نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-08-2021, 11:00 PM   #[16]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

جريدة المجهر الاحد 11 نوفمبر 2012م الموافق 26 ذوالحجة 1433هـ العدد 202
رحلة في طيات الكتاب - لوطني وللتاريخ .. مذكرات الشهيد الشريف حسين الهندي
العرب يرفضون الصفقة : الاعتراف بإسرائيل مقابل وقف الاستنزاف الحربي والاقتصادي !!
الحلقة التاسعة

إعداد خادم التراث / محمد الامين الشريف عمر الهندي
هو الشريف الحسين بن الشريف يوسف (الهندي) بن الشريف محمد الامين ، بن الشريف يوسف بن الشريف احمد بن الشريف زين العابدين بن الشريف حمد بن الشريف آدم بن الشريف محمد الشهير بالهندي ، الذي علق به لقب الهندي لأن مرضعته في مكة كانت هندية الاصل .
ولد الشريف حسين في عام 1924م ، ونشأ وترعرع بضاحية بري الشريف شرق الخرطوم ، وقد الحقه والدهـ بالخلوة لحفظ القرآن الكريم ، فأتم حفظه في سن باكرة .. ثم حضر خاله الاستاذ احمد خير وأخذهـ معه ليتم دراسته بمدينة ود مدني والحقه بالصف الرابع بالمدرسة الاولية .. وفي منتصف الصف الرابع ذهب الشريف الحسين لتلقي دراستهم الثانوية بكلية فكتوريا بالاسكندرية بمصر .
وإنضم معظم زملاء الشريف الي الاحزاب الاتحادية التي اندمجت في الحزب الوطني الاتحادي عام 1953م ، وكان عدم إنضمام الشريف لهذه الاحزاب مثار تساؤل ، غير أن بعض المقربين كانوا يعرفون ان من رأي الشريف أن الطائفية ينبغي ان تبتعد عن العمل السياسي الحزبي ، وبعد إعلان دمج (الحزب الوطني) في (الوطني الاتحادي) سجل الزعيم اسماعيل الازهري رئيس الوزراء ورئيس (الحزب الوطتي الاتحادي) علي رأس وفد من الحزب والحكومة ، زيارة الي قرية (العقدة) والتقي بآل الهندي في معقلهم .. وبعد تلك الزيارة ، أعلن الشريف حسين إنضمامه رسميا الي (الحزب الوطني الاتحادي) .
وفي عام 1958م ترشح الشريف في دائرة الحوش عن (الحزب الوطني الاتحادي) وكان في الوقت نفسه مشرفا علي الانتخابات في دارفور ، وقد فاز في دائرته فوزا كاسحا .
وكان الشريف علي صلة وطيدة بكثير من حركات التحرر الوطني ويساعد بعضها في الحصول علي السلاح ، وكان يشرف علي معسكرات المقاتلين السودانيين المقامة بليبيا واثيوبيا ضد نظام نميري العسكري ، وكان من المناصرين بشدة لحركات المقاومة من اجل التحرر في العالم عموما وفي افريقيا ، وقد كلفه عبدالناصر القيام بمحاولة لخطف الرئيس الكنغولي ’’باتريس لوممبا‘‘ وكادت محاولته ان تصل الي غايتها لولا ان خصوم ’’لوممبا‘‘ أقتادوهـ قبل وصول ’’الشريف‘‘ الي مكان مجهول وقتلوهـ .
ولخروج الشريف من السودان قصة طويلة معروفة في تاريخ السودان - تخللتها وحدثت بعدها احداث جسام في رحلة حياة عامرة بالمواقف .
وقد قضي الشريف اخريات ايام حياته في العبادة وتلاوة القرآن .. وتوفي في اثينا في يوم 9 يناير 1982م .. وكان قد تزوج في أخريات العهد الحزبي الثاني من كريمة الخليفة احمد عبدالوهاب .. ولم يخلف أبناء ، ولكنه خلف في الدنيا صوتا داويا .


