم ..” حتى يخرّ صريعاً وهو يحسب أن روح الله قد حلت فيه .. هذا هو حال إخوته دراويش السياسة الذي يقف الواحد منهم يصيح “ليبرالية.. اشتراكية.. إسلامية”.. ظاناً أن الصيحان كافٍ وحدهـ ؛ ليحقق له غايته المبتغاة..)!!
عهد الصحوة..!!
كما ذكرت في الحلقة الماضية .. الفترة الواقعة من نهاية الحرب العالمية الأولى حتى نهاية الحرب العالمية الثانية شهدت في السودان تبلورت ملامح الغد .. الذي تحول بعد ذلك إلى تأريخنا المعاصر بعد الاستقلال .. في كل المجالات ..!!
في الرياضة – مثلاً - تأسست الأندية الرياضية الكبرى التي ظلت مهيمنة على صدارة المشهد الرياضي .. نادي المريخ في 14 نوفمبر 1927م ، وفي نفس العام نادي الموردة الرياضية .. ثم نادي الهلال في 13 فبراير 1930م .
في مجال الفنّ والشعر.. ظهر خليل فرح في عنفوان مجدهـ خلال هذهـ الحقبة (توفي في 20 يونو 1932م).. وسطع نجم أغنيات الحقيبة التي لا تزال تمثل السماء التي سطعت فيها نجوم الفن السوداني حتى اليوم .
ولكن أهم من كل ذلك .. الصحافة .. والتي كانت البنية التحتية للنشاط الأدبي والثقافي ثم السياسي وعلى تربتها ترعرت الحركة السياسية السودانية إلى يومنا هذا .
لا أريد الانزلاق لسرد تأريخ الصحافة السودانية العريق لكنني - فقط - أرتكز على منصة تأريخية محدودة ظهرت فيها صحيفة (حضارة السودان) في 28 فبراير 1919م (أسبوعية) يرأس تحريرها الأستاذ حسين شريف ..
هذهـ الصحيفة التي لعبت دوراً كبيراً في توجيه الرأي العام المستنير ، كانت مملوكة في البداية للسيد عبدالرحمن المهدي ، وبعض الشركاء الأثرياء من أنصار المهدي .. ثم بعد توقفت مدة سبعة أشهر، عادت تحت شركة أسسها السادة عبدالرحمن المهدي ، وعلي الميرغني ، والشريف يوسف الهندي ..
كانت صحيفة (حضارة السودان) تدعو - علناً - إلى انفراد الإنجليز بحكم السودان ، وتمثل الصوت الإعلامي الأقوى المؤيد للاستعمار البريطاني ، والمروج لمآثرهـ على السودان .
ويبدو أن جهر صحيفة (حضرة السودان) بتأييدها ودعمها الـ(لا) محدود للسياسات البريطانية تجاهـ السودان أسهم في تكوين فكر مضاد .. ليس مضاداً في المناداة بالاستقلال – كما يتصور البعض خطأ - بل في المطالبة بمزيد من التلاحم مع مصر .. بل الوحدة .. والمطالبة ببقاء الجيش المصري في السوان .. وهو الأساس الذي نشأت عليه جمعية اللواء الأبيض في مايو 1924م ، ووصل بها حد الانتفاضة المسلحة في الحركة الشهيرة التي فشلت – عسكرياً - وأدت إلى الحكم بإعدام أبطالها العسكريين - رمياً بالرصاص .
ولم تتستر صحيفة (حضارة السودان) على عواطفها تجاهـ حركة 1924م ، فطالبت باستئصال هذهـ الرغبات الاتحادية مع مصر ، وأية نزوات أخرى تدعو إلى زوال الاستعمار البريطاني من السودان .
ثم ظهرت مجلة النهضة (1931م -1932م) لمؤسسها محمد عباس أبو الريش.. وتلتها مجلة الفجر (1934م - 1939م) لعرفات محمد عبدالله .
وكانت تلك هي المنصة الفكرية التي انطلقت منها نجوم خالدة في سماء العمل العام في السودان ، منهم محمد أحمد المحجوب (رئيس وزراء لاحقاً)، وأحمد خير المحامي (وزير خارجية لاحقاً)، وأحمد يوسف هاشم (أبو الصحف)، وعرفات محمد عبدالله ، وكثيرون- قد لا يتسع المجال لذكرهم هنا.
حاز السيد عبدالرحمن المهدي على أول صحيفة يومية (النيل) في العام 1935م ، وترأس تحريرها أحمد يوسف هاشم (أبو الصحف).. ثم حاز السيد علي الميرغني – أيضاً - على صحيفة سياسية هي (صوت السودان) في العام 1940م ، وترأس تحريريها محمد عشري صديق .
مؤتمر الخريجين!!
كل هذا الزخم الأدبي ، والثقافي ، والفكري ، والفني ، أدى - في النهاية - إلى بزوغ فكرة مؤتمر الخريجين ، التي شهدت صرخة الميلاد في العام 1938م ، وأصبح المؤتمر بتركيبته السياسية التي بلورتها عضويته نسيجاً واضحاً لمآلات الحركة الوطنية في السودان .
