عبد ابن كلب انعل ابوك
عبد ابن كلب انعل ابوك
في سنه 70 تعرفت بامريكي اسود وسيم طوله مترين و بجسم رياضي اثناء نقاش ماركسي في مقهي الطلبه في جامعة لوند في السويد و كان ياراس ادماسي و مجموعه من الاثيوبيين يحملون افكار ماوتسي تونغ . هيرمان الامريكي الذي يحمل اسمه احد ابنائي اليوم ، و هو الشخص الوحيد في هذا الكوكب الذي لا اخفي عليه اي سر . كان قد فرغ من دراسه القانون في جامعة بيركلي بكلفورنيا .و هو اول شخص اقابله يحتضن افكار تروتسكي الذي طرده استالين من الاتحاد السوفيتي و اغتاله في المكسيك .
عن طريق هيرمان تعرفت بروني براكستون و هو امريكي اسود اخر كان قد رجع من حرب فيتنام و كره امريكا و كان مثل هيرمان يبحث عن تجربه جديده . و يحلم بشراء عربه بورش .
و بعد بضع سنوات و بعد ان رافقني روني في العمل كحمال في الميناء ، و عده مهن اخري ابتاع سياره بي ام دبليو متوسطه العمر . و اقنعنا صديقنا دجو من ساحل العاج بان تلك السياره يمكن ان تباع بضعف ثمنها في ساحل العاج .
و كالعاده كان الواقع غير الحقيقه . و انا و روني لم يكن لنا المام باللغه الفرنسيه . و اخيرا اقترح دجو الاستعانه بصديقه مامدو . و وجدناه في كفتيريا يلعب كره القدم التي تدار باليد و كان الكثيرين يراهنون ضده و هو يفوز كل الوقت و تجلجل ضحكته . و هو يبدو مختلفا بجسمه الرياضي بالمقارنه باهل ساحل العاج الذين يميلون الي القصر .
مامدو شريف او محمد شريف كان يتحدث الانجليزيه بطلاقه فلقد ارسله والده رئيس البرلمان للدراسه في امريكا و لتعلم اللغه الانجليزيه . و يسكن مع والده و زوجه والده الالمانيه في منزل جميل بحوض للسباحه .
و عندما اقترح علي مامدو المساعده في بيع السياره لان دجو كان زميل دراسته ، بسط عضلاته و مقدراته بطريقه صبيانيه . فتدخلت لحسم الامر . و ما ان عرف بانني سوداني حتي تغير وجهه و اشاح بوجهه اشاره الي ان الامر منتهي .
و بعد اشهر من هذه الحادثه كنت اواجه قاضيا اوربيا و بعض المحلفين و مترجم و محامي يريد ان يخلص من القضيه بسرعه و ممثل اتهام يوجه لي تهمة بالرغم من ان المحامي يقول ان المتهم لم يستعمل اي سلاح ردا علي اساءة اوربي فظ . و بعد المحكمه التي كنت احسبها مثل محاكم امدرمان تنتهي بسهوله بعد كل مشاجره دمويه ، كنت في طريقي الي السجن .
و قال لي احد الحراس العجائز ،( عندنا معتقل افريقي و انت كمعتقل من حقك ان تسكن في زنزانه لوحدك حسب الفقره 18 من القانون الاوربي ، الي ان يصدر ضدك حكم نهائي . و لكن هذا الافريقي يبدو منهارا فاذا اردت ان تساعد اخاك الافريقي فيمكن ان اضع لك سريرا في زنزانته) .
و بعد قليل كنت اواجه مامدو شريف . و لم يكن يضحك و كانت عيناه اقرب الي الموت . حتي بعد ان تحدثت معه لم يتعرف علي و كان الزهول يخيم عليه . فابن الذوات لم يكن متعودا علي السجن .
و بعد بضعة ايام صار مامدو يقهقه من جديد . بعد ان علمته بعض الحيل في لعب الورق و تحدثنا عن الدنيا . و ناقشنا الفتيات الاوربيات . و في يوم استيقظت في الصباح و كان مامدو يقف فوق راسي و عندما فتحت عيني ،. كان يرفع يده و يتظاهر بانه سيضربني و يقول ( ابد بي كلب بوك ) ثم ينفجر ضاحكا بصخب و يلقي بنفسه علي سريره و يرفع قدميه و يواصل القهقهه .
مامدو شريف كان احد لاعبي فريق ساحل العاج الذي هزم الفريق القومي السوداني في السودان و انتهي الامر بان هاجمتهم الجماهير و حاولوا قتلهم بزجاجات المياة الغازيه التي ملئت بالتراب . مما جعلهم يتجمعون وسط الميدان معرضين ظهورهم فقط للمقذوفات .
الذي تذكره مامدو شريف هو الجماهير التي هاجمتهم و جملة ( عبد ابن كلب انعل ابوك ) . و كيف ان البوليس قد فرق المهاجمين بعنف . مامدو كان يظن ان الجماهير استهدفته بطريق خاصه لضخامة جسمه و خشونته و لانه قد سجل اصابه رائعه . و صارحني ان الكره ارتطدمت بركبته بدون ان يراها و كانت الاصابه .
كما انتقد اللاعبين السودانيين و وصفهم بانهم يلعبون كالنساء و لا يستخدمون الخشونه القانونيه ، و يتخلون عن الكرات المشتركه بسهوله . و ان مدربهم الالماني في ساحل العاج قد دربهم في الاول علي الخشونه القانونيه و بعض الحيل الاستفزازيه . كالدوس علي يد الخصم عندما يستند علي يده لكي يقف بعد سقطته و التظاهر بان الامر عفوي .
مامدو شريف كان يقول لي محتارا لماذا يهاجمنا افارقه سود مثلنا و يصفونا بابناء الكلاب و العبيد . لقد مررنا بمشاحنات في بعض الدول الافريقيه و لكن ما شاهدناه في السودان كان حاله من الكراهيه و البغضاء و الحقد الذي لا نستطيع فهمه . و لقد شرح لنا رجال السفاره معني الاساءات . و كيف يواجهون كثير من هذه الاستفزازات و الاساءات في حياتهم اليوميه .
و كان يقول لي ( بدري ، انا رجل جبان احب ان امزح و ادبر المقالب للاخرين و لهذا فالفزع و الخوف الذي عشته في السودان لا يزال يلازمني . و هو اكبر من خوفي من هؤلاء البيض الذين كانوا ينظرون لي شذرا في هذا السجن . و قبل حضورك كنت افضل ان لا اخرج من الزنزانه ).
|