إستمرت المفاوضات اربع عشرة ساعة ، علي مرحلتين وتميزت بالصراحة والمواجهة وتخللتها الالفاظ القاسية ، وفورات الغضب والانفعال ، وبدأ ان هناك خلافا اساسيا في التخطيط لمواجهة الموقف ، والسياسات التي يجب ان تتبع ، وكان الخلاف جليا ، والتكتيك مختلفا ، وربما الاستراتيجية نفسها .
كان بريجنيف يرأس الجانب الروسي ومعه كوسجين وآخرون ، من بينهم المسؤول العربية في مجلس السوفيت الاعلي ، قالوا إنهم الي الان ، وبعد النكسة ، قد ارسلوا ما يقارب نصف المليون طن من الاسلحة ، تحملها حوالي خمسمائة طائرة و (15) سفينة ، وقيمتها (250) مليون دولار ، وهم علي استعداد لإرسال المزيد وفق تقديرات خبرائهم ، وقالوا إنهم في الماضي كانوا يرسلون كل ما يطلب عبدالحكيم عامر دون سؤال ، ولكنهم الان ، أكتشفوا النقض الفاحش في التدريب ، وفي عدد الطيارين ، أن نسبة المجندين في اسرائيل حوالي (15%) وإنها في الجيش المصري والسوري لا تتجاوز الـ(2%) وربما اقل ، وان عدد ساعات الطيران للطيار الحربي ، لاتزيد عن ما يجب ان تكون عليه ، وان ساعات طاقم الدبابات لاتزيد عن ساعتين الي ست ساعات ـ وان حوالي اربعة الاف قطعة سلاح ، قد تركت وتسلمها العدو ، وان عدد القتلي في جبهة واحدة لايتجاوز العشرين قتيلا ، وفي الجبهة الاخري لايتعدي المائتين ، بل يقل ، وان سلاحهم قد ترك لخصومهم وانه يستعرض الان لدي خبراء (حلف الناتو) وان الاسرائيليين يثنون علي نوعية سلاحهم ، إمعانا في إغاظتهم) .
وقالوا إن الاسرائيليين يستطيعون الان إحتلال القاهرة ودمشق وعمان في أقل من ساعتين . وربما دون قتال يذكر ، وان العرب يحتاجون - علي الاقل - الي عامين من التدريب المستمر والجاد ، حتي يستطيعوا مجرد الدفاع ، ولا أكثر من هذا .. للهجوم وإنهم يحتاجون الان لمدارس التدريب أكثر من حاجتهم للسلاح ، وليسوا مستعدين لتقديم سلاح (للتخزين) ومن المستحيل عليهم الموافقة علي المظلة الجوية ، وارسال الطيارين ، فهذا الاجراء سيشجع امريكا علي التدخل ، وهي الان تنتظر اية ذريعة لذلك ، ولكنهم مستعدون لبحث مسائل زيادة الطائرات .. وزيادة خبراء الصيانة والتدريب ، ويعتقدون انه لابد من حل سياسي ، ولابد من قرار قبل انفضاض دورة الامم المتحدة الحالية . وان غروميكو علي الهاتف باستمرار ، ينبه لضيق الوقت ، ويؤكد علي ضرورة الموافقة علي قرار ، ولايؤمنون بجدوي النضال المسلح الان ، ولايرون ضيرا او حرجا من الموافقة علي الاعتراف بإسرائيل ، وكرروا (مثل لينين وأوكرانيا) واكدوا ان المهم الان هو : الحفاظ علي الانظمة النقدمية في المنطقة ، ومحاربة الرجعية والمحافظة علي الوحدة العربية ، وان التسامح في مسألة الارض ضرورة ، والمرونة مع الاستعمار واجبة ، حتي يكسب العرب الوقت الذي يسطيعون فيه إستعادة فعاليتهم القتالية .
تكلموا عن مؤتمر بودا بست ، وان هذا هو رأي كل دول المنظومة الاشتراكية ، وان كل هذهـ الدول مستعدة للمساهمة في التسليح . تكلموا عن اضرار التطرف ، وبدأ واضحا إنهم يقصدون في المرتبة الاولي بو مدين ، وكان هذا جزء من بيان بودا بست .
وقالوا إن بعض زعماء العرب يصغون لمشاورات الصين الخرافية ، مثل الحرب الشعبية حتي لو احتلت العواصم والمدن الكبري ، وعن ضرورة الموافقة علي قرار استمرار القتال ، وقالوا ان هذهـ مزايدة وضرب من الجنون ، وركزوا علي ضرورة (الحل السلمي) وضرورة (الموافقة علي قرار من هيئة الامم) بما فيه الاعتراف بوجود إسرائيل ، وان هذهـ نصيحة من اصدقاء (يريدون انتصار العرب) وإنهم يريدون ان يعرفوا هل حضر الرؤساء من قبل إخوانهم المجتمعين في القاهرة للتشاور ، أم لإبلاغهم بقرار سبق وأتخذ ؟ .
أجاب ’’بومدين‘‘ وعيونه شرر وفي حلقه غصة ، وقال : (إن الاعتراف بإسرائيل مستحيل ، وسيؤدي الي سقوط نفس الانظمة التقدمية التي يحرصون علي بقائها ، والموافقة علي قرار مثل هذا يعني إنتهاء القضية العربية وضياع فلسطين ، وهي امور لايمكن الموافقة عليها مهما كان الثمن ، وقال : إنه لو كان قد سمع بمقررات بودا بست والبيان ، لما حضر ، وان استمرار النضال المسلح ضرورة ، وإلا كرست الهزيمة واصبحت واقعا ، وتدنت الروح المعنوية لدي كل العرب ، وقال إن الاخوة في كل من (مصر) و (سوريا) يحتاجون للمزيد من الاسلحة المتطورة والحديثة خصوصا الطائرات المقاتلة والقاذفة ، وإني واثق ان مستوي التدريب سيرتفع لدي كل الجيوش العربية ، وان الحكم علي شجاعة العرب وروحهم القتالية لايمكن الجزم بهما في نكسة تمت نتيجة مفاجأة للقوة الضاربة العربية ، وإهمال بعض القادة العسكريين .
وقال إن الروس انفسهم قد اصيبوا بهزائم مريعة في مطلع هجوم (هتلر) عليهم ولكنهم إستعادوا زمام المبادرة ـ ولم يستسلموا ، وناضلوا ودفعوا ثمنا غاليا ، وانتصروا أخيرا ، رغم النكسات والهزائم الاولي ، وان ما حدث في الخامس من يونيو تكرر كثيرا في التاريخ ، فهو ليس بدعا ، وسيكون المؤسف هو الرضا به والخضوع والاستسلام ، وقال إنه يقدر موقف الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية ـ ويشكر نيابة عن إخوانه المعونات التي قدمت والتي ستقدم ، وإنهم اتوا للتشاور وان إخوانهم ينتظرون نتيجة مشاوراتهم لإتخاذ قرار ، وهذا وحدهـ يدل علي قوة الروابط التي تشدهم بالاتحاد السوفيتي ، وبقية الدول الاشتراكية ، واضاف (ان الحرب الشعبية واستمرار النضال المسلح هما الطريق السليم لكل الشعوب ، التي اغتصبت اراضيها وسلبت حقوقها ، وليس اقتراح الصين وحدها) واكد ان عدم الاهتمام بفقدان الارض والاعتراف بإسرائيل والحل السلمي والمحافظة علي الانظمة التقدمية ومحاربة الرجعية والوحدة العربية كلها اقتراحات متناقضة ، وغامضة . وتكلم الرئيس عارف واثني علي كل هذا ، مؤكدا الصداقة والتضامن بين الامة العربية والاتحاد السوفيتي وبقية الدول الاشتراكية .
تناوب الكلام في كلتا الجلستين بريجنيف وكوسيجين ، الذي كان يتدخل كلما احتدم النقاش ، وعلت الاصوات ـ وتعددت الخلافات ، وانتهت الاجتماعات ، ولم تكن هناك قرارات ولم يحدث اتفاق ، كل مافي الامر ان كل طرف قد ايقن تماما من وجهة نظر الطرف الاخر ، وفي نفس الجو الخانق المتوتر - بل ربما اكثر - سارعت الطائرة بالاقلاع راجعة الي (القاهرة) وكان كل الرؤساء هناك ما عدا الرئيس الاتاسي الذي غادر مخلفا وراءهـ السيد (عبدالكريم الجندي) ولخص (بومدين) و (عارف) نتائج الرحلة في الاتي :
1/ ان الاتحاد السوفيتي ومنظمة الدول الاشتراكية يصرون علي ضرورة الموافقة علي قرار يصدر من الجمعية العمومية ومجلس الامن عاجلا وقبل انقضاء الدورة .
2/ انهم يرون ان الاعتراف باسرائيل لاضير منه ، وانه لايشكل خطرا ، وكذلك يصرون علي وجوب الموافقة علي الحل السلمي .
3/ انهم يخشون ان تهاجمهم اسرائيل ويرون انها سنتنصر ، وانه ليس للعرب اية قوة دفاعية تقف دونهما في كل الميادين .
4/ انهم مستعدون للإستمرار في إرسال الاسلحة ولكنهم يشكون في قدرة الجيوش العربية علي التدريب والكافي والمتكافئ ، وبالتالي فإن الاسلحة التي سترسل ’’ستخزن‘‘ ، وهم ليسوا مستعدين لذلك وربما تسلم وهم لن يرضوا بذلك .
5/ إنه إذا حدث مجهود حقيقي في بعث وإحياء القدرات الضرورية للجيوش العربية ، فإن هذا - وعلي الاقل سيستغرق ’’سنتين‘‘ لإقامة دفاع حقيقي - ولابد من كسب هذا الوقت بالحلول السلمية والسياسية ، حتي إذا أدي هذا لفقدان بعض الارض ، والقبول بوجود إسرائيل .
6/ إن مظلة جوية قوامها الطيارون الروس مستحيلة ، فهي دعوة واضحة للأمريكان للتدخل ويمكن زيادة الخبراء وإرسال بعض الطائرات .
7/ إن النضال المسلح في الظروف الحاضر ليست له مقومات وإنتهاجه خطرا ولايخدم غرضنا .
8/ ان المحافظة علي الانظمة التقدمية تأتي في المكان الاول قبل الارض ، والاعتراف بإسرائيل .
9/ إن المرونة مع الاستعمار - في الظروف الحالية - سياسة واجبة ، الآن الظروف متاحة للإستعمار للتدخل ، وهو يتحين الذرائع لكي يسيطر علي المنطقة كلها ويفرض نفوذهـ عليها ، وهذا يشكل خطرا أكبر علي السلام العالمي ، ويعجل بشوب حرب نووية ، واحتمال مصيري للأنسانية كلها وليس واردا الان .
10/ ان الاتحاد السوفيتي ومنظمة الدول الاشتراكية سيستمرون في مساندة العرب سياسيا وعسكريا واقتصاديا ، ولكنهم يتساءلون : ما هو دور العرب انفسهم في دعم قضيتهم ؟



