مما لا شك فيه، أن الفترة التي قضاها (المستعمر) في السودان من 1898 إلى 1956 شهدت أعظم نهضة في تاريخ السودان المعاصر ، ففيها دخلت السكة حديد السودان ، و تم بناء أطول شبكة للسكة الحديد في افريقيا ، و تزامن مع ذلك إنشاء النقل النهري ، ثم مشروع الجزيرة العملاق ، ثم إنشاء المؤسسات و وضع لبنات الخدمة المدنية الحديثة و تنظيم المدن و تخطيطها و نشر مكاتب البريد و البرق و و إنشاء كلية غوردون التذكارية و غير ذلك مما يصعب حصره ،
عمنا عثمان يس رحمه الله كثيرا ما كان يتأسف على خروج الانجليز من السودان ، و قد عاصرهم و عمل معهم فترة طويلة ، كان يقول لي ( الانجليز لقوا السودان أرض بكرة و خصبة ، حرتوها و زرعوها و رعوها لغاية ما أشجارها شالت الثمار ، و مرقو خلوها لينا ، نحن عطشنا الشجر لغاية ما مات واقف علي حيلو ، و هسه كان حنسنا الانجليز يجونا راجعين مابيجو ، يجو يسوو شنو مع الواطة الاتملت عروق شدر ميت!
و كان يسمي عيد استقلال السودان بعيد (استعلال السودان) من كلمة عِلّة (مرض).
و الحق ، أننا لم نحسن إدارة الوضع الجيد الذي تركه لنا الإنجليز ، فظل وضعنا يتدهور عاماً بعد عام إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم
|