د.هيفاء عبدالستار ...
عبر الاسافير كان اول لقاءاتنا لفت انتباهي لها جرأة الحرف في شعرها تداخلنا كثيرا فهي صاحبة الحرف الشفيف والمرهف والصادق الذي جذبني لها كنت حين اقرأ اتبسم وانا امام الكيبورد لوحدي ..اقرا لها بخيال في ماهية هذه المراة ...كبسولاتها كما تقول كبسولات مضغوطة 500ملجم و1000ملجم وللحالات المستعصية في العشق 1500ملجم ..
ذات يوم وانا بالامارات خبرتني زميلتي بالسكن ان هناك صديقة ظريفة ستزورها اليوم من ابوظبي وهي في زيارة من السودان زاملتها زمانا بمصر حدثتني مسرعة للاذن بان ترافقنا الغرفة لم اتردد وقلت لها خدي راحتك وكنت ع وشك الخروج دخلت الينا ...هيفاء قالدتني اولا كانها تعرفني بروح السودانية البسيطة ...وحميميتها المعتادة سلمت وخرجت وتركتها برفقة صديقتي عندما عدت قالت لي باسمة هي يانعمات حمود انا عرفتك بالصورة في سودانيات انتي ماعرفتيني انا هيفاء ...كبسولات ..هههههه ضحكنا كثيرا واعدنا كثير من احاديث سودانيات قضينا الليل كاملا نتجول في الاسافير وما وراءها من قصص وحكايا اعدنا الكثير من الاسماء ..المواقف ..الزعل ...الخ هل تصدقوا انها مكثت معنا قرابة العشرة ايام بالشارقة !!
عرفها كل من يعرفني في محافل الشعر والاندية والقنصلية ...صادقتهم جميعا ..ثم رجعت ومن يومها تعلقت بي بشكل غريب لم اعرف كنه هذه المحبة الى بعد فوات الاوان ....
اول اجازاتي قابلتني بالمطار والى ان اودعتني صالة المغادرة ...كانت تسكن بسوبا وتاتي الى شارع الدكاترة بالخرطوم يوميا لعيادتها حتى الساعة الواحدة ظهرا ثم تخرج الى منزلي وتاتينا بالغداء
سمك –دجاج مشوي –كل ما اريد او اتمنى يوميا ثم تعود الى عملها عند الخامسة لتصطحبني الى حيث السهرات ..هي اول من عرفتني بالمنتديات الغنائية ..كانت تحكي لي عن مرزوق وحسن محجوب ومصطفى السني والبربري واحمد عز ...اعجبتني هذه الامسيات بمنتدى الاسكلا او الكورال او البندا او هوليدي فيلا او توتي ...كانت يوميا باكرا تطلعني ونتفق اين نسهر هذا المساء ..كانت بفرح تقول الليلة البربري ...الليلة صاحبك مرزوق اليوم حيكون بتوتي المنتدى ...تعزم وتواعد وتحجز لي الطاولة باسمها ما ان اوصل المكان الا يفاجئني صاحب المنتدى بطاولتي وعليها اسمي باحترام يدل على محبته لها ..
.هيفاء ....انسانة عجيبة لها قدرة على صنع المحبة باهتمام بالغ لادق تفاصيل اصحابها ...لم تهتم بي فقط بل باسرتي بامي واخواتي واخي ..حتى انها تفاجئني ببرامج مع اختي او اخي باتفاق يتم من دون علمي وكانت تضحك وتقول معرفة اسافير مايخصك ...
كعك العيد ..وبسكويت الشاي ...وملاح الروب ياسلاااام ....
كانت تحب البيبسي لدرجة انني الان ازعم انه كان سببا في وفاتها ..لاتحب المياه العادية فقط غازية لدرجة كنا نضحك ونعجب من هذا في يدها قارورة بيبسي بامتداد المشاوير التي نقطعها معا ...
كنت في بادي الامر استغرب لتفانيها في خدمتي ومحبتها لي وكثيرا ما كنت سخيفة معها في بعض المواقف وقلة اهتمامي لعلاقتها بي ....
ذات يوم فاجاتني بهاتف منها نعموتا يا نعموتا بيتك دا وين كدي كلمي التاكاسي دا ...خبرته بالوصف ونزلت لاستقبالها لاتفاجا بشنطتها وقالت بضحك حاسبي التاكسي وتعالي نتفاهم انا جاية انوم عندك 15يوم كاملين وعايزة فسح ....15يوم تداوم معي وترجع معي ونخرج معا كل الامسيات نرجع نتسامر حتى فجر اليوم ولنصحى باكرا للعمل متثاقلة من السهر 15 يوم بالكمال والتمام لم ننم ولم نسكت تناولنا كل الحديث وانواعه حزنا وفرحنا عرفت سبر اغوارها ...
هيفاء لم يكن في نفسها غير راحة وخدمة امها واخوانها مهمومة جدا باطفال لا اعرفهم ولكن كل ما اتت به من مال اشترت به لعب وادوات مدرسية والوان الا القليل لامها واخواتها لم تترك لنفسها وكنت انا اتحدث في انها يجب ان تهتم بامر نفسها كانت تقول الحياة دي شنو اهل يانعومة ماغيرا انا امي دي دنيتي لمن نتزوج ونخلف بعداك بحدد ...
منذ ان رجعت مني وهي على تواصل شبه يومي نضحك كثيرا وتحكي لي عن مشاويرها وتحدثني عن المنتديات حتى قبل وفاتها بايام حدثتها باني حجزت خلاص وقالت بضحك ببدا اسجل ليك جدول الحفلات اول باول ...قالت لي اريد ثوب اسود حرير سادة يا نعموتا وجيبي لنفسك واحد اختي بتصمم تياب تعمل لينا ورود حمراء عليهم للعيد ...
سبحان الله ما اسرع القدر ...
لحظة ان عرفت الخبر مررت على هذا الشريط سريعا تعجبت كيف ان هذه الانسانة كانت ترضيني وتسهر لراحتي وتجتهد ...لم يمنحني الزمان الفرصة لاكافئها على المحبة التي صارت من اصعب الاشياء في زماننا ...كانت صديقة النهارات الوضيئة في زمن تسود فيه عتمة الايادي والاقنعة ...هيفاء كانت متسامحة لدرجة تزعلني منها كثيرا وتقول لي فوتي والا بتموتي انتي لسه قدامك مستقبل وتضحك ...
مواقف كثيرة الان فقط استعيدها لذاكرتي ...كانت ملاك ...بل نسمة في هجير الخرطوم واماسيها ....
والله ان القلب ليحزن والعيون حبلى بالدموع ولكن لا نقول الا مايرضي الله
الهم ارحمها
الهم ارحمها
الهم ارحمها رحمة عرضها السموات والارض واكرم نزلها ومثواها بقدر ما علمتنا من تسامح ومحبة ...
وارحمنا بصبر من عندك يارحمن
ولكم حزني