نقلا عن المجهر السياسي



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi متصل الآن   رد مع اقتباس
قديم 12-12-2021, 09:36 PM   #[17]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

جريدة المجهر- الاثنين 12 نوفمبر 2012م الموافق 27 ذوالحجة 1433هـ العدد 203
رحلة في طيات الكتاب - لوطني وللتاريخ .. مذكرات الشهيد الشريف حسين الهندي
السودان يسعي لإمتصاص (النكسة) بمؤتمر في الخرطوم .. و’’عبدالناصر‘‘ يتوقع إنقلابا في مصر !!

الحلقة العاشرة

إعداد خادم التراث / محمد الامين الشريف عمر الهندي
هو الشريف الحسين بن الشريف يوسف (الهندي) بن الشريف محمد الامين ، بن الشريف يوسف بن الشريف احمد بن الشريف زين العابدين بن الشريف حمد بن الشريف آدم بن الشريف محمد الشهير بالهندي ، الذي علق به لقب الهندي لأن مرضعته في مكة كانت هندية الاصل .
ولد الشريف حسين في عام 1924م ، ونشأ وترعرع بضاحية بري الشريف شرق الخرطوم ، وقد الحقه والدهـ بالخلوة لحفظ القرآن الكريم ، فأتم حفظه في سن باكرة .. ثم حضر خاله الاستاذ احمد خير وأخذهـ معه ليتم دراسته بمدينة ود مدني والحقه بالصف الرابع بالمدرسة الاولية .. وفي منتصف الصف الرابع ذهب الشريف الحسين لتلقي دراستهم الثانوية بكلية فكتوريا بالاسكندرية بمصر .
وإنضم معظم زملاء الشريف الي الاحزاب الاتحادية التي اندمجت في الحزب الوطني الاتحادي عام 1953م ، وكان عدم إنضمام الشريف لهذه الاحزاب مثار تساؤل ، غير أن بعض المقربين كانوا يعرفون ان من رأي الشريف أن الطائفية ينبغي ان تبتعد عن العمل السياسي الحزبي ، وبعد إعلان دمج (الحزب الوطني) في (الوطني الاتحادي) سجل الزعيم اسماعيل الازهري رئيس الوزراء ورئيس (الحزب الوطتي الاتحادي) علي رأس وفد من الحزب والحكومة ، زيارة الي قرية (العقدة) والتقي بآل الهندي في معقلهم .. وبعد تلك الزيارة ، أعلن الشريف حسين إنضمامه رسميا الي (الحزب الوطني الاتحادي) .
وفي عام 1958م ترشح الشريف في دائرة الحوش عن (الحزب الوطني الاتحادي) وكان في الوقت نفسه مشرفا علي الانتخابات في دارفور ، وقد فاز في دائرته فوزا كاسحا .
وكان الشريف علي صلة وطيدة بكثير من حركات التحرر الوطني ويساعد بعضها في الحصول علي السلاح ، وكان يشرف علي معسكرات المقاتلين السودانيين المقامة بليبيا واثيوبيا ضد نظام نميري العسكري ، وكان من المناصرين بشدة لحركات المقاومة من اجل التحرر في العالم عموما وفي افريقيا ، وقد كلفه عبدالناصر القيام بمحاولة لخطف الرئيس الكنغولي ’’باتريس لوممبا‘‘ وكادت محاولته ان تصل الي غايتها لولا ان خصوم ’’لوممبا‘‘ أقتادوهـ قبل وصول ’’الشريف‘‘ الي مكان مجهول وقتلوهـ .
ولخروج الشريف من السودان قصة طويلة معروفة في تاريخ السودان - تخللتها وحدثت بعدها احداث جسام في رحلة حياة عامرة بالمواقف .
وقد قضي الشريف اخريات ايام حياته في العبادة وتلاوة القرآن .. وتوفي في اثينا في يوم 9 يناير 1982م .. وكان قد تزوج في أخريات العهد الحزبي الثاني من كريمة الخليفة احمد عبدالوهاب .. ولم يخلف أبناء ، ولكنه خلف في الدنيا صوتا داويا .

