حياة الدواخل (1) - طيور بدري الياس
"ونيلنا تَقَطِّرو الأوتار
ويسكربو الغُنا الزاهي"
بدري الياس
بدري الياس نيل لا طاقة لي ببلوغ (حَدُّوتِه)، ولكن أنحني اليوم في جداول غنائه الزاهي لأشرب مع أطياره الداخلية.
"وينا بلدنا باللاهي؟
وعِصيفير جنّتي اللاهي
علي معلاق مسراته
ينقِّد في الحياة وساهي"
بدري الياس
في الدواخل، تتجلّى حياة موازية تتراقص مع ظلال الواقع، حياة تتوارى عن أعين الآخرين. ربما لذلك كتب الراحل مجدي النور "مُتمنّي أسوقك مُشوار جوّة الروح، شان تلقي السِكَّة عيونك". أتوقّف اليوم عند اختيار بدري للطيور ليصف بها هذا المشهد الداخلي.
من قصيدته "شارع النيل":
"وانا ما دفنتك في خلايا
الأمنيات
لحظة تهاجر في الوريد
ألحان عصافيرك
بَتُوه
ألقاني في كل الوجوه
شامَةْ رِضَا
.
.
يا فاتحة جرحك للعصافير
أغنيات"
وكأنّي أرى ألحان العصافير تواصل انسيابها عبر الوريد بسلاسة وحنين على طريقة أمل دنقل "وتدورُ ثم تدورُ .. ثم تعودُ في قلبي لتسكن شاطئيك" لتعانق شاطئ القلب في قصيدة أخرى لبدري ذات (ضُهرية):
"يقالد القلب عصفورين
حكن ريدِن شَغَبْ - ضُهرية -
جم نقّاع سبيل"
وبعد المَقِيل في فروع القلب، تواصل عصافير بدري مسيرة غنائها في العُروق:
"فوق فروع القلب كانت
ركّتك
وغُنَاكِي سَافَر فِي العُرُوقْ"
يواصل بدري في امتاعنا بلوحاته الطائرية، ولكن هذه المرة بحضور الحمام والقماري، في سماوات و(تِقِيَّات) عالمه الداخلي:
"وكما الأحلام
أفتِّح شوق والاقِيكِي
سمايا سلام
وسارح في تَقَاتِي حَمَامْ
وقُمْرِيَّات
عَلِي نَخْلَة رضَايْ مَدَحَنْ"
لا أذكر أنني قرأت كلمة “دِينَاشِي” في أي قصيدة، إلا في أشعار محمد بَرّوي وبدري:
"وانا ما رجيتك في منام
أو رسمتك ملهمة
نَقَّد صِدق عِشقي الحمام
دِيْنَاشِي من كَبْد السَمَا"
بدري الياس
وفي غمرة تأملي بنيل بدري وأطياره، قاطعتني أمواج دوائر شوقه:
"جواي دواير الشوق
تزيد
كل ما الظروف
فنَّت حجر"
شكرًا بدري، فقد سقيتنا من نيلك الزاهي.
أزهري سيف الدين
17 أغسطس 2023
https://youtu.be/UQhcmuElrKA
https://youtu.be/BoY4nVqmQyY