دارفــــــــــور ...إلي أين؟؟
إهتمت العديد من وسائل الإعلام ، والمنابر الإخبارية خلال الأيام الفائتة بما يجري في الساحة السياسية السودانية من أحداث لربما تلقي بظلالها السياسية والإجتماعية علي مستقبل البلاد لآجال عديدة قادمة.
وقد أثارت دعوة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة يان برونك لتسليم مهام قوات الأتحاد الأفريقي الي الأمم المتحدة ، أثارت النقع الكثيف في الساحة المختنقة أصلاً .
ويبدو الوضع في الساحة السياسية محيراً ومربكاً من بدايته وحتي النهاية.ولكن دعونا نحاول قراءة مايجري بعيداً عن الإفتراض القائل بالدوافع الذاتية، والمؤثرات الخارجية التي ترهن مواقف الأشخاص والكيانات السياسية-علي حد سواء- لجهات أخري سعياً وراء كسب مادي أو سياسي محدد.
ولنحاول أن نسقط هذا التفسير علي أمرين إثنين فقط لا ثالث لهما ، وهما : اولاً : الخلاف المتصاعد حول دخول قوات دولية لحفظ السلام لإقليم دار فور. وثانياً: محاولة تفكيك ودراسة الكل المكون لحركات المقاومة (التمرد) في دارفور لعناصر أولية مثل العناصر السياسية والإجتماعية ، والخطاب السياسي وآلياته، وغير ذلك.
وسنبدأ هنا بتناول الأمر الأول ، وهو الجدل القائم حالياً حول نشر قوات حفظ سلام أممية في دارفور، ونركزحول الموقف الحكومي والذي إنقسم بشأنها بين الرفض والقبول (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية). وقد اسس كل من الفريقين موقفه على ححج وآراء لاتنفصل كثيراً عما درج عليه(المؤتمر الوطني والخطاب المغالي في محاولة فرض الوصاية،وإثبات الوطنية ،والزج بمصطلح السيادة فيما ينبغي ومالا ينبغي ، كدأب المغتصبين في كل العصور. والحركة الشعبية في مواصلة السباحة عكس التيار ، ومحاولة إثبات الذات وفرض الوجود حتى في أحلك المواقف، وتقديم مبدأ شراكتها في الحكم علي ما سواه، والإستغراق في التفاصيل علي حساب كامل اللوحة). وموقف كل من الشريكين يثير العديد من التساؤلات.
فلماذا يرفض المؤتمر الوطني نشر قوات أممية في دارفور بعدما أعلن الإتحاد الإفريقي عجزه عن القيام بمهامه (جاء ذلك علي لسان الجنرال كولنز أهيكيرا قائد قوات بعثة الإتحاد الإفريقي في دارفور)؟؟ وهو الذي وافق من قبل – أي المؤتمر الوطني – علي تواجد مثل هذه القوات في جنوب السودان عقب توقيع إتفاقية السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.؟؟
ثم أليست قوات الإتحاد الإفريقي نفسها قوات أممية؟؟ وقد بدرت منها نفس الإنفلاتات الأخلاقية التي يعتبرها بعض الإسلاميون خطراً داهماً يبذر الويل والثبور، وبعبعاً يستدعي الصراخ والعويل ولطم الخدود.
وهنا أكاد أجزم أن ما إرتكبته قوات الإتحاد الإفريقي في دارفور لربما يعادل ماإرتكبته قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ليبريا ولربما أكثر!!
وعلي الصعيد الآخر فإن موقف الشريك الثاني(الحركة الشعبية) مثير للدهشة ايضا ، إذ لم يكتف الناطق بإسم الحركة بتأييد دخول القوات الأممية الي السودان بل وأعلن رفضه لفكرة إرسال قوات مشتركة من الحكومة والحركة إلي إقليم دارفور !!
نحن لسنا ضد ان تؤييد الحركة الشعبية دخول القوات الأممية ، ولكن التعنت الواضح يجعل الأمر يبدو كما لوكان نكاية في موقف الجناح الآخر ، وثمة مايقلق قي الأمر.
ويبقى السؤال المهم وهو، مالذي يمكن ان يجنيه الوطن فعلاً ككل ، وإقليم دارفور علي وجه الخصوص من وجود مثل هذه القوات ؟!
وهل أثمرت عمليات حفظ السلام التي قامت بها القوات الأممية في مناطق أخرى من العالم؟؟! وهل كان هناك ثمن لوجود مثل هذه القوات فعلاً؟؟
نواصل.
|