الحلقة الرابعة :
إقناع الملك (فيصل) و (عبدالناصر) بحضور المؤتمر .
كان النقاش طويلا ومستفيضا حول الموقف بأكمله ، وكانت كل الحقائق امام الجميع ..
الموقف العسكري وكل ابعادهـ وارقامه وتوقعاته المريرة واهمها ان اسرائيل بكل قوتها وشراسة حلفائها ، خلف الاسوار ، ويكاد يسمع همس جنودها في (القاهرة) و (دمشق) و (عمان) وسيكون إستيلاؤها علي هذهـ العواصم مجرد نزهة ، قد لايستغرق إلا ساعة أو ساعتين .
2/ الموقف الاقتصادي المتأزم لدي كل دول المواجهة .
3/ الموقف الداخلي واثر الهزيمة بعد ان اتضحت ابعادها واحجامها الحقيقية ، وتعرت بشعة وقبيحة ، يكاد ثقلها يحطم نفسية كل مواطن عربي .
4/ موقف الدول الصديقة وعلي رأسها الاتحاد السوفيتي .
5/ الموقف في المحافل الدولية ، بكل إنكساراته وانهياراته ومشروعات قراراته .
6/ موقف الاستعمار العالمي وسعيه الدئوب والمستمر لتقنين الهزيمة والاستفادة القصوي منها لحل القضية كليا ، ووآدها نهائيا .
7/ حالة التمزق والتشرزم التي تسود الساحة العربية .
* كان مجرد بصيص الامل - وقبس النور - ووضوح الرؤية في دوامة الالم والظلام هذهـ - سرايا تحجبه جبال من الظلام الدامس ، لايكاد ينبلج او يتجلي منه أي صبح ، ولايلوح أي ضوء ولاتبدو حتي في الافق البعيد - تباشير فجر ، ولكن كنا ومع كل هذا ، برزت معايير ومقاييس واحجام الرجال الذين يتعالون فوق مثل هذهـ المواقف ويصنعون التأريخ كنت انظر اليهم ، ألمي يكاد ينفطر منه قلبي ويخرس لساني ، كل اثقال الرزايا قد القيت علي كواهلهم وامة بأكملها قد القت حال همومها ومستقبلها ومصيرها عليهم ، وما أثقله من حمل ، وبالمواجهة والمكاشفة والمصارحة ، وبكل رباط وارتباط الاسرة الواحدة وبكل الايجابية والواقعية ، واحاسيس المصير الموحد ووحدة السجناء في خندق واحد ، صدرت القرارات التالية : -
1/ ان الحل السياسي - وهو الاعتراف بإسرائيل - أمر مستحيل حتي لو زالت كل الانظمة تقدمية كانت او رجعية ودونه فناء المائة مليون عربي ، والقتال لأخر قطرة دم .
2/ لابد من العمل السريع اليومي لإستكمال التسليح والتدريب واستعادة القدرة القتالية لكل جيوش الامة العربية ، ووجوب اسبقية دول المواجهة الحدودية .
3/ ان الوطن العربي كله ساحة قتال واحدة ، تديرها وتخطط لها - تدريبا وتسليحا واستراتيجية - قيادة واحدة موحدة .
4/ إذا هاجمت إسرائيل ، فلابد من قتالها في كل قرب ، وكل منزل ، وكل باب وكل نافذة بالجيش والشعب ، وبالرجال والنساء والاطفال ، لآخر عمق قتالي في كل اقطار العالم العربي .
5/ لابد من دعم صمود دول المواجهة ، بكل إمكانيات الدول العربية المختلفة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ، لوقف نزيف الهزيمة ومضاعفاتها .
6/ لابد من استعمال سلاح النفط العربي ، بكل الوسائل والطرق مهما كانت النتائج .
7/ لابد من وحدة الصف العربي ، وترك كل التصنيفات والنظريات والخلفيات والايديولوجيات ، وإزالة كل الرواسب ، وترشيد أجهزة الاعلام وتوجيهها نحو العدو بطريقة علمية ورائدة . وسيادة المودة والصفاء والتضامن والوحدة بين كل العرب شعوبا وانظمة ، ولابد من تجديد واحياء وتثوير الجامعة العربية .
8/ إذا كان الحل السياسي مستحيلا ، فإن العمل السياسي واجب ولذلك فلابد من تحديد كل هذهـ القرارات في أعلي مستوي ، وفي مؤتمر قمة عربية يعقد في الخرطوم ، وكلف المجتمعون السودان لكي يعمل ويمهد لعقد هذا المؤتمر ، ويقنع الجميع بقبوله وحضورهـ ونجاحه .
لا اريد ان ادعي ان هذهـ القرارات كانت من اقتراحات او املاء او ايحاء وفد السودان ، ولكن مساهمتنا فيها بحرارة إيماننا وحدها ، وبكل صدق إنتمائنا وبشجاعة وحرارة شعبنا تلاحقنا وتملأ نفوسنا ، وبكل صراحتنا ومودتنا وحيادنا مع الجميع ، كان لها اكبر الاثر ، وليس هذا إطراء أو إغراء أو كسبا ، فالعربي لايتكسب ولا يتبجح باداء واجبه نحو امته ، ولكنه تأريخ - والتاريخ أمانه وهو ليس ملكا لأحد .
وبعدها التقيت (بومدين) واعتقد انه قد ارتاح نفسيا ، وان ثورته (الجياشة داخله) قد استقرت نوعا ما ، مع إنني لم آر سنه ولا إبتسامته ، التفت الي (ناصر) قائلا إذا كنت لاتنوي ان تحاكم القادة العسكريين المسؤولين أولا وأخيرا عن كل هذا ، فأرجو ان تسمح لي في أن أحملهم في طائرتي وأحاكمهم في الجزائر) .
ورد ناصر : باسما : (أطمئن ، سأحاكمهم وارجو ان تثق في كلمتي) .
كان (عبدالناصر) قد اصبح كثير الصمت ، قليل الكلام ، يستمع اكثر من ان يتكلم ويستشير اكثر من ان يقرر ، وكان مهتما بالموقف داخل مصر ، فتعددت اجتماعاته مع مختلف قيادات العمل الميداني والعسكري والسياسي ، واخذ علي عاتقه مسؤولية بناء الجيش المصري ، واخذ ينتقد التصرفات ويحاسب المسؤولين ويوجه اللوم الي مختلف انواع الاداء ، وكان رأيه ان يطلق الحريات الديمقراطية وحرية الصحافة ، والمجتمع المفتوح الي الحد الذي يسمح فيه بحرية الرأي السياسي وقيام المنابر السياسية ، وحتي الاحزاب ، ولكن زملاءهـ عارضوهـ في هذا فرضخ لرأيهم مع إقتناعه بفكرته .
وقال لنا (عبدالناصر) :
(إذا كنتم تعتقدون إنني حاكما مطلقا مفردا ، فأنتم مخطئون ، فقد كانت هنا حكومتان ومركز قوي ، وكانت قيادة الجيش وما يتبعها من أجهزة أمن واستخبارات اقوي مني ، كانت دولة بأكملها داخل الدولة واقوي من الدولة) .
لم تكن هذهـ المعلومات جديدة علينا ، ولكن كانت هذهـ اول مرة يقولها لنا بمثل هذا الوضوح ، رأينا ان نرجع الي السودان ، لأيام قبل ان نبدأ طوافنا علي الدول العربية ، فقد كان رئيس الوزراء ووزير المالية متغيبين لفترة تزيد عن الشهرين في بلد متخلف وامورهـ تحتاج للمعالجة اليومية .
وكنا نعرف صعوبة عقد المؤتمر ، وندرك المشاكل الكبري التي تحول دون ذلك ، وبدأنا في حصرها أولا : وكانت أولي أبجديات أي مؤتمر قمة ناجح في حضور ’’ناصر‘‘ و ’’فيصل‘‘ له ، إذا لم يحضراهـ فلن يكون هناك مؤتمر وكذلك الحال إذا حضر أحدهما وتخلف الاخر ، كان ’’عبدالناصر‘‘ لايريد حضور مؤتمر قمة وهو في مثل هذهـ الحالة ، لم يتعود قبل ذلك ان يحضر مؤتمر قمة وهو مهزوم ، وهو رجل شديد الكبرياء ، كانت كل مؤتمرات القمة السابقة التي حضرهـ وهو في أوج عظمته وإنتصاراته ، وبعد حديث قصير معه أدركنا انه شخصيا يفضل ان يحضر ’’زكريا محي الدين‘‘ وذلك لعدم رغبته في السفر ، وتفضيله البقاء لمراقبة مشاكل الامن الداخلي .
كان الكلام وقتها عن انقلاب عسكري واردا ، وكان منزل ’’عبدالحكيم عامر‘‘ يموج بالمئات من الضباط ، وقد صارحنا بذلك .
فقلنا له (ولو إننا ندرك إنك أعلم بهذهـ الناحية ، إلا اننا نستبعد حدوث إنقلاب ومن أية جهة كانت) .
وشرحنا له تحليلنا للموقف في هذهـ الناحية ، والتفت نحونا يقول : (سيشمتوا فينا ويتكلموا ولن أسكت ، وعند ذلك سيفشل المؤتمر) .
قلنا : (من الذي سيشمت فيك ويتكلم ؟).
قال : (فيصل) .
قلنا : (إننا نستبعد ذلك ، فالمهزوم ليس شخصيا - إنها كل الامة العربية - فمن الذي سيشمت في نفسه !) .
وقلنا : (إننا نعرف ’’فيصل‘‘ جيدا ، ونحن واثقون إنه سيكون خلاف ما تتصورهـ تماما ، ونحن نضمن ذلك ونتعهد به) .
وإنهينا الامر عند هذا الحد ، وتركنا حضورهـ بين الشك واليقين ، ولكننا أردفنا ، وأي مؤتمر سيقوم بكل الذي تريدونه منه ، ولا تحضرهـ أنت ؟ ، إذ سيكون كل الذي قررناهـ في مؤتمر المواجهة حبرا علي ورق ، وفارقناهـ ونحن علي ثقة تامة بحضورهـ بعد ان اوردنا حججا كثيرة لتبرير حضورهـ .

