هنالك نظرية في علم الآجتماع تسمي هرم ماسلو للأحتياجات الانسانية و مختصر تلخيصها أن البشر عموما لهم احتياجات متعددة علي شكل هرم متدرج ولابد من أشباع احتياجات أسفل الهرم ثم التدرج للأعلي لما يلي ذلك درجة بعد درجة. أي أن إحتياجات أسفل الهرم لابد من تحقيقها قبل تحقيق الاحتياجات التي تسمو عليها. و في أسفل الهرم وضع أبراهام ماسلو احتياجات الانسان الفسيولوجية مثل الطعام و الشراب ثم يلي ذلك مباشرة احتياج الانسان للأمن , و لعل ذلك ماعناه المولي عز و جل في سورة قريش أذ أمرهم بعبادة رب البيت (الذي أطعمهم من جوع و أمنهم من خوف) , ففي آيات سورة قريش ذكّرَ الله اهل مكة بنعمتي الإطعام من الجوع و الأمن من الخوف ثم طلب منهم عبادته.
والله يعاقب بعض المجتمعات الجاحدة بنزع نعمتي الإطعام و الأمن كقوله تعالي:
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.
و لايظن أحدهم أن تلك العقوبات الإلهية هي مما كان يطال المجتمعات القديمة كعاد و ثمود فقط, بل هي من سنن الله في الارض الي أن تقوم الساعة. ربما يقول قائل أن ما أوردته هنا هو نوع من الهوس الديني و أنه لاعلاقة للظواهر الطبيعية كالزلازل و الاعاصير و للحروب الاهلية بأي سنن إلهية و أعترف بأنه من الصعب اقناع مثل هؤلاء إلا أن من لديه بعضا من الآيمان في قلبه يجب أن يكون متيقنا من ذلك الذي لخصه أبن عطاء الله السكندري في حكمته ( مَا مِنْ نَفَسٍ تُبْدِيهِ إِلاَّ وَلَهُ قَدَرٌ فِيكَ يُمْضِيهِ) , وقد اقتضي قدره أن يحل بأهل السودان ماحل بهم.
وقد أعانتني حكمتي شيخي و معلمي ابن عطاء الله السكندري التاليتين في فهم ماحل بنا من بلاء: (من لم يقبل علي الله بملاطفات الإحسان قِيدَ إليه بسلاسل الإمتحان), و (مَن لم يَشْكُرِ النّعمَ فقد تَعَرَّضَ لِزَوالِها، ومَن شَكَرها فقد قَيّدَها بِعِقَالِهَا).
أسأل الله أن يعيد لأهلنا في السودان نعمة الأمن ويجعلهم من الشاكرين عليها .
|