والأحزاب السياسية .. أيضاً ..!!
السجال والتدافع والتنافس داخل مؤتمر الخريجين كان مرصوداً بعين حريصة من جانب القطبية الثنائية في السودان - السيدان عبدالرحمن المهدي ، وعلى الميرغني - وعندما اشتد التنافس داخل مؤتمر الخريجين ، ووصل أوجه بدأت تنضج على نار هادئة فكرة تأسيس منصات سياسية تعبِّرعن التجمعات والتكوينات السودانية في منظورها السياسي والاجتماعي على وجهه الدقة - بعبارة أخرى - توسيع المظلة ؛ لضم التكوينات المجتمعية السودانية على مستوى قاعدي وشعبي ، بعد أن ظل مؤتمر الخريجين يعبِّر - فقط - عن النخبة المتعلمة التي انتظمت في عضويته المحدودة .
هذهـ المنصة السياسية تكونت تحت رعاية مظلة دينية طائفية بقيادة السيد عبدالرحمن المهدي ، وعلي الميرغني - وهنا مربط الفرس !!.
فتكون حزب الاشقاء الذي يدعمه السيد على الميرغني زعيم الطائفة الختمية .. ثم تأسس حزب الأمة في العام 1945م برعاية السيد عبدالرحمن المهدي ..
لم تتبلور أية برامج سياسية واضحة ، أو حتى مجرد (رؤية) وطنية فكرية تعبِّر عن تطلعات هذهـ الأحزاب السياسية .. فقط انحصر التباين والتمايز في شعارين .. شعار السودان للسودانيين ، الذي يرفعه حزب الأمة في مواجهة نديدهـ حزب الأشقاء برعاية مولانا علي الميرغني ، الذي يطالب بالوحدة مع مصر .
من المهم هنا الانتباهـ جيداً إلى التغير السياسي الكبير في فكر السيدين عبدالرحمن المهدي ، وعلي الميرغني ، في هذهـ المرحلة ، السيد علي الميرغني الذي دعا في خطابه أمام ملك بريطانيا في العام 1919م للجيش البريطاني (بطول البقاء) في السودان ، واستمرار الحكم تحت التاج البريطاني ؛ لأن ذلك يحقق (السلام والاستقرار) ، تحول - هنا - ليصبح منادياً بالوحدة مع مصر، في مواجهة - مباشرة- مع نديدهـ السيد عبدالرحمن المهدي ، الذي يدعو إلى استقلال السودان . وكان واضحاً أن تداعيات الحرب العالمية الثانية ، والوعود التي أجزلته بريطانيا للدول المتحالفة معها ، بدأت تفرض إرهاصات تقرير مصير السودان .. فأصحبت المنافسة على وراثة الحكم الثنائي في السودان باينة على سطح العمل السياسي العام .
بعبارة مختصرة للغاية - تبلور الفكري السياسي الحزبي خلال هذهـ الفترة على منصتين اثنتين لا ثالث لهما ، مصير السودان بعد الحكم الاستعماري والدين ، فحتى الأحزاب التي نشأت - لاحقاً - كانت تدور حول هاتين المنصتين .. الحزب الجمهوري ، وقبله الشيوعي ، والإخوان المسلمين ، وغيرهم .
حاولت – في سياق هذا التحقيق - أن أرسم مقارنة في هذهـ الفترة (فترة ما بين الحربين الأولى والثانية)، بين وقائع ما يدور في جارتنا مصر، وما يدور- هنا - في السودان .. الفرق كان شاسعاً .. بل مؤلماً ومحبطاً .. في الوقت الذي ترتكز فيه الأحداث وتداعيتها في مصرعلى أسس تعبِّر عن المصلحة العامة للوطن مصر .. كانت في السودان تعبِّر عن انقاسم المصالح وتنافرها .
أدرك أن كثيرين تحرق كلماتي أحاسيسهم الوطنية ، وتلسع وجدانهم ، الذي بُني على (عواطف) تمجد الماضي من حيث كونه ماضياً .. لا بوزن وثقل مآلاته التي آلت إلى حاضرنا وستمضي إلى مستقبلنا .
إرهاصات الوطن المستقل..!!
كان واضحاً – بكل حزن نبيل - وإرهاصات استقلال السودن تقترب أن المقدمة التي بدأت بها هذهـ الحلقة اليوم .. والتي سطرها الدكتور منصور خالد في كتابه الفريد (النخبة السودانية وإدمان الفشل).. هي - بالتحديد - العقدة ، ومربط الفرس .. دراويش السياسية أمسكوا بالمقود جيداً .. بل احتكروا المشهد السياسي .. وتملكوا حق تقرير مصيرنا .
وبكل أسف .. هذا ما تحقق!!
ونواصل في الحلقة القادمة بإذن الله .
نقلاً عن التيار



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 03:04 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.