نقلا عن المجهر السياسي



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi متصل الآن   رد مع اقتباس
قديم 21-03-2022, 11:52 AM   #[18]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

جريدة المجهر الثلاثاء 13 نوفمبر 2012م الموافق 28 ذوالحجة 1433هـ العدد 204
رحلة في طيات الكتاب - لوطني وللتاريخ .. مذكرات الشهيد الشريف حسين الهندي
السودان يداوي الجراح
ويقنع ’’عبدالناصر‘‘ والملك ’’فيصل‘‘
بحضور مؤتمر القمة في الخرطوم !!
الحلقة الحادية عشر

إعداد خادم التراث / محمد الامين الشريف عمر الهندي
هو الشريف الحسين بن الشريف يوسف (الهندي) بن الشريف محمد الامين ، بن الشريف يوسف بن الشريف احمد بن الشريف زين العابدين بن الشريف حمد بن الشريف آدم بن الشريف محمد الشهير بالهندي ، الذي علق به لقب الهندي لأن مرضعته في مكة كانت هندية الاصل .
ولد الشريف حسين في عام 1924م ، ونشأ وترعرع بضاحية بري الشريف شرق الخرطوم ، وقد الحقه والدهـ بالخلوة لحفظ القرآن الكريم ، فأتم حفظه في سن باكرة .. ثم حضر خاله الاستاذ احمد خير وأخذهـ معه ليتم دراسته بمدينة ود مدني والحقه بالصف الرابع بالمدرسة الاولية .. وفي منتصف الصف الرابع ذهب الشريف الحسين لتلقي دراستهم الثانوية بكلية فكتوريا بالاسكندرية بمصر .
وإنضم معظم زملاء الشريف الي الاحزاب الاتحادية التي اندمجت في الحزب الوطني الاتحادي عام 1953م ، وكان عدم إنضمام الشريف لهذه الاحزاب مثار تساؤل ، غير أن بعض المقربين كانوا يعرفون ان من رأي الشريف أن الطائفية ينبغي ان تبتعد عن العمل السياسي الحزبي ، وبعد إعلان دمج (الحزب الوطني) في (الوطني الاتحادي) سجل الزعيم اسماعيل الازهري رئيس الوزراء ورئيس (الحزب الوطتي الاتحادي) علي رأس وفد من الحزب والحكومة ، زيارة الي قرية (العقدة) والتقي بآل الهندي في معقلهم .. وبعد تلك الزيارة ، أعلن الشريف حسين إنضمامه رسميا الي (الحزب الوطني الاتحادي) .
وفي عام 1958م ترشح الشريف في دائرة الحوش عن (الحزب الوطني الاتحادي) وكان في الوقت نفسه مشرفا علي الانتخابات في دارفور ، وقد فاز في دائرته فوزا كاسحا .
وكان الشريف علي صلة وطيدة بكثير من حركات التحرر الوطني ويساعد بعضها في الحصول علي السلاح ، وكان يشرف علي معسكرات المقاتلين السودانيين المقامة بليبيا واثيوبيا ضد نظام نميري العسكري ، وكان من المناصرين بشدة لحركات المقاومة من اجل التحرر في العالم عموما وفي افريقيا ، وقد كلفه عبدالناصر القيام بمحاولة لخطف الرئيس الكنغولي ’’باتريس لوممبا‘‘ وكادت محاولته ان تصل الي غايتها لولا ان خصوم ’’لوممبا‘‘ أقتادوهـ قبل وصول ’’الشريف‘‘ الي مكان مجهول وقتلوهـ .
ولخروج الشريف من السودان قصة طويلة معروفة في تاريخ السودان - تخللتها وحدثت بعدها احداث جسام في رحلة حياة عامرة بالمواقف .
وقد قضي الشريف اخريات ايام حياته في العبادة وتلاوة القرآن .. وتوفي في اثينا في يوم 9 يناير 1982م .. وكان قد تزوج في أخريات العهد الحزبي الثاني من كريمة الخليفة احمد عبدالوهاب .. ولم يخلف أبناء ، ولكنه خلف في الدنيا صوتا داويا .

سألنا ’’عبدالناصر‘‘ هل أنتم واثقون من جماهير السودان ؟ إنها أكثر الجماهير وعيا . والتزاما وتأثرا بالقضية القومية ، وهذهـ أول مرة أقابل فيها جماهير عربية ، بعد النكسة .
قلنا ان مقابلتها ستكون مضرب المثل ونحن ادري بشعبنا وهو ذو حس سياسي وطني وقومي ، سيكون حياتك غير الذي تخشاهـ بل سيكون عكسه . وستري بنفسك إنك ربما تلوم القدر الذي يجعل اول جماهير عربية ستقابلها في الخرطوم - ولكننا واثقون أنك ستحمد الله علي ان اول جماهير ستقابلها هي جماهير الخرطوم ، إنها رافضة للهزيمة وسيكون موقفها هو الالتزام بمثل هذا الموقف هذا الذي سيجعلها تخرج جميعا لإستقبالك ، فهي تعرف دورها القيادي ومسؤولياتها في هذهـ المرحلة ، وستقوم به ، وستري ذلك بنفسك .
إذا كنا قد إخترنا أي عاصمة عربية أخري فقد تكون هناك مخاوف ، أما جماهير السودان فإنها تعرف دورها في هذهـ المرحلة وستؤديه بكل الاصرار وكل الحس والوعي السياسي والالتزام والجراءة ، وذلك فستعبر عن رفضها للهزيمة في حرارة إستقبالك وهي تعرف أهمية ذلك في العالم وفي المنطقة ، وعندك شخصيا ، إن حظنا كبير لأن جماهير السودان هي أول جماهير عربية ستقابلها بعد الذي حدث في (5) يونيو - حزيران ، وسيترك استقبالها أثرهـ في العالم وفي المنطقة وعندك شخصيا ، قال : (هل ستعملون علي ذلك؟) .
قلنا : (نحن واثقون منه ، ولن نعمل له إطلاقا ، فنحن علي ثقة منه - ثقتنا بأنفسنا - فأتركنا نجرب أنفسنا (سنعمل كل شئ لإنجاح هذا المؤتمر) . إلا توعية واستنهاض شعبنا في السودان ، فهذا دورهـ وهو سيوفر لنا هذا الجهد ، ويتكفل بالمناخ الذي يمهد للمؤتمر كل سبل النجاح ، ويظهر للعالم أجمع نموذجا من قدرة الامة العربية علي تحمل النكسة بل وتحويلها الي صمود .
وتأكدنا أن (عبدالناصر) سيحضر المؤتمر ، وتحركنا الي جدة ، وفي الطائف التقينا بالملك (فيصل) كان غاضبا ومهتاجا يكبح جماح ثورته بهدوئه الطبيعي ، وطول باله ، ودبلوماسيته ، وعراقة عمله في السياسة الدولية ، التي تمتد الي الوراء عشرات السنين وتحمله للعديد من الازمات والانتكاسات وكانت (القدس) في ذروة غضبه وقمة حزنه ، ومن بينها الهزيمة وآثارها .
شرحنا له ما دار في هيئة الامم ، وفي مؤتمر دول المواجهة ، الذي لم يحضرهـ - بإستفاضة وبكل التفاصيل ، وكان عليما بأكثرها ، واشترك معنا في التحليل واستنباط الحلول ، ولم نأخذ وقتا في إقناعه بوجوب إنعقاد مؤتمر القمة وضرورة حضورهـ له ، كان حاضرا ومحضرا نفسه لا للمؤتمر وحضورهـ ، بل لكل ما يزيل آثار العدوان ، ويبدد إنعكاسات الهزيمة ويدعم مناخ الصمود ، كانت مشاعرهـ العربية أقوي من كل الرواسب ، وكان تأثرهـ بالموقف أكبر من أي شئ آخر ، وبدأ كأنما نسي كل ما كان يدور في المنطقة العربية قبل الخامس من يونيو ليبدأ مستعدا للتعاون والي أبعد الحدود ، كأنما كل شئ قد تغير بعد (5) يونيو وكأنما (5) يونيو هي البداية ، وكل ما قبلها فراغ وخواء .
وساورنا شعور بالاطمئنان والاعجاب ، وفجأة علا صوته في ثورة هادئة (إن الروس يجب ان يدانوا في المؤتمر ، إنهم سبب كل هذا ، وقد أخبرتكم الف مرة ، إن الصهيونية والشيوعية توأمان ترعرعا في بيت واحد ، وينهجان سلوكا واحدا ، ويهدفان لغاية واحدة ، فلابد أن نحدد موقفنا منهما ، وفي وقت واحد وبقدر واحد) .
إنتابنا الفزع وكنا نتوقع ذلك ، وكان ردنا واضحا ومنطقيا ، مهما كان موقف الروس ، فإن هذهـ المعركة ليست معركتهم - إنها معركتنا نحن العرب - ومصيرنا ومصير أجيالنا ، فلا يمكن ان نحمل عبئها تأريخيا (ولا واقعيا) لأحد ، فلن يصدقنا الجميع ، لقد قدم الروس كل ما طلب منهم من أسلحة ومعدات في الماضي ، ولكنهم لن يشتركوا بجيشهم في القتال ، ولايمكن ان يحترمنا العالم ، إذا علقنا نتائج واسباب هزيمتنا علي مشاجبهم ، إن البداية الصحيحة هي ان نتحمل وحدنا كل نتائج الهزيمة ، ونعزز الصمود ، وستكون هذهـ بداية صحيحة وامينة يحترمها الرأي العام العالمي .
ثم إننا نحتاج الان - وبسرعة وبإستمرار - للسلاح فمن الذي سيقدمه لنا ؟ وإن لم يكن لنا سلاح فما هو مصيرنا ؟ قال : (لايمكن ان نعدد وننوع مصادر السلاح ، وسنعمل كل إمكانياتنا للحصول عليه) .
قلنا إن عامل الوقت لايسمح بذلك .. ثم إن الذين يملكون السلاح ، لن يقدموهـ لنا لمجرد الحصول علي المال ، إنهم أحرص علي آمن إسرائيل من الروس ، وهذهـ حقيقة ولابد ان نعترف بها ، وإلا كنا كمن يغطي وجهه وعينيه بيديه لكيلا يري ، ومن يرفض مصدرا مضمونا ، يشحن السلاح الان ، ويفكر بمصادر مجهولة ؟ - علي الاقل إن لم تقل إنها رافضة ومتأمرة ، لن يغفر لنا احد ، إذا اعتمدنا عليها ، ونحن والعالم كله علي علم) .
أطرق ووضع يديه في لحيته - كعادته - عندما يستغرق في التفكير ، وقبل ان يتخذ قرارا خطيرا ، وكنا علي اعصابنا ، فقد كنا نعلم ان هذهـ ساعة نجاح المخطط وإنعقاد المؤتمر ونجاحه أو فشله ، وتراجعنا القهقري الي ما كنا عليه غداة الخامس من يونيو ، وبعد نصف ساعة من الترقب والتوتر وغليان الاعصاب ، التفت الينا قائلا : (إنكم علي حق ، ولكن مرحليا فقط ، وليس أمامنا الآن إلا السكوت ، وقد اضطرنا الزمن والاحداث بقبول ما لاتقتنع به ، وقد يكون قبولك للشر مرحليا أفضل من قبولك لما هو أكثر منه شرا ، إننا لمسنا في موقف انتقاء الخيارات ، وهذهـ إرادة الله - فعلي بركته ، رقصت قلوبنا من الفرح ، وبدأ ذلك واضحا علينا ، ثم تناقشنا في البترول - واحتمالات استعماله كسلاح في المعركة .
فقال : (إنكم تعلمون إننا نعتمد علي البترول في كل شئ ، حتي في أبسط ضروريات الحياة اليومية ، وهو شريان الحياة نفسها بالنسبة لنا ، ولكن ، وأردف باسما قبل سنين كنا نستعمل الجمال ، ونأكل التمر ، فسنفعل هذا) . وتوقفنا ولم نرد ، وتكلمنا قليلا في اليمنيين - الشمالي والجنوبي .
فقال : (إنكم تعلمون موقفنا في اليمن الشمالي بأكمله ، لايهمنا ، إذا أصبحت اليمن جمهورية أو ملكية أو إمامة ، كل الذي يهمنا هو جلاء الجيش المصري ، وليصنع اليمنيون بعد ذلك في بلادهم ما يشاءون) .
تأكدنا بعد ذلك أن المؤتمر سينعقد وان قطبي الرحي سيحضرانه ، وكانت هذهـ هي الركيزة الاساسية والمركزية في أمرهـ ، فإنطلقنا الي زيارات متعددة في مختلف ارجاء الوطن العربي ، والي تحضيرات واجتماعات اساسية في موضوع اليمن ، مثل إجتماعات بيروت الشهيرة ، وفي وقت ما كان مجلس وزراء اليمن كله برئيسه وقائد جيشه ، محدد الاقامة في القاهرة ، فعملنا علي إطلاق سراحهم وإرجاعهم لبلادهم ، اما في اليمن الجنوبي فقد كان الصراع علي أشدهـ بين الجبهة القومية والجبهة الوطنية ، وبين السلاطين الذين شحنهم الانجليز في سفينة واحدة هم وعائلاتهم واتباعهم الي (جدة) حيث كونوا فيها مدينة كاملة .

نقلا عن جريدة المجهر السياسي



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi متصل الآن   رد مع اقتباس
قديم 27-03-2024, 02:06 PM   #[19]
elmhasi
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:

جريدة المجهر الاربعاء 14 نوفمبر 2012م الموافق 29 ذوالحجة 1433هـ العدد 205

رحلة في طيات الكتاب - لوطني وللتاريخ .. مذكرات الشهيد الشريف حسين الهندي
مؤتمر وزراء الخارجية العرب الاول في الخرطوم بعد النكسة .. رسائل الصمود !!
الحلقة الثانية عشرة

إعداد خادم التراث / محمد الامين الشريف عمر الهندي
هو الشريف الحسين بن الشريف يوسف (الهندي) بن الشريف محمد الامين ، بن الشريف يوسف بن الشريف احمد بن الشريف زين العابدين بن الشريف حمد بن الشريف آدم بن الشريف محمد الشهير بالهندي ، الذي علق به لقب الهندي لأن مرضعته في مكة كانت هندية الاصل .
ولد الشريف حسين في عام 1924م ، ونشأ وترعرع بضاحية بري الشريف شرق الخرطوم ، وقد الحقه والدهـ بالخلوة لحفظ القرآن الكريم ، فأتم حفظه في سن باكرة .. ثم حضر خاله الاستاذ احمد خير وأخذهـ معه ليتم دراسته بمدينة ود مدني والحقه بالصف الرابع بالمدرسة الاولية .. وفي منتصف الصف الرابع ذهب الشريف الحسين لتلقي دراستهم الثانوية بكلية فكتوريا بالاسكندرية بمصر
.
وإنضم معظم زملاء الشريف الي الاحزاب الاتحادية التي اندمجت في الحزب الوطني الاتحادي عام 1953م ، وكان عدم إنضمام الشريف لهذه الاحزاب مثار تساؤل ، غير أن بعض المقربين كانوا يعرفون ان من رأي الشريف أن الطائفية ينبغي ان تبتعد عن العمل السياسي الحزبي ، وبعد إعلان دمج (الحزب الوطني) في (الوطني الاتحادي) سجل الزعيم اسماعيل الازهري رئيس الوزراء ورئيس (الحزب الوطتي الاتحادي) علي رأس وفد من الحزب والحكومة ، زيارة الي قرية (العقدة) والتقي بآل الهندي في معقلهم .. وبعد تلك الزيارة ، أعلن الشريف حسين إنضمامه رسميا الي (الحزب الوطني الاتحادي) .
وفي عام 1958م ترشح الشريف في دائرة الحوش عن (الحزب الوطني الاتحادي) وكان في الوقت نفسه مشرفا علي الانتخابات في دارفور ، وقد فاز في دائرته فوزا كاسحا .
وكان الشريف علي صلة وطيدة بكثير من حركات التحرر الوطني ويساعد بعضها في الحصول علي السلاح ، وكان يشرف علي معسكرات المقاتلين السودانيين المقامة بليبيا واثيوبيا ضد نظام نميري العسكري ، وكان من المناصرين بشدة لحركات المقاومة من اجل التحرر في العالم عموما وفي افريقيا ، وقد كلفه عبدالناصر القيام بمحاولة لخطف الرئيس الكنغولي ’’باتريس لوممبا‘‘ وكادت محاولته ان تصل الي غايتها لولا ان خصوم ’’لوممبا‘‘ أقتادوهـ قبل وصول ’’الشريف‘‘ الي مكان مجهول وقتلوهـ .
ولخروج الشريف من السودان قصة طويلة معروفة في تاريخ السودان - تخللتها وحدثت بعدها احداث جسام في رحلة حياة عامرة بالمواقف .
وقد قضي الشريف اخريات ايام حياته في العبادة وتلاوة القرآن .. وتوفي في اثينا في يوم 9 يناير 1982م .. وكان قد تزوج في أخريات العهد الحزبي الثاني من كريمة الخليفة احمد عبدالوهاب .. ولم يخلف أبناء ، ولكنه خلف في الدنيا صوتاً داوياً .

كان الذين حضروا مؤتمر المواجهة هم اصحاب القرار ، ولذلك فلم تكن هناك مشكلة بينهم ، وكان الملك (حسين) مؤمناً بإنعقاد المؤتمر ، عاملاً له ، ساعياً لإنجاحه ، اما في (دمشق) فقد كان الامر مختلفاً ، وكان لنا لقاء معهم في دمشق طويلا وشاقاً ومتشابكاً ، اشترك فيه السادة الاتاسي وزعين وماخوس ، وبعد هذهـ الجولات المتعددة والمضنية ، إنعقد مؤتمر وزراء الخارجية الاول في الخرطوم فإلي هذين - اي للاحداث والمحاضر .
قد لا اهتم كثيراً بالزمن والاشخاص وكل هذا له اهميته وله رجاله ، وهو جزء مهم لايتجزأ من مسيرة التاريخ في تلك الايام الحرجة ، انا مجرد مواطن عربي كتب عليه بحكم موقعه وقدرهـ - ان يكون حاضراً ومشاهداً ، وانا هنا اسجل احاسيس هذا المواطن ومعاناته ومعايشته للاحداث ، وهو امر يكمل سرد التاريخ وتسجيل المحاضر .
وانا هنا انقل ما سمعت وما شاهدت واعلق - لا من موقع المؤرخ او المسجل الدبلوماسي - ولكن اترجم خلجات المواطن العربي العادي ، واحاسيس الشارع العربي في ذلك الوقت (وما اصدقها من خلجات وأحاسيس) وما ابعدها عن الدبلوماسية والسياسة والانحياز والتعصب ، وما اشد غربتها (روحاً وجسداً) عندما تسمع وتشاهد كل هذا وانعكاساته وردود افعاله ، وبعدهـ عن قضيتها الام ، وما أشد ألمها وحيرتها وانفصالها عنه .
وما اشد حاجتنا لأي مواطن عربي يسجل أحاسيسه منذ حرب 1948م حول قذارة (فاروق) أمير المؤمنين واسلحته الفاسدة ، وهدنته الاولي والثانية - التي مزقت وطننا ، وقطعت أجزاءهـ ، وخلقت فيه هذا النتوء الغريب الذي استمر ينمو ويتضخم يوماً بعد الاخر ، وما اكثر حاجتنا لمثل هذا المواطن العربي العادي الآن ، ينقل أحاسيس والآم مائة مليون عربي ، فما أشبه اليوم بالامس ، ما اشبه كل أيامنا بأمسياتنا ، منذ حلت بنا النكسة واحتوتنا الهزيمة .
قد يكون موجوداً هناك هذهـ الايام ، رئيس او مواطن عادي أو كلاهما في جسد واحد وروح واحدة ، وإحساس واحد ، فدعونا ندعو ونأمل وننتظر .
الحلقة الخامسة :
إتفاقية إنهاء حرب اليمن .
كان الطواف علي الدول العربية طويلاً وشمولياً ، فلم نترك قطراً عربياً واحداً لم نذهب اليه ، ورغم تعدد الرحلات واستمرارها ، ومشقة السفر فقد كان ناجحاً ، إذ وافقت كل الدول العربية علي حضور مؤتمر القمة في الخرطوم ، وبعد انعقاد مؤتمر دول المواجهة في القاهرة ، وموافقة (عبدالناصر) و (فيصل) علي حضور المؤتمر ، كان الطريق ممهدا لعقدهـ ، وكان المناخ مهيئا ومناسبا ، وفي (دمشق) كانت هناك تحفظات وأعتراضات علي جدوي مؤتمرات القمة التي تجمع دولاً ورؤساء وملوكاً لاتجمعهم وحدة الهدف ، وتختلف اساساً في الاتجاهات والخلفيات والتركيب والاهداف .
ودار نقاش طويل بيننا وبين الاخوان ، الاتاسي وزعين وماخوس أستغرق يومين ، وكنا قد وصلنا بطريق البر من (بيروت) واتفقنا بعد ساعات طوال علي حل وسط ، ان يحضروا مؤتمر وزراء الخارجية في الخرطوم اولاً ، ثم يستمر النقاش حول حضور مؤتمر القمة ، وحضر الاخ (ماخوس) مؤتمري وزراء الخارجية في الخرطوم ، الاول والثاني وبقي في الخرطوم الي عشية اليوم السابق لإنعقاد مؤتمر القمة ، ثم أصر علي عدم حضور (سوريا) بأي مستوي في التمثيل ، رغم النقاش الاخوي الطويل الذي دار لإقناعه ، والذي شارك فيه الاخ (عبدالعزيز بوتفليقة) - وزير خارجية الجزائر - وفي وقت متأخر من نفس المساء وكان حضور الرؤساء والملوك مقرراً صباح اليوم التالي ، همس في أذني (ماخوس) بحرج موقفه ، وبأخر التوجيهات التي تلقاها من (دمشق) وكان عليه ان يغادر الخرطوم قبل صباح اليوم التالي ، وبأي طريقة ، وقبل حضور الرؤساء ولم يكن امامنا إلا بضع ساعات قلائل ، ولم تكن هناك طائرات مباشرة أو حتي غير مباشرة وبعد منتصف الليل سافر في رحلة خاصة بطائرة الخطوط الجوية السودانية ، وليس صحيحاً انه كان هناك في الخرطوم صبيحة اليوم الاول لإنعقاد المؤتمر ، وتبع هذا ان (سوريا) لم تشترك .
وعندما اجتمع وزراء المالية والاقتصاد اثناء مؤتمر القمة ، وكنت اترأس الاجتماع ، دافعت عن ضرورة دعم (سوريا) في تقدير الدعم وفي توزيعه ، وجوبهت بمعارضة شديدة ، وكان هذا هو السبب في ان (سوريا) لم تدعم في مؤتمر القمة في الخرطوم ، كنت اري ان (سوريا) هي الغائب الحاضر ، وانها اشتركت في كل مضاعفات النكسة واثارها ، وان دعم عددهم واجب قومي ، وإنها أشتركت في مؤتمري وزراء الخارجية اللذين مهدا الطريق لمؤتمر القمة ، ووضعا ورقة اعماله وان غيابها عن حضور مؤتمر القمة يجب الا تكون له انعكاسات او ردود افعال ، وانها قدمت كل تضحيات المجابهة ، وتحملت كل اعبائها ، وحضرت مؤتمر المواجهة في القاهرة ومؤتمرات وزراء الخارجية في (الخرطوم) و ان كل من لم يحضر مؤتمر القمة - خصوصاً وفد السودان - يمثلها .
ولكن الاغلبية لم تشاركني وجهة نظري هذهـ ، ولذلك اقتصر دعم الصمود علي (مصر) و (الاردن) رغم ان (سوريا) حضرت مؤتمر بغداد لوزراء المالية والاقتصاد والنفط ، واسهمت في قراراته بوقف ضخ النفط نهائياً ، ولأجل غير مسمي ، كما سيأتي ذكرهـ في هذهـ الاحاديث .
ولم تكن هناك مشكلة أخري امام نجاح المؤتمر إلا موضوع اليمن وكان شائكا ومعقداً ومتفجراً ، كان (عبدالناصر) قد سارع بإرسال القوات المصرية الي (اليمن) عقب إندلاع الثورة مباشرة ، رغم انه كان يدخل مع نظام (الامام) السابق في إتحاد فيدرالي ورغم شكوك الامام احمد - رحمه الله - بأن علاقاته بالامير البدر كانت قوية ، وان ثمة تفاهماً ما بينهما ، ولم يكن هناك اجماع في (مصر) علي إرسال القوات ، وكان الاخوة عبداللطيف البغدادي وكمال الدين حسين ، وحسن ابراهيم - من اعضاء مجلس قيادة الثورة السابق - يعترضون ، وكان الاخ زكريا محي الدين متحفظاً كعادته ، ولكن (عبدالناصر) فاجأهم قبل إكتمال المشورة ، بأن القوات المصرية في عرض البحر ، وإنها ستصل (اليمن) بعد ساعات ، وادي هذا الي خلاف وأستقالات ما تزال أثارها باقية للآن .
وكان منطق (عبدالناصر) هو (وجوب الوقوف مع ثورات التغيير في المنطقة ، وضرورة مناصرة انتفاضات الشعوب ، من اجل تحررها وتناقضها مع حكامها ، مهما كان الثمن ، ومهما بلغت التضحية ، وان (اليمن) وفي حالة (التخلف السعيد) الذي كانت تعايشه ، لابد من مناصرة الوطنيين والتقدميين فيها ، إذا قاموا بواجبهم في إشعال الثورة وفي بداية التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقومي .
نقلاً عن المجهر السياسي



التوقيع:
اقتباس:
متعتي في الحياة أن أقول الحقيقة
جورج برنارد شو
elmhasi متصل الآن   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 03